الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الاثنين، 1 ديسمبر 2025

الدعوى رقم 40 لسنة 45 ق دستورية عليا " منازعة تنفيذ " جلسة 8 / 11 / 2025

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من نوفمبر سنة 2025م، الموافق السابع عشر من جمادى الأولى سنة 1447ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 40 لسنة 45 قضائية "منازعة تنفيذ"

-------------

المقامة من

.......

ضد

1- رئيس الجمهورية

2- رئيس مجلس النواب

3- وزير العدل

4- رئيس محكمة النقض

5- النائب العام

6- رئيس محكمة استئناف القاهرة

7- نقيب المحامين

-----------------

الإجراءات

بتاريخ الثاني عشر من أكتوبر سنة 2023، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ قرار مجلس تأديب المحامين الابتدائي الصادر بجلسة 5/2/2022، في الدعوى رقم 45 لسنة 2020 "تأديب محامين"، المعدل بقرار مجلس تأديب المحامين الاستئنافي الصادر بجلسة 12/10/2022، في الاستئناف رقم 40 لسنة 92 قضائية "تأديب محامين". وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بهذين القرارين، والاستمرار في تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا، الصادرين في الدعويين رقمي 160 لسنة 33 قضائية "دستورية"، و14 لسنة 44 قضائية "منازعة تنفيذ".

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق– في أنه بناءً على طلب مجلس النقابة العامة للمحامين، قدمت النيابة العامة المدعي –محام- إلى مجلس التأديب الابتدائي للمحامين بمحكمة استئناف القاهرة، في الدعوى رقم 45 لسنة 2020 "تأديب محامين"، لمجازاته عما نسب إليه في الشكوى المقدمة ضده. وبجلسة 5/2/2022، قرر مجلس التأديب مجازاته بالمنع من مزاولة المهنة لمدة سنة واحدة. وقد عُدِّل هذا القرار بقرار مجلس التأديب الاستئنافي بمحكمة النقض، الصادر بجلسة 12/10/2022، في الاستئناف رقم 40 لسنة 92 قضائية "تأديب محامين"، إلى منع المدعي من مزاولة المهنة لمدة ستة أشهر. وإذ ارتأى المدعي أن قراري مجلسي تأديب المحامين، الابتدائي والاستئنافي، يُشكلان عقبة تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/3/2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية "دستورية"، بعدم دستورية ما تضمنه نصا المادتين (107 و116) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، من أن يشترك في مجلس تأديب المحامين، بدرجتيه، أعضاء من مجلس نقابة المحامين الذي طلب رفع الدعوى التأديبية، كما يُشكل عقبة في تنفيذ حكمها الصادر في الدعوى رقم 14 لسنة 44 قضائية "منازعة تنفيذ"؛ فقد أقام المدعي دعواه المعروضة.

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أن قوام منازعة التنفيذ أن يكون تنفيذ الحكم القضائي لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا -بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل -تبعًا لذلك- أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان؛ ومن ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، التي تتوخى في غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها؛ لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صادر بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي احتواها، والآثار المتولدة عنها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وتبلور صورته الإجمالية، وتعين -كذلك- ما يكون لازمًا لضمان فاعليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا -وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979- لإزاحة عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الكافة، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق -سواء كانت تشريعًا أو حكمًا قضائيًّا أو قرارًا إداريًّا أو عملًا ماديًّا- بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها، حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها، ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها أمرًا ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها، ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 2/3/2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية "دستورية": "بعدم دستورية ما تضمنه نصا المادتين (107 و116) من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، من أن يشترك في مجلس تأديب المحامين، بدرجتيه، أعضاء من مجلس نقابة المحامين الذي طلب رفع الدعوى التأديبية". ونُشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بعددها رقم (10) مكرر (ب) بتاريخ 11/3/2019. كما قضت بجلسة 13/5/2023، في الدعوى رقم 14 لسنة 44 قضائية "منازعة تنفيذ"، بالاستمرار في تنفيذ حكمها الصادر بجلسة 2/3/2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بقرار مجلس تأديب المحامين الابتدائي الصادر بجلسة 5/2/2022، في الدعوى التأديبية رقم 23 لسنة 2008 "تأديب محامين"، المعدل بقرار مجلس تأديب المحامين الاستئنافي الصادر بجلسة 16/5/2022، في الاستئناف رقم 22 لسنة 92 قضائية "تأديب محامين".

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحجية المطلقة لأحكام المحكمة الدستورية العليا في دعاوى التنازع ومنازعات التنفيذ، على ما جرى به نص المادة (195) من الدستور، إنما تلحق -نطاقًا- بما قد تتضمنه هذه الأحكام من تقريرات دستورية، تعرض لنصوص بذاتها من الوثيقة الدستورية، لها محل من الإعمال على وقائع النزاع الموضوعي، ومؤدية -لزومًا- إلى الفصل في موضوعه، بما يعكس بيان هذه المحكمة لمؤدى تلك النصوص الدستورية، وإفصاحها عن دلالاتها، فيكون إلزامها للكافة وجميع سلطات الدولة، بما أقرته في شأنها من مفاهيم، متعينًا. ولا كذلك الحال بالنسبة لغيرها من عناصر الحكم في دعاوى التنازع ومنازعات التنفيذ، التي تقضي المحكمة الدستورية العليا في أولاها بوصفها محكمة تنازع، وفي ثانيتها باعتبارها قضاء تنفيذ، وذلك دون إخلال بثبوت قوة الأمر المقضي فيه لمنطوق الحكم الصادر في أي من تلك الدعاوى، والأسباب المرتبطة به ارتباطًا حتميًّا، قبل أطراف خصومة الموضوع، وفي مواجهة جميع المخاطبين بتنفيذه وإعمال آثاره. لما كان ذلك، وكان الحكم الصادر في الدعوى رقم 14 لسنة 44 قضائية "منازعة تنفيذ" -المنازع في تنفيذه- لم يتضمن تقريرات دستورية واجبة الإعمال في مواجهة الحكمين المصورين عقبة في التنفيذ، وليس لهما به من صلة؛ إذ يختلفان عنه أطرافًا وموضوعًا، وهو ما يتعين معه الالتفات عن هذا الطلب.

وحيث إن مقتضى نص المادة (195) من الدستور، والمادتين (48 و49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون للأحكام والقرارات الصادرة من المحكمة الدستورية العليا حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتبارها قولًا فصلًا لا يقبل تأويلًا ولا تعقيبًا من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيها أو إعادة طرحها على هذه المحكمة من جديد لمراجعتها.

وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى، تأسيسًا على أن نص المادتين (107 و116) من قانون المحاماة المشار إليه، في ضوء حكم المحكمة الدستورية العليا المنازع في تنفيذه، مؤداه جواز تشكيل مجلس تأديب يصلح للفصل في دعوى تأديب المحامين من تشكيل قضائي خالص؛ ومن ثم لا يكون الحكم الصادر عن التشكيل المشار إليه عائقًا في تنفيذ الحكم الصادر في الدعوى الدستورية المشار إليها، فضلاً عن أن حقيقة طلبات المدعي تنحل طعنًا على تشكيل مجلس تأديب المحامين، الأمر الذي يخرج الفصل فيه عن ولاية المحكمة الدستورية العليا، فإن هذا الدفع غير سديد؛ ذلك أنه قد صدر ضد المدعي قرار من مجلس تأديب المحامين الابتدائي في الدعوى رقم 45 لسنة 2020 "تأديب محامين"، بالمنع من مزاولة المهنة لمدة سنة، وقد تعدل هذا الجزاء التأديبي بقرار مجلس التأديب الاستئنافي في الدعوى رقم 40 لسنة 92 قضائية "تأديب محامين"، إلى منع المدعي عن مزاولة المهنة لمدة ستة أشهر. وكان القراران الصادران من مجلسي تأديب المحامين، الابتدائي والاستئنافي، المنصوص عليهما في المادتين (107 و116) من قانون المحاماة، قد التفتا عن إعمال مقتضى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية "دستورية"، إذ جاء تشكيلهما مخالفًا لنص تلك المادتين، وهو قضاء يخرج عن المسار الذي كان يجب أن يخوض فيه القراران التأديبيان المار ذكرهما، إعمالًا لأثر الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا في الدعوى الدستورية آنفة الذكر، ومقتضى ذلك ولازمه بطلان تشكيل مجلسي التأديب الابتدائي والاستئنافي، اللذين قضيا في الدعوى التأديبية المشار إليها؛ ومن ثم فإن قراريهما يُعدان عقبة تحول دون تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/3/2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية "دستورية" على وجهه الصحيح، ويغدو القول بصحة انعقاد مجلسي تأديب المحامين بتشكيلهما القضائي فقط، على سند من عدم شمول القضاء بعدم الدستورية العنصر القضائي في تشكيل هذين المجلسين، متعارضًا مع السياسة التشريعية التي أقام عليها المشرع تشكيل المجلس، بدرجتيه، قبل القضاء بعدم الدستورية، وتدخلًا في سلطة المشرع التقديرية في تنظيم حق التقاضي. وتبعًا لما تقدم؛ يغدو متعينًا القضاء بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المشار إليه، وعدم الاعتداد بقراري مجلسي تأديب المحامين، الابتدائي والاستئنافي، المار بيانهما.

وحيث إنه عن الطلب المستعجل بوقف تنفيذ قراري مجلسي تأديب المحامين الابتدائي والاستئنافي سالفي الذكر، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ المعروضة، وإذ انتهت المحكمة –فيما تقدم- إلى القضاء في موضوعها، فإن قيامها بمباشرة اختصاص البت في هذا الطلب، وفقًا لنص المادة (50) من قانونها المار ذكره، يكون قد بات غير ذي موضوع.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 2/3/2019، في الدعوى رقم 160 لسنة 33 قضائية "دستورية"، وبعدم الاعتداد بقرار مجلس تأديب المحامين الابتدائي الصادر بجلسة 5/2/2022، في الدعوى التأديبية رقم 45 لسنة 2020 " تأديب محامين"، المعدل بقرار مجلس تأديب المحامين الاستئنافي الصادر بجلسة 12/10/2022، في الاستئناف رقم 40 لسنة 92 قضائية "تأديب محامين"، وألزمت المدعى عليهم المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق