جلسة 11 من ديسمبر سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد مجدي محمد خليل هارون - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: عويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وأسامة محمود عبد العزيز محرم وعطية عماد الدين نجم - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(27)
الطعن رقم 3148 لسنة 35 قضائية عليا
الهيئة المصرية العامة للطيران المدني - عاملون بالإدارات القانونية - مدى جواز الجمع بين بدل التفرغ وبين أي بدل طبيعة عمل آخر.
المادة 29 من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها، المادة 26 من لائحة شئون العاملين بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني الصادرة بالقرار رقم 9 لسنة 1981، المادتان 1، 2 من القرار رقم 293 بتاريخ 9/ 7/ 1981 بشأن تنظيم منح بدل طبيعة العمل مقابل ظروف ومخاطر الوظيفة.
بدل طبيعة العمل المنصوص عليه في لائحة شئون العاملين بالهيئة إنما منح لجميع العاملين بها - سبب تقرير هذا البدل هو تعرضهم لمخاطر مختلفة منها الإشعاعات والعمل في ضوء شديد تارة وخافت تارة أخرى وفي ظروف العوامل الجوية المتقلبة ومخاطر أخرى تختلف من مجموعة وظيفية إلى أخرى الأمر الذي ترتب عليه اختلاف نسبة البدل المقرر - استبعد من استحقاق هذا البدل أعضاء الإدارة القانونية بسبب معاملتهم بقانون الإدارات القانونية الذي منحهم بدل تفرغ - استبعادهم لم يتم لعدم تعرضهم للمخاطر التي يتعرض لها جميع العاملين بالهيئة - المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم دستورية القاعدة الثالثة الملحقة بجدول مرتبات الوظائف الفنية بالإدارات القانونية المرفق بقانون الإدارات القانونية فيما تضمنته من النص على عدم جواز الجمع بين بدل التفرغ وبدل التمثيل أو أي بدل طبيعة عمل آخر - أثر ذلك - يحق لأعضاء الإدارة القانونية الجمع بين بدل التفرغ المقرر لأعضاء الإدارات القانونية وبين بدل طبيعة العمل المنصوص عليه في لائحة العاملين بالهيئة - تطبيق.
إجراءات الطعن
بتاريخ 21/ 6/ 1989 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن الطاعن بصفته سكرتارية المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 3148/ 35 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة التسويات) بجلسة 24/ 4/ 1989 في الدعوى رقم 2543/ 41 ق والمقامة من المطعون ضده ضد الطاعن والقاضي (بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف بدل المخاطر المنصوص عليه في لائحة العاملين بالهيئة المدعى عليها بنسبة 30% من بداية الربط وذلك اعتباراً من 1/ 7/ 1981 مع ما يترتب على ذلك من آثار ومع مراعاة أحكام التقادم الخمسي، وألزمت الهيئة المدعى عليها بالمصروفات).
طلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة، وبقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وقد أعلن الطعن قانوناً إلى المطعون ضده، وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي قررت بجلسة 27/ 10/ 1997 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 22/ 11/ 1997 حيث تدول الطعن بالجلسات على النحو المثبت بالمحضر إلى أن تقرر حجزه للحكم بجلسة اليوم حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن المدعي (المطعون ضده) أقام الدعوى رقم 2543/ 41 ق أمام محكمة القضاء الإداري بإيداع عريضتها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 25/ 2/ 1987 طالباً في ختامها الحكم بقبولها شكلاً، وفي الموضوع الحكم بأحقيته في صرف بدل مقابل مخاطر الوظيفة بواقع 30% من بداية ربط الدرجة المالية اعتباراً من 1/ 7/ 1981 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال المدعي شرحاً لدعواه إنه صدر القرار رقم 9/ 1981 بلائحة نظام العاملين بالهيئة ونصت المادة (26) منها على منح العاملين بالهيئة بدل طبيعة عمل مقابل ظروف ومخاطر الوظيفة بنسب متدرجة حسب درجة التعرض للمخاطر بحد أقصى 40% من بداية الربط بالنسبة لبعض الوظائف وتنفيذاً لذلك صدر القرار رقم 293/ 1987 بمنح هذا البدل بنسب مختلفة حسب طبيعة الوظائف وقد شمل هذا القرار جميع العاملين بالهيئة عدا المحامين أعضاء الإدارة العامة للشئون القانونية بحجة أن القانون رقم 47/ 1973 قد حظر الجمع بين بدل التفرغ المقرر بموجبه وبين بدل طبيعة العمل (المخاطر) المقرر في الهيئة.
وأضاف المدعي بأن هذا البدل ليس بدل طبيعة عمل وإنما هو مقابل ظروف ومخاطر الوظيفة ونطاق استحقاقه لا يقتصر على نوعيات مختلفة من الوظائف وأن سبب صرفه يرتبط بمكان العمل وليس طبيعة العمل ومن ثم يخرج هذا البدل من نطاق عدم جواز الجمع بينه وبين بدل التفرغ المقرر للقانونيين ولذلك أقام دعواه بطلباته المتقدمة.
وبجلسة 24/ 4/ 1989 صدر الحكم المطعون فيه وشيدت المحكمة قضاءها على أساس أن البدل المنصوص عليه في لائحة العاملين بالهيئة المدعى عليها يختلف في طبيعته تماماً عن بدل طبيعة العمل المقررة بالقانون رقم 47 لسنة 1973 فهو في حقيقته ليس بدل طبيعة عمل وإنما هو بدل مخاطر وفقاً لظروف وأسباب تقريره، وأن القرار وإن أطلق عليه بدل طبيعة عمل فهو ليس كذلك في حقيقته وجوهره لأنه لم يتقرر بصفة موضوعية لوظيفة معينة طبقاً لظروفها وطبيعتها وإنما تقرر للعديد من الوظائف المتنافرة التي لا يوجد بينها تجانس أو ارتباط وأنه تقرر بسبب المخاطر التي يتعرض لها شاغلو تلك الوظائف في مكان مباشرة أعمال وواجبات وظيفتهم، ومن ثم فإن تعميم هذا البدل يدل دلالة واضحة على أنه ليس في حقيقته بدل طبيعة عمل، وإنما هو بدل مخاطر وبالتالي يستحق لجميع العاملين بالهيئة المدعى عليها ومن بينهم المدعي باعتباره عاملاً في الإدارة القانونية وأن استبعاده من عداد المستحقين لهذا البدل نشأ عن خطأ في التكييف القانوني لطبيعة هذا البدل واعتباره بدل طبيعة عمل بحسب المسمى الذي أطلق عليه وهو في حقيقته ليس كذلك، إنما هو بدل مخاطر يستحق للمدعي بسبب أدائه واجبات وظيفته في ذات الظروف الزمنية والمكانية التي يؤدي فيها العاملون بالهيئة وظائفهم ومن ثم يستحق المدعي هذا البدل أسوة بزملائه كما لا يسري حظر الجمع الوارد في القانون رقم 47/ 1973 في شأن بدل المخاطر وبالتالي فإنه يجوز للمدعي الجمع بين بدل المخاطر المقرر في اللائحة المشار إليها وبدل التفرغ المقرر بالقانون رقم 47/ 73 المشار إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أن الحكم المطعون فيه فرق بين بدل طبيعة العمل وبدل المخاطر واعتبر أن جميع العاملين بالهيئة الطاعنة يتعرضون لذات المخاطر بما فيهم المحامين، بينما الصحيح والواقع أن المحامين يباشرون أعمالهم داخل مكاتبهم بمقر الهيئة، بينما باقي العاملين يقومون بأعمالهم ميدانياً بأرض المطار ويتعرضون للمخاطر التي تقرر لها هذا البدل، بالإضافة إلى أن المادة (29/ 3) من القانون 47/ 1973 بشأن الإدارات القانونية قد حظر على أعضاء الإدارات القانونية الجمع بين بدل التفرغ المقرر بنسبة 30% وبين بدل التمثيل أو بدل طبيعة عمل آخر، فالنص واضح وصريح ولا اجتهاد مع صراحة النص، كما أن المدعي كان بإجازة خاصة بدون مرتب من 16/ 7/ 1976 حتى 30/ 7/ 1986 ومن ثم فإنه ولو بفرض أن المحامين يستحقون هذا البدل فإن المدعي لا يستحقه لأنه كان في إجازة خاصة والأجر والبدلات مقابل العمل والمدعي غير قائم بالعمل في الفترة المطلوب عنها صرف هذا البدل، وانتهى الطاعن إلى طلباته سالفة البيان.
ومن حيث إن المادة (29/ 3) من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية بالمؤسسات العامة والهيئات العامة والوحدات التابعة لها تنص على أن (لا يجوز الجمع بين بدل التفرغ المقرر بمقتضى هذا القانون وبدل التمثيل أو أي بدل طبيعة عمل آخر).
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 5 يوليو سنة 1999 في القضية رقم 213/ 19 قضائية دستورية بأن (البدل الذي يعطى للعامل سواء كان عوضاً عن نفقات يتكبدها في سبيل تنفيذه لعمله أو عن طاقة بذلها أو مخاطر معينة لها في أدائه لها، أو مقابل ما اقتضته وظيفته من تفرغه للقيام بأعبائها أو غيرها إذ ينبثق عن علاقة العمل ويتصل بظروف أدائه ويستحق بمناسبة تنفيذه، فإنه بذلك يصطحب الحماية المكفولة للأجر، فإذا توافرت في العامل شروط استحقاق البدل - أياً كان مسماه - أو واجه الظروف والمخاطر التي دعت إلى تقريره فنشأ له الحق في استئدائه بما لا يجوز معه أن يهدر المشرع حق العامل فيه لمجرد قيام حقه في بدل آخر غيره، ذلك أنه متى تغايرت البدلات - بحسب شروط وظروف كل منه - وتباينت أسباب استحقاقها - فإن اجتماع الحقوق فيها - بعد أن استجمع مستحقوها عناصر نشوئها يتعين أن يكون مشمولاً بالحماية الدستورية المقررة للأجر طبقاً لما تقدم، ولما كان ذلك وكان النص الطعين قد حرم المشمولين بحكمه من بدل التمثيل أو أي بدل طبيعة عمل آخر - الذين توافرت في شأنهم الشروط والمخاطر التي أوجبت تقريرها - بسبب بدل التفرغ الذي تقرر لهم وعلى الرغم من أن لكل من هذه البدلات ذاتية تفصله عن غيره وأنها جميعاً ترتبط بعلاقة العمل وتندرج ضمن ملحقات الأجر المقرر له فإن النص المطعون فيه يكون مخلاً بذلك بأحكام المادة (13) من الدستور.
وانتهت المحكمة إلى عدم دستورية القاعدة الثالثة الملحقة بجدول مرتبات الوظائف الفنية بالإدارات القانونية المرفق بالقانون رقم 47 لسنة 1973 فيما نصت عليه من أنه (لا يجوز الجمع بين بدل التفرغ المقرر بمقتضى هذا القانون وبدل التمثيل أو أي بدل طبيعة عمل آخر).
ومن حيث إن المادة (26) من لائحة شئون العاملين بالهيئة المصرية العامة للطيران المدني الصادرة بالقرار رقم 9 لسنة 1981 تنص على أن: يمنح العاملون بالهيئة من شاغلي الوظائف الهندسية وتأمين سلامة الطيران - الزراعيين والفنيين والحرفيين - التي يحددها مجلس الإدارة بدل طبيعة عمل مقابل ظروف ومخاطر الوظيفة بنسب متدرجة حسب درجة تعرضها للظروف والمخاطر الموجبة لتقرير البدل بحد أقصى 40% من بداية الربط.
كما يمنح شاغلو الوظائف الأخرى التي يحددها مجلس الإدارة هذا البدل بنسب متدرجة حسب درجة تعرضها للظروف والمخاطر الموجبة لتقرير البد بحد أقصى 30% من بداية الربط.
ومن حيث إنه بناء على ذلك صدر القرار رقم 293 بتاريخ 9/ 7/ 1981 بشأن تنظيم منح بدل طبيعة العمل مقابل ظروف ومخاطر الوظيفة ونصت المادة الأولى منه على أن (يمنح بدل طبيعة عمل قدره 40% من بداية ربط الفئة الوظيفية لشاغلي الوظائف التخصصية والفنية لتأمين سلامة الطيران (المراقبة الجوية وحركة اللاسلكي) والوظائف الهندسية بمختلف تخصصاتها بما فيها الهندسة الزراعية وكذلك شاغلي الوظائف الحرفية.
كما نصت المادة الثانية منه على أن (يمنح بدل طبيعة عمل قدره 30% من بداية ربط الفئة الوظيفية لشاغلي وظائف الإدارة العليا ووظائف التمويل والمحاسبة والتنمية الإدارية والأمن والوظائف المكتبية ووظائف الخدمة المعاونة).
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن البدل المنصوص عليه في لائحة شئون العاملين بالهيئة إنما منح للعاملين بالهيئة في المجموعات الوظيفية المختلفة ابتداء من الخدمات المعاونة والمكتبية والأمن والتنمية الإدارية والتمويل والمحاسبة والتجارة ووظائف الإدارة العليا أي شمل جميع العاملين بالهيئة. وأن سبب تقرير هذا البدل هو تعرضهم لمخاطر مختلفة منها الإشعاعات والعمل في ضوء شديد تارة وخافت تارة أخرى وفي ظروف العوامل الجوية المتقلبة ومخاطر أخرى تختلف من مجموعة وظيفية إلى أخرى، الأمر الذي ترتب عليه اختلاف نسبة البدل المقرر، وعرضت المذكرة الرئيسية في هذا الشأن على مجلس الإدارة بتاريخ 23/ 4/ 1982. ولم يستبعد من استحقاق البدل سوى أعضاء الإدارة القانونية بسبب معاملتهم بالقانون رقم 47/ 1973 الذي منحهم بدل تفرغ بمعنى أن استبعادهم لم يتم لعدم تعرضهم للمخاطر التي يتعرض لها جميع العاملين بالهيئة، وقد تأكد ذلك في مذكرة بتاريخ 15/ 1/ 1984 توضح أنهم يعملون بمقر الهيئة الرئيسي بمبنى المطار مع بقية العاملين بالهيئة، أي أن الثابت أنهم يتعرضون لذات المخاطر التي يتعرض لها باقي العاملين في الهيئة وقد قرر مجلس الإدارة منح البدل لجميع العاملين بالهيئة عدا العاملين بالإدارة القانونية استناداً للقانون رقم 47/ 1973 الذي لا يجيز الجمع بين بدل التفرغ وبين أي بدل طبيعة عمل آخر.
ومن حيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بعدم دستورية القاعدة الثالثة الملحقة بجدول مرتبات الوظائف الفنية بالإدارات القانونية المرفق بالقانون رقم 47/ 1973 فيما نصت عليه من أنه (لا يجوز الجمع بين بدل التفرغ المقرر بمقتضى هذا القانون وبدل التمثيل أو أي بدل طبيعة عمل آخر) ومن ثم يكون حظر الجمع بين بدل التفرغ وبين أي بدل طبيعة عمل آخر قد زال بأثر رجعي ويعتبر النص المانع كأن لم يصدر أصلاً ومن ثم يكون المطعون ضده على حق في الجمع بين بدل التفرغ المقرر لأعضاء الإدارات القانونية وبين بدل طبيعة العمل المنصوص عليه في لائحة شئون العاملين بالهيئة وذلك بنسبة 30% من بداية الربط ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خلص إلى قضاء سديد في النتيجة التي انتهى إليها لا لأسبابه بل محمولاً على أسباب هذا الحكم، وعليه يكون الطعن على غير سند خليقاً بالرفض مع إلزام الهيئة الطاعنة المصروفات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وألزمت الهيئة الطاعنة المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق