جلسة 18 من يناير سنة 2023
برئاسة السيد القاضي/ عمرو محمد الشوربجي "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ أشرف عبد الحي القباني، سمير سعد عوض، محمد شرين القاضي ورفعت إبراهيم الصُن "نواب رئيـس المحكمة".
-------------------
(15)
الطعن رقم 3671 لسنة 81 القضائية
(2،1) إيجار "تشريعات إيجار الأماكن: أسباب الإخلاء: الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة". عقد "زوال العقد: الفسخ الاتفاقي". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمنازعات الناشئة عن عقد الإيجار: تشريعات إيجار الأماكن". نظام عام "المسائل المتعلقة بالنظام العام: المسائل الموضوعية الآمرة: المسائل المتعلقة بقوانين إيجار الأماكن".
(1) الاتفاق على اعتبار العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه عند الإخلال بالالتزامات الناشئة عنه. جائز في العقود الملزمة للجانبين ومنها الإيجار. م ١٥٨ مدني. تدخل المشرع بتعيين أسباب الإخلاء بأحكام آمرة ومتعلقة بالنظام العام ومحددة على سبيل الحصر بالتشريعات الاستثنائية لقوانين إيجار الأماكن المتعاقبة. أثره. تقييد حرية المؤجر في إعمال الأثر الفوري للشرط الصريح الفاسخ في حالة تأخر المستأجر في سداد الأجرة. م ١٨/ب ق ١٣٦ لسنة ١٩٨١.
(2) قضاء الحكم المطعون فيه بفسخ عقد الإيجار إعمالًا للشرط الصريح الفاسخ الوارد به رغم خضوع العقد للتشريع الاستثنائي. خطأ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر– في قضاء محكمة النقض - أنه ولئن كانت الأحكام العامة في القانون المدني إعمالًا لمبدأ سلطان الإرادة وما نصت عليه المادة 158 منه تجيز في العقود الملزمة للجانبين الاتفاق على اعتبار العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه بما يؤدي إلى وقوع الفسخ في هذه الحالة نفاذًا لذلك الاتفاق بقوة القانون وحرمان المتعاقد بذلك من ضامنين، إذ يقع الفسخ حتمًا دون أن يكون للقاضي خيار في أمره – بل ويتحقق ذلك دون حاجة إلى التقاضي ما لم ينازع المدين في وقوع موجب الفسخ – وإن كانت مهمة القاضي تقف في هذه الحالة عند حد التحقق من عدم الوفاء بالالتزام ليقرر اعتبار الفسخ حاصلًا فعلًا، إلا أنه تحقيقًا للتوازن بين أوضاع المؤجرين والمستأجرين للأماكن التي تسري عليها أحكام القوانين الاستثنائية المنظمة للإيجار رأى المشرع تعيين أسباب الإخلاء بأحكام آمرة ومتعلقة بالنظام العام أوردها على سبيل الحصر في القانون رقم 49 لسنة 1977 ومن بعده القانون رقم 136 لسنة 1981 – الواجب التطبيق – الذي رأى التدخل بحكم آمر في حرية المؤجر في النص في العقد على الشرط الفاسخ الصريح في حالة التأخر في سداد الأجرة، فنص في المادة 18/ب على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: أ ... ب- إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تكليفه بذلك ... ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية ..." فدل بذلك على أنه وإن لم يصادر حق المتعاقدين في الاتفاق على الشرط الفاسخ الصريح في عقد الإيجار إلا أنه أورد عليه قيودًا منها ما يتصل بعدم إعمال الأثر الفوري لهذا الاتفاق وذلك بما أوجبه على المؤجر من تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة خلال مدة معينة، ومنها ما يتعلق بتفادي الأثر المترتب على الاتفاق وذلك بما أجازه للمستأجر من توقي الإخلاء بأداء الأجرة والمصاريف الرسمية التي يوجب المشرع على المحكمة أن تحكم بها عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها وكذا النفقات الفعلية قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى، فإذا كان عقد الإيجار قد تضمن شرطًا صريحًا فاسخًا تعين أن يكون تحقق هذا الشرط وفق ما نص عليه التشريع الاستثنائي سالف الذكر من ضوابط.
2- إذ كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/10/1981 وبإخلاء الطاعن من العين موضوع النزاع إعمالًا للشرط الصريح الفاسخ الوارد به رغم خضوع العقد للتشريع الاستثنائي على نحو ما سلف بيانه (القانون رقم 49 لسنة 1977 ومن بعده القانون رقم 136 لسنة 1981)، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا على الطاعن والمطعون ضده الأخير الدعوى رقم .... لسنة 2005 إيجارات المنصورة الابتدائية بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/10/1981 وبإخلاء الطاعن من المخزن محل النزاع وبتسليمه إليهم، وقالوا بيانًا لدعواهم إنه بموجب العقد المذكور استأجر الطاعن من المطعون ضده الأخير – المالك السابق – هذا المخزن، وقد تضمن العقد شرطًا فاسخًا صريحًا يقضي بفسخه في حالة التأخر في سداد الأجرة، وإذ تخلف الطاعن عن سداد الأجرة وملحقاتها عن الفترة من شهر مارس 2003 حتى ديسمبر 2004 رغم إنذاره بحوالة الحق وتكليفه بالوفاء بها فقد أقاموا الدعوى، ندبت المحكمة خبيرًا في الدعوى وبعد أن أودع تقديره حكمت بالطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 62 ق المنصورة، وبتاريخ 6/1/2011 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فـيه قضى بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/10/1981 إعمالًا للشرط الفاسخ الصريح الـوارد به تأسيسًا على سريان القواعد العامة في القانون المدني على المخزن محل النزاع، في حين أن العقد المذكور أُبرم في ظل سريان تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية التي حصرت أسباب الإخلاء فيما نصت عليه المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 وأنه لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان المؤجر إلا لإحدى الأسباب المبينة بها، فضلًا عن أن الطاعن قام بسداد الأجرة المستحقة حتى إقفال باب المرافعة في الاستئناف مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أنه ولئن كانت الأحكام العامة في القانون المدني إعمالًا لمبدأ سلطان الإرادة وما نصت عليه المادة 158 منه تجيز في العقود الملزمة للجانبين الاتفاق على اعتبار العقد مفسوخًا من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه بما يؤدي إلى وقوع الفسخ في هذه الحالة نفاذًا لذلك الاتفاق بقوة القانون وحرمان المتعاقد بذلك من ضامنين إذ يقع الفسخ حتمًا دون أن يكون للقاضي خيار في أمره– بـل ويتحقـق ذلـك دون حـاجة إلى التـقاضي ما لم ينازع المدين في وقوع موجب الفسخ– وإن كانت مهمة القاضي تقف في هذه الحالة عند حد التحقق من عدم الوفاء بالالتزام ليقرر اعتبار الفسخ حاصلًا فعلًا، إلا أنه تحقيقًا للتوازن بين أوضاع المؤجرين والمستأجرين للأماكن التي تسري عليها أحكام القوانين الاستثنائية المنظمة للإيجار رأى المشرع تعيين أسباب الإخلاء بأحكام آمرة ومتعلقة بالنظام العام أوردها على سبيل الحصر في القانون رقم 49 لسنة 1977 ومن بعده القانون رقم 136 لسنة 1981– الواجب التطبيق – الذي رأى التدخل بحكم آمر في حرية المؤجر في النص في العقد على الشرط الفاسخ الصريح في حالة التأخر في سداد الأجرة، فنص في المادة 18/ب على أنه "لا يجـوز للمؤجـر أن يطـلـب إخلاء المكـان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية : أ- ... ب- إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تكليفه بذلك ... ولا يحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى بأداء الأجرة وكافة ما تكبده المؤجر من مصاريف ونفقات فعلية ..." فدل بذلك على أنه وإن لم يصادر حق المتعاقدين في الاتفاق على الشرط الفاسخ الصريح في عقد الإيجار إلا أنه أورد عليه قيودًا منها ما يتصل بعدم إعمال الأثر الفوري لهذا الاتفاق وذلك بما أوجبه على المؤجر من تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة خلال مدة معينة، ومنها ما يتعلق بتفادي الأثر المترتب على الاتفاق وذلك بما أجازه للمستأجر من توقي الإخلاء بأداء الأجرة والمصاريف الرسمية التي يوجب المشرع على المحكمة أن تحكم بها عند إصدار الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها وكذا النفقات الفعلية قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى، فإذا كان عقد الإيجار قد تضمن شرطًا صريحًا فاسخًا تعين أن يكون تحقق هذا الشرط وفق ما نص عليه التشريع الاستثنائي سالف الذكر من ضوابط؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/10/1981 وبإخلاء الطاعن من العين موضوع النزاع إعمالًا للشرط الصريح الفاسخ الوارد به رغم خضوع العقد للتشريع الاستثنائي على نحو ما سلف بيانه، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ولما تقدم، وكان موضوع الاستئناف صالحًا للفصل فيه، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد قام بسداد أجرة عين النزاع المستحقة عليه إلى ما قبل إقفال باب المرافعة في الاستئناف، فإنه يتعين الحكم في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق