الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2024

الطعن 44 لسنة 90 ق جلسة 4 / 6 / 2022 مكتب فني 73 ق 44 ص 419

جلسة 4 من يونيه سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / رفعت طلبة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عمرو فاروق الحناوي ، كمال عبد اللاه ود. أحمد عثمان نواب رئيس المحكمة ووائل الشيمي .
------------------
(44)
الطعن رقم 44 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) تهريب المهاجرين . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .
تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة تأسيس جماعة إجرامية منظمة بغرض تهريب المهاجرين والانضمام إليها . غير لازم . العلم فيها . مسألة نفسية . للمحكمة تبينه من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها . تحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال . غير لازم . حد ذلك ؟
العبرة في عدم مشروعية أي جماعة إجرامية بالغرض ‏الذي تهدف إليه والأنشطة التي تمارسها للوصول لمبتغاها .‏
لا مصلحة للطاعن فيما يثيره بشأن جريمة تأسيس جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين يتولى قيادتها . متى دانته المحكمة بجريمة الشروع في تهريب مهاجرين مع تعدد الجناة واستخدام وثائق سفر مزورة بوصفها الأشد .
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
تقدير الدليل . موكول لمحكمة الموضوع . متى اقتنعت به واطمأنت إليه . نعي الطاعن بخلو الأوراق من دليل على ارتكابه للجرائم التي دين بها . غير مقبول .
(4) فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
نعي الطاعن على الحكم عدم استظهار اتفاقه مع المحكوم عليه الآخر . غير مقبول . متى دانه باعتباره فاعلاً أصلياً .
(5) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قضاء المحكمة بناءً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين لا على الفرض والاحتمال . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل ".
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشهود . مفاده ؟
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
عدم توصل التحريات لطبيعة الاتفاق الذي تم بين الطاعن والمجني عليهم . لا يعيبها . النعي على الحكم في هذا الشأن . جدل موضوعي في تقدير الدليل .
(7) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " الصفة في الطعن " " المصلحة في الطعن " .
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها . غير مقبول .
وجه الطعن . وجوب أن يكون متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه .
مثال .
(8) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الدفع بانتفاء صلة الطاعن بالواقعة وتلفيق الاتهام وخلو الأوراق من دليل إدانة وعدم توجيه اتهام له . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
(9) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودهـا عــن إجـراء تحقيق لـم يطلب منها ولـم تر حاجـة لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من ملاحظات النيابة العامة ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون لا محل له .
2- من المقرر أنه لا يلزم في الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة تأسيس جماعة إجرامية منظمة بغرض تهريب المهاجرين والانضمام إليها المنصوص عليها بالمواد 1 ، 5 ، 6 ، 7 ، ١٧ من القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليها ، ومن المقرر أن العلم في تلك الجريمة هو مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث عنها الحكم صراحة وعلى استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره ، كما أنه من المقرر أن العبرة في عدم مشروعية أي جماعة إجرامية هو بالغرض الذي تهدف إليه والأنشطة التي تمارسها للوصول لمبتغاها ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر بمدوناته أن غرض الجماعة الإجرامية المنظمة التي أسسها الطاعن هو تهريب المهاجرين وتدبير انتقالهم بطريقة غير مشروعة من دولة إلى أخرى ، واستخدام وثائق سفر مزورة للوصول إلى هدفها مع العلم بذلك ، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . هذا فضلاً عن أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن الجريمة الأولى - جريمة تأسيس جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين يتولى قيادتها - ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة الشروع في تهريب مهاجرين مع تعدد الجناة واستخدام وثائق سفر مزورة ، وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد .
3- من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجرائم التي دانه بها ، وأورد من الأسباب ما يكفي لحمل قضائه بإدانة الطاعن ، فإن ما ينعاه من خلو الأوراق من دليل على ارتكابه الواقعة يكون في غير محله .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن باعتباره فاعلاً أصلياً في الجرائم المسندة إليه وليس شريكاً فيها ، ومن ثم يضحى منعاه بعدم استظهار اتفاقه مع المحكوم عليه الآخر على ارتكاب الجريمة غير قويم .
5- لما كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعن ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الظن والاحتمال - حسبما يذهب إليه الطاعن - فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6- من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززه لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابه لمحكمة النقض عليها ، وأنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أنه من المقرر أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض التفاصيل - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كما أنه لا يعيب تلك التحريات ألا تتوصل لطبيعة الاتفاق الذي تم فيما بين الطاعن والمجني عليهم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى جديتها وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثير في هذا الخصوص .
7- لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر ثمة منازعة بشأن زمان ومكان الضبط وشخص القائم به ، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . هذا إلى أن هذا الوجه من النعي لا يتصل بشخص الطاعن ولا مصلحة له فيه بل هو يختص بالمتهمين الذين ألقي القبض عليهما وحدهما ، فلا يُقبل ما يثيره في هذا الصدد ، لما هو مقرر من أن الأصل أنه لا يُقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه .
8- من المقرر أن الدفع بانتفاء صلة الطاعن بالواقعة وتلفيق الاتهام وخلو الأوراق من دليل الإدانة وعدم توجيه اتهام له من قبل المجني عليهم ، من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول .
9- لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وأمرت المحكمة بتلاوتها وتُليت ، ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخرين سبق محاكمتهم - بأنهم :
- أسسوا جماعة إجرامية منظمة لأغراض تهريب المهاجرين وتولي قيادتها على النحو المبيَّن بالتحقيقات .
- شرعوا في تهريب كل من / .... ، .... ، .... إلى دولة .... بـأن قام الأول والثاني باصطناع بطاقات إقامة مزورة لهم واصطحبهم الثالث والرابع لتسفيرهم ، وذلك على النحو المبيَّن بالتحقيقات .
المتهمان الأول – الطاعن – وآخر سبق الحكم عليه :
- صنعا تذاكر مرور مزورة ( بطاقات إقامة بدولة .... ) وذلك على غرار الصحيح منها واستعملاها بتقديمها إلى كل من / .... ، .... ، .... – للسفر بها عبر ميناء .... الجوي على النحو المبيَّن بالتحقيقات .
المتهم الخامس :
- توسط في ارتكاب جريمة تهريب المهاجرين سالفة البيان بأن قام بتوصيل راغبي الهجرة غير الشرعية وهم / .... ، .... ، .... إلى المتهم الأول لتسهيل إجراءات سفرهم فارتكب الجرائم محل الاتهامات السابقة .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 4 ، 5 ، 6/ فقرة أولى ، فقرة ثانية بنود 1 ، 3 ، 7 من القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية ، والمادة ٢١٧ من قانون العقوبات ، وبعد إعمال المادتين 30 ، ٣٢ من ذات القانون الأخير ، بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات ، وتغريمه مائتي ألف جنيه عما أسند إليه ، ومصادرة المحررات المزورة .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم تأسيس وإدارة جماعة إجرامية منظمة بغرض تهريب المهاجرين والشروع في تهريبهم وتزوير تذاكر مرور واستعمالها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن أسبابه جاءت غامضة مبهمة ولم يلم بوقائع الدعوى وأدلتها ، ولم يدلل على توافر أركان الجريمة الأولى في حقه رغم الدفع بانتفائها ، وأن ما ساقه في هذا الخصوص لا يؤدي إلى توافرها ، ولم يستظهر اتفاق الطاعن مع المتهم سابق الحكم عليه على ارتكاب الجرائم التي دانه بها ، وبنى قضاءه على الفرض والاحتمال ، وعوَّل على تحريات الشرطة وأقوال مجريها رغم عدم صلاحيتها دليلاً في الإثبات مطرحاً بما لا يسوغ الدفع بعدم جديتها ومكتبيتها بدلالة تناقضها مع أقوال المجني عليهم وعدم توصلها لطبيعة الاتفاق الذي تم بينهم ، فضلاً عن مخالفتها للواقع في خصوص زمان ومكان الضبط وشخص القائم به ، هذا ولم يحفل الحكم بأوجه دفاعه بانتفاء صلته بالواقعة واختلاقها من قبل الضابط شاهد الإثبات الأول وخلو الأوراق من دليل الإدانة وعدم توجيه أي اتهام له من قبل المجني عليهم سوى شاهد الإثبات الثاني ، مما كان يوجب على المحكمة استدعائه وسماع أقواله وقوفاً على مدى صحتها ، ذلك كله يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من ملاحظات النيابة العامة ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم في الحكم أن يتحدث صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة تأسيس جماعة إجرامية منظمة بغرض تهريب المهاجرين والانضمام إليها المنصوص عليها بالمواد 1 ، 5 ، 6 ، 7 ، ١٧ من القانون رقم ٨٢ لسنة ٢٠١٦ بشأن مكافحة الهجرة غير الشرعية ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليها ، ومن المقرر أن العلم في تلك الجريمة هو مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث عنها الحكم صراحة وعلى استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد بذاتها توافره ، كما أنه من المقرر أن العبرة في عدم مشروعية أي جماعة إجرامية هو بالغرض الذي تهدف إليه والأنشطة التي تمارسها للوصول لمبتغاها ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر بمدوناته أن غرض الجماعة الإجرامية المنظمة التي أسسها الطاعن هو تهريب المهاجرين وتدبير انتقالهم بطريقة غير مشروعة من دولة إلى أخرى ، واستخدام وثائق سفر مزورة للوصول إلى هدفها مع العلم بذلك ، ومن ثم فإن نعي الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله . هذا فضلاً عن أن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن الجريمة الأولى - جريمة تأسيس جماعة إجرامية منظمة لتهريب المهاجرين يتولى قيادتها - ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة الشروع في تهريب مهاجرين مع تعدد الجناة واستخدام وثائق سفر مزورة ، وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة ٣٢ من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع وأنه متى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ولما كانت الأدلة التي أوردها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجرائم التي دانه بها ، وأورد من الأسباب ما يكفي لحمل قضائه بإدانة الطاعن ، فإن ما ينعاه من خلو الأوراق من دليل على ارتكابه الواقعة يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن باعتباره فاعلاً أصلياً في الجرائم المسندة إليه وليس شريكاً فيها ، ومن ثم يضحى منعاه بعدم استظهار اتفاقه مع المحكوم عليه الآخر على ارتكاب الجريمة غير قويم . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد أقامت قضائها على ما اقتنعت به من أدله ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعن ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الظن والاحتمال - حسبما يذهب إليه الطاعن - فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززه لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابه لمحكمة النقض عليها ، وأنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما أنه من المقرر أن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض التفاصيل - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دام الحكم قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصًا سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - كما أنه لا يعيب تلك التحريات ألا تتوصل لطبيعة الاتفاق الذي تم فيما بين الطاعن والمجني عليهم ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استناداً إلى اطمئنان المحكمة إلى جديتها وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثير في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر ثمة منازعة بشأن زمان ومكان الضبط وشخص القائم به ، فإنه ليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يقبل إثارته أمام محكمة النقض . هذا إلى أن هذا الوجه من النعي لا يتصل بشخص الطاعن ولا مصلحة له فيه بل هو يختص بالمتهمين الذين ألقي القبض عليهما وحدهما ، فلا يُقبل ما يثيره في هذا الصدد ، لما هو مقرر من أن الأصل أنه لا يُقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وكان له مصلحة فيه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء صلة الطاعن بالواقعة وتلفيق الاتهام وخلو الأوراق من دليل الإدانة وعدم توجيه اتهام له من قبل المجني عليهم ، من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استنادًا إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وكان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لان مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات ، وأمرت المحكمة بتلاوتها وتُليت ، ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق