جلسة 24 من فبراير سنة 2021
برئاسة السيد القاضي/ سمير عبد المنعم "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ الدسوقي الخولي، طارق تميرك، عادل فتحي ومحفوظ رسلان "نواب رئيس المحكمة".
----------------
(39)
الطعن رقم 9501 لسنة 90 القضائية
(1) عمل " العاملون بالمشروعات المنشأة في المناطق الحرة : خضوعهم لأحكام ق العمل 12 لسنة 2003 اعتبارًا من تاريخ العمل بق الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 " .
قانون الاستثمار رقم 72 لسنة 2017 . سريان العمل به في 1/6/2017 . مؤداه . سريان أحكام ق العمل 12 لسنة 2003 بما فيها أحكام التأديب المنصوص عليه بالباب الخامس منه على العاملين بالمشروعات المنشأة في المناطق الحرة . تطبيق لائحة نظام العاملين بهذه المشروعات . شرطه . عدم مخالفتها لأحكام قانون العمل والتصديق عليها من الجهة المختصة . المواد الأولى والثامنة والعاشرة من مواد الإصدار والمادة 45 من ق 72 لسنة 2017 بإصدار قانون الاستثمار . تطبيق الحكم المطعون فيه أحكام قانون العمل على واقعة إنهاء خدمة المطعون ضده بعد العمل بقانون الاستثمار . صحيح . النعي عليه بمخالفة القانون والقصور . على غير أساس .
(2) نقض " إجراءات الطعن بالنقض : إيداع الأوراق والمستندات " .
التزام الخصوم بتقديم المستندات المؤيدة للطعن السابق تقديمها أمام محكمة الموضوع مذيلة بعبارة "صورة لتقديمها إلى محكمة النقض" . علة ذلك . عدم تذييلها بهذه العبارة . أثره . عدم قبول الاحتجاج بها أمام محكمة النقض . م 255 مرافعات المعدلة بق 76 لسنة 2007 . تقديم الطاعنة وجه حافظة المستندات فقط وصورًا ضوئية منها غير مذيلة بهذه العبارة . مؤداه . عدم قبول الطعن .
(3) عمل " عقد العمل : فسخ عقد العمل " .
عقد العمل . ماهيته . ملزم لطرفيه ويرتب في ذمتهما التزامات متبادلة تسوغ لأحدهما التحلل من رابطة العقد إذا امتنع الطرف الآخر عن تنفيذ التزامه أو أخل به . شرطه . أن يكون ذلك راجعًا إلى خطئه سواء عن عمد أو إهمال . مؤداه . وجوب التحلي بالأمانة واحترام مواعيد العمل والالتزام بالسلوك اللائق بالوظيفة وعدم الخروج على مقتضيات الواجب . إخلال العامل بأي منها . أثره . لصاحب العمل فسخ العقد . م 56 من ق العمل 12 لسنة 2003 .
(4) عمل " التزامات العامل : سلطة صاحب العمل : فصل العامل " .
ثبوت توقيع المطعون ضده باسمِ عاملٍ آخر في دفتر الحضور والانصراف لإثبات انصراف الأخير في المواعيد المحددة رغم مغادرته قبل الميعاد . اعتباره إخلالًا من المطعون ضده بواجب الأمانة واحترام مواعيد العمل والالتزام بالمسلك اللائق في تأدية العمل وخروجًا منه على مقتضيات واجبات وظيفته مما يبرر فصله . قرار الطاعنة بفصله من العمل لهذا السبب . اعتباره بمنأى عن التعسف . مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك النظر وقضاؤه بالتعويض للمطعون ضده عن فصله من العمل معتبرًا إخلاله بواجبات وظيفته ليس خطأً جسيمًا يبرر فصله . خطأ وفساد ومخالفة للقانون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- إن النص في المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 72 لسنة 2017 بإصدار قانون الاستثمار على أن "يُعمل في شأن الاستثمار في جمهورية مصر العربية بأحكام القانون المرافق ..."، والنص في المادة الثامنة على أن "يُلغى قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، كما يُلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القانون والقانون المرافق له"، والنص في المادة العاشرة على أن " يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويُعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره ..."، والنص في المادة 45 من هذا القانون على أنه "لا تخضع المشروعات في المناطق الحرة لأحكام القانون رقم 113 لسنة 1958 بشأن التعيين في وظائف شركات المساهمة والمؤسسات العامة، وتطبق أحكام قانون العمل على علاقات العمل والسلامة والصحة المهنية بهذه المناطق، وتُعد هذه الأحكام فيما تضمنته من حقوق للعمال حدًا أدنى لما يجوز الاتفاق عليه في عقود العمل الفردية أو الجماعية التي تبرم مع العاملين في المشروعات المرخص لها بالعمل في هذه المناطق، وتضع المشروعات في المناطق الحرة لائحة داخلية بنظام العمل بها تكون ملزمة لها، وتقدمها للرئيس التنفيذي للهيئة أو من يفوضه للتصديق عليها، وتكون هذه اللائحة مكملة لعقود العمل الفردية أو الجماعية ..." يدل على أنه اعتبارًا من 1/6/2017 تاريخ العمل بهذا القانون - المنشور في الجريدة الرسمية العدد 21 مكرر (ج) في 31/5/2017- تسري على العاملين بالمشروعات المنشأة في المناطق الحرة أحكام قانون العمل الخاص الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، بما فيها أحكام التأديب المنصوص عليه بالباب الخامس منه، ولائحة نظام العاملين بهذه المشروعات متى كانت غير مخالفة لأحكام قانون العمل المشار إليه، وتم التصديق عليها من الجهة المختصة. ولمَّا كانت واقعة إنهاء خدمة المطعون ضده قد تمت بتاريخ 9/6/2018 بعد العمل بقانون الاستثمار سالف الذكر، فإن الحكم المطعون فيه إذ طبق على هذه الواقعة أحكام قانون العمل، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويضحى ما تثيره الطاعنة بهذا النعي في هذا الخصوص (بمخالفة القانون والقصور في التسبيب) على غير أساس.
2- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن مؤدى النص في المادة 255 من قانون المرافعات المعدلة بالقانون 76 لسنة 2007 المعمول به اعتبارًا من 1/10/2007 -المنطبقة على إجراءات هذا الطعن- أن المشرع أناط بالخصوم أنفسهم تقديم المستندات المؤيدة للطعن السابق تقديمها أمام محكمة الموضوع على أن تكون مذيلة بعبارة "صورة لتقديمها إلى محكمة النقض" للتحقق من سبق الاحتجاج بها أمام محكمة الموضوع، فإن لم تكن مذيلة بهذه العبارة، فلا يُقبل الاحتجاج بها أمام محكمة النقض، وكانت الطاعنة لم تقدم المستندات المشار إليها بالنعي مذيلة بعبارة "صورة لتقديمها إلى محكمة النقض" مكتفية بتقديم وجه الحافظة فقط، وصورٍ ضوئية منها غير مذيلة بالعبارة سالفة الذكر لإثبات سبق الاحتجاج بها أمام محكمة الموضوع، وللتحقق من صحة ما تنعاه على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص، فإن ما تثيره بهذا النعي يكون بغير دليل، ومن ثم غير مقبول.
3- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن مؤدى النص في المادة 56 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 –المنطبقة على واقعة النزاع- أن عقد العمل ملزم لطرفيه، ويرتب في ذمتهما التزامات متبادلة، تسوغ لأحدهما التحلل من رابطة العقد إذا امتنع الطرف الآخر عن تنفيذ التزامه أو أخل به، بشرط أن يكون ذلك راجعًا إلى خطئه سواءً عن عمد أو إهمال، وقد جاء هذا النص عامًا ليشمل جميع الواجبات الملقاة على عاتق العامل، ومنها واجب التحلي بالأمانة واحترام مواعيد العمل والالتزام بالسلوك اللائق بالوظيفة وعدم الخروج على مقتضيات الواجب في أعمال وظيفته، فإذا أخل العامل بأيٍ منها كان لصاحب العمل الحق في فسخ العقد.
4- إذ كان الثابت مما سجله الحكم بمدوناته أن الطاعنة فصلت المطعون ضده من العمل لديها بسبب قيامه بالتوقيع باسمِ عاملٍ آخر في دفتر الحضور والانصراف على أنه انصرف في الموعد المحدد، رغم مغادرة هذا العامل لمكان العمل قبل المواعيد المحددة للانصراف من العمل، ولمَّا كان هذا الخطأ يعتبر إخلالًا من المطعون ضده بواجب الأمانة واحترام مواعيد العمل والالتزام بالمسلك اللائق في تأدية العمل، وهو ما يعتبر خروجًا منه على مقتضيات واجبات وظيفته يبرر للطاعنة فصله، ويضحى قرار الطاعنة بفصله من العمل لهذا السبب بمنأى عن التعسف، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر أن إخلال المطعون ضده بواجبات وظيفته سالفة الذكر ليست خطئًا جسيمًا يبرر فصله، ورتب على ذلك قضاءه له بالتعويض عن فصله من العمل، فإنه يكون فضلًا عما شابه من فساد في الاستدلال قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم ... لسنة 2018 عمال القاهرة الجديدة الابتدائية على الطاعنة -شركة ... - بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليه مبلغ مائتي ألف جنيه تعويضًا عن فصله من العمل، والتعويض عن عدم مراعاة مهلة الإخطار، ومكافأة نهاية الخدمة، والمقابل النقدي عن إجازاته الاعتيادية، وأجره المستحق من تاريخ وقفه عن العمل، وأن تسلمه مسوغات التعيين وشهادة خبرة، وقال بيانًا لها إنه كان من العاملين لدى الطاعنة التي فصلته من العمل بدون مبرر اعتبارًا من 9/6/2018، ومن ثم فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان، وبتاريخ 31/1/2019 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة أن تؤدي للمطعون ضده مبلغ 17485 جنيهًا تعويضًا عن فصله عسفًا من العمل، ومبلغ 3497 جنيهًا تعويضًا عن عدم مراعاة مهلة الإخطار، ومبلغ 6119 جنيهًا قيمة المقابل النقدي عن إجازاته الاعتيادية، وتسليمه مسوغات التعيين الخاصة به وشهادة خبرة. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 23 ق القاهرة، وبتاريخ 18/3/2020 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أُقيم على ستة أسباب تنعى الطاعنة بالوجه الأول من كل منها عدا السبب الرابع مخالفة القانون والقصور في التسبيب؛ إذ طبق على واقعة النزاع أحكام قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، رغم أن الثابت من سجلها التجاري أنها من الشركات العاملة في المناطق الحرة، ولا تسري على العاملين لديها أحكام التأديب المنصوص عليها في الباب الخامس من هذا القانون إعمالًا للمادة 43 من قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد؛ ذلك أن النص في المادة الأولى من مواد إصدار القانون رقم 72 لسنة 2017 بإصدار قانون الاستثمار على أن "يُعمل في شأن الاستثمار في جمهورية مصر العربية بأحكام القانون المرافق ..."، والنص في المادة الثامنة على أن " يُلغى قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لسنة 1997، كما يُلغى كل حكم يخالف أحكام هذا القانون والقانون المرافق له"، والنص في المادة العاشرة على أن "يُنشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويُعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره ..."، والنص في المادة 45 من هذا القانون على أنه "لا تخضع المشروعات في المناطق الحرة لأحكام القانون رقم 113 لسنة 1958 بشأن التعيين في وظائف شركات المساهمة والمؤسسات العامة، وتطبق أحكام قانون العمل على علاقات العمل والسلامة والصحة المهنية بهذه المناطق، وتُعد هذه الأحكام فيما تضمنته من حقوق للعمال حدًا أدنى لما يجوز الاتفاق عليه في عقود العمل الفردية أو الجماعية التي تبرم مع العاملين في المشروعات المرخص لها بالعمل في هذه المناطق، وتضع المشروعات في المناطق الحرة لائحة داخلية بنظام العمل بها تكون ملزمة لها، وتقدمها للرئيس التنفيذي للهيئة أو من يفوضه للتصديق عليها، وتكون هذه اللائحة مكملة لعقود العمل الفردية أو الجماعية ..." يدل على أنه اعتبارًا من 1/6/2017 تاريخ العمل بهذا القانون -المنشور في الجريدة الرسمية العدد 21 مكرر (ج) في 31/5/2017- تسري على العاملين بالمشروعات المنشأة في المناطق الحرة أحكام قانون العمل الخاص الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003، بما فيها أحكام التأديب المنصوص عليه بالباب الخامس منه، ولائحة نظام العاملين بهذه المشروعات متى كانت غير مخالفة لأحكام قانون العمل المشار إليه، وتم التصديق عليها من الجهة المختصة. ولمَّا كانت واقعة إنهاء خدمة المطعون ضده قد تمت بتاريخ 9/6/2018 بعد العمل بقانون الاستثمار سالف الذكر، فإن الحكم المطعون فيه إذ طبق على هذه الواقعة أحكام قانون العمل، فإنه لا يكون قد خالف القانون، ويضحى ما تثيره الطاعنة بهذا النعي -في هذا الخصوص- على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من أسباب الطعن عدا السبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها قدمت أمام محكمة الاستئناف خمسة بيانات صادرة عنها تثبت حصول العاملين لديها بمصنع مدينة نصر، ومنهم المطعون ضده على إجازات سنوية عن المدة من سنة 2014 حتى سنة 2018 مقدارها 99 يومًا لكل واحد منهم، وإذ أعرض الحكم المطعون فيه عن هذه المستندات وقضى للمطعون ضده بالمقابل النقدي عن إجازاته الاعتيادية عن كامل مدة خدمته التي بدأت في 12/3/2014 وانتهت في 9/6/2018، فإنه يكون معيبًا، بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ ذلك أن النص في المادة 255 من قانون المرافعات -المعدلة بالقانون 76 لسنة 2007 المعمول به اعتبارًا من 1/10/2007- المنطبقة على إجراءات هذا الطعن- على أنه " يجب على الطاعن أن يودع قلم كتاب المحكمة وقت تقديم الصحيفة صورًا منها ...، كما يجب عليه أن يودع في ذات الوقت أولًا: ...، ثانيًا: المستندات التي تؤيد الطعن، ...، وعلى قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه ... أن يسلم دون المطالبة بالرسوم لمن يشاء من الخصوم خلال سبعة أيام على الأكثر ما يطلبه من صور الأحكام أو المستندات أو الأوراق مذيلة بعبارة "صورة لتقديمها إلى محكمة النقض "...". يدل على أن المشرع أناط بالخصوم أنفسهم تقديم المستندات المؤيدة للطعن السابق تقديمها أمام محكمة الموضوع على أن تكون مذيلة بعبارة "صورة لتقديمها إلى محكمة النقض" للتحقق من سبق الاحتجاج بها أمام محكمة الموضوع، فإن لم تكن مذيلة بهذه العبارة، فلا يُقبل الاحتجاج بها أمام محكمة النقض. لمَّا كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تقدم المستندات المشار إليها بالنعي مذيلة بعبارة "صورة لتقديمها إلى محكمة النقض" مكتفية بتقديم وجه الحافظة فقط، وصور ضوئية منها غير مذيلة بالعبارة سالفة الذكر لإثبات سبق الاحتجاج بها أمام محكمة الموضوع، وللتحقق من صحة ما تنعاه على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص، فإن ما تثيره بهذا النعي يكون بغير دليل، ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع والوجه الثاني من باقي أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المطعون فيه اعتبر توقيع المطعون ضده بدلًا عن عامل آخر في دفتر الحضور والانصراف على أنه انصرف في الموعد المحدد، رغم مغادرة هذا العامل لمكان العمل قبل موعد الانصراف ليس خطأً جسيمًا يبرر فصله، ورتب على ذلك قضاءه له بالتعويض عن هذا الفصل، رغم أن هذا الخطأ يعتبر إخلالًا بواجب الثقة والأمانة المفروضة على المطعون ضده ويبرر لها فصله، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أن النص في المادة 56 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 2003 –المنطبق على واقعة النزاع على النحو سالف البيان– على أنه " يجب على العامل: (أ) أن يؤدي بنفسه الواجبات المنوطة به بدقة وأمانة، وذلك وفقًا لما هو محدد بالقانون ولوائح العمل وعقود العمل الفردية والجماعية...، (ب)...، (ج) أن يحافظ على مواعيد العمل، وأن يتبع الإجراءات المقررة في حالة التغيب عن العمل أو مخالفة مواعيده. (د)...، (ه)...، (و)...، (ز) أن يحافظ على كرامة العمل وأن يسلك المسلك اللائق به". يدل على أن عقد العمل ملزم لطرفيه، ويرتب في ذمتهما التزامات متبادلة تسوغ لأحدهما التحلل من رابطة العقد إذا امتنع الطرف الآخر عن تنفيذ التزامه أو أخل به، بشرط أن يكون ذلك راجعًا إلى خطئه سواءً عن عمد أو إهمال، وقد جاء هذا النص عامًا ليشمل جميع الواجبات الملقاة على عاتق العامل، ومنها واجب التحلي بالأمانة واحترام مواعيد العمل والالتزام بالسلوك اللائق بالوظيفة وعدم الخروج على مقتضيات الواجب في أعمال وظيفته، فإذا أخل العامل بأيٍ منها كان لصاحب العمل الحق في فسخ العقد. لمَّا كان ذلك، وكان الثابت مما سجله الحكم بمدوناته أن الطاعنة فصلت المطعون ضده من العمل لديها بسبب قيامه بالتوقيع باسمِ عاملٍ آخر في دفتر الحضور والانصراف على أنه انصرف في الموعد المحدد، رغم مغادرة هذا العامل لمكان العمل قبل المواعيد المحددة للانصراف من العمل، ولمَّا كان هذا الخطأ يعتبر إخلالًا من المطعون ضده بواجب الأمانة واحترام مواعيد العمل والالتزام بالمسلك اللائق في تأدية العمل، وهو ما يعتبر خروجًا منه على مقتضيات واجبات وظيفته يبرر للطاعنة فصله، ويضحى قرار الطاعنة بفصله من العمل لهذا السبب بمنأى عن التعسف، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتبر أن إخلال المطعون ضده بواجبات وظيفته سالفة الذكر ليس خطئًا جسيمًا يبرر فصله، ورتب على ذلك قضاءه له بالتعويض عن فصله من العمل، فإنه يكون فضلًا عما شابه من فساد في الاستدلال قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، بما يوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع -في خصوص ما نُقض من الحكم المطعون فيه- صالح للفصل فيه، ولِمَا تقدم تعين الحكم في الاستئناف رقم ... لسنة 23 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف في خصوص ما قضى به للمطعون ضده من تعويض عن الفصل من العمل وتأييده فيما عدا ذلك.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق