الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 22 فبراير 2025

الطعن 96 لسنة 26 ق جلسة 18 / 5 / 1961 مكتب فني 12 ج 2 ق 72 ص 485

جلسة 18 من مايو سنة 1961

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.

-----------------

(72)
الطعن رقم 96 لسنة 26 القضائية

إثبات. "الإثبات بالبينة".
جواز الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة في حالة فقد الدائن السند الكتابي لسبب أجنبي لا يد له فيه. إهمال محامي الدائن في المحافظة على السند وفقده لا ينصرف أثر ذلك للدائن إنما يعد فقد السند راجعاً إلى سبب لا يد للدائن فيه.

--------------------
أجازت المادة 403/ 2 من القانون المدني الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذ فقد الدائن سنده الكتابي لسبب أجنبي لا يد له فيه ولا يرجع إلى فعل الدائن أو إهماله، كأن يكون فقد السند نتيجة لإهمال محامي الدائن أو موظفي مكتبه في المحافظة عليه. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد أحال الدعوى إلى التحقيق لإثبات فقد السند المبرئ لذمة المطعون عليه استناداً إلى أن هذا السند كان موجوداً وسلمه إلى محاميه ليقدمه في الدعوى التي أقامها الطاعن وفقد بإهمال موظفي مكتب المحامي فإنه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 880 سنة 1950 على المطعون عليه وآخرين طلب فيها الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 552 جنيهاً و600 مليم والمصاريف والفوائد. وأسس دعواه على أنه توسط كسمسار في بيع قطعة أرض إلى المطعون عليه وتمت الصفقة نتيجة وساطته وحرر عنها عقد بيع ابتدائي إلا أن هذا العقد فسخ باتفاق طرفيه وأن هذا الفسخ لا يؤثر على حقه في اقتضاء السمسرة - واستند في إثبات الدعوى إلى إقرار موقع من المطعون عليه محرر في 15/ 5/ 1950 تضمن أن البائعتين فوضتا الطاعن في بيع قطعة أرض مملوكة لهما وأن المطعون عليه قبل شرائها وحرر بينه وبين البائعتين عقد ابتدائي إلا أن البائعتين رفضتا التوقيع على العقد النهائي لعدم قبولهما تنفيذ الشرط المتفق عليه في العقد الابتدائي من تسلم الأرض المبيعة إلى المشتري - وفي 10 من يونيو سنة 1951 قضت المحكمة بإلزام المطعون عليه بأن يدفع إلى الطاعن مبلغ 276 جنيهاً و300 مليم والفائدة بواقع 4% سنوياً - وقضت له على البائعتين بمثل هذا المبلغ - وأوردت المحكمة في أسباب حكمها أن الحاضر عن المطعون عليه طلب إخراجه من الدعوى دون أن يبين أساس هذا الطلب - استأنف المطعون عليه الحكم بالاستئناف رقم 380 سنة 7 ق الإسكندرية - وفي 5 من أبريل سنة 1953 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما تمسك به المطعون عليه من أن الطاعن تنازل عن مطالبته بالسمسرة اكتفاء بمطالبته البائعتين اللتين حصل فسخ عقد البيع بفعلهما وأنه قد تحرر عن هذا التنازل إقرار من الطاعن في مكتب أحد المحامين وسلم لمحامي المطعون عليه الذي كلف كاتب مكتبه بإيداعه في حافظة لتقديمه بملف الدعوى الابتدائية ولكنه فقد بعد ذلك نتيجة خطأ وإهمال كاتب المكتب وبعد أن سمعت المحكمة شهود المطعون عليه قضت في 15 من ديسمبر سنة 1954 بإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة للمطعون عليه ورفض دعوى الطاعن قبله. وأقامت حكمها على ما ثبت من أقوال شهود المطعون عليه من تحرير إقرار بتنازل الطاعن عن مطالبة المطعون عليه بالسمسرة وفقد هذا الإقرار من مكتب محامي هذا الأخير وعلى ما تدل عليه مجريات الأمور أمام محكمة أول درجة من طلب محامي المطعون عليه إخراجه من الدعوى بلا مصاريف. فطعن الطاعن في هذا الحكم وفى الحكم التمهيدي الصادر في 5 من أبريل سنة 1953 بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون التي قررت بجلسة 18 من مايو سنة 1960 إحالته إلى هذه الدائرة - وقدمت النيابة مذكرة بعد الإحالة صممت فيها على طلبها رفض الطعن ولم يبد المطعون عليه دفاعاً.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب يتحصل أولها في النعي على الحكمين بالخطأ في تطبيق القانون إذ أخذ بدليل غير مقبول في إثبات عكس ما هو ثابت في مستند كتابي ارتكانا على المادة 403/ 2 من القانون المدني التي تجيز الاستثناء من قواعد الإثبات العامة إذا فقد الدائن سنده الكتابي لسبب أجنبي لا يد له فيه في حين أن واقعة فقد السند المدعى بها جاءت في صورة متخاذلة متراخية لخدمة الدعوى أمام محكمة الاستئناف بما لا يضفى عليها الجدية والصدق فضلاً عن عدم ثبوت وجود السند المدعى بفقده على وجه قطعي. كما أن فقد السند بطريق الإهمال لا يدخل في نطاق ما نصت عليه المادة المذكورة من أن يكون فقد السند لسبب لا يد للدائن فيه إذ لا يعتبر الإهمال سبباً قهرياً طالما هو ناشئ عن فعله أو فعل وكيله مما يحول دون إجازة الإثبات بالبينة. ويتحصل السبب الثاني في أن الحكمين شابهما خطأ في تطبيق القانون إذ أن ما يباشره المحامي الوكيل عن الخصم يرتد إلى ذمة موكله سواء كان ذلك عن تصرفات قانونية أو أفعال مادية. فإذا ما وقع من الوكيل في أثناء قيامه بمهام الوكالة ما تتوافر به المسئولية التقصيرية انتقل ذلك إلى الأصيل وانشغلت بها ذمته مما يتعين معه اعتبار مسئولية فقد السند المسلم إلى المحامي في ظل وكالته مرتدة إلى الأصيل وتعتبر حيازته للسند لا زالت مستمرة ومن ثم فإن فقد السند من الوكيل لا يعد سبباً أجنبياً لا يد للموكل فيه - ويتحصل السبب الثالث في أن الحكم التمهيدي مشوب بالقصور لأنه إذ سلم بأن فقد السند المدعى به حصل بإهمال الوكيل فكان عليه أن يتناول بحث عقد الوكالة في خصوص أثر الصلات الناشئة عنه بين طرفيه والتمثيل الكامل أو الناقص بينهما وتعدي تصرفات الوكيل إلى الموكل وأن يتناول أيضاً بحث الإهمال الذي وقع من الوكيل وهل يتعدى أثره إلى الأصيل كما كان يتعين على الحكم استظهار وجه القياس بين الإهمال والحادث الجبري في حكم المادة 403/ 2 مدني ولكن الحكم قصر في تناول هذه الأبحاث بما يعيبه فضلاً عن أن الحكم القطعي مشوب بفساد الاستدلال فيما أورده من أن الإقرار الموقع عليه من الطاعن والذي استند إليه الأخير في إثبات دعواه لا بد أن يكون له مقابل من جانب السمسار يتمثل في السند الذي ادعى المطعون عليه فقده.
وحيث إن النعي في جميع وجوهه مردود بأن الفقرة الثانية من المادة/ 403 من القانون المدني أجازت الإثبات بالبينة فيما كان يجب إثباته بالكتابة إذا فقد الدائن سنده الكتابي لسبب أجنبي لا يد له فيه - ولما كان دفاع المطعون عليه قام على أن الطاعن حرر سنداً بالتنازل عن السمسرة وأنه - أي المطعون عليه - سلم هذا السند إلى المحامي الوكيل عنه ليقدمه في الدعوى التي أقامها الطاعن وأن السند فقد بإهمال موظفي مكتب المحامي مما مؤداه أن فقد السند كان لسبب أجنبي لا يد للمطعون عليه فيه لأن السبب الأجنبي يتحقق إذا كان فقد السند لا يرجع إلى فعل الدائن أو إهماله - أما ما يثيره الطاعن من أن إهمال المحامي الوكيل عن المطعون عليه في المحافظة على السند يرتد أثره إلى المطعون عليه بحكم وكالته عنه فمردود بأن وكالة المحامي وإن كانت تستلزم منه المحافظة على ما يعهد به إليه موكله من مستندات إلا أن إهماله في المحافظة عليها لا يمكن أن تنصرف آثاره إلى الموكل لأن الفقد في هذه الصورة لم يكن من فعل الموكل أو نتيجة إهماله ومن ثم يتحقق السبب الأجنبي الذي لا يد للدائن فيه في حكم المادة 403/ 2 السالفة الذكر ويكون الحكم التمهيدي إذ أحال الدعوى إلى التحقيق لإثبات فقد السند على النحو الذي قرره المطعون عليه لم يخالف القانون - كما لم يخالفه الحكم القطعي فيما انتهى إليه من أن السند المبرئ لذمة المطعون عليه من الدين كان موجوداً وفقد لسبب أجنبي لا يد له فيه استناداً إلى شهادة الشهود وأما ما ينعاه الطاعن على الحكمين من قصور وفساد في الاستدلال فمردود بأن الحكم التمهيدي إذ أجاز الإثبات بالبينة أقام قضاءه على أن دفاع المطعون عليه إن صح يتحقق معه السبب الأجنبي الذي لا يد له فيه - في فقد السند ولم يكن الحكم في حاجة إلى بحث عقد الوكالة والصلات الناشئة عنه بين طرفيه ومدى تعدي تصرفات الموكل إلى الوكيل ما دام أن ما قرره من أن فقد السند من المحامي يعتبر سبباً أجنبياً بالنسبة للمطعون عليه لا يشوبه خطأ في تطبيق القانون - كما أن النعي على الحكم القطعي بفساد الاستدلال لا يخرج عن أن يكون مجادلة في تقدير الدليل وقد أقام الحكم قضاءه على ما ثبت في التحقيق من وجود السند وفقده وعلى ما ثبت من الحكم الابتدائي من أن محامي المطعون عليه طلب إخراجه من الدعوى بلا مصاريف وأن الإقرار الموقع عليه من المطعون عليه والذي استند إليه الطاعن في إثبات دعواه ضد البائعتين لا بد أن يكون له مقابل يتمثل في السند الذي ثبت للمحكمة فقده وهي أسباب سائغة يستقيم بها قضاء الحكم.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق