جلسة 15 من فبراير سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / عاصم الغايش نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد هلالي ، بهاء محمد إبراهيم ، وأبو الحسين فتحي نواب رئيس المحكمة و د. جون نجيب
-----------------
(14)
الطعن رقم 12219 لسنة 90 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب . ميعاده " " الصفة في الطعن " . وكالة .
الطعن بالنقض في المواد الجنائية . حق شخصي للمحكوم عليه . مؤدى ذلك ؟
عدم التقرير بالطعن بالنقض أو التقرير به بعد الميعاد وخلو الأوراق من التوكيل الصادر من المحكوم عليه لوكيله . أثره : عدم قبوله شكلاً . علة وأساس ذلك ؟
(2) دعوى جنائية " انقضاؤها بالوفاة " .
وفاة الطاعن بعد التقرير بالطعن بالنقض وإيداع أسبابه في الميعاد . يوجب القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاته . أساس ذلك ؟
(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . استدلالات . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " . محكمة النقض " نظرها الطعن والحكم فيه " .
وجوب بناء الأحكام على أدلة يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته عن عقيدة يحصلها بنفسه مما يجريه من تحقيق . إدخاله حكماً لسواه في تكوين عقيدته . غير جائز.
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . عدم صلاحيتها بمجردها دليلاً أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام . علة ذلك ؟
استناد الحكم إلى التحريات في إدانة الطاعن دون إيراد مصدرها وخلو الأوراق من أدلة أخرى على ثبوت الاتهام قبله . قصور يوجب نقضه والقضاء ببراءته . أساس ذلك ؟
(4) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وإيراده على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
مثال .
(5) تجمهر . جريمة " أركانها " . مسئولية جنائية . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
جريمة التجمهر وفقاً للمادتين الثانية والثالثة من القانون 10 لسنة 1914 . شروطها ؟
تدليل الحكم سائغاً على وجود الطاعنين على مسرح الواقعة واشتراكهم في التجمهر ووقوع الغرض المقصود منه . كفايته لثبوت جريمة الاشتراك في التجمهر بحق الطاعنين . تحديد الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة . غير لازم . حد ذلك ؟
مثال .
(6) اشتراك . اتفاق . إثبات " قرائن " . مساهمة جنائية . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الاشتراك بالاتفاق . مناط تحققه ؟
للقاضي الجنائي الاستدلال على الاشتراك بطريق الاستنتاج والقرائن ما لم يقم دليل مباشر عليه ولو من فعل لاحق للجريمة يشهد به . ما دام سائغاً .
تقابل إرادات المشتركين في الجريمة . كفايته لتحقق الاتفاق بينهم . مضي وقت معين عليه . غير لازم . مؤدى ذلك ؟
الجدل الموضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) تجمهر . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .
معاقبة الطاعنين بعقوبة تدخل في الحدود المقررة لجريمة الاشتراك في تجمهر الغرض منه تخريب الممتلكات العامة والخاصة بالقوة حال حملهم أسلحة واقترافهم في سبيله جريمة تخريب مبان وأملاك عامة باعتبارها الأشد . نعيهم بشأن باقي الجرائم . غير مجد.
(8) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قضاء المحكمة بناءً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين لا على الفرض والاحتمال . النعي على الحكم إهداره قرينة البراءة . غير مقبول .
(9) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . إثبات " شهود " .
لمحكمة الموضوع استخلاص صورة الواقعة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية . ورودها على ألسنة الشهود . غير لازم . حد ذلك ؟
ورود الشهادة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها . غير لازم . كفاية أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ .
مثال .
(10) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما استند إليه منها .
(11) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
النعي بقيام الحكم على رأي لسواه . غير مقبول . متى استخلص الإدانة من أقوال الشهود وتفريغ مقاطع الفيديو والصور والتقارير الفنية ومعاينة النيابة العامة .
(12) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بخلاف الثابت به . غير مقبول .
مثال .
(13) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير الدليل . موضوعي . الجدل بشأنه أمام محكمة النقض . غير جائز . حد ذلك ؟
التسجيلات المرئية والصور الفوتوغرافية للواقعة التي رصدتها أجهزة معدة سلفاً بغرض التأمين وحماية المواطنين والمنشآت . لا تتطلب استصدار إذن قضائي مسبق . استناد الحكم للدليل المستمد منها . صحيح . نعي الطاعنين بالتفات المحكمة عن طلبهم استبعادها . غير مقبول . علة ذلك ؟
(14) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى . ما دامت الواقعة قد وضحت لديها .
(15) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي على الحكم بخلاف الثابت به وبشأن أدلة لم يستند إليها في الإدانة . غير مقبول .
مثال .
(16) نقض " المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم اكتفاءه بذكر قيمة التلفيات بأسبابه دون المنطوق . متى لم يلزمهم بها .
(17) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
من يقوم بإجراء باطل . لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟
تعويل الحكم على أقوال ضباط الواقعة . لا يعيبه . متى اطمأنت المحكمة إلى أقوالهم وتحرياتهم وسلامة ما باشروه من إجراءات .
(18) قبض . نقض " المصلحة في الطعن " .
الدفع بشأن بطلان القبض . غير مقبول . متى لم يستند الحكم في الإدانة إلى دليل مستمد منه .
(19) إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفوع " الدفع ببطلان التحقيق " .
اختيار المحقق لمكان التحقيق . متروك لتقديره . التفات الحكم عن الدفع ببطلان التحقيق لإجرائه في غير مقار النيابة العامة . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(20) قبض . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعن عدم عرضه على النيابة العامة خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه . غير مجد . متى لم يدع أن هذا الإجراء أسفر عن دليل منتج في الدعوى .
(21) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها . غير مقبول .
مثال .
(22) دفوع " الدفع بنفي التهمة " " الدفع بعدم معقولية تصوير الواقعة " " الدفع بتلفيق التهمة " " الدفع بعدم الوجود على مسرح الجريمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بانتفاء الجريمة والصلة بالواقعة وعدم معقوليتها وكيدية الاتهام وتلفيقه وعدم ضبط الطاعنين على مسرح الواقعة وخلو الأوراق من شاهد رؤية . موضوعي . لا يستوجب رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(23) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . حد ذلك ؟
للمحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق فيما شهدوا به . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
(24) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
لمحكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(25) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً . علة ذلك ؟
مثال .
(26) محكمة الإعادة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
نقض الحكم وإعادة المحاكمة . يعيد الدعوى لمحكمة الإعادة بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض . عدم تقيدها في تقدير وقائع الدعوى بالحكم الأول وحكم محكمة النقض . النعي على الحكم مخالفته قضاء محكمة النقض . غير مقبول . حد ذلك ؟
(27) وصف التهمة . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن بشأن تعديل القيد والوصف . غير مقبول . متى لم تجر المحكمة تعديلاً عليه.
(28) مراقبة الشرطة . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
إغفال القضاء بقيمة الأشياء التي خربها المحكوم عليهم ووضعهم تحت مراقبة الشرطة . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه . علة وأساس ذلك؟
لمحكمة النقض تصحيح الخطأ في رقم مادة العقاب . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان المحكوم عليهما .... ، ..... وإن قدما أسباباً لطعنيهما في الميعاد ، إلا أن الأول لم يقرر بالطعن في الحكم ، كما أن الثاني لم يقرر بالطعن في الحكم بطريق النقض إلا بعد الميعاد المقرر قانوناً طبقاً للمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، دون قيام عذر يبرر تجاوزه هذا الميعاد ، هذا فضلاً عن أن المحامي الذي قرر بالطعن بالنقض بصفته وكيلاً عن المحكوم عليهما .... ، .... قدم توكيلين صادرين له من وكيلي المحكوم عليهما ، غير أنه لم يقدم التوكيل الصادر من كل من المحكوم عليهما لوكيله . لما كان ذلك ، وكان الطعن بطريق النقض في المواد الجنائية حقاً شخصياً لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد أن ينوب عنه في مباشرته إلا إذا كان موكلاً عنه توكيلاً يخوله هذا الحق ، فإن هذا الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول طعن المحكوم عليهم سالفي الذكر شكلاً .
2- لما كان يبين من الاطلاع على الأوراق أنه بعد التقرير بالطعن بالنقض وإيداع أسبابه في الميعاد قد توفي الطاعن .... - كالثابت من شهادة التنفيذ المرفقة - . لما كان ذلك ، وكانت المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه : ( تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم ) ، فإنه يكون من المتعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاة الطاعن .
3- من المقرر أن الأحكام يجب أن تُبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته ، صادرة في ذلك عن عقيدة يحصِّلها هو مما يجريه من تحقيق ، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها حكم لسواه ، وكان من المقرر كذلك أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تُعَزِّز ما ساقته من أدلة ، إلا أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته ، أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مُجَرَّد رأي لصاحبها ، يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان ، والصدق والكذب ، إلى أن يُعْرَف مصدرها ويتحدد ، حتى يتحقَّق القاضي بنفسه من هذا المصدر ، ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ، ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه جعل من تحريات الشرطة ومن أقوال مجريها بشأنها عماداً لقضائه ودليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل الطاعن .... ، دون أن يورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، ولم تشر المحكمة في حكمها إلى مصدر تلك التحريات على نحو يمكن معه القول أنها تمكَّنت من تحديده والتحقق من ثم من صدق ما نقل عنه ، فإن الحكم يكون قد بُني على عقيدة حَصَّلها الشاهد من تحرياته لا من عقيدة استقلَّت المحكمة بتحصيلها ، بما يكون معه تدليله غير سائغ قاصراً عن حمل قضائه . ولما كان البيّن من أوراق الدعوى أنها خلت من أي دليل على ثبوت الاتهام قبل الطاعن المذكور سوى ما تساند إليه الحكم من تحريات لم تُعزز بأدلة أخرى حتى يتسنى اعتبارها حجة قطعية الثبوت على ارتكاب الطاعن لما أُسند إليه من اتهام ، ولما كانت محكمة الموضوع قد استخلصت إدانة الطاعن بما يخالف هذه الحقيقة ، فإنه يكون لهذه المحكمة – محكمة النقض – بما لها من حق الرقابة على صحة تطبيق القانون أن تتدخل وتصحِّح هذا الاستخلاص الخاطئ بما يتَّفِق وتلك الحقيقة ، وما يقضي به المنطق والقانون ، وتقضي من ثم بنقض الحكم المطعون فيه ، وبراءة الطاعن مما أُسند إليه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل ، وذلك بغير حاجة إلى النظر في باقي أوجه الطعن .
4- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما مؤداه ، أنه على إثر قيام قوات الشرطة بفض اعتصام رابعة العدوية ، أصدرت قيادات جماعة الإخوان المسلمين تكليفاً إلى أعضائها بالمحافظات لحشد عناصر التنظيم بالميادين العامة والتجمهر بها والقيام بأعمال عنف تستهدف منشآت الدولة المدنية والعسكرية ، بغرض إشاعة الفوضى في البلاد وزعزعة الاستقرار ، ونفاذاً لهذا المخطط اشترك الطاعنون وآخرون في تجمهر وانطلقوا وهم يحملون الأسلحة النارية والبيضاء وزجاجات المولوتوف صوب مطرانية الأقباط الأرثوذكس وحطموا بابها الرئيسي وأضرموا النيران بها فأتت على جزء كبير منها وامتدت إلى السيارات العامة والخاصة التي تصادف وجودها أمامها وإلى المحال التجارية والشقق السكنية المجاورة لمكان الحادث ، وما إن اعترضهم أهالي المنطقة وقوات الأمن حتى أطلقوا صوبهم الأعيرة النارية بصورة عشوائية وتعدوا عليهم بالحجارة والأسلحة البيضاء ، كما اعتلوا أسطح العقارات ورشقوا الأهالي ورجال الشرطة بالحجارة والزجاجات الحارقة وخرّبوا مبنى قصر الثقافة ومكتب صحة .... ومحكمة الأسرة والمجلس الطبي العام والمدرسة الثانوية العسكرية واستراحة مديرية الصحة ودار رعاية الطفل ، وأتلفوا ماكينات صرف بنك .... ومقر سينما .... والشركة .... ومبنى جمعية .... ، وبوابات السكك الحديدية ومحطة الوقود المملوكة لـ .... وسرقوا محتوياتها ، كما رشقوا مركبات الشرطة والإطفاء والإسعاف والسيارات الخاصة بالحجارة وعطلوا سيرها ، وتعدوا بالضرب على أمين الشرطة .... وسرقوا سلاحه الأميري ونقوده ، كما تعدوا على الرقيب شرطة .... وشرعوا في سرقة سلاحه . وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه - على هذه الصورة - في حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، استمدها من أقوال شهود الإثبات ، وما ثبت من تفريغ مقاطع الفيديو للكاميرات المتواجدة بكنيسة .... والصور الفوتوغرافية المقدمة من أحد شهود الإثبات وتقرير قسم المركبات بمديرية أمن .... وتقرير إدارة مرور .... وتقرير الأدلة الجنائية ومعاينة الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية وتقرير الهيئة القومية لسكك حديد مصر ومعاينة النيابة العامة لأماكن الأحداث ، وهي أدلة سائغة – لا يماري الطاعنون في أن لها أصلها الثابت بالأوراق – أوردها الحكم وبيّن مؤداها في بيان كافٍ ووافٍ ثم بنى عقيدته على اطمئنانه إليها ، فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن النعي بأن أسباب الحكم قد شابها القصور والإجمال يكون لا محل له .
5- لما كانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم ١٠ لسنة ١٩١٤ بشأن التجمهر المعدل قد حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين واللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها ، وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية على الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض ، فيشترط لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون سالف البيان اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص على مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض ، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور ، وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ، ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه لم يكن ليؤدي إليها السير الطبيعي للأمور ، وأن تكون قد وقعت جميعها حال التجمهر ، ولا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين ، إذ إن التجمع قد يبدأ بريئاً ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذي يهدفون إليه مع علمهم بذلك ، كما تنص المادة الثالثة مكرراً من القانون سالف البيان في فقرتها الثانية على أنه : ( تكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا خرب المتجمهر عمداً مباني أو أملاكاً عامة أو مخصصة لمصالح حكومية أو للمرافق العامة أو للهيئات العامة أو المؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها أو شركات القطاع العام أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام ) . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بوضوح على توافر العناصر الجوهرية السالف بيانها في حق الطاعنين ، وارتكن في ذلك إلى أقوال شاهد الإثبات .... الذي قرر بمشاهدته للطاعنين وآخرين ممن سبق محاكمتهم على مسرح الأحداث حال قيامهم بإضرام النيران بمحطة وقود والاستيلاء على محتوياتها ، وإلى ما كشف عنه تفريغ النيابة العامة لمقاطع الفيديو التي سجلتها الكاميرات المتواجدة بكنيسة .... والاطلاع على الصور الفوتوغرافية المقدمة من شاهد الإثبات التاسع والأربعين ، والتي ثبت منها جميعاً وجود الطاعنين من بين المتجمهرين وقيامهم بارتكاب واقعات الاتهام ، فضلاً عما ثبت من معاينة النيابة العامة لأماكن الأحداث من وجود تلفيات وآثار إطلاق لأعيرة نارية ، وما أوراه تقرير قسم المركبات بمديرية أمن .... من إتلاف سيارات الشرطة وبيان قيمة الأضرار المالية الناتجة عن ذلك الإتلاف ، وما ثبت من تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية من آثار لإطلاق النار على المنشآت العامة والخاصة والسيارات العامة والخاصة ، وأن سبب الحريق هو اتصال مصدر حراري سريع ذي لهب مكشوف ، وما ثبت من تقرير الهيئة القومية لسكك حديد مصر من وجود تلفيات ببعض مرافق محطة سكك حديد .... ، وما جاء بأقوال وتحريات شهود الإثبات من أن تحرياتهم السرية توصلت إلى صحة الواقعة ، وكان ما أورده الحكم في مجموعه ينبئ بجلاء على ثبوت جريمة الاشتراك في التجمهر في حق الطاعنين ووقوع الغرض المقصود من التجمهر بارتكابهم جريمة التخريب العمدي للمباني والمرافق العامة ، وليس بلازم والحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة أو يفصح عن بيان أشخاص المتهمين الذين ارتكبوها ، ما دام قد أثبت – بالدليل الصحيح على نحو ما تقدم - أن الطاعنين قد تواجدوا على مسرح الواقعة واشتركوا وساهموا في ارتكابها مع علمهم بالغرض الإجرامي الذي يهدفون إليه ، بما لا يكون معه الحكم قد أخطأ في شيء ، وإذ كان ما أوردته المحكمة في حكمها يستفاد منه الرد على دفاع الطاعنين بعدم توافر أركان تلك الجريمة ، فإن النعي عليها بقالة القصور والإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً .
6- من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، وإذ كان القاضي الجنائي حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء ، فإن له إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقدم لديه ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره ، كما له أن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به ، كما أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادات كل المشتركين فيه ، ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين فمن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة ، وكانت المحكمة قد دللت على اشتراك الطاعنين في ارتكاب جريمة التجمهر وقيامهم وقتذاك بالتخريب العمدي لمبان ومرافق عامة ، وذلك من ظروف الدعوى وملابساتها ، وكان تدليلها سائغاً لما أوردته من أدلة وقرائن وأعمال أثبتتها في حكمها ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لما كانت المحكمة لم توقع على الطاعنين سوى عقوبة واحدة عن جميع الجرائم التي دانتهم بها تطبيقاً للمادة ۳۲ عقوبات ، وكانت العقوبة المقضي بها على كل منهم وهي السجن المشدد لمدة خمس سنوات تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك في تجمهر الغرض منه تخريب الممتلكات العامة والخاصة بالقوة حال كونهم حاملين أسلحة من شأنها إحداث الموت واقترافهم في سبيل الغرض المقصود من التجمهر جريمة تخريب مبان وأملاك عامة ، فإنه لا يكون لهم مصلحة فيما يثيرونه بأسباب طعنهم لسواها من الجرائم .
8- لما كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعنين ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ، ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعنون ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل . كما أنه وإذ كان قضاء الحكم - للأسباب التي أوردها - لم يهدر قرينة البراءة المفترضة ، فإن ما أثاره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد .
9- لما كان لا يلزم لاستخلاص صورة الواقعة التي ترتسم في وجدان المحكمة أن يكون هذا الاستخلاص قد ورد ذكره على ألسنة بعض الشهود ، وإنما يكفي أن يكون مستنبطاً بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ، ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق ، كما أنه من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن تكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان الحكم قد اطمأن من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تفريغ النيابة العامة لمقاطع الفيديو المتواجدة بكنيسة .... والاطلاع على الصور الفوتوغرافية المرفقة ، إلى قيام الطاعنين وآخرين بارتكاب الواقعة - على الصورة التي أورده الحكم - ، ومن ثم فإن الجدل المثار في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون .
10- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها – وهو ما لم يمار فيه الطاعنون -، ومن ثم فإن النعي في هذا المقام لا يكون قويماً .
11- من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، فإن النعي في هذا الخصوص لا يكون سديداً ، كما أنه وإذ كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تفريغ مقاطع الفيديو للكاميرات المتواجدة بكنيسة .... والصور الفوتوغرافية المقدمة من أحد شهود الإثبات وتقرير قسم المركبات بمديرية أمن .... وتقرير إدارة مرور .... وتقرير الأدلة الجنائية ومعاينة الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية وتقرير الهيئة القومية لسكك حديد مصر ومعاينة النيابة العامة لأماكن الأحداث ، ومن ثم فإن المحكمة لم تبن حكمها على رأي قال به مجري التحريات ، وإنما بنت حكمها على عقيدة حصلتها هي بنفسها ، ويضحى ما ينعاه الطاعنون في هذا الصدد على غير أساس .
12- لما كان الحكم المطعون فيه – وخلافاً لما يزعم الطاعنون - قد أورد بمدوناته محتوى الصور الفوتوغرافية ومقاطع المادة الفيلمية للفيديو المصور ، وذلك في قوله : ( وثبت من تفريغ النيابة العامة لمقاطع الفيديو المتواجدة بكنيسة .... وكذا الصور الفوتوغرافية المقدمة من شاهد الإثبات التاسع والأربعين من قيام بعض المتهمين من الرابع حتى الرابع عشر ومن الثاني والثلاثين حتى السابع والأربعين ومن الحادي والخمسين حتى التاسع والثمانين بأمر الإحالة بارتكاب الواقعة ) ، فإن ما يثار في هذا الصدد يكون في غير محله .
13- من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون بصدد الدليل المستمد من هذه التسجيلات يتمخض جدلاً موضوعياً في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه لا أساس صحيح لطلب الطاعنين استبعاد التسجيلات المرئية والصور الفوتوغرافية المأخوذة لمكان الواقعة والتي رصدت واقعات التجمهر وما تخللها من جرائم ، إذ تمت تلك التسجيلات والصور بواسطة أجهزة تسجيل وتصوير معدة سلفاً بغرض توفير التأمين والحماية للمواطنين وللمنشآت العامة والخاصة والأبنية الدينية التي حفل بها مكان الواقعة وهو طريق عام ، وهو ما لا يقتضي استصدار إذن قضائي مسبق ، إذ لا يشكل وجودها – في نطاق الغرض المشروع المستهدف منها - تعدياً على حرمات الناس وحرياتهم ، وهو ما يصح معه قانوناً الخلوص إلى أن الأدلة المتولدة عن تلك التسجيلات والصور لم تكن نتاج إجراء غير مشروع حتى يلحقها بطلان ، ولا يقوم في القانون مانع يحول دون اعتبارها دليلاً يصح التعويل عليه في مقام الإثبات الجنائي ، ومن ثم فإن النعي في هذا الخصوص وما أثاره الطاعن .... يكون غير مقبول .
14- من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى الدليل المستمد من تقرير النيابة العامة الناتج من تفريغ مقاطع الفيديوهات المسجلة وعولت عليه في إدانة الطاعنين بما يفصح عن أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير ، فإنه لا تثريب عليها إن هي أغفلت دفاع الطاعنين في هذا الشأن ويضحى ما أثير في هذا الصدد غير قويم .
15- لما كان الحكم قد أورد مؤدى الدليل المستمد من معاينة النيابة العامة لمكان الأحداث ، وتقارير الأدلة الجنائية وقسم المركبات بمديرية أمن .... وإدارة مرور ... والهيئة القومية لسكك الحديد ومعاينة الإدارة الهندسية ، - خلافاً لما يزعم الطاعنون - فإن النعي في هذا المقام لا يكون قويماً ، كما أنه وإذ كان الحكم لم يعول في الإدانة على التقارير الطبية الأولية والشرعية والصفة التشريحية ، فإن النعي في هذا الشأن لا يكون له محل من قضاء الحكم .
16- لما كان لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم باكتفائه بذكر قيمة التلفيات بأسبابه دون المنطوق ، ما دام أن الحكم لم يلزمهم بها ، فإن نعيهم في هذا المقام لا يكون له وجه .
17- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات ورد عليه برد سائغ ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . كما أنه ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضباط الواقعة وتحرياتهم وسلامة ما باشروه من إجراءات ، فإنه لا تثريب على الحكم إن هو عول في الإدانة على شهاداتهم ، ومن ثم يكون منعى الطاعنين في هذا الشأن غير قويم .
18- لما كان لا جدوى للنعي على الحكم ببطلان القبض ، ما دام البيّن من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة على دليل مستمد من القبض المدعي ببطلانه ، وإنما أقام قضاءه على العقيدة التي استمدها من الأدلة المشار إليها سلفاً وهي أدلة مستقلة عن القبض .
19- لما كان الطاعنون لا ينازعون في أن وكيل النيابة المختص هو الذي أجرى التحقيق القضائي والذي يستمد حقه في ذلك من القانون لا من وزير العدل أو النائب العام – كما هو الحال في الأحكام - فلا يهم بعد ذلك المكان الذي اختاره المحقق لإجراء التحقيق والذي يترك لتقديره وحده ، وله - دون غيره - حق اختياره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إجرائه ، فإن نعيهم بإجراء تحقيقات النيابة في غير مقار النيابة العامة دون قرار من وزير العدل لا يعدو أن يكون دفعاً قانونياً ظاهر البطلان لم يكن الحكم المطعون فيه ملزماً بالإشارة إليه ، ومع ذلك فقد عرض له واطرحه بما يسوغ به اطراحه .
20- لما كان لا جدوى مما يثيره الطاعن .... من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من وقت القبض عليه – بفرض صحته - طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
21- لما كان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يدفع بتناقض الدليلين القولي والفني وبطلان التحريات لعدم الاختصاص المكاني لمجريها وعدم دستورية بعض مواد القيد ، ومشروعية جماعة الإخوان المسلمين بدعوى أنها تأسست وفق أحكام القانون ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها ، ويكون ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الشأن في غير محله .
22- من المقرر أن الدفع بانتفاء الجريمة وانتفاء الصلة بالواقعة وعدم معقولية حدوثها وبكيدية الاتهام وتلفيقه وعدم ضبط الطاعنين على مسرح الواقعة ، وخلو الأوراق من شاهد رؤية ، من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاءً بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة واطرحت دفاع الطاعنين في هذا الشأن تأسيساً على الأسباب السائغة التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز معاودة إثارته أمام محكمة النقض .
23- من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم ، فإن النعي على الحكم اطراحه الشهادات المقدمة من الطاعنين - بفرض تقديمها - لا يكون له محل . ولا يقدح في ذلك ما أشار إليه الطاعنون بوجه النعي من أن شهود نفي قد شهدوا بما يؤيد مضمون تلك الشهادات ، لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق فيما شهدوا به ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فاطرحتها .
24- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنون في صدد أخذ الحكم بأقوال شهود الإثبات بالنسبة لثبوت التهم التي دانهم بها ، واطراحه لها بالنسبة لتهمتي القتل العمد والشروع فيه التي قضي ببراءتهم منهما ، لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض .
25- من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه ، حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً ورداً ، وكان الطاعن .... لم يكشف بأسباب الطعن عن ماهية المسألة القانونية ذات الأثر العيني المتعلقة بالحكم الصادر ببراءة المتهمين الآخرين والمتصلة به ، بل ساقه قولاً مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
26- لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يخالف قضاء محكمة النقض السابق صدوره في شيء ، ومن ثم يضحى النعي في هذا الخصوص ولا أساس له ، ومع ذلك فإن الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإحالة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض في شأن وقائع الدعوى ، فلا تتقيد تلك المحكمة ( محكمة الإحالة ) بما ورد بالحكم الأخير في شأن وقائع الدعوى بل عليها أن تسير في الإجراءات كما لو كانت مطروحة عليها من الأصل ، وهي فوق ذلك كله لها كامل الحرية في تقدير الوقائع وتكييفها وتحقيقها غير مقيدة في كل ذلك بحكم النقض ولا بما قد يستشف منه في شأنها ، ولها في سبيل ذلك أن تقضي في الدعوى بما يطمئن إليه وجدانها ولو خالفت ذلك الحكم وبغير أن تعتبر هذه المخالفة وجهاً للطعن فيما عدا ما إذا كان محل المخالفة يصح في ذاته لأن يكون وجهاً للطعن على الحكم من جديد .
27- لما كان الثابت من الاطلاع على أمر الإحالة - الذي أمرت المحكمة بضمه تحقيقاً لوجه النعي - ومدونات الحكم المطعون فيه ، أن المحكمة لم تجر تعديلاً للقيد والوصف بالنسبة للطاعنين .... ، .... - خلافاً لما زعما - فإن النعي في هذا الخصوص لا يكون صحيحاً .
28- لما كان مما تجدر الإشارة إليه أنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد أغفل إلزام الطاعنين بدفع قيمة الأشياء التي خربوها عملاً بالمادة الثالثة مكرراً من القانون رقم ١٠ لسنة ١٩١٤ ، كما أغفل القضاء بوضع المحكوم عليهم تحت مراقبة الشرطة عملاً بالمادة ۳۷5 مكرراً (أ) من قانون العقوبات ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلا أنه لما كانت النيابة العامة لم تطعن في هذا الحكم بطريق النقض بل طَعن فيه الطاعنون وحدهم ، فإنه لا سبيل إلى تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعنون بطعنهم طبقاً للأصل المقرر في المادة ٤٣ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، وحسب المحكمة استبدال المادتين 88 مكرراً (أ)/1 ، 361 من قانون العقوبات بالمادتين 81 مكرراً (أ)/1 ، 161 من ذات القانون عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين – سبق محاكمتهم - بأنهم :-
- اشتركوا وآخرون مجهولون في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم الترويع والتخريب والقتل والشروع فيه والجرح والضرب والتخريب والحريق العمد والإتلاف مستعملين في ذلك القوة والعنف مع علمهم بالغرض المقصود منه حال حملهم لأسلحة نارية وبيضاء ، فوقعت منهم تنفيذاً لذلك الغرض الجرائم الآتية :
1- استعرضوا وآخرون مجهولون القوة ولوحوا بالعنف واستخدموهما ضد المجني عليهم الواردة أسماؤهم بالتحقيقات وكان ذلك بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم وفرض السطوة عليهم لإرغامهم على ترك منازلهم حاملين أسلحة نارية وبيضاء وأدوات أعدت للاعتداء على الأشخاص وما إن ظفروا بهم حتى باغتوهم بالاعتداء وقذفوهم بزجاجات مشتعلة ( مولوتوف ، وحجارة ) مما ترتب عليه تعريض حياة المجني عليهم وسلامتهم وأموالهم للخطر وتكدير الأمن والسكينة العامة .
2- سرقوا وآخرون مجهولون المنقولات المبينة وصفاً وقدراً بالتحقيقات والمملوكة للمنشآت العامة والخاصة الواردة تفصيلاً بالتحقيقات وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع على المجني عليهم الوارد أسماؤهم بالتحقيقات ، بأن أشهروا في وجوههم أسلحة نارية ( بنادق آلية ، مسدسات ، أفرد خرطوش ) وبيضاء ( مطاوي ، سكاكين ، عصي شوم ) مهددين إياهم بإلحاق الأذى بهم وبث الرعب في نفوسهم وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من شل مقاومتهم والاستيلاء على المسروقات .
3- سرقوا وآخرون مجهولون المبلغ النقدي والمنقول المبينين وصفاً بالتحقيقات ( سلاح ميري ، ذخائر ) والمملوكين للمجني عليه / .... ومديرية أمن .... وكان ذلك بالطريق العام وبطريق الإكراه الواقع على الأول بأن أشهروا في وجهه أسلحة بيضاء وتعدوا عليه بالضرب فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وتمكنوا بتلك الوسيلة القسرية من شل مقاومته والاستيلاء على المسروقات على النحو المبين بالأوراق .
4- شرعوا وآخرون مجهولون في سرقة المنقول المبين وصفاً بالتحقيقات ( سلاح ميري ، ذخائر) والمملوك لمديرية أمن .... وكان ذلك بالطريق العام وبطريق الإكراه الواقع على المجني عليه / .... بأن تعدوا عليه بالضرب بالأيدي على أجزاء متفرقة من جسده وقد خاب أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو إغاثة الأهالي على النحو المبين بالتحقيقات .
5- وضعوا وآخرون مجهولون النار عمداً في المنشآت العامة والخاصة المبينة بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليهم الواردة أسماؤهم بالتحقيقات بأن قاموا بسكب مواد معجلة للاشتعال وإضرام النيران فحدث الحريق المبينة آثاره بتقرير المعمل الجنائي على النحو المبين بالتحقيقات .
6- عرضوا وآخرون مجهولون للخطر عمداً سلامة وسائل النقل العامة البرية وعطلوا سيرها بأن تجمعوا بقارعة الطريق ومنعوا مرورها مشهرين الأسلحة النارية والبيضاء سالفة البيان فعرضوا سلامة مستقليها للخطر على النحو المبين بالتحقيقات .
7- استعملوا وآخرون مجهولون القوة والعنف مع موظفين عموميين هم ( النقيبان / .... ، .... الضابطان بقطاع الأمن المركزي .... ، والمجندون / .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... والقوة المرافقة لهم ) لحملهم بغير حق على الامتناع عن عمل من أعمال وظيفتهم وهو حفظ الأمن والسكينة العامة والحيلولة دون تعديهم على المجني عليهم بأن أطلقوا صوبهم أعيرة نارية من الأسلحة النارية سالفة البيان وقذفوهم بالحجارة محدثين إصابتهم الثابتة بالتقارير الطبية وقد بلغوا بذلك مقصدهم وذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
8- خربوا وآخرون مجهولون عمداً الأملاك العامة الواردة بالتحقيقات والمملوكة للدولة ووحدات الإدارة المحلية بأن أوصلوا بها مصدراً حرارياً ذا لهب مكشوف فأمسكت بها النيران فحدثت التلفيات الثابتة بتقرير المعمل الجنائي وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي .
9- أتلفوا وآخرون مجهولون عمداً الأملاك والمباني العامة المبينة بالتحقيقات والمملوكة للدولة بأن أحدثوا التلفيات الثابتة بالتقارير الفنية المرفقة وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي القصد منه الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر .
10- أتلفوا وآخرون مجهولون أمولاً ثابتة ومنقولة والمبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليهم الواردة أسماؤهم بالتحقيقات بأن جعلوها غير صالحة للاستعمال وقد ارتكبت تنفيذاً لغرض إرهابي ترتب عليه تعريض أمن وسلامة الناس للخطر وضرراً مالياً جاوزت قيمته خمسين جنيهاً .
11- انضموا وآخرون مجهولون إلى عصابة هاجمت طائفة من السكان وهم أهالي ميدان .... بـ .... وقاومت بالسلاح رجال السلطة العامة المكلفين بتنفيذ القوانين على النحو المبين بالتحقيقات .
12- أحدثوا وآخرون مجهولون عمداً بالمجني عليهما / .... ، .... وآخرين - الواردة أسماؤهم بالتحقيقات - الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة والتي أعجزتهم عن أداء أشغالهم الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوماً حال كونهم حاملين لأسلحة وأدوات سالفة البيان وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات.
13- أحدثوا وآخرون مجهولون عمداً بالمجني عليهم / .... ، .... ، .... ، .... وآخرين - الواردة أسماؤهم بالتحقيقات - الإصابات الموصوفة بالتقارير الطبية المرفقة والتي أعجزتهم عن أداء أشغالهم الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً حال كونهم حاملين لأسلحة وأدوات وكان ذلك تنفيذاً لغرض إرهابي على النحو المبين بالتحقيقات .
14- حازوا وأحرزوا بالذات وبالواسطة أسلحة نارية مششخنة ( بنادق آلية ) مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها وأسلحة نارية مششخنة ( مسدسات ) وغير مششخنة ( أفرد خرطوش ) بغير ترخيص بأحد أماكن التجمعات وبقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام .
15- حازوا وأحرزوا بالذات وبالواسطة ذخائر استعملت في الأسلحة النارية سالفة البيان حال كون بعضها مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها والبعض الآخر بغير ترخيص وذلك بأحد أماكن التجمعات بقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام .
16- أطلقوا أعيرة نارية داخل مدينة / .... .
17- حازوا وأحرزوا بالذات وبالواسطة أسلحة بيضاء وأدوات مما تستعمل في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني من الضرورة المهنية أو الحرفية ، وكان ذلك بأحد أماكن التجمعات وبقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للثاني والعاشر وحضورياً بتوكيل للأول والثالث والرابع والخامس والسادس والسابع والثامن والتاسع عملاً بالمواد ٤٣ ، ٤٦ ، ٨٦ ، ٨٦ مكرر/4،3،1 ، ۸۱ مكرراً (أ)/1 ، ۸۹ ، ۸۹ مكرراً/2،1 ، ۱۳۷ مكرراً (أ)/3،2،1 ، 161 ، ١٦٢ ، ١٦٧ ، ٢٤١/1 ، ٢٤٢ ، ٢٥٢ ، ٢٥٣ ، 314 ، 315 ، 375 مكرراً ، 375 مكرراً (أ) والمواد ۲ ، ۳ ، ۳ مكرراً من القانون رقم ١٠ لسنة ۱۹۱٤ المعدل بالقانون رقم ٨٧ لسنة ١٩٦٨ والمواد 1/1 ، 2 ، ٦ ، ٢٥ مكرراً/١ ، ٢٦ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقوانين أرقام ٢٦ لسنة ۱۹۷۸ ، ۱۰۱ لسنة ۱۹۸۰ ، ١٦٥ لسنة ۱۹۸۱ والبنود أرقام ( ٥ ، ٦ ، ٧ ) من الجدول رقم (۲) والبندين (أ) من القسم الأول والبند (ب) من القسم الثاني من الجدول رقم (۳) الملحقين جميعاً بالقانون الأول والمعدل أولهما بقرار وزير الداخلية رقم ١٧٥٦ لسنة ۲۰۰۷ ، والمستبدل ثانيهما ورابعهما بقرار وزير الداخلية رقم ١٣٣٥٤ لسنة ١٩٩٥ ، وإعمال نص المادتين ۱۷ ، ۳۲ من قانون العقوبات ، والمادة ١٤ من قانون الإجراءات الجنائية بالنسبة للمتهم السادس ، أولاً : بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم .... لوفاته ، ثانياً : بمعاقبة باقي المتهمين بالسجن المشدد خمس سنوات لكل منهم عما أُسند إليهم من اتهام وألزمتهم بالمصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
أولاً : بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين / .... ، .... ، .... :
من حيث إن المحكوم عليهما .... ، .... وإن قدما أسباباً لطعنيهما في الميعاد ، إلا أن الأول لم يقرر بالطعن في الحكم ، كما أن الثاني لم يقرر بالطعن في الحكم بطريق النقض إلا بعد الميعاد المقرر قانوناً طبقاً للمادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض دون قيام عذر يبرر تجاوزه هذا الميعاد ، هذا فضلاً عن أن المحامي الذي قرر بالطعن بالنقض بصفته وكيلاً عن المحكوم عليهما .... ، .... قدم توكيلين صادرين له من وكيلي المحكوم عليهما ، غير أنه لم يقدم التوكيل الصادر من كل من المحكوم عليهما لوكيله . لما كان ذلك ، وكان الطعن بطريق النقض في المواد الجنائية حقاً شخصياً لمن صدر الحكم ضده يمارسه أو لا يمارسه حسبما يرى فيه مصلحته وليس لأحد أن ينوب عنه في مباشرته إلا إذا كان موكلاً عنه توكيلاً يخوله هذا الحق ، فإن هذا الطعن يكون قد قرر به من غير ذي صفة . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين القضاء بعدم قبول طعن المحكوم عليهم سالفي الذكر شكلاً .
ثانياً : بالنسبة للطعن المقدم من الطاعن / .... :
من حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أنه بعد التقرير بالطعن بالنقض وإيداع أسبابه في الميعاد قد توفي الطاعن .... - كالثابت من شهادة التنفيذ المرفقة - . لما كان ذلك ، وكانت المادة 14 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه : ( تنقضي الدعوى الجنائية بوفاة المتهم ) ، فإنه يكون من المتعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية بوفاة الطاعن .
ثالثاً : بالنسبة للطعن المقدم من الطاعن / .... :
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك وآخرين في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على النفس والممتلكات العامة والخاصة ، واستعراض القوة والعنف بقصد ترويع المجني عليهم وإلحاق الأذى بهم ، والسرقة بالإكراه مع حمل أسلحة والشروع فيها للمنقولات المملوكة للمنشآت العامة والخاصة وللمجني عليهم ، ووضع النار عمداً في المنشآت العامة والخاصة ، وتعريض سلامة وسائل النقل العام البرية للخطر عمداً ، واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظائفهم محدثين إصاباتهم الثابتة بالتقارير الطبية ، والإتلاف والتخريب العمديين للمباني والأملاك العامة ، والإتلاف العمدي لأموال ثابتة ومنقولة مملوكة للغير تنفيذاً لذات الغرض السابق ، والانضمام إلى عصابة هاجمت طائفة من السكان وقاومت بالسلاح رجال السلطة العامة القائمة على تنفيذ القوانين والضرب باستعمال أسلحة وأدوات تنفيذاً لغرض إرهابي ، وحيازة وإحراز بالذات وبالواسطة أسلحة نارية مششخنة وغير مششخنة وذخائرها بغير ترخيص ، وأسلحة نارية مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها ، وذلك بأحد أماكن التجمعات بقصد الإخلال بالأمن والنظام العام ، وحيازة وإحراز أسلحة بيضاء مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ قانوني ، وإطلاق أعيرة نارية داخل المدينة ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ، ذلك بأنه دلَّل على ثبوت الواقعة في حقه - بصفة أساسية - على تحريات الشرطة وما أثبته مجريها بأقواله في شأنها ، دون أن تكون مُعَزَّزة بدليل آخر ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إنه من المقرر أن الأحكام يجب أن تُبنى على الأدلة التي يقتنع منها القاضي بإدانة المتهم أو ببراءته ، صادرة في ذلك عن عقيدة يحصِّلها هو مما يجريه من تحقيق ، مستقلاً في تحصيل هذه العقيدة بنفسه لا يشاركه فيها غيره ، ولا يصح في القانون أن يدخل في تكوين عقيدته بصحة الواقعة التي أقام عليها قضاءه أو بعدم صحتها حكم لسواه ، وكان من المقرر كذلك أنه وإن كان يجوز للمحكمة أن تعوِّل في تكوين عقيدتها على التحريات بحسبانها قرينة تُعَزِّز ما ساقته من أدلة ، إلا أنها لا تصلح بمجردها أن تكون دليلاً كافياً بذاته ، أو قرينة مستقلة على ثبوت الاتهام ، وهي من بعد لا تعدو أن تكون مُجَرَّد رأي لصاحبها ، يخضع لاحتمالات الصحة والبطلان ، والصدق والكذب ، إلى أن يُعْرَف مصدرها ويتحدد ، حتى يتحقَّق القاضي بنفسه من هذا المصدر ، ويستطيع أن يبسط رقابته على الدليل ، ويقدر قيمته القانونية في الإثبات . لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه جعل من تحريات الشرطة ومن أقوال مجريها بشأنها عماداً لقضائه ودليلاً أساسياً في ثبوت الاتهام قبل الطاعن .... ، دون أن يورد من الأدلة والقرائن ما يساندها ، ولم تشر المحكمة في حكمها إلى مصدر تلك التحريات على نحو يمكن معه القول أنها تمكَّنت من تحديده والتحقق من ثم من صدق ما نقل عنه ، فإن الحكم يكون قد بُني على عقيدة حَصَّلها الشاهد من تحرياته لا من عقيدة استقلَّت المحكمة بتحصيلها ، بما يكون معه تدليله غير سائغ قاصراً عن حمل قضائه . ولما كان البيّن من أوراق الدعوى أنها خلت من أي دليل على ثبوت الاتهام قبل الطاعن المذكور سوى ما تساند إليه الحكم من تحريات لم تُعزز بأدلة أخرى حتى يتسنى اعتبارها حجة قطعية الثبوت على ارتكاب الطاعن لما أُسند إليه من اتهام ، ولما كانت محكمة الموضوع قد استخلصت إدانة الطاعن بما يخالف هذه الحقيقة ، فإنه يكون لهذه المحكمة – محكمة النقض – بما لها من حق الرقابة على صحة تطبيق القانون أن تتدخل وتصحِّح هذا الاستخلاص الخاطئ بما يتَّفِق وتلك الحقيقة ، وما يقضي به المنطق والقانون ، وتقضي من ثم بنقض الحكم المطعون فيه ، وبراءة الطاعن مما أُسند إليه عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدل ، وذلك بغير حاجة إلى النظر في باقي أوجه الطعن .
رابعاً : بالنسبة للطعن المقدم من الطاعنين .... ، .... ، .... ، .... :
حيث إن الطاعنين ينعون - بمذكرات أسبابهم – على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم الاشتراك وآخرين في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على النفس والممتلكات العامة والخاصة ، واستعراض القوة والعنف بقصد ترويع المجني عليهم وإلحاق الأذى بهم ، والسرقة بالإكراه مع حمل أسلحة والشروع فيها للمنقولات المملوكة للمنشآت العامة والخاصة وللمجني عليهم ، ووضع النار عمداً في المنشآت العامة والخاصة ، وتعريض سلامة وسائل النقل العام البرية للخطر عمداً ، واستعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظائفهم محدثين إصاباتهم الثابتة بالتقارير الطبية ، والتخريب العمدي للمباني والأملاك العامة حال التجمهر ، والإتلاف العمدي لأموال ثابتة ومنقولة مملوكة للغير تنفيذاً لذات الغرض السابق ، والانضمام إلى عصابة هاجمت طائفة من السكان وقاومت بالسلاح رجال السلطة العامة القائمة على تنفيذ القوانين والضرب باستعمال أسلحة وأدوات تنفيذاً لغرض إرهابي ، وحيازة وإحراز بالذات وبالواسطة أسلحة نارية مششخنة وغير مششخنة وذخائرها بغير ترخيص ، وأسلحة نارية مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها وذلك بأحد أماكن التجمعات بقصد الإخلال بالأمن والنظام العام ، وحيازة وإحراز أسلحة بيضاء مما تُستخدم في الاعتداء على الأشخاص بغير مسوغ قانوني ، وإطلاق أعيرة نارية داخل المدينة ، قد شابه التناقض والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أن أسبابه صيغت في عبارات عامة مجملة خلت من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها والظروف التي وقعت فيها ومؤدى الأدلة على ثبوتها في حقهم ، مستنداً إلى أدلة لا تؤدي لما انتهى إليه ، دون أن يدلل على توافر أركان الجرائم التي دان الطاعنين بها لاسيما القصد الجنائي ، ولم يستظهر كيفية الانضمام إلى عصابة هاجمت طائفة من السكان ، ومظاهر ذلك ، ومدى علم الطاعنين بأهدافها والوسائل التي تتخذها تلك الجماعة في تحقيق غايتها ، كما لم يبين دور كل منهم والأفعال التي أتاها في اقتراف الجرائم المسندة إليهم أو يدلل على وجود اتفاق بينهم وبين المحكوم عليهم الآخرين على ارتكابهم تلك الجرائم ، وهو ما يؤكد أن الحكم قد قام قضاؤه على الظن والتخمين لا الجزم واليقين مهدراً قرينة البراءة المفترضة ، كما تساند في قضائه بالإدانة إلى أقوال شهود الإثبات رغم عدم تعرفهم على أشخاص المتظاهرين ، ودون أن يورد مؤدى الدليل المستمد منها مكتفياً في بيان بعضها بالإحالة إلى ما أورده من أقوال البعض الآخر ، واعتنق صورة لواقعة الدعوى لم ترد بأقوال هؤلاء الشهود بما ينبئ عن عدم إلمامه بالواقعة عن بصر وبصيرة ، وعول على التحريات بمفردها دليلاً في الإدانة دون أن يعززها دليل آخر على الرغم من خلوها من تحديد أشخاص الفاعلين ، وبنت المحكمة عقيدتها على رأي مجريها لا على عقيدة استقلت بتحصيلها بنفسها ، ولم يورد الحكم مؤدى التسجيلات المرئية والصور الفوتوغرافية التي عول عليها في قضائه ، كما عوّل عليها رغم قصورها عن إثبات ما نسبه الحكم إليهم ، وانتفاء صلتها بالواقعة ، قاعداً عن مواجهة الطاعن .... بها ، وملتفتاً عن طلب استبعادها وعن الدفع ببطلان الدليل المستمد منها لتقديمها من أشخاص غير محايدين ، ومعرضاً عن ندب لجنة ثلاثية لإعداد تقرير بشأنها لبيان مدى صلة الطاعن .... بها ، ولم يورد مؤدى الدليل المستمد من معاينة النيابة العامة لمكان الأحداث ، وتقارير الأدلة الجنائية وقسم المركبات بمديرية أمن .... وإدارة مرور .... والهيئة القومية لسكك الحديد ومعاينة الإدارة الهندسية والتقارير الطبية الأولية والشرعية والصفة التشريحية ، مكتفياً بذكر قيمة التلفيات بأسبابه دون المنطوق ، واطرح بما لا يسوغ دفوعهم ببطلان إذن القبض لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة صدور عفو رئاسي لبعض المتهمين ، وبطلان الدليل المستمد منها وشهادة من أجراها ، وبطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ، وبطلان تحقيقات النيابة العامة لعدم صدور قرار من وزير العدل بانتقال النيابة العامة للتحقيق في غير مقرها ، ولعدم عرض الطاعن .... على النيابة العامة خلال المدة القانونية ، والتفت عن دفوعهم بتناقض الدليلين القولي والفني ، وعدم دستورية بعض مواد الاتهام ، كما لم يفطن إلى مشروعية وجود جماعة الإخوان المسلمين إذ سبق وتأسست وفق أحكام القانون ، وانتفاء أركان الجرائم المسندة إليهم ، وانعدام صلتهم بالواقعة وعدم معقوليتها وكيدية الاتهام وتلفيقه ، وعدم ضبطهم على مسرح الحادث ، وخلو الأوراق من شاهد رؤية ، وأشاح عن الشهادات المقدمة من الطاعنين والمؤيدة بشهود نفي والتي تفيد تواجدهم بمقار عملهم وقت ارتكاب الواقعة ، وتناقض - الحكم - حين قضى ببراءتهم من جريمتي القتل العمد والشروع فيه تأسيساً على عدم اطمئنانه لشهود الإثبات ، ثم عاد وقضى بإدانتهم عن باقي الجرائم المسندة إليهم اطمئناناً لذات الأدلة ، ولم يعرض لدفاعهم بإعمال الأثر العيني للحكم الصادر ببراءة متهمين آخرين عن ذات الاتهام الموجه للطاعنين ، وخالف الحكم قضاء محكمة النقض الذي ألغى الحكم المنقوض ، وعدلت المحكمة قيد الاتهام ووصفه للطاعن .... من شريك بطريق التحريض إلى فاعل أصلي ، وأضافت اتهاماً للطاعن .... لم يرد بأمر الإحالة وهو الانضمام لعصابة هاجمت طائفة من الناس ، دون تنبيه الدفاع لتحضير دفاعه ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما مؤداه ، أنه على إثر قيام قوات الشرطة بفض اعتصام رابعة العدوية ، أصدرت قيادات جماعة الإخوان المسلمين تكليفاً إلى أعضائها بالمحافظات لحشد عناصر التنظيم بالميادين العامة والتجمهر بها والقيام بأعمال عنف تستهدف منشآت الدولة المدنية والعسكرية ، بغرض إشاعة الفوضى في البلاد وزعزعة الاستقرار ، ونفاذاً لهذا المخطط اشترك الطاعنون وآخرون في تجمهر وانطلقوا وهم يحملون الأسلحة النارية والبيضاء وزجاجات المولوتوف صوب مطرانية الأقباط الأرثوذكس وحطموا بابها الرئيسي وأضرموا النيران بها فأتت على جزء كبير منها وامتدت إلى السيارات العامة والخاصة التي تصادف وجودها أمامها وإلى المحال التجارية والشقق السكنية المجاورة لمكان الحادث ، وما إن اعترضهم أهالي المنطقة وقوات الأمن حتى أطلقوا صوبهم الأعيرة النارية بصورة عشوائية وتعدوا عليهم بالحجارة والأسلحة البيضاء ، كما اعتلوا أسطح العقارات ورشقوا الأهالي ورجال الشرطة بالحجارة والزجاجات الحارقة وخرّبوا مبنى قصر الثقافة ومكتب صحة ثان .... ومحكمة الأسرة والمجلس الطبي العام والمدرسة الثانوية العسكرية واستراحة مديرية الصحة ودار رعاية الطفل ، وأتلفوا ماكينات صرف بنك مصر ومقر سينما .... والشركة المصرية .... ومبنى جمعية نقل الركاب وبوابات السكك الحديدية ومحطة الوقود المملوكة .... وسرقوا محتوياتها كما رشقوا مركبات الشرطة والإطفاء والإسعاف والسيارات الخاصة بالحجارة وعطلوا سيرها وتعدوا بالضرب على أمين الشرطة .... وسرقوا سلاحه الأميري ونقوده كما تعدوا على الرقيب شرطة .... وشرعوا في سرقة سلاحه ، وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة لديه - على هذه الصورة - في حق الطاعنين أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، استمدها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تفريغ مقاطع الفيديو للكاميرات المتواجدة بكنيسة .... والصور الفوتوغرافية المقدمة من أحد شهود الإثبات وتقرير قسم المركبات بمديرية أمن .... وتقرير إدارة مرور .... وتقرير الأدلة الجنائية ومعاينة الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية وتقرير الهيئة القومية لسكك حديد مصر ومعاينة النيابة العامة لأماكن الأحداث ، وهي أدلة سائغة – لا يماري الطاعنون في أن لها أصلها الثابت بالأوراق – أوردها الحكم وبيّن مؤداها في بيان كافٍ ووافٍ ثم بنى عقيدته على اطمئنانه إليها ، فإن هذا حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن النعي بأن أسباب الحكم قد شابها القصور والإجمال يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم ١٠ لسنة ١٩١٤ بشأن التجمهر المعدل قد حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين واللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها ، وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية على الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض ، فيشترط لقيام جريمة التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون سالف البيان اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص على مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذاً لهذا الغرض ، وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور ، وأن تكون الجرائم التي ارتكبت قد وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ، ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه لم يكن ليؤدي إليها السير الطبيعي للأمور ، وأن تكون قد وقعت جميعها حال التجمهر ، ولا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين ، إذ إن التجمع قد يبدأ بريئاً ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه عندما تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذي يهدفون إليه مع علمهم بذلك ، كما تنص المادة الثالثة مكرراً من القانون سالف البيان في فقرتها الثانية على أنه : ( تكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا خرب المتجمهر عمداً مباني أو أملاكاً عامة أو مخصصة لمصالح حكومية أو للمرافق العامة أو للهيئات العامة أو المؤسسات العامة والوحدات الاقتصادية التابعة لها أو شركات القطاع العام أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام ) . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بوضوح على توافر العناصر الجوهرية السالف بيانها في حق الطاعنين ، وارتكن في ذلك إلى أقوال شاهد الإثبات .... الذي قرر بمشاهدته للطاعنين وآخرين ممن سبق محاكمتهم على مسرح الأحداث حال قيامهم بإضرام النيران بمحطة وقود والاستيلاء على محتوياتها وإلى ما كشف عنه تفريغ النيابة العامة لمقاطع الفيديو التي سجلتها الكاميرات المتواجدة بكنيسة .... والاطلاع على الصور الفوتوغرافية المقدمة من شاهد الإثبات التاسع والأربعين ، والتي ثبت منها جميعاً وجود الطاعنين من بين المتجمهرين وقيامهم بارتكاب واقعات الاتهام ، فضلاً عما ثبت من معاينة النيابة العامة لأماكن الأحداث من وجود تلفيات وآثار إطلاق لأعيرة نارية وما أوراه تقرير قسم المركبات بمديرية أمن .... من إتلاف سيارات الشرطة وبيان قيمة الأضرار المالية الناتجة عن ذلك الإتلاف ، وما ثبت من تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية من آثار لإطلاق النار على المنشآت العامة والخاصة والسيارات العامة والخاصة ، وأن سبب الحريق هو اتصال مصدر حراري سريع ذي لهب مكشوف وما ثبت من تقرير الهيئة القومية لسكك حديد مصر من وجود تلفيات ببعض مرافق محطة سكك حديد .... وما جاء بأقوال وتحريات شهود الإثبات من أن تحرياتهم السرية توصلت إلى صحة الواقعة ، وكان ما أورده الحكم في مجموعه ينبئ بجلاء على ثبوت جريمة الاشتراك في التجمهر في حق الطاعنين ووقوع الغرض المقصود من التجمهر بارتكابهم جريمة التخريب العمدي للمباني والمرافق العامة ، وليس بلازم والحال كذلك أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل منهم على حدة أو يفصح عن بيان أشخاص المتهمين الذين ارتكبوها ما دام قد أثبت – بالدليل الصحيح على نحو ما تقدم - أن الطاعنين قد تواجدوا على مسرح الواقعة واشتركوا وساهموا في ارتكابها مع علمهم بالغرض الإجرامي الذي يهدفون إليه ، بما لا يكون معه الحكم قد أخطأ في شيء . وإذ كان ما أوردته المحكمة في حكمها يستفاد منه الرد على دفاع الطاعنين بعدم توافر أركان تلك الجريمة ، فإن النعي عليها بقالة القصور والإخلال بحق الدفاع لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاشتراك بالاتفاق إنما يتحقق من اتحاد نية أطرافه على ارتكاب الفعل المتفق عليه ، وهذه النية أمر داخلي لا يقع تحت الحواس ولا يظهر بعلامات خارجية ، وإذ كان القاضي الجنائي حراً في أن يستمد عقيدته من أي مصدر شاء ، فإن له إذا لم يقم على الاشتراك دليل مباشر من اعتراف أو شهادة شهود أو غيره أن يستدل عليه بطريق الاستنتاج من القرائن التي تقدم لديه ، ما دام هذا الاستدلال سائغاً وله من ظروف الدعوى ما يبرره ، كما له أن يستنتج حصوله من فعل لاحق للجريمة يشهد به ، كما أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادات كل المشتركين فيه ، ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين فمن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة ، وكانت المحكمة قد دللت على اشتراك الطاعنين في ارتكاب جريمة التجمهر وقيامهم وقتذاك بالتخريب العمدي لمبان ومرافق عامة ، وذلك من ظروف الدعوى وملابساتها ، وكان تدليلها سائغاً لما أوردته من أدلة وقرائن وأعمال أثبتتها في حكمها ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن في حقيقته لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة لم توقع على الطاعنين سوى عقوبة واحدة عن جميع الجرائم التي دانتهم بها تطبيقاً للمادة ۳۲ عقوبات ، وكانت العقوبة المقضي بها على كل منهم وهي السجن المشدد لمدة خمس سنوات تدخل في حدود العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك في تجمهر الغرض منه تخريب الممتلكات العامة والخاصة بالقوة حال كونهم حاملين أسلحة من شأنها إحداث الموت واقترافهم في سبيل الغرض المقصود من التجمهر جريمة تخريب مبان وأملاك عامة ، فإنه لا يكون لهم مصلحة فيما يثيرونه بأسباب طعنهم لسواها من الجرائم . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهم إلى الطاعنين ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ، ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعنون ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل ، كما أنه وإذ كان قضاء الحكم - للأسباب التي أوردها - لم يهدر قرينة البراءة المفترضة ، فإن ما أثاره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا يلزم لاستخلاص صورة الواقعة التي ترتسم في وجدان المحكمة أن يكون هذا الاستخلاص قد ورد ذكره على ألسنة بعض الشهود ، وإنما يكفي أن يكون مستنبطاً بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق ، كما أنه من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن تكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها ، وكان الحكم قد اطمأن من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تفريغ النيابة العامة لمقاطع الفيديو المتواجدة بكنيسة .... والاطلاع على الصور الفوتوغرافية المرفقة ، إلى قيام الطاعنين وآخرين بارتكاب الواقعة - على الصورة التي أورده الحكم - ، ومن ثم فإن الجدل المثار في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً لتعلقه بالموضوع لا بالقانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها – وهو ما لم يمار فيه الطاعنون - ، ومن ثم فإن النعي في هذا المقام لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعوّل في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، فإن النعي في هذا الخصوص لا يكون سديداً . كما أنه وإذ كان الحكم قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من تفريغ مقاطع الفيديو للكاميرات المتواجدة بكنيسة .... والصور الفوتوغرافية المقدمة من أحد شهود الإثبات وتقرير قسم المركبات بمديرية أمن .... وتقرير إدارة مرور .... وتقرير الأدلة الجنائية ومعاينة الإدارة الهندسية بالوحدة المحلية وتقرير الهيئة القومية لسكك حديد مصر ومعاينة النيابة العامة لأماكن الأحداث ، ومن ثم فإن المحكمة لم تبن حكمها على رأي قال به مجري التحريات ، وإنما بنت حكمها على عقيدة حصلتها هي بنفسها ، ويضحى ما ينعاه الطاعنون في هذا الصدد على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه – وخلافاً لما يزعم الطاعنون - قد أورد بمدوناته محتوى الصور الفوتوغرافية ومقاطع المادة الفيلمية للفيديو المصور ، وذلك في قوله : ( وثبت من تفريغ النيابة العامة لمقاطع الفيديو المتواجدة بكنيسة .... وكذا الصور الفوتوغرافية المقدمة من شاهد الإثبات التاسع والأربعين من قيام بعض المتهمين من الرابع حتى الرابع عشر ومن الثاني والثلاثين حتى السابع والأربعين ومن الحادي والخمسين حتى التاسع والثمانين بأمر الإحالة بارتكاب الواقعة ) ، فإن ما يثار في هذا الصدد يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الدليل موكول لمحكمة الموضوع ، ومتى اقتنعت به واطمأنت إليه فلا معقب عليها في ذلك ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون بصدد الدليل المستمد من هذه التسجيلات يتمخض جدلاً موضوعياً في وقائع الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، هذا فضلاً عن أنه لا أساس صحيح لطلب الطاعنين استبعاد التسجيلات المرئية والصور الفوتوغرافية المأخوذة لمكان الواقعة والتي رصدت واقعات التجمهر وما تخللها من جرائم ، إذ تمت تلك التسجيلات والصور بواسطة أجهزة تسجيل وتصوير معدة سلفاً بغرض توفير التأمين والحماية للمواطنين وللمنشآت العامة والخاصة والأبنية الدينية التي حفل بها مكان الواقعة وهو طريق عام ، وهو ما لا يقتضي استصدار إذن قضائي مسبق ، إذ لا يشكل وجودها – في نطاق الغرض المشروع المستهدف منها - تعدياً على حرمات الناس وحرياتهم ، وهو ما يصح معه قانوناً الخلوص إلى أن الأدلة المتولدة عن تلك التسجيلات والصور لم تكن نتاج إجراء غير مشروع حتى يلحقها بطلان ، ولا يقوم في القانون مانع يحول دون اعتبارها دليلاً يصح التعويل عليه في مقام الإثبات الجنائي ، ومن ثم فإن النعي في هذا الخصوص وما أثاره الطاعن .... يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم بإجابة طلب ندب خبير في الدعوى ما دامت الواقعة قد وضحت لديها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى الدليل المستمد من تقرير النيابة العامة الناتج من تفريغ مقاطع الفيديوهات المسجلة وعولت عليه في إدانة الطاعنين بما يفصح عن أنها لم تكن بحاجة إلى ندب خبير ، فإنه لا تثريب عليها إن هي أغفلت دفاع الطاعنين في هذا الشأن ويضحى ما أثير في هذا الصدد غير قويم . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى الدليل المستمد من معاينة النيابة العامة لمكان الأحداث ، وتقارير الأدلة الجنائية وقسم المركبات بمديرية أمن .... وإدارة مرور .... والهيئة القومية لسكك الحديد ومعاينة الإدارة الهندسية ، - خلافاً لما يزعم الطاعنون - فإن النعي في هذا المقام لا يكون قويماً . كما أنه وإذ كان الحكم لم يعول في الإدانة على التقارير الطبية الأولية والشرعية والصفة التشريحية ، فإن النعي في هذا الشأن لا يكون له محل من قضاء الحكم . لما كان ذلك ، وكان لا مصلحة للطاعنين في النعي على الحكم باكتفائه بذكر قيمة التلفيات بأسبابه دون المنطوق ، ما دام أن الحكم لم يلزمهم بها ، فإن نعيهم في هذا المقام لا يكون له وجه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جدية التحريات ورد عليه برد سائغ ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الصدد يكون في غير محله . كما أنه ولئن كان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، إلا أن ذلك لا يكون إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال ضباط الواقعة وتحرياتهم وسلامة ما باشروه من إجراءات ، فإنه لا تثريب على الحكم إن هو عول في الإدانة على شهاداتهم ، ومن ثم يكون منعى الطاعنين في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى للنعي على الحكم ببطلان القبض ، ما دام البيّن من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة على دليل مستمد من القبض المدعي ببطلانه ، وإنما أقام قضاءه على العقيدة التي استمدها من الأدلة المشار إليها سلفاً وهي أدلة مستقلة عن القبض . لما كان ذلك ، وكان الطاعنون لا ينازعون في أن وكيل النيابة المختص هو الذي أجرى التحقيق القضائي والذي يستمد حقه في ذلك من القانون لا من وزير العدل أو النائب العام – كما هو الحال في الأحكام - فلا يهم بعد ذلك المكان الذي اختاره المحقق لإجراء التحقيق والذي يترك لتقديره وحده ، وله - دون غيره - حق اختياره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إجرائه ، فإن نعيهم بإجراء تحقيقات النيابة في غير مقار النيابة العامة دون قرار من وزير العدل لا يعدو أن يكون دفعاً قانونياً ظاهر البطلان لم يكن الحكم المطعون فيه ملزماً بالإشارة إليه ، ومع ذلك فقد عرض له واطرحه بما يسوغ به اطراحه . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن .... من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من وقت القبض عليه – بفرض صحته - طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعنين لم يدفع بتناقض الدليلين القولي والفني ، وبطلان التحريات لعدم الاختصاص المكاني لمجريها ، وعدم دستورية بعض مواد القيد ، ومشروعية جماعة الإخوان المسلمين بدعوى أنها تأسست وفق أحكام القانون ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها ، ويكون ما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بانتفاء الجريمة وانتفاء الصلة بالواقعة وعدم معقولية حدوثها وبكيدية الاتهام وتلفيقه وعدم ضبط الطاعنين على مسرح الواقعة ، وخلو الأوراق من شاهد رؤية ، من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاءً بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة واطرحت دفاع الطاعنين في هذا الشأن تأسيساً على الأسباب السائغة التي أوردها الحكم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز معاودة إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل والمنطق أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم فإن النعي على الحكم اطراحه الشهادات المقدمة من الطاعنين - بفرض تقديمها - لا يكون له محل . ولا يقدح في ذلك ما أشار إليه الطاعنون بوجه النعي من أن شهود نفي قد شهدوا بما يؤيد مضمون تلك الشهادات ، لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق فيما شهدوا به ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى ، فإن ما يثيره الطاعنون في صدد أخذ الحكم بأقوال شهود الإثبات بالنسبة لثبوت التهم التي دانهم بها ، واطراحه لها بالنسبة لتهمتي القتل العمد والشروع فيه التي قضي ببراءتهم منهما ، لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً به ما يرمي إليه مقدمه ، حتى يتضح مدى أهميته في الدعوى المطروحة وكونه منتجاً مما تلتزم محكمة الموضوع بالتصدي له إيراداً ورداً ، وكان الطاعن .... لم يكشف بأسباب الطعن عن ماهية المسألة القانونية ذات الأثر العيني المتعلقة بالحكم الصادر ببراءة المتهمين الآخرين والمتصلة به ، بل ساقه قولاً مرسلاً مجهلاً ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يخالف قضاء محكمة النقض السابق صدوره في شيء ، ومن ثم يضحى النعي في هذا الخصوص ولا أساس له ، ومع ذلك فإن الأصل أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإحالة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض في شأن وقائع الدعوى ، فلا تتقيد تلك المحكمة ( محكمة الإحالة ) بما ورد بالحكم الأخير في شأن وقائع الدعوى بل عليها أن تسير في الإجراءات كما لو كانت مطروحة عليها من الأصل ، وهي فوق ذلك كله لها كامل الحرية في تقدير الوقائع وتكييفها وتحقيقها غير مقيدة في كل ذلك بحكم النقض ولا بما قد يستشف منه في شأنها ، ولها في سبيل ذلك أن تقضي في الدعوى بما يطمئن إليه وجدانها ولو خالفت ذلك الحكم وبغير أن تعتبر هذه المخالفة وجهاً للطعن فيما عدا ما إذا كان محل المخالفة يصح في ذاته لأن يكون وجهاً للطعن على الحكم من جديد . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الاطلاع على أمر الإحالة - الذي أمرت المحكمة بضمه تحقيقاً لوجه النعي - ومدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة لم تجر تعديلاً للقيد والوصف بالنسبة للطاعنين .... ، .... - خلافاً لما زعما - فإن النعي في هذا الخصوص لا يكون صحيحاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن في حدود الأسباب التي بُني عليها يكون قد أقيم على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ، بَيْدَ أنه مما تجدر الإشارة إليه أنه وإن كان الحكم المطعون فيه قد أغفل إلزام الطاعنين بدفع قيمة الأشياء التي خربوها عملاً بالمادة الثالثة مكرر من القانون رقم ١٠ لسنة ١٩١٤ ، كما أغفل القضاء بوضع المحكوم عليهم تحت مراقبة الشرطة عملاً بالمادة ۳۷5 مكرراً (أ) من قانون العقوبات ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلا أنه لما كانت النيابة العامة لم تطعن في هذا الحكم بطريق النقض بل طَعن فيه الطاعنون وحدهم ، فإنه لا سبيل إلى تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم حتى لا يضار الطاعنون بطعنهم طبقاً للأصل المقرر في المادة ٤٣ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، وحسب المحكمة استبدال المادتين 88 مكرراً (أ)/1 ، 361 من قانون العقوبات بالمادتين 81 مكرراً (أ)/1 ، 161 من ذات القانون عملاً بنص المادة 40 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق