الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 12 أغسطس 2023

الطعن 861 لسنة 38 ق جلسة 2 / 5 / 1993 إدارية عليا مكتب فني 38 ج 2 ق 107 ص 1088

جلسة 2 من مايو سنة 1993

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة محمد معروف محمد/ محمد عبد الغني حسن وعبد القادر هاشم النشار ود. منيب محمد ربيع - المستشارين.

-------------------

(107)

الطعن رقم 861 لسنة 38 القضائية

هيئة الشرطة - طلبة الشرطة - حالات فصل الطالب - الفرصة الاستثنائية.
المادة 15 من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة معدلاً بالقانون رقم 39 لسنة 1984 - يفصل الطالب إذا رسب بكلية الشرطة أكثر من مرة في السنة الدراسية الواحدة - يجوز لمجلس إدارة الأكاديمية منحه فرصة استثنائية في كل من السنتين الدراسيتين النهائيتين بالأكاديمية - موافقة مجلس الأكاديمية على منح الفرصة الاستثنائية لبعض الطلبة ورفضها لآخرين - لجهة الإدارة في مباشرتها لهذه السلطة الاستثنائية تقدير ما يحقق الصالح العام من حيث الملاءمات وفي حدود الواقع الثابت بالأوراق دون أن يحل محلها القاضي الإداري في ذلك أو أن يوقف أو يلغي ما رأته من تقدير. ويقوم على أسباب صحيحة وثابتة ومستخلصة استخلاصاً سائغاً ما لم يشب قرار الإدارة بإساءة استخدام السلطة والانحراف عن تحقيق الصالح العام - قرار جهة الإدارة عند ممارستها لسلطتها التقديرية يخضع لرقابة القضاء الإداري - إذا كان الثابت أن أكاديمية الشرطة لم تضع قواعد تنظيمية محددة لتحديد شروط ضوابط منح الفرصة الاستثنائية أو رفضها فإن قراراتها في هذا الشأن تخضع لرقابة القضاء الإداري - إذا كان الثابت أن الطالب سيئ السلوك غير ملتزم بالجوانب النظامية والانضباطية خلال دراسته بالكلية فإن ذلك سبب كاف مبرراً لحرمانه من الحصول على الفرصة الاستثنائية أساس ذلك: لا يتساوى في منح الفرصة الاستثنائية من كان سحله صفحة بيضاء ناصعة بالالتزام بالخلق القويم والأداء السليم ويرجى منه أن يحقق الصالح العام عند استكمال دراسته ومن كان بسجله ما يفيد عدم الانضباط وسوء السلوك بما لا ينبئ بصلاحية وكفاءته لضابط شرطة بعد تخرجه - تطبيق. (1)


الإجراءات

في يوم الثلاثاء الموافق 3/ 3/ 1992 أودع الأستاذ الدكتور/ محمد مرغني المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 861 لسنة 38 ق. عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 8/ 2/ 1992 في الدعوى رقم 715 لسنة 46 ق القاضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعي مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن - للأسباب التي أوردها، بتقرير طعنه الحكم، بقبول الطعن شكلاً بإلغاء الحكم المطعون فيه، فيما قضى به من رفض وقف تنفيذ الحكم الطعين والقرار المطعون فيه، والأمر بتنفيذه بمسودته وبغير إعلان، مع إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لإلغاء الحكم السالف التنويه والقرار المطعون فيه والحكم على جهة الإدارة بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده (بصفته) على النحو الثابت بالأوراق وقد نظرت دائرة فحص الطعون، الطعن على النحو الثابت بمحاضرها حيث قررت بجلسة...... إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره، والتي نظرته على النحو الثابت بمحاضرها حيث قررت بجلسة....... إصدار الحكم فيها بجلسة حيث قررت مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة....... وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم 2/ 5/ 1993 لاستكمال المداولة. وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاع قبوله الشكلية.
ومن حيث إن الموضوع يخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي قد أقام بتاريخ 28/ 10/ 1991 الدعوى رقم 715 لسنة 46 ق، أمام محكمة القضاء الإداري - دائرة منازعات الأفراد والهيئات. طلب في ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مجلس أكاديمية الشرطة الصادر بتاريخ 7/ 8/ 1991. والمعتمد من وزير الداخلية بتاريخ 24/ 8/ 1991. فيما تضمنه من فصله من الدراسة بكلية الشرطة. والأمر بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه. أنه التحق بكلية الشرطة عام 1987 ضمن النسبة المخصصة لأبناء "فلسطين" وأظهر تفوقاً ونبوغاً واجتاز الدراسة في السنتين الأولى والثانية. وكان حلالها مثال الطالب المنضبط وقد قيد في العام الدراسي 89/ 1990 بالسنة الثالثة حيث عاوده مرض الربو والذي كان مصاباً به في طفولته ومن ثم لزم الفراش فترة وكان من نتيجة ذلك رسوبه في امتحان نهاية العام وبقي للإعادة في العام الدراسي 90/ 1991 وحيث كان يقضي الصيف بمدينة الإسكندرية. حدثت مشاجرة بين بعض زملائه وبعض جنود الشرطة وأحد عمال المخابز، تدخل لفضها دون أن يشترك فيها واتخذت حيالها الإجراءات القانونية حيث قضي فيها غيابياً بحبسه ستة أشهر وقام ذلك الحكم لأنه لم يمثل أمام محكمة الجنح ولم يبدي دفاعاً، حيث كان خلال هذه الفترة يقضي عقوبة البحث الانفرادي لمدة خمسة عشر يوماً بالكلية كجزاء وقع عليه بسبب ما نسب إليه في هذه المشاجرة من التعدي بالسب على بعض جنود الشرطة. وأضاف قائلاً أنه استأنف الحكم الصادر في الجنحة المشار إليها حيث صدر قرار محكمة الاستئناف بالوقف الشامل للعقوبة.
وأضاف المدعي قوله أنه في ظل هذه الظروف لم يتمكن من اجتياز امتحان نهاية العام. وفوجئ بالكلية تصدر قراراً بفصله دون منحه الفرصة الاستثنائية العام الثالث وأجيز تطبيقاً للمادة (15) من القانون رقم 91 لسنة 1975 لشأن أكاديمية الشرطة معدلاً بالقانون رقم 39 لسنة 1984 والتي تقضي بمنح طلاب الفرقتين الثالثة والرابعة فرصة استثنائية ثالثة لمن يرسب مرتين في الفرقة الواحدة وقد طبقت الكلية هذا الاستثناء على العديد من الطلاب ومن ثم فإن قرارها المطعون عليه بفصله بمقولة عدم انتظام حالته النظامية والضبطية استناداً إلى ما نسب إليه في المشاجرة المشار إليها وهي خطأ سلوكي وحيد جوزي عنه بالحبس بالكلية لمدة خمسة عشر يوماً، وهو أمر لا يمثل إخلالاً بالقيم أو الأخلاق أو الانضباط العسكري.
وإذا استند القرار المطعون فيه إلى حرمانه من الفرصة الاستثنائية للتقدم للامتحان بالفرقة الثالثة للمرة الثالثة على هذا السبب الوحيد فإن القرار يكون قد جاء مخالفاً للمشروعية فاقداً لسند إصدار متعيناً والحال هذه القضاء بوقف تنفيذه وإلغائه.
وبجلسة 28/ 2/ 1982 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها على سند من أن السلطة التقديرية التي أناطها القانون بمجلس أكاديمية الشرطة. وهي سلطة تقديرية. دون تحديد إطار أو ضابط خاص يتعين على المجلس المذكور الالتزام به في صدد ممارسة هذه السلطة فيما عدا الضابط العام الذي يحد كافة تصرفات الإدارة وهو واجب عدم الانحراف بالسلطة الأمر غير المتوافر في هذا الشأن.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل هو أن الحكم المطعون فيه. قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه. إذ أن القرار المطعون فيه صدر مشوباً بعيب فساد السبب الذي قام عليه القرار وفسر السلطة التقديرية على أنها "سلطة مطلقة" وهو أمر غير صحيح ويعارض ما استقرت عليه أحكام القضاء في مضمون السلطة التقديرية ومن ثم يكون الطعن قد قام على صحيح سنده من القانون متعيناً قبول الطعن عليه وإلغائه. وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته.
ومن حيث إن المادة (15) من القانون رقم 91 لسنة 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة معدله بالقانون رقم 39 لسنة 1984 تنص على أنه "يفصل الطالب من الأكاديمية في الحالات الآتية:
1 - ..... 2 - ....... 3 - ........ 4 - إذا رسب الطالب بكلية الشرطة أكثر من مرة في السنة الدراسية الواحدة ويجوز لمجلس إدارة الأكاديمية منحه فرصة استثنائية في كل من السنتين الدراستين النهائيتين بالأكاديمية 5 - .......
وفيما عدا الحالة المنصوص عليها في البند (5) من هذه المادة يكون الفصل بقرار من مجلس إدارة الأكاديمية،. ولا ينفذ إلا بعد تصديق وزير الداخلية عليه".
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق والاطلاع على القرار المطعون عليه رقم 91 لسنة 1991 بتاريخ 7/ 8/ 1991، إن مجلس الأكاديمية عند بحثه لحالات الطلاب الراسبين لمدة سنتين في المرحلة الدراسية الواحدة (الثالثة أو الرابعة) فقد اتخذ على أساس الموافقة على منح الفرصة الاستثنائية لبعض الطلبة، ورفضها بالنسبة للبعض الآخر ومنهم الطاعن وقد أورد القرار أسباب رفض منح هذه الفرصة للطاعن تدنى مستوى الحالة النظامية والانضباطية لكل منهم.
ومن حيث إن مقطع الفصل في الطعن الماثل هو مدى توافر السبب الصحيح في القرار الصادر من مجلس أكاديمية الشرطة في رفض منح الفرصة الاستثنائية للطاعن على سند مما نسب إليه من الإخلال بالضبط والنظام لما نسب إليه من ارتكاب جريمة السب والقذف في حق بعض جنود الشرطة خلال مشاجرة يشارك فيها مع آخرين وثبوت الاتهام عليه ومعاقبته بسببها بجزاء من الكلية بالحبس الانفرادي خمسة عشر يوماً.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أنه طبقاً لحكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972، يتعين للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري توافر ركنين.
الأول: هو ركن الجدية بأن يكون القرار المطعون فيه معيباً بحسب الظاهر من الأوراق مما يحمل معه على ترجيح إلغائه عند الفصل في الموضوع.
والثاني: هو ركن الاستعجال، بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه ولئن كان الدستور قد كفل حق التعليم لكل المواطنين على نحو سواء بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع، كما أن الدولة ملزمة بأن تكفل تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وتخضع لمبدأ سيادة القانون أساس الحكم في الدولة (المواد 8، 64، 65 من الدستور) ومن ثم فإن هذا الحق يتساوى فيه كل مواطن بلا تمييز إلا بقدر ما يميز فيه الفرد عن أقرانه بقدرته على تحصيل العلم وترتيب نتائج هذا التحصيل على نحو يفيد المجتمع ولهذا شرع المجتمع نظام الامتحانات والاختبار، لتمكنه من التمييز بين طلاب العلم على قدر تباينهم في التفوق وترتيب هذا التفوق في مراتب محددة.
ولما كان الأصل أن ما تسفر عنه نتيجة الامتحان تكون هي وحدها مناط التمييز بين الطلاب إلا أن المشرع قد يخرج عن هذا الأصل استثناء بقاعدة تنظيمية عامة يكون هدفها مساعدة بعض من تعثر من الطلاب في هذا الامتحان كما هو الحال في النزاع الماثل وذلك بمنح من واصل نجاحه من الفرقة الأولى إلى الثانية ثم إلى الثالثة أو الرابعة، فرصة استثنائية في أي من السنتين الثالثة أو الرابعة بما يمكنه من اجتياز محنته وتعثره في هذا السنة الاستثنائية فيترك مكانه لغيره من طالبي الحكم الأكفاء، أو يمكنه من الاستمرار والحصول على مؤهل يكون سنده ووسيلته لأداء المهام المنوط بالكلية أو المعهد المنتمي إليه. وشغل إحدى وظائفه بالمجتمع من جهة أخرى وهذا الاستثناء أو الخروج على الأصل السالف بيانه يقدر بقدره فلا يقاس عليه أو يتوسع في تفسيره.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى فيما يتعلق بأسباب القرار الإداري أنه كلما ألزم الشارع صراحة في القوانين أو اللوائح جهة الإدارة بتسبيب قراراتها وجب ذكر هذه الأسباب التي بني عليها القرار واضحة جليه، حتى إذا ما وجد فيها صاحب الشأن مقنعاً تقبلها، وإلا كان له أن يمارس حقه في التقاضي ويسلك الطريق الذي رسمه القانون - كما في الحالة الماثلة عندما ذكرت الإدارة سبباً لقرارها واللجوء إلى السلطة القضائية للدفاع عن حقوقه وطلب إعادة الشرعية في تصرفاتها حيث يكون لمحكمة الموضوع مباشرة رقابتها على التصرفات أو القرار الإداري لتحقيق المشروعية وسيادة القانون من خلال مراجعة الأسباب التي بني عليها القرار من حيث التكييف القانوني والصحة والواقعية ومدى مطابقتها للقانون وما إذا كانت الجهة الإدارية في مباشرتها لمهمتها قد انحرفت بها أم أنها سلكت وصولاً إلى قرارها طريق الجادة.
ومن حيث إنه من نافلة القول أنه في دولة المشروعية وسيادة القانون لا يوجد ثمة ما يسمى بالسلطة المطلقة للجهة الإدارية حيث ينظم الدستور والقوانين واللوائح اختصاص كل من السلطات الثلاث للدولة، وولايتها في تسيير وإنجاز مهامها وبينها السلطة التنفيذية ذلك في إطار من المشروعية وسيادة القانون وقد أفرد الدستور المصري كما سلف أن جرى قضاء هذه المحكمة باباً كاملاً لسيادة القانون هو الباب الرابع منه ونص صراحة في المادة (64) على أن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، وقضي في المادة (65) منه بأن تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات ونص في المادة (172) على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى ومن ثم فإن كل تصرف أو قرار للإدارة يخضع للدستور والقانون ولا يجوز النص على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء وفقاً لصريح نص المادة (68) من الدستور فكل تصرف أو قرار إداري فضلاً عن خضوعه للمشروعية فإنه يخضع لرقابة محاكم مجلس الدولة وفي ذات الوقت فإن كل تصرف غير إداري مثل أعمال السيادة والتصرفات والقرارات ذات الطبيعة السياسية وإن خضع للمشروعية وسيادة القانون فإنه لا يخضع لطبيعته السياسية - لولاية الإلغاء أو وقف التنفيذ المنوط بمحاكم مجلس الدولة طبقاً لأحكام الدستور والقانون المنظم لمجلس الدولة. ومن ثم فإن القول بأن السلطة التقديرية لجهة الإدارة هي سلطة مطلقة من أي قيد، لا سند له ويعدو عدواناً من الإدارة على سيادة القانون والمشروعية وحرماناً للمواطنين منها ومن حق التقاضي وحق الدفاع وتحصيناً غير دستوري وغير قانوني وغير مشروع للقرار أو التصرف الإداري وإهداراً لسيادة القانون، حيث إنه وفقاً لصحيح أحكام الدستور والقانون لا شبهه في خضوع القرارات الإدارية بما فيها القرارات التي تصدر عن الجهات الإدارية العاملة بما لها من سلطة تقديرية وفقاً للقوانين واللوائح لرقابة القضاء من حيث المشروعية وسيادة القانون تأكيداً لشرعيتها بقيامها على سببها الصحيح الذي أفصحت عنه الجهة الإدارية وشيدت قرارها على سند منه.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة من ناحية أخرى على أن رقابة القضاء الإداري ومحاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية هي رقابة مشروعية تسلطها على القرارات المطعون فيها لتزنها بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة بصفة عامة، أو انحرافها عن الغاية الوحيدة التي حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفات الإدارة وهي تحقيق الصالح العام إلى تحقيق غير ذلك من الأغراض غير المشروعة لجهة الإدارة أو لأي من العاملين بها. وأن القضاء بالنسبة لوقف التنفيذ للقرار الإداري، يجب أن يسند القاضي فيما يقضي بوقف تنفيذه من قرارات إدارية بحسب الظاهر من الأوراق وفي الحدود التي يقتضيها القضاء بوقف التنفيذ على ما يبدوا من عدم مشروعية القرار فضلاً عن توافر نتائج يتعذر تداركها على الاستمرار في التنفيذ ما لم يوقف أثر القرار غير المشروع، على سبيل الاستعجال وهذه الرقابة التي تقوم عليها ولاية محاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية وتتولى المحكمة الإدارية العليا نظر الطعون في أحكام محاكم مجلس الدولة الجائز الطعن فيها أمامها لكي تقوم بوزن هذه الأحكام بميزان القانون سواء من حيث الشكل أو الإجراءات أو سلامة مباشرتها لولاية الإلغاء أو وقف التنفيذ على القرارات الإدارية على النحو السالف البيان وطبقاً وفي حدود أحكام الدستور والقانون. ولا يحل القضاء الإداري على أي نحو في مباشرته لولاية رقابة الإلغاء أو قف التنفيذ، محل الجهة الإدارية في أداء واجباتها أو مباشرة نشاطها في تسيير المرافق العامة وإدارتها ومباشرة السلطات التنفيذية والإدارية الممنوحة لها طبقاً لأحكام الدستور والقانون التي تقوم بها على مسئولية الإدارة السياسية والمدنية والجنائية والتأديبية وتلتزم محاكم مجلس الدولة - في مباشرة رقابتها للمشروعية على قرارات وتصرفات الجهات التنفيذية بالإدارة العاملة لواجباتها بغير أحكام الدستور والقانون وسيادة القانون وأن علو المصلحة العامة الغاية الوحيدة لكل ممارسة لسلطة عامة وسنداً لمشروعية هذه الممارسة ومبررها. وتقف رقابة المحكمة لمشروعية القرار عند حدها الطبيعي وهي مراجعة قرارات الإدارة وتصرفها الايجابي أو السلبي ووزنه بميزان المشروعية وسيادة القانون، ووقف تنفيذ أو إلغاء ما يتبين خروجه من قرارات الإدارة وتصرفاتها عن ذلك، لتقيد الإدارة وفقاً لما تضمنته الأحكام منطوقاً وأسباباً تصحيح تصرفاتها وقراراتها للمشروعية وسيادة القانون.
ومن حيث إنه من المبادئ الأساسية لتفسير وتطبيق النصوص التشريعية أن اللاحق منها ينسخ السابق وأن النسخ كما يكون صريحاً يكون ضمنياً، ومن أساليب النسخ التعديل القانوني كما جرى عليه الأمر بالنسبة للمادة (15) من القانون رقم 91 لسنة 1975 المشار إليه من تعديل أعطى السلطة الإدارية مكنه منح فرصة استثنائية لمن استنفذ مرات الرسوب في أي من السنتين الثالثة والرابعة.
ولما كانت هذه المكنة تمثل حسبما وصفها المشرع سلطة استثنائية وتقديرية على خلاف الأصل الذي يجري على تحديد اللوائح لفرص محددة لامتحان الطالب للتحقق من خلالها مدى جدية تحصيله وجدواه في التقدم في مجال المعرفة الذي ينبني عليه بالإجراءات الموضوعية والسليمة وفقاً لما يتم من التصحيح لمضمون أوراق إجاباته أو إجاباته الشفوية وتقيمها من الأساتذة ذوي العلم والمعرفة علمياً وفنياً في إطار سلطتهم التي خولتها لهم القوانين واللوائح وفقاً لما يحتمه عليهم ضميرهم العلمي والفني ومن ثم فإن للإدارة في مباشرتها لهذه السلطة الاستثنائية تقدير ما يحقق الصالح العام من حيث الملاءمات وفي حدود الواقع الثابت في الأوراق دون أن يحل محلها القاضي الإداري في ذلك أو أن يوقف أو يلغي ما رأته من تقدير يقوم على أسباب صحيحة وثابتة ومستخلصة استخلاصاً سائغاً ما لم يشب قرار الإدارة إساءة استخدام السلطة والانحراف عن تحقيق الصالح العام المبرر الوحيد لمباشرة السلطة العامة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يجرى على أن أسباب القرار الإداري الذي تفصح عنه الإدارة عند ممارستها لسلطتها التقديرية يخضع لرقابة القضاء من خلال رقابته لسلامة القرار الصادر في هذا الشأن وعلى النحو السالف بيانه. كما أن القواعد التنظيمية العامة التي تضعها جهة الإدارة متسمة بطابع العمومية والتجريد تكون ملزمة لها في الحالات الفردية شأنها شأن اللائحة التنفيذية للقانون الملزمة والواجبة الإتباع، وتكون هي سند مشروعية الممارسة في حدود ما صدرت بشأنه فتلتزم جهة الإدارة بمراعاتها في التطبيق على الحالات الفردية ما لم يصدر من الإدارة تعديل أو إلغاء لهذه القاعدة. كما يجرى قضاء هذه المحكمة على أن مركز الطالب بالنسبة للجامعة هو مركز تنظيمي عام يجرى تقييده في أي وقت واستبداله بتنظيم جديد وهذا التنظيم يسري على الطالب بأثره المباشر.
وترتيباً على ما سبق. وحيث إن أكاديمية الشرطة لم تضع قواعد محددة لتحديد شروط وضوابط الفرصة الاستثنائية أو رفضها وفقاً لسلطتها التقديرية فإن قراراتها في هذا الشأن تخضع للقاعدة العامة في رقابة القضاء الإداري على قرارات السلطات الإدارية.
ومن حيث إن الظاهر من الأوراق أن الأكاديمية وهي بصدد ممارسة سلطتها التقديرية عند بحث حالة الطاعن أوردت في أسباب قراراها عن توافر الإخلال بالجوانب النظامية والانضباطية في حقه.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن الطاعن قد نسب إليه التعدي بالسب والشتم على بعض جنود الشرطة خلال مشاجرة نشبت بينه وبعض أصدقائه وبينهم وقضي غيابياً بحبسه ستة أشهر غيابياً ثم عدل عند الطعن بالاستئناف فيه إلى القضاء بالوقف الشامل للعقوبة كما أن الكلية في وقت معاصر لوقوع المخالفة المنسوبة إليه تم التحقيق الإداري معه وانتهى إلى مجازاته بالحبس الانفرادي لمدة خمسة عشر يوماً عن هذا الجرم وهذا الأمر لا تثريب على الأكاديمية معه إذا هي جعلت منه سبباً لعدم مباشرة سلطتها الاستثنائية في منح الطاعن الفرصة الاستثنائية محل النزاع باعتباره قد ارتكب عملاً مخلاً بحسن الضبط والربط النظامي ومن ثم فإنه وفقاً لتقدير السلطة المختصة بتقدير مدى ملاءمة منحة فرصة استثنائية للطلبة ويعتبر سبباً مبرراً لحرمان الطاعن من الحصول على هذه الفرصة الاستثنائية المشار إليها في المادة (15) من القانون 91 لسنة 1975 المشار إليه إذ أوردته سبباً لقرارها وهو ما لا يخضع لرقابة القضاء ما دام أن هذا السبب له أصل ثابت في الأوراق وأنه لم يثبت الطاعن أنه قد دفع السلطة المختصة بتقدير ملائمة منحه الفرصة الاستثنائية إلى ما نحت إليه من حرمانه من هذه الفرصة في إطار سلطتها التقديرية أية دوافع تنطوي على إساءة استخدام السلطة أو الانحراف بها عن الصالح العام - بل أن الظاهر من الأوراق أن الإدارة قد وزنت الأمر وفقاً لمعايير موضوعية بحسب مدى انضباط سلوكه بالأخلاق والتزامه بالنظام وتقاليد معهده خلال دراسته وبما ينبئ بمدى صلاحيته وكفاءته كضباط شرطة بعد تخرجه يكون مسئولاً عن حماية الشرعية وسيادة القانون والدفاع عن أمن وأمان الوطن والمواطنين ولا شأن لاعتبار صفحة الطاعن وما سبق ثبوته قبله من عدم انضباط كسب يبرر عدم منحه فرصة استثنائية والزعم بتعدد مجازاته تأديبياً عن هذه الوقائع، ذلك أن مباشرة السلطة التقديرية في مدى ملاءمة منح الطالب تلك الفرصة الاستثنائية أمر لا صلة له بالتأديب والجزاء بل هو يتعلق بمدى سلامة وحسن تقدير اختيار من يرجى أن يتحقق الصالح العام من استكمالهم دراستهم وحصولهم على التأهيل والصلاحية لأداء وظيفة ورسالة ضابط شرطة مساعدة من واجه ظروفاً لم تمكنه من نجاح وفقاً للقواعد والأوضاع العادية في اجتياز هذه الظروف بهذه الفرص الاستثنائية ولا شك أنه لا يتصور أن يتساوى في ذلك من في سجله وصفحة حياته النظامية أثناء الدراسة عند تقدير المنح أو المنع للفرص الاستثنائية وفقاً لتقدير السلطة المختصة ما يفيد عدم الانضباط أو الاضطراب وسوء السلوك ومن ليس لديه في سجله سوى صفحة بيضاء ناصعة من الالتزام بالخلق القويم والأداء السليم - لواجباته واحترام قيم معهده وتقاليده ولا يحل القاضي الإداري محل الجهة الإدارية المختصة في إعادة الموازنة والترجيح لما رأته من ملاءمات في منح فرصة استثنائية من عدمه ما دام الثابت كما سلف البيان وجود الحالة الواقعية التي استندت إليها وعدم وجود سند أو دليل من التعسف في استعمال السلطة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفضه وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون بناء على الأسباب سالفة البيان فيما تضمنه من رفض وقف تنفيذ قرار حرمان الطاعن من أداء الامتحان للمرة الثالثة وفقاً للاستثناء الوارد بالمادة (15) من القانون رقم (91) لسنة 1975 المشار إليه.
ومن حيث إن من خسر دعواه يلزم مصروفاتها وفقاً للمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.


(1) يمثل هذا المبدأ حكم المحكمة الإدارية العليا بذات الجلسة في الطعن رقم 862 لسنة 38 ق و883 لسنة 38 ق مستنداً إلى أنه سبق غش الطالب في الامتحان ومجازاته بعقوبة الحبس لمدة خمس عشر يوماً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق