صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ وَالِدِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة مُدَوَّنَةٌ قَانُونِيَّةٌ مِصْرِيّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ التَشْرِيعي لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وروائعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ، مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد الشَّرِيعَةِ . عَامِلِةَ عَلَى إِثرَاءٌ الْفِكْرِ القَانُونِيِّ لَدَى الْقُضَاة. إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصًا فكلّ بناءٍ قد بنيْتَ خراب ﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51
الصفحات
- الرئيسية
- أحكام النقض الجنائي المصرية
- أحكام النقض المدني المصرية
- فهرس الجنائي
- فهرس المدني
- فهرس الأسرة
- الجريدة الرسمية
- الوقائع المصرية
- C V
- اَلْجَامِعَ لِمُصْطَلَحَاتِ اَلْفِقْهِ وَالشَّرَائِعِ
- فتاوى مجلس الدولة
- أحكام المحكمة الإدارية العليا المصرية
- القاموس القانوني عربي أنجليزي
- أحكام الدستورية العليا المصرية
- كتب قانونية مهمة للتحميل
- المجمعات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي شَرْحِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ
- تسبيب الأحكام الجنائية
- الكتب الدورية للنيابة
- وَسِيطُ اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعَمَلِ
- قوانين الامارات
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْمُرَافَعَاتِ
- اَلْمُذَكِّرَة اَلْإِيضَاحِيَّةِ لِمَشْرُوعِ اَلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ 1948
- مُطَوَّل اَلْجُمَلِ فِي اَلتَّعْلِيقِ عَلَى قَانُونِ اَلْعُقُوبَاتِ
- محيط الشرائع - 1856 - 1952 - الدكتور أنطون صفير
- فهرس مجلس الدولة
- المجلة وشرحها لعلي حيدر
- نقض الامارات
- اَلْأَعْمَال اَلتَّحْضِيرِيَّةِ لِلْقَانُونِ اَلْمَدَنِيِّ اَلْمِصْرِيِّ
- الصكوك الدولية لحقوق الإنسان والأشخاص الأولى بالرعاية
بحث هذه المدونة الإلكترونية
الثلاثاء، 10 ديسمبر 2024
الطعن 6980 لسنة 91 ق جلسة 1 / 6 / 2022 مكتب فني 73 ق 43 ص 400
الطعن 44 لسنة 90 ق جلسة 4 / 6 / 2022 مكتب فني 73 ق 44 ص 419
الطعن 827 لسنة 30 ق جلسة 27 / 6/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 117 ص 615
جلسة 27 من يونيه سنة 1960
برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.
------------------
(117)
الطعن رقم 827 سنة 30 القضائية
(أ, ب) تزوير.
عناصر الواقعة الإجرامية: وقوع التزوير على شيء مما أعدّ المحرر لإثباته.
تاريخ المحرر بيان هام مما يجب إثباته في محاضر أعمال المأموريات المكلف بها معاون محكمة الأحوال الشخصية.
الصور العامة لتزوير المحررات: المحرر الرسمي. مناط رسميته.
يكفي أن يكون تحريره طبقاً لمقتضيات العمل بناءً على أمر رئيس مختص.
دفتر تسلم معاوني محكمة الأحوال الشخصية المأموريات المندوبين لتنفيذها هو من الأوراق الرسمية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته من مأموري التحصيل المنوط بحساب - معاون محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية - استولى على مائة جنيه من نصيب قاصري المرحوم يوسف فاضل والمسلمة إليه من الوصية زينب السيد محمود، وبصفته السابقة استولى على مبلغ 7154 جنيهاً و385 مليماً من نصيب القصر في القضايا المبينة بكشوف لجنة الفحص، وبصفته السابقة ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي محضر إشهار المزاد الخاص ببيع نصيب قصر المرحوم يوسف فاضل بأن أثبت مقدار الثمن الذي تسلمه مائتين وخمسين جنيهاً بدلاً من ثلاثمائة وخمسين جنيهاً على خلاف الحقيقة، وكذا محضر المأمورية رقم..... بإثبات إيداع النقود خزينة بنك مصر بتاريخ أول يوليه سنة 1956 بدلاً من أول سبتمبر سنة 1956 كالثابت بإيصال الإيداع لبنك مصر، وكذلك محضر المأمورية رقم..... بإثبات قبض نصيب القاصرة من المشترين في 29 سبتمبر سنة 1956 بدلاً من 29 يوليه سنة 1956 طبقاً للثابت بمحضر التصديق، وأيضاً في دفتر استلام المأموريات بأن أثبت به خلاف الحقيقة توقيعاً نسبه لسكرتير نيابة روض الفرج الجزئية للأحوال الشخصية بشأن تسليم المأمورية رقم....... وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 112 و118 و211 و213 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمواد 17 و32 و111 و112 و118 و119 و211 و213 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه وبإلزامه برد مبلغ مائة جنيه وبعزله من وظيفته وذلك عن التهم المسندة إليه عدا التهمة المبينة بالفقرة الثانية من التهمة الأولى وببراءته من تهمة اختلاسه مبلغ 7154 جنيهاً و385 مليماً المسندة إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن أسباب الطعن المبينة بتقريري الأسباب تتحصل في أوجه ثلاثة.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من هذه الأوجه القصور في بيان واقعة الدعوى ومؤدي الأدلة، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يعن بتحصيل وقائع الدعوى وظروفها فلم يبين الأفعال المادية التي وقعت من الطاعن وتوافر ركن القصد الجنائي لديه ولم يتحدث عن البلاغات المقدمة في الدعوى ومهمة اللجنة التي قامت بفحص عمل الطاعن وما انتهت إليه وما وقع فيه سكرتيرو الجلسات من أخطاء وما أجروه من محو في الدفاتر لستر تأخرهم في إنجاز أعمالهم. كما أن الحكم لم يتقص ما ورد بدفاتر المعاونين وتقارير معمل الأبحاث وخاصة التقرير الأخير. كما أنه لم يورد مضمون الأدلة بطريقة وافية ولم يوضح وجه استدلاله بها فأغفل بيان شهادة الوصية "زينب السيد محفوظ" مكتفياً بالقول بأنها لا تخرج في معناها عما شهدت به الشاهدة "فتحية إسماعيل" ولم يعرض الحكم كذلك لتصرف الوصية بتعاقدها مع المشتري على بيع نصيب القاصرتين وقبض جزء من الثمن قبل تصريح محكمة الأحوال الشخصية بالبيع. كما أغفل بيان شهادة الكاتب "محمود شريف" ولم يشر إلى التضارب في أقوال الشهود - كل هذا جعل الحكم مشوباً بالقصور.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن محكمة الوايلي الجزئية للأحوال الشخصية كانت قد ندبت بقرارها الصادر بتاريخ 20 من فبراير سنة 1957 المتهم سامي محمد شعبان الذي كان يعمل معاوناً لمحكمة القاهرة للأحوال الشخصية لتنفيذ ما صرحت به للسيدة زينب السيد محفوظ الشهيرة بفتحية بصفتها وصية على بنتيها ماجدة ومحاسن قاصرتي زوجها المرحوم الدكتور يوسف محمد فاضل في بيع نصيبهما في أرض ومبنى المنزل نمرة 9 شارع مدرسة ولي العهد بثمن أساسي قدره 5115 جنيهاًً للمنزل جميعه بالمزاد العلني كما ندبته في قبض قيمة نصيب القاصرتين من الثمن وإيداعه خزينة بنك مصر لحسابهما - إذ كانت الوصية سالفة الذكر قد تقدمت للمحكمة بطلب بيع هذا النصيب، فحدد المتهم بناء على ذلك يوم 5 مارس سنة 1957 لإشهار المزاد وكلف الوصية بإجراء النشر. فحضرت إلى مكتبه يومئذ وقدمت له عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 2/ 1957 المحرر بينها عن نفسها وبصفتها سالفة الذكر وبين عبد الرحمن السيد توفيق بصفته مشتري والمتضمن مشتراه منها 6 قراريط و8 أسهم على الشيوع في المنزل المذكور - مقدار ما أصابها وابنتيها هاتين من مورثهما المرحوم يوسف محمد فاضل نظير ثمن قدره 1350 جنيهاً دفع منه عند توقيع هذا العقد مبلغ 350 جنيهاً والباقي وقدره 1000 جنيه اتفق الطرفان على دفعه عند التوقيع على عقد البيع النهائي، وقد تأشر على هذا العقد بالنظر من المتهم بتاريخ 5/ 3/ 1957، ثم حدد - بعد الرجوع إلى المحكمة لتعديل القرار - يوم 28 من مارس سنة 1957 موعداً لإشهار المزاد فتقدمت إليه يومئذ الوصية سالفة الذكر والسيدة فتحية إسماعيل محمد زوجة المشتري بالعقد المشار إليه آنفاً بصفتها نائبة عنه ولم يتقدم غيرها للمزايدة فأفهمها بأن حصة القاصرتين المطروحة بالمزاد قدرها 8 أسهم و5 قراريط من المنزل المذكور فقررت أنها تقبل الشراء بالسعر الذي تعاقدت به ابتدائياً مع الوصية وقدره 1350 جنيهاً لحصة قدرها 6 قراريط و8 أسهم أي مبلغ 1136 جنيهاً و895 مليماً بالنسبة لحصة القاصرتين ولم يتقدم أحد للشراء حتى الساعة 11 ونصف صباحاً ووافقت الوصية على ذلك وطلبت إرساء المزاد على المتقدم للشراء فأرسى المزاد على عبد الرحمن سيد توفيق بالمبلغ المذكور لحصة القاصرتين وقدرها 1136 جنيهاً و895 مليماً. ولما طالب بمقدم الثمن من نائبه المشتري قالت إنها كانت قد دفعته للوصية فسلمته هذه بدورها أمامها مبلغ 350 جنيهاً عبارة عن سبع ورقات من أوراق البنكنوت فئة كل منها 50 خمسين جنيهاً مصرياً فأخذها وعدها ووضعها في جيبه. ولما كان المتهم قد انتوى اختلاس مبلغ مائة جنيه من هذا المبلغ المسلم إليه بسبب وظيفته والمندوب لقبضه وإيداعه خزينة بنك مصر لحساب القاصرتين فقد عمد إلى تغيير حقيقة هذه الواقعة بقصد التزوير في محضر المزايدة الرسمي المؤرخ 28/ 3/ 1957 المختص بتحريره بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة - إذ أثبت فيه أنه إنما تسلم من الحاضرة عن المشتري مبلغ مائتي وخمسين جنيهاً فقط كمقدم للثمن وذلك بقصد إضافة هذا المبلغ المختلس إلى نفسه والتصرف فيه تصرف المالك واستغل ثقة الوصية والنائبة عن المشتري فيه باعتباره أميناً فاستوقعهما إمضاءهما على المحضر دون تلاوته عليهما. ولما طلبت إليه الوصية أن ترافقه إلى البنك لإيداع مقدم الثمن تعلل بأنه سيقوم هو بنفسه بذلك وليس من داع لمرافقته. ثم عادت الوصية والنائبة عن المشتري بعد ذلك لتعجيل الجلسة المحررة للتصديق على عقد البيع وذهبتا إلى ياسين محمد مصطفى كاتب الجلسة وطلبت منه الوصية الاطلاع على إيصال إيداع مقدم الثمن فتبين له من الاطلاع عليه أن الإيصال قاصر على مبلغ 250 جنيه الذي تورد للبنك في 30/ 3/ 1957 فذهبتا إلى حيدر محمود شيرازي رئيس القلم الجنائي للأحوال الشخصية وشكتا إليه ما حصل وأخبرتاه بأن المبلغ المدفوع للمعاون المتهم هو 350 جنيه فاستمهلهما وقصد إلى المتهم ثم لحقتا به وطلبت إليه أن يكتب إيصالاً بالمبلغ الباقي فلم يمانع إلا أن الوصية رأت ضرورة توقيع رئيس القلم على الإيصال كشاهد فلما رفض هذا ذلك أبت الوصية أخذ الإيصال ثم أبلغت النيابة..." وقد عرض الحكم بعد ذلك لفحص أعمال الطاعن وما أسفر عنه من ارتكابه جرائم التزوير في دفتر استلام المأموريات وفي محاضر أعماله الخاصة ببعض المأموريات التي كان مكلفاً بها وذلك بإثباته تواريخ استلامه المبالغ من ذوي الشأن على خلاف حقيقتها ليستر بذلك تأخيره في توريدها لحساب القصر بالبنك. واستند الحكم في إثبات هذه الوقائع إلى شهادة الوصية والنائبة عن المشتري وكذلك إلى شهادة رئيس القلم الجنائي للأحوال الشخصية وباقي الموظفين المختصين وإلى اطلاع المحكمة على عقد البيع الابتدائي والأوراق المزورة وتقرير خبير الخطوط وكذلك أوراق البنك الثابت بها تواريخ إيداع الطاعن للمبالغ موضوع الاتهام. وقال الحكم زيادة في بيان القصد الجنائي في جريمة الاختلاس "أن المتهم أثبت زوراً في المحضر الذي حرره أنه تسلم مبلغ 250 ج فقط مما تستدل منه المحكمة على قصده في إضافة هذا المبلغ المختلس والمسلم إليه بسبب وظيفته إلى ملكه والتصرف فيه تصرف المالك.... وقبوله تحرير إيصال عليه بالمبلغ المختلس لولا اشتراط الوصية توقيع رئيس القلم الجنائي كشاهد على الإيصال ورفض هذا الأخير ذلك". ولما كان يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال أحد الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة فيما استند إليه الحكم منها، فإنه لا يضير الحكم المطعون فيه قوله بأن شهادة الوصية "زينب السيد محفوظ" لم تخرج في معناها عن أقوال الشاهدة "فتحية إسماعيل محمد" التي أورد الحكم أقوالها تفصيلاً - ما دام أن الطاعن لا يماري في اتفاق أقوال الاثنتين فيما استند إليه الحكم منها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى وأن تطرح ما عداها، كما وأنها ليست ملزمة بأن تشير إلى التضارب في أقوال الشهود إذ أن في إغفال الإشارة إلى ما يخالف ما أخذت به من أقوال يفيد ضمناً إطراح ما أغفلته واطمئنانها إلى ما أثبتته من هذه الأقوال واعتمدت عليها في حكمها. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من طعنه يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أن الحكم المطعون فيه خالف قواعد الإثبات المنصوص عليها في المادة 401 من القانون المدني والتي تنص على عدم جواز الإثبات بالبينة فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي، وأنه لما كان الثابت بالمحضر الذي حرره الطاعن في 28 من مارس سنة 1957 أن المبلغ الذي تسلمه هو 250 ج فقط وكانت المادة 225 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن تتبع المحاكم الجنائية في المسائل غير الجنائية التي تفصل فيها تبعاً للدعوى الجنائية طرق الإثبات المقررة في القانون الخاص بتلك المسائل فإنه لم يكن يسوغ للحكم أن يدين الطاعن على أساس أن ما استلمه هو مبلغ 350 جنيهاً استناداً إلى أقوال الشهود - وما ذهب إليه الحكم من أن العرف الذي جرى عليه العمل من عدم إعطاء ذوي الشأن إيصالاً بالمبالغ التي يدفعونها يعتبر مانعاً مادياً من الحصول على الكتابة وبالتالي يجيز سماع الشهود هو خطأ قانوني ظاهر لأن العرف هذا لم يمنع من تحرير محضر رسو المزاد وإثبات المبلغ المدفوع به وإقرار الطاعن باستلامه كتابة بخطه ثم توقيع الوصية إقراراً بصحة ما أثبت بالمحضر، ومن ثم فلم يكن يجوز بحال إثبات عكسه بالبينة، وبالتالي فلا يمكن القول بارتكاب الطاعن تزويراً في هذا المحضر أو في غيره من الأوراق المتعلقة بعمله. هذا فضلاً عن أن الحكم قد أخطأ بإدانة الطاعن عن واقعة تزوير الإمضاء المنسوبة للكاتب "محمود محمد عبد الله الشريف" بدفتر استلام المأموريات لأن هذا الدفتر ليس من الأوراق الرسمية ولم يثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن الإمضاء المزورة هي بخط يد الطاعن، كما أخطأ الحكم كذلك في اعتبار التغيير الذي وقع في تاريخ استلام المبالغ وإيداعها بالبنك تزويراً مع أن التاريخ ليس من البيانات الجوهرية في مثل هذه الأحوال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لما يثيره الطاعن في هذا الوجه بقوله "ولا يؤثر في أمر ثبوت التهمة قبل المتهم - وقد اطمأنت المحكمة في ذلك كل الاطمئنان إلى شهادة الشاهدتين سالفتي الذكر - القول بأن المبلغ المستلم قد ثبت كتابة بتوقيع الوصية والنائبة عن المشتري في المحضر الذي حرره المتهم وشهادة محمد فوزي نائب كبير كتاب محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية بالجلسة من أن العادة قد جرت حتى وقت الحادث بأن المعاون لا يسلم أولي الشأن إيصالاً بالمبالغ التي يتسلمها من مقدم الثمن اكتفاء بالثابت في محضره وهذا الذي جرى عليه عرف العمل وقت الحادث مانع مادي من الحصول على كتابة الأمر الذي معه يقوم الإثبات بالبينة فيما زاد على العشرة جنيهات طبقاً لنص المادة 403 من القانون المدني......" ثم عرض الحكم لجرائم التزوير التي وقعت من الطاعن وما يثيره بشأنها في الطعن المقدم منه بقوله "وحيث إنه لا جدال ابتداء في أن المحاضر التي حررها المتهم بصفته معاوناً لمحكمة الأحوال الشخصية في القضايا المشار إليها آنفاً وكذلك الدفتر المعد لتسلمه المأموريات التي ندب فيها هي أوراق رسمية يقوم بها موظف مختص بها وقد أعدت للغرض الذي اتخذت من أجله - فتغيير الحقيقة فيها بالتعديل أو الاصطناع أو وضع إمضاءات مزورة أو جعل واقعة مزورة فيها على صورة واقعة صحيحة بقصد التزوير مع علمه به - هو تزوير في ورقة رسمية وما يجادل فيه المتهم من أن الدفتر المعد لتسليم المأموريات له إنما هو دفتر خاص مردود بأن هذا الدفتر قد اتخذ عملاً ونظاماً لمراجعة أعمال المتهم وما يتخذه من المأموريات التي يندب لها وما يظل عنده باقياً منها ولإثبات ما يتم بشأن تسليم أوراقها للموظفين المختصين بذلك من السكرتارية أو كتبة الجلسات لتحديد مسئولية كل منهم بما يقطع بأنها قد أعدت واتخذت أصلاً لهذه المصلحة العامة ويقوم بتحريرها موظف مختص بذلك. ثم أن تغيير الحقيقة في هذه الأوراق سالفة الوصف على أية صورة من الصور المشار إليها آنفاً ينتج عنه حتماً ضرر يتمثل في أضعف صورة في العبث بما لهذه الأوراق الرسمية من الثقة في نظر الناس..." كما عرض الحكم كذلك لواقعة تزوير إمضاء الكاتب محمود محمد عبد الله الشريف بقوله "إن تهمة تزوير المتهم توقيع إمضاء الشريف...... ثابتة قبله مما انتهى إليه تقرير قسم أبحاث التزوير من أن هذا التوقيع ليس بخط المنسوب إليه من جهة ولأن أوراق هذه المأمورية المنسوب تسلمها زوراً في الدفتر المذكور إلى محمود محمد عبد الله الشريف سكرتير نيابة روض الفرج الجزئية للأحوال الشخصية استلامها الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى أن المتهم نفسه هو محدث هذا التزوير إذ أنه هو صاحب المصلحة الوحيدة في إجراءه حتى يطمئن على عدم كشف تأخير أوراق المأمورية لديه عند مراجعة كبير المعاونين والمختصين من المشرفين على أعماله لهذا الدفتر بصرف النظر عما جاء بتقرير التزوير من عدم إمكان إثبات أو نفي نسبة هذا التزوير إليه. إذ لم يقطع ذلك في نفي حصوله منه." ولما كان هذا القول كافياً في الرد على ما أبداه المتهم من دفاع، وكانت العبرة في رسمية المحرر ليست بصدور قانون أو لائحة تسبغ عليه هذه الصفة، بل إن الرسمية تستمد كذلك من أمر رئيس مختص طبقاً لمقتضيات العمل، ولما كان تاريخ المحرر هو من البيانات الهامة التي يجب إثباتها في الأوراق ومحاضر الأعمال التي وقع فيها التزوير باعتبار أن هذا البيان هو عنصر أساسي لإثبات ما يدرج فيها من البيانات، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية أن العبرة في إدانة المتهم أو براءته هي باقتناع القاضي بناء على التحقيقات التي يجريها بنفسه فلا تصح مطالبته بالأخذ بدليل دون دليل أو بالتقيد في تكوين عقيدته بالأحكام المقررة بالقانون لإثبات الحقوق والتخالص منها في المواد المدنية والتجارية إلا حيث ينص القانون على الأخذ بدليل معين، وإذن فإذا اقتنع القاضي من الأدلة التي أوردها بأن المتهم ارتكب الجريمة المرفوعة بها الدعوى وجب عليه أن يدينه ويوقع عليه العقاب ويكون ذلك معناه أنه لم ير في أي دليل آخر - ولو كان ورقة رسمية ما يغير النظر الذي انتهى إليه ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون مخالفاً للحقيقة. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه إنه قد دلل تدليلاً سائغاً ومقبولاً على توافر أركان جريمتي الاختلاس والتزوير في حق الطاعن، فإن ما ورد بهذا الوجه يكون لا محل له. هذا فضلاً عن أنه لا جدوى للطاعن فيما يثيره في شأن جرائم التزوير التي وقعت منه ما دام أن الحكم قد أنزل به عقوبة الجريمة الأشد وهي العقوبة المقررة لجريمة الاختلاس عملاً بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو فساد الاستدلال وتهاتر الأسباب وخطأ الإسناد، ذلك أن الحكم المطعون فيه اتخذ من المقارنة بين محضر إشهار مزاد خاص بأموال قصر المرحوم جرجس مسيحة ومحضر المزاد موضوع التهمة الأولى وكتابة المبلغ في المحضر الأول رقما وكتابة ثم كتابته في المحضر الثاني دون ترقيم دليلاً على الاختلاس والتزوير. كما قضى الحكم بإدانة الطاعن على الرغم من أنه قد أخذ بدفاعه بالنسبة لتهمة استيلائه على مبلغ 7154 جنيهاً و385 مليماً فقضى ببراءته منها - على أساس أن ما وقع منه من تأخير في توريد المبلغ المشار إليه لا يدل على توافر نية الاختلاس لديه - مما مؤداه أن هذا التأخير كان باعثه في الواقع كثرة عمل الطاعن وشدة إرهاقه - وقد أيد الطاعن في ذلك جميع رؤسائه. هذا فضلاً عن فساد تدليل الحكم على ثبوت تهمة اختلاس المائة جنيه في حق الطاعن إذ قال الحكم أن المبلغ الثابت دفعه مقدماً إلى الوصية بمقتضى عقد البيع الابتدائي هو مبلغ 350 جنيهاً وأنه لما كان الطاعن قد اطلع على هذا العقد فيكون قد عرف بطبيعة الحال أن المبلغ المطلوب دفعه إليه عند رسو المزاد هو مبلغ 350 جنيهاً وقد فات الحكم أن القدر المبيع هو 6 قراريط و11 سهماً يدخل فيه نصيب الزوجة "الوصية" فلو استبعد نصيبها يكون الباقي مبلغ 250 جنيهاً وهو المبلغ المستحق للقاصرتين والواجب إيداعه بالبنك لحسابهما - خاصة وأنه لا يتحتم أن يكون المبلغ المدفوع عند رسو المزاد هو المبلغ المدفوع بالعقد الابتدائي. أما عن خطأ الإسناد فيعيب الطاعن على الحكم أنه أكد أن الطاعن هو الذي زوّر إمضاء سكرتير نيابة روض الفرج "محمد محمد عبد الله الشريف" مع أن التقرير الأخير لقسم الأبحاث لم يقطع بأن الإمضاء مزورة بل ورد به "أن توقيع المذكور محرر على هيئة "فرمة" أشبه بتأشيرة محررة بطريقة خاصة تختلف عن توقيعات محمود الشريف بورقة استكتابه والتوقيعات المعترف بها، ومن ثم فقد تعذر نسبة أو نفي التوقيع موضوع الفحص إلى الطاعن أو غيره". وما انتهى إليه هذا التقرير لا يمكن أن يستخلص منه أن الطاعن هو الذي زوّر الإمضاء - كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه - خاصة وقد شهد سكرتيرو نيابات الأحوال الشخصية الموقعون على دفتر المأموريات المدعى حصول التزوير بها بصحة توقيعاتهم على الرغم من أن الأوراق الموقع منهم باستلامها قد وجدت بمكتب الطاعن.
وحيث إنه لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والتي سبق الإشارة إليها في الرد على الوجه الأول أنه اعتمد بصفة أصلية في إدانة الطاعن بتهمة الاختلاس والتزوير في محضر المزاد المؤرخ 28/ 3/ 1957 على أقوال الشاهدتين "زينب السيد محفوظ وفتحية إسماعيل محمد" وهي بذاتها كافية لحمل ما انتهى إليه إلا أن الحكم قد عزز أقوالهما بقرائن أخرى من بينها ما أثبته الطاعن عن بيان المبلغ المدفوع بمحضر المزاد الخاص ببيع نصيب قصر المرحوم جرجس مسيحة ومقارنته بالبيان الخاص بالمبلغ المدفوع بمحضر المزاد موضوع التهمة الثانية... وكذلك بما ثبت من عقد البيع الابتدائي الذي اطلع عليه الطاعن من أن ما دفع من مقدم الثمن هو مبلغ 350 جنيهاًً وذلك بقول الحكم "وتلاحظ المحكمة في هذا الصدد أن المتهم عمد لإخفاء هذا التزوير عن نظر الوصية والنائبة عن المشتري إلى إثبات المبلغ الذي أثبته زوراً في المحضر المختص بتحريره حال تحريره له كتابة دون بيانه بالأرقام على غير ما جرى عليه فيما أثبته في محضر المزاد المؤرخ 11/ 11/ 1956 الخاص بإشهار مزاد بيع نصيب قصر المرحوم جرجس مسيحه سالف الإشارة إليه وذلك حتى لا تلاحظ أيهما حقيقة ما أثبته زوراً بالمحضر عن مبلغ مقدم الثمن الذي تسلمه. ذلك إلى ما تبين للمحكمة من أن المتهم سبق له أن اطلع على عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 2/ 1957 على ما ثبت من محضره المؤرخ 5/ 3/ 1957 - وواضح من الاطلاع على عقد البيع الابتدائي المذكور أن المبلغ المدفوع من المشتري كمقدم الثمن هو 350 جنيهاً - لا 250 جنيهاً وقد تأشر من المتهم نفسه على عقد البيع المشار إليه بالنظر مما يقطع بإحاطته بهذه الواقعة علماً وهو ما يدعوه إلى مطالبة الوصية بكامل ما قبضته من مقدم الثمن..." لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم هو تدليل سائغ مؤد إلى ما انتهى إليه من إدانة الطاعن عن جريمتي الاختلاس والتزوير، وكان بفرض التسليم بما يدعيه في وجه الطعن من أن الوصية احتجزت نصيبها في مقدم الثمن ولم تسلمه إلا نصيب القاصرتين، فإن زعمه في هذا الشأن لا يستقيم مع ما أثبته في محضر رسو المزاد من أنه لم يقبض من الوصية سوى مبلغ 250 جنيهاً ذلك لأن نصيب القاصرتين في مبلغ ال 350 جنيهاً وهو مقدم الثمن - وباعتبار نصيبها كما ورد في الحكم هو 5 ط و8 س هو مبلغ يزيد على 250 جنيهاً. لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم ببراءة الطاعن من تهمة اختلاسه مبلغ 7154 جنيهاً و385 مليماً - لعدم ثبوت القصد الجنائي لديه استناداً إلى قيامه بإيداع هذه المبالغ بالبنك لحساب أصحابها - لا يتعارض مع إدانته عن جريمة اختلاس مبلغ المائة جنيه موضوع التهمة الأولى وباقي جرائم التزوير المسندة إليه. لما كان ذلك، وكان ما يرمي به الطاعن الحكم من خطأ الإسناد بالنسبة لواقعة تزوير إمضاء سكرتير النيابة "محمود محمد عبد الله الشريف" مردود بما أورده الحكم - فيما سبق بيانه - من أن تقرير قسم أبحاث التزوير قد جاء به عدم إمكان إثبات أو نفي نسبة التزوير إلى المتهم - وهو ما يتفق مع ما يقول به الطاعن - إلا أن الحكم قد اعتمد في إدانة الطاعن بالنسبة لهذه التهمة إلى ما ورد بالتقرير من أن هذا التوقيع ليس بخط محمود محمد عبد الله الشريف وإلى أن أوراق المأمورية المنسوبة إليه زوراً تسلمها في الدفتر الخاص بذلك ليست من اختصاصه، فضلاً عن أن أوراقها وجدت بمكتب الطاعن الأمر الذي اطمأنت معه المحكمة إلى أن الطاعن نفسه هو محدث هذا التزوير، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى للطاعن فيما يجادل فيه في هذا الشأن - لما سبق بيانه في الرد على الوجه الثاني من الطعن. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من طعنه لا يعدو كونه جدلاً موضوعياً حول تقدير الدليل في الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته لدى محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.
الطعن 738 لسنة 54 ق جلسة 6 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 128 ص 746
جلسة 6 من مارس سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ منير توفيق نائب رئيس المحكمة، عبد المنعم إبراهيم، عبد الرحيم صالح ومحمد مختار أباظة.
------------------
(128)
الطعن رقم 738 لسنة 54 القضائية
(1) محكمة الموضوع "سلطتها في فهم الواقع" "سلطتها في تفسير العقود".
سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها. شرطه. ألا تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عباراتها وأن يكون ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تكييف الطلبات والدفوع". تقادم "التقادم المسقط".
تكييف الخصوم للطلبات والدفوع لا يقيد المحكمة. التزامها بالتكييف الصحيح الذي تتبينه من وقائع الدعوى وتطبق القانون عليها. المطالبة بالأرباح المستحقة لأحد الشركاء. حق احتمالي غير ناشئ عن إحدى الدعاوى المصرفية. أثره. خضوعه للأصل العام لتقادم الالتزام مدنياً أو تجارياً. المادة 374 مدني. انقضاؤه بخمس عشرة سنة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 86 سنة 80 تجاري كلي طنطا ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما بتقديم كشف حساب مؤيداً بالمستندات والحكم بما يثبت أنه مستحق له. وقال بياناً لذلك أن بموجب عقد شركة مؤرخ 26/ 6/ 48 أنشأ والطاعنان وآخرون شركة مقاولات برأس مال قدره 300 ج حصته فيه مبلغ (400 ج) ثم أضيف إليها النصيب الذي آل إليه بوفاة الشريكة.......... في 21/ 4/ 76، ولما كان الطاعنان يضعان اليد على الشركة منذ إنشائها ويستأثران بأرباحه دون محاسبته عن نصيبه فيها - فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 10/ 3/ 80 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم - تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 28/ 3/ 83 بإلزام الطاعنين يؤديا للمطعون ضده مبلغ (969.915 ج). استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف 199 سنة 33 ق طنطا وبتاريخ 15/ 1/ 84 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بما لم يطلبه المطعون ضده الذي حدد طلباته بإلزامهما بتقديم كشف حساب مؤيد بالمستندات عن إيرادات ومصروفات الشركة فحسب.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الثابت بصحفية افتتاح الدعوى أن المطعون ضده طلب الحكم بإلزام الطاعنين بتقديم كشف حساب مؤيد بالمستندات والحكم بما يثبت أنه مستحق له، وإذ خلصت المحكمة إلى الأخذ بما انتهى إليه الخبير المنتدب في الدعوى من تقدير ما يستحقه المطعون ضده من أرباح الشركة بمبلغ (969.915) ألزمت الطاعنين بأدائها إلى المطعون ضده، فإنها لا تكون قد قضت بما لم يطلبه الخصوم ويكون هذا النعي ولا أساس له.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنهما تمسكا بحصول اتفاق بين الشركاء على تعديل نصيب كل منهم في أرباح الشركة بتحديده بنسبة 10% منه سنوياً وقدما إثباتاً لذلك كشف حساب عن السنوات 1970 - 1972 ومخالصة صادرة من المطعون ضده باستلامه نصيبه في أرباح الشركة في آخر يونيو سنة 1975 بواقع 10% سنوياً، غير أن الحكم المطعون فيه أطرح تلك المستندات وقضى على خلاف ما تضمنته.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أدنى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر وما دام ما انتهى إليه سائغاً مقبولاً بمقتضى الأسباب التي بنته عليها، وكان ما انتهى إليه الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه من أن المخالصة الصادرة من المطعون ضده لا تعتبر تعديلاً لعقد الشركة سائغاً لا خروج فيه عن المعنى الذي تحتمله عباراتها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، إذ التفت عن المخالفة الصادرة من المطعون ضده باستلامه نصيبه في الأرباح وإلزامهما بما قدره الخبير من أرباح الفترة السابقة على ذلك التاريخ.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الثابت في الدعوى أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما خلص إليه الخبير المنتدب من تحديد المستحق للمطعون ضده من أرباح الشركة في فترة النزاع بعد خصم ما قبضه منها وضمنه في ذلك المبلغ الثابت بالمخالصة المذكورة.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ رفض أعمال التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 375 من القانون المدني بالنسبة لأرباح السنوات الخمس السابقة على رفع الدعوى بمقولة أن التقادم الخمسي الذي نصت عليه المادة 194 من قانون التجارة خاص بالأوراق التجارية.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن محكمة الموضوع لا تتقيد في تكييف الطلبات والدفوع المعروضة عليها بوصف الخصوم لها وإنما تلتزم بالتكييف الصحيح التي تتبينه من وقائع الدعوى وترى أنه ينطبق عليها لتنزل حكم القانون على ما يثبت لديها، لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن المنازعة فيها تدور حول المطالبة بالأرباح المستحقة للمطعون ضده كشريك في شركة مقاولات وهي حق احتمالي غير ناشئ عن إحدى الدعاوى الصرفية فلا تخضع في انقضائها للتقادم الخمس سواء ما نص عليها في المادة 375 من القانون المدني أو المادة 194 من قانون التجارة وإنما تخضع للأصل العام لتقادم الالتزام مدنياً أو تجارياً المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني وهو انقضاؤه بخمس عشرة سنة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله، إذ لا يبطله ما شاب أسبابه في هذا الخصوص من خطأ لمحكمة النقض تصحيحه دون أن تنقض الحكم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
الطعن 495 لسنة 30 ق جلسة 27 / 6/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 116 ص 610
جلسة 27 من يونيه سنة 1960
برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.
---------------
(116)
الطعن رقم 495 لسنة 30 القضائية
(أ) مواد مخدرة. قانون.
إحراز المخدر. عبارة "في أي طور من أطوار نموها". معناها. شمولها النبات الجاف المنفصل عن الأرض.
تفسير القانون. قصد الشارع: النص العام يعمل به على عمومه ما لم يخصص بدليل.
(ب) دفاع.
دفاع قانوني بعيد عن محجة الصواب. عدم التزام المحكمة بالرد عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز نبات الحشيش المبين بالجدول 5 في غير الأحوال المرخص بها وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للمواد 1 و2 و33/ جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 153 لسنة 1953 والجدول المرفق به فصدر قرارها بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام عدا المادة 33 جـ - وبدلاً عنها المادة 34 بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه 500 خمسمائة جنيه وبمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة، وذلك على اعتبار أن الإحراز كان بقصد التعاطي. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد، وفي بيان ذلك يقول أن المدافع عنه تمسك بأن المادة المضبوطة معه جافة من نبات الحشيش وعلى هذا الأساس فهي غير محظور حيازتها إذ أن المادة 29 والفقرة د من المادة 33 والمادة 34 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 المطبق على واقعة الدعوى إنما حظرت حيازة النباتات الواردة بالجدول رقم 5 في أي طور من أطوار نموها فيخرج بذلك من دائرة الحظر حيازة النبات إذا انفصل عن الأرض وأصبح في حالة جفاف لأنه في هذه الحالة لا يعتبر طوراً من أطوار نمو النبات، وقد خلا الحكم من الرد على هذا الدفاع الجوهري - وقد دانت المحكمة الطاعن بالتطبيق للمواد 1 و2 و34 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 153 لسنة 1953 والجدول رقم 5 الملحق به - في حين أن الواقعة المسندة إليه لا جريمة فيها، ذلك أن المادة الأولى سالفة الذكر قد أحالت في تعريف الجوهر المخدر على الجدول رقم 1 الملحق بالقانون، وقد عرف هذا الجدول الحشيش الذي تحظر حيازته أو إحرازه بالبند 12 بأنه ما يكون ناتجاً أو محضراً أو مستخرجاً من نبات الحشيش، الأمر الذي لا ينطبق على المادة المضبوطة - أما المادة 34 التي استندت إليها المحكمة في إدانة الطاعن فقد أشارت إلى الجواهر المخدرة وأحالت فيما يختص بالنباتات المحظورة على الفقرة (د) من المادة 33 التي نصت على أن المحظور هو حيازة أو إحراز النباتات الواردة بالجدول رقم 5 ومن بينها الحشيش في أي طور من أطوار نموها - ومعنى ذلك أن شرط التجريم في الحيازة أو الإحراز هو أن يكون النبات في طور من أطوار نموه، وقد جاء ذكر هذا الشرط في المادة 29 من القانون المطبق - ولا يمكن أن يكون النبات وهو في حالة جفاف طوراً من أطوار النمو - ولو كان الأمر على غير ذلك لما عنى الشارع بالنص على منع حيازة البذور بالذات في المادة 29 - إذ لو كانت عبارة أطوار النمو تشمل النبات حتى في حالة جفافه، فإنها تشمل بذور النبات كذلك وليس يعتد بعد ذلك بأن الجدول رقم 6 الملحق بالقانون قد تضمن استثناءً من تطبيق أحكام القانون، فإن ذلك يعتبر تزيداً من المشرع وليس معناه تحريم ما لم يرد في هذه الاستثناءات ما دامت النصوص الأصلية تتسع لإباحته وعدم تحريمه وعلى هذا الأساس لا تكون المادة المضبوطة موضع تأثيم ولا عقاب على حيازتها ويقول الطاعن أن المحكمة نسبت إليه أنه اعترف أمام البوليس بحيازته لنبات الحشيش وأنه يتعاطاه للعلاج وقد عوّلت على هذا الاعتراف في ثبوت التهمة وفي رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش، مع أن الثابت أن هذا الاعتراف لم يرد على لسان المتهم وإنما ورد على لسان ضابط المباحث في تحقيقات النيابة - فهو في حقيقته شهادة - وشرط الاعتراف أن ينصب على أركان الجريمة وأن يصدر من صاحبه لا أن ينسبه إليه غيره - وكل ما قاله الطاعن عند مواجهته بالضابط أن المخبرين أخرجوا كيساً من جيبه لا يعرف شيئاً عنه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن ضابط مباحث مركز بسيون الملازم علي سليمان كشك علم من تحرياته السرية أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة فحرر بذلك محضراً عرضه على وكيل النيابة الذي أجرى تحقيقاً مفتوحاً وندب ضابط المباحث لتفتيش المتهم "الطاعن" لضبط ما لديه من مخدرات وبتاريخ 30/ 4/ 1956 انتقل الضابط المذكور لتنفيذ هذا الإذن حيث تقابل مع المخبرين محمود إبراهيم الجوهري وتوفيق هارون علام، ثم رأى المتهم "الطاعن" مقبلاً فأمر المخبرين بالقبض عليه وقام هو بتفتيشه فعثر معه على كيس به أجزاء من أوراق وسيقان قمم زهرية مؤنثة لنبات الحشيش اعترف له المتهم بحيازتها مدعياً أن مجهولاً سلمها إليه ليتعاطاها لشفاء الكحة، ثم قرر أمام النيابة أن البوليس أخرج من جيبه هذه المادة وأنه لا يعرف مصدرها، واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أدلة سائغة استمدها من شهادة كل من ضابط المباحث علي سليمان كشك والمخبرين محمود إبراهيم الجوهري وتوفيق هارون علام وتقرير المعمل الكيماوي واعتراف المتهم أمام البوليس بحيازته لنبات الحشيش وأنه يتعاطاه لشفائه من الكحة. لما كان ذلك، وكان المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 قد نص في المادة التاسعة والعشرين على أنه "يحظر على أي شخص أن يجلب أو يصدر أو ينقل أو يملك أو يحرز أو يشتري أو يبيع أو يتبادل أو يتسلم أو يسلم أو ينزل عن النباتات المذكورة في الجدول رقم 5 في جميع أطوار نموها وكذلك بذورها مع استثناء أجزاء النباتات المبينة بالجدول رقم "6" وكان ما ضبط مع الطاعن هو أوراق وسيقان وقمم زهرية مؤنثة لنبات الحشيش مما يدخل في عداد ما هو مبين بالجدول رقم 5 المشار إليه في النص المذكور - ولم يستثن الشارع في الجدول رقم 6 سوى ألياف سيقان نبات القنب الهندي وبذور القنب الهندي المحموسة حمساً يكفل عدم إنباتها ورؤوس الخشخاش الجافة المجرحة الخالية من البذور وبذور الخشخاش المحموسة حمساً يكفل عدم إنباتها - أما عبارة في أي طور من أطوار نموها التي تشير إلى النباتات المشار إليها في الفقرة د من المادة 33 والتي يتمسك الطاعن بها فلا تعني ضرورة وجود النبات قائماً وملتصقاً بالأرض دون وجوده جافاً ومنفصلاً عنها إذ أن هذه التفرقة لا سند لها من القانون والقول بها فيه تخصيص للنص بغير مخصص ومن شأنه إذا أخذ بها أن يؤدي إلى نتيجة غير منطقية - وهي أن يخرج من دائرة التجريم حصد شجيرات النبات وتجفيفها - مع أن هذه مرحلة لازمة لاستخراج جوهر المخدر، ولا يتصور أن الشارع قد قصد إلى هذه النتيجة. لما كان ذلك، وكان ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص أمام محكمة الموضوع هو في حقيقته دفاع قانوني، وكان في واقع الأمر بعيداً عن محجة الصواب، فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن الرد على هذا الدفاع واكتفى في تحصيله لواقعة الدعوى بقوله أن المواد المضبوطة هي عبارة عن أوراق وسيقان وقمم زهرية مؤنثة لنبات الحشيش على النحو الثابت من تقرير المعمل الكيماوي. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه حين عرض للاعتراف الصادر من الطاعن قال في شأنه وهو يستعرض أدلة الدعوى "رابعاً - اعترف المتهم أمام البوليس بحيازته لنبات الحشيش المذكور وأنه يتعاطاه لشفائه من الكحة ولا تعول المحكمة على إنكاره أمام وكيل النيابة معرفة مصدره حيث قرر أمامه أن الضابط أخرجه من جيبه لكنه لا يعرف مصدره أما ما دفع بلسان محاميه بجلسة المحاكمة من بطلان القبض والتفتيش على أساس أن الضبط حدث قبل الإذن فهو مردود بما هو ثابت في الأوراق من أن الإذن صدر قبل الضبط - على أن تمسك المتهم بهذا الدفع غير مجد ما دام قد اعترف في التحقيقات بضبط أوراق وسيقان وقم زهرية مؤنثة في حيازته لأن بطلان القبض والتفتيش بفرض حصوله لا يمنع المحكمة من الأخذ في إدانة المتهم بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عن القبض والتفتيش والمؤدية إلى ذات النتيجة التي أسفر عنها..." وما قاله الحكم في رفض الدفع المبدى ببطلان القبض والتفتيش كاف لإهداره، ومن حق المحكمة أن تعول في إدانة الطاعن على الأدلة المستمدة من أقوال الشهود ومن اعترافه في محضر تحقيق البوليس بحيازته لنبات الحشيش بقصد التعاطي للعلاج، ثم اعترافه أمام النيابة بواقعة الضبط وإن أنكر معرفة مصدر المخدر الذي ضبط معه - ذلك الإنكار الذي لم تلق إليه المحكمة بالاً وهو حقها في تقدير الدليل المطروح عليها. لما كان ما تقدم، وكان ما أثبته الحكم وهو في معرض التدليل على ثبوت التهمة في حق الطاعن يتفق وما هو ثابت في الأوراق بضبط المخدر معه - مما ينفي عن الحكم مظنة الخطأ في الإسناد - لما كان ذلك كله، فإن الطعن يكون برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.