جلسة 19 من يونيو سنة 2023
برئاسة السيـد القاضي/ نبيل أحمد صادق "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ محمد عاطف ثابت، الريدي عدلي، هاني درويش وأمير مبارك "نواب رئيس المحكمة".
---------------
(88)
الطعن رقم 11914 لسنة 88 القضائية
(1 -3) إثبات "طرق الإثبات: الكتابة: الأوراق العرفية: مصدر حجيتها: التوقيع: إنكار التوقيع". تزوير "إجراءات الادعاء بالتزوير: سلوك طريق الادعاء بالتزوير دون تصريح" "الحكم في الادعاء بالتزوير: عدم جواز الحكم بصحة المحرر أو بتزويره وفي الموضوع معًا، من حالات جواز الحكم في الادعاء بالتزوير وفي الموضوع معًا".
(1) مناقشة موضوع المحرر ممن احتج عليه به. مفادها. التسليم بصحة نسبة الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمن يشهد عليه المحرر. أثره. عدم قبول الطعن بالإنكار. م 14/ 3 إثبات.
(2) عدم جواز قضاء المحكمة بصحة المحرر أو رده أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معاً. علة ذلك. م 44 إثبات. استظهار المحكمة عدم جدية الادعاء بالتزوير أو الدفع بالإنكار. أثره. لمحكمة الموضوع الحق في القضاء بصحة العقد وفي الموضوع معًا. مثال.
(3) الادعاء بالتزوير. وجوب التقرير به في قلم الكتاب. عدم سلوك هذا السبيل. أثره. عدم التزام محكمة الموضوع بحث هذا الادعاء. م 49 : 58 إثبات. مثال ذلك.
(4- 7) أوراق تجارية "تقادم: التقادم الصرفي". حكم "عيوب التدليل: الفساد في الاستدلال: ما يعد كذلك" "رقابة محكمة النقض". محكمة الموضوع "سلطة محكمة الموضوع في فهم الواقع وتقدير الأدلة في الدعوى".
(4) فساد الحكم في الاستدلال. ماهيته.
(5) التقادم الصرفي للأوراق التجارية. قرينة على وفاء المدين للدائن بحقه. شرطه.
(6) محكمة الموضوع. سلطتها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والقرائن. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغَا. خضوعها في تكييف هذا الفهم وتطبيق ما ترى من أحكام القانون لرقابة محكمة النقض.
(7) استناد الحكم المطعون فيه في رفض الدفع بالتقادم الصرفي للسند لأمر محل الطعن إلى الدفع بالإنكار والادعاء بالتزوير رغم قضائه سلفًا بعدم قبولهما لمناقشة الطاعن موضوع السند وعدم اتخاذه إجراءات الطعن بالتزوير وما يستتبعه بانعدام أثرهما. فساد وقصور. علة ذلك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- النص في الفقرة الثالثة من المادة ١٤ من قانون الإثبات على أنه "ومن احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه، لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع." يدل وعلى ما أوضحته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون- وما جرى به قضاء محكمة النقض- على أن المناقشة التي يعنيها هذا النص هي التي تفيد التسليم بصحة نسبة الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمن يشهد عليه المحرر.
2- المقرر- في قضاء محكمة النقض - أن النص في المادة 44 من قانون الإثبات قد جرى على أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بصحة المحرر أو رده أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معًا بل يجب أن يكون قضاؤها بذلك سابقًا على الحكم في موضوع الدعوى اعتبارًا بأن يجمع بين هذه الحالات الثلاث هدف واحد هو ألا يحرم الخصم الذي تمسك بالمحرر المقضي بتزويره أو بسقوط الحق في إثبات صحته أو المحكوم بصحته من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى أو يسوق دفاعًا متاحًا جديدًا بأن الادعاء بالتزوير كان مقبولًا ومنتجًا في النزاع، إلا أنه لا مجال لإعمال هذه القاعدة متى استظهرت المحكمة من ظروف الدعوى عدم جدية هذا الدفاع إذ يفتقد في هذه الحالة مقومات وجوده فتنتفي الحكمة التي ترمي إلى الفصل بين الحكم في الادعاء بالتزوير أو الدفع بالإنكار - أو الطعن بالجهالة بحسبانه صورة من صور الدفع بالإنكار- وبين الحكم في الموضوع؛ لما كان ذلك، وكان الثابت أن محكمة الاستئناف المطعون في حكمها انتهت إلى أن تمسك الطاعن بالدفع بالتقادم المُبدى منه بصحيفة الاستئناف سابقًا على طعنه بالإنكار يعد مناقشة منه لموضوع المحرر سند الدعوى وهو ما يحول بينه وبين معاودة التمسك بإنكاره ويعد تسليمًا منه بصحة توقيعه وذلك بأسباب سائغة مما له أصل بالأوراق ولا مخالفة فيها للقانون، وكانت - هذه الأسباب- في حقيقتها بمثابة قضاء منها بعدم قبول الدفع بالإنكار، فلا تثريب عليها إن هي قضت بعدم قبول إنكاره للسند وفي موضوع الدعوى معًا بحكم واحد، فضلًا عن أن نعي الطاعن بعدم تعرضه لموضوع الدعوى أمام محكمة أول درجة لا يصادف محلًا من قضاء الحكم المطعون فيه فيكون النعي برمته على غير أساس.
3- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن المشرع نظم في المواد من ٤٩ حتى ٥٨ من قانون الإثبات طريق الادعاء بالتزوير، وأوجب في المادة ٤٩ منه أن يكون الادعاء بالتزوير بتقرير بقلم الكتاب، كما أوجب على مدعي التزوير أن يسلك في الادعاء بالتزوير الأوضاع المنصوص عليها في تلك المادة وما بعدها من قانون الإثبات حتى ينتج الادعاء بالتزوير أثره القانوني، ومن حق مدعي التزوير اللجوء إليه دون حاجة إلى تصريح من المحكمة، ولا يعتبر ادعاء بالتزوير في معنى المادة 49 سالفة الذكر ما لم يتبع الطريق الذي رسمه القانون، وأن مجرد ادعاء الخصم بأن الورقة مزورة لا يوجب على المحكمة بحث هذا الادعاء، طالما لم يسلك الطريق القانوني للادعاء بالتزوير؛ لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه التفت عن الطعن بالتزوير المُبدى من الطاعن على السند الأمر موضوع التداعي استنادًا لعدم جديته وذلك لعدم سلوك الطاعن الإجراءات المتبعة في الطعن بالتزوير والتي لا تتوقف على تصريح من المحكمة، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
4- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بفساد الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استمدت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها في حكمها بناء على تلك العناصر التي ثبتت لديها.
5- التقادم الصرفي للأوراق التجارية يقوم على قرينة الوفاء وهي أن المدين أوفى للدائن حقه، إلا أن ذلك مشروط بعدم وجود ما يدحض هذه القرينة.
6- إنه ولئن كان لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير ما إذا كان المدين قد صدر منه ما ينقض قرينة الوفاء للدائن بحقه إلا أن ذلك مشروط أيضًا بأن يكون قائمًا على استخلاص سائغ له أصله الثابت بأوراق الدعوى ومستمدًا من واقع يؤدي إليه وهي في ذلك تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون.
7- إذ كانت محكمة النقض قد انتهت سلفًا في معرض ردها على أسباب الطعن إلى صحة قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدفع بالإنكار كون الطاعن قد ناقش موضوع السند لأمر حين تمسك بالدفع بالتقادم باعتباره تعرضًا للموضوع فضلًا عن صحة قضائه أيضًا فيما انتهى إليه من عدم قبول الطعن بالتزوير كون الطاعن لم يتخذ إجراءاته وهو ما من شأنه أن يُعدم أثرهما في الدعوى ويكونا خارج نطاقها وغير قائمين فيها بما لا يكون معه للمحكمة من بعد أن تعود وتستند إليهما في استخلاص ما يدحض قرينة الوفاء باعتبار أن ذلك وبعد القضاء بعدم قبول الدفع بالإنكار والطعن بالتزوير يعد استنادًا إلى واقع خارج نطاق الدعوى، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلي رفض الدفع بالتقادم استنادًا إلى ما استخلصه من أثر الدفع بالإنكار والطعن بالتزوير في دحض قرينة الوفاء رغم انعدام أثرهما في هذا الخصوص كونهما خارج نطاق الدعوى بعد الحكم بعدم قبولهما، فإنه يكون قد أقام قضاءه على ما لا يحمله وهو ما حجبه عن بحث شروط قيام التقادم الصرفي، الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه قد جاء مشوبًا بالفساد في الاستدلال واعتوره القصور في التسبيب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك المطعون ضده - بعد رفض طلبه باستصدار أمر أداء - أقام على الطاعن الدعوى رقم .... لسنة 2017 مدني كلي ٦ أكتوبر الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأداء مبلغ ۲۳۰۰۰۰ جنيه وفائدة ١٣٪ سنويًا، على سند من أنه يداينه بهذا المبلغ بموجب سند لأمر مستحق السداد في 30/11/2009 إلا أنه امتنع عن سداده رغم إنذاره. بتاريخ 30/9/2017 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بالمبلغ المطالب به وفوائده الاتفاقية التأخيرية وفقًا للسعر الذي يتعامل به البنك المركزي فيما لا يجاوز ١٣٪ سنويًا من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 30/11/2009 حتى السداد. استأنف الطاعن هذا الحكم برقم .... لسنة 134 ق لدى محكمة استئناف القاهرة مأمورية الجيزة، وفيه قضت بتاريخ 14/4/2018 بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة المشورة - فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، حاصل النعي بالثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن محكمة الاستئناف قضت بعدم قبول طعنه بالإنكار على السند لأمر موضوع التداعي دون تحقيقه استنادًا لمناقشته موضوع المحرر، على الرغم من إيراد الحكم المستأنف بمدوناته عدم تعرضه لموضوع الدعوى، فضلًا عن أنها فصلت في الادعاء بالإنكار وموضوع الدعوى معًا دون أن تحيل الدعوى لنظر موضوعها كيما تتيح له فرصة إبداء دفاعه ودفوعه مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك أنه لما كان النص في الفقرة الثالثة من المادة ١٤ من قانون الإثبات على أنه "ومن احتج عليه بمحرر عرفي وناقش موضوعه، لا يقبل منه إنكار الخط أو الإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع." يدل وعلى ما أوضحته المذكرة الإيضاحية لهذا القانون- وما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المناقشة التي يعنيها هذا النص هي التي تفيد التسليم بصحة نسبة الخط أو الإمضاء أو الختم أو البصمة لمن يشهد عليه المحرر، وكان المقرر- وفقًا لصريح نص المادة 44 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أنه لا يجوز للمحكمة أن تقضي بصحة المحرر أو رده أو بسقوط الحق في إثبات صحته وفي الموضوع معًا بل يجب أن يكون قضاؤها بذلك سابقًا على الحكم في موضوع الدعوى اعتبارًا بأن يجمع بين هذه الحالات الثلاث هدف واحد هو ألا يحرم الخصم الذي تمسك بالمحرر المقضي بتزويره أو بسقوط الحق في إثبات صحته أو المحكوم بصحته من أن يقدم ما عسى أن يكون لديه من أدلة قانونية أخرى أو يسوق دفاعًا متاحًا جديدًا بأن الادعاء بالتزوير كان مقبولًا ومنتجًا في النزاع، إلا أنه لا مجال لإعمال هذه القاعدة متى استظهرت المحكمة من ظروف الدعوى عدم جدية هذا الدفاع إذ يفتقد في هذه الحالة مقومات وجوده فتنتفي الحكمة التي ترمي إلى الفصل بين الحكم في الادعاء بالتزوير أو الدفع بالإنكار - أو الطعن بالجهالة بحسبانه صورة من صور الدفع بالإنكار- وبين الحكم في الموضوع؛ لما كان ذلك، وكانت محكمة الاستئناف المطعون في حكمها قد انتهت إلى أن تمسك الطاعن بالدفع بالتقادم المُبدى منه بصحيفة الاستئناف سابقًا على طعنه بالإنكار يعد مناقشة منه لموضوع المحرر سند الدعوى وهو ما يحول بينه وبين معاودة التمسك بإنكاره ويعد تسليمًا منه بصحة توقيعه وذلك بأسباب سائغة مما له أصل بالأوراق ولا مخالفة فيها للقانون، وكانت - هذه الأسباب - في حقيقتها بمثابة قضاء منها بعدم قبول الدفع بالإنكار، فلا تثريب عليها إن هي قضت بعدم قبول إنكاره للسند وفي موضوع الدعوى معًا بحكم واحد، فضلًا عن أن نعي الطاعن بعدم تعرضه لموضوع الدعوى أمام محكمة أول درجة لا يصادف محلًا من قضاء الحكم المطعون فيه فيكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه إخلاله بحق الدفاع إذ تمسك الطاعن بصحيفة الاستئناف بالطعن بالتزوير على السند لأمر موضوع التداعي إلا أن محكمة الاستئناف لم تمكنه من اتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير وإعلان شواهده، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن المشرع نظم في المواد من ٤٩ حتى ٥٨ من قانون الإثبات طريق الادعاء بالتزوير، وأوجب في المادة ٤٩ منه أن يكون الادعاء بالتزوير بتقرير بقلم الكتاب، كما أوجب على مدعي التزوير أن يسلك في الادعاء بالتزوير الأوضاع المنصوص عليها في تلك المادة وما بعدها من قانون الإثبات حتى ينتج الادعاء بالتزوير أثره القانوني، ومن حق مدعي التزوير اللجوء إليه دون حاجة إلى تصريح من المحكمة، ولا يعتبر ادعاء بالتزوير في معنى المادة 49 سالفة الذكر ما لم يتبع الطريق الذي رسمه القانون، وأن مجرد ادعاء الخصم بأن الورقة مزورة لا يوجب على المحكمة بحث هذا الادعاء، طالما لم يسلك الطريق القانوني للادعاء بالتزوير؛ لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه التفت عن الطعن بالتزوير المُبدى من الطاعن على السند الأمر موضوع التداعي استنادًا لعدم جديته وذلك لعدم سلوك الطاعن الإجراءات المتبعة في الطعن بالتزوير والتي لا تتوقف على تصريح من المحكمة، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، إذ رفض الدفع بتقادم الدعوى الناشئة عن السند لأمر موضوع التداعي المستند للمادة 465/1 من قانون التجارة تأسيسًا على أن تمسك الطاعن بالطعن عليه بالإنكار والادعاء بتزويره يعد إقرارًا منه بعدم السداد يدحض قرينة الوفاء عماد التقادم الصرفي، في حين أنه لا يدحض تلك القرينة سوى الإقرار الثابت بورقة رسمية أو الإقرار القضائي الثابت بمحاضر جلسات المحكمة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد؛ ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة – أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة بفساد الاستدلال إذا انطوت على عيب يمس سلامة الاستنباط ويتحقق ذلك إذا استمدت المحكمة في اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية التي تثبت لديها أو وقع تناقض بين هذه العناصر كما في حالة عدم اللزوم المنطقي للنتيجة التي انتهت إليها في حكمها بناءً على تلك العناصر التي ثبتت لديها، كما أن التقادم الصرفي للأوراق التجارية يقوم على قرينة الوفاء وهي أن المدين أوفى للدائن حقه، إلا أن ذلك مشروط بعدم وجود ما يدحض هذه القرينة، وأنه ولئن كان لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وتقدير ما إذا كان المدين قد صدر منه ما ينقض تلك القرينة إلا أن ذلك مشروط أيضًا بأن يكون قائمًا على استخلاص سائغ له أصله الثابت بأوراق الدعوى ومستمدًا من واقع يؤدي إليه وهي في ذلك تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وفي تطبيق ما ينبغي من أحكام القانون. لما كان ذلك، وكانت هذه المحكمة قد انتهت سلفًا في معرض ردها على أسباب الطعن إلى صحة قضاء الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدفع بالإنكار كون الطاعن قد ناقش موضوع السند لأمر حين تمسك بالدفع بالتقادم باعتباره تعرضًا للموضوع فضلًا عن صحة قضائه أيضًا فيما انتهى إليه من عدم قبول الطعن بالتزوير كون الطاعن لم يتخذ إجراءاته وهو ما من شأنه أن يُعدم أثرهما في الدعوى ويكونا خارج نطاقها وغير قائمين فيها، بما لا يكون معه للمحكمة من بعد أن تعود وتستند إليهما في استخلاص ما يدحض قرينة الوفاء باعتبار أن ذلك وبعد القضاء بعدم قبول الدفع بالإنكار والطعن بالتزوير يعد استنادًا إلى واقع خارج نطاق الدعوى، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الدفع بالتقادم استنادًا إلى ما استخلصه من أثر الدفع بالإنكار والطعن بالتزوير في دحض قرينة الوفاء رغم انعدام أثرهما في هذا الخصوص كونهما خارج نطاق الدعوى بعد الحكم بعدم قبولهما، فإنه يكون قد أقام قضاءه على ما لا يحمله وهو ما حجبه عن بحث شروط قيام التقادم الصرفي، الأمر الذي يكون معه الحكم المطعون فيه قد جاء مشوبًا بالفساد في الاستدلال واعتوره القصور في التسبيب بما يوجب نقضه في هذا الخصوص، على أن يكون مع النقض الإحالة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق