الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 28 فبراير 2025

الطعن 586 لسنة 25 ق جلسة 30 / 11 / 1961 مكتب فني 12 ج 3 ق 121 ص 730

جلسة 30 من نوفمبر سنة 1961

برياسة السيد محمد متولي عتلم المستشار، وبحضور السادة: عبد السلام بلبع، وحسن خالد، ومحمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي المستشارين.

-----------------

(121)
الطعن رقم 586 لسنة 25 القضائية

(أ، ب) تحكيم. "سلطة المحكم". "تفسير". عقد.
على المحكم أن يلتزم الحدود المرسومة له في مشارطة التحكيم. له تقرير الأمور الموضوعية. ليس له أن يخرج عن المعنى الظاهر لنصوص المشارطة.
تحديد مأمورية المحكم وتفويضه الحكم والصلح بصفة عامة، تحديده في الحكم ما يستحق أحد الخصوم بشأن النزاع محل التحكيم. ليس في ذلك خروج عن المشارطة أو قضاء بما لم يطلبه الخصوم.
(ج) تحكيم. "صدور حكم المحكم". ميعاده. تعديل مشارطة التحكيم.
خلو مشارطة التحكيم من تحديد ميعاد لصدور الحكم. مؤدى ذلك وجوب مراعاة الميعاد المحدد في القانون. تعديل مشارطة التحكيم لا يجوز إلا باتفاق الطرفين.
(د) تحكيم. "تاريخ الحكم". "الطعن فيه بالتزوير".
التاريخ الذي أثبته المحكم لحكمه حجة على الخصم. لا محل لجحده إلا بطريق الطعن بالتزوير.

-------------------
1 - متى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أنه إذا كان المحكم لم يعاين بعض الأعمال التي قام بها المطعون عليه الأول باعتبار أنها من الأعمال الغير ظاهرة التي أعفته مشارطة التحكيم من معاينتها وكان تقرير ما إذا كانت هذه الأعمال ظاهرة أو غير ظاهرة تقريراً موضوعياً فإن الحكم وقد انتهى في أسباب سائغة ودون أن يخرج على المعنى الظاهر لنصوص المشارطة إلى أن المحكم قد التزم في عمله الحدود المرسومة له في مشارطة التحكيم فإنه لا يكون قد خالف القانون.
2 - إذا كان الطرفان قد حددا في مشارطة التحكيم موضوع النزاع القائم بينهما بشأن تنفيذ عقد مقاولة ونصاً على تحكيم المحكم لحسم هذا النزاع وحددا مأموريته بمعاينة الأعمال التي قام بها المقاول لمعرفة مدى مطابقتها للمواصفات والأصول الفنية من عدمه وتقدير قيمة الصحيح من الأعمال كما نصا في المشارطة على تفويض المحكم في الحكم والصلح، وكان ذلك التفويض بصيغة عامة لا تخصيص فيها فإن المحكم إذ أصدر حكمه في الخلاف وحدد في منطوقه ما يستحقه المقاول عن الأعمال التي قام بها جميعها حتى تاريخ الحكم بمبلغ معين فإنه لا يكون قد خرج عن حدود المشارطة أو قضى بغير ما طلبه الخصوم.
3 - مقتضى خلو مشارطة التحكيم من تحديد ميعاد للحكم الذي يصدره المحكم أن يكون الميعاد هو ما حددته المادة 713 من قانون المرافعات (القديم) في حالة عدم اشتراط ميعاد للحكم وهو ثلاثة أشهر من تاريخ تعيين المحكم ولا يجوز تعديل مشارطة التحكيم إلا باتفاق الطرفين المحتكمين.
4 - التاريخ الذي يثبته المحكم لحكمه يعتبر حجة على الخصم ولا يستطيع جحده إلا باتخاذ طريق الطعن بالتزوير في الحكم لأن حكم المحكم يعتبر ورقة رسمية شأنه في ذلك شأن الأحكام التي يصدرها القضاء (1).


المحكمة

بعد الاطلاع الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق، تتحصل في أن الطاعنة - وأختها الطاعنة في ذات الحكم في الطعن رقم 587 سنة 25 ق - اتفقتا مع الطعون عليه الأول وهو مقاول بعقد مؤرخ 30 مارس سنة 1948 على أن يقوم لهما بأعمال البناء والترميمات المبينة بالكشف الملحق بهذا العقد وطبقاً للمواصفات والفئات المحددة به وذلك بالمنزل المملوك لهما بناحية الباجور والمؤجر منهما لوزارة الداخلية ليكون مركزاً للشرطة ونص في العقد على أنه في حالة عدم المطابقة للمواصفات يكون للطاعنة وأختها الحق في تخفيض الأجر المتفق عليه إلى الحد المناسب أو إزالة الأعمال المخالفة وإعادة إجرائها على حساب المقاول وبعد أن بدأ الأخير العمل وقبل أن يتمه أرسلت إليه الطاعنة وأختها إنذاراً في 16 من مايو سنة 1948 ضمنتاه أن مهندساً من قبلهما قام بمعاينة الأعمال التي تمت وتبين له أنها تخالف المواصفات المتفق عليها ولكن المطعون عليه لم يقرهما على ذلك وانتهى الأمر بعقد مشارطة تحكيم بينهما وبينه بتاريخ 24 مايو سنة 1948 ومثلهما في هذه المشارطة وكيلهما الأستاذ حسين حمد الله زوج الطاعنة واتفق الطرفان بموجبها على تحكيم المهندس حسين رشدي المطعون عليه الثاني وحددا مأمورية المحكم ونصا على إعفائه من اتباع أحكام قانون المرافعات وعلى تفويضه في الحكم وفي الصلح - وأوقف المقاول (المطعون عليه الأول) أعماله حتى ينتهي أملحكم من مأموريته. وقد قام المحكم بهذه المأمورية وفي 14 من سبتمبر سنة 1948 أودع قلم كتاب محكمة القاهرة الابتدائية حكماً مؤرخاً في 11 من أغسطس سنة 1948 قاضياً بأن ما يستحقه المقاول المطعون عليه الأول عن الأعمال التي قام بها جميعها هو مبلغ 1406 جنيهات و139 مليماً فقط كما أودع أيضاً مع هذا الحكم مشارطة التحكيم وتقريراً مؤرخاً في ذات تاريخ الحكم ببيان الأعمال التي قام بها المقاول ونتيجة معاينته لها وتقديراته لقيمتها وفي 15 من سبتمبر سنة 1948 استصدر المطعون عليه الأول أمراً من رئيس المحكمة بوضع الصيغة التنفيذية على هذا الحكم بالنسبة لمبلغ 706 جنيهات و139 مليماً قيمة الباقي له في ذمة الطاعنة وأختها من أصل المبلغ الذي قضى به المحكم ثم شرع في اتخاذ إجراءات التنفيذ ضدهما بهذا المبلغ بتوقيع الحجز على منقولات أخت الطاعنة وبتاريخ 26 من سبتمبر سنة 1948 أقامت الطاعنة وأختها الدعوى رقم 3042 سنة 1948 كلي القاهرة ضد المطعون عليهما (المقاول والمحكم) معارضتين في أمر التنفيذ الصادر من رئيس المحكمة الابتدائية بتاريخ 15 سبتمبر سنة 1948 وطالبتين إلغاء هذا الأمر والحكم ببطلان عقد التحكيم المؤرخ 24 مايو سنة 1948 وبطلان الحكم الذي أصدره المحكم وإلغائه وذلك على أساس إنكارهما علمهما بمشارطة التحكيم ووكالة الأستاذ حسين حمد الله عنهما ولدى نظر الدعوى عدلتا طلباتهما واعترفتا بوكالة الأخير عنهما في عقد التحكيم وأدخلتا في الدعوى وزارة الداخلية ومديرية المنوفية ومدير مصلحة المباني وطلبتا الحكم على المطعون عليهما في مواجهة هؤلاء بقبول معارضتهما في أمر التنفيذ شكلاً وفي الموضوع ببطلان حكم المحكم وإلغائه مع إلزام المطعون عليهما بالمصروفات وأسستا هذه المعارضة على أسس أربعة (1) أن الحكم صدر بما لم يطلبه الأخصام (2) أن المحكم خرج عن حدود مشارطة التحكيم (3) أن ميعاد الحكم كان قد انتهى قبل أن يصدر المحكم حكمه ولم يحصل الرضاء بامتداده (4) أن المحكم أهدر حقوقهما في الدفاع وتواطأ مع خصمهما. وبتاريخ 19 فبراير سنة 1952 قضت المحكمة الابتدائية بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد أمر التنفيذ المعارض فيه - استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 510 سنة 70 ق القاهرة كما استأنفته شقيقتها السيدة قدرية بالاستئناف رقم 509 سنة 70 ق ونظرت محكمة استئناف القاهرة الاستئنافين وقررت ضمهما ثم حكمت فيهما بتاريخ 30 أبريل سنة 1955 برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وذلك بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة تاريخه 14 نوفمبر سنة 1955 وبعد استيفاء الإجراءات عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3 من فبراير سنة 1960 وفيها صممت النيابة على رأيها الذي أبدته في المذكرة التي قدمتها وطلبت فيها نقض الحكم في خصوص سبب الطعن القائم على تجاوز المحكم الميعاد المتفق عليه للحكم وقررت دائرة الفحص في تلك الجلسة إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وحدد لنظره جلسة 9 نوفمبر سنة 1961 وفيها صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة في أولها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق واستخلاص النتيجة من مصدر يناقضها واستخلاصها من مقدمات لا تؤدي إليها والخطأ في تطبيق القانون وفي تفسيره وتقول الطاعنة في بيان ذلك كله إنها تمسكت أمام محكمتي الموضوع بطعون جوهرية مؤثرة في الدعوى لو صحت لأدت إلى بطلان حكم المحكم ولم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذه الطعون ولم يرد عليها اكتفاء بقوله إن المحكم أثبت في محاضر أعماله أنه عاين وقاس الأعمال الظاهرة وأنه لم يعاين الأعمال الأخرى اعتماداً على البند السادس من مشارطة التحكيم. وليس في هذا الذي قرره الحكم ما يصلح أن يكون رداً على أي مطعن من تلك المطاعن التي تخلص في (1) أن المحكم لم يعاين الأساسات التي أقيمت عليها الحوائط في المباني الجديدة رغم أنها جزء من المأمورية التي عهد إليه بها ورغم التمسك بأنها واهية لا تحتمل البناء فوقها (2) أن المحكم اعتبر الأعمال الظاهرة التي قام بمعاينتها وقياسها هي الأعمال الواردة تحت أرقام 15 و17 و19 من كشف المقاول المطعون عليه الأول وحدها مع أن هذا الكشف يشتمل على أعمال ظاهرة أخرى لم يعاينها الخبير أو يجرى مقاسها مع إمكان إجراء المعاينة والمقاس كذلك لم يقم بمعاينة ومقاس التخشينة والبياض بالجبس والتنكيس وترميم الأسفلت بالأسمنت بحجة ضياع معالمها واستناداً منه إلى البند السادس من عقد التحكيم مع أن مقاس هذه الترميمات لم يكن مستحيلاً وإذا فرض عدم إمكان قياسها فإن عقد التحكيم يوجب على المحكم في هذه الحالة التحقيق وإذا استحال هذا التحقيق فعليه الرجوع في التقدير إلى كشف المقاول المؤرخ 14/ 5/ 1948 ولكن المحكم خالف ذلك وأخذ بالمقاسات والأثمان الواردة بكشفين آخرين قدمهما له المقاول وذلك دون تحقيق وقد قال الحكم إن المحكم قاس الأعمال الجديدة الظاهرة استناداً إلى محضري الأعمال المؤرخين 25/ 6 و19/ 7/ 1948 ولم يرد على ما تمسكت به الطاعنة من أن المحكم أغفل معاينة وقياس بعض الأعمال الظاهرة وقد كان على الحكم أن يقول كلمته فيما إذا كانت هذه الأعمال ظاهرة حقيقة أو غير ظاهرة لإمكان إجراء شروط التحكيم عليها وإذا كان قد اعتبرها من الأعمال الظاهرة فكان عليه أن يبين على أي أساس أقام قضاءه بأن المحكم عاينها وقاسها وإذا كان قد اعتبرها غير ظاهرة فكان يجب أن يبين على أي أساس أعفى المحكم من مقاسها وتضيف الطاعنة أن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد خالف الثابت في الأوراق بتقريره أن المحكم أنقص من قيمة الأعمال بقدر ما ظهر له من عيب أو فساد فيها حالة أن المحكم لم يخفض شيئاً من قيمة الأعمال المبينة بالبند السادس وأن الحكم أخطأ في تحصيل فهم الواقع حين برر أخذه بالكشفين اللذين قدمهما إليه المقاول بأنهما قدما إليه في حضور وكيل الطاعنة في جلسة 23 يوليه سنة 1948 الأمر الذي اعتبره الحكم بمثابة إجازة ضمنية من هذا الوكيل لما جاء بالكشفين المذكورين في حين أنه لم يثبت أن وكيل الطاعنة قد اطلع على هذين الكشفين ووافق عليهما هذا إلى أن اعتماد المحكم لهما يعتبر تعديلاً لمشارطة التحكيم والتعديل لا يجوز إثباته بغير الكتابة عملاً بالمادة 711 مرافعات قديم.
وحيث إن هذا النعي بجميع ما اشتمل عليه غير صحيح ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أحال إلى أسبابه الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص رد على ما وجهته الطاعنة من طعون على عمل المحكم وقرر ما مفاده أن المحكم التزم في عمله الحدود المرسومة له في مشارطة التحكيم وأنه إذا كان لم يعاين بعض الأعمال التي قام بها المقاول لذلك لأنها تعتبر من الأعمال الغير ظاهرة طبقاً لمشارطة التحكيم وقد أعفى البند السادس المحكم من معاينتها ولما كان تقدير ما إذا كانت هذه الأعمال ظاهرة أو غير ظاهرة هو تقدير موضوعي وقد بني على أسباب سائغة وكان الحكم فيما قرره لم يخرج على المعنى الظاهر لنصوص مشارطة التحكيم وكانت الطاعنة لم تقدم محضري الأعمال اللذين استند إليهما الحكم في التدليل على قيام المحكم بمعاينة جميع الأعمال الجديدة الظاهرة مما يجعل نعيها على هذا الاستناد عارياً عن الدليل ولا يشفع لها تقديمها شهادة من قلم الكتاب تفيد رفض إعطاءها صورة من محاضر أعمال المحكم لأن ذلك لا يكفي لاعتبار الأمر خارجاً عن إرادتهما. لما كان ذلك وكان ما ذكره الحكم من أن المحكم خفض من قيمة الأعمال بقدر ما ظهر له من عيب فيها صحيحاً ومستمداً من التقرير المودع من المحكم مع حكمه وكان الحكم قد رد على اعتراض الطاعنة على أخذ المحكم بالكشف الذي قدمه إليه المقاول بقوله: "إن هذا الاعتراض يهدمه ما ذهب إليه المحكم بحق من أن المشارطة أباحت له احتساب المساحات لا من واقع الكشف المقدم فقط بل من التحقيقات التي يجريها كذلك وقد تبين له من معاينته على الطبيعة صحة ما احتسبه من قيمة أعمال تلك المساحات واستنزل غير الصحيح منها هذا إلى أن الكشف المؤرخ 14/ 5/ 1948 وإن كان قد حرر بعد انتهاء الأعمال التي أجراها المقاول إلا أنه كان كشفاً بالحساب قابلاً للتعديل فإذا ما روعي إلى كل ما تقدم أن الكشف الذي قدم أخيراً من المقاول واحتسبت الأعمال الغير ظاهرة على مقتضاه إنما قدم في حضور وكيل المعارضتين بجلسة 23/ 7/ 1948 كما أثبت ذلك بمحضر الأعمال ولم يعترض عليه بأي اعتراض فإن المحكم في أخذه ببياناته لم يخرج عن مشارطة التحكيم" وكان هذا الذي قرره الحكم سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت في الأوراق - لما كان ذلك كله فإنه يتعين رفض هذا السبب.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه ما نعته عليه في السبب الأول من قصور في التسبيب ومخالفة للثابت في الأوراق واستخلاص للنتيجة من مصدر يناقضها واستخلاصها من مقدمات لا تؤدي إليها والخطأ في تطبيق القانون وأضافت إلى ذلك الخطأ في تطبيق عقد التحكيم وعقد المقاولة وقد كررت الطاعنة في شرحها لهذا السبب بعض ما أوردته في السبب الأول مما سلف الرد عليه والجديد في هذا السبب مما لم يأت ذكره في السبب الأول هو أن المحكم حكم بما لم يطلبه الأخصام ذلك أن مأموريته حددت في عقد التحكيم بمعاينة ومقاس وتقدير ثمن كل عمل من الأعمال التي قام بها المقاول ونص في العقد على احتفاظ الطاعنة وشقيقتها بحقوقهما المبينة في عقد المقاولة ولقد تجاوز حكم المحكم ما نص عليه في عقد التحكيم إلى التعرض للحساب النهائي وتصفيته وقضى بأن ما يستحقه المقاول عن جميع الأعمال التي قام بها هو مبلغ 1406 ج و139 م وترتب على ذلك أن استصدر المقاول المطعون عليه الأول أمراً من رئيس المحكمة بوضع الصيغة التنفيذية على هذا الحكم ضدهما بالنسبة لمبلغ 706 ج و319 م بزعم أن هذا المبلغ هو الباقي له في ذمتهما وتقول الطاعنة إنه إذا كان المحكم قد فوض في مشارطة التحكيم في الحكم وفي الصلح فإن تفويضه فيهما قاصر على ما يقرره في شأن مطابقة أو عدم مطابقة الأعمال للمواصفات وأصول الفن بعد أن يقوم بمعاينتها في الطبيعة ويجرى مقاسها فلا يشمل التفويض غير المعاينة والمقاس ولا يتعداهما إلى المسائل الأخرى المختلف عليها ومن ثم فلا يملك المحكم تصفية الحساب أو إلزام الطاعنة بشيء وأن احتفاظ الأخيرة في عقد التحكيم بحقوقها المبينة في عقد المقاولة مؤداه أن يظل لها - بعد أن يفصل المحكم فيما فوض في الحكم فيه - جميع الحقوق التي يكفلها لها عقد المقاولة وهي حق الاختيار بين إزالة الأعمال الغير مطابقة أو إبقائها بالسعر المناسب وحقها في خصم 10% من قيمة جميع الأعمال المقبولة لمدة ستة شهور بصفة تأمين لإصلاح ما يحتمل أن يظهر فيها من عيوب وحقها في التعويض المتفق على مقداره عن كل يوم من أيام التأخير وحقها في التعويض عن توقف المقاول عن إتمام العمل الذي عهد إليه به.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان يبين من مشارطة التحكيم أن الطرفين المحتكمين بعد أن حددا فيها موضوع النزاع القائم بينهما بشأن تنفيذ عقد المقاولة المؤرخ 30 من مارس سنة 1948 نصا على أنهما اتفقا على تحكيم المطعون عليه الثاني لحسم هذا النزاع وحددا مأموريته بمعاينة الأعمال التي قام بها المقاول المطعون عليه الأول لمعرفة مدى مطابقتها للمواصفات والأصول الفنية وبيان وجه المخالفة فيما يكون منها مخالفاً لهذه المواصفات والأصول وتقدير قيمته حسب حالته وتقدير قيمة الصحيح من الأعمال حسب الفئات المتفق عليها ثم نصا على تفويض المحكم في الحكم وفي الصلح مع إعفائه من إجراءات قانون المرافعات وعلى أن يكون حكمه نهائياً غير قابل للطعن فيه بالمعارضة أو الاستئناف، لما كان ذلك وكان الطرفان المحتكمان قد حكما المحكم لحسم الخلاف القائم بينهما بشأن تنفيذ عقد 30 من مارس سنة 1948 بجميع أوجهه وجعلا من بين مأموريته تقدير قيمة الأعمال التي قام بها المقاول المطعون عليه الأول وكان تفويض المحكم في الحكم وفي الصلح قد ورد بصيغة عامة ولم يخصص بموضوعي المعاينة والمقاس كما تقول الطاعنة فإن المحكم إذ أصدر حكمه في الخلاف وحدد في منطوقة ما يستحقه المقاول عن الأعمال التي قام بها جميعها حتى تاريخ الحكم بمبلغ معين فإنه لا يكون قد خرج عن حدود المشارطة أو قضى بشيء لم يطلبه الأخصام ولا يقدح في ذلك كون الطرفين المحتكمين ذكراً في ختام المشارطة عبارة "مع حفظ كافة حقوق الطرفين المنصوص عليها في عقد الاتفاق المؤرخ 30 من مارس سنة 1948" لأنه فضلاً عما يبدو من تعارض بين هذه العبارة وبين النص على تحيكم المحكم لحسم النزاع وتفويضه في الحكم وفي الصلح فإن حكم المحكم على النحو الذي صدر به لم يمس تلك الحقوق إذ اقتصر على تحديد قيمة الأعمال التي قام بها المقاول طبقاً للعقد المبرم بين الطرفين المحتكمين.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه خطأه في القانون واستخلاصه نتيجة من مقدمات لا تؤدي إليها ذلك أنهه رفض ما دفعت به من بطلان حكم المحكم لصدوره بعد الميعاد المتفق عليه في عقد 17 يونيه سنة 1948 الذي حرر عقد المقاولة وحدد فيه ميعاد الحكم بثلاثة أسابيع بعد المعاينة وقد انتهت هذه المعاينة على ما ثبت من الحكم المطعون فيه في يوم 19 يوليه سنة 1948 وانتهت المدة المحددة لإصدار الحكم في يوم 9 من أغسطس سنة 1948 ولم يصدر المحكم حكمه إلا في يوم 11 من الشهر المذكور وأنه رغم تسليم الحكم بأن المعاينة انتهت في يوم 19 يوليه سنة 1948 فإنه اعتبر خطأ أن يوم 11 أغسطس الذي صدر فيه الحكم يقع خلال الثلاثة أسابيع المحددة لصدوره وبذلك يكون قد عدل عن الظاهر إلى خلافه دون أن يبين علة هذا العدول وتضيف الطاعنة أنها لما شعرت بأن المحكمة تتجه إلى إعمال المادة 713 من قانون المرافعات القديم التي حددت الأجل الذي يجب أن يصدر فيه حكم المحكمين في حالة عدم اشتراط ميعاد للحكم بثلاثة أشهر من تاريخ تعيينهم دفعت بدفع احتياطي أساسه الطعن على التاريخ الذي يحمله الحكم بأنه تاريخ صوري وقدمت القرائن على هذه الصورية وعلى أن حقيقة التاريخ هو 14 سبتمبر سنة 1948 ولم يرد الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه على هذا الدفع بأكثر من قوله بأن الطاعنة وشقيقتها لم تقيما دليلاً على زعمهما هذا التزوير وأنه يهدم قولهما ما أثبته المحكم في محضر أعماله بتاريخ 11 أغسطس سنة 1948 من أنه عرض على وكيلهما استلام التقرير ولما لم يتسلمه أرسل إليه خطاباً مسجلاً يكلفه بالحضور لاستلامه في يوم 12 من الشهر المذكور وتقول الطاعنة إن هذا الذي قرره الحكم لا يعتبر رداً على دفاعها عما فيه من مخالفة للثابت بالأوراق إذ أنها أنكرت في المذكرة المقدمة منها إرسال هذا الخطاب إلى وكيلها في يوم 11 أغسطس سنة 1948.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان يبين من مشارطة التحكيم أنه لم يشترط فيه أجل معين للحكم وكان تحديد هذا الأجل بثلاثة أسابيع بعد المعاينة قد جاء في ورقة لاحقة لها حررت في 17 من يونيه سنة 1948 بين الأستاذ حسين حمد الله بصفته وكيلاً عن الطاعنة وشقيقتها وبين المحكم المطعون عليه الثاني وقد تضمن هذا المحرر استلام المحكم أوراق المأمورية من الوكيل المذكور وتعهده بأن يتم هذه المأمورية في بحر ثلاثة أسابيع بعد المعاينة، ولما كان المطعون عليه الأول لم يوقع على هذا المحرر وقد تمسك أمام محكمة الموضوع على ما يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون عليه بخلو مشارطة التحكيم من تحديد ميعاد للحكم وبأنه لم يوقع على محرر 17 يونيه سنة 1948 الذي حدد هذا المعاد وكان ما ورد في هذا المحرر من تحديد ميعاد للحكم يعتبر تعديلاً لما جاء في مشارطة التحكيم في هذا الخصوص لأن مقتضى خلوها من تحديد ميعاد للحكم أن يكون الميعاد هو الذي حددته المادة 713 من قانون المرافعات القديم في حالة عدم اشتراط ميعاد للحكم وهو ثلاثة أشهر من تاريخ تعيين المحكم وكان هذا التعديل لا يجوز إلا باتفاق الطرفين المحتكمين فإن حكم المحكم وقد صدر في 11 من أغسطس سنة 1948 وقبل انقضاء ثلاثة أشهر على تاريخ تعيين المحكم بالمشارطة المحررة في 24 من مايو سنة 1948 يكون قد صدر في الميعاد الذي حددته المادة 713 من قانون المرافعات القديم لصدور حكم المحكم في حالة عدم اشتراط ميعاد للحكم، أما عن النعي على الحكم المطعون فيه برفضه الطعن بالصورية على التاريخ الذي يحمله حكم المحكم فإنه لما كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد رد على هذا الطعن بقوله "ولا يؤبه إطلاقاً لما تدعيه المعارضتان من أن هذا التاريخ صوري وحقيقته 14/ 9/ 1948 وهو يوم إيداع الحكم ذلك أنهما لم يقيما دليلاً على زعمهما هذا التزوير بل يهدم قولهما ما أثبته المحكم في محضر أعماله بتاريخ 11/ 8/ 1948 من أنه عرض على وكيلهما استلام تقرير المحكم فلما لم يستلمه أرسل إليه خطاباً مسجلاً يكلفه بالحضور لاستلامه في 12/ 8/ 1948 قدم صورته ولم تتعرض المعارضتان في دفاعهما له ولم تنكراه" - وكانت الطاعنة لم تقدم صورة رسمية من المذكرة التي تدعي بأنها أنكرت فيها إرسال هذا الخطاب إلى وكيلها وكان ما قرره الحكم يكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص وكان من المقرر أن التاريخ الذي يثبته المحكم لحكمه يعتبر حجة على الخصم ولا يستطيع جحده إلا باتخاذ طريق الطعن بتزوير الحكم لأن حكم المحكم يعتبر ورقة رسمية شأنه في ذلك شأن الأحكام التي يصدرها القضاء وكانت الطاعنة لم تسلك هذا الطريق في طعنها فإن نعيها يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما سلف بيانه يتعين رفض الطعن.


(1) نفس المبدأ مقرر بالطعن رقم 587 سنة 25 ق بذات الجلسة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق