جلسة 8 من نوفمبر سنة 1961
برياسة السيد محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: فرج يوسف، وأحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، ومحمد عبد الحميد السكري المستشارين.
-----------------
(105)
الطعن رقم 127 لسنة 27 القضائية
(أ) اختصاص. قاضي الأمور المستعجلة. شروطه.
مناط اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالحكم في المسائل التي يخشى عليها من فوات الوقت هو قيام حالة الاستعجال وأن يكون المطلوب إجراء وقتياً لا يمس أصل الحق المتنازع عليه.
(ب) نقض. "أسباب الطعن".
سلطة قاضي الأمور المستعجلة في تقدير جدية المنازعة التي يثيرها المستأجر في دعوى الطرد. المجادلة في هذا التقدير لا يعد خطأ في مسألة اختصاص ولا يصلح سبباً للطعن بالنقض.
2 - متى كان ما أورده الحكم المطعون فيه لا يعدو أن يكون مجرد إجراء وقتي بناءً على ما استشفه القاضي المستعجل من تقديره لعدم جدية المنازعة التي أثارها الطاعن (المستأجر في دعوى الطرد) وليس من شأن هذا الإجراء الذي انتهى إليه المساس بأصل الحق أياً كان وجه الخطأ أو الصواب في هذا التقدير فهو لا يعتبر خطأ في مسألة اختصاص ولا يصلح سبباً للطعن في الحكم بطريق النقض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل أن المطعون عليها بصفتها أقامت الدعوى رقم 10483 سنة 1956 مستعجل القاهرة ضد الطاعن بطلب طرده من قطعة الأرض الفضاء المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى وإزالة ما عليها من مبانٍ وأنقاض، وقالت شرحاً لدعواها أنه بموجب عقد الإيجار المؤرخ أول شعبان سنة 1344 هـ استأجر الطاعن من وقف المرحوم على الترجمان المشمول بنظرها وحراستها قطعة أرض فضاء مبينة الحدود والمعالم في العقد لمدة سنة تجددت لمدة أخرى ثم أصبحت مشاهرة طلقاً لعقد الصلح المؤرخ 17/ 11/ 1948 وإذ سبق أن أنذرت الطاعن بعدم رغبتنها في تجديد العقد ورفعت الدعوى رقم 5220 لسنة 1956 مستعجل القاهرة بطلب طرده من العين المؤجرة وقضى بعدم اختصاص المحكمة بنظرها لعدم مراعاة مواعيد التنبيه فقد أعادت التنبيه عليه في الميعاد ورفعت هذه الدعوى تطلب الحكم لها بطلباتها. ودفع المدعى عليه بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها وبعدم اختصاص المحكمة بنظرها. وبتاريخ 8 من يناير سنة 1957 حكمت المحكمة (أولاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها (ثانياً) بقبول الدفع بعدم الاختصاص وبعدم اختصاصها بنظر الدعوى مع إلزام المدعية المصروفات وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. واستأنفت المطعون عليها هذا الحكم لدى محكمة القاهرة الابتدائية طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها وقيد استئنافها برقم 227 سنة 1957 س مصر وبتاريخ 20 من نوفمبر سنة 1957 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوعه (أولاً) بتأييد الحكم المستأنف فيما قضاه من رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى (ثانياً) بإلغاء الحكم المستأنف فيما عدا ذلك (ثالثاً) طرد المستأنف عليه من العين الموضحة بصحيفة افتتاح الدعوى والعقد المؤرخ أول شعبان سنة 1344 هـ وإزالة ما عليها من مبان وأنقاض وغيرها بحيث تسلم للمستأنف خالية وإلا أزالتها بمصروفات يترك أمر الفصل فيها لمحكمة الموضوع (رابعاً) إلزام المستأنف ضده بالمصروفات عن الدرجتين وثلثمائة قرش أتعاباً للمحاماة وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت المطعون عليها رفض الطعن وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وصممت على طلب رفض الطعن.
وحيث إن حاصل سبب الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فيما قضى به من رفض الدفع بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى استناداً إلى أن العقد الصادر من جهة الوقف إلى الطاعن هو عقد إيجار عن قطعة أرض فضاء ولمدة مشاهرة وقد انتهى بإبداء المؤجر رغبته في عدم تجديده في الميعاد القانوني بينما جرى دفاع الطاعن على أن العقد حكر لا إيجار وأنه انعقد لمدة سنة قابلة للتجديد لا لمدة مشاهرة وقد تعدلت شروطه بموجب عقد الصلح المؤرخ 17/ 11/ 1948 وأصبح مما يخضع لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 وكانت هذه الأمور جميعها محل نزاع جدي من جانبه ومع وجود هذا النزاع وجديته كان يتعين الحكم بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى إذ أن اختصاصه منوط بعدم المساس بأصل الحق.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة بالحكم في المسائل التي يخشى عليها من فوات الوقت وفقاً للمادة 49 من قانون المرافعات يتحقق بتوافر شرطين (الأول) أن يكون المطلوب إجراء لا فصلاً في أصل الحق (والثاني) قيام حالة استعجال يخشى معها من طول الوقت الذي تستلزمه إجراءات التقاضي لدى محكمة الموضوع فإذا أسفر الخلاف بين الخصوم عن قيام منازعة في أصل الحق المقصود حمايته بالإجراء المطلوب كان للقاضي أن يتناول مؤقتاً وفي نطاق حاجة الدعوى المستعجلة تقدير مبلغ الجد في المنازعة وأياً كان وجه الصواب أو الخطأ في تقديره هذا - فإن ذلك ليس من شأنه أن يحسم النزاع بين الخصمين في أصل الحق إذ هو تقدير وقتي عاجل يتحسس به القاضي المستعجل ما يبدو للنظرة الأولى أن يكون هو وجه الصواب في خصوص الإجراء المطلوب مع بقاء أصل الحق سليماً يتناضل فيه ذوو الشأن لدى محكمة الموضوع، وإذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى على أن "البادي من مطالعة عقد الإيجار أنه ينصرف إلى أرض فضاء فحسب ولا يغير من ماهيته في شيء مجرد إقامة المستأجر مبانٍ عليها أو إقرار المؤجر ذلك كما لا يغير من ذلك في شيء عقد الصلح المصدق عليه في القضية 936 سنة 1947 س مصر" وأنه "لا محل للقول بأن تفسير عقد الصلح يخرج عن اختصاص القضاء المستعجل طالما أن البادي منه دون حاجة إلى بحث أصل الحق والمساس بالموضوع أنه لم يتعرض بحال لطبيعة عقد الإيجار أو ملكية ما عليها (الأرض) من مبانٍ بل أقر الحال القائم وقتئذٍ وهو قبول المستأنفة قيام المباني على الأرض المؤجرة الأمر الذي يتفق وظاهر عقد الإيجار" وأنه "بالبناء على ما سلف يبين أن عقد الإيجار موضوع الدعوى انصب على أرض فضاء تخضع لأحكام القانون العام دون القانون 121 سنة 1947 وأنه طالما كان العقد مشاهرة طبقاً للتاريخ الميلادي من يوليه سنة 1948 الأمر الذي لم ينازع فيه وكان التعاقد على أرض فضاء كما سلف البيان كان التنبيه إذ لم ينص على موعده بالعقد فلا قيد له إلا أن يتم خلال النصف الأول من الشهر الأخير ولما كانت المستأنفة قد أنذرت المستأنف ضده بانتهاء عقده في 14/ 10/ 1956 وبعدم رغبتها في تجديده بعد شهر نوفمبر فمن ثم صاف ذلك التنبيه محله.. واستمرار المستأجر في وضع يده على العين بعد ذلك التاريخ يكون من طريق الغصب الذي ينبعث منه الخطر والضرر على حقوق المؤجرة وهما ركنا اختصاص القضاء المستعجل" - وهذا الذي قرره الحكم لا يعدو أن يكون مجرد إجراء وقتي بناءً على ما استشفه القاضي المستعجل من تقديره لعدم جدية المنازعة التي أثارها الطاعن للاعتبارات التي أوردها وليس من شأن هذا الإجراء الذي انتهى إليه المساس بأصل الحق وأياً كان وجه الخطأ أو الصواب في تقديره هذا فهو لا يعتبر خطأ في مسألة اختصاص ولا يصلح سبباً للطعن بطريق النقض.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق