جلسة 7 من فبراير سنة 2023
برئاسة السيد القاضي / محمد متولي عامر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سامح عبد الله عبد الرحيم ، سامح مروان ومحسن أبو بكر محمد نواب رئيس المحكمة و د. محمد إبراهيم منصور .
----------------
(8)
الطعن رقم 9108 لسنة 90 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه عليها . لا قصور.
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم .
مثال .
(2) تزوير " أوراق عرفية " " استعمال أوراق مزورة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقدير توافر القصد الجنائي في جريمة التزوير في محرر عرفي واستعماله . موضوعي . تحدث الحكم عنه استقلالاً . غير لازم . متى أورد من الوقائع ما يدل عليه .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(3) إجراءات " إجراءات التحقيق " . محاماة . نيابة عامة . دعوى جنائية " تحريكها " " قيود تحريكها " .
سريان قانون السلطة القضائية بشأن رجال القضاء على إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى العمومية أو التأديبية على النقيب العام للمحامين . استثناء مقصور عليه . أساس ذلك ؟
تعليمات النيابة العامة بضرورة اتباع إجراءات معينة حال كون المتهم محامياً . ليست قيداً على حقها في رفع الدعوى الجنائية . علة ذلك ؟
(4) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة التعويل على التحريات باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها استقلالاً . قضاؤها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده : اطراحها .
(5) تزوير" أوراق عرفية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم وجود المحرر المزور . لا يترتب عليه حتماً عدم ثبوت جريمة التزوير . للمحكمة الأخذ بالصورة الضوئية كدليل في الدعوى . متى اطمأنت إلى صحتها . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) تزوير " أوراق رسمية " . جريمة " أركانها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
جريمة التزوير في الأوراق الرسمية . مناط تحققها ؟
الإبلاغ بأقوال تغاير الحقيقة في محاضر جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي . لا تقوم به جريمة التزوير في محرر رسمي أو الاشتراك فيه . معاقبة الطاعن عنها بوصفها الأشد . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيح الحكم بتقدير العقوبة المناسبة عن باقي الجرائم المرتبطة التي أثبتها في حقه . علة وأساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1– لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها في قوله : ( تتحصل في أن المتهم وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريق المساعدة مع موظف عام حسن النية وهو .... أمين شرطة باستيفاء قسم شرطة .... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي وهو محضر الشرطة المؤرخ .... في الجنحة رقم .... حال تحريره من الموظف المختص بتحريره وذلك بأن مثل أمام الموظف سالف الذكر وأقر بواقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وهي استلام المدعو / .... مبلغ نقدي من المدعوة / .... على سبيل الأمانة لتوصيله إلى المدعو / .... إلا أنه بدد المبلغ النقدي ولم يقم بتوصيله لسالف الذكر أو رده لمالكته فقام الموظف بملء بيانات المحرر بناءً على ذلك وقد وقعت الجريمة بناءً على تلك المساعدة ، كما أنه ارتكب تزويراً في محررات آحاد الناس وهو عقد الأمانة سند الجنحة رقم .... بأن أثبت به واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة هي استلام المدعو / .... مبلغ نقدي من المدعوة / .... على سبيل الأمانة لتوصيله إلى المدعو / .... إلا أنه بدد المبلغ النقدي ولم يقم بتوصيله لسالف الذكر أو رده لمالكته وذيله بتوقيع نسبه زوراً للمجني عليه / .... قاصداً الإضرار به ، كما أنه قام باستعمال محررات مزورة وهي محررات آحاد الناس موضوع التهمة السابقة فيما زورت من أجله بأن قدمه إلى .... أمين الشرطة باستيفاء قسم شرطة .... محتجاً بما ورد به من بيانات لتحرير محضر تبديد ضد المجني عليه / .... مع علم المتهم بتزويره ، كما أنه أبلغ كذباً وبسوء قصد في القضية رقم .... بأن توجه إلى قسم شرطة .... وأبلغ كذباً باستلام المدعو / .... مبلغ نقدي من المدعوة / .... على سبيل الأمانة لتوصيله إلى المدعو / .... إلا أنه بدد المبلغ النقدي ولم يقم بتوصيله لسالف الذكر أو رده لمالكته وقد لحق ضرر من ذلك البلاغ بالمجني عليه / .... وهو صدور حكم بالإدانة ضده وكذا التشهير بسمعته من أنه مبدد ومختلس لمبالغ مالية مع علمه بكذب هذا البلاغ وبإجراء التحريات السرية حول ظروف تلك الواقعة أسفرت إلى صحة ارتكاب المتهم لتلك الواقعة بأن قام باستغلال التوكيل الصادر له من المدعوة / .... وقام بتحرير جنحة التبديد رقم .... ضد المدعو / .... وذلك بموجب عقد أمانة سند الجنحة وقام بتزويره بطريق الاصطناع ) ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال كل من .... ، .... والمقدم / .... وما ثبت من الاطلاع على أوراق الدعوى رقم .... جنح قسم .... وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وإذ كانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه – والتي لا يماري الطاعن في أن لها أصلها الصحيح في أوراق الدعوى – من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من مقارفة الطاعن لجريمتي التزوير في محرر عرفي واستعماله اللتين دانه بها ، فإن النعي في هذا الخصوص يكون غير سديد .
2– من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير في محرر عرفي واستعماله من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام الحكم قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مقام التدليل على جريمة التزوير في محرر عرفي في حق الطاعن وما استدل به على ركن العلم بالتزوير تتحقق به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة التي دانه بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها بما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3– لما كان أي من قانون الإجراءات الجنائية أو قانون المحاماة لم يضع قيوداً على حق النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية ضد محام سوى ما نصت عليه المادة 103 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة المستبدلة بالقانون رقم 147 لسنة 2019 – المعمول به اعتباراً من 8 من أغسطس سنة 2019 – من سريان أحكام قانون السلطة القضائية بشأن رجال القضاء على جميع إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى العمومية أو التأديبية على النقيب العام للمحامين ، وهو استثناء قاصر على النقيب العام للمحامين ولا يعمم على غيره من المحامين الآخرين ، وفي غير هذا النطاق تظل النيابة العامة صاحبة الحق في رفع الدعوى الجنائية وفقاً للأوضاع التي رسمها القانون ، ولا يمنع من ذلك ما يرد بتعليمات النيابة العامة من ضرورة اتباع إجراءات معينة في حالة كون المتهم محامياً ، إذ إن تلك التعليمات لا يمكن أن ترقى إلى مرتبة القانون ، فهي لا تخرج عن كونها توجيهاً عاماً من النائب العام لمعاونيه في خصوص عملهم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
4– لما كان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة لا تلتزم بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها استقلالاً ، إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم جدية التحريات لا يعدو أن يكون من قبيل الدفاع الموضوعي ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بدعوى القصور بإغفال الرد عليه لا يكون له محل .
5– لما كان عدم وجود المحرر المزور لا يترتب عليه حتماً عدم ثبوت جريمة تزويره ، إذ الأمر في هذا مرجعه إلى قيام الدليل على حصول التزوير ، وللمحكمة أن تُكوّن عقيدتها في ذلك بكل طرق الإثبات ما دام أن القانون الجنائي لم يُحدد طريقة إثبات معينة في دعاوى التزوير ، ولها أن تأخذ بالصورة الضوئية كدليل في الدعوى إذا ما اطمأنت إلى صحتها ، وكان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى سابقة وجود إيصال أمانة بقيمة نقدية عزاه الطاعن زوراً إلى المجني عليه ثم استعمله بتقديمه لمحرر محضر الشرطة ، فإن ما يُثيره الطاعن من عدم وجود أصل الإيصال المزور ، وما ينعاه على المحكمة من التعويل على صورة ضوئية لهذا الإيصال ينحل جميعه إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اقتناع المحكمة بها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض .
6– لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما مفاده أن المتهم زور إيصال أمانة ونسبه إلى المجني عليه ثم استعمله بمساعدة آخر حسن النية عن طريق الإبلاغ بموجبه في محضر شرطة ضد المجني عليه سالف الذكر بواقعة غير صحيحة ، وخلص إلى إدانته بجرائم الاشتراك في تزوير محرر رسمي وتزوير محرر عرفي واستعماله والبلاغ الكاذب ، وبعد أن أعمل المادة ٣٢ من قانون العقوبات عاقبه بعقوبة الجريمة الأشد وهي جناية التزوير في محرر رسمي هو محضر الشرطة سالف البيان . لما كان ذلك ، وكانت جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بتغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه ، لأن هذا التغيير نتج عنه حتماً ضرراً بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور ، وليس من هذا القبيل إبلاغ الشاكي بأقوال تغاير الحقيقة في محاضر جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي ، لأن مثل هذا البلاغ يُعد خبراً يحتمل الصدق والكذب ولا ينال كذبه من قيمة المحرر وحجيته ما دام أنه لا يُتخذ حجة في إثبات صحة مضمونه ، فإن الإدلاء في محضر الشرطة المشار إليه سلفاً بالواقعة سالفة الذكر المغايرة للحقيقة - موضوع التهمة الأولى - لا تقوم به في حكم القانون جريمة التزوير في محرر رسمي أو الاشتراك فيها وإنما قد تقوم به جريمة البلاغ الكاذب إذا ما توافرت شرائطها . وإذ كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس لازماً على محكمة الموضوع أن تتقيد بالوصف القانوني الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة محل الدعوى ، بل من واجبها أن تُمحِّص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وصولاً إلى إنزال حكم القانون صحيحاً عليها وهو ما قصر الحكم فيه ، ذلك أنه دان الطاعن بجرائم الاشتراك في تزوير محرر رسمي وتزوير محرر عرفي واستعماله والبلاغ الكاذب وأعمل في حقه أحكام الارتباط وأنزل به عقوبة الجريمة الأولى الأشد – وهي جناية الاشتراك في تزوير محرر رسمي – رغم انحسارها عن الأوراق على النحو سالف البيان وقضى عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات ، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وقد جرّه ذلك إلى الخطأ في تطبيقه ، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة ۳۹/1 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ المستبدلة بالقانون رقم 11 لسنة 2017 أن تصحح محكمة النقض هذا الخطأ وتحكم بمقتضى القانون ، ولما كان الخطأ الذي انبنى عليه الحكم - في هذه الحالة - لا يخضع لأي تقدير موضوعي بعد أن قالت محكمة الموضوع كلمتها من حيث ثبوت إسناد تهمة التزوير في محرر عرفي واستعماله - مادياً - إلى الطاعن هي الجريمة التي خلصت هذه المحكمة – محكمة النقض - إلى عدم قبول ما أثاره الطاعن بشأنها ، فضلاً عن أنها الجريمة ذات العقوبة الأشد مع جريمة البلاغ الكاذب المرتبطة بها والتي دين الطاعن بها ، وأصبح الأمر لا يقتضي سوى تقدير العقوبة المناسبة عن هذه الجريمة ، وهو ما جرى قضاء هذه المحكمة على التعرض له والحكم به دون حاجة إلى نقض الحكم وتحديد جلسة لنظر الموضوع من أجل هذا السبب وحده ، فإن المحكمة – إعمالاً للسلطة المخولة لها وبعد الاطلاع على المواد ۲۱5 ، ۳۰۳ ، ۳۰5 من قانون العقوبات والمادة ٣٢ من القانون ذاته – تصحح الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعن عن جريمة التزوير في محرر عرفي واستعماله مع علمه بتزويره وذلك بجعل العقوبة السالبة للحرية المقضي بها الحبس مع الشغل لذات المدة المقضي بها بالإضافة إلى عقوبة المصادرة المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :-
أولاً :- وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريق المساعدة مع موظف عام حسن النية هو .... – أمين شرطة باستيفاء قسم شرطة .... – في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو محضر الشرطة المؤرخ .... في الجنحة رقم .... حال تحريره من المختص بتحريره وذلك بأن مثل أمام الموظف سالف الذكر وأقر بواقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة هي استلام المدعو / .... مبلغ مالي من المدعوة / .... على سبيل الأمانة لتوصيله إلى المدعو / .... إلا أنه بدد المبلغ النقدي ولم يقم بتوصيله لسالف الذكر أو رده لمالكته فقام الموظف بملء بيانات المحرر بناءً على ذلك وقد وقعت الجريمة بناءً على تلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانياً :- ارتكب تزويراً في محررات أحد الناس وهو عقد الأمانة سند الجنحة رقم .... بأن أثبت به واقعة مزورة في صوره واقعة صحيحة وهي استلام المدعو / .... مبلغ نقدي من المدعوة / .... على سبيل الأمانة لتوصيله إلى المدعو / .... إلا أنه بدد المبلغ النقدي ولم يقم بتوصيله لسالف الذكر أو رده لمالكته وذيله بتوقيع نسبه زوراً للمجني عليه / .... قاصداً الإضرار به على النحو المبين بالتحقيقات .
ثالثاً :- استعمل محررات مزورة وهي محررات أحد الناس موضوع الاتهام الثاني فيما زورت من أجله بأن قدمها إلى / .... أمين الشرطة باستيفاء قسم شرطة .... محتجاً بما ورد به من بيانات لتحرير جنحة تبديد ضد المجني عليه / .... مع علم المتهم بتزويره على النحو المبين بالتحقيقات .
رابعاً :- أبلغ كذباً وبسوء قصد في القضية رقم .... بأن توجه إلى قسم شرطة .... وأبلغ كذباً باستلام المدعو / .... مبلغ نقدي من المدعوة / .... على سبيل الأمانة لتوصيله إلى المدعو / .... إلا أنه بدد المبلغ النقدي ولم يقم بتوصيله لسالف الذكر ورده لمالكته وقد لحق بالمجني عليه / .... ضرر من ذلك البلاغ الكاذب وهو صدور حكم بالإدانة ضده وكذا التشهير بسمعته من أنه مبدد ومختلس لمبالغ مالية مع علم المتهم بكذب ذلك البلاغ على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۳۰ ، ٤٠/ ثالثاً ، 41/ 1 ، ٤٢ ، ۲۱۱ ، ۲۱۲ ، ۲۱۳ ، ٢١٥ ، ٣٠٥ من قانون العقوبات ، مع إعمال المادة ٣٢ من ذات القانون ، بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وأمرت بمصادرة المحررات المزورة المضبوطة وألزمته بالمصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محرر رسمي وتزوير محرر عرفي واستعماله مع علمه بتزويره والبلاغ الكاذب قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه التفت عن دفاعه بانتفاء أركان جريمة التزوير ، ولم يستظهر القصد الجنائي رغم دفعه بانتفاء علمه بتزوير المحرر العرفي ، واطرح دفوعه بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون ، وبعدم جدية التحريات ، ودانه رغم خلو الأوراق من دليل يقيني على ارتكاب الواقعة فقد خلت من إيصال الأمانة محل الاتهام ، ولم يتم فحصه فنياً ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها في قوله : ( تتحصل في أن المتهم وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريق المساعدة مع موظف عام حسن النية وهو .... أمين شرطة باستيفاء قسم شرطة .... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي وهو محضر الشرطة المؤرخ .... في الجنحة رقم .... حال تحريره من الموظف المختص بتحريره وذلك بأن مثل أمام الموظف سالف الذكر وأقر بواقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وهي استلام المدعو / .... مبلغ نقدي من المدعوة / .... على سبيل الأمانة لتوصيله إلى المدعو / .... إلا أنه بدد المبلغ النقدي ولم يقم بتوصيله لسالف الذكر أو رده لمالكته فقام الموظف بملء بيانات المحرر بناءً على ذلك وقد وقعت الجريمة بناءً على تلك المساعدة ، كما أنه ارتكب تزويراً في محررات آحاد الناس وهو عقد الأمانة سند الجنحة رقم .... بأن أثبت به واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة هي استلام المدعو / .... مبلغ نقدي من المدعوة / .... على سبيل الأمانة لتوصيله إلى المدعو / .... إلا أنه بدد المبلغ النقدي ولم يقم بتوصيله لسالف الذكر أو رده لمالكته وذيله بتوقيع نسبه زوراً للمجني عليه / .... قاصداً الإضرار به ، كما أنه قام باستعمال محررات مزورة وهي محررات آحاد الناس موضوع التهمة السابقة فيما زورت من أجله بأن قدمه إلى .... أمين الشرطة باستيفاء قسم شرطة .... محتجاً بما ورد به من بيانات لتحرير محضر تبديد ضد المجني عليه / .... مع علم المتهم بتزويره ، كما أنه أبلغ كذباً وبسوء قصد في القضية رقم .... بأن توجه إلى قسم شرطة .... وأبلغ كذباً باستلام المدعو / .... مبلغ نقدي من المدعوة / .... على سبيل الأمانة لتوصيله إلى المدعو / .... إلا أنه بدد المبلغ النقدي ولم يقم بتوصيله لسالف الذكر أو رده لمالكته وقد لحق ضرر من ذلك البلاغ بالمجني عليه / .... وهو صدور حكم بالإدانة ضده وكذا التشهير بسمعته من أنه مبدد ومختلس لمبالغ مالية مع علمه بكذب هذا البلاغ وبإجراء التحريات السرية حول ظروف تلك الواقعة أسفرت إلى صحة ارتكاب المتهم لتلك الواقعة بأن قام باستغلال التوكيل الصادر له من المدعوة / .... وقام بتحرير جنحة التبديد رقم .... ضد المدعو / .... وذلك بموجب عقد أمانة سند الجنحة وقام بتزويره بطريق الاصطناع ) ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستقاة من أقوال كل من .... ، .... والمقدم / .... وما ثبت من الاطلاع على أوراق الدعوى رقم .... جنح قسم .... ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وإذ كانت الأدلة التي عول عليها الحكم المطعون فيه – والتي لا يماري الطاعن في أن لها أصلها الصحيح في أوراق الدعوى – من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها من مقارفة الطاعن لجريمتي التزوير في محرر عرفي واستعماله اللتين دانه بها ، فإن النعي في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير في محرر عرفي واستعماله من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها ، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام الحكم قد أورد من الوقائع ما يدل عليه ، وكان ما أثبته الحكم المطعون فيه في مقام التدليل على جريمة التزوير في محرر عرفي في حق الطاعن وما استدل به على ركن العلم بالتزوير تتحقق به كافة العناصر القانونية لتلك الجريمة التي دانه بها ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها بما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن أياً من قانون الإجراءات الجنائية أو قانون المحاماة لم يضع قيوداً على حق النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية ضد محام سوى ما نصت عليه المادة 103 من القانون رقم 17 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون المحاماة المستبدلة بالقانون رقم 147 لسنة 2019 – المعمول به اعتباراً من 8 من أغسطس سنة 2019 – من سريان أحكام قانون السلطة القضائية بشأن رجال القضاء على جميع إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى العمومية أو التأديبية على النقيب العام للمحامين ، وهو استثناء قاصر على النقيب العام للمحامين ولا يعمم على غيره من المحامين الآخرين ، وفي غير هذا النطاق تظل النيابة العامة صاحبة الحق في رفع الدعوى الجنائية وفقاً للأوضاع التي رسمها القانون ، ولا يمنع من ذلك ما يرد بتعليمات النيابة العامة من ضرورة اتباع إجراءات معينة في حالة كون المتهم محامياً ، إذ إن تلك التعليمات لا يمكن أن ترقى إلى مرتبة القانون ، فهي لا تخرج عن كونها توجيها ًعاماً من النائب العام لمعاونيه في خصوص عملهم ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، وكانت المحكمة لا تلتزم بتعقب المتهم في كل جزئية يثيرها في مناحي دفاعه الموضوعي والرد عليها استقلالاً ، إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم جدية التحريات لا يعدو أن يكون من قبيل الدفاع الموضوعي ، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بدعوى القصور بإغفال الرد عليه لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان عدم وجود المحرر المزور لا يترتب عليه حتماً عدم ثبوت جريمة تزويره ؛ إذ الأمر في هذا مرجعه إلى قيام الدليل على حصول التزوير، وللمحكمة أن تُكوّن عقيدتها في ذلك بكل طرق الإثبات ما دام أن القانون الجنائي لم يُحدد طريقة إثبات معينة في دعاوى التزوير ، ولها أن تأخذ بالصورة الضوئية كدليل في الدعوى إذا ما اطمأنت إلى صحتها ، وكان الحكم قد خلص في منطق سائغ وتدليل مقبول إلى سابقة وجود إيصال أمانة بقيمة نقدية عزاه الطاعن زوراً إلى المجني عليه ثم استعمله بتقديمه لمحرر محضر الشرطة ، فإن ما يُثيره الطاعن من عدم وجود أصل الإيصال المزور وما ينعاه على المحكمة من التعويل على صورة ضوئية لهذا الإيصال ينحل جميعه إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اقتناع المحكمة بها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما مفاده أن المتهم زور إيصال أمانة ونسبه إلى المجني عليه ثم استعمله بمساعدة آخر حسن النية عن طريق الإبلاغ بموجبه في محضر شرطة ضد المجني عليه سالف الذكر بواقعة غير صحيحة ، وخلص إلى إدانته بجرائم الاشتراك في تزوير محرر رسمي وتزوير محرر عرفي واستعماله والبلاغ الكاذب ، وبعد أن أعمل المادة ٣٢ من قانون العقوبات عاقبه بعقوبة الجريمة الأشد وهي جناية التزوير في محرر رسمي هو محضر الشرطة سالف البيان . لما كان ذلك ، وكانت جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بتغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً بعينه ، لأن هذا التغيير نتج عنه حتماً ضرراً بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور ، وليس من هذا القبيل إبلاغ الشاكي بأقوال تغاير الحقيقة في محاضر جمع الاستدلالات والتحقيق الابتدائي ، لأن مثل هذا البلاغ يُعد خبراً يحتمل الصدق والكذب ولا ينال كذبه من قيمة المحرر وحجيته ما دام أنه لا يُتخذ حجة في إثبات صحة مضمونه ، فإن الإدلاء في محضر الشرطة المشار إليه سلفاً بالواقعة سالفة الذكر المغايرة للحقيقة - موضوع التهمة الأولى - لا تقوم به في حكم القانون جريمة التزوير في محرر رسمي أو الاشتراك فيها وإنما قد تقوم به جريمة البلاغ الكاذب إذا ما توافرت شرائطها ، وإذ كان ذلك ، وكان من المقرر أنه ليس لازماً على محكمة الموضوع أن تتقيد بالوصف القانوني الذي أسبغته النيابة العامة على الواقعة محل الدعوى ، بل من واجبها أن تُمحِّص الواقعة المطروحة بجميع كيوفها وأوصافها وصولاً إلى إنزال حكم القانون صحيحاً عليها وهو ما قصر الحكم فيه ؛ ذلك أنه دان الطاعن بجرائم الاشتراك في تزوير محرر رسمي وتزوير محرر عرفي واستعماله والبلاغ الكاذب وأعمل في حقه أحكام الارتباط وأنزل به عقوبة الجريمة الأولى الأشد – وهي جناية الاشتراك في تزوير محرر رسمي رغم انحسارها عن الأوراق على النحو سالف البيان وقضى عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات ، فإنه يكون قد أخطأ في تأويل القانون وقد جرّه ذلك إلى الخطأ في تطبيقه ، فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة ۳۹/1 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ المستبدلة بالقانون رقم 11 لسنة 2017 أن تصحح محكمة النقض هذا الخطأ وتحكم بمقتضى القانون ، ولما كان الخطأ الذي انبنى عليه الحكم – في هذه الحالة - لا يخضع لأي تقدير موضوعي بعد أن قالت محكمة الموضوع كلمتها من حيث ثبوت إسناد تهمة التزوير في محرر عرفي واستعماله - مادياً - إلى الطاعن هي الجريمة التي خلصت هذه المحكمة – محكمة النقض - إلى عدم قبول ما أثاره الطاعن بشأنها ، فضلاً عن أنها الجريمة ذات العقوبة الأشد مع جريمة البلاغ الكاذب المرتبطة بها والتي دين الطاعن بها ، وأصبح الأمر لا يقتضي سوى تقدير العقوبة المناسبة عن هذه الجريمة ، وهو ما جرى قضاء هذه المحكمة على التعرض له والحكم به دون حاجة إلى نقض الحكم وتحديد جلسة لنظر الموضوع من أجل هذا السبب وحده ، فإن المحكمة – إعمالاً للسلطة المخولة لها وبعد الاطلاع على المواد ۲۱5 ، ۳۰۳ ، ۳۰5 من قانون العقوبات والمادة ٣٢ من القانون ذاته – تصحح الحكم المطعون فيه بمعاقبة الطاعن عن جريمة التزوير في محرر عرفي واستعماله مع علمه بتزويره وذلك بجعل العقوبة السالبة للحرية المقضي بها الحبس مع الشغل لذات المدة المقضي بها بالإضافة إلى عقوبة المصادرة المقضي بها ورفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق