الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 10 ديسمبر 2024

الطعن 6980 لسنة 91 ق جلسة 1 / 6 / 2022 مكتب فني 73 ق 43 ص 400

جلسة الأول من يونيه سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / عاطف خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي ياسين وقدري عبد الله نائبي رئيس المحكمة ومحمد رفاعي وإسلام عبد المنعم .
------------------
(43)
الطعن رقم 6980 لسنة 91 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) فاعل أصلي . مساهمة جنائية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إثبات الحكم وجود الطاعنين على مسرح الجريمة وإسهامهما بنصيب في الأفعال المادية المكونة لها . كفايته لاعتبارهما فاعلين أصليين فيها . النعي في هذا الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . قصد جنائي . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
جرائم إحداث العاهة المستديمة والضرب المفضي إلى الموت لا تتطلب غير القصد الجنائي العام . توافره بارتكاب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن فعله يترتب عليه المساس بسلامة المجني عليه وصحته . تحدث المحكمة عنه استقلالاً . غير لازم . كفاية استفادته من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(4) وصف التهمة . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم وصف التهمة . كفايته لتحقيق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم عليه .
(5) فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
النعي على الحكم عدم استظهاره عناصر الاشتراك وخلوه من نص المادة 40 عقوبات . غير مقبول . متى دانه بوصفه فاعلاً أصلياً في الجريمة . علة ذلك ؟
(6) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شـاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها . اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها . غير مؤثر في سلامته . علة ذلك ؟
تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . متى استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه .
(7) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
الدفع بانتفاء أركان الجريمة وانقطاع الصلة بها . نفي للتهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي .
عدم التزام المحكمة بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء . متى أخذت بما جاء بها . عدم التزامها باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته أو بندب لجنة ثلاثية . ما دامت الواقعة قد وضحت لديها . علة ذلك ؟
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تر حاجة إليه . غير مقبول .
(9) محكمة الجنايات " نظرها الدعوى والحكم فيها " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
النعي على المحكمة تعجلها الفصل في الدعوى . غير مقبول . متى استغرقت الوقت الكافي في نظرها .
(10) اتفاق . فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الاتفاق على ارتكاب الجريمة . مناط توافره ؟
مساهمة الشخص في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها . كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً فيها .
مثال .
(11) إثبات " شهود " " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) حكم " بيانات التسبيب " " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الخطأ في الإسناد . لا يعيب الحكم . ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة .
خطأ الحكم في بيان مكان الواقعة . لا يعيبه . علة ذلك ؟
مثال لما لا يعد خطأ في الإسناد .
(13) إثبات " بوجه عام " " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة أن تستمد اقتناعها بثبوت الواقعة من أي دليل تطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض واختلاف شهود الإثبات في بعض التفاصيل . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
للمحكمة الأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها.
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق . غير لازم . كفاية أن يكون من شأنها أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ تجريه المحكمة .
تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟
عدول شهود الإثبات عن اتهام الطاعنين . قول جديد . للمحكمة تقديره . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(14) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
للمحكمة التعوّيل على التحريات باعتبارها مُعززة لِمَا ساقته من أدلة .
رد الحكم سائغاً على الدفع ببطلان التحريات وبعدم جديتها وصلاحيتها كدليل . النعي عليه في هذا الشأن . غير مقبول .
(15) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التناقض الذي يعيب الحكم . ماهيته ؟
(16) ضرب " ضرب أفضى إلى موت " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعنين بشأن جريمة إحراز سلاح . غير مجد . ما دام الحكم قد أوقع عليهما العقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى موت باعتبارها الأشد .
(17) إجراءات " إجراءات التحقيق " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بقصور التحقيقات لتمامها إلكترونياً وتوقيع الطاعنين على صفحتها الأخيرة فقط بالمخالفة لتعليمات النيابة العامة . تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير مقبولة . علة ذلك ؟
(18) وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم . لها تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم دون لفت نظر الدفاع . حد ذلك ؟
مثال .
(19) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
المنازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة . جدل موضوعي في سلطتها في استخلاصها مما تستقل به .
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال . اطمئنانها إلى الأدلة التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
-----------------------
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وحصل مؤداها في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة بما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون - كالحال في الدعوى - فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون لا محل له .
2- لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعنين إسهامهما بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها وجودهما مع آخرين على مسرح الجريمة وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فيها ، فإن ما ينعاه الطاعنان في شأن التدليل على مشاركتهما في ارتكاب الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3- لما كانت جرائم الجروح عمداً والتي ينشأ عنها عاهة مستديمة أو جرائم الضرب المفضي إلى الوفاة لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، كما أن المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم ، بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاد من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة هذه الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منهما أمام محكمة النقض ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون له محل .
4- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين - خلافاً لما يقول به الطاعنان – وصف التهمة المسند إليهما مما يكفي لتحقيق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذا البيان .
5- لما كان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعن الثاني كشريك ، وإنما دانه كفاعل أصلي في الجريمة التي دانه بها ، فإن نعيه بعدم توافر عناصر الاشتراك ، وخلو الحكم من نص القانون - المادة 40 من قانون العقوبات - لا يكون مقبولاً لعدم تعلقه بالحكم المطعون فيه ، أو اتصاله به .
6- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يؤثر في ذلك اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحها لها ، وكان الأصل أن ما يشوب أقوال الشهود من تناقض - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكان الحكم قد أورد ما تساند إليه من أقوال شهود الإثبات بما لا شبهة فيه لأي تناقض وبما لا يماري الطاعنان في أن له أصله في الأوراق ، فإن منعاهما في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
7- لما كان النعي بانتفاء أركان الجريمة في حق الطاعنين وانقطاع صلتهما بها وأن الواقعة كانت مشاجرة بين طرفين اختلط فيها الحابل بالنابل مما لا يعلم معه من محدث إصابة المجني عليه وقت المشاجرة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا على أنه بحسب الحكم كما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعنين ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
8- لما كان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في تلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها ، وهي كذلك لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون له محل ، هذا فضلاً عن أن دفاع الطاعنين لم يطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ، ومن ثم فليس لهما من بعد النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت للأدلة القائمة في الدعوى وإلى صورة الواقعة كما استقرت في يقينها ، فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد .
9- لما كان البيّن من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين حضرا ومعهما مدافع ترافع في الدعوى وأبدى دفوعه ودفاعه ، وكانت الدعوى استغرقت الوقت الكافي في نظرها دون طلب منه لمزيد من الوقت ، فإن قول الطاعنين أن المحكمة تعجلت الفصل في الدعوى لا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه ، ويكون النعي به غير مقبول .
10- من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ، ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ، ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين مع باقي المتهمين على الجريمة التي دينوا بها ، من معيتهم في الزمان والمكان ، ونوع الصلة بينهم ، وصدور الجريمة عن باعث واحد ، واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ، فإن ما انتهى إليه الحكم من ترتيب التضامن في المسئولية بينهما وباقي المتهمين واعتبرهم فاعلين أصليين للجريمة يكون سديداً .
11- من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني ، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات التي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقرير الطبي ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص يكون على غير أساس ، هذا فضلاً عن أن الحكم قد عرض لما قام عليه دفاع الطاعنين واطرحه بأسباب سائغة أفصح فيها عن اطمئنانه لأدلة الثبوت السائغة التي أوردها ، فإنه يكون من غير المقبول العودة إلى إثارة مثل هذه الأمور لكونها من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يصح التحدي به أمام محكمة النقض .
12- من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من أن الشاهد / .... لم يقرر أنه شاهد الطاعنين وشخص آخر لم تشمله قائمه أدلة الثبوت ويُدعى .... على خلاف ما حصله الحكم - وعلى فرض صحة ذلك - يكون غير قويم لأن هذه الواقعة لم تكن عماد الحكم ، هذا فضلاً عن أن الخطأ في الإسناد في خصوص مكان الحادث - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم في شيء ما دام ذلك المكان لم يكن بذي أثر في منطق الحكم ولم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، كما أنه لا يعتبر بيان محل الواقعة في الحكم الجنائي من البيانات الهامة الواجب ذكرها فيه إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثراً قانونياً كأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشدداً وفي غير هذا النطاق ، فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة مجرد الإشارة الجزئية إليه ما دام أن الطاعنين لم يدفعا بعدم اختصاص المحكمة بنظرها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون له محل .
13- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، كما أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، كما أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض واختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، فضلاً عن أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها ، ولا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجربه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي اطرحت أقوالهم بعدم ارتكاب الطاعنان الواقعة ، إذ لا يعدو أن يكون قولاً جديداً منهم يتضمن عدولاً عن اتهام الطاعنين وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ما دام الحكم قد أبدى عدم اطمئنان المحكمة إلى ما جاء به ولم يكن له تأثير في عقيدتها أو النتيجة التي انتهت إليها ، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
14- لما كان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الحكم المطعون فيه - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس ، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه رد على دفع الطاعن بما يسوغ به الرد ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد .
15- لما كان التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد خلا من هذا التناقض ، فإن ما جاء بوجه الطعن لا يكون له محل .
16- لما كان الحكم لم يوقع على الطاعنين سوى العقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت باعتبارها الجريمة الأشد ، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعنان فيما يتعلق بجريمة السلاح ، ما دامت أسبابه وافية لا قصور فيها بالنسبة إلى جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دانهما بها .
17- من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا أمام محكمة الموضوع بثمة قصور في تحقيقات النيابة بشأن ما أثير بأسباب طعنهما ، فليس لهما أن ينعيا على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منهما الدفع بشيء من ذلك أمام محكمة النقض لأول مرة .
18- لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم - التي ترى انطباقه على واقعة الدعوى - وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به ، وكان مرد التعديل هو عدم توافر الدليل على ثبوت القتل لدى المحكوم عليهما وانتفاء ظرف سبق الإصرار المشدد دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت الطاعنين مرتكبين لجريمة الضرب المفضي إلى الموت هذا التعديل لا يجافي التطبيق القانوني السليم في شيء ولا محل لما يثيره الطاعنان من الإخلال بحقهما في الدفاع ، إذ إن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف نتيجة استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى .
19- لما كان ما يثيره الطاعنان من أن الواقعة تشكل جنحة القتل الخطأ لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، كما أن المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال ؛ إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها أطرحتها ولم تعول عليها ، ويكون نعي الطاعنين في هذا الشأن غير مقبول .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من 1- .... ( طاعن )، 2- .... ( طاعن ) ،3- .... ، 4- .... و5- .... بأنهم :
المتهمون من الأول حتى الثالث :
- قتلوا المجني عليه / .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتله وأعدوا لذلك الغرض أسلحة نارية ( بنادق آلية ) تالية الوصف وما إن ظفروا به حتى أطلق المتهم الأول عدة أعيرة نارية من السلاح الناري سالف البيان نَفَذ أحدها بجسده حال تواجد المتهمين الثاني والثالث على مسرح الواقعة مطلقين الأعيرة النارية في الهواء للشد من أزره قاصدين من ذلك قتله فحدثت إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
المتهمون جميعاً :
- أحرز كل منهم سلاحاً نارياً مششخناً ( بندقية آلية ) حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه .
- أحرز كل منهم ذخائر ( عدة طلقات ) استعملوها على الأسلحة النارية سالفة البيان حال كونها مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها .
- استعرضوا القوة ولوحوا بالعنف قبل المجني عليه سالف الذكر والغير حال حملهم للأسلحة النارية سالفة البيان وإطلاق الأعيرة النارية منها بقصد ترويعهم وتهديدهم بإلحاق الأذى بهم والإضرار بممتلكاتهم وكان من شأن ذلك الفعل إلقاء الرعب في نفوسهم وتكدير الأمن والسلم العام وتعريض حياتهم للخطر وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
- أطلقوا أعيرة نارية داخل القرية .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأول والثاني والرابع والخامس وغيابياً للثالث عملاً بالمادة 236 /1 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26 /4،1 ، 30 /1 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم (2) الملحق ، مع إعمال نص المادة 32 من قانون العقوبات ، أولاً : بمعاقبة المتهمين بالسجن خمس سنوات عما أسند إليهم بشأن الضرب المفضي إلى الموت وألزمتهم المصاريف الجنائية ، ثانياً : ببراءة الأول والثاني والثالث والرابع والخامس مما أسند إليهم بالنسبة لإحراز السلاح المششخن المضبوط ( بندقية آلية ) وذخائره واستعراض القوة وإطلاق أعيرة نارية ، باعتبار أن وصف الاتهام هو أن المتهمين : 1- .... ( طاعن ) 2- .... ( طاعن ) 3- .... : ضربوا عمداً المجني عليه / .... بأن أطلق صوبه المتهم الأول عياراً نارياً من سلاح ناري غير مششخن يطلق الرصاص فأحدث به إصابته الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وهي إصابة بيسار الصدر وتعزى وفاته إلى ما أحدثته من تهتكات بالرئة اليسرى وكسر بعظمة الترقوة اليسرى ونزيف عزيز دموي أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته حال تواجد المتهمين الثاني والثالث للشد من أزره .
المتهم الأول :
- أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن يطلق الرصاص .
- أحرز ذخائر ( عدة طلقات ) استعملها على السلاح الناري سالف البيان حال كونه غير مرخص له بحيازته أو إحرازه .
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه دانهما بجريمة الضرب المفضي إلى الموت كما دان الأول بجريمتي إحراز سلاح ناري غير مششخن وذخائر مما تستعمل عليه بغير ترخيص وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً ، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن أسبابه جاءت قاصرة على نحو لا يبين منه واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بياناً كافياً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهما بها ملتفتا إيراداً ورداً عن دفعهما بانتفائها في حقهما ، كما لم يورد مضمون الأدلة التي استند إليها في الإدانة في بيانٍ كافٍ وافٍ ، ولم يبين الأفعال التي أتاها كل متهم ودوره في الواقعة ، كما خلا من بيان وصف الاتهام ومن نص القانون - المادة 40 من العقوبات - التي دان الطاعن الثاني بموجبها بوصفه شريكاً في الجريمة ، ولم يستظهر القصد الجنائي في حقهما رغم تمسك الدفاع بانتفاء ذلك القصد ، كما أحال في بيان شهادة باقي شهود الإثبات إلى مضمون ما شهد به شاهد الإثبات الأول رغم اختلاف الوقائع المشهود عليها ، كما جاء قاصراً في بيان تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه من حيث وصف الإصابات ومستوى الإطلاق واتجاه الفاعل تحديداً ومدى جواز حدوث إصابة المجني عليه بالنظر إلى موقف الطاعن لا سيما وأن الواقعة كانت مشاجرة بين طرفين أختلط فيها الحابل بالنابل مما لا يعلم معه من محدث إصابة المجني عليه وقت المشاجرة مما كان يتعين على المحكمة أن تندب الطبيب الشرعي لمناقشته في ذلك إلا أن الحكم اطرح هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه وتعجلت الفصل في الدعوى دون تدارك أوجه ذلك القصور ، كما لم يستظهر المظاهر والدلائل والقرائن التي استخلص منها وجود اتفاق بين الطاعنين ومدى مساهمة الطاعن الثاني في ارتكاب الواقعة ، وعول الحكم على الدليلين القولي والفني رغم وجود تعارض بينهما أثاره الدفاع في مرافعته ، كما أنه أورد على لسان الشاهد / .... أنه شاهد الطاعنين وشخص آخر لم تشمله قائمة أدلة الثبوت ويدعى / .... في حين أنه قرر بتحقيقات النيابة العامة أنه شاهد الطاعنين وبرفقتهم المتهم الغائب .... ، كما أخطأ الحكم في مكان حدوث الواقعة إذ قرر بأن الواقعة تمت أمام مدرسة البنين ببندر .... في حين أن التحقيقات قررت بأنها بقرية .... بما ينبئ عن عدم إلمام المحكمة بواقعات الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة ، كما استند على أقوال شهود الإثبات رغم ما شاب أقوالهم من تناقض واطمأن إليها بتحقيقات النيابة العامة ولم يطمئن إليه بجلسة المحاكمة رغم عدولهم عن أقوالهم بتلك الجلسات ، وعلى تحريات الشرطة رغم عدم جديتها وبطلانها فضلاً عن أنها لا تصلح بمفردها دليل إلا أن المحكمة اطرحت دفعهما في ذلك الشأن بما لا يصلح رداً ، كما اعتنق تصويراً للواقعة على نحو يشوبه الاضطراب والتناقض إذ قرر بإحراز المتهم الثاني وباقي المتهمين أسلحة نارية واطلقوا منها أعيرة نارية ثم انتهى إلى عدم إدانتهم بثمة أسلحة أو ذخائر ودان الطاعن الأول بجريمة إحراز سلاح ناري وذخيرته رغم عدم ضبطه وعدم وجود تقرير فني يقطع بنوعه ، وعاب على التحقيقات إذ أنها تمت الكترونياً ولم تتضمن توقيع الطاعنين إلا على الصفحة الأخيرة فقط بالمخالفة لتعليمات النيابة العامة ، والتفت عن دفع الطاعنين بانتفاء صلتهما بالواقعة ، كما قامت المحكمة بتعديل قيد ووصف الاتهام من القتل العمد مع سبق الإصرار إلى ضرب أفضى إلى موت دون أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك لتحضير دفاعه على هذا الأساس ، وكان يتعين على المحكمة أن تكيف الواقعة بأنها جريمة قتل خطأ ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه . 
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها وحصل مؤداها في بيانٍ وافٍ يكفي للتدليل على الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة بما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، وكان القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون - كالحال في الدعوى - فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن يكون لا محل له ، هذا بالإضافة إلى أنه يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعنين إسهامهما بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجريمة ومنها وجودهما مع آخرين على مسرح الجريمة وهو ما يكفي لاعتبارهم جميعاً فاعلين أصليين فيها ، فإن ما ينعاه الطاعنان في شأن التدليل على مشاركتهما في ارتكاب الجريمة لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت جرائم الجروح عمداً والتي ينشأ عنها عاهة مستديمة أو جرائم الضرب المفضي إلى الوفاة لا تتطلب غير القصد الجنائي العام وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه أو صحته ، كما أن المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالاً عن القصد الجنائي في هذه الجرائم ، بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفاد من وقائع الدعوى كما أوردها الحكم وهو ما تحقق في واقعة هذه الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يقبل منه أمام محكمة النقض ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين - خلافاً لما يقول به الطاعنان - وصف التهمة المسند إليهما مما يكفي لتحقيق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذا البيان . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يدن الطاعن الثاني كشريك ، وإنما دانه كفاعل أصلي في الجريمة التي دانه بها ، فإن نعيه بعدم توافر عناصر الاشتراك ، وخلو الحكم من نص القانون - المادة 40 من قانون العقوبات - لا يكون مقبولاً ، لعدم تعلقه بالحكم المطعون فيه ، أو اتصاله به . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يؤثر في ذلك اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد المحكمة لهذه التفصيلات ما يفيد إطراحها لها ، وكان الأصل أن ما يشوب أقوال الشهود من تناقض - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكان الحكم قد أورد ما تساند إليه من أقوال شهود الإثبات بما لا شبهة فيه لأي تناقض وبما لا يماري الطاعنان في أن له أصله في الأوراق ، فإن منعاهما في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان النعي بانتفاء أركان الجريمة في حق الطاعنين وانقطاع صلتهما بها وأن الواقعة كانت مشاجرة بين طرفين اختلط فيها الحابل بالنابل مما لا يعلم معه من محدث إصابة المجني عليه وقت المشاجرة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا على أنه بحسب الحكم كما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعنين ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير شأنها في تلك شأن سائر الأدلة لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة لتقارير الخبراء ما دامت قد أخذت بما جاء بها لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليها ، وهي كذلك لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يكون له محل . هذا فضلاً عن أن دفاع الطاعنين لم يطلب استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ، ومن ثم فليس لهما النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إليه بعد أن اطمأنت للأدلة القائمة في الدعوى وإلى صورة الواقعة كما استقرت في يقينها ، فإن منعى الطاعنين في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين حضرا ومعهما مدافع ترافع في الدعوى وأبدى دفوعه ودفاعه ، وكانت الدعوى استغرقت الوقت الكافي في نظرها دون طلب منه لمزيد من الوقت ، فإن قول الطاعنين أن المحكمة تعجلت الفصل في الدعوى لا يصادف محلاً من الحكم المطعون فيه ويكون النعي به غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كلاً منهم قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة ، أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين مع باقي المتهمين على الجريمة التي دينوا بها من معيتهم في الزمان والمكان ، ونوع الصلة بينهم ، وصدور الجريمة عن باعث واحد ، واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ، فإن ما انتهى إليه الحكم من ترتيب التضامن في المسئولية بينهما وباقي المتهمين واعتبرهم فاعلين أصليين للجريمة يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني ، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وكان الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات التي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل المستمد من التقرير الطبي ، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الخصوص يكون على غير أساس ، هذا فضلاً عن أن الحكم قد عرض لما قام عليه دفاع الطاعنين واطرحه بأسباب سائغة أفصح فيها عن اطمئنانه لأدلة الثبوت السائغة التي أوردها ، فإنه يكون من غير المقبول العودة إلى إثارة مثل هذه الأمور لكونها من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا يصح التحدي به أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان من أن الشاهد / .... لم يقرر أنه شاهد الطاعنين وشخص آخر لم تشمله قائمة أدلة الثبوت ويُدعى .... على خلاف ما حصله الحكم - وعلى فرض صحة ذلك - يكون غير قويم لأن هذه الواقعة لم تكن عماد الحكم . هذا فضلاً عن أن الخطأ في الإسناد في خصوص مكان الحادث - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم في شيء ما دام ذلك المكان لم يكن بذي أثر في منطق الحكم ولم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة ، كما أنه لا يعتبر بيان محل الواقعة في الحكم الجنائي من البيانات الهامة الواجب ذكرها فيه إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثراً قانونياً كأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشدداً وفي غير هذا النطاق فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة مجرد الإشارة الجزئية إليه ما دام أن الطاعنين لم يدفعا بعدم اختصاص المحكمة بنظرها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، كما أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، كما أنه من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهي متى أخذت بشهادتهم ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض واختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، فضلاً عن أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل الدعوى ولو خالفت أقواله أمامها ، ولا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وأن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث يُنبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي اطرحت أقوالهم بعدم ارتكاب الطاعنان الواقعة ، إذ لا يعدو أن يكون قولاً جديداً منهم يتضمن عدولاً عن اتهام الطاعنين وهو ما يدخل في تقدير محكمة الموضوع وسلطتها في تجزئة الدليل ما دام الحكم قد أبدى عدم اطمئنان المحكمة إلى ما جاء به ولم يكن له تأثير في عقيدتها أو النتيجة التي انتهت إليها ، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة - كما هو الحال في الحكم المطعون فيه - فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس . فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه رد على دفع الطاعن بما يسوغ به الرد ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد خلا من هذا التناقض فإن ما جاء بوجه الطعن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم لم يوقع على الطاعنان سوى العقوبة المقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت باعتبارها الجريمة الأشد ، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعنان فيما يتعلق بجريمة السلاح ما دامت أسبابه وافية لا قصور فيها بالنسبة إلى جريمة الضرب المفضي إلى الموت التي دانهما بها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ، وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يدفعا أمام محكمة الموضوع بثمة قصور في تحقيقات النيابة بشأن ما أثير بأسباب طعنهما ، فليس لهما أن ينعيا على المحكمة عدم ردها على دفاع لم يثر أمامها ولا يقبل منهما الدفع بشيء من ذلك أمام محكمة النقض لأول مرة . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم - التي ترى انطباقه على واقعة الدعوى - وإذ كانت الواقعة المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساساً للوصف الجديد الذي دان الطاعنين به ، وكان مرد التعديل هو عدم توافر الدليل على ثبوت القتل لدى المحكوم عليهما وانتفاء ظرف سبق الإصرار المشدد دون أن يتضمن التعديل إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الأولى ، فإن الوصف الذي نزلت إليه المحكمة في هذا النطاق حين اعتبرت الطاعنين مرتكبين لجريمة الضرب المفضي إلى الموت هذا التعديل لا يجافي التطبيق القانوني السليم في شيء ولا محل لما يثيره الطاعنان من الإخلال بحقهما في الدفاع ، إذ إن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه المتهم أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف نتيجة استبعاد أحد عناصر الجريمة التي رفعت بها الدعوى . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنان من أن الواقعة تشكل جنحة القتل الخطأ لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب كما أن المحكمة غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمناً أنها اطرحتها ولم تعول عليها ، ويكون نعي الطاعنين في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليهم برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق