جلسة 6 من مارس سنة 1989
برئاسة السيد المستشار/ محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ منير توفيق نائب رئيس المحكمة، عبد المنعم إبراهيم، عبد الرحيم صالح ومحمد مختار أباظة.
------------------
(128)
الطعن رقم 738 لسنة 54 القضائية
(1) محكمة الموضوع "سلطتها في فهم الواقع" "سلطتها في تفسير العقود".
سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع في الدعوى وتفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أوفى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها. شرطه. ألا تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عباراتها وأن يكون ما انتهت إليه سائغاً مقبولاً.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تكييف الطلبات والدفوع". تقادم "التقادم المسقط".
تكييف الخصوم للطلبات والدفوع لا يقيد المحكمة. التزامها بالتكييف الصحيح الذي تتبينه من وقائع الدعوى وتطبق القانون عليها. المطالبة بالأرباح المستحقة لأحد الشركاء. حق احتمالي غير ناشئ عن إحدى الدعاوى المصرفية. أثره. خضوعه للأصل العام لتقادم الالتزام مدنياً أو تجارياً. المادة 374 مدني. انقضاؤه بخمس عشرة سنة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 86 سنة 80 تجاري كلي طنطا ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما بتقديم كشف حساب مؤيداً بالمستندات والحكم بما يثبت أنه مستحق له. وقال بياناً لذلك أن بموجب عقد شركة مؤرخ 26/ 6/ 48 أنشأ والطاعنان وآخرون شركة مقاولات برأس مال قدره 300 ج حصته فيه مبلغ (400 ج) ثم أضيف إليها النصيب الذي آل إليه بوفاة الشريكة.......... في 21/ 4/ 76، ولما كان الطاعنان يضعان اليد على الشركة منذ إنشائها ويستأثران بأرباحه دون محاسبته عن نصيبه فيها - فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 10/ 3/ 80 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم - تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 28/ 3/ 83 بإلزام الطاعنين يؤديا للمطعون ضده مبلغ (969.915 ج). استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف 199 سنة 33 ق طنطا وبتاريخ 15/ 1/ 84 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان على هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بما لم يطلبه المطعون ضده الذي حدد طلباته بإلزامهما بتقديم كشف حساب مؤيد بالمستندات عن إيرادات ومصروفات الشركة فحسب.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الثابت بصحفية افتتاح الدعوى أن المطعون ضده طلب الحكم بإلزام الطاعنين بتقديم كشف حساب مؤيد بالمستندات والحكم بما يثبت أنه مستحق له، وإذ خلصت المحكمة إلى الأخذ بما انتهى إليه الخبير المنتدب في الدعوى من تقدير ما يستحقه المطعون ضده من أرباح الشركة بمبلغ (969.915) ألزمت الطاعنين بأدائها إلى المطعون ضده، فإنها لا تكون قد قضت بما لم يطلبه الخصوم ويكون هذا النعي ولا أساس له.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنهما تمسكا بحصول اتفاق بين الشركاء على تعديل نصيب كل منهم في أرباح الشركة بتحديده بنسبة 10% منه سنوياً وقدما إثباتاً لذلك كشف حساب عن السنوات 1970 - 1972 ومخالصة صادرة من المطعون ضده باستلامه نصيبه في أرباح الشركة في آخر يونيو سنة 1975 بواقع 10% سنوياً، غير أن الحكم المطعون فيه أطرح تلك المستندات وقضى على خلاف ما تضمنته.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وتفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات وسائر المحررات بما تراه أدنى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر وما دام ما انتهى إليه سائغاً مقبولاً بمقتضى الأسباب التي بنته عليها، وكان ما انتهى إليه الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه من أن المخالصة الصادرة من المطعون ضده لا تعتبر تعديلاً لعقد الشركة سائغاً لا خروج فيه عن المعنى الذي تحتمله عباراتها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله.
وحيث إن مبنى النعي بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق، إذ التفت عن المخالفة الصادرة من المطعون ضده باستلامه نصيبه في الأرباح وإلزامهما بما قدره الخبير من أرباح الفترة السابقة على ذلك التاريخ.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح، ذلك أن الثابت في الدعوى أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على ما خلص إليه الخبير المنتدب من تحديد المستحق للمطعون ضده من أرباح الشركة في فترة النزاع بعد خصم ما قبضه منها وضمنه في ذلك المبلغ الثابت بالمخالصة المذكورة.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ رفض أعمال التقادم الخمسي المنصوص عليه في المادة 375 من القانون المدني بالنسبة لأرباح السنوات الخمس السابقة على رفع الدعوى بمقولة أن التقادم الخمسي الذي نصت عليه المادة 194 من قانون التجارة خاص بالأوراق التجارية.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن محكمة الموضوع لا تتقيد في تكييف الطلبات والدفوع المعروضة عليها بوصف الخصوم لها وإنما تلتزم بالتكييف الصحيح التي تتبينه من وقائع الدعوى وترى أنه ينطبق عليها لتنزل حكم القانون على ما يثبت لديها، لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن المنازعة فيها تدور حول المطالبة بالأرباح المستحقة للمطعون ضده كشريك في شركة مقاولات وهي حق احتمالي غير ناشئ عن إحدى الدعاوى الصرفية فلا تخضع في انقضائها للتقادم الخمس سواء ما نص عليها في المادة 375 من القانون المدني أو المادة 194 من قانون التجارة وإنما تخضع للأصل العام لتقادم الالتزام مدنياً أو تجارياً المنصوص عليه في المادة 374 من القانون المدني وهو انقضاؤه بخمس عشرة سنة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون في غير محله، إذ لا يبطله ما شاب أسبابه في هذا الخصوص من خطأ لمحكمة النقض تصحيحه دون أن تنقض الحكم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق