جلسة 20 من أبريل سنة 1961
برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، وإبراهيم عثمان يوسف، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.
--------------
(51)
الطعن رقم 152 لسنة 26 القضائية
(أ) صورية. أثر الصورية على الغير. عقد. بيع:
حق الغير حسن النية في التمسك بالعقد الظاهر المسجل. عدم جواز الاحتجاج عليه بورقه غير مسجلة تفيد التقايل من التعاقد ولو كان مؤشراً بمضمونها على هامش تسجيل العقد الظاهر.
(ب) نقض. "المصلحة في الطعن" بيع. ثمن البيع.
مطالبة المشتري بثمن المبيع من شأن البائع له وحده. ليس لسلف البائع أن يتمسك بعدم سداد المشتري من خلفه بباقي الثمن ولا مصلحة له في ذلك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة رفعت الدعوى رقم 4432 سنة 1941 كلي مصر بصفتها قيمة على زوجها المذنب قاسم فهمي السيد ضد المطعون عليها الأولى طالبة الحكم ببطلان عقد بيع مسجل في 3 أغسطس سنة 1941 يتضمن بيعه لها 9 س و5 ط و16 ف مبينة بعريضة الدعوى بثمن مقداره 334 جنيهاً وقالت شرحاً لدعواها أن زوجها المحجوز عليه شقيق للمطعون عليها الأولى وأن عقد البيع سالف الذكر هو في حقيقته عقد صوري وأن المشترية لم تدفع شيئاً من الثمن على خلاف ما ذكر بالعقد من أنها دفعت الثمن بأكمله وقدمت إثباتاً لدعواها هذه ورقة موقعاً عليها من المطعون عليها الأولى تقر فيها بصورية العقد وأنها تتعهد بدفع ثمن هذه الأطيان إذا هي تصرفت فيها فطعنت المطعون عليها الأولى في هذه الورقة بالتزوير. كذلك رفع المطعون عليه الثاني الدعوى رقم 2062 سنة 948 كلي مصر على المطعون عليها الأولى طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد بيع ابتدائي مؤرخ 22 نوفمبر سنة 1946 يتضمن بيعها له الأطيان سالفة الذكر بثمن مقداره 811 جنيهاً و199 مليماً دفع منه عند التعاقد مبلغ 200 جنية واحتفظ بالباقي لسداد دين على الأطيان لبنك الأراضي المصري، تدخلت الطاعن خصماً ثالثاً في هذه الدعوى كما تدخل المطعون عليه الثاني خصماً في دعواها واعترض كل منهما على طلبات الآخر، قبلت المحكمة تدخلهما وضمت الدعويان فقدمت الطاعنة عقد صلح تحرر بينها وبين المطعون عليها الأولى تقر فيه هذه الأخيرة بصحة ورقة الضد وتنازلها عن دعوى التزوير وبحق الطاعنة في طلب الحكم ببطلان عقد البيع الصادر إليها من المحجور عليه وطلبت الطاعنة إلحاق عقد الصلح بمحضر الجلسة وإثبات ما تضمنه فيه ورفض دعوى المطعون عليه الثاني، اعترض المطعون عليه الثاني على طلبات الطاعنة وقال إن الطاعنة والمطعون عليها الأولى متواطئان على ضياع حقه وأن الأوراق التي تحتج بها الطاعنة قد اصطنعت لتأييد دعواها التي رفعت بالتواطؤ بينها وبين المطعون عليها الأولى لم يكن طعنها بالتزوير ثم تحرير عقد الصلح إلا إجراءات شكلية الغرض منها الإيهام بجدية تلك الدعوى حتى يصلا من ذلك إلى الحكم برفض دعواه، قضى في 25 من ديسمبر سنة 1950 برفض دعوى الطاعنة وبصحة ونفاذ عقد البيع الصادر إلى المطعون عليه الثاني فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم كما استأنفته المطعون عليها الثانية وقيد الاستئنافان برقمي 283 و289/ 68 ق وقد ضم الاستئنافان ثم قضى في 12 من نوفمبر سنة 1953 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها الأولى أن المطعون عليه الثاني كان يعلم بوجود ورقة الضد عند تعاقدهما وقد كلفت المحكمة المطعون عليه الثاني بتقديم كشف من بنك الأراضي يبين ما يخص الأطيان المبيعة من الدين... ومقدار ما دفعه وإيداع الباقي خزانة المحكمة... ثم قضى في 26 من أبريل سنة 1955 بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه التي لا تتعارض مع الأسباب التي أضافتها إليها محكمة الاستئناف فطعنت الطاعنة وحدها في هذا الحكم وقدمت النيابة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه، وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة، ثم أعلن تقرير الطعن مؤشراً عليه بقرار الإحالة بناءً على طلب قاسم فهمي السيد وبعد رفع الحجر عنه. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على رأيها الوارد بمذكرتها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب حاصل الأول منها أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على أنه لا جدوى لها من الاحتجاج على المطعون عليه الثاني بورقة الضد الصادرة من المطعون عليها الأولى لأن هذه الورقة غير مسجلة وأنه لا اعتداد بالتأشير بمضمونها على هامش العقد المسجل الصادر إلى المطعون عليها الأولى وهذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه ينطوي على فهم خاطئ لأحكام المادتين 15 و17 من القانون رقم 114 سنة 1946 الخاص بتنظيم الشهر العقاري إذ نصهما صريح في الاكتفاء بالتأشير في هامش سجل المحررات واجبة الشهر بما يقدم ضدها من الدعاوى التي يكون الغرض منها الطعن في التصرف.... وأنه يترتب على التأشير بتلك الدعاوى أن حق المدعي إذ تقرر بحكم مؤشر به طبقاً للقانون يكون حجة على من ترتبت لهم حقوق عينية ابتداءً من التأشير بالدعاوى.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من الاطلاع على الحكم الصادر بإحالة الدعوى إلى التحقيق أنه أقام قضاءه في خصوص ما تنعاه الطاعنة على قوله "إن ما تقرره المستأنفة - الطاعنة - مردود بأن التأشير بمضمون ورقة الضد على هامش العقد المسجل لا يؤدي إلا إلى إثبات تاريخها وإثبات التاريخ هذا ليس فيه إشهار للورقة حتى يعترض به على الغير بل تعتبر كما كانت قبل التأشير باقية في طي الكتمان والخفاء فلا تسري على المشتري - المطعون عليه الثاني - متى كان حسن النية ولا تأثير لها على حقوقه المستمدة من العقد الظاهر المسجل وبذلك لا يصح التمسك بالورقة ضد أبو الفضل إن ثبتت حسن نيته ولا يمكن أن يضار باتفاق سري لا يعلم به" ويبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه قال "وحيث إنه وقد عجزت السيدة جليلة - المطعون عليها الأولى - التي باعت للمستأنف عليه أبو الفضل إبراهيم عن إثبات علمه بالورقة المقدمة من السيدة فاطمة عوض عريان المهدي بصفتها والتي تقر فيها السيدة جليلة بصورية العقد الصادر لها من المحجور عليه، إزاء هذا العجز لا يمكن مساءلة أبو الفضل بمقتضى هذه الورقة واعتبارها حجة عليه لأنه أجنبي عنها وحررت على فرض صحتها في الخلفاء بعيداً عنه ولم تثبت البائعة علمه بها قبل صدور البيع إليه ومن ثم يكون ما أثارته السيدة فاطمة والسيدة جليلة بشأن حجية هذه الورقة علي أبو الفضل إبراهيم لا سند له من القانون"، وهذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه صحيح في القانون ذلك أنه متى كان الطاعن قد باع الأطيان موضوع النزاع إلى المطعون عليها الأولى بمقتضى عقد البيع المسجل في 3 من أغسطس سنة 1941 وكان المطعون عليه الثاني قد اشترى تلك الأطيان منها بعد أن اطمأن إلى ملكيتها لها فهو في حكم الغير بالنسبة للصورية وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن للغير حسن النية أن يتمسك بالعقد الظاهر متى كان هذا في مصلحته ولا يجوز أن يحاج بورقة غير مسجلة تفيد التقابل من الصفقة متى كان لا يعلم بصورية عقد تمليك البائع له (نقض 23 نوفمبر سنة 1944 و24 ديسمبر سنة 1953) لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم بالسبب الثاني من أسباب الطعن أنه مشوب بقصور يعيبه ذلك أنه قد رأى عدم الأخذ بورقة الضد استند في ذلك إلى الأسباب التي استند إليها الحكم الابتدائي وقال إنه يحيل عليها بما لا يتعارض مع أسبابه، وقضاء الحكم الابتدائي يقوم في هذا الصدد على ثلاثة أسباب أولها أن ورقة الضد مشوبة في تحريرها بما يبعث على الشك فيها والثاني أنها من الناحية القانونية لا حجية لها على المطعون عليه الثاني لأنها غير مسجلة والسبب الثالث أن الورقة من الناحية الموضوعية لا تفيد صورية عقد تمليك المطعون عليها الأولى، ويستطرد الطاعن من ذلك إلى بيان أوجه القصور التي يراها فيقول أنه بينما يأخذ الحكم المطعون فيه بهذه الأسباب إذا به يهمل الأول منها فيحيل الدعوى إلى التحقيق أما عن السبب الثاني فهو نفس الخطأ الذي وقع فيه الحكم المطعون فيه وأما الأمر الثالث فإن الحكم لم يفرق بين الإقرار بالصورية والجزاء المترتب على تصرف المطعون عليها الأولى في الأطيان مخالفة بذلك إقرارها، والتزامها في هذه الحالة بدفع ثمنها.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أن الحكم مقام في دعامته الأساسية على أن ورقة الضد لا تعتبر حجة على المطعون عليه الثاني لعدم علمه بصورية عقد تمليك البائعة له وهو تقرير صحيح لما ورد بيانه في الرد على السبب الأول ويكفي لحمله ومن ثم فالنعي على الحكم بهذا السبب في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث خطأه في تطبيق القانون إذ قضى بصحة ونفاذ عقد البيع المعقود بين المطعون عليها الأولى والمطعون عليه الثاني قبل أن يودع المطعون عليه الثاني باقي الثمن خزانة المحكمة ولا يغير من هذا النظر قول الحكم إنه لا يمكن مؤاخذته عن عدم الوفاء بباقي الثمن إذ أنه قد استحال عليه الحصول من بنك الأراضي المصري على الكشف الذي كلفته المحكمة بالحصول عليه وكان ذلك بفعل الطاعنة إذ أرسلت إنذاراً إلى البنك نبهت عليه فيه بعدم إعطاء المطعون عليه الثاني أي بيان، وهذا الذي ذكره الحكم ما كان ليعفي المطعون عليه الثاني من إيداع باقي الثمن جمعية خزانة المحكمة على ذمة البائعة وبنك الأراضي.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لا مصلحة للطاعن فيه ولا جدوى له منه لأن المطالبة بباقي الثمن من شأن المطعون عليها الأولى وحدها.
وحيث إنه يبين من ذلك أن الطعن لا يقوم على أساس ويتعين رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق