الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2024

الطعن 6980 لسنة 91 ق جلسة 1 / 6 / 2022 مكتب فني 73 ق 43 ص 400

جلسة الأول من يونيه سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / عاطف خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي ياسين وقدري عبد الله نائبي رئيس المحكمة ومحمد رفاعي وإسلام عبد المنعم .
------------------
(43)
الطعن رقم 6980 لسنة 91 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) فاعل أصلي . مساهمة جنائية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثبات الحكم وجود الطاعنين على مسرح الجريمة وإسهامهما بنصيب في الأفعال المادية المكونة لها . كفايته لاعتبارهما فاعلين أصليين فيها . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . قصد جنائي . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
جرائم إحداث العاهة المستديمة والضرب المفضي إلى الموت لا تتطلب غير القصد الجنائي العام . توافره بارتكاب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن فعله يترتب عليه المساس بسلامة المجني عليه وصحته . تحدث المحكمة عنه استقلالاً . غير لازم . كفاية استفادته من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) وصف التهمة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم وصف التهمة . كفايته لتحقيق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم عليه .
(5) فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي على الحكم عدم استظهاره عناصر الاشتراك وخلوه من نص المادة 40 عقوبات . غير مقبول . متى دانه بوصفه فاعلاً أصلياً في الجريمة . علة ذلك ؟
(6) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شـاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها . اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها . غير مؤثر في سلامته . علة ذلك ؟
تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . متى استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه .
(7) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
الدفع بانتفاء أركان الجريمة وانقطاع الصلة بها . نفي للتهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي .
عدم التزام المحكمة بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء . متى أخذت بما جاء بها . عدم التزامها باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته أو بندب لجنة ثلاثية . ما دامت الواقعة قد وضحت لديها . علة ذلك ؟
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر حاجة إليه . غير مقبول .
(9) محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
النعي على المحكمة تعجلها الفصل في الدعوى . غير مقبول . متى استغرقت الوقت الكافي في نظرها .
(10) اتفاق . فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الاتفاق على ارتكاب الجريمة . مناط توافره ؟
مساهمة الشخص في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها . كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها .
مثال .
(11) إثبات " شهود " " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) حكم " بيانات التسبيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ في الإسناد . لا يعيب الحكم . ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة .
خطأ الحكم في بيان مكان الواقعة . لا يعيبه . علة ذلك ؟
مثال لما لا يعد خطأ في الإسناد .
(13) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة أن تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة من أي دليل تطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض واختلاف شهود الإثبات في بعض التفاصيل . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
للمحكمة الأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها.
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق . غير لازم . كفاية أن يكون من شأنها أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ تجريه المحكمة .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
عدول شهود الإثبات عن اتهام الطاعنين . قول جديد . للمحكمة تقديره . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(14) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
للمحكمة التعوّيل على التحريات باعتبارها مُعززة لِمَا ساقته من أدلة .
رد الحكم سائغاً على الدفع ببطلان التحريات وبعدم جديتها وصلاحيتها كدليل . النعي عليه في هذا الشأن . غير مقبول .
(15) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
(16) ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعنين بشأن جريمة إحراز سلاح . غير مجد . ما دام الحكم قد أوقع عليهما العقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى موت باعتبارها الأشد .
(17) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بقصور التحقيقات لتمامها إلكترونياً وتوقيع الطاعنين على صفحتها الأخيرة فقط بالمخالفة لتعليمات النيابة العامة . تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبولة . علة ذلك ؟
(18) وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم . لها تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم دون لفت نظر الدفاع . حد ذلك ؟
مثال .
(19) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
المنازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة . جدل موضوعي في سلطتها في استخلاصها مما تستقل به .
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال . اطمئنانها إلى الأدلة التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
-----------------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وحصل مؤداها في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة بما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون - كالحال في الدعوى - فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون لا محل له .
2- لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعنين إسهامهما بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها وجودهما مع آخرين على مسرح الجريمة وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فيها ، فإن ما ينعاه الطاعنان في شأن التدليل على مشاركتهما في ارتكاب الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3- لما كانت جرائم الجروح عمداً والتي ينشأ عنها عاهة مستديمة أو جرائم الضرب المفضي إلى الوفاة لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، كما أن المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم ، بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاد من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة هذه الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منهما أمام محكمة النقض ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون له محل .
4- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين - خلافاً لما يقول به الطاعنان – وصف التهمة المسند إليهما مما يكفي لتحقيق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذا البيان .
5- لما كان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعن الثاني كشريك ، وإنما دانه كفاعل أصلي في الجريمة التي دانه بها ، فإن نعيه بعدم توافر عناصر الاشتراك ، وخلو الحكم من نص القانون - المادة 40 من قانون العقوبات - لا يكون مقبولاً لعدم تعلقه بالحكم المطعون فيه ، أو اتصاله به .
6- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يؤثر في ذلك اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحها لها ، وكان الأصل أن ما يشوب أقوال الشهود من تناقض - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكان الحكم قد أورد ما تساند إليه من أقوال شهود الإثبات بما لا شبهة فيه لأي تناقض وبما لا يماري الطاعنان في أن له أصله في الأوراق ، فإن منعاهما في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
7- لما كان النعي بانتفاء أركان الجريمة في حق الطاعنين وانقطاع صلتهما بها وأن الواقعة كانت مشاجرة بين طرفين اختلط فيها الحابل بالنابل مما لا يعلم معه من محدث إصابة المجني عليه وقت المشاجرة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا على أنه بحسب الحكم كما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعنين ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
8- لما كان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في تلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها ، وهي كذلك لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون له محل ، هذا فضلاً عن أن دفاع الطاعنين لم يطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ، ومن ثم فليس لهما من بعد النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت للأدلة القائمة في الدعوى وإلى صورة الواقعة كما استقرت في يقينها ، فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد .
9- لما كان البيّن من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين حضرا ومعهما مدافع ترافع في الدعوى وأبدى دفوعه ودفاعه ، وكانت الدعوى استغرقت الوقت الكافي في نظرها دون طلب منه لمزيد من الوقت ، فإن قول الطاعنين أن المحكمة تعجلت الفصل في الدعوى لا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه ، ويكون النعي به غير مقبول .
10- من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ، ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين مع باقي المتهمين على الجريمة التي دينوا بها ، من معيتهم في الزمان والمكان ، ونوع الصلة بينهم ، وصدور الجريمة عن باعث واحد ، واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ، فإن ما انتهى إليه الحكم من ترتيب التضامن في المسئولية بينهما وباقي المتهمين واعتبرهم فاعلين أصليين للجريمة يكون سديداً .
11- من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني ، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات التي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقرير الطبي ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص يكون على غير أساس ، هذا فضلاً عن أن الحكم قد عرض لما قام عليه دفاع الطاعنين واطرحه بأسباب سائغة أفصح فيها عن اطمئنانه لأدلة الثبوت السائغة التي أوردها ، فإنه يكون من غير المقبول العودة إلى إثارة مثل هذه الأمور لكونها من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يصح التحدي به أمام محكمة النقض .
12- من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من أن الشاهد / .... لم يقرر أنه شاهد الطاعنين وشخص آخر لم تشمله قائمه أدلة الثبوت ويُدعى .... على خلاف ما حصله الحكم - وعلى فرض صحة ذلك - يكون غير قويم لأن هذه الواقعة لم تكن عماد الحكم ، هذا فضلاً عن أن الخطأ في الإسناد في خصوص مكان الحادث - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم في شيء ما دام ذلك المكان لم يكن بذي أثر في منطق الحكم ولم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، كما أنه لا يعتبر بيان محل الواقعة في الحكم الجنائي من البيانات الهامة الواجب ذكرها فيه إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثراً قانونياً كأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشدداً وفي غير هذا النطاق ، فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة مجرد الإشارة الجزئية إليه ما دام أن الطاعنين لم يدفعا بعدم اختصاص المحكمة بنظرها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون له محل .
13- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، كما أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، كما أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض واختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، فضلاً عن أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها ، ولا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجربه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي اطرحت أقوالهم بعدم ارتكاب الطاعنان الواقعة ، إذ لا يعدو أن يكون قولاً جديداً منهم يتضمن عدولاً عن اتهام الطاعنين وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ما دام الحكم قد أبدى عدم اطمئنان المحكمة إلى ما جاء به ولم يكن له تأثير في عقيدتها أو النتيجة التي انتهت إليها ، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
14- لما كان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الحكم المطعون فيه - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس ، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه رد على دفع الطاعن بما يسوغ به الرد ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
15- لما كان التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد خلا من هذا التناقض ، فإن ما جاء بوجه الطعن لا يكون له محل .
16- لما كان الحكم لم يوقع على الطاعنين سوى العقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت باعتبارها الجريمة الأشد ، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعنان فيما يتعلق بجريمة السلاح ، ما دامت أسبابه وافية لا قصور فيها بالنسبة إلى جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دانهما بها .
17- من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا أمام محكمة الموضوع بثمة قصور في تحقيقات النيابة بشأن ما أثير بأسباب طعنهما ، فليس لهما أن ينعيا على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منهما الدفع بشيء من ذلك أمام محكمة النقض لأول مرة .
18- لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم - التي ترى انطباقه على واقعة الدعوى - وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به ، وكان مرد التعديل هو عدم توافر الدليل على ثبوت القتل لدى المحكوم عليهما وانتفاء ظرف سبق الإصرار المشدد دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت الطاعنين مرتكبين لجريمة الضرب المفضي إلى الموت هذا التعديل لا يجافي التطبيق القانوني السليم في شيء ولا محل لما يثيره الطاعنان من الإخلال بحقهما في الدفاع ، إذ إن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف نتيجة استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى .
19- لما كان ما يثيره الطاعنان من أن الواقعة تشكل جنحة القتل الخطأ لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، كما أن المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ؛ إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها ، ويكون نعي الطاعنين في هذا الشأن غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من 1- .... ( طاعن )، 2- .... ( طاعن ) ،3- .... ، 4- .... و5- .... بأنهم :
المتهمون من الأول حتى الثالث :
- قتلوا المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك الغرض أسلحة نارية ( بنادق آلية ) تالية الوصف وما إن ظفروا به حتى أطلق المتهم الأول عدة أعيرة نارية من السلاح الناري سالف البيان نَفَذ أحدها بجسده حال تواجد المتهمين الثاني والثالث على مسرح الواقعة مطلقين الأعيرة النارية في الهواء للشد من أزره قاصدين من ذلك قتله فحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
المتهمون جميعاً :
- أحرز كل منهم سلاحاً نارياً مششخناً ( بندقية آلية ) حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه .
- أحرز كل منهم ذخائر ( عدة طلقات ) استعملوها على الأسلحة النارية سالفة البيان حال كونها مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها .
- استعرضوا القوة ولوحوا بالعنف قبل المجني عليه سالف الذكر والغير حال حملهم للأسلحة النارية سالفة البيان وإطلاق الأعيرة النارية منها بقصد ترويعهم وتهديدهم بإلحاق الأذى بهم والإضرار بممتلكاتهم وكان من شأن ذلك الفعل إلقاء الرعب في نفوسهم وتكدير الأمن والسلم العام وتعريض حياتهم للخطر وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
- أطلقوا أعيرة نارية داخل القرية .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني والرابع والخامس وغيابياً للثالث عملاً بالمادة 236 /1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26 /4،1 ، 30 /1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم (2) الملحق ، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات ، أولاً : بمعاقبة المتهمين بالسجن خمس سنوات عما أسند إليهم بشأن الضرب المفضي إلى الموت وألزمتهم المصاريف الجنائية ، ثانياً : ببراءة الأول والثاني والثالث والرابع والخامس مما أسند إليهم بالنسبة لإحراز السلاح المششخن المضبوط ( بندقية آلية ) وذخائره واستعراض القوة وإطلاق أعيرة نارية ، باعتبار أن وصف الاتهام هو أن المتهمين : 1- .... ( طاعن ) 2- .... ( طاعن ) 3- .... : ضربوا عمداً المجني عليه / .... بأن أطلق صوبه المتهم الأول عياراً نارياً من سلاح ناري غير مششخن يطلق الرصاص فأحدث به إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وهي إصابة بيسار الصدر وتعزى وفاته إلى ما أحدثته من تهتكات بالرئة اليسرى وكسر بعظمة الترقوة اليسرى ونزيف عزيز دموي أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته حال تواجد المتهمين الثاني والثالث للشد من أزره .
المتهم الأول :
- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن يطلق الرصاص .
- أحرز ذخائر ( عدة طلقات ) استعملها على السلاح الناري سالف البيان حال كونه غير مرخص له بحيازته أو إحرازه .
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه دانهما بجريمة الضرب المفضي إلى الموت كما دان الأول بجريمتي إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخائر مما تستعمل عليه بغير ترخيص وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن أسبابه جاءت قاصرة على نحو لا يبين منه واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهما بها ملتفتا إيراداً ورداً عن دفعهما بانتفائها في حقهما ، كما لم يورد مضمون الأدلة التي استند إليها في الإدانة في بيانٍ كافٍ وافٍ ، ولم يبين الأفعال التي أتاها كل متهم ودوره في الواقعة ، كما خلا من بيان وصف الاتهام ومن نص القانون - المادة 40 من العقوبات - التي دان الطاعن الثاني بموجبها بوصفه شريكاً في الجريمة ، ولم يستظهر القصد الجنائي في حقهما رغم تمسك الدفاع بانتفاء ذلك القصد ، كما أحال في بيان شهادة باقي شهود الإثبات إلى مضمون ما شهد به شاهد الإثبات الأول رغم اختلاف الوقائع المشهود عليها ، كما جاء قاصراً في بيان تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه من حيث وصف الإصابات ومستوى الإطلاق واتجاه الفاعل تحديداً ومدى جواز حدوث إصابة المجني عليه بالنظر إلى موقف الطاعن لا سيما وأن الواقعة كانت مشاجرة بين طرفين أختلط فيها الحابل بالنابل مما لا يعلم معه من محدث إصابة المجني عليه وقت المشاجرة مما كان يتعين على المحكمة أن تندب الطبيب الشرعي لمناقشته في ذلك إلا أن الحكم اطرح هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه وتعجلت الفصل في الدعوى دون تدارك أوجه ذلك القصور ، كما لم يستظهر المظاهر والدلائل والقرائن التي استخلص منها وجود اتفاق بين الطاعنين ومدى مساهمة الطاعن الثاني في ارتكاب الواقعة ، وعول الحكم على الدليلين القولي والفني رغم وجود تعارض بينهما أثاره الدفاع في مرافعته ، كما أنه أورد على لسان الشاهد / .... أنه شاهد الطاعنين وشخص آخر لم تشمله قائمة أدلة الثبوت ويدعى / .... في حين أنه قرر بتحقيقات النيابة العامة أنه شاهد الطاعنين وبرفقتهم المتهم الغائب .... ، كما أخطأ الحكم في مكان حدوث الواقعة إذ قرر بأن الواقعة تمت أمام مدرسة البنين ببندر .... في حين أن التحقيقات قررت بأنها بقرية .... بما ينبئ عن عدم إلمام المحكمة بواقعات الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة ، كما استند على أقوال شهود الإثبات رغم ما شاب أقوالهم من تناقض واطمأن إليها بتحقيقات النيابة العامة ولم يطمئن إليه بجلسة المحاكمة رغم عدولهم عن أقوالهم بتلك الجلسات ، وعلى تحريات الشرطة رغم عدم جديتها وبطلانها فضلاً عن أنها لا تصلح بمفردها دليل إلا أن المحكمة اطرحت دفعهما في ذلك الشأن بما لا يصلح رداً ، كما اعتنق تصويراً للواقعة على نحو يشوبه الاضطراب والتناقض إذ قرر بإحراز المتهم الثاني وباقي المتهمين أسلحة نارية واطلقوا منها أعيرة نارية ثم انتهى إلى عدم إدانتهم بثمة أسلحة أو ذخائر ودان الطاعن الأول بجريمة إحراز سلاح ناري وذخيرته رغم عدم ضبطه وعدم وجود تقرير فني يقطع بنوعه ، وعاب على التحقيقات إذ أنها تمت الكترونياً ولم تتضمن توقيع الطاعنين إلا على الصفحة الأخيرة فقط بالمخالفة لتعليمات النيابة العامة ، والتفت عن دفع الطاعنين بانتفاء صلتهما بالواقعة ، كما قامت المحكمة بتعديل قيد ووصف الاتهام من القتل العمد مع سبق الإصرار إلى ضرب أفضى إلى موت دون أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك لتحضير دفاعه على هذا الأساس ، وكان يتعين على المحكمة أن تكيف الواقعة بأنها جريمة قتل خطأ ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه . 
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وحصل مؤداها في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة بما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون - كالحال في الدعوى - فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون لا محل له ، هذا بالإضافة إلى أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعنين إسهامهما بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها وجودهما مع آخرين على مسرح الجريمة وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فيها ، فإن ما ينعاه الطاعنان في شأن التدليل على مشاركتهما في ارتكاب الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت جرائم الجروح عمداً والتي ينشأ عنها عاهة مستديمة أو جرائم الضرب المفضي إلى الوفاة لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، كما أن المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم ، بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاد من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة هذه الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منه أمام محكمة النقض ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين - خلافاً لما يقول به الطاعنان - وصف التهمة المسند إليهما مما يكفي لتحقيق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذا البيان . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعن الثاني كشريك ، وإنما دانه كفاعل أصلي في الجريمة التي دانه بها ، فإن نعيه بعدم توافر عناصر الاشتراك ، وخلو الحكم من نص القانون - المادة 40 من قانون العقوبات - لا يكون مقبولاً ، لعدم تعلقه بالحكم المطعون فيه ، أو اتصاله به . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يؤثر في ذلك اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحها لها ، وكان الأصل أن ما يشوب أقوال الشهود من تناقض - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكان الحكم قد أورد ما تساند إليه من أقوال شهود الإثبات بما لا شبهة فيه لأي تناقض وبما لا يماري الطاعنان في أن له أصله في الأوراق ، فإن منعاهما في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان النعي بانتفاء أركان الجريمة في حق الطاعنين وانقطاع صلتهما بها وأن الواقعة كانت مشاجرة بين طرفين اختلط فيها الحابل بالنابل مما لا يعلم معه من محدث إصابة المجني عليه وقت المشاجرة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا على أنه بحسب الحكم كما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعنين ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في تلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها ، وهي كذلك لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون له محل . هذا فضلاً عن أن دفاع الطاعنين لم يطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ، ومن ثم فليس لهما النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت للأدلة القائمة في الدعوى وإلى صورة الواقعة كما استقرت في يقينها ، فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين حضرا ومعهما مدافع ترافع في الدعوى وأبدى دفوعه ودفاعه ، وكانت الدعوى استغرقت الوقت الكافي في نظرها دون طلب منه لمزيد من الوقت ، فإن قول الطاعنين أن المحكمة تعجلت الفصل في الدعوى لا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه ويكون النعي به غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كلاً منهم قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة ، أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين مع باقي المتهمين على الجريمة التي دينوا بها من معيتهم في الزمان والمكان ، ونوع الصلة بينهم ، وصدور الجريمة عن باعث واحد ، واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ، فإن ما انتهى إليه الحكم من ترتيب التضامن في المسئولية بينهما وباقي المتهمين واعتبرهم فاعلين أصليين للجريمة يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني ، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات التي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقرير الطبي ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص يكون على غير أساس ، هذا فضلاً عن أن الحكم قد عرض لما قام عليه دفاع الطاعنين واطرحه بأسباب سائغة أفصح فيها عن اطمئنانه لأدلة الثبوت السائغة التي أوردها ، فإنه يكون من غير المقبول العودة إلى إثارة مثل هذه الأمور لكونها من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يصح التحدي به أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من أن الشاهد / .... لم يقرر أنه شاهد الطاعنين وشخص آخر لم تشمله قائمة أدلة الثبوت ويُدعى .... على خلاف ما حصله الحكم - وعلى فرض صحة ذلك - يكون غير قويم لأن هذه الواقعة لم تكن عماد الحكم . هذا فضلاً عن أن الخطأ في الإسناد في خصوص مكان الحادث - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم في شيء ما دام ذلك المكان لم يكن بذي أثر في منطق الحكم ولم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، كما أنه لا يعتبر بيان محل الواقعة في الحكم الجنائي من البيانات الهامة الواجب ذكرها فيه إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثراً قانونياً كأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشدداً وفي غير هذا النطاق فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة مجرد الإشارة الجزئية إليه ما دام أن الطاعنين لم يدفعا بعدم اختصاص المحكمة بنظرها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، كما أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، كما أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض واختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، فضلاً عن أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها ، ولا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي اطرحت أقوالهم بعدم ارتكاب الطاعنان الواقعة ، إذ لا يعدو أن يكون قولاً جديداً منهم يتضمن عدولاً عن اتهام الطاعنين وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ما دام الحكم قد أبدى عدم اطمئنان المحكمة إلى ما جاء به ولم يكن له تأثير في عقيدتها أو النتيجة التي انتهت إليها ، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الحكم المطعون فيه - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس . فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه رد على دفع الطاعن بما يسوغ به الرد ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد خلا من هذا التناقض فإن ما جاء بوجه الطعن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يوقع على الطاعنان سوى العقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت باعتبارها الجريمة الأشد ، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعنان فيما يتعلق بجريمة السلاح ما دامت أسبابه وافية لا قصور فيها بالنسبة إلى جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دانهما بها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا أمام محكمة الموضوع بثمة قصور في تحقيقات النيابة بشأن ما أثير بأسباب طعنهما ، فليس لهما أن ينعيا على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منهما الدفع بشيء من ذلك أمام محكمة النقض لأول مرة . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم - التي ترى انطباقه على واقعة الدعوى - وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به ، وكان مرد التعديل هو عدم توافر الدليل على ثبوت القتل لدى المحكوم عليهما وانتفاء ظرف سبق الإصرار المشدد دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت الطاعنين مرتكبين لجريمة الضرب المفضي إلى الموت هذا التعديل لا يجافي التطبيق القانوني السليم في شيء ولا محل لما يثيره الطاعنان من الإخلال بحقهما في الدفاع ، إذ إن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف نتيجة استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنان من أن الواقعة تشكل جنحة القتل الخطأ لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب كما أن المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها اطرحتها ولم تعول عليها ، ويكون نعي الطاعنين في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليهم برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 44 لسنة 90 ق جلسة 4 / 6 / 2022 مكتب فني 73 ق 44 ص 419

جلسة 4 من يونيه سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / رفعت طلبة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عمرو فاروق الحناوي ، كمال عبد اللاه ود. أحمد عثمان نواب رئيس المحكمة ووائل الشيمي .
------------------
(44)
الطعن رقم 44 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) تهريب المهاجرين . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة تأسيس جماعة إجرامية منظمة بغرض تهريب المهاجرين والانضمام إليها . غير لازم . العلم فيها . مسألة نفسية . للمحكمة تبينه من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها . تحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال . غير لازم . حد ذلك ؟
العبرة في عدم مشروعية أي جماعة إجرامية بالغرض ‏الذي تهدف إليه والأنشطة التي تمارسها للوصول لمبتغاها .‏
لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة تأسيس جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين يتولى قيادتها . متى دانته المحكمة بجريمة الشروع في تهريب مهاجرين مع تعدد الجناة واستخدام وثائق سفر مزورة بوصفها الأشد .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
تقدير الدليل . موكول لمحكمة الموضوع . متى اقتنعت به واطمأنت إليه . نعي الطاعن بخلو الأوراق من دليل على ارتكابه للجرائم التي دين بها . غير مقبول .
(4) فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن على الحكم عدم استظهار اتفاقه مع المحكوم عليه الآخر . غير مقبول . متى دانه باعتباره فاعلاً أصلياً .
(5) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قضاء المحكمة بناءً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين لا على الفرض والاحتمال . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشهود . مفاده ؟
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
عدم توصل التحريات لطبيعة الاتفاق الذي تم بين الطاعن والمجني عليهم . لا يعيبها . النعي على الحكم في هذا الشأن . جدل موضوعي في تقدير الدليل .
(7) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " الصفة في الطعن " " المصلحة في الطعن " .
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها . غير مقبول .
وجه الطعن . وجوب أن يكون متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه .
مثال .
(8) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الدفع بانتفاء صلة الطاعن بالواقعة وتلفيق الاتهام وخلو الأوراق من دليل إدانة وعدم توجيه اتهام له . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
(9) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودهـا عــن إجـراء تحقيق لـم يطلب منها ولـم تر حاجـة لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من ملاحظات النيابة العامة ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون لا محل له .
2- من المقرر أنه لا يلزم في الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة تأسيس جماعة إجرامية منظمة بغرض تهريب المهاجرين والانضمام إليها المنصوص عليها بالمواد 1 ، 5 ، 6 ، 7 ، ١٧ من القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليها ، ومن المقرر أن العلم في تلك الجريمة هو مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث عنها الحكم صراحة وعلى استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره ، كما أنه من المقرر أن العبرة في عدم مشروعية أي جماعة إجرامية هو بالغرض الذي تهدف إليه والأنشطة التي تمارسها للوصول لمبتغاها ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر بمدوناته أن غرض الجماعة الإجرامية المنظمة التي أسسها الطاعن هو تهريب المهاجرين وتدبير انتقالهم بطريقة غير مشروعة من دولة إلى أخرى ، واستخدام وثائق سفر مزورة للوصول إلى هدفها مع العلم بذلك ، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . هذا فضلاً عن أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن الجريمة الأولى - جريمة تأسيس جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين يتولى قيادتها - ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة الشروع في تهريب مهاجرين مع تعدد الجناة واستخدام وثائق سفر مزورة ، وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد .
3- من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجرائم التي دانه بها ، وأورد من الأسباب ما يكفي لحمل قضائه بإدانة الطاعن ، فإن ما ينعاه من خلو الأوراق من دليل على ارتكابه الواقعة يكون في غير محله .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن باعتباره فاعلاً أصلياً في الجرائم المسندة إليه وليس شريكاً فيها ، ومن ثم يضحى منعاه بعدم استظهار اتفاقه مع المحكوم عليه الآخر على ارتكاب الجريمة غير قويم .
5- لما كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعن ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الظن والاحتمال - حسبما يذهب إليه الطاعن - فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6- من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززه لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابه لمحكمة النقض عليها ، وأنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أنه من المقرر أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض التفاصيل - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كما أنه لا يعيب تلك التحريات ألا تتوصل لطبيعة الاتفاق الذي تم فيما بين الطاعن والمجني عليهم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى جديتها وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثير في هذا الخصوص .
7- لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر ثمة منازعة بشأن زمان ومكان الضبط وشخص القائم به ، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . هذا إلى أن هذا الوجه من النعي لا يتصل بشخص الطاعن ولا مصلحة له فيه بل هو يختص بالمتهمين الذين ألقي القبض عليهما وحدهما ، فلا يُقبل ما يثيره في هذا الصدد ، لما هو مقرر من أن الأصل أنه لا يُقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه .
8- من المقرر أن الدفع بانتفاء صلة الطاعن بالواقعة وتلفيق الاتهام وخلو الأوراق من دليل الإدانة وعدم توجيه اتهام له من قبل المجني عليهم ، من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول .
9- لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وأمرت المحكمة بتلاوتها وتُليت ، ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخرين سبق محاكمتهم - بأنهم :
- أسسوا جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين وتولي قيادتها على النحو المبيَّن بالتحقيقات .
- شرعوا في تهريب كل من / .... ، .... ، .... إلى دولة .... بـأن قام الأول والثاني باصطناع بطاقات إقامة مزورة لهم واصطحبهم الثالث والرابع لتسفيرهم ، وذلك على النحو المبيَّن بالتحقيقات .
المتهمان الأول – الطاعن – وآخر سبق الحكم عليه :
- صنعا تذاكر مرور مزورة ( بطاقات إقامة بدولة .... ) وذلك على غرار الصحيح منها واستعملاها بتقديمها إلى كل من / .... ، .... ، .... – للسفر بها عبر ميناء .... الجوي على النحو المبيَّن بالتحقيقات .
المتهم الخامس :
- توسط في ارتكاب جريمة تهريب المهاجرين سالفة البيان بأن قام بتوصيل راغبي الهجرة غير الشرعية وهم / .... ، .... ، .... إلى المتهم الأول لتسهيل إجراءات سفرهم فارتكب الجرائم محل الاتهامات السابقة .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 4 ، 5 ، 6/ فقرة أولى ، فقرة ثانية بنود 1 ، 3 ، 7 من القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية ، والمادة ٢١٧ من قانون العقوبات ، وبعد إعمال المادتين 30 ، ٣٢ من ذات القانون الأخير ، بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات ، وتغريمه مائتي ألف جنيه عما أسند إليه ، ومصادرة المحررات المزورة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تأسيس وإدارة جماعة إجرامية منظمة بغرض تهريب المهاجرين والشروع في تهريبهم وتزوير تذاكر مرور واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن أسبابه جاءت غامضة مبهمة ولم يلم بوقائع الدعوى وأدلتها ، ولم يدلل على توافر أركان الجريمة الأولى في حقه رغم الدفع بانتفائها ، وأن ما ساقه في هذا الخصوص لا يؤدي إلى توافرها ، ولم يستظهر اتفاق الطاعن مع المتهم سابق الحكم عليه على ارتكاب الجرائم التي دانه بها ، وبنى قضاءه على الفرض والاحتمال ، وعوَّل على تحريات الشرطة وأقوال مجريها رغم عدم صلاحيتها دليلاً في الإثبات مطرحاً بما لا يسوغ الدفع بعدم جديتها ومكتبيتها بدلالة تناقضها مع أقوال المجني عليهم وعدم توصلها لطبيعة الاتفاق الذي تم بينهم ، فضلاً عن مخالفتها للواقع في خصوص زمان ومكان الضبط وشخص القائم به ، هذا ولم يحفل الحكم بأوجه دفاعه بانتفاء صلته بالواقعة واختلاقها من قبل الضابط شاهد الإثبات الأول وخلو الأوراق من دليل الإدانة وعدم توجيه أي اتهام له من قبل المجني عليهم سوى شاهد الإثبات الثاني ، مما كان يوجب على المحكمة استدعائه وسماع أقواله وقوفاً على مدى صحتها ، ذلك كله يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من ملاحظات النيابة العامة ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم في الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة تأسيس جماعة إجرامية منظمة بغرض تهريب المهاجرين والانضمام إليها المنصوص عليها بالمواد 1 ، 5 ، 6 ، 7 ، ١٧ من القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليها ، ومن المقرر أن العلم في تلك الجريمة هو مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث عنها الحكم صراحة وعلى استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره ، كما أنه من المقرر أن العبرة في عدم مشروعية أي جماعة إجرامية هو بالغرض الذي تهدف إليه والأنشطة التي تمارسها للوصول لمبتغاها ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر بمدوناته أن غرض الجماعة الإجرامية المنظمة التي أسسها الطاعن هو تهريب المهاجرين وتدبير انتقالهم بطريقة غير مشروعة من دولة إلى أخرى ، واستخدام وثائق سفر مزورة للوصول إلى هدفها مع العلم بذلك ، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . هذا فضلاً عن أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن الجريمة الأولى - جريمة تأسيس جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين يتولى قيادتها - ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة الشروع في تهريب مهاجرين مع تعدد الجناة واستخدام وثائق سفر مزورة ، وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجرائم التي دانه بها ، وأورد من الأسباب ما يكفي لحمل قضائه بإدانة الطاعن ، فإن ما ينعاه من خلو الأوراق من دليل على ارتكابه الواقعة يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن باعتباره فاعلاً أصلياً في الجرائم المسندة إليه وليس شريكاً فيها ، ومن ثم يضحى منعاه بعدم استظهار اتفاقه مع المحكوم عليه الآخر على ارتكاب الجريمة غير قويم . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد أقامت قضائها على ما اقتنعت به من أدله ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعن ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الظن والاحتمال - حسبما يذهب إليه الطاعن - فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززه لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابه لمحكمة النقض عليها ، وأنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أنه من المقرر أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض التفاصيل - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كما أنه لا يعيب تلك التحريات ألا تتوصل لطبيعة الاتفاق الذي تم فيما بين الطاعن والمجني عليهم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى جديتها وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثير في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر ثمة منازعة بشأن زمان ومكان الضبط وشخص القائم به ، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . هذا إلى أن هذا الوجه من النعي لا يتصل بشخص الطاعن ولا مصلحة له فيه بل هو يختص بالمتهمين الذين ألقي القبض عليهما وحدهما ، فلا يُقبل ما يثيره في هذا الصدد ، لما هو مقرر من أن الأصل أنه لا يُقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء صلة الطاعن بالواقعة وتلفيق الاتهام وخلو الأوراق من دليل الإدانة وعدم توجيه اتهام له من قبل المجني عليهم ، من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لان مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وأمرت المحكمة بتلاوتها وتُليت ، ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 827 لسنة 30 ق جلسة 27 / 6/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 117 ص 615

جلسة 27 من يونيه سنة 1960

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل المستشار، وبحضور السادة: أحمد زكي كامل، والسيد أحمد عفيفي، ومحمد عطية إسماعيل، وعادل يونس المستشارين.

------------------

(117)
الطعن رقم 827 سنة 30 القضائية

(أ, ب) تزوير.
عناصر الواقعة الإجرامية: وقوع التزوير على شيء مما أعدّ المحرر لإثباته.
تاريخ المحرر بيان هام مما يجب إثباته في محاضر أعمال المأموريات المكلف بها معاون محكمة الأحوال الشخصية.
الصور العامة لتزوير المحررات: المحرر الرسمي. مناط رسميته.
يكفي أن يكون تحريره طبقاً لمقتضيات العمل بناءً على أمر رئيس مختص.
دفتر تسلم معاوني محكمة الأحوال الشخصية المأموريات المندوبين لتنفيذها هو من الأوراق الرسمية.

------------------
1 - تاريخ المحرر هو من البيانات الهامة التي يجب إثباتها في محاضر الأعمال الخاصة بالمأموريات التي يكلف بها معاون محكمة الأحوال الشخصية باعتبار أن هذا البيان هو عنصر أساسي لإثبات ما يدرج في هذه المحاضر من البيانات.
2 - الدفتر المعد لتسلم المأموريات التي يندب لتنفيذها معاون محكمة الأحوال الشخصية هو من الأوراق الرسمية - إذ العبرة في رسمية المحرر ليست بصدور قانون أو لائحة تسبغ عليه هذه الصفة، بل إن الرسمية تستمد كذلك من أمر رئيس مختص طبقاً لمقتضيات العمل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته من مأموري التحصيل المنوط بحساب - معاون محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية - استولى على مائة جنيه من نصيب قاصري المرحوم يوسف فاضل والمسلمة إليه من الوصية زينب السيد محمود، وبصفته السابقة استولى على مبلغ 7154 جنيهاً و385 مليماً من نصيب القصر في القضايا المبينة بكشوف لجنة الفحص، وبصفته السابقة ارتكب تزويراً في محررات رسمية هي محضر إشهار المزاد الخاص ببيع نصيب قصر المرحوم يوسف فاضل بأن أثبت مقدار الثمن الذي تسلمه مائتين وخمسين جنيهاً بدلاً من ثلاثمائة وخمسين جنيهاً على خلاف الحقيقة، وكذا محضر المأمورية رقم..... بإثبات إيداع النقود خزينة بنك مصر بتاريخ أول يوليه سنة 1956 بدلاً من أول سبتمبر سنة 1956 كالثابت بإيصال الإيداع لبنك مصر، وكذلك محضر المأمورية رقم..... بإثبات قبض نصيب القاصرة من المشترين في 29 سبتمبر سنة 1956 بدلاً من 29 يوليه سنة 1956 طبقاً للثابت بمحضر التصديق، وأيضاً في دفتر استلام المأموريات بأن أثبت به خلاف الحقيقة توقيعاً نسبه لسكرتير نيابة روض الفرج الجزئية للأحوال الشخصية بشأن تسليم المأمورية رقم....... وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 112 و118 و211 و213 من قانون العقوبات. فقررت الغرفة ذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بالمواد 17 و32 و111 و112 و118 و119 و211 و213 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه خمسمائة جنيه وبإلزامه برد مبلغ مائة جنيه وبعزله من وظيفته وذلك عن التهم المسندة إليه عدا التهمة المبينة بالفقرة الثانية من التهمة الأولى وببراءته من تهمة اختلاسه مبلغ 7154 جنيهاً و385 مليماً المسندة إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن أسباب الطعن المبينة بتقريري الأسباب تتحصل في أوجه ثلاثة.
وحيث إن مبنى الوجه الأول من هذه الأوجه القصور في بيان واقعة الدعوى ومؤدي الأدلة، ذلك أن الحكم المطعون فيه لم يعن بتحصيل وقائع الدعوى وظروفها فلم يبين الأفعال المادية التي وقعت من الطاعن وتوافر ركن القصد الجنائي لديه ولم يتحدث عن البلاغات المقدمة في الدعوى ومهمة اللجنة التي قامت بفحص عمل الطاعن وما انتهت إليه وما وقع فيه سكرتيرو الجلسات من أخطاء وما أجروه من محو في الدفاتر لستر تأخرهم في إنجاز أعمالهم. كما أن الحكم لم يتقص ما ورد بدفاتر المعاونين وتقارير معمل الأبحاث وخاصة التقرير الأخير. كما أنه لم يورد مضمون الأدلة بطريقة وافية ولم يوضح وجه استدلاله بها فأغفل بيان شهادة الوصية "زينب السيد محفوظ" مكتفياً بالقول بأنها لا تخرج في معناها عما شهدت به الشاهدة "فتحية إسماعيل" ولم يعرض الحكم كذلك لتصرف الوصية بتعاقدها مع المشتري على بيع نصيب القاصرتين وقبض جزء من الثمن قبل تصريح محكمة الأحوال الشخصية بالبيع. كما أغفل بيان شهادة الكاتب "محمود شريف" ولم يشر إلى التضارب في أقوال الشهود - كل هذا جعل الحكم مشوباً بالقصور.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن محكمة الوايلي الجزئية للأحوال الشخصية كانت قد ندبت بقرارها الصادر بتاريخ 20 من فبراير سنة 1957 المتهم سامي محمد شعبان الذي كان يعمل معاوناً لمحكمة القاهرة للأحوال الشخصية لتنفيذ ما صرحت به للسيدة زينب السيد محفوظ الشهيرة بفتحية بصفتها وصية على بنتيها ماجدة ومحاسن قاصرتي زوجها المرحوم الدكتور يوسف محمد فاضل في بيع نصيبهما في أرض ومبنى المنزل نمرة 9 شارع مدرسة ولي العهد بثمن أساسي قدره 5115 جنيهاًً للمنزل جميعه بالمزاد العلني كما ندبته في قبض قيمة نصيب القاصرتين من الثمن وإيداعه خزينة بنك مصر لحسابهما - إذ كانت الوصية سالفة الذكر قد تقدمت للمحكمة بطلب بيع هذا النصيب، فحدد المتهم بناء على ذلك يوم 5 مارس سنة 1957 لإشهار المزاد وكلف الوصية بإجراء النشر. فحضرت إلى مكتبه يومئذ وقدمت له عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 2/ 1957 المحرر بينها عن نفسها وبصفتها سالفة الذكر وبين عبد الرحمن السيد توفيق بصفته مشتري والمتضمن مشتراه منها 6 قراريط و8 أسهم على الشيوع في المنزل المذكور - مقدار ما أصابها وابنتيها هاتين من مورثهما المرحوم يوسف محمد فاضل نظير ثمن قدره 1350 جنيهاً دفع منه عند توقيع هذا العقد مبلغ 350 جنيهاً والباقي وقدره 1000 جنيه اتفق الطرفان على دفعه عند التوقيع على عقد البيع النهائي، وقد تأشر على هذا العقد بالنظر من المتهم بتاريخ 5/ 3/ 1957، ثم حدد - بعد الرجوع إلى المحكمة لتعديل القرار - يوم 28 من مارس سنة 1957 موعداً لإشهار المزاد فتقدمت إليه يومئذ الوصية سالفة الذكر والسيدة فتحية إسماعيل محمد زوجة المشتري بالعقد المشار إليه آنفاً بصفتها نائبة عنه ولم يتقدم غيرها للمزايدة فأفهمها بأن حصة القاصرتين المطروحة بالمزاد قدرها 8 أسهم و5 قراريط من المنزل المذكور فقررت أنها تقبل الشراء بالسعر الذي تعاقدت به ابتدائياً مع الوصية وقدره 1350 جنيهاً لحصة قدرها 6 قراريط و8 أسهم أي مبلغ 1136 جنيهاً و895 مليماً بالنسبة لحصة القاصرتين ولم يتقدم أحد للشراء حتى الساعة 11 ونصف صباحاً ووافقت الوصية على ذلك وطلبت إرساء المزاد على المتقدم للشراء فأرسى المزاد على عبد الرحمن سيد توفيق بالمبلغ المذكور لحصة القاصرتين وقدرها 1136 جنيهاً و895 مليماً. ولما طالب بمقدم الثمن من نائبه المشتري قالت إنها كانت قد دفعته للوصية فسلمته هذه بدورها أمامها مبلغ 350 جنيهاً عبارة عن سبع ورقات من أوراق البنكنوت فئة كل منها 50 خمسين جنيهاً مصرياً فأخذها وعدها ووضعها في جيبه. ولما كان المتهم قد انتوى اختلاس مبلغ مائة جنيه من هذا المبلغ المسلم إليه بسبب وظيفته والمندوب لقبضه وإيداعه خزينة بنك مصر لحساب القاصرتين فقد عمد إلى تغيير حقيقة هذه الواقعة بقصد التزوير في محضر المزايدة الرسمي المؤرخ 28/ 3/ 1957 المختص بتحريره بجعله واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة - إذ أثبت فيه أنه إنما تسلم من الحاضرة عن المشتري مبلغ مائتي وخمسين جنيهاً فقط كمقدم للثمن وذلك بقصد إضافة هذا المبلغ المختلس إلى نفسه والتصرف فيه تصرف المالك واستغل ثقة الوصية والنائبة عن المشتري فيه باعتباره أميناً فاستوقعهما إمضاءهما على المحضر دون تلاوته عليهما. ولما طلبت إليه الوصية أن ترافقه إلى البنك لإيداع مقدم الثمن تعلل بأنه سيقوم هو بنفسه بذلك وليس من داع لمرافقته. ثم عادت الوصية والنائبة عن المشتري بعد ذلك لتعجيل الجلسة المحررة للتصديق على عقد البيع وذهبتا إلى ياسين محمد مصطفى كاتب الجلسة وطلبت منه الوصية الاطلاع على إيصال إيداع مقدم الثمن فتبين له من الاطلاع عليه أن الإيصال قاصر على مبلغ 250 جنيه الذي تورد للبنك في 30/ 3/ 1957 فذهبتا إلى حيدر محمود شيرازي رئيس القلم الجنائي للأحوال الشخصية وشكتا إليه ما حصل وأخبرتاه بأن المبلغ المدفوع للمعاون المتهم هو 350 جنيه فاستمهلهما وقصد إلى المتهم ثم لحقتا به وطلبت إليه أن يكتب إيصالاً بالمبلغ الباقي فلم يمانع إلا أن الوصية رأت ضرورة توقيع رئيس القلم على الإيصال كشاهد فلما رفض هذا ذلك أبت الوصية أخذ الإيصال ثم أبلغت النيابة..." وقد عرض الحكم بعد ذلك لفحص أعمال الطاعن وما أسفر عنه من ارتكابه جرائم التزوير في دفتر استلام المأموريات وفي محاضر أعماله الخاصة ببعض المأموريات التي كان مكلفاً بها وذلك بإثباته تواريخ استلامه المبالغ من ذوي الشأن على خلاف حقيقتها ليستر بذلك تأخيره في توريدها لحساب القصر بالبنك. واستند الحكم في إثبات هذه الوقائع إلى شهادة الوصية والنائبة عن المشتري وكذلك إلى شهادة رئيس القلم الجنائي للأحوال الشخصية وباقي الموظفين المختصين وإلى اطلاع المحكمة على عقد البيع الابتدائي والأوراق المزورة وتقرير خبير الخطوط وكذلك أوراق البنك الثابت بها تواريخ إيداع الطاعن للمبالغ موضوع الاتهام. وقال الحكم زيادة في بيان القصد الجنائي في جريمة الاختلاس "أن المتهم أثبت زوراً في المحضر الذي حرره أنه تسلم مبلغ 250 ج فقط مما تستدل منه المحكمة على قصده في إضافة هذا المبلغ المختلس والمسلم إليه بسبب وظيفته إلى ملكه والتصرف فيه تصرف المالك.... وقبوله تحرير إيصال عليه بالمبلغ المختلس لولا اشتراط الوصية توقيع رئيس القلم الجنائي كشاهد على الإيصال ورفض هذا الأخير ذلك". ولما كان يبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال أحد الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة فيما استند إليه الحكم منها، فإنه لا يضير الحكم المطعون فيه قوله بأن شهادة الوصية "زينب السيد محفوظ" لم تخرج في معناها عن أقوال الشاهدة "فتحية إسماعيل محمد" التي أورد الحكم أقوالها تفصيلاً - ما دام أن الطاعن لا يماري في اتفاق أقوال الاثنتين فيما استند إليه الحكم منها. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أدلة وعناصر في الدعوى وأن تطرح ما عداها، كما وأنها ليست ملزمة بأن تشير إلى التضارب في أقوال الشهود إذ أن في إغفال الإشارة إلى ما يخالف ما أخذت به من أقوال يفيد ضمناً إطراح ما أغفلته واطمئنانها إلى ما أثبتته من هذه الأقوال واعتمدت عليها في حكمها. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من طعنه يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ذلك أن الحكم المطعون فيه خالف قواعد الإثبات المنصوص عليها في المادة 401 من القانون المدني والتي تنص على عدم جواز الإثبات بالبينة فيما يخالف أو يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي، وأنه لما كان الثابت بالمحضر الذي حرره الطاعن في 28 من مارس سنة 1957 أن المبلغ الذي تسلمه هو 250 ج فقط وكانت المادة 225 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن تتبع المحاكم الجنائية في المسائل غير الجنائية التي تفصل فيها تبعاً للدعوى الجنائية طرق الإثبات المقررة في القانون الخاص بتلك المسائل فإنه لم يكن يسوغ للحكم أن يدين الطاعن على أساس أن ما استلمه هو مبلغ 350 جنيهاً استناداً إلى أقوال الشهود - وما ذهب إليه الحكم من أن العرف الذي جرى عليه العمل من عدم إعطاء ذوي الشأن إيصالاً بالمبالغ التي يدفعونها يعتبر مانعاً مادياً من الحصول على الكتابة وبالتالي يجيز سماع الشهود هو خطأ قانوني ظاهر لأن العرف هذا لم يمنع من تحرير محضر رسو المزاد وإثبات المبلغ المدفوع به وإقرار الطاعن باستلامه كتابة بخطه ثم توقيع الوصية إقراراً بصحة ما أثبت بالمحضر، ومن ثم فلم يكن يجوز بحال إثبات عكسه بالبينة، وبالتالي فلا يمكن القول بارتكاب الطاعن تزويراً في هذا المحضر أو في غيره من الأوراق المتعلقة بعمله. هذا فضلاً عن أن الحكم قد أخطأ بإدانة الطاعن عن واقعة تزوير الإمضاء المنسوبة للكاتب "محمود محمد عبد الله الشريف" بدفتر استلام المأموريات لأن هذا الدفتر ليس من الأوراق الرسمية ولم يثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير أن الإمضاء المزورة هي بخط يد الطاعن، كما أخطأ الحكم كذلك في اعتبار التغيير الذي وقع في تاريخ استلام المبالغ وإيداعها بالبنك تزويراً مع أن التاريخ ليس من البيانات الجوهرية في مثل هذه الأحوال.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لما يثيره الطاعن في هذا الوجه بقوله "ولا يؤثر في أمر ثبوت التهمة قبل المتهم - وقد اطمأنت المحكمة في ذلك كل الاطمئنان إلى شهادة الشاهدتين سالفتي الذكر - القول بأن المبلغ المستلم قد ثبت كتابة بتوقيع الوصية والنائبة عن المشتري في المحضر الذي حرره المتهم وشهادة محمد فوزي نائب كبير كتاب محكمة القاهرة الابتدائية للأحوال الشخصية بالجلسة من أن العادة قد جرت حتى وقت الحادث بأن المعاون لا يسلم أولي الشأن إيصالاً بالمبالغ التي يتسلمها من مقدم الثمن اكتفاء بالثابت في محضره وهذا الذي جرى عليه عرف العمل وقت الحادث مانع مادي من الحصول على كتابة الأمر الذي معه يقوم الإثبات بالبينة فيما زاد على العشرة جنيهات طبقاً لنص المادة 403 من القانون المدني......" ثم عرض الحكم لجرائم التزوير التي وقعت من الطاعن وما يثيره بشأنها في الطعن المقدم منه بقوله "وحيث إنه لا جدال ابتداء في أن المحاضر التي حررها المتهم بصفته معاوناً لمحكمة الأحوال الشخصية في القضايا المشار إليها آنفاً وكذلك الدفتر المعد لتسلمه المأموريات التي ندب فيها هي أوراق رسمية يقوم بها موظف مختص بها وقد أعدت للغرض الذي اتخذت من أجله - فتغيير الحقيقة فيها بالتعديل أو الاصطناع أو وضع إمضاءات مزورة أو جعل واقعة مزورة فيها على صورة واقعة صحيحة بقصد التزوير مع علمه به - هو تزوير في ورقة رسمية وما يجادل فيه المتهم من أن الدفتر المعد لتسليم المأموريات له إنما هو دفتر خاص مردود بأن هذا الدفتر قد اتخذ عملاً ونظاماً لمراجعة أعمال المتهم وما يتخذه من المأموريات التي يندب لها وما يظل عنده باقياً منها ولإثبات ما يتم بشأن تسليم أوراقها للموظفين المختصين بذلك من السكرتارية أو كتبة الجلسات لتحديد مسئولية كل منهم بما يقطع بأنها قد أعدت واتخذت أصلاً لهذه المصلحة العامة ويقوم بتحريرها موظف مختص بذلك. ثم أن تغيير الحقيقة في هذه الأوراق سالفة الوصف على أية صورة من الصور المشار إليها آنفاً ينتج عنه حتماً ضرر يتمثل في أضعف صورة في العبث بما لهذه الأوراق الرسمية من الثقة في نظر الناس..." كما عرض الحكم كذلك لواقعة تزوير إمضاء الكاتب محمود محمد عبد الله الشريف بقوله "إن تهمة تزوير المتهم توقيع إمضاء الشريف...... ثابتة قبله مما انتهى إليه تقرير قسم أبحاث التزوير من أن هذا التوقيع ليس بخط المنسوب إليه من جهة ولأن أوراق هذه المأمورية المنسوب تسلمها زوراً في الدفتر المذكور إلى محمود محمد عبد الله الشريف سكرتير نيابة روض الفرج الجزئية للأحوال الشخصية استلامها الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى أن المتهم نفسه هو محدث هذا التزوير إذ أنه هو صاحب المصلحة الوحيدة في إجراءه حتى يطمئن على عدم كشف تأخير أوراق المأمورية لديه عند مراجعة كبير المعاونين والمختصين من المشرفين على أعماله لهذا الدفتر بصرف النظر عما جاء بتقرير التزوير من عدم إمكان إثبات أو نفي نسبة هذا التزوير إليه. إذ لم يقطع ذلك في نفي حصوله منه." ولما كان هذا القول كافياً في الرد على ما أبداه المتهم من دفاع، وكانت العبرة في رسمية المحرر ليست بصدور قانون أو لائحة تسبغ عليه هذه الصفة، بل إن الرسمية تستمد كذلك من أمر رئيس مختص طبقاً لمقتضيات العمل، ولما كان تاريخ المحرر هو من البيانات الهامة التي يجب إثباتها في الأوراق ومحاضر الأعمال التي وقع فيها التزوير باعتبار أن هذا البيان هو عنصر أساسي لإثبات ما يدرج فيها من البيانات، وكان الأصل في المحاكمات الجنائية أن العبرة في إدانة المتهم أو براءته هي باقتناع القاضي بناء على التحقيقات التي يجريها بنفسه فلا تصح مطالبته بالأخذ بدليل دون دليل أو بالتقيد في تكوين عقيدته بالأحكام المقررة بالقانون لإثبات الحقوق والتخالص منها في المواد المدنية والتجارية إلا حيث ينص القانون على الأخذ بدليل معين، وإذن فإذا اقتنع القاضي من الأدلة التي أوردها بأن المتهم ارتكب الجريمة المرفوعة بها الدعوى وجب عليه أن يدينه ويوقع عليه العقاب ويكون ذلك معناه أنه لم ير في أي دليل آخر - ولو كان ورقة رسمية ما يغير النظر الذي انتهى إليه ما دام هذا الدليل غير مقطوع بصحته ويصح في العقل أن يكون مخالفاً للحقيقة. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه إنه قد دلل تدليلاً سائغاً ومقبولاً على توافر أركان جريمتي الاختلاس والتزوير في حق الطاعن، فإن ما ورد بهذا الوجه يكون لا محل له. هذا فضلاً عن أنه لا جدوى للطاعن فيما يثيره في شأن جرائم التزوير التي وقعت منه ما دام أن الحكم قد أنزل به عقوبة الجريمة الأشد وهي العقوبة المقررة لجريمة الاختلاس عملاً بالفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو فساد الاستدلال وتهاتر الأسباب وخطأ الإسناد، ذلك أن الحكم المطعون فيه اتخذ من المقارنة بين محضر إشهار مزاد خاص بأموال قصر المرحوم جرجس مسيحة ومحضر المزاد موضوع التهمة الأولى وكتابة المبلغ في المحضر الأول رقما وكتابة ثم كتابته في المحضر الثاني دون ترقيم دليلاً على الاختلاس والتزوير. كما قضى الحكم بإدانة الطاعن على الرغم من أنه قد أخذ بدفاعه بالنسبة لتهمة استيلائه على مبلغ 7154 جنيهاً و385 مليماً فقضى ببراءته منها - على أساس أن ما وقع منه من تأخير في توريد المبلغ المشار إليه لا يدل على توافر نية الاختلاس لديه - مما مؤداه أن هذا التأخير كان باعثه في الواقع كثرة عمل الطاعن وشدة إرهاقه - وقد أيد الطاعن في ذلك جميع رؤسائه. هذا فضلاً عن فساد تدليل الحكم على ثبوت تهمة اختلاس المائة جنيه في حق الطاعن إذ قال الحكم أن المبلغ الثابت دفعه مقدماً إلى الوصية بمقتضى عقد البيع الابتدائي هو مبلغ 350 جنيهاً وأنه لما كان الطاعن قد اطلع على هذا العقد فيكون قد عرف بطبيعة الحال أن المبلغ المطلوب دفعه إليه عند رسو المزاد هو مبلغ 350 جنيهاً وقد فات الحكم أن القدر المبيع هو 6 قراريط و11 سهماً يدخل فيه نصيب الزوجة "الوصية" فلو استبعد نصيبها يكون الباقي مبلغ 250 جنيهاً وهو المبلغ المستحق للقاصرتين والواجب إيداعه بالبنك لحسابهما - خاصة وأنه لا يتحتم أن يكون المبلغ المدفوع عند رسو المزاد هو المبلغ المدفوع بالعقد الابتدائي. أما عن خطأ الإسناد فيعيب الطاعن على الحكم أنه أكد أن الطاعن هو الذي زوّر إمضاء سكرتير نيابة روض الفرج "محمد محمد عبد الله الشريف" مع أن التقرير الأخير لقسم الأبحاث لم يقطع بأن الإمضاء مزورة بل ورد به "أن توقيع المذكور محرر على هيئة "فرمة" أشبه بتأشيرة محررة بطريقة خاصة تختلف عن توقيعات محمود الشريف بورقة استكتابه والتوقيعات المعترف بها، ومن ثم فقد تعذر نسبة أو نفي التوقيع موضوع الفحص إلى الطاعن أو غيره". وما انتهى إليه هذا التقرير لا يمكن أن يستخلص منه أن الطاعن هو الذي زوّر الإمضاء - كما ذهب إلى ذلك الحكم المطعون فيه - خاصة وقد شهد سكرتيرو نيابات الأحوال الشخصية الموقعون على دفتر المأموريات المدعى حصول التزوير بها بصحة توقيعاتهم على الرغم من أن الأوراق الموقع منهم باستلامها قد وجدت بمكتب الطاعن.
وحيث إنه لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه والتي سبق الإشارة إليها في الرد على الوجه الأول أنه اعتمد بصفة أصلية في إدانة الطاعن بتهمة الاختلاس والتزوير في محضر المزاد المؤرخ 28/ 3/ 1957 على أقوال الشاهدتين "زينب السيد محفوظ وفتحية إسماعيل محمد" وهي بذاتها كافية لحمل ما انتهى إليه إلا أن الحكم قد عزز أقوالهما بقرائن أخرى من بينها ما أثبته الطاعن عن بيان المبلغ المدفوع بمحضر المزاد الخاص ببيع نصيب قصر المرحوم جرجس مسيحة ومقارنته بالبيان الخاص بالمبلغ المدفوع بمحضر المزاد موضوع التهمة الثانية... وكذلك بما ثبت من عقد البيع الابتدائي الذي اطلع عليه الطاعن من أن ما دفع من مقدم الثمن هو مبلغ 350 جنيهاًً وذلك بقول الحكم "وتلاحظ المحكمة في هذا الصدد أن المتهم عمد لإخفاء هذا التزوير عن نظر الوصية والنائبة عن المشتري إلى إثبات المبلغ الذي أثبته زوراً في المحضر المختص بتحريره حال تحريره له كتابة دون بيانه بالأرقام على غير ما جرى عليه فيما أثبته في محضر المزاد المؤرخ 11/ 11/ 1956 الخاص بإشهار مزاد بيع نصيب قصر المرحوم جرجس مسيحه سالف الإشارة إليه وذلك حتى لا تلاحظ أيهما حقيقة ما أثبته زوراً بالمحضر عن مبلغ مقدم الثمن الذي تسلمه. ذلك إلى ما تبين للمحكمة من أن المتهم سبق له أن اطلع على عقد البيع الابتدائي المؤرخ 1/ 2/ 1957 على ما ثبت من محضره المؤرخ 5/ 3/ 1957 - وواضح من الاطلاع على عقد البيع الابتدائي المذكور أن المبلغ المدفوع من المشتري كمقدم الثمن هو 350 جنيهاً - لا 250 جنيهاً وقد تأشر من المتهم نفسه على عقد البيع المشار إليه بالنظر مما يقطع بإحاطته بهذه الواقعة علماً وهو ما يدعوه إلى مطالبة الوصية بكامل ما قبضته من مقدم الثمن..." لما كان ذلك، وكان ما ساقه الحكم فيما تقدم هو تدليل سائغ مؤد إلى ما انتهى إليه من إدانة الطاعن عن جريمتي الاختلاس والتزوير، وكان بفرض التسليم بما يدعيه في وجه الطعن من أن الوصية احتجزت نصيبها في مقدم الثمن ولم تسلمه إلا نصيب القاصرتين، فإن زعمه في هذا الشأن لا يستقيم مع ما أثبته في محضر رسو المزاد من أنه لم يقبض من الوصية سوى مبلغ 250 جنيهاً ذلك لأن نصيب القاصرتين في مبلغ ال 350 جنيهاً وهو مقدم الثمن - وباعتبار نصيبها كما ورد في الحكم هو 5 ط و8 س هو مبلغ يزيد على 250 جنيهاً. لما كان ذلك، وكان قضاء الحكم ببراءة الطاعن من تهمة اختلاسه مبلغ 7154 جنيهاً و385 مليماً - لعدم ثبوت القصد الجنائي لديه استناداً إلى قيامه بإيداع هذه المبالغ بالبنك لحساب أصحابها - لا يتعارض مع إدانته عن جريمة اختلاس مبلغ المائة جنيه موضوع التهمة الأولى وباقي جرائم التزوير المسندة إليه. لما كان ذلك، وكان ما يرمي به الطاعن الحكم من خطأ الإسناد بالنسبة لواقعة تزوير إمضاء سكرتير النيابة "محمود محمد عبد الله الشريف" مردود بما أورده الحكم - فيما سبق بيانه - من أن تقرير قسم أبحاث التزوير قد جاء به عدم إمكان إثبات أو نفي نسبة التزوير إلى المتهم - وهو ما يتفق مع ما يقول به الطاعن - إلا أن الحكم قد اعتمد في إدانة الطاعن بالنسبة لهذه التهمة إلى ما ورد بالتقرير من أن هذا التوقيع ليس بخط محمود محمد عبد الله الشريف وإلى أن أوراق المأمورية المنسوبة إليه زوراً تسلمها في الدفتر الخاص بذلك ليست من اختصاصه، فضلاً عن أن أوراقها وجدت بمكتب الطاعن الأمر الذي اطمأنت معه المحكمة إلى أن الطاعن نفسه هو محدث هذا التزوير، هذا فضلاً عن أنه لا جدوى للطاعن فيما يجادل فيه في هذا الشأن - لما سبق بيانه في الرد على الوجه الثاني من الطعن. لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه من طعنه لا يعدو كونه جدلاً موضوعياً حول تقدير الدليل في الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته لدى محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه.

الطعن 738 لسنة 54 ق جلسة 6 / 3 / 1989 مكتب فني 40 ج 1 ق 128 ص 746

جلسة 6 من مارس سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ منير توفيق نائب رئيس المحكمة، عبد المنعم إبراهيم، عبد الرحيم صالح ومحمد مختار أباظة.

------------------

(128)
الطعن رقم 738 لسنة 54 القضائية

(1) محكمة الموضوع "سلطتها في فهم الواقع" "سلطتها في تفسير العقود".
سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها. شرطه. ألا تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عباراتها وأن يكون ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تكييف الطلبات والدفوع". تقادم "التقادم المسقط".
تكييف الخصوم للطلبات والدفوع لا يقيد المحكمة. التزامها بالتكييف الصحيح الذي تتبينه من وقائع الدعوى وتطبق القانون عليها. المطالبة بالأرباح المستحقة لأحد الشركاء. حق احتمالي غير ناشئ عن إحدى الدعاوى المصرفية. أثره. خضوعه للأصل العام لتقادم الالتزام مدنياً أو تجارياً. المادة 374 مدني. انقضاؤه بخمس عشرة سنة.

-----------------
1- لما كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر وما دام ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً بمقتضى الأسباب التي ينته عليها، وكان ما انتهى إليه الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه من أن المخالصة الصادرة من المطعون ضده لا تعتبر تعديلاً لعقد الشركة سائغاً لا خروج فيه عن المعنى الذي تحتمله عباراتها. فإن النعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
2- محكمة الموضوع لا تتقيد في تكييف الطلبات والدفوع المعروضة عليها بوصف الخصوم لها وإنما تلتزم بالتكييف الصحيح التي تتبينه من وقائع الدعوى وترى أنه ينطبق عليها لتنزل حكم القانون على ما يثبت لديها، لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن المنازعة فيها تدور حول المطالبة بالأرباح المستحقة للمطعون ضده كشريك في شركة مقاولات وهي حق احتمالي غير ناشئ عن إحدى الدعاوى الصرفية، فلا تخضع في انقضائها للتقادم الخمسي سواء ما نص عليها في المادة 375 من القانون المدني أو المادة 194 من قانون التجارة وإنما تخضع للأصل العام لتقادم الالتزام مدنياً أو تجارياً المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني وهو انقضاؤه بخمس عشرة سنة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 86 سنة 80 تجاري كلي طنطا ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما بتقديم كشف حساب مؤيداً بالمستندات والحكم بما يثبت أنه مستحق له. وقال بياناً لذلك أن بموجب عقد شركة مؤرخ 26/ 6/ 48 أنشأ والطاعنان وآخرون شركة مقاولات برأس مال قدره 300 ج حصته فيه مبلغ (400 ج) ثم أضيف إليها النصيب الذي آل إليه بوفاة الشريكة.......... في 21/ 4/ 76، ولما كان الطاعنان يضعان اليد على الشركة منذ إنشائها ويستأثران بأرباحه دون محاسبته عن نصيبه فيها - فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 10/ 3/ 80 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم - تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 28/ 3/ 83 بإلزام الطاعنين يؤديا للمطعون ضده مبلغ (969.915 ج). استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف 199 سنة 33 ق طنطا وبتاريخ 15/ 1/ 84 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بما لم يطلبه المطعون ضده الذي حدد طلباته بإلزامهما بتقديم كشف حساب مؤيد بالمستندات عن إيرادات ومصروفات الشركة فحسب.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الثابت بصحفية افتتاح الدعوى أن المطعون ضده طلب الحكم بإلزام الطاعنين بتقديم كشف حساب مؤيد بالمستندات والحكم بما يثبت أنه مستحق له، وإذ خلصت المحكمة إلى الأخذ بما انتهى إليه الخبير المنتدب في الدعوى من تقدير ما يستحقه المطعون ضده من أرباح الشركة بمبلغ (969.915) ألزمت الطاعنين بأدائها إلى المطعون ضده، فإنها لا تكون قد قضت بما لم يطلبه الخصوم ويكون هذا النعي ولا أساس له.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنهما تمسكا بحصول اتفاق بين الشركاء على تعديل نصيب كل منهم في أرباح الشركة بتحديده بنسبة 10% منه سنوياً وقدما إثباتاً لذلك كشف حساب عن السنوات 1970 - 1972 ومخالصة صادرة من المطعون ضده باستلامه نصيبه في أرباح الشركة في آخر يونيو سنة 1975 بواقع 10% سنوياً، غير أن الحكم المطعون فيه أطرح تلك المستندات وقضى على خلاف ما تضمنته.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أدنى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر وما دام ما انتهى إليه سائغاً مقبولاً بمقتضى الأسباب التي بنته عليها، وكان ما انتهى إليه الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه من أن المخالصة الصادرة من المطعون ضده لا تعتبر تعديلاً لعقد الشركة سائغاً لا خروج فيه عن المعنى الذي تحتمله عباراتها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، إذ التفت عن المخالفة الصادرة من المطعون ضده باستلامه نصيبه في الأرباح وإلزامهما بما قدره الخبير من أرباح الفترة السابقة على ذلك التاريخ.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الثابت في الدعوى أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما خلص إليه الخبير المنتدب من تحديد المستحق للمطعون ضده من أرباح الشركة في فترة النزاع بعد خصم ما قبضه منها وضمنه في ذلك المبلغ الثابت بالمخالصة المذكورة.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ رفض أعمال التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 375 من القانون المدني بالنسبة لأرباح السنوات الخمس السابقة على رفع الدعوى بمقولة أن التقادم الخمسي الذي نصت عليه المادة 194 من قانون التجارة خاص بالأوراق التجارية.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن محكمة الموضوع لا تتقيد في تكييف الطلبات والدفوع المعروضة عليها بوصف الخصوم لها وإنما تلتزم بالتكييف الصحيح التي تتبينه من وقائع الدعوى وترى أنه ينطبق عليها لتنزل حكم القانون على ما يثبت لديها، لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن المنازعة فيها تدور حول المطالبة بالأرباح المستحقة للمطعون ضده كشريك في شركة مقاولات وهي حق احتمالي غير ناشئ عن إحدى الدعاوى الصرفية فلا تخضع في انقضائها للتقادم الخمس سواء ما نص عليها في المادة 375 من القانون المدني أو المادة 194 من قانون التجارة وإنما تخضع للأصل العام لتقادم الالتزام مدنياً أو تجارياً المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني وهو انقضاؤه بخمس عشرة سنة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله، إذ لا يبطله ما شاب أسبابه في هذا الخصوص من خطأ لمحكمة النقض تصحيحه دون أن تنقض الحكم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 495 لسنة 30 ق جلسة 27 / 6/ 1960 مكتب فني 11 ج 2 ق 116 ص 610

جلسة 27 من يونيه سنة 1960

برياسة السيد محمود محمد مجاهد المستشار، وبحضور السادة: فهيم يسى جندي، ومحمود حلمي خاطر، وعباس حلمي سلطان، ورشاد القدسي المستشارين.

---------------

(116)
الطعن رقم 495 لسنة 30 القضائية

(أ) مواد مخدرة. قانون.
إحراز المخدر. عبارة "في أي طور من أطوار نموها". معناها. شمولها النبات الجاف المنفصل عن الأرض.
تفسير القانون. قصد الشارع: النص العام يعمل به على عمومه ما لم يخصص بدليل.
(ب) دفاع.
دفاع قانوني بعيد عن محجة الصواب. عدم التزام المحكمة بالرد عليه.

-------------------
1 - عبارة "في أي طور من أطوار نموها" التي تشير إلى النباتات المذكورة في الفقرة "و" من المادة 33 من المرسوم بقانون 351 لسنة 1952 لا تعني ضرورة وجود النبات قائماً وملتصقاً بالأرض دون وجوده جافاً ومنفصلاً عنها - إذ أن هذه التفرقة لا سند لها من القانون والقول بها فيه تخصيص للنص بغير مخصص، ومن شأنه إذا أخذ بها أن تؤدي إلى نتيجة غير منطقية وهي أن يخرج من دائرة التجريم حصد شجيرات النبات وتجفيفها - مع أن هذه مرحله لازمة لاستخراج جوهر المخدر، ولا يتصور أن الشارع قد قصد إلى هذه النتيجة.
2 - لا تثريب على محكمة الموضوع إن هي التفتت على الرد على دفاع قانوني بعيد عن محجة الصواب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز نبات الحشيش المبين بالجدول 5 في غير الأحوال المرخص بها وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للمواد 1 و2 و33/ جـ و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 153 لسنة 1953 والجدول المرفق به فصدر قرارها بذلك. ومحكمة الجنايات قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام عدا المادة 33 جـ - وبدلاً عنها المادة 34 بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبتغريمه 500 خمسمائة جنيه وبمصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة، وذلك على اعتبار أن الإحراز كان بقصد التعاطي. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وفي الإسناد، وفي بيان ذلك يقول أن المدافع عنه تمسك بأن المادة المضبوطة معه جافة من نبات الحشيش وعلى هذا الأساس فهي غير محظور حيازتها إذ أن المادة 29 والفقرة د من المادة 33 والمادة 34 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 المطبق على واقعة الدعوى إنما حظرت حيازة النباتات الواردة بالجدول رقم 5 في أي طور من أطوار نموها فيخرج بذلك من دائرة الحظر حيازة النبات إذا انفصل عن الأرض وأصبح في حالة جفاف لأنه في هذه الحالة لا يعتبر طوراً من أطوار نمو النبات، وقد خلا الحكم من الرد على هذا الدفاع الجوهري - وقد دانت المحكمة الطاعن بالتطبيق للمواد 1 و2 و34 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 153 لسنة 1953 والجدول رقم 5 الملحق به - في حين أن الواقعة المسندة إليه لا جريمة فيها، ذلك أن المادة الأولى سالفة الذكر قد أحالت في تعريف الجوهر المخدر على الجدول رقم 1 الملحق بالقانون، وقد عرف هذا الجدول الحشيش الذي تحظر حيازته أو إحرازه بالبند 12 بأنه ما يكون ناتجاً أو محضراً أو مستخرجاً من نبات الحشيش، الأمر الذي لا ينطبق على المادة المضبوطة - أما المادة 34 التي استندت إليها المحكمة في إدانة الطاعن فقد أشارت إلى الجواهر المخدرة وأحالت فيما يختص بالنباتات المحظورة على الفقرة (د) من المادة 33 التي نصت على أن المحظور هو حيازة أو إحراز النباتات الواردة بالجدول رقم 5 ومن بينها الحشيش في أي طور من أطوار نموها - ومعنى ذلك أن شرط التجريم في الحيازة أو الإحراز هو أن يكون النبات في طور من أطوار نموه، وقد جاء ذكر هذا الشرط في المادة 29 من القانون المطبق - ولا يمكن أن يكون النبات وهو في حالة جفاف طوراً من أطوار النمو - ولو كان الأمر على غير ذلك لما عنى الشارع بالنص على منع حيازة البذور بالذات في المادة 29 - إذ لو كانت عبارة أطوار النمو تشمل النبات حتى في حالة جفافه، فإنها تشمل بذور النبات كذلك وليس يعتد بعد ذلك بأن الجدول رقم 6 الملحق بالقانون قد تضمن استثناءً من تطبيق أحكام القانون، فإن ذلك يعتبر تزيداً من المشرع وليس معناه تحريم ما لم يرد في هذه الاستثناءات ما دامت النصوص الأصلية تتسع لإباحته وعدم تحريمه وعلى هذا الأساس لا تكون المادة المضبوطة موضع تأثيم ولا عقاب على حيازتها ويقول الطاعن أن المحكمة نسبت إليه أنه اعترف أمام البوليس بحيازته لنبات الحشيش وأنه يتعاطاه للعلاج وقد عوّلت على هذا الاعتراف في ثبوت التهمة وفي رفض الدفع ببطلان القبض والتفتيش، مع أن الثابت أن هذا الاعتراف لم يرد على لسان المتهم وإنما ورد على لسان ضابط المباحث في تحقيقات النيابة - فهو في حقيقته شهادة - وشرط الاعتراف أن ينصب على أركان الجريمة وأن يصدر من صاحبه لا أن ينسبه إليه غيره - وكل ما قاله الطاعن عند مواجهته بالضابط أن المخبرين أخرجوا كيساً من جيبه لا يعرف شيئاً عنه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن ضابط مباحث مركز بسيون الملازم علي سليمان كشك علم من تحرياته السرية أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة فحرر بذلك محضراً عرضه على وكيل النيابة الذي أجرى تحقيقاً مفتوحاً وندب ضابط المباحث لتفتيش المتهم "الطاعن" لضبط ما لديه من مخدرات وبتاريخ 30/ 4/ 1956 انتقل الضابط المذكور لتنفيذ هذا الإذن حيث تقابل مع المخبرين محمود إبراهيم الجوهري وتوفيق هارون علام، ثم رأى المتهم "الطاعن" مقبلاً فأمر المخبرين بالقبض عليه وقام هو بتفتيشه فعثر معه على كيس به أجزاء من أوراق وسيقان قمم زهرية مؤنثة لنبات الحشيش اعترف له المتهم بحيازتها مدعياً أن مجهولاً سلمها إليه ليتعاطاها لشفاء الكحة، ثم قرر أمام النيابة أن البوليس أخرج من جيبه هذه المادة وأنه لا يعرف مصدرها، واستند الحكم في إدانة الطاعن إلى أدلة سائغة استمدها من شهادة كل من ضابط المباحث علي سليمان كشك والمخبرين محمود إبراهيم الجوهري وتوفيق هارون علام وتقرير المعمل الكيماوي واعتراف المتهم أمام البوليس بحيازته لنبات الحشيش وأنه يتعاطاه لشفائه من الكحة. لما كان ذلك، وكان المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 قد نص في المادة التاسعة والعشرين على أنه "يحظر على أي شخص أن يجلب أو يصدر أو ينقل أو يملك أو يحرز أو يشتري أو يبيع أو يتبادل أو يتسلم أو يسلم أو ينزل عن النباتات المذكورة في الجدول رقم 5 في جميع أطوار نموها وكذلك بذورها مع استثناء أجزاء النباتات المبينة بالجدول رقم "6" وكان ما ضبط مع الطاعن هو أوراق وسيقان وقمم زهرية مؤنثة لنبات الحشيش مما يدخل في عداد ما هو مبين بالجدول رقم 5 المشار إليه في النص المذكور - ولم يستثن الشارع في الجدول رقم 6 سوى ألياف سيقان نبات القنب الهندي وبذور القنب الهندي المحموسة حمساً يكفل عدم إنباتها ورؤوس الخشخاش الجافة المجرحة الخالية من البذور وبذور الخشخاش المحموسة حمساً يكفل عدم إنباتها - أما عبارة في أي طور من أطوار نموها التي تشير إلى النباتات المشار إليها في الفقرة د من المادة 33 والتي يتمسك الطاعن بها فلا تعني ضرورة وجود النبات قائماً وملتصقاً بالأرض دون وجوده جافاً ومنفصلاً عنها إذ أن هذه التفرقة لا سند لها من القانون والقول بها فيه تخصيص للنص بغير مخصص ومن شأنه إذا أخذ بها أن يؤدي إلى نتيجة غير منطقية - وهي أن يخرج من دائرة التجريم حصد شجيرات النبات وتجفيفها - مع أن هذه مرحلة لازمة لاستخراج جوهر المخدر، ولا يتصور أن الشارع قد قصد إلى هذه النتيجة. لما كان ذلك، وكان ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص أمام محكمة الموضوع هو في حقيقته دفاع قانوني، وكان في واقع الأمر بعيداً عن محجة الصواب، فإنه لا تثريب على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن الرد على هذا الدفاع واكتفى في تحصيله لواقعة الدعوى بقوله أن المواد المضبوطة هي عبارة عن أوراق وسيقان وقمم زهرية مؤنثة لنبات الحشيش على النحو الثابت من تقرير المعمل الكيماوي. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه حين عرض للاعتراف الصادر من الطاعن قال في شأنه وهو يستعرض أدلة الدعوى "رابعاً - اعترف المتهم أمام البوليس بحيازته لنبات الحشيش المذكور وأنه يتعاطاه لشفائه من الكحة ولا تعول المحكمة على إنكاره أمام وكيل النيابة معرفة مصدره حيث قرر أمامه أن الضابط أخرجه من جيبه لكنه لا يعرف مصدره أما ما دفع بلسان محاميه بجلسة المحاكمة من بطلان القبض والتفتيش على أساس أن الضبط حدث قبل الإذن فهو مردود بما هو ثابت في الأوراق من أن الإذن صدر قبل الضبط - على أن تمسك المتهم بهذا الدفع غير مجد ما دام قد اعترف في التحقيقات بضبط أوراق وسيقان وقم زهرية مؤنثة في حيازته لأن بطلان القبض والتفتيش بفرض حصوله لا يمنع المحكمة من الأخذ في إدانة المتهم بعناصر الإثبات الأخرى المستقلة عن القبض والتفتيش والمؤدية إلى ذات النتيجة التي أسفر عنها..." وما قاله الحكم في رفض الدفع المبدى ببطلان القبض والتفتيش كاف لإهداره، ومن حق المحكمة أن تعول في إدانة الطاعن على الأدلة المستمدة من أقوال الشهود ومن اعترافه في محضر تحقيق البوليس بحيازته لنبات الحشيش بقصد التعاطي للعلاج، ثم اعترافه أمام النيابة بواقعة الضبط وإن أنكر معرفة مصدر المخدر الذي ضبط معه - ذلك الإنكار الذي لم تلق إليه المحكمة بالاً وهو حقها في تقدير الدليل المطروح عليها. لما كان ما تقدم، وكان ما أثبته الحكم وهو في معرض التدليل على ثبوت التهمة في حق الطاعن يتفق وما هو ثابت في الأوراق بضبط المخدر معه - مما ينفي عن الحكم مظنة الخطأ في الإسناد - لما كان ذلك كله، فإن الطعن يكون برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.