جلسة 23 من يناير سنة 1980
برئاسة السيد المستشار محمد عبد الواحد الديب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور أحمد رفعت خفاجي، ومحمد أحمد حمدي، وراغب عبد القادر عبد الظاهر، ومحمد ممدوح سالم.
---------------
(24)
الطعن رقم 1455 لسنة 49 القضائية
مسئولية مدنية. قتل خطأ. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى مدنية.
خضوع الدعوى المدنية لأحكام قوانين الحكم المحلي أرقام 124 لسنة 1960 و57 لسنة 1971 و52 لسنة 1975. ما دام قد فصل فيها استئنافياً في ظلها وقبل العمل بالقانون رقم 43 لسنة 1979. مسئولية وزير التربية والتعليم مدنياً عن جريمة القتل الخطأ التي يرتكبها مدرس بمدرسة أميرية أثناء تأديته وظيفته وبسببها. أساس ذلك؟
مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشروع. قيامها بتوافر السلطة الفعلية في الرقابة والتوجيه. توزيع هذه السلطة بين أكثر من جهة. أثره. تضامنها جميعها في المسئولية. المادة 174 مدني.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المتهم بأنه تسبب خطأ في موت...... وكان ذلك ناشئاً عن رعونته وعدم احترازه بأن كلف المجني عليه وآخرين من الصبية بصفته مدرسهم عقاباً لهم جزاء تأخرهم عن مواعيد المدرسة وعدم التزامهم بها بأن يحملوا جسماً ثقيلاً لا يقوى على حمله إلا بصعوبة بالغة (جزع نخلة) فاختل توازنه أثناء حمله وسقط المجني عليه وأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وطلبت عقابه بالمادة 238 من قانون العقوبات وادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية 10000 ج على سبيل التعويض، ومحكمة جنح حلوان الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ وألزمته متضامناً مع المسئول عن الحقوق المدنية بأن يدفعا للمدعي بالحق المدني مبلغ 1000 جنيه (ألف جنيه)، فاستأنف كل من المدعي المدني والمتهم والمسئول بالحقوق المدنية، ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئنافات الثلاثة شكلاً وفي موضوع الدعوى الجنائية بتعديل الحكم المستأنف وتغريم المتهم خمسين جنيهاً، وفي الدعوى المدنية بتعديل الحكم المستأنف. بإلزام المتهم والمسئول عن الحقوق المدنية أن يدفعا إلى المدعي بالحق المدني مبلغ ثلاثة آلاف جنيه بالتضامن بينهما، فطعن الأستاذ....... محامي الحكومة عن وزير التربية والتعليم - بصفته المسئول عن الحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن - المسئول عن الحقوق المدنية - ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإلزامه متضامناً مع المحكوم عليه بجريمة القتل الخطأ - بالتعويض، قد شابه خطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه دفع بانتفاء علاقة التبعية بينه وبين المحكوم عليه بحلول محافظ القاهرة محله في ذلك في تطبيق نظام الإدارة المحلية الذي تقرر بالقانون رقم 124 لسنة 1960 - وقوانين نظام الحكم المحلي المتعاقبة التالية له - والتي نقلت اختصاصات وزير التربية والتعليم إلى المحافظين كل في دائرة محافظته، غير أن الحكم المطعون فيه قد رفض هذا الدفع وأقام قضاءه على استمرار قيام علاقة التبعية بينه وبين المحكوم عليه في ظل هذه القوانين الأمر الذي يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن نظام الإدارة المحلية الذي تقرر بالقانون رقم 124 لسنة 1960 وإن كان قد نص في مادته الأولى على منح الشخصية المعنوية لكل وحدة من الوحدات الإدارية المحلية (المحافظات والمدن والقرى) كما نص في مادته الثانية على أن كل وحدة من هذه الوحدات يمثلها مجلسها ونص في مواد أخرى متفرقة من القانون واللائحة التنفيذية على اختصاصات واسعة للمجالس المحلية، إلا أنه لم يرتب على تقرير الشخصية المعنوية لهذه الوحدات نتائجه الطبيعية من حيث تقرير استقلال كل وحدة من هذه الوحدات الإدارية عن السلطة المركزية وتخويلها حق مباشرة الاختصاصات التي تقررت لها بإدارتها دون الخضوع في ذلك لأوامر وتعليمات السلطة المركزية إنما ألزم المجالس التي تمثل هذه الأشخاص بوجوب العمل في مباشرة اختصاصاتها وفقاً لتعليمات الوزارات المختلفة وتوجيهاتها، فقد نصت المادة 62 منه على أن تتولى كل وزارة بالنسبة إلى شئون المرفق المعنية به إصدار القرارات والتعليمات لتنفيذ السياسة العامة للدولة، كما تتولى متابعة تنفيذ أعمال المجالس ولها في ذلك أن تبلغها ما تراه من إرشادات وتوجيهات تؤدي إلى حسن قيامها بنصيبها من هذا المرفق "وأفصحت المادة 28 من اللائحة التنفيذية للقانون عن نفس المعنى بقولها" تباشر المجالس المحلية اختصاصاتها في نطاق السياسة العامة للدولة ووفقاً لتوجيهات الوزارات ذات الشأن."، ولم يرد بنظام الحكم المحلي الذي صدر به القانون رقم 57 لسنة 1971 ما يتعارض مع هذه القواعد فاستمر العمل بها في ظله بنص المادة 56 منه الذي يقضي بأن "تلغى من نصوص القانون 124 لسنة 1960 ما يتعارض مع أحكام هذا القانون ويستمر العمل باللوائح الصادرة وفقاً للأحكام القانون المذكور إلى أن تلغى أو تعدل أو تستبدل بها غيرها."، وقد انتهج قانون نظام الحكم المحلي رقم 52 لسنة 1975 الذي ألغى القانونين رقمي 124 لسنة 1960، 75 لسنة 1971 ذات النهج فنص في المادة 135 منه على حق كل وزير في الإشراف والرقابة على أعمال مديريات الخدمات والمرافق العامة بالوحدات المحلية في المجالات الداخلة في اختصاصه ويباشر الوزير حقه في هذا الشأن على الوجه التالي: ( أ ) إصدار القرارات والتعليمات اللازمة لتنفيذ السياسة العامة للدولة ومتابعة تنفيذ أعمال الوحدات المحلية في هذا الشأن وللوزير في سبيل ذلك إبلاغ الوحدات المالية ما يراه من إرشادات وتوجيهات تؤدي إلى حسن سير الخدمات في المرافق المشار إليها.....". لما كان ذلك وكانت الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه ترددت أمام درجتي التقاضي خلال سريان القوانين سالفة الذكر وحكم فيها قبل صدور قانون الحكم المحلي الجديد رقم 43 لسنة 1979 فتظل خاضعة للقواعد المشار إليها والتي أبقت للوزير سلطة الإشراف والرقابة على أعمال مديريات الخدمات والمرافق العامة بالوحدات المحلية في المجالات الداخلة في اختصاصه هذا إلى أنه لما كانت مسئولية المتبوع عن الضرر الذي يحدثه تابعه بعمله غير المشرع تقوم - حسبما تقضي به المادة 174 من التقنين المدني - بتوافر السلطة الفعلية في الرقابة والتوجيه حتى لو كانت هذه السلطة موزعة بين أكثر من جهة تعتبر كلها مسئولة عن عمله بالتضامن فيما بينها، وكانت جريمة القتل الخطأ التي دين بها المحكوم عليه قد وقعت أثناء تأديته لإعمال وظيفته وبسببها كمدرس بمدرسة ابتدائية أميرية وتخضع لسلطة فعلية في الرقابة والتوجيه لوزارة التربية والتعليم التي يمثلها الطاعن فإن الدفع المبدى من الطاعن بعدم قبول الدعوى المدنية قبله يكون على غير سند من القانون، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، الأمر الذي يضحى معه الطعن على غير أساس
متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق