جلسة 8 من يونيه سنة 1961
برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، ومحمد متولي عتلم، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.
---------------
(81)
الطعن رقم 51 لسنة 26 القضائية
(أ) محاماة. "مجلس نقابة المحامين". طلب تقدير أتعاب المحامي. "خصومة قضائية".
تقدير مجلس نقابة المحامين للأتعاب عند الخلاف على قيمتها فصل في خصومة قضائية تقديم طلب تقدير الأتعاب تنعقد به الخصومة مما يضفى على مجلس النقابة ولاية الفصل في النزاع.
(ب) محاماة. "مجلس النقابة". ولاية القضاء عند تقدير الأتعاب.
أضفى المشرع على مجلس النقابة ولاية تقدير الأتعاب عند الالتجاء إليه.
(ج) تقادم. "قطع التقادم".
تقديم طلب تقدير الأتعاب إلى مجلس نقابة المحامين إعلان بخصومة قضائية ويقطع التقادم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن تقدم في 19 من يناير سنة 1952 إلى نقابة المحامين الوطنيين بطلب تقدير مبلغ عشرة آلاف من الجنيهات أتعاباً له قبل المطعون عليهم مقابل قيامه بمباشرة بعض القضايا لهم لم يتفق معهم على أجرها فقدر له مجلس النقابة مبلغ 2500 جنيه يخصم منه مبلغ 200 جنيه كان قد قبضه - تظلم الطرفان من هذا التقدير أمام محكمة القاهرة الابتدائية التي قضت في 11/ 2/ 1955 بقبول التظلمين شكلاً وبرفض الدفع بسقوط الحق في المطالبة بالأتعاب بالتقادم الخمسي وفي الموضوع بتعديل الأمر المتظلم منه إلى مبلغ 1569 جنيهاً... استأنف المطعون عليهم الحكم بالاستئناف رقم 337 سنة 72 ق القاهرة وطلبوا الحكم أصلياً بسقوط حق الطعن في المطالبة بالأتعاب بالتقادم الخمسي واحتياطياً رفض الدعوى - كما استأنف الطاعن الحكم استئنافاً فرعياً قيد برقم 704 سنة 72 ق طلب فيه تعديل الحكم المستأنف إلى مبلغ 2300 جنيه. ضمت المحكمة الاستئنافين وحكمت في 18 من ديسمبر سنة 1955 بسقوط حق الطاعن في المطالبة بأتعابه بالتقادم الخمسي وبإلغاء الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون التي قررت في 18 من أكتوبر سنة 1960 إحالته إلى هذه الدائرة - وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة مذكرة صممت فيها على طلب نقض الحكم للأسباب التي أوردتها بمذكرتها قبل الإحالة.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أن الطلب الذي قدمه الطاعن لمجلس نقابة المحامين وفقاً للمواد 44 وما بعدها من القانون رقم 98 لسنة 1944 لا يقطع التقادم لأنه لا يعتبر من قبيل المطالبة القضائية بالمعنى المقصود في المادة 383 من القانون المدني إذ أن نقابة المحامين ليست هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي كما وصفها الحكم الابتدائي بل هي منظمة مهنية لا تمتد هيمنتها إلى غير أعضائها مستدلاً في ذلك بخلو القانونين 135 لسنة 1939، 98 لسنة 1944 من النص على اعتبار النقابة هيئة قضائية أو إدارية ذات اختصاص قضائي وبأن المادة 70 من القانون رقم 135 لسنة 1939 والمادة 69 من القانون 98 لسنة 1944 نصتا على أن نقيب المحامين يقوم بتمثيل النقابة لدى الجهات القضائية والإدارية مما يفيد أنها ليست واحدة منها - وأضاف الحكم أنه متى بان أن مجلس النقابة لا يملك بسط سلطانه على غير أعضائها فإنه لا يتصور أن تكون له وظيفة قضائية لمجرد أن الشارع خوله في المادة 80 فقرة سادسة من القانون 98 لسنة 1944 تقدير الأتعاب عند الاختلاف عليها لأن عمل مجلس النقابة في هذا الشأن ليس إلا مجرد وساطة بين المحامين وموكليهم ومن ثم تكون مهمته منقطعة الصلة بالقضاء بين المتخاصمين ومقصورة على مجرد تقويم جهد المحامي بصفة مبدئية تقويم خبير ووسيط خير وإلا كان البت فيه للقضاء إذا لم يقبله أحد الطرفين. وليس أدل على ذلك من أن أمر التقدير الصادر من مجلس النقابة لا يعلن إلى الموكل إلا بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من رئيس المحكمة عملاً بالمادة 44 من القانون 98 لسنة 1944 وأنه لا يغير من طبيعة تقدير مجلس النقابة لأتعاب المحامي صيرورة أمر التقدير نافذاً بعد فوات مواعيد التظلم منه لأن المشرع اتخذ من فوات هذا الميعاد قرينة على قبول الطرفين لقرار مجلس النقابة بالتقدير وأنزله منزلة أمر التقدير الذي يصدر من القاضي والذي لم يزعم أحد أن له صفة الأحكام كما لا يغير من طبيعته كذلك أن المادة 48 من القانون المشار إليه أجازت أخذ اختصاص بأمر التقدير إذ لو كان هذا الأمر حكماً لما كانت هناك حاجة لهذا النص يضاف إلى ذلك أن المادة 44 السالفة الذكر إذ أوجبت إخطار المطلوب ضده بصورة من الطلب وبالجلسة التي تحدد لنظره بخطاب موصى عليه للحضور أو لإبداء ملاحظاته كتابة في المدة التي يحددها مجلس النقابة فإن هذا الإخطار لا تنعقد به خصومة بين المحامي وموكله أمام مجلس النقابة لأن المجلس يباشر تقدير الأتعاب بالتشكيل ذاته الذي يباشر به اختصاصاته الأخرى - وقد قصد المشرع بهذا الإخطار وحضور الموكل وإبداء ملاحظاته تمكين مجلس النقابة من الإحاطة بالعناصر المؤدية - إلى سلامة التقدير - ثم انتهى الحكم إلى القول بأن أمر التقدير الصادر من مجلس النقابة لا يمكن أن يكون له من الأثر أكثر من الأمر الصادر من القاضي على عريضة وتقديم الطلب إلى القاضي في هذا الخصوص لا يقطع التقادم كما لا يقطعه صدور أمر القاضي على العريضة أو إعلانه لمن صدر ضده ولا سبيل كذلك لقياس سلطة مجلس النقابة على أنواع أخرى من الأقضية الخاصة كتلك التي تفصل فيها لجان الضرائب أو اللجان الجمركية لأن القوانين الخاصة التي استحدثت تلك اللجان هي التي خولتها صراحة سلطة قضائية للفصل في المنازعات المذكورة على خلاف قانون المحاماة - وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه مخالف للقانون للأسباب الآتية: أولاً - أن قوانين المحاماة المتعاقبة إذ مكنت للدولة الإشراف على المحامين بواسطة نقابتهم ولجانها وأضفت على النقابة نوعاً من السلطة العامة وخولتها حقوقاً من النوع الذي تختص به الجهات الإدارية العامة قد جعلت النقابة بذلك هيئة إدارية وجعلت لقرارات لجانها ومجالسها صفة القرارات الإدارية - ثانياً: أن كلاً من القانونين 135 سنة 1939، 198 سنة 1944 خول مجلس النقابة سلطة تقدير الأتعاب عند عدم وجود اتفاق كتابي بأمر يكون نافذاً إذا لم يطعن عليه بالطريق الذي رسمه القانون كما خولت المحامي أخذ اختصاص على عقارات موكله ومن ثم تكون النقابة في هذا الخصوص جهة إدارية ذات اختصاص قضائي. ثالثاً - إن عدم النص في القانون على اعتبار النقابة هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي لا يغير من الوضع شيئاً إذ العبرة بطبيعة السلطة المخولة لها كما لا يضيره النص على تمثيل النقيب للنقابة لدى الهيئات الإدارية والقضائية إذ ليس من شأن هذا النص استبعاد النقابة من نطاق الهيئات التي تشاركها هذا الوصف. رابعاً - أنه غير صحيح أن مهمة مجلس النقابة مقصورة بنص المادة 80/ 6 من القانون 98 سنة 1944 على الوساطة بين المحامي وموكله وتقديره للأتعاب تقدير خبرة ووساطة خير لأن هذه المادة جعلت أيضاً من اختصاص مجلس النقابة تقدير الأتعاب عند الاختلاف على قيمتها كما أن نص المواد 44 وما بعدها من ذات القانون تفيد أن هذا التقدير قضائي وحاصل في خصومه ذلك أنه لا يكون إلا عند الخلاف وبناءً على طلب أحد الطرفين وبعد إخطار الطرف الآخر بالحضور وإبداء دفاعه كتابة ويطعن على هذا التقدير في مواعيد مقررة ويصبح نهائياً واجب النفاذ إذا لم يطعن عليه في الميعاد ويجيز للمحامي أخذ اختصاص بموجبه على عقارات موكله قبل صيرورته نهائياً شأنه في ذلك شأن الأحكام الغيابية غير المشمولة بالنفاذ عملاً بالمادة 595 من القانون المدني القديم - هذا فضلاً عن أن هذا هو المستفاد من المناقشات البرلمانية في خصوص القانون رقم 98 سنة 1944 لأن مؤدى هذه المناقشات ومفهومها أن مجلس النقابة في تقديره للأتعاب إنما يقوم بوظيفة قضائية وأن أمر التقدير الذي يصدره يشبه الحكم الغيابي في كافة الوجوه. خامساً: إن القول بأن نفاذ أمر التقدير بعد فوات ميعاد التظلم منه يعتبر قرينة على قبول الطرفين لهذا التقدير لا أكثر مردود بأن قبول التقدير غير الملزم لا يترتب عليه نفاذه دون حكم قضائي أما نفاذ أمر التقدير بالقبول فشأنه شأن قبول الحكم الابتدائي الذي يجعل هذا القبول في مقام التنازل عن الطعن فيه - وأما أن أمر التقدير لا يعفي الموكل إلا من وضع الصيغة التنفيذية عليه فهذا معناه أنه حكم لأن الصيغة التنفيذية لا توضع إلا على الأحكام - وكذلك القول بأن أمر التقدير يشبه الأمر الذي يصدر من القاضي على عريضة مردودة بأن أمر التقدير الصادر من مجلس النقابة إنما هو قضاء فصل في خصومة بخلاف الأمر الذي يصدره القاضي على عريضة والصحيح أنه يشبه أمر الأداء الذي نظمته المادة/ 851 مرافعات وما بعدها وهو بصريح نص المادة/ 855 بمثابة حكم غيابي إذ يصبح حكماً حضورياً عند عدم الطعن فيه في الميعاد - وأما النص على أخذ اختصاص على عقارات الموكل بموجب أمر التقدير الصادر من مجلس النقابة فمعناه اعتبار هذا الأمر حكماً لأن حق الاختصاص لا يترتب - إلا على الأحكام - أما ما ذكره الحكم من أن مجلس النقابة عند نظر طلب تقدير الأتعاب لا يفصل في خصومة لأنه يتولى هذا التقدير بنفس تشكيله الذي يباشر به اختصاصاته الأخرى فمردود بأن العبرة ليست بتشكيل المجلس بل بطبيعة اختصاصاته وأخيراً فإنه لا فرق بين مجلس النقابة وغيره من الهيئات الإدارية الأخرى ذات الاختصاص القضائي كلجان الضرائب ولجان الجمارك وغيرها في قيامها بما نيطت به من اختصاصات قضائية وبذات تشكيلها الذي تباشر به باقي مهامها الأخرى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بسقوط حق الطاعن في المطالبة بالأتعاب على أن الطلب الذي تقدم به إلى مجلس نقابة المحامين بتقدير أتعابه لا يقطع التقادم إذ أنه لا يعتبر من قبيل المطالبة القضائية بالمعنى المقصود في المادة 383 من القانون المدني لأن مجلس النقابة ليس هيئة إدارية ذات اختصاص قضائي في خصوص تقدير الأتعاب بل هو هيئة مهنية لا تمتد هيمنته إلى غير المحامين.
وحيث إن المادة 80/ 6 من القانون رقم 98 سنة 1944 الذي يحكم واقعة الدعوى تنص على أن "مجلس النقابة يختص بالوساطة بين المحامين وموكليهم في المنازعات التي تقوم بينهم متى طلب منه ذلك وكذلك تقدير الأتعاب عند الاختلاف على قيمتها وفقاً لأحكام هذا القانون" كما تنص المادة 44 من ذلك القانون على أنه "عند عدم وجود اتفاق كتابي تقدر أتعاب المحامي بناءً على طلبه أو طلب الموكل بمعرفة مجلس النقابة ويجب أن تخطر النقابة المطلوب التقدير ضده بصورة من طلب التقدير وبالجلسة التي تحدد لنظره بخطاب موصى عليه ليحضر أمام المجلس أو ليقدم ملاحظاته كتابة في المدة التي يحددها المجلس - وعلى المحامي أن يعلن موكله بصورة من أمر التقدير الصادر من مجلس النقابة بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من رئيس المحكمة الابتدائية أو المحكمة الجزئية التابع لها محل إقامة المحامي حسب الأحوال..." وتنص المادة 45 على أنه "للمحامي وللموكل حق التظلم من أمر التقدير في خلال الخمسة عشر يوماً التالية لإعلانه بالأمر وذلك بتكليف خصمه بالحضور أمام المحكمة المقيم بدائرتها المحامي كلية كانت أو جزئية حسب قيمة الطلب" وتنص المادة 46 على أنه "يجوز الطعن في الأحكام الصادرة في التظلم بكافة أوجه الطعن العادية وغير العادية ما عدا المعارضة..." كما تنص المادة 48 على أنه "للمحامي الذي بيده أمر تقدير بأتعابه أو محضر صلح مصدق عليه من المجلس أو المحكمة أو حكم صادر في التظلم أن يحصل على اختصاص بعقارات من صدر أمر التقدير أو الحكم أو محضر الصلح ضده" ومؤدى هذه النصوص جميعاً أن المشرع ناط بمجلس نقابة المحامين تقدير أتعاب المحامي عند الاختلاف على قيمتها في حالة عدم وجود اتفاق كتابي عليها بناءً على طلب المحامي أو الموكل - وتقدير مجلس النقابة للأتعاب في هذه الحالة يعد فصلاً في خصومة بدليل أن اللجوء إلى المجلس لا يكون إلا عند الخلاف على قيمة الأتعاب في حالة عدم وجود اتفاق كتابي بشأنها وبدليل أن المشرع أباح لكل من المحامي والموكل على السواء اللجوء إلى مجلس النقابة في هذه الحالة - ومما يؤكد أن المشرع اعتبر مجلس النقابة هيئة ذات اختصاص قضائي في خصوص تقدير الأتعاب أنه أوجب على مجلس النقابة إخطار المطلوب التقدير ضده بصورة من الطلب وبالجلسة التي تحدد لنظره بخطاب موصى عليه ليحضر أمام المجلس أو ليقدم ملاحظاته كتابة في المدة التي يحددها المجلس مما مفاده أن تقديم الطلب إلى مجلس النقابة من المحامي أو الموكل تنعقد به الخصومة بينهما - كما أن المشرع دل بما رسمه في طريق التظلم من أمر التقدير وبيان طرق الطعن في الحكم الصادر في التظلم على أنه يعتبر فصل مجلس النقابة في تقدير الأتعاب فصلاً في خصومة يضاف إلى ذلك أن حق المحامي في الحصول على اختصاص بعقارات من صدر ضده الأمر الذي يؤكد أن المشرع اعتبر الأمر في هذه الصورة بمثابة حكم - ولما كان المشرع لم يحرم على المحامي أو الموكل في حالة عدم وجود اتفاق كتابي على الأتعاب الالتجاء إلى القضاء ابتداءً فإن مؤدى ذلك أنه رسم لهما طريقين في خصوص طلب تقدير الأتعاب هما اللجوء إلى مجلس النقابة والقضاء إلا أنه إذ اختار أحدهما طريقاً من هذين ابتداءً فلا يحق له العودة إلى الطريق الآخر بدعوى مبتدأة وبذلك يكون المشرع قد سوى بين الطريقين في طلب تقدير الأتعاب واعتبر اللجوء إلى أيهما مطالبة بالحق في مواجهة الخصم بما تنعقد به الخصومة القضائية وبما يضفى على مجلس النقابة عند الالتجاء إليه ولاية الفصل في هذا النزاع. ومن ثم يكون تقديم طلب تقدير الأتعاب إلى مجلس النقابة من المحامي أو الموكل إعلاناً بخصومة تترتب عليه آثار المطالبة القضائية في قطع التقادم في مفهوم المادة 383 من القانون المدني ويكون الحكم المطعون فيه إذ انحرف عن هذا النظر قد خالف القانون - أما ما أورده الحكم تأييداً لوجهة النظر التي انتهى إليها من خلو القانون رقم 98 سنة 1944 من النص على اعتبار النقابة هيئة قضائية أو إدارية ذات اختصاص قضائي ومن أن نقيب المحامين يمثل النقابة لدى الجهات القضائية والإدارية مما مؤداه أن مجلس النقابة ليس من بين هذه الهيئات وأن مجلس النقابة في خصوص تقدير الأتعاب ليس إلا وسيطاً بين المحامي وموكله يقوم بتقديم الأتعاب بصفته خبيراً فنياً بدليل أن أمر التقدير لا يعلن إلى الموكل إلا بعد وضع الصيغة التنفيذية عليه من رئيس المحكمة أو القاضي الجزئي حسب الأحوال وأن صيرورة أمر التقدير نهائياً وملزماً بفوات مواعيد التظلم لا يضفى عليه صفة الأحكام لأن المشرع اتخذ من فوات الميعاد قرينة على قبول الطرفين لقرار مجلس النقابة وأن المشرع إذ أباح للمحامي الحصول على اختصاص بعقارات من صورة الأمر ضده فقد دل بذلك على أن الأمر لا يعد حكماً لأنه لو اعتبر كذلك لما كان المشرع في حاجة إلى النص على ذلك. وأن ما استلزمه المشرع من وجوب إخطار المطلوب إصدار أمر التقدير ضده لصورة من الطلب وبالجلسة التي تحدد لنظره لا يؤدي إلى أن هذا الطلب تنعقد به خصومة لأن مجلس النقابة يباشر تقدير الأتعاب بنفس تشكليه الذي يباشر به اختصاصاته الأخرى - كل هذا الذي أورده الحكم مردوداً بأن خلو القانون رقم 98 لسنة 1944 من النص على اعتبار مجلس النقابة في خصوص تقدير الأتعاب هيئة قضائية أو إدارية ذات اختصاص قضائي ومن أن نقيب المحامين يمثل النقابة أمام تلك الهيئات لا يمنع من أن يكون المشرع قد أضفى على مجلس النقابة ولاية القضاء في خصوص تقدير الأتعاب بما أورده في المادة 44 من ذلك القانون ولم يكن يتحتم أن ينص القانون على اعتبار هيئة ما ذات اختصاص قضائي ما دام أنه قد نص صراحة على إضفاء اختصاص قضائي على هذه الهيئة كما أن تمثيل نقيب المحامين للنقابة أمام الهيئات القضائية أو الإدارية لا ينفى عن مجلس النقابة ولاية الفصل في تقدير الأتعاب المختلف عليها. ثم إن مجلس النقابة حسبما هو واضح من نص المادة 44 السالفة الذكر يختص لا بالوساطة بين المحامي وموكله فحسب بل وبتقدير الأتعاب عند الاختلاف عليها. ولما كان ذلك. وكان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن وكالة الطاعن عن المطعون عليهم انتهت في 2 من سبتمبر سنة 1947 لمناسبة تعيينه في القضاء وأن الطاعن تقدم إلى مجلس نقابة المحامين بطلب تقدير أتعابه في 19 من يناير سنة 1952 فإن هذا الطلب الذي قدم قبل انقضاء خمس سنين ميلادية على انتهاء التوكيل يكون قاطعاً للتقادم ويكون الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من سقوط حق الطاعن في المطالبة بأتعابه بمضي المدة قد خالف القانون بما يتعين معه نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق