جلسة 9 من ديسمبر سنة 2021
برئاسة السيد القاضي / عبــد التواب أبو طالب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / صفوت أحمد عبد المجيد ، سامح حامد ، طارق سلامة وهشام رسمي نواب رئيس المحكمة .
-------------------
(100)
الطعن رقم 1109 لسنة 91 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشهود . مفاده ؟
تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
بقاء شخصية المصدر السري غير معروفة وعدم الإفصاح عنها . لا يعيب الإجراءات اطمئنان المحكمة إلى حدوث الضبط والتفتيش في مكان معين . موضوعي . المنازعة في ذلك أمام محكمة النقض . غير جائزة .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . إثبات " أوراق رسمية " .
خضوع أدلة الدعوى لتقدير القاضي ولو كانت أوراق رسمية . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير مقبول .
مثال .
(4) استيقاف . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . حظر التجوال .
الاستيقاف وفقاً للمادة 24 إجراءات جنائية . ماهيته ؟
تقدير قيام المبرر للاستيقاف وتوافر حالة التلبس . موضوعي . حد ذلك ؟
استيقاف الضابط للطاعن حال سيره وقت الحظر المقرر درءاً لتداعيات فيروس كورونا طبقاً للقرار 1196 لسنة 2020 وتخليه إرادياً عن المخدر . تلبس يبيح القبض والتفتيش .
مثال .
(5) دفوع " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفاء صلة الطاعن بالمخدر . موضوعي . لا يستلزم رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي اطمأنت لها المحكمة .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . مواد مخدرة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم . لها تعديله متى رأت رد الواقعة للوصف القانوني السليم . اقتصار تعديلها على استبعاد قصد الاتجار بالمخدر . لا يقتضي تنبيه الدفاع . علة ذلك ؟
---------------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الملازم أول .... وما ثبت بتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لتلك الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له.
2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبا يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وأن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له وحجبهم عن أداء الشهادة لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، ولا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المصدر السري الذي اختاره رجل الضبط القضائي لمعاونته في مهنته غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي ، وأن اطمئنان المحكمة إلى حدوث عملية الضبط والتفتيش في مكان معين هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها ولا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال ضابط الواقعة واقتناعه بوقوع عملية الضبط على الصورة التي شهد بها ، فإن مايثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الضابط شاهد الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مجادلتها فيها أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
3- من المقرر أن أدلة الدعوى تخضع في كل الأحوال لتقدير القاضي ولو كانت أوراق رسمية ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها من باقي الأدلة ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط - شاهد الإثبات - والتفتت عن البرقية التلغرافية المرسلة من أهلية الطاعن والمستندات الأخرى التي قدمها للتدليل على صحة دفاعه ، فإن ما يثيره في هذا الشأن ينحل إلى عود إلى الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
4- من المقرر أن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف ، وهو أمر مباح لرجال السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الريب والظن على نحو ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقته عملاً بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه ، وأن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها وبغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتها الحكم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سليم واستدلالٍ سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائي الذي قام باستيقاف الطاعن حال سيره الساعة الواحدة صباحاً يوم 15/6/2020 أثناء سريان وقت الحظر المقرر بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1196 لسنة 2020 وسأله عن تحقيق شخصيته فتبين له عدم حملها ، وعندئذ ألقى لرؤيته كيس بلاستيك فقام بالتقاطه وبفضه تبين وجود المادة المخدرة به فقام بضبطه وبتفتيشه عثر على باقي المادة المخدرة ، وأبان الحكم أن تخلي الطاعن عن المخدر لم يكن وليد سعي مقصود أو إجراء غير مشروع بل كان عن طواعية واختياراً إثر تخلي الطاعن عن الكيس البلاستيك ، وأن الضابط قبض على المتهم وقام بتفتيشه بعد أن تبين أن الكيس يحوي المادة المخدرة ، يستوي في ذلك أن يكون المخدر ظاهراً من الكيس البلاستيك أو غير ظاهر ما دام أن الطاعن قد تخلى عنه باختياره ، وكان هذا الذي ساقه الحكم للتدليل على صحة إجراءات القبض والتفتيش يتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول .
5- من المقرر أن الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفاء صلة الطاعن بالمخدر المضبوط - الذي هو نفي للتهمة - من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم في الأصل من المحكمة رداً خاصاً اكتفاءً بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، فضلاً عن أن الحكم قد عرض لهذا الدفاع واطرحه برد كاف وسائغ ويتفق وصحيح القانون ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
6- من المقرر أن الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم ؛ لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن ، وكان مرد التعديل هو قيام الدليل على أن الطاعن أحرز المخدر بقصد التعاطي دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد ، وكانت جريمة إحراز المخدر بقصد التعاطي وهو الوصف الذي نزلت إليه المحكمة أخف من إحرازه بقصد الاتجار ، فإن ذلك لا يقتضي تنبيه الدفاع ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير قويم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... ، 2- .... الطاعن بأنه :-
- أحرزا جوهراً مخدراً ( الهيروين ) بقصد الاتجار في غير الأحـوال المصـرح بها قانوناً .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهما طبقـاً للقيـد والوصـف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المـذكورة قضـت حضورياً عمـلاً بـالمواد 1 ، 2 ، 37 /1 ، 42 /1 من القــانون رقـم 182 لسنة 1960 المعـدل بالقانون رقـم 122 لسـنة 1989 ، والبند رقـم (2) مـن القسم الأول مـن الجدول رقم (1) الملحـق بالقـانون الأول والمستبدل بقـرار وزير الصحة رقم 46 لسـنة 1997 ، مع إعمـال نـص المـادة 17 مـن قانون العقوبات ، بمعاقبتهما بالسجن ثـلاث سنوات وتغريمهما مبلغ عشرة آلاف جنيه عما أسـند إليهما مـن اتهام وألزمتهما المصاريف الجنائية ومصادرة المخدر المضبوط وذلـك باعتبار أن إحـراز جـوهر الهيروين المخدر كان بقصد التعاطي .
فطعن المحكوم عليه حضورياً في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
------------------
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر الهيروين المخدر بقصد التعاطي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أن أسبابه حررت في صورة عامة مجملة ، واعتنق صورة للواقعة غير صورتها الحقيقة وأورد على ثبوت الصورة التي اعتنقها أقوال ضابط الواقعة وحده والتي لا تجدي في إثبات ارتكابه الجريمة لتناقض أقواله وانفراده بالشهادة وحجبه أفراد القوة المرافقة له عن أدائها وعدم إفصاحه عن المصدر السرى بما يبعث على الشك فيها ، خاصة وأنه نفى وقوع عملية الضبط كما رواها ضابطها وأن القبض عليه تم في منزله ولم يضبط مع ممنوعات ، فضلاً عن أنه لا يعرف المحكوم عليه الآخر ولم يره إلا في سيارة الشرطة ، واطرح الحكم في هذا الشأن البرقية التلغرافية المرسلة من أهليته والمستندات الأخرى التي قدمها للتدليل على صحة دفاعه ، ورد الحكم بما لا يصلح رداً على دفاعه القائم على بطلان استيقافه لانتفاء مبرراته ، وبطلان إجراءات القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس خاصة وأن ضابط الواقعة لم يتبين كنه المادة المخدرة إلا بعد القبض عليه ، وعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفاء صلته بالمخدر المضبوط ، وعدلت المحكمة وصف التهمة المسندة إليه من إحراز للمخدر بقصد الاتجار إلى الإحراز بقصد التعاطي دون أن تنبه الدفاع إلى ذلك التعديل ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الملازم أول .... وما ثبت بتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لتلك الأدلة على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبا يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وأن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المرافقة له وحجبهم عن أداء الشهادة لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، ولا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المصدر السري الذي اختاره رجل الضبط القضائي لمعاونته في مهنته غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي ، وأن اطمئنان المحكمة إلى حدوث عملية الضبط والتفتيش في مكان معين هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بالفصل فيها ولا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال ضابط الواقعة واقتناعه بوقوع عملية الضبط على الصورة التي شهد بها ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال الضابط شاهد الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مجادلتها فيها أو مصادر لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أدلة الدعوى تخضع في كل الأحوال لتقدير القاضي ولو كانت أوراق رسمية ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي استخلصها من باقي الأدلة ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط - شاهد الإثبات - والتفتت عن البرقية التلغرافية المرسلة من أهلية الطاعن والمستندات الأخرى التي قدمها للتدليل على صحة دفاعه ، فإن ما يثيره في هذا الشأن ينحل إلى عود إلى الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاستيقاف هو إجراء يقوم به رجل السلطة العامة في سبيل التحري عن الجرائم وكشف مرتكبيها ويسوغه اشتباه تبرره الظروف ، وهو أمر مباح لرجال السلطة العامة إذا ما وضع الشخص نفسه طواعية منه واختياراً في موضع الريب والظن على نحو ينبئ عن ضرورة تستلزم تدخل المستوقف للتحري والكشف عن حقيقته عملاً بحكم المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان الفصل في قيام المبرر للاستيقاف أو تخلفه من الأمور التي يستقل بتقديرها قاضي الموضوع بغير معقب ما دام لاستنتاجه ما يسوغه ، وأن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها وبغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتها الحكم . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في منطق سليم واستدلالٍ سائغ وبما يتفق وحكم القانون إلى مشروعية ما قام به رجل الضبط القضائي الذي قام باستيقاف الطاعن حال سيره الساعة الواحدة صباحاً يوم 15/6/2020 أثناء سريان وقت الحظر المقرر بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1196 لسنة 2020 وسأله عن تحقيق شخصيته فتبين له عدم حملها ، وعندئذ ألقى لرؤيته كيس بلاستيك فقام بالتقاطه وبفضه تبين وجود المادة المخدرة به فقام بضبطه وبتفتيشه عثر على باقي المادة المخدرة ، وأبان الحكم أن تخلي الطاعن عن المخدر لم يكن وليد سعي مقصود أو إجراء غير مشروع بل كان عن طواعية واختياراً إثر تخلي الطاعن عن الكيس البلاستيك ، وأن الضابط قبض على المتهم وقام بتفتيشه بعد أن تبين أن الكيس يحوي المادة المخدرة ، يستوي في ذلك أن يكون المخدر ظاهراً من الكيس البلاستيك أو غير ظاهر ما دام أن الطاعن قد تخلى عنه باختياره ، وكان هذا الذي ساقه الحكم للتدليل على صحة إجراءات القبض والتفتيش يتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبوللما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة وانتفاء صلة الطاعن بالمخدر المضبوط - الذي هو نفي للتهمة - من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم في الأصل من المحكمة رداً خاصاً اكتفاءً بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، فضلاً عن أن الحكم قد عرض لهذا الدفاع واطرحه برد كاف وسائغ ويتفق وصحيح القانون ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم ؛ لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم ، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة ودارت حولها المرافعة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعن ، وكان مرد التعديل هو قيام الدليل على أن الطاعن أحرز المخدر بقصد التعاطي دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عنصر جديد ، وكانت جريمة إحراز المخدر بقصد التعاطي وهو الوصف الذي نزلت إليه المحكمة أخف من إحرازه بقصد الاتجار ، فإن ذلك لا يقتضي تنبيه الدفاع ، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير قويم . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق