باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من ديسمبر سنة 2025م، الموافق
الخامس عشر من جمادى الآخرة سنة 1447ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد
شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين
عباس نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 123 لسنة 21
قضائية "دستورية"
المقامة من
شركة لاشين وشركاه "مستشفى كليوباترا"
ضد
1- رئيس مجلس الوزراء
2- وزير الكهرباء
3- هيئة كهرباء مصر
4- شركة توزيع كهرباء القاهرة
الإجراءات
بتاريخ السادس من يوليو سنة 1999، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه
الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية القرار
الصادر من هيئة كهرباء مصر بتاريخ 22/9/1982، بشأن قواعد محاسبة شركات الاستثمار
عن استهلاكها من الطاقة الكهربائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وقدمت شركة توزيع كهرباء القاهرة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول
الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة
إصدار الحكم بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل –على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق-
في أن الشركة المدعية أقامت أمام محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 1732 لسنة 47
قضائية، بطلب الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر الصادر
بتاريخ 22/9/1982. وبجلسة 24/4/1994، قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائيًّا بنظر
الدعوى، وأمرت بإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية للاختصاص، فقيدت أمامها
برقم 10295 لسنة 1994 مدني كلي. وبموجب صحيفة إدخال، اختصمت الشركة المدعية الهيئة
المدعى عليها الثالثة. وبجلسة 27/2/1996، قضت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه.
وإذ لم يصادف ذلك الحكم قبولًا لدى المدعى عليهما الثالثة والرابعة؛ فأقامتا أمام
محكمة استئناف القاهرة الاستئنافين رقمي: 6540 و6780 لسنة 113 قضائية، وأقامت شركة
أخرى -غير مختصمة في الدعوى المعروضة- الاستئناف رقم 6946 لسنة 113 قضائية، طعنًا
على ذلك الحكم. وبجلسة 27/1/1997، قضت المحكمة في الاستئنافات الثلاثة، بعد ضمها،
بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلغاء القرار المطعون فيه الصادر من الهيئة
المدعى عليها الثالثة، وبرفض الدعوى. طعنت الشركة المدعية على ذلك القضاء أمام
محكمة النقض بالطعن رقم 1658 لسنة 67 قضائية. وبجلسة 4/1/2010، حكمت المحكمة بنقض
الحكم المطعون فيه، وأحالت الدعوى إلى محكمة استئناف القاهرة، التي قضت بجلسة
25/5/2011، بسقوط الخصومة في الاستئنافات الثلاثة لعدم تعجيلها من الوقف في
الميعاد القانوني المنصوص عليه في المادة (134) من قانون المرافعات. وإبان تداول
الدعوى السالفة، أقامت الشركة المدعية أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدعوى
رقم 2837 لسنة 1997 مدني كلي، ضد كل من هيئة كهرباء مصر وشركة توزيع كهرباء
القاهرة، طالبة الحكم بكف منازعة الشركة الأخيرة للشركة المدعية فيما تدعيه من
فروق مالية عن الفترة من 1/1/1980 إلى 29/11/1992، على أساس زيادة أسعار الوقود
بنسبة 20% سنويًّا، وبراءة ذمتها من تلك الفروق، وقالت في بيان ذلك إنه بتاريخ
8/6/1981، أبرمت عقدًا مع شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير لتوريد الطاقة
الكهربائية اللازمة إليها على أساس الأسعار السائدة، وبدأت في استهلاك التيار
الكهربائي من ذلك التاريخ، وتمت المحاسبة بموجب مطالبات وردت من شركة توزيع كهرباء
القاهرة –التي حلت محل شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير- وفقًا للعقد، وطبقًا
للشرائح المنصوص عليها بقائمة الأسعار المرفقة به، إلا أنه بتاريخ 29/11/1992،
طالبتها شركة توزيع كهرباء القاهرة بسداد فروق مالية عن المدة المشار إليها، وذلك
تطبيقًا لقرار المحاسبة بالأسعار العالمية بأثر رجعي اعتبارًا من شهر يناير 1980
إلى 29/11/1992. وبجلسة 31/12/1998، حكمت المحكمة برفض الدعوى. طعنت الشركة
المدعية على هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1304 لسنة 3
قضائية "مأمورية شمال"، وتضمنت صحيفة الاستئناف طعنًا بعدم دستورية
القرار الصادر من هيئة كهرباء مصر بتاريخ 22/9/1982، بشأن قواعد محاسبة شركات الاستثمار
عن استهلاكها من الطاقة الكهربائية. وبجلسة 13/4/1999، تمسكت الشركة بالدفع بعدم
دستورية ذلك القرار، فقررت المحكمة تأجيل نظر الاستئناف لجلسة 7/8/1999، وصرحت
بإقامة الدعوى الدستورية؛ فأقامت الشركة المدعية دعواها المعروضة، ناعية على
القرار المطعون فيه مخالفته لأحكام المواد (4 و8 و32 و34 و40) من دستور سنة 1971.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط المصلحة الشخصية
المباشرة في الدعوى الدستورية - وهى شرط لقبولها - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين
المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية
لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع، وأن الدعوى
الدستورية وإن كانت تستقل بموضوعها عن الدعوى الموضوعية، باعتبار أن أولاهما تتوخى
الفصل في التعارض المدعى به بين نص تشريعي وقاعدة في الدستور، في حين تطرح ثانيتهما
-في صورها الأغلب وقوعًا- الحقوق المدعى بها في نزاع موضوعي يدور حولها إثباتًا أو
نفيًا، فإن هاتين الدعويين لا تنفكان عن بعضهما من زاويتين، أولاهما: أن المصلحة
في الدعوى الدستورية مناطها ارتباطها بالمصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون
الحكم في المسألة الدستورية مؤثرًا في الطلب الموضوعي المرتبط بها، وثانيتهما: أن
يكون الفصل في الدعوى الموضوعية متوقفًا على الفصل في الدعوى الدستورية، بما
مقتضاه أن يكون النزاع الموضوعي ما زال قائمًا عند الفصل في الدعوى الدستورية،
وإلا أصبح قضاء المحكمة الدستورية العليا دائرًا في فلك الحقوق النظرية البحتة
بزوال المحل الموضوعي الذي يمكن إنزاله عليه.
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي توافر شرط المصلحة
عند رفع الدعوى الدستورية، وإنما يتعين أن تظل هذه المصلحة قائمة حتى الفصل في
الدعوى، فإذا زالت المصلحة بعد رفع الدعوى الدستورية وقبل الفصل فيها، فلا سبيل
للتطرق إلى موضوعها.
وحيث إن الثابت بالأوراق أن الشركة المدعية سبق أن أقامت الدعوى التي
آل قيدها أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية برقم 10295 لسنة 1994 مدني كلي،
طالبة الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر الصادر بتاريخ
22/9/1982، وهو القرار محل الدعوى المعروضة. وبجلسة 27/2/1996، قضت المحكمة بإلغاء
القرار المطعون فيه. وإذ تم الطعن على ذلك الحكم بالاستئنافات أرقام: 6540 و6780
و6946 لسنة 113 قضائية؛ فقضت المحكمة –بعد ضم الاستئنافات الثلاثة– بإلغاء الحكم
المستأنف فيما قضى به، وبرفض الدعوى؛ فطعن في ذلك الحكم أمام محكمة النقض التي قضت
بنقض الحكم المطعون فيه، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف القاهرة، التي قضت بجلسة
25/5/2011، بسقوط الخصومة في الاستئنافات الثلاثة، ولم يتم الطعن على الحكم
بالنقض؛ الأمر الذي صار معه الحكم الابتدائي الذي قضى بإلغاء القرار محل الدعوى
المعروضة باتًّا وحائزًا لقوة الأمر المقضي به، وهو ما يحقق للشركة بغيتها من
دعواها، ويغدو الفصل في دستورية القرار محل الطعن غير لازم للفصل في الطلبات
الموضوعية، مما مؤداه زوال مصلحتها في الطعن بعدم دستوريته، ولازم ذلك القضاء بعدم
قبول الدعوى.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق