جلسة 19 من مارس سنة 1984
برياسة السيد المستشار/ عبد الحميد المنفلوطي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فهمي عوض مسعد، محمد زغلول عبد الحميد، د. منصور وجيه وفهمي الخياط.
---------------
(137)
الطعن رقم 412 لسنة 49 القضائية
إيجار "إيجار الأماكن". عقد.
حق الانتفاع الناشئ عن عقد الإيجار. نطاقه. انتفاع المستأجر بجزء خارج عن نطاق العين المؤجرة. أثره. للمالك طلب طرده منه وإزالة ما أحدثه به من تغيير. مجرد سكوت المؤجر عن استعمال هذا الحق لا يعد تنازلاً ضمنياً عنه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر..... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم..... سنة 1976 جنوب القاهرة الابتدائية على الطاعنة بطلب الحكم بإزالة الفترينة التي أقامتها بمدخل العقار المبين بالصحيفة على نفقتها الخاصة مع إلزامها بدفع غرامة تهديديه قدرها خمسة جنيهات يومياً في حالة امتناعها أو تأخرها في تنفيذ الإزالة، وقالت بياناً لها، أنه بعقد مؤرخ 8/ 6/ 1971 استأجرت الطاعنة منها دكاناً بهذا العقار لاستعماله متجراً للأدوات الموسيقية والأسطوانات وقد غصبت الجانب الأخير من مدخل العقار وأقامت به فترينة من الخشب والزجاج والرخام، ورغم عدم مشروعية هذا الفعل فقد ترتب عليه ضرر يتمثل في غلق أحد جانبي باب العقار - وعدم استعماله وإعاقة الدخول والخروج لذلك أقامت الدعوى بطلباتها آنفة البيان. وبتاريخ 21/ 10/ 1977 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بإزالة الفترينة استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم.... لسنة 94 ق القاهرة، وبتاريخ 26/ 4/ 1978 حكمت المحكمة بندب مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بمنطوق الحكم، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 27/ 12/ 1978 - بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بسببي الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن المستأجر السابق هو الذي أنشأ الفترينة وأنها استأجرت العين من الشركة المطعون ضدها بالعقد المؤرخ 8/ 6/ 1971 شاملة لها، وأن وجود هذه الفترينة لم يرتب ضرراً وأن سكوت المطعون ضدها عن المطالبة بإزالتها دليل على رضائها لوجودها وقد جاء تقرير الخبير الذي ندبته المحكمة مؤيداً دفاعها بأن الفترينة أقامها المستأجر السابق عام 1969 وأنها لا تسبب ضرراً للعقار أو المؤجرة إلى أن الحكم المطعون فيه قضى رغم ذلك بإزالة الفترينة استناداً إلى أن المسموح للمستأجر طبقاً للمادة 580 من القانون المدني هي التغيير في حدود العين المؤجرة بما يعيبه بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مؤدى نصوص المواد 558، 564، 566 من القانون المدني أن عقد الإيجار يخول المستأجر حق الانتفاع بالعين المؤجرة وملحقاتها، وإذا تضمن العقد تحديداً للعين المؤجرة اقتصر حق المستأجر على الانتفاع بها في نطاق هذا التحديد فإذ انتفع المستأجر بجزء من عقار المؤجر يخرج عن نطاق العين المؤجرة كان انتفاعه بهذا الجزء بدون سند وحق للمالك طلب طرده منه كما حق له طلب إزالة ما أحدثه به، لما كان ذلك وكان السكوت عن استعمال الحق فترة من الزمن لا يعد نزولاً ضمنياً عنه - وكان الثابت من تقرير الخبير أنه انتهى إلى أن الفترينة تشغل 80 سم من باب العمارة والمجاورة للدكان محل النزاع، وأن وجودها لا يرتب ضرراً للعقار أو المؤجرة لأن الجزء الباقي من باب العمارة يسمح بمرور الأشخاص فضلاً عن وجود بابين آخرين للعمارة وأن الذي أنشأ الفترينة المستأجر السابق الذي باع المحل بالجدل للطاعنة خلال عام 1969 وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إلى أسباب قد أقام قضاءه على أن عقد الإيجار "يقضي في بنده الثامن على تعهد المستأجر ألا يضع أي شيء أمام مدخل الأمكنة المؤجرة ولا أمام المدخل العام للعمارة كما يقضي البند الرابع عشر على تعهد المستأجر ألا يضع أو يعلق أو يرسم خارج الأمكنة المؤجرة... ومن ثم فما أتته المدعى عليها (الطاعنة) من وضع الفترينة قد جاء مخالفاً لاشتراطات عقد الإيجار.... كما لم تقدم المدعى عليها ما يفيد التصريح لها بذلك من الشركة ولا يقدح في ذلك ما أومأت إليه من صور المكاتبات المرسلة من المستأجر السابق للدكان" إذ أنها فضلاً عن كونها سابقة على تحرير عقد الإيجار للمدعى عليها والذي ورد به حظر مثل هذه التغييرات فإنها لا تفيد ولا تفصح عن موافقة الشركة على ما طلبه المستأجر السابق. فضلاً عن أن المدعى عليها لا يحق لها بداءة استغلال المكان محل النزاع لأن عقد الإيجار المبرم بينها وبين الشركة المدعية لم يتضمن استئجارها هذا المكان ومن ثم تقضي المحكمة بإزالة... وكان الحكم المطعون فيه قد أضاف في مدوناته رداً على أسباب الاستئناف أنه وإن كان للمستأجر أن يجري تعديلاً بالعين المؤجر لا يضر بالمؤجر إعمالاً لنص المادة 580 من القانون المدني فإن المسموح به للمستأجر هو التغيير في حدود العين المؤجرة أما إذا تجاوز التغيير هذه الحدود كما حدث من المستأنفة (الطاعنة) وكما هو ثابت من أوراق الدعوى... فإن محكمة أول درجة وقد قضت بالإزالة إعمالاً للشرط الوارد في عقد الإيجار تكون قد طبقت قانون المتعاقدين تطبيقاً سليماً، يضاف إلى ما تقدم أن المستأنفة لم تقدم ما يؤيد دفاعها أن الفترينة محل النزاع كانت ضمن توابع العين المؤجرة ولا دليل في الأوراق يدل على أن الشركة المستأنف عليها (المطعون ضدها) قد رضيت ببقاء هذه الفترينة..... مما مؤداه أن الركيزة الأساسية التي قام عليها الحكم المطعون فيه هي ما استخلصه من أن الفترينة التي تنتفع به الطاعنة والمقامة في باب العقار تخرج عن حدود العين المؤجرة وفق الثابت بالأوراق ورتب الحكم على ذلك قيام حق الشركة المؤجرة في إزالة تلك الفترينة، وإذ كان هذا الاستخلاص له سنده من الأوراق ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها بما يتفق وصحيح القانون، كما تضمن الرد السائغ على ما ساقته الطاعنة من دفاع فإن النعي بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون غير سديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق