جلسة 4 من مايو سنة 1961
برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: إبراهيم عثمان يوسف، وفرج يوسف، وأحمد زكي محمد ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.
----------------
(64)
الطعن رقم 653 لسنة 25 القضائية
عقد. "تفسير العقد". "التزام". "انقضاء الالتزام".
الانحراف عن المعنى الظاهر لعبارة العقد. مسخ. انقضاء الالتزام بانتهاء الأجل المحدد له.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 1549 سنة 1950 كلي الإسكندرية على الطاعن وآخر طلباً الحكم بإلزامهما متضامنين بمبلغ 750 جنيهاً ثمن المنقولات المملوكة له والتي بدداها مع إلزامهما بالمصروفات وأتعاب المحاماة وأثناء سير هذه الدعوى أقام المطعون عليه نفس المحكمة الدعوى رقم 12 سنة 1951 كلي الإسكندرية على الطاعن طالباً الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 750 جنيهاً مقابل استغلاله المنقولات موضوع الدعوى الأولى في المدة التي وضع يده عليها فيها من ديسمبر سنة 1948 حتى ديسمبر سنة 1950 وذكر المطعون عليه في عريضة دعواه الثانية شرحاً لهذه الدعوى أنه في 3 من يناير سنة 1948 استأجر وشريك له من الطاعن دار سينما عدن بجميع آلاتها لمدة سنة بأجرة شهرية مقدارها 35 جنيهاً وجهز الدار بالمنقولات اللازمة لها من مقاعد ومناضد ومصابيح وغيرها وكلفتهما هذه المنقولات مبلغ 800 جنية وفي 15 من يونيه سنة 1948 تنازل شريك المطعون عليه له عن حصته في السينما وفي المنقولات وأصبحت ملكية هذه المنقولات خالصة له وبسبب عجزه عن دفع إيجار السينما إلى الطاعن أوقع الأخير ضده حجزاً تحفظياً على تلك المنقولات وأتبع ذلك برفع دعوى بمطالبته بالأجرة ودعوى طرد مستعجلة أمام محكمة المختلطة وفي 30 من يونيو سنة 1948 عقد اتفاق بين الطاعن والمطعون عليه على فسخ عقد الإيجار المحرر في 3 يناير سنة 1948 ونص في هذا الاتفاق على تنازل الأول عن الأجرة المستحقة له وعن جميع دعاواه وحقوقه قبل الثاني وعلى أن يسلم المطعون عليه إلى الطاعن دار السينما بما فيها من المنقولات المملوكة للأول ليستغلها الطاعن بمعرفته لحسابه الخاص إلى أن يجد لها بمعرفته أو يقدم له المطعون عليه مستأجراً لها بإيجار شهري قدره 35 جنيهاً فإن وجد هذا المستأجر فيكون للمطعون عليه نصف المبلغ الذي يدفعه ذلك المستأجر وكل ذلك في أجل غايته خمسة أشهر من تاريخ تحرير الاتفاق سالف الذكر أي ينتهي الأجل في أول ديسمبر سنة 1948 واستطرد المطعون عليه في صحيفة دعواه قائلاً إنه على هذا الأساس كانت تنتهي فترة استغلال الطاعن للسينما بمعرفته سواء لحسابه الخاص أو بتأجيرها للغير في آخر شهر نوفمبر سنة 1948 إلا أن الطاعن استمر مستغلاً للسينما بعد ذلك بدون إذن منه الأمر الذي جعله يرسل إلى الطاعن خطاباً موصى عليه في 6 يناير سنة 1949 يطالبه فيه بتسليم المنقولات ودفع أجرة استغلالها ولما لم يذعن الطاعن لهذا الطلب أقام عليه الدعوى رقم 806 سنة 1949 كلي
الإسكندرية يطالبه فيها بتسليم هذه المنقولات وتثبيت الحجز الاستحقاقي الذي كان قد أوقعه عليها في 30 يونيه سنة 1949 وقضي له بهذه الطلبات بتاريخ 6 فبراير سنة 1950 وأصبح هذا الحكم نهائياً ولما أراد تنفيذه بالتسليم اتضح للمحضر الذي قام للتنفيذ في يوم 23 يوليو سنة 1950 عدم وجود المنقولات المحكوم بتسليمها فأقام المطعون عليه الدعوى رقم 1549 سنة 1950 سالفة الذكر على الطاعن والشخص الذي عين حارساً على المنقولات المحجوز عليها يطالبهما بقيمتها على اعتبار أنهما بدداها ثم شفع هذه الدعوى بالدعوى رقم 12 سنة 1951 التي رفعها على الطاعن وحده مطالباً إياه بمقابل استغلاله لهذه المنقولات في الفترة التي كانت فيها المنقولات تحت يده بواقع ثلاثين جنيهاً شهرياً من ديسمبر سنة 1948 لغاية تاريخ رفع هذه الدعوى في ديسمبر سنة 1950 - وقد ضمت المحكمة الدعويين وأصدرت فيهما بتاريخ 28 مايو سنة 1951 حكماً بالإحالة إلى التحقيق ليثبت المدعى عليهما (الطاعن والحارس) بكافة طرق الإثبات أن المنقولات المبينة بمحضر الحجز المؤرخ 30 يونيه سنة 1949 والتي حكم في 6 فبراير سنة 1950 بتسليمها للمدعى (المطعون عليه) لا تزال موجودة بالسينما ولم يبدد منها شيء وصرحت للأخير بالنفي بذات الطرق وبعد أن نفذ هذا الحكم قضت المحكمة الابتدائية في 17 من ديسمبر سنة 1951 برفض الدعويين وألزمت المدعى فيهما (المطعون عليه) بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة واستندت المحكمة في حكمها في رفض الدعوى الأولى رقم 1549 سنة 1950 إلى أن شهود الطرفين أجمعوا على وجود المنقولات في السينما وعدم تبديد شيء منها كما استندت في رفض الدعوى الثانية رقم 12 سنة 1951 إلى أن المنقولات كان محجوزاً عليها ومعينا عليها حارس لحفظها وهو المدعى عليه الثاني في الدعوى الأولى وأن من شأن هذه الحراسة الحيلولة دون استغلالها وأن المدعى عليه (الطاعن) طلب من المدعى (المطعون عليه) الحضور لتسلم هذه المنقولات فرفض وأن الأخير لم يقدم أي دليل يثبت أن المدعى عليه قام فعلاً باستغلال هذه المنقولات لمصلحته في المدة التي يدعيها ومن ثم تكون مطالبته بأجر نظير هذا الاستغلال على غير أساس - استأنف المطعون عليه هذا الحكم بالاستئناف رقم 72 سنة 8 ق الإسكندرية وقصر استئنافه على ما قضى به الحكم من رفض دعواه رقم 12 سنة 1951 - وبتاريخ 23 من أكتوبر سنة 1955 قضت محكمة استئناف الإسكندرية بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام المستأنف عليه (الطاعن) بأن يدفع للمستأنف (المطعون عليه) مبلغ 332 جنيهاً ونصف والمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة - وبتاريخ 17 من ديسمبر سنة 1955 قرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة انتهت فيها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون التي قررت في 27 من أبريل سنة 1960 إحالته إلى هذه الدائرة وحدد لنظره أمامها جلسة 4 مايو سنة 1961 وفيما صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه بني على مخالفة الثابت بأوراق الدعوى واستخلاص ما لا يمكن استخلاصه منها ذلك أنه أسس قضاءه بإلزام الطاعن بمبلغ 332 جنيهاً ونصف مقابل استغلاله منقولات المطعون عليه في المدة من ديسمبر سنة 1948 إلى 23 يوليو سنة 1950 على أنه بمقتضى عقد الاتفاق المحرر بين الطرفين بتاريخ 30 يونيه سنة 1948 التزم الطاعن باستغلال السينما لمدة خمسة شهور وبعد ذلك يؤجرها للغير بشرط أن يدفع للمطعون عليه نصف المبلغ المستحق على الغير نظير الإيجار وهذا الذي حصله الحكم من عقد الاتفاق المذكور يعتبر مسخاً للثابت بهذا العقد إذ هو يغاير كل المغايرة المعنى الظاهر من صيغته بل ويغاير ما أثبته الحكم عن هذا الاتفاق في مطلع أسبابه وما قاله عنه المطعون عليه نفسه في صحيفة افتتاح دعواه الابتدائية فقد نص عقد الاتفاق المذكور صراحة على أن يتعهد الطاعن باستغلاله السينما لحسابه الخاص حتى يجد هو أو يقدم له المطعون عليه مستغلاً بإيجار شهري قدره 35 جنيهاً على الأقل ويتعهد بأن يدفع للمطعون عليه نصف ما يستلمه من المستغل الجديد للسينما وهذا في مدى خمسة أشهر من تاريخ استلامه للسينما من المطعون عليه وأنه على ذلك يكون مناط التزام الطاعن بأداء نصف ما يدفعه هذا المستغل إلى المطعون عليه أن يتقدم المستغل المذكور خلال خمسة أشهر تبدأ من تاريخ استلام السينما وهو أول يوليو سنة 1948 ويرتفع هذا الالتزام عن عاتق الطاعن إذا لم يتقدم أحد لاستئجار السينما خلال هذا الأجل وقد آمن الحكم المطعون عليه بهذا المعنى المتبادر من اتفاق 30 يونيه سنة 1948 وأثبته في صدره غير أنه عاد وأطرحه ونقله مرة أخرى ممسوخاً وعلى خلاف مصدره ورتب قضاءه على تحريفه الذي غاير معناه كلية.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن عقد اتفاق 30 يونيو سنة 1948 - المقدم بملف الطعن ينص في البند الرابع منه على أن الطاعن يتعهد باستغلال السينما المذكورة لحسابه الخاص إلى أن يجد بمعرفته أو يقدم له المطعون عليه مستغلاً بإيجار شهري لا يقل عن خمسة وثلاثين جنيهاً وعندئذ يتعهد الطاعن بأن يدفع إلى المطعون عليه نصف المبلغ الذي يقبضه من المستغل الجديد للسينما وذلك في أجل مدته خمسة أشهر تبدأ من تاريخ استلام السينما وقد تعهد المطعون عليه في البند الثاني بتسليم السينما إلى الطاعن في أول يوليو سنة 1948. والمدلول الظاهر لهذا الاتفاق هو أن التزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه نصف المبلغ الذي يقبضه من المستغل الجديد للسينما مقيد بشرط وجود هذا المستغل خلال خمسة أشهر تبدأ من أول يوليو سنة 1948 وأن هذا الالتزام ينقضي بانتهاء هذا الأجل وهذا المعنى الظاهر هو الذي فهمه المطعون عليه نفسه من الاتفاق المذكور حيث أورد في صحيفة دعواه الابتدائية رقم 12 سنة 1951 المقدمة صورتها المعلنة إلى هذه المحكمة ما يأتي "وقد نص في هذا الاتفاق على أن يسلم الطالب (المطعون عليه) إلى المعلن إليه (الطاعن) السينما بما فيها من المنقولات المملوكة للطالب ليستغلها المعلن إليه بمعرفته لحسابه الخاص إلى أن يجد مستأجراً لها بأجر شهري قدره 35 جنيهاً وإن وجد ذلك المستأجر فيقبض الطالب نصف المبلغ الذي يدفعه ذلك المستأجر وكل ذلك في أجل غايته خمسة أشهر من تاريخ تحرير ذلك الاتفاق أي ينتهي في أول ديسمبر سنة 1948.. وعلى هذا الأساس كانت تنتهي فترة استغلال المعلن إليه للسينما سواء لحسابه الخاص أو بتأجيرها للغير في آخر شهر نوفمبر سنة 1948" ولما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد نصوص عقد الاتفاق على النحو السابق بيانه أسس قضاءه بإلزام الطاعن بالمبلغ الذي ألزمه به على ما قرره من أن "المحكمة تلاحظ أنه بمقتضى عقد الاتفاق المحرر بين المستأنف والمستأنف عليه بتاريخ 30/ 6/ 1948 فإن هذا الأخير قد التزم باستغلال السينما لمدة خمسة شهور وبعد ذلك يؤجرها للغير بشرط أن يدفع للمستأنف نصف المبلغ المستحق على الغير نظير الإيجار" وانتهى الحكم إلى أنه "ما دام قد ثبت أن الطاعن قد أجر السينما لآخر اعتبار من 13 ديسمبر سنة 1948 دون إعطاء المطعون عليه نصيبه وقدره نصف قيمة الإيجار وهو بحسب الاتفاق 17.5 جنيهاً شهرياً فإنه يكون ملزماً بالريع على أساس هذا المبلغ في المدة من ديسمبر سنة 1984 حتى 23 يوليو سنة 1950 بمقولة إنه بعد التاريخ الأخير أصبحت المنقولات ملكاً للمطعون عليه - لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون قد انحرف في تفسيره لعقد الاتفاق عن المعنى الظاهر له ومسخه مما يتعين معه نقض الحكم دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق