الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 27 ديسمبر 2025

الطعن 14957 لسنة 90 ق جلسة 10 / 6/ 2023 مكتب فني 74 ق 51 ص 492

جلسة 10 من يونيه سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / نبيه زهران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / أحمد الخولي ، محمد عبد الحليم ، وائل أنور وأسامة النجار نواب رئيس المحكمة .
---------------
(51)
الطعن رقم 14957 لسنة 90 القضائية
(1) قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " .
قصد القتل . أمر خفي . إدراكه بالظروف والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه . استخلاص توافره . موضوعي .
مثال .
(2) سبق إصرار . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر سبق الإصرار " .
سبق الإصرار . حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني . يستخلصها القاضي من الوقائع والظروف الخارجية . حد ذلك ؟
(3) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بشأن ظرف الترصد . غير مقبول . متى لم يتحدث عن توافره .
(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب " المرض النفسي " " الجنون والعاهة العقلية " . مسئولية جنائية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة المتهم النفسية " . دفوع " الدفع بانعدام المسئولية الجنائية " . إثبات " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
المرض النفسي أو العقلي الذي تنعدم به المسئولية الجنائية وفقاً للمادة 62 عقوبات المستبدلة بالقانون 71 لسنة 2009 . هو الذي يعدم الشعور أو الإدراك لدى المتهم وقت ارتكاب الجريمة . سائر الأحوال النفسية الأخرى التي تنقصهما أعذار قضائية مخففة . لا تعد سبباً لانعدام المسئولية . تقديرها موضوعي .
اطراح الحكم سائغاً دفع الطاعن بانتفاء مسئوليته الجنائية استناداً لما ورد بتقرير الصحة النفسية من عدم معاناته من أي اضطراب نفسي أو عقلي وقادر على الإدراك والتمييز . كفايته رداً عليه .
(5) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي . المجادلة في هذا الشأن . غير جائزة أمام محكمة النقض .
(6) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر لزوماً لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(7) إعدام . نيابة عامة . محكمة النقض " سلطتها " .
إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة العامة في قضايا الإعدام أو توقيعها بتوقيع مقروء من محام عام . غير لازم . اتصال محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها دون التقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة مذكرتها . أساس ذلك ؟
(8) قتل عمد . إعدام . حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . سبق إصرار .
حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات جنائية .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المحكوم عليه بها ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة . لا قصور .
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإعدام في جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار .
(9) حكم " بيانات حكم الإدانة " .
إشارة الحكم إلى مواد الاتهام التي عاقب الطاعن بها . كفايته لبيان نص القانون الذي حكم بمقتضاه . أساس ذلك ؟
مثال .
(10) إثبات " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد نص تقرير الخبير بكل أجزائه . لا ينال من سلامة الحكم .
مثال .
(11) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
استظهار الحكم علاقة السببية بين إصابات المجني عليها ووفاتها من واقع تقرير الصفة التشريحية . لا قصور .
مثال .
(12) إثبات " اعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " .
الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال . تقدير صحته وقيمته في الإثبات . موضوعي . للمحكمة الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك . حد ذلك ؟
(13) باعث . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
الباعث على الجريمة . ليس من أركانها . الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله . لا يعيب الحكم .
(14) إثبات " شهود " " اعتراف " " خبرة " .
تطابق أقوال الشهود أو اعتراف المتهم ومضمون الدليل الفني . غير لازم . كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق .
(15) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
(16) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
وجوب بناء الأحكام على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها . تحصيل الحكم من أقوال الشهود وتقرير الصفة التشريحية ما له صدى وأصل بالأوراق . لا يعيبه .
(17) استجواب . إجراءات " إجراءات التحقيق " . محاماة .
عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته في الجنايات في غير حالتي التلبس والسرعة إلا بعد دعوة محاميه . استجوابه دون حضور محام . لا عيب . متى لم يعلن اسم محاميه بتقرير في قلم الكتاب أو أمام مأمور السجن وأثبت المحقق تعذر حضوره . أساس ذلك ؟
(18) محاماة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
ندب المحكمة محامياً للمتهم ترافع في الدعوى وأبدى أوجه دفاعه بعد اطلاعه على أوراقها . لا إخلال بحق الدفاع .
(19) محاماة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
حضور محام مقبول للمرافعة أمام محكمة الجنايات مدافعاً عن المحكوم عليه . أثره : صحة إجراءات محاكمته . أساس ذلك ؟
(20) حكم " بيانات الديباجة " .
اشتراك عضو نيابة عامة بالهيئة التي أصدرت الحكم غير من حضر المرافعة . لا بطلان . علة ذلك ؟
(21) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره " .
توقيع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته . غير لازم . كفاية تحريره وتوقيعه من رئيس المحكمة وكاتب الجلسة . حد وأساس ذلك ؟
صدور الحكم من الهيئة التي سمعت المرافعة واشتركت في المداولة موقعاً من رئيسها . لا بطلان .
(22) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير العقوبة " . إعدام . قتل عمد . سبق إصرار .
تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً . موضوعي .
معاقبة المتهم بالإعدام عن جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار . صحيح .
(23) إعدام . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
وجوب أخذ محكمة الجنايات رأي المفتي قبل إصدار الحكم بالإعدام . لا يجعل منه دليلاً في الدعوى يوجب طرحه على المحكوم عليه ومناقشته . علة وأساس ذلك ؟
(24) إعدام . حكم " بيانات حكم الإدانة " .
الحكم الصادر بالإعدام . ما يلزم من تسبيب لإقراره ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من شهادة كل من / .... ، .... واعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة وبمحضر تجديد حبسه بتاريخ .... وبجلسة المحاكمة المؤرخ .... وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله : ( .... إن المحكمة تستخلص توافر هذه النية في حق المتهم ، فإن الأوراق تكشف بوضوح عن توافرها من الكيفية التي تمت بها الجريمة ومن اعتراف المتهم وتحريات شاهد الإثبات بتحقيقات النيابة العامة ومن نيته المبيتة على إزهاق روح مولودته لعدم رغبته في إنجاب ذرية ولإراحتها من هموم الدنيا ومن تصميم على تنفيذ ما انتواه وحمله مولودته وصعوده بها لمسكنه الخالي والبعيد عن الأعين وقيامه بخنقها بالضغط على رقبتها بيديه وحال مغادرته المسكن لوضعها بجوار والدتها تبين له أنها لم تفارق الحياة ، ولما كان منتوياً قتلها وإزهاق روحها لم يكتف بما فعله بها بل عاد لحجرة النوم ابتغاء تحقيق مبتغاه وما صمم عليه فأحضر سلكاً كهربائياً وطوق به عنق كريمته وشد طرفيه ولم ينته هذه المرة إلا بعد أن تأكد يقيناً بأن روحها قد أزهقت حال علمه بجسامة فعله وضعف وصغر من يتعدى عليها مستغلاً قوته والتي لا يتصور النجاة من فعله هذا لأحد وبالفعل قُتلت المجني عليها فور فعل المتهم بما أحدثه بها من سد للمسالك الهوائية بالضغط على الرقبة اسفكسيا الخنق باليدين وبسلك كهربائي أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية والوفاة ، الأمر الذي تتوافر معه بيقين نية إزهاق الروح ) ، وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا محل له .
2- من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا تتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ، وكان ما أورده الحكم يكفي في الكشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن ، وقد ساق لإثباته قبله من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون ، وما يكفي للرد على ما أثاره الدفاع بشأن انتفائه ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له .
3- لما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تتحدث عن ظرف الترصد أو توافره في واقعة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دانت الطاعن بها ، فإنه لا محل لما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص .
4- لما كان مقتضى نص المادة 62 من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون رقم 71 لسنة 2009 أن المرض النفسي أو العقلي الذي تنعدم به المسئولية الجنائية هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك لدى المتهم وقت ارتكاب الواقعة ، أما سائر الأحوال النفسية التي تنقص من شعور وإدراك الشخص ، فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية ، إنما هي مجرد أعذار قضائية مخففة يرجع الأمر في تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن واطرحه استناداً إلى ما ورد بتقرير الصحة النفسية والذي أفاد بأن المتهم لا يعاني من أي اضطراب نفسي أو عقلي وهو قادر على الإدراك والتمييز والحكم على الأمور وسليم الإرادة ويعتبر مسئولاً عما نسب إليه من اتهام ، وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن بانتفاء مسئوليته كافياً وسائغاً .
5- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الصحة النفسية واستندت إلى رأيه الفني من مسئولية المتهم عن أفعاله ، فإنه لا تجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض .
6- لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه قد طلب استدعاء الطبيب النفسي لمناقشته ، فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ، بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد .
7- لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها ، انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه / .... دون إثبات تاريخ تقديمها ، بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، كما أنها حملت ما يشير إلى صدورها من الأستاذ / .... رئيس نيابة .... الكلية إلا أنها ذُيلت بتوقيع – فرمة - غير مقروء يتعذر نسبته إليه أو إلى غيره ممن يحق لهم ذلك ، ولا يغير من ذلك التأشير من القائم بأعمال المحامي العام الأول عليها بالنظر ، إذ إن تلك التأشيرة بمجردها لا تفيد اعتماده لها أو الموافقة عليها ، فضلاً عن أنها بدورها موقعة بتوقيع لا يقرأ يستحيل معه معرفة صاحبه ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد أو توقيع المذكرة من رئيس نيابة وليس محامٍ عام وأن ذلك التوقيع غير مقروء بالمخالفة لنص المادة 34 آنفة الذكر بعد تعديلها بالقانون رقم 74 لسنة 2007 – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية .
8- لما كان الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى في قوله : ( .... أن المتهم / .... تزوج بالمدعوة / .... بتاريخ .... وأبلغها بأنه لا يريد ذرية إلا أنه إثر علمه بأنها حامل فكر في هدوء لا يخالطه اضطراب وروية لا يشوبها تعجل في قتل من سيتم إنجابه وازداد تصميماً على تنفيذ ما انتواه بفكره المنحرف بعدما استقال من شركة للأمن بتاريخ .... والتي كان يعمل بها وتمت عملية الولادة قيصرياً في .... بمستشفى .... فاصطحب زوجته والمولودة والتي تم تسميتها / .... لمسكن والده بناحية .... وانتظر إلى أن نام والداه وزوجته فحمل مولودته التي كانت نائمة بجوارها وذلك في التاسعة من مساء ذلك اليوم .... وصعد بها لمسكنه الخالي والذي يعلو مسكن والده حتى يرتكب جريمته بعيداً عن الأعين وقد كان ونفذ ما صمم عليه داخل غرفة النوم بذلك المسكن بأن قام بخنقها بالضغط على رقبتها بيديه فاعتقد بوفاتها فحملها لوضعها بجوار زوجته إلا أنه تبين أنها لم تفارق الحياة فأحضر سلكاً كهربائياً وطوق عنقها به وشد طرفيه إلى أن تأكد يقيناً أنها فارقت الحياة لعلمه بأن فعله هذا لا يتصور النجاة منه لأحد وبالفعل قُتلت المجني عليها كريمته لما أحدثه فعله بها من سد للمسالك الهوائية بالضغط على الرقبة اسفكسيا الخنق باليدين وبسلك كهربائي أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية والوفاة في أبشع صورة لإزهاق الروح وأكثرها وضوحاً وقد حملها بعد ما حقق مبتغاه من التعدي وهو قتلها ووضعها بجوار والدتها حيث كانت الساعة قد بلغت العاشرة من مساء ذلك اليوم فقد استغرق ذلك منه ساعة كاملة ثم توجه إلى مركز الشرطة ومعه أداة الجريمة السلك الكهربائي وأبلغهم بما فعله وهذا ما كان عليه أمر الواقعة التي تأكدت باعتراف المتهم وتعززت بتحريات الشرطة وما ثبت بتقرير الطب الشرعي ) ، واستند الحكم في الإدانة إلى شهادة كل من / .... ، .... واعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة وبمحضر تجديد حبسه بتاريخ .... وبجلسة المحاكمة المؤرخ .... ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية ، وهي أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق - حسبما يبين من الاطلاع على المفردات - ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان المحكوم عليه بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منها ، وكان البين مما سطره الحكم - على النحو سالف البيان - أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، كما أورد من أقوال شاهدي الإثبات واعتراف المتهم وتقرير الصفة التشريحية ما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، ومن ثم فقد سلم الحكم المعروض من قالة القصور .
9- لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه إلا أن القانون لم يحدد شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان ، ولما كان الثابت أن الحكم المعروض بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى النصوص التي آخذ المحكوم عليه بها في قوله : ( .... مما يتعين معه عملاً بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية عقابه بالمواد 230 ، 231 عقوبات ، 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم (7) من الجدول رقم (1) الملحق به ، والمادتين 2/1 ، 116 مكرراً من القانون رقم 12 لسنة 1996 مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات ) ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون .
10- لما كان ما حصله الحكم من تقرير الصفة التشريحية - الذي عول عليه في قضائه - ما يكفي بياناً لمضمون هذا التقرير ، فلا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل أجزائه .
11- لما كان الواضح من مدونات الحكم المعروض أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليها التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاتها فأورد من واقع ذلك التقرير قوله : ( .... أن جثة / .... هي لطفلة رضيعة مكتملة النمو والأشهر الرحمية عمرها حوالي يوم واحد وتبين وجود الإصابات الحيوية الحديثة الآتية : 1- حز حلقي منضغط بشدة مستعرض الوضع كامل الاستدارة بطول 18 سم ملفوف حول كامل الرقبة جائز الحدوث من السلك الكهربائي المضبوط ، 2- خدش سطحي بطول حوالي 3 مم يقع بقدم الرقبة بشكل وهيئة الخدش الظفري جائز الحدوث من الخنق باليدين ، 3- خدش مماثل للخدش عالية بطول حوالي 6 مم يقع بخلفية يسار الرقبة أسفل الحز الحلقي عليه مباشرة جائز الحدوث من الخنق باليدين وتعزى وفاتها نتيجة سد المسالك الهوائية العليا بالضغط على الرقبة اسفكسيا الخنق باليدين وبسلك كهربائي ما أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية والوفاة جائزة الحدوث وفق اعتراف المتهم وبتاريخ معاصر لتاريخ الواقعة ) ، فإنه يكون بريئاً من قالة القصور في هذا الخصوص .
12- من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية عنصراً من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه من بعد ذلك ، متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع وعول عليه - ضمن ما عول - في قضائه ، فإنه يكون بريئاً من أي شائبة في هذا الخصوص .
13- من المقرر أن الباعث على الجرائم ليس ركناً فيها ، ومن ثم فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة ، ومن ثم يضحى النعي على الحكم المعروض في هذا الشأن غير مقبول .
14- من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود أو اعتراف المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني ، بل يتلاءم معه ، فإن الحكم يكون فوق تطبيقه القانون تطبيقاً صحيحاً قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني أو الفساد في الاستدلال .
15- لما كان الحكم المعروض قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات واطرحه برد سائغ ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ، ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ومن ثم فإن ما قد يثار على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل .
16- من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها ، وكان البيّن من الاطلاع على المفردات أن ما حصّله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات وما أقر به المحكوم عليه وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية له صداه وأصله الثابت بالأوراق ولم يحِد الحكم فيما حصّله منها وعول عليه عن نص ما أنبأ به أو فحواه ، ومن ثم فقد انحسرت عن الحكم قالة خطأ التحصيل وفساد الاستدلال في هذا الخصوص .
17- لما كان المشرع قد استحدث في المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل ضمانة خاصة لكل متهم في جناية وهي أنه لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر .... إلخ ، ولما كان البيِّن من المفردات أن المتهم لم يعلن اسم محاميه للمحقق في محضر الاستجواب أو قبل استجوابه بتقرير في قلم الكتاب أو أمام مأمور السجن ، كما أن المحقق قد أثبت في محضره أنه أرسل في طلب محام من نقابة المحامين الفرعية ليحضر استجواب المتهم إلا أنه تعذر تنفيذ ذلك لكون النقابة مغلقة فقد شرع في استجواب المتهم ، ومن ثم فإن إجراءات التحقيق تكون قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به المادة 124 سالفة الذكر ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم المعروض في هذا الشأن .
18- لما كان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام فندبت المحكمة له محامياً وهو الأستاذ / .... والذي ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فيها بعد الاطلاع على أوراقها ، فإن المحكمة تكون قد وفرت له حقه في الدفاع .
19- لما كانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات ، وكان المدافع عن المحكوم عليه أمام محكمة الجنايات الأستاذ / .... مقيداً بجداول المحامين أمام محكمة الاستئناف في .... - وفقاً للثابت من الإفادة الرسمية المرفقة بالأوراق - وبالتالي فإن إجراءات المحاكمة تكون قد تمت وفق صحيح القانون .
20- لما كان اشتراك عضو النيابة العامة في الهيئة التي أصدرت الحكم بدلاً من عضو النيابة في الهيئة التي سمعت المرافعة ، مردوداً بأن قانون المرافعات لم يرتب البطلان نتيجة ذلك ، إذ إن المقصود بعبارة المحكمة التي أصدرت الحكم والقضاة الذين اشتركوا فيه هم القضاة الذين فصلوا في الدعوى ، ومن ثم فإن الحكم المعروض يكون قد سلم من قالة البطلان .
21- من المقرر أنه لا يلزم في الأحكام الجنائية أن يوقع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته ، بل يكفي أن يحرر الحكم ويوقعه رئيس المحكمة وكاتبها ، ولا يوجب القانون توقيع أحد من القضاة الذين اشتركوا في المداولة على مسودة الحكم إلا إذا حصل له مانع من حضور تلاوة الحكم عملاً بنص المادة 170 من قانون المرافعات المدنية ، ولما كان المحكوم عليه لا يماري في أن رئيس الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى واشتركت في المداولة هو الذي وقع على نسخة الحكم الأصلية ، وكان البيّن من مطالعة الحكم المعروض ومحاضر جلساته أن الحكم تُلي من ذات الهيئة التي استمعت للمرافعة واشتركت في المداولة ، ومن ثم فإن الحكم يكون قد سلم من قالة البطلان .
22- من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع بغير أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى توقيع العقوبات بالقدر الذي ارتأته ، وكانت المادة 230 من قانون العقوبات تقضي بأن عقوبة القتل العمد مع سبق الإصرار أو الترصد هي الإعدام ، ومن ثم فإن الحكم يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً .
23- من المقرر وفقاً لنص المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على محكمة الجنايات أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية قبل أن تصدر حكمها بالإعدام ، إلا أن ذلك لا يجعل من رأي المفتي دليلاً من أدلة الدعوى مما يجب طرحه على الخصوم بجلسة المرافعة للوقوف على حقيقته ومناقشته قبل إصدار الحكم ، وإذ مفاد نص المادة المار بيانها أن المحكمة تكوِّن عقيدتها بالإدانة وتقدِّر عقوبة الإعدام قبل إرسال أوراق الدعوى إلى المفتي ، بعد أن تكون الدعوى قد استكملت كل إجراءاتها حتى يمكن إبداء المفتي الرأي فيها ، وهو رأي لا يقيد المحكمة ولا تنتظره فيما لم يصل خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق إليه ، بل لها أن تحكم في الدعوى بما رأته . لما كان ذلك ، فإن ما قد يثار في شأن عدم طرح رأي المفتي على المحكوم عليه بإعدامه بجلسة النطق بالحكم يكون في غير محله .
24- لما كان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية وفقاً للمادة 381 /2 من قانون الإجراءات الجنائية ، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ، وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ، ومن ثم يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه / .... .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :-
1- قتل طفلته الرضيعة .... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها فقام بخنقها بيديه ثم قام بتوثيق رقبتها بسلك كهربائي كان بحوزته وجذبه يميناً ويساراً حتى فارقت الحياة قاصداً من ذلك قتلها حال كونه من المتولين تربيتها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق والتي أودت بحياتها على النحو المبين بالتحقيقات .
2- أحرز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص ( مشترك كهربائي ) دون مسوغ قانوني .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قررت بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي فيها وحددت جلسة .... للنطق بالحكم .
وبالجلسة المحددة قضت المحكمة حضورياً وعملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات ، والمواد 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 30 /1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل، والبند رقم (7) من الجدول رقم (1) الملحق به ، والمادتين 2/1 ، 116 مكرراً من القانون رقم 12 لسنة 1996 مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات ، وبإجماع الآراء بمعاقبته بالإعدام شنقاً عما أُسند إليه وبمصادرة السلك الكهربائي المضبوط .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ، كما عرضت النيابة العامة القضية على المحكمة مشفوعة بمذكرة برأيها .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة

أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه :
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار وإحراز أداة مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ قانوني وأوقع عليه عقوبة الإعدام شنقاً ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد في حقه ، واطرح بما لا يصلح دفاعه القائم على انتفاء مسئوليته الجنائية لإصابته باضطراب نفسي أفقده الوعي أثناء الواقعة دون أن يفطن إلى أن تقرير الطب النفسي غير كاشف للحقيقة كونه لاحقا على ارتكابها ، ملتفتاً عن طلبه باستدعاء الطبيب النفسي لمناقشته في هذا الأمر وإجراء تحقيق لاستجلاء وجه الحق في هذا الخصوص ، كل ذلك بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من شهادة كل من / .... ، .... واعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة وبمحضر تجديد حبسه بتاريخ .... وبجلسة المحاكمة المؤرخ .... وما ثبت من تقرير الصفة التشريحية ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه ، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله : ( .... إن المحكمة تستخلص توافر هذه النية في حق المتهم ، فإن الأوراق تكشف بوضوح عن توافرها من الكيفية التي تمت بها الجريمة ومن اعتراف المتهم وتحريات شاهد الإثبات بتحقيقات النيابة العامة ومن نيته المبيتة على إزهاق روح مولودته لعدم رغبته في إنجاب ذرية ولإراحتها من هموم الدنيا ومن تصميم على تنفيذ ما انتواه وحمله مولودته وصعوده بها لمسكنه الخالي والبعيد عن الأعين وقيامه بخنقها بالضغط على رقبتها بيديه وحال مغادرته المسكن لوضعها بجوار والدتها تبين له أنها لم تفارق الحياة ، ولما كان منتوياً قتلها وإزهاق روحها لم يكتف بما فعله بها بل عاد لحجرة النوم ابتغاء تحقيق مبتغاه وما صمم عليه فأحضر سلكاً كهربائياً وطوق به عنق كريمته وشد طرفيه ولم ينته هذه المرة إلا بعد أن تأكد يقيناً بأن روحها قد أزهقت حال علمه بجسامة فعله وضعف وصغر من يتعدى عليها مستغلاً قوته والتي لا يتصور النجاة من فعله هذا لأحد وبالفعل قُتلت المجني عليها فور فعل المتهم بما أحدثه بها من سد للمسالك الهوائية بالضغط على الرقبة اسفكسيا الخنق باليدين وبسلك كهربائي أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية والوفاة ، الأمر الذي تتوافر معه بيقين نية إزهاق الروح ) ، وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا تتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج ، وكان ما أورده الحكم يكفي في الكشف عن توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن ، وقد ساق لإثباته قبله من الأدلة والقرائن ما يكفي لتحققه طبقاً للقانون ، وما يكفي للرد على ما أثاره الدفاع بشأن انتفائه ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تتحدث عن ظرف الترصد ، أو توافره في واقعة القتل العمد مع سبق الإصرار التي دانت الطاعن بها ، فإنه لا محل لما ينعاه على الحكم في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان مقتضى نص المادة 62 من قانون العقوبات المستبدلة بالقانون رقم 71 لسنة 2009 أن المرض النفسي أو العقلي الذي تنعدم به المسئولية الجنائية هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك لدى المتهم وقت ارتكاب الواقعة ، أما سائر الأحوال النفسية التي تنقص من شعور وإدراك الشخص ، فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية ، إنما هي مجرد أعذار قضائية مخففة يرجع الأمر في تقديرها إلى محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في هذا الشأن واطرحه استناداً إلى ما ورد بتقرير الصحة النفسية والذي أفاد بأن المتهم لا يعاني من أي اضطراب نفسي أو عقلي وهو قادر على الإدراك والتمييز والحكم على الأمور وسليم الإرادة ويعتبر مسئولاً عما نسب إليه من اتهام ، وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن بانتفاء مسئوليته كافياً وسائغاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية إلى ما ورد بتقرير الصحة النفسية واستندت إلى رأيه الفني من مسئولية المتهم عن أفعاله ، فإنه لا تجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه قد طلب استدعاء الطبيب النفسي لمناقشته ، فليس له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوماً لإجرائه ، بما تنحسر معه عن الحكم في هذا الشأن قالة الإخلال بحق الدفاع ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ثانياً : بالنسبة لعرض النيابة العامة :
حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليه / .... دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون المعدل بالقانون رقم 23 لسنة 1992 ، كما أنها حملت ما يشير إلى صدورها من الأستاذ / .... رئيس نيابة .... الكلية إلا أنها ذُيلت بتوقيع – فرمة - غير مقروء يتعذر نسبته إليه أو إلى غيره ممن يحق لهم ذلك ، ولا يغير من ذلك التأشير من القائم بأعمال المحامي العام الأول عليها بالنظر ، إذ إن تلك التأشيرة بمجردها لا تفيد اعتماده لها أو الموافقة عليها ، فضلاً عن أنها بدورها موقعة بتوقيع لا يقرأ يستحيل معه معرفة صاحبه ، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد أو توقيع المذكرة من رئيس نيابة وليس محامٍ عام وأن ذلك التوقيع غير مقروء بالمخالفة لنص المادة 34 آنفة الذكر بعد تعديلها بالقانون رقم 74 لسنة 2007 - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة العامة ، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة العامة بمذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ، ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية . لما كان ذلك ، وكان الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى في قوله : ( .... أن المتهم / .... تزوج بالمدعوة / .... بتاريخ .... وأبلغها بأنه لا يريد ذرية إلا أنه إثر علمه بأنها حامل فكر في هدوء لا يخالطه اضطراب وروية لا يشوبها تعجل في قتل من سيتم إنجابه وازداد تصميماً على تنفيذ ما انتواه بفكره المنحرف بعدما استقال من شركة للأمن بتاريخ .... والتي كان يعمل بها وتمت عملية الولادة قيصرياً في .... بمستشفى .... فاصطحب زوجته والمولودة والتي تم تسميتها / .... لمسكن والده بناحية .... وانتظر إلى أن نام والداه وزوجته فحمل مولودته التي كانت نائمة بجوارها وذلك في التاسعة من مساء ذلك اليوم .... وصعد بها لمسكنه الخالي والذي يعلو مسكن والده حتى يرتكب جريمته بعيداً عن الأعين وقد كان ونفذ ما صمم عليه داخل غرفة النوم بذلك المسكن بأن قام بخنقها بالضغط على رقبتها بيديه فاعتقد بوفاتها فحملها لوضعها بجوار زوجته إلا أنه تبين أنها لم تفارق الحياة فأحضر سلكاً كهربائياً وطوق عنقها به وشد طرفيه إلى أن تأكد يقيناً أنها فارقت الحياة لعلمه بأن فعله هذا لا يتصور النجاة منه لأحد وبالفعل قُتلت المجني عليها كريمته لما أحدثه فعله بها من سد للمسالك الهوائية بالضغط على الرقبة اسفكسيا الخنق باليدين وبسلك كهربائي أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية والوفاة في أبشع صورة لإزهاق الروح وأكثرها وضوحاً وقد حملها بعد ما حقق مبتغاه من التعدي وهو قتلها ووضعها بجوار والدتها حيث كانت الساعة قد بلغت العاشرة من مساء ذلك اليوم فقد استغرق ذلك منه ساعة كاملة ثم توجه إلى مركز الشرطة ومعه أداة الجريمة السلك الكهربائي وأبلغهم بما فعله وهذا ما كان عليه أمر الواقعة التي تأكدت باعتراف المتهم وتعززت بتحريات الشرطة وما ثبت بتقرير الطب الشرعي ) ، واستند الحكم في الإدانة إلى شهادة كل من / .... ، .... واعتراف المتهم بتحقيقات النيابة العامة وبمحضر تجديد حبسه بتاريخ .... وبجلسة المحاكمة المؤرخ .... ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية ، وهي أدلة سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق - حسبما يبين من الاطلاع على المفردات - ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان المحكوم عليه بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منها ، وكان البين مما سطره الحكم - على النحو سالف البيان - أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان بها المحكوم عليه وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، كما أورد من أقوال شاهدي الإثبات واعتراف المتهم وتقرير الصفة التشريحية ما يحقق مراد الشارع الذي استوجبه من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة ، ومن ثم فقد سلم الحكم المعروض من قالة القصور . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه إلا أن القانون لم يحدد شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان ، ولما كان الثابت أن الحكم المعروض بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى النصوص التي آخذ المحكوم عليه بها في قوله : ( .... مما يتعين معه عملاً بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية عقابه بالمواد 230 ، 231 عقوبات ، 1/1 ، 25 مكرراً/1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند رقم ( 7 ) من الجدول رقم ( 1 ) الملحق به ، والمادتين 2/1 ، 116 مكرراً من القانون رقم 12 لسنة 1996 مع إعمال المادة 32 من قانون العقوبات ) ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون . لما كان ذلك ، وكان ما حصله الحكم من تقرير الصفة التشريحية - الذي عول عليه في قضائه - ما يكفي بياناً لمضمون هذا التقرير ، فلا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان الواضح من مدونات الحكم المعروض أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجني عليها التي أورد تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاتها فأورد من واقع ذلك التقرير قوله : ( .... أن جثة / .... هي لطفلة رضيعة مكتملة النمو والأشهر الرحمية عمرها حوالي يوم واحد وتبين وجود الإصابات الحيوية الحديثة الآتية : 1- حز حلقي منضغط بشدة مستعرض الوضع كامل الاستدارة بطول 18 سم ملفوف حول كامل الرقبة جائز الحدوث من السلك الكهربائي المضبوط ، 2- خدش سطحي بطول حوالي 3 مم يقع بقدم الرقبة بشكل وهيئة الخدش الظفري جائز الحدوث من الخنق باليدين ، 3- خدش مماثل للخدش عاليه بطول حوالي 6 مم يقع بخلفية يسار الرقبة أسفل الحز الحلقي عليه مباشرة جائز الحدوث من الخنق باليدين وتعزى وفاتها نتيجة سد المسالك الهوائية العليا بالضغط على الرقبة اسفكسيا الخنق باليدين وبسلك كهربائي ما أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية والوفاة جائزة الحدوث وفق اعتراف المتهم وبتاريخ معاصر لتاريخ الواقعة ) ، فإنه يكون بريئاً من قالة القصور في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية عنصراً من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه في أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه من بعد ذلك ، متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، وكان الحكم قد أفصح عن اطمئنانه إلى صحة هذا الاعتراف ومطابقته للحقيقة والواقع وعول عليه - ضمن ما عول - في قضائه ، فإنه يكون بريئاً من أي شائبة في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الباعث على الجرائم ليس ركناً فيها ، ومن ثم فلا يقدح في سلامة الحكم الخطأ فيه أو ابتناؤه على الظن أو إغفاله جملة ، ومن ثم يضحى النعي على الحكم المعروض في هذا الشأن غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشهود أو اعتراف المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق ، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق ، وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولي لا يتناقض مع ما نقله من دليل فني ، بل يتلاءم معه ، فإن الحكم يكون فوق تطبيقه القانون تطبيقاً صحيحاً قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني أو الفساد في الاستدلال . لما كان ذلك ، وكان الحكم المعروض قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات واطرحه برد سائغ ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ومن ثم فإن ما قد يثار على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأحكام يجب أن تبنى على أسس صحيحة من أوراق الدعوى وعناصرها ، وكان البيّن من الاطلاع على المفردات أن ما حصّله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات وما أقر به المحكوم عليه وما ثبت بتقرير الصفة التشريحية له صداه وأصله الثابت بالأوراق ولم يحِد الحكم فيما حصّله منها وعول عليه عن نص ما أنبأ به أو فحواه ، ومن ثم فقد انحسرت عن الحكم قالة خطأ التحصيل وفساد الاستدلال في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان المشرع قد استحدث في المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل ضمانة خاصة لكل متهم في جناية وهي أنه لا يجوز للمحقق في الجنايات أن يستجوب المتهم أو يواجهه بغيره من المتهمين أو الشهود إلا بعد دعوة محاميه للحضور عدا حالة التلبس وحالة السرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة على النحو الذي يثبته المحقق في المحضر .... إلخ ، ولما كان البيِّن من المفردات أن المتهم لم يعلن اسم محاميه للمحقق في محضر الاستجواب أو قبل استجوابه بتقرير في قلم الكتاب أو أمام مأمور السجن ، كما أن المحقق قد أثبت في محضره أنه أرسل في طلب محام من نقابة المحامين الفرعية ليحضر استجواب المتهم إلا أنه تعذر تنفيذ ذلك لكون النقابة مغلقة فقد شرع في استجواب المتهم ، ومن ثم فإن إجراءات التحقيق تكون قد تمت وفقاً للقانون وإعمالاً لما تقضي به المادة 124 سالفة الذكر ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم المعروض في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المتهم لم يوكل محامياً للدفاع عنه ولم يطلب تأجيل نظر الدعوى لتوكيل محام فندبت المحكمة له محامياً وهو الأستاذ / .... والذي ترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فيها بعد الاطلاع على أوراقها ، فإن المحكمة تكون قد وفرت له حقه في الدفاع . لما كان ذلك ، وكانت المادة 377 من قانون الإجراءات الجنائية تقضي بأن المحامين المقبولين أمام محكمة الاستئناف أو المحاكم الابتدائية يكونون مختصين دون غيرهم بالمرافعة أمام محكمة الجنايات ، وكان المدافع عن المحكوم عليه أمام محكمة الجنايات الأستاذ / .... مقيداً بجداول المحامين أمام محكمة الاستئناف في .... - وفقاً للثابت من الإفادة الرسمية المرفقة بالأوراق - وبالتالي فإن إجراءات المحاكمة تكون قد تمت وفق صحيح القانون . لما كان ذلك ، وكان اشتراك عضو النيابة العامة في الهيئة التي أصدرت الحكم بدلاً من عضو النيابة في الهيئة التي سمعت المرافعة ، مردوداً بأن قانون المرافعات لم يرتب البطلان نتيجة ذلك ، إذ إن المقصود بعبارة المحكمة التي أصدرت الحكم والقضاة الذين اشتركوا فيه هم القضاة الذين فصلوا في الدعوى ، ومن ثم فإن الحكم المعروض يكون قد سلم من قالة البطلان . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم في الأحكام الجنائية أن يوقع القضاة الذين أصدروا الحكم على مسودته ، بل يكفي أن يحرر الحكم ويوقعه رئيس المحكمة وكاتبها ، ولا يوجب القانون توقيع أحد من القضاة الذين اشتركوا في المداولة على مسودة الحكم إلا إذا حصل له مانع من حضور تلاوة الحكم عملاً بنص المادة 170 من قانون المرافعات المدنية ، ولما كان المحكوم عليه لا يماري في أن رئيس الهيئة التي سمعت المرافعة في الدعوى واشتركت في المداولة هو الذي وقع على نسخة الحكم الأصلية ، وكان البيّن من مطالعة الحكم المعروض ومحاضر جلساته أن الحكم تُلي من ذات الهيئة التي استمعت للمرافعة واشتركت في المداولة ، ومن ثم فإن الحكم يكون قد سلم من قالة البطلان . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع بغير أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي دعتها إلى توقيع العقوبات بالقدر الذي ارتأته ، وكانت المادة 230 من قانون العقوبات تقضي بأن عقوبة القتل العمد مع سبق الإصرار أو الترصد هي الإعدام ، ومن ثم فإن الحكم يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر وفقاً لنص المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على محكمة الجنايات أن تأخذ رأي مفتي الجمهورية قبل أن تصدر حكمها بالإعدام ، إلا أن ذلك لا يجعل من رأي المفتي دليلاً من أدلة الدعوى مما يجب طرحه على الخصوم بجلسة المرافعة للوقوف على حقيقته ومناقشته قبل إصدار الحكم ، وإذ مفاد نص المادة المار بيانها أن المحكمة تكوِّن عقيدتها بالإدانة وتقدِّر عقوبة الإعدام قبل إرسال أوراق الدعوى إلى المفتي ، بعد أن تكون الدعوى قد استكملت كل إجراءاتها حتى يمكن إبداء المفتي الرأي فيها ، وهو رأي لا يقيد المحكمة ولا تنتظره فيما لم يصل خلال العشرة أيام التالية لإرسال الأوراق إليه ، بل لها أن تحكم في الدعوى بما رأته . لما كان ذلك ، فإن ما قد يثار في شأن عدم طرح رأي المفتي على المحكوم عليه بإعدامه بجلسة النطق بالحكم يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان يبين إعمالاً لنص المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان المحكوم عليه بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية وفقاً للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية ، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله ، وقد صدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم ، ومن ثم يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه / .... .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق