جلسة 26 من يناير سنة 1974
برياسة السيد الأستاذ المستشار علي محسن مصطفى - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة ومحمد صلاح الدين السعيد ومحمود طلعت الغزالي ومحمد نور الدين العقاد - المستشارين.
-----------------
(52)
القضية رقم 365 لسنة 18 القضائية
(أ) المحكمة الإدارية العليا - اختصاص.
اختصاص المحكمة الإدارية العليا بنظر الطعون في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري في الطعون المقامة أمامها في أحكام المحاكم الإدارية - حدوده - عدم تقيد المحكمة بالسبب الذي بني عليه الطعن.
(ب) عاملون مدنيون بالدولة - "تعيين" - "نقل" فصل لعدم الصلاحية.
اعتبار قرار نقل المدعي من وظيفة إلى وظيفة أخرى قرار تعيين - فصله - لعدم الصلاحية للوظيفة الجديدة أثناء فترة الاختبار. بطلان قرار الفصل. عدم استيفائه شروط الصلاحية لشغل الوظيفة المنقول إليها لا يترتب عليه فصله من الخدمة وإنما يترتب عليه إلغاء نقله إليها واعتباره شاغلاً للوظيفة المنقول منها - أساس ذلك - مثال.
-------------------
1 - إن الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري في الطعون المقامة أمامها في أحكام المحاكم الإدارية لا يجوز إلا من السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة، وذلك في حالة ما إذا صدر الحكم على خلاف ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا، أو في حالة ما إذا كان الفصل في الطعن يقتضي تقرير مبدأ قانوني لم يسبق لهذه المحكمة تقريره وهذا ما تقضي به المادة 15 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن تنظيم مجلس الدولة معدلاً بالقانون رقم 86 لسنة 1969 الذي أقيم الطعن الماثل أثناء العمل بأحكامه وتقابلها المادة 23 من قانون مجلس الدولة الحالي ولما كان قضاء هذه المحكمة قد أطرد على أن الطعن أمامها يفتح الباب لتزن الحكم المطعون فيه بميزان القانون غير مقيدة بالأسباب التي يبديها الطاعن وكان المستفاد من تقرير هذا الطعن أن سببه يقوم على أن الفصل فيه يقتضي تقرير مبدأ في تفسير المادة 15 من القانون رقم 46 لسنة 1964 المشار إليه لذلك فإن لهذه المحكمة في نطاق النص التشريعي الذي يستند إليه الطعن الماثل - ألا تتقيد بالسبب الذي بني عليه الطعن وأن تتصدى لبحث ما إذا كان السبب الآخر قائماً حتى تنزل صحيح حكم القانون في المنازعة.
2 - إنه يبين من الاطلاع على الأوراق وأخصها ملف خدمة المدعي أنه عين في 29 من مايو سنة 1962 بالهيئة المدعى عليها عاملاً مؤقتاً باليومية وقام بعمل وظيفة معاون تليفون ثم صدر قرار في 27 من أكتوبر سنة 1962 بتعيينه في هذه الوظيفة بالدرجة المالية الخصوصية (60/ 96) بميزانية الهيئة وقد عودلت هذه الدرجة فيما بعد بالدرجة الحادية عشرة من جدول الدرجات الملحق بالقانون رقم 46 لسنة 1964 بنظام العاملين المدنيين بالدولة عملاً بقرار رئيس الجمهورية رقم 3576 لسنة 1966 الذي يقضي بسريان أحكام هذا القانون والجدول المرافق له على العاملين بالهيئة العامة للمواصلات السلكية واللاسلكية وقد ظل المدعي يشغل وظيفة معاون تليفون بالدرجة المالية المذكورة وتدرج فيها بالعلاوات حتى بلغ 10.375 جنيهاً وفي 30 من نوفمبر سنة 1966 صدر القرار رقم 1921 مقرراً تعيينه وآخرين في وظيفة مساعد صانع تحت الاختبار بالدرجة الحادية عشرة (84/ 180) ونص فيه على أن يمنحوا ماهية قدرها 84 جنيهاً في السنة على أن يمنح العامل الذي يعمل بالهيئة مرتبه الحالي بحيث لا يجاوز نهاية مربوط الدرجة" وكان صدور هذا القرار مسبوقاً بتقديم المدعي طلباً في 19 من فبراير سنة 1966 لإلحاقه بإحدى الوظائف الخالية وتأشر عليه من الجهة المختصة بأنه من العاملين بالهيئة وحاصل على شهادة الدراسة الإعدادية سنة 1959 وباجتيازه امتحان مسابقة أجرى للمتقدمين لتلك الوظائف وباختبار لياقته صحياً لوظيفة مساعد مصلح أعطال تليفونات أو سويتش أو تجربة كما وقع على تعهد بالالتزام بأحكام لائحة معهد التدريب المهني والأبحاث التابع للهيئة وبعد أن صدر القرار المشار إليه استمر المدعي في عمله كمعاون تليفون إلى أن كلفته الجهة الإدارية بتقديم نفسه إلى إدارة المعهد في 21 من ديسمبر سنة 1966 وعقب انتهاء فترة تدريبه وإخفاقه في اختياراتها تقدم بطلب في 9 من سبتمبر سنة 1967 لإعادته إلى وظيفته السابقة واستجابت إليه الجهة المختصة (الإدارة العامة لمناطق تليفونات القاهرة) وأشر مديرها في 2 من أكتوبر سنة 1967 بالموافقة واتخاذ الإجراءات اللازمة للتنفيذ واستمر المدعي في عمله إلى أن عرضت الجهة الإدارية أمره على لجنة شئون العاملين في 4 من يناير سنة 1968 عملاً بالمادة 15 من القانون رقم 46 لسنة 1964 المشار إليه على أساس أنه عين تحت الاختبار في وظيفة مساعد صانع اعتباراً من 21 من ديسمبر سنة 1966 وأنه قد ثبت عدم صلاحيته لهذه الوظيفة بناء على تقرير أعدته إدارة معهد التدريب عن صلاحيته أثناء فترة الاختبار وقدرت كفايته بدرجة (ضعيف) وإزاء هذا العرض اقترحت اللجنة فصله، ومن ثم صدر قرار الفصل المطعون فيه في المنازعة المعروضة.
ومن حيث إنه يستفاد مما تقدم أن السبب الذي قام عليه القرار المطعون فيه أن الجهة الإدارية اعتبرت قرارها الصادر في 30 من نوفمبر سنة 1966 المشار إليه قراراً بتعيين المدعي تعييناً مبتدأ تحت الاختبار في وظيفة مساعد صانع، وإنه وقد ثبت عدم صلاحيته لشغل هذه الوظيفة أثناء فترة الاختبار التي قضاها بمعهد التدريب المهني فقد تعين فصله بناء على اقتراح لجنة شئون العاملين، غير أن هذا القرار يعتبر طبقاً للتكييف القانوني الصحيح - مستمداً من الوقائع والظروف التي لابست إصداره - قراراً بنقل المدعي من وظيفة معاون تليفون التي كان يشغلها فعلاً وقانوناً إلى وظيفة مساعد صانع المساوية لها في الدرجة المالية ذلك أن قرار التعيين إنما يصدر بمناسبة نشوء علاقة وظيفية مبتدأة أو عند إعادة العامل من جديد إلى الخدمة بعد خدمة سابقة انفصمت رابطتها بقيام أحد الأسباب القانونية لانتهاء الخدمة، هذا بينما أن الثابت بالأوراق أن المدعي كان وقت صدور القرار سالف الذكر معيناً في وظيفة معاون تليفون منذ نيف وأربع سنوات ويشغل الدرجة الحادية عشرة وهي الدرجة المالية عينها المقررة لوظيفة مساعد الصانع وأنه لم يصدر عنه قبل صدور هذا القرار أو بعده أي تصرف ينبئ عن رغبته في الاستقالة من وظيفته الأصلية كما لم يصدر عن الجهة الإدارية قرار ما بإنهاء خدمته فيها بل لقد استمر المدعي يباشر عمله الأصلي بعد صدور القرار المشار إليه في 30 من نوفمبر سنة 1966 إلى أن كلف بتقديم نفسه إلى معهد التدريب في 21 من ديسمبر سنة 1966 كما قضى القرار بمنحه المرتب الذي كان يتقاضاه في وظيفته السابقة بينما لم يمنح المعينين به تعييناً مبتدأ إلا بأول مربوط الدرجة فقط، وعلى ذلك لا يسوغ القول بأن القرار المذكور قد انطوى على إنشاء علاقة وظيفية جديدة بالنسبة إلى المدعي، وإنما هو في الواقع من الأمر قرار بنقله إلى وظيفة تماثل وظيفته الأصلية في الدرجة المالية. أما عن الإجراءات التي سبقت صدور القرار وهي اجتياز امتحان المسابقة وتوقيع الكشف الطبي، فإنه من المسلم أن للجهة الإدارية أن تضع ما تقدره من شروط الصلاحية لشغل وظيفة معينة، سواء أكان شغلها سيتم بالتعيين المبتدأ أم بالترقية من وظيفة أدنى أم بالنقل من وظيفة تماثلها في الدرجة المالية وإن خالفتها شروط الصلاحية، ولما كان من شروط الصلاحية التي وضعت لشغل وظيفة مساعد الصانع أن ينجح المرشح في دورة التدريب على أعمالها، لذلك فإن إخفاق المدعي في استكمال هذا الشرط يترتب عليه عدم جواز نقله إلى هذه الوظيفة.
ومن حيث إنه وقد امتنع تنفيذ قرار نقل المدعي من وظيفة معاون تليفون إلى وظيفة مساعد الصانع للسبب سالف البيان فإن الأثر اللازم لذلك هو أن يبقى المدعي في وظيفته الأصلية بالوضع الذي كان عليه عند صدور قرار النقل المشار إليه، وعلى ذلك فلا أساس من القانون للإجراءات التي اتخذت في شأن المدعي بمقولة أنه كان معيناً تحت الاختبار في وظيفة مساعد صانع والتي انتهت بصدور القرار المطعون فيه بفصله من الخدمة، ويكون هذا القرار والحال كذلك قد صدر مخالفاً للقانون حقيقاً بالإلغاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق