جلسة 21 من يناير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار حسن علي المغربي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: شرف الدين خيري، وفوزي المملوك، وفوزي أسعد، وهاشم قراعة.
------------
(23)
الطعن رقم 585 لسنة 49 القضائية
(1 ، 2) تفتيش "إذن التفتيش. تنفيذه". دفوع. "الدفع ببطلان التفتيش". مأمورو الضبط القضائي. "اختصاصهم". رشوة. مواد مخدرة.
(1) الاستمرار في تفتيش متهم برشوة مأذون بتفتيشه. بعد ضبط مبلغ الرشوة معه. بحثاً عن أدلة أو أشياء أخرى متعلقة بجريمة الرشوة. حق لمأمور الضبط القضائي.
ضبط ما يكشفه عرضاً أثناء ذلك من جرائم. صحيح. أساس ذلك.
(2) تقدير القصد من التفتيش. موضوعي.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز جوهرين مخدرين (حشيشاً وأفيوناً) وكان ذلك بقصد التعاطي دون أن يكون مرخصاً له بذلك بموجب تذكرة طبية طبقاً لأحكام القانون. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، فقرر ذلك. ومحكمة جنايات الإسكندرية قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و36 و37 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبندين رقمي 1، 12 من الجدول الملحق بالقانون الأول و17 و55 و56 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المادة المخدرة المضبوطة وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبتي الحبس والغرامة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الحكم، وذلك بوصف أن إحراز الجوهرين المخدرين كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان التفتيش لعدم وجود ما يبرر التمادي فيه بعد ضبط مبلغ الرشوة معه بيد أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يصلح رداً عليه مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله: "إنها تتحصل في أن الرائد...... رئيس وحدة مباحث سكك حديد الإسكندرية تلقى من..... شكوى بأن أحد عمال مصلحة التليفونات تقاضى منه رشوة كي يركب له آلة تليفون بمحله وأن شخصين تقدما إليه بوصفهما من رجال مباحث التليفونات تقاضيا منه مبلغاً من النقود لذات الغرض وأنهما بسبيلهما لتقاضي مبالغ رشوة أخرى فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبط هؤلاء وجريمة الرشوة متلبس بها وبعد اتخاذ إجراءات التسمع لما دار بين المتهم....... (الطاعن) وبين المبلغ من حديث يدور حول واقعة الرشوة تقدم إلى محل الشاكي كل من المقدم...... والمقدم....... حيث وجدا المتهم جالساً هناك فقاما بضبطه وأجرى المقدم....... تفتيشه وأسفر ذلك عن العثور بجيب سترته الأيسر على مبلغ عشرة جنيهات موضوع جريمة الرشوة - كما عثر أيضاً على لفافة من الورق الأبيض وجدها تنطوي على لفافة سلوفانية بداخلها قطعة حشيش كما عثر أيضاً بجيب بنطلونه الأيسر على علبة من البلاستيك بداخلها قطعة أفيون". وأقام الحكم على ثبوت الواقعة لديه - على هذه الصورة - في حق الطاعن أدلة سائغة مستمدة من أقوال الضابط الذي ضبط الواقعة وشهودها ومما جاء بتقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن وما أثاره من دفع ببطلان التفتيش ورد عليه بقوله بأن "الثابت أن الضابط وهو يجري تفتيش ملابس المتهم لضبط المبلغ المتحصل من تهمة الرشوة المنسوبة إليه قد عثر عرضاً ودون سعي من جانبه على ورقة بيضاء ولا شك أن مقتضيات إجراءات ضبط جناية الرشوة والبحث عن أدلتها كان يقتضي منه أن يقض تلك الورقة حتى يتبين بيانات بها تتصل بالواقعة التي يبحث عنها فإذا ما عثر بها على المخدر قامت في حق المتهم حالة التلبس التي تبيح له أن يفتش باقي ملابس المتهم وقد أسفر ما أتاه الضابط إثر ذلك عن العثور على علبة البلاستيك التي عثر بداخلها على قطعة الأفيون وهو إجراء لا شك لم يتعد به الضابط نطاق الأمر بالتفتيش الممنوح له...... ومتى كان ذلك يتعين إطراح دفع المتهم ببطلان التفتيش وما أسفر عنه". وما أورده الحكم من ذلك صحيح في القانون وكاف للرد على الدفع المبدى من الطاعن، ذلك أن المادة 50 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "لا يجوز التفتيش إلا للبحث عن الأشياء الخاصة بالجريمة الجاري جمع الاستدلالات أو حصول التحقيق بشأنها ومع ذلك إذا ظهر عرضاً أثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو تفيد في كشف الحقيقة في جريمة أخرى جاز لمأمور الضبط أن يضبطها". ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الورقة البيضاء التي كانت بداخلها لفافة المخدر قد ضبطت مع الطاعن عرضاً أثناء تفتيش جيب سترته الأيسر نفاذاً للإذن الصادر بذلك بحثاً عن الأشياء الخاصة بجريمة الرشوة المأذون بالتفتيش من أجلها فإن مأمور الضبط القضائي يكون حيال جريمة متلبس بها ويكون من واجبه ضبط ما كشف عنه هذا التفتيش فإذا كانت قد اطمأنت إلى أن ضبط المخدر لدى الطاعن وقع أثناء التفتيش عن مبلغ الرشوة ولم يكن نتيجة سعي رجل الضبط القضائي للبحث عن جريمة إحراز المخدر وأن أمر ضبطه كان عرضاً ونتيجة لما يقتضيه أمر البحث عن مبلغ الرشوة ذلك أن ضبط النقود على الصورة التي تم بها لا يستلزم حتماً الاكتفاء بهذا القدر من التفتيش لما عسى أن يراه مأمور الضبط من ضرورة استكمال تفتيش المتهم بعد ضبط مبلغ الرشوة بحثاً عن أدلة أو أشياء أخرى متعلقة بجريمة الرشوة المأذون بالتفتيش من أجلها. لما كان ذلك، وكان تقدير القصد من التفتيش أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها ما دام سائغاً ولها أن تستشفه من ظروف الدعوى وقرائن الأحوال فيها دون معقب فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل إذ هو لا يعدو جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق