جلسة 27 من أبريل سنة 1961
برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.
--------------
(59)
الطعن رقم 18 لسنة 26 القضائية
حكم "عيوب التدليل" قصور "ما يعد كذلك"
إغفال الرد على دفاع جوهري يتغير به إن صح وجه الرأي في الدعوى يعيب الحكم بالقصور. مثال في دعوى حساب.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليهم الأربعة الأولين أقاموا الدعوى رقم 88 سنة 1936 مدني كلي الإسكندرية مختصمين مورث المطعون عليه الخامس المرحوم محمد سعيد علام ممثلاً في شخص وكيل تفليسته ومورث الطاعنين المرحوم سعد الله على علام بصفتهما ناظرين على أعيان وقف المرحوم الحاج علي علام. وطلبوا الحكم بإلزامهما بأن يقدما حساباً معززاً بالمستندات عن إيراد الوقف الأول وحده عن المدة من أغسطس سنة 1932 إلى فبراير سنة 1933، وبالتضامن مع الثاني عن المدة من مارس سنة 1933 حتى يوليه سنة 1935، مع بيان نصيبهم في الريع وإلا عين خبير لعمل الحساب وفى 23/ 6/ 1936 وجه مورث الطاعنين دعوى الضمان إلى مورث المطعون عليه الخامس وطلب فيها إلزامه بما عسى أن يحكم به عليه. فقضت المحكمة بتقديم الحساب وندبت خبيراً لفحصه. وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة في خصوص المدة الأولى بإلزام مورث المطعون عليه الخامس وحده بأن يدفع للمطعون عليهم الأربعة الأولين مبلغ 143 جنيهاً و864 مليماً وبإعادة المأمورية للخبير لتصحيح الحساب عن المدة الثانية بجعله من نوفمبر سنة 1933 حتى أبريل سنة 1935 وفي 25/ 5/ 1942 قضت المحكمة بإلزام مورث المطعون عليه الخامس ممثلاً في شخص وكيل التفليسة وورثة المرحوم سعد الله علام بأن يدفعوا متضامنين إلى المطعون عليهم الأربعة الأولين. الأول من ماله الخاص والآخرين من تركة مورثهم مبلغ 263 جنيهاً و475 مليماً وفى دعوى الضمان بإلزام مورث المطعون عليه الخامس بأن يدفع لورثة المرحوم سعد الله علام مبلغ 226 جنيهاً. استأنف ورثة المرحوم سعد الله علام هذا الحكم. وقيد استئنافهم أمام محكمة استئناف الإسكندرية برقم 154 سنة 10 ق. وبتاريخ 20/ 11/ 1955 قضت المحكمة الاستئنافية برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعنون في 11 من يناير سنة 1956 بواسطة محاميهم بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض طالبين نقضه وإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من إلزامهم متضامنين مع مورث المطعون عليه الخامس بأن يدفعوا إلى المطعون عليهم الأربعة الأولين مبلغ 263 جنيهاً و475 مليماً والحكم بعدم قبول دعوى هؤلاء ضدهم عن المدة من نوفمبر سنة 1933 إلى آخر أبريل سنة 1935، أو برفضها، واحتياطياً نقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة استئناف الإسكندرية. وبتاريخ 27 من أبريل سنة 1960 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية. وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها طالبة نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه للقصور في التسبيب أنهم أثاروا أمام محكمة الموضوع ضمن دفاعهم أن مورثهم لم يشترك في أي عمل من أعمال إدارة الوقف ولم يقبض شيئاً من غلته إلا ابتداءً من أول مايو سنة 1935 بموجب الاتفاق المعقود في 27 من أبريل سنة 1935 بينه وبين الناظر الأصيل المرحوم محمد سعيد علام، حتى آخر يوليه سنة 1935 حين صدر حكم المحكمة الشرعية بعزلهما - واستندوا في التدليل على صحة ادعائهم إلى أن مورثهم أقام الدعوى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الشرعية بطلب عزل مورث المطعون عليه الخامس من النظر، وأنه لما حكم في هذه الدعوى ابتدائياً في 4 من نوفمبر سنة 1933 بضم مورثهم إلى الناظر الأصيل، لم يقبل مورثهم هذا الحكم ولم ينفذه، ولكنه استأنفه لرغبته في الانفراد بالنظر حتى لا يشترك مع ناظر آخر هو في رأيه غير صالح له. وأن هذا الاستئناف ظل قائماً حتى سنة 1935 إلا أن الحكم المطعون فيه قرر مسئولية مورث الطاعنين عن إدارة الوقف منذ تاريخ صدور حكم المحكمة الابتدائية الشرعية في نوفمبر سنة 1933، فقد جاء بالحكم الابتدائي في هذا الخصوص أن مورث الطاعنين لم يقم بأي عمل أو إجراء قانوني يشير إلى أنه لم يقبل تعيينه ناظراً منضماً، وأيدته في هذا النظر المحكمة الاستئنافية بحكمها المطعون فيه، فأغفلت بذلك دفاع الطاعنين السالف الذكر.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن هذا الوجه من الدفاع الذي يثيره الطاعنون في سبب النعي قد أبدوه أمام محكمة الموضوع بأن تناولوه بمذكراتهم المقدمة إلى محكمة أول درجة والمودع صورة رسمية منها بملف الطعن، فقالوا إن مورثهم طلب من المحكمة الابتدائية الشرعية عزل الناظر الأصلي والانفراد هو بالنظر، ولكنها في 4 من نوفمبر سنة 1933 عينته ناظراً منضماً إلى الناظر الأصلي فلم يقبل هذا الحكم، ورفض تنفيذه، واستأنفه متمسكاً بطلب الانفراد بالنظر وظل الاستئناف قائماً إلى سنة 1935، وما كان له أن يتخذ أي إجراء أو يمنع على الناظر الأصيل بقاء الغلة تحت يده قبل الفصل استئنافياً في دعوى العزل، إلا أن محكمة أول درجة قررت أن مورث الطاعنين عين ناظراً منضماً في نوفمبر سنة 1933 ولم يقم بأي عمل أو إجراء قانوني يشر إلى أنه لم يقبل تعيينه ناظراً منضماً، دون أن تعني بتحقيق دفاع الطاعنين السالف الذكر أو الرد عليه. وتابعها في هذا الموقف الحكم المطعون فيه رغم ما هو ثابت من إصرار الطاعنين على التمسك بهذا الدفاع بصحيفة الاستئناف والمذكرة المقدمة منهم إلى المحكمة الاستئنافية والمودع صورة رسمية من كل منهما بملف الطعن، ولما كان دفاع الطاعنين على النحو المتقدم دفاعاً جوهرياً يتغير به - إن صح - وجه الرأي في الدعوى فإن إغفال الرد عليه يعيب الحكم بالقصور ويستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق