جلسة 20 من نوفمبر سنة 1999
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد مجدي محمد خليل هارون - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: عويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال ومحمود سامي الجوادي ومصطفى محمد عبد المنعم صالح - نواب رئيس مجلس الدولة.
---------------
(20)
الطعن رقم 202 لسنة 40 قضائية عليا
عاملون مدنيون بالدولة - علاوات - سحب العلاوة - التزام العامل برد الفروق المالية - مناطه.
بالنسبة لمدى جواز قيام الإدارة بتحصيل الفروق المالية الناتجة عن القرارات الإدارية الملغاة، يجب التفرقة بين ما إذا كانت تلك القرارات قد قامت بناء على غش وقع من الموظف أو نتيجة سعي غير مشروع من جانبه أم أنها صدرت نتيجة خطأ مادي أو صدرت استناداً إلى محض خطأ في التقدير من جانب الجهة الإدارية - إذا كانت الأولى فلا جدال في وجوب مطالبة الموظف بالفروق المالية التي حصل عليها بغير حق منذ صدور القرار وحتى إلغائه دفعاً لغشه وسوء قصده وتفويتاً لباطل مسعاه أو تصويباً لواقع الخطأ المادي - إن كانت الثانية فإن مقتضيات العدالة الإدارية ترتب للموظف الحق فيما حصل عليه من فروق مالية نتيجة القرار الملغي، إذ لا شأن له فيما صاحب إصدار هذا القرار من خطأ في الفهم أو اختلاف في التقدير، أسوة بحائز الشيء حسن النية الذي يستجمع قانوناً الحق في جني ثمراته ولو ظهر فيما بعد أن الشيء يستحقه سواه - فضلاً عن أن مثل هذا الموظف يكون في الغالب قد رتب حياته واستقام معاشه وأسرته على هذا الأساس، ومن غير المستساغ إلزامه برد ما صرفه بحسن نية - أثر ذلك - إذا كان منح العامل للعلاوة التشجيعية مرجعه إلى خطأ وقعت فيه جهة الإدارة وسوء تقدير منها ينأى عن الخطأ المادي، لا يتأتى استرداد الفروق المالية المترتبة على منح العلاوة بعد أن تقرر سحبها - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 16/ 11/ 1993 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 202 لسنة 40 ق. ع في حكم محكمة القضاء الإداري ببور سعيد الصادر بجلسة 2/ 10/ 1993 في الدعوى رقم 292 لسنة 2 ق والذي قضى في منطوقه بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 722 لسنة 92 فيما تضمنه البند ثالثاً منه من استرداد الفروق المالية المترتبة على صرف العلاوة السابق تقريرها للمدعي بواقع أربعة جنيهات شهرياً اعتباراً من 1/ 5/ 1985 وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وألزمت المدعي والجهة الإدارية المصروفات مناصفة.
وطلب الطاعنون وللأسباب الواردة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه والقضاء برفض الدعوى وإلزام رافعها المصروفات والأتعاب عن درجتي التقاضي.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن جلسة 13/ 7/ 1998 أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة وتدول أمامها على النحو الموضح بمحاضر الجلسات إلى أن قررت بجلسة 27/ 9/ 1998 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية لنظره بجلسة 21/ 11/ 1998 وبها نظر وتدول أمامها على النحو الموضح بالمحاضر إلى أن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق والحكم المطعون فيه - في أن المدعي "المطعون ضده" كان قد أقام الدعوى رقم 292 لسنة 2 ق أمام محكمة القضاء الإداري ببورسعيد وذلك بتاريخ 15/ 12/ 1992 طالباً الحكم بقبولها شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار رقم 722 لسنة 12 فيما تضمنه من سحب العلاوة التشجيعية السابق منحها له اعتباراً من 1/ 5/ 1985 بالقرار رقم 779 لسنة 85 وتحصيل الفروق المالية السابق صرفها له بواقع أربعة جنيهات اعتباراً من 1/ 5/ 1985 مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها أحقيته في العلاوة التشجيعية المشار إليها.
وقال شرحاً لدعواه إنه يعمل بجمارك بور سعيد وفي عام 1981 حصل على دبلوم المحاسبة ومنح علاوة تشجيعية بموجب القرار رقم 475 لسنة 83 ثم حصل على درجة الماجستير في عام 1985 فصدر القرار رقم 779 لسنة 85 بمنحه علاوة تشجيعية أخرى تطبيقاً لأحكام قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 82، وفي عام 1991 حصل على درجة الدكتوراه فأصدرت جهة الإدارة القرار رقم 722 لسنة 92 بمنحه علاوة تشجيعية قدرها خمسة جنيهات على الراتب الأساسي اعتباراً من 1/ 1/ 1992 على أن تسحب العلاوة الممنوحة له عن الماجستير اعتباراً من 1/ 5/ 1985 وتحصيل الفروق المالية السابق صرفها له اعتباراً من 1/ 5/ 1985.
ونعى المدعي على القرار السابق مخالفته للقانون تأسيساً على أنه إذا كان هناك خطأ فإنه يرجع إلى جهة الإدارة وأنه لم يشارك في ارتكابه ولذلك فإنه لا يجوز استرداد تلك الفروق بأثر رجعي وذلك لأنه رتب حياته عليها.
وبجلسة 2/ 10/ 1993 صدر الحكم المطعون فيه وشيد قضاءه - بعد أن استعرض نص المادة 52 من القانون رقم 47 لسنة 78 ونص المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 898 لسنة 1982 بقواعد وإجراءات منح علاوة تشجيعية للعاملين الذين يحصلون أثناء الخدمة على مؤهلات علمية أعلى من الدرجة الجامعية الأولى - على أساس أن الثابت أن المدعي حصل عام 81 على دبلوم الدراسات العليا في المحاسبة والمراجعة مدة دراسته سنتين وعليه منح علاوة تشجيعية بالقرار رقم 475 لسنة 83، ثم حصل على ماجستير في المحاسبة عام 1985 ومنح علاوة تشجيعية ثانية بالقرار رقم 779 لسنة 85 ثم حصل على درجة الدكتوراه في فلسفة المحاسبة عام 1991 فمنح علاوة تشجيعية بالقرار رقم 722 لسنة 92 وعليه يكون منح المدعي للعلاوة التشجيعية الثانية بموجب القرار رقم 779 لسنة 85 قد وقع بالمخالفة لحكم القانون وإذ تداركت الجهة الإدارية هذا الخطأ بإصدار القرار المطعون فيه بسحب هذه العلاوة يكون متفقاً وصحيح حكم القانون فيما يتعلق بالشق الخاص بسحب العلاوة التشجيعية واستطردت المحكمة قائلة أنه بالنسبة لما نص عليه القرار المطعون فيه في البند ثالثاً من تحصيل قيمة العلاوة الثانية اعتباراً من 1/ 5/ 1985 فإن القضاء الإداري قد تواتر على وجوب التفرقة بين ما إذا كانت القرارات الإدارية الملغاة قد قامت بناء على غش وقع من الموظف أو نتيجة سعي غير مشروع منه أم أنها صدرت نتيجة خطأ مادي، أو صدرت استناداً إلى محض خطأ في التقدير من جانب الجهة الإدارية، فإن كانت الأولى فلا جدال في وجوب مطالبة الموظف بالفروق المالية التي حصل عليها بغير حق منذ صدور القرار وحتى تاريخ إلغائه دفعاً لغشه وسوء قصده وتفويتاً لباطل مسعاه أو تصويباً لواقع الخطأ المادي، وإن كانت الثانية فإن مقتضيات العدالة ترتب للموظف الحق فيما حصل عليه من فروق مالية نتيجة القرار الملغي، إذ لا شأن له فيما صاحب إصدار هذا القرار من خطأ في الفهم أو اختلاف في التقدير أسوة بحائز الشيء حسن النية الذي يستجمع قانوناً الحق في جني ثمراته ولو ظهر فيما بعد أن الشيء يستحق لسواه فضلاً عن أن مثل هذا الموظف إنما يكون في الغالب قد رتب حياته واستقام معاشه وأسرته على هذا الأساس ومن غير المستساغ إلزامه برد ما قبضه بحسن نية وحيث إن الثابت من الأوراق منح المدعي العلاوة التشجيعية بموجب القرار 779 لسنة 85 مرجعه إلى خطأ وقعت فيه جهة الإدارة وسوء تقدير منها ينأى عن الخطأ المادي، ولم يداخله غش أو سعي غير مشروع من قبل المدعي ومن ثم لا يتأتى استرداد الفروق المالية المترتبة على منح تلك العلاوة بعد أن تقرر سحبها على النحو المتقدم ومن ثم يكون القرار المطعون فيما يتعلق بالشق الخاص باسترداد الفروق المالية التي صرفت له بواقع مقدار العلاوة بفئة أربعة جنيهات اعتباراً من 1/ 5/ 1985 قد وقع مخالفاً للقانون الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه لأحكام القانون والخطأ في تطبيقها وتأويلها لأن الثابت أن المطعون ضده حصل على دبلوم الدراسات العليا في المحاسبة ومدة دراسته سنتين عام 81 وتم منحه علاوة تشجيعية عام 1983 ثم منح علاوة أخرى بعد حصوله على درجة الماجستير عام 85 خلافاً لحكم القانون كما منح علاوة ثالثة بعد حصوله على درجة الدكتوراه في عام 92 وقد تداركت الإدارة الأمر وأنزلت صحيح حكم القانون وقامت بسحب العلاوة الثانية الممنوحة له لحصوله على درجة الماجستير عام 1985، إذ يحق لها تصحيح قراراتها التي يعتورها عيب مخالفة القانون ومنها القرار المطعون فيه في أي وقت باعتبار أن قرار منح العلاوة التشجيعية للحصول على مؤهل دراسي أعلى من المؤهل الجامعي هو قرار تسوية يجوز سحبه في أي وقت وهذا النظر أكده الحكم المطعون فيه إلا أنه لم يعمل صحيح حكم القانون عند ترتيب آثار هذا النظر فذهب إلى التفرقة بين القرارات المنطوية على غش من الموظف والأخرى التي تصدر استناداً إلى خطأ في التقدير من جانب جهة الإدارة فالأولى يجوز سحبها وإعدام آثارها والثانية لا يجوز إلغائها وهو ما يتعارض مع ما سبق أن قررته المحكمة في حكمها المطعون فيه إذ انتهت إلى عدم سلامة القرار المطعون فيه وسلامة مسلك جهة الإدارة عند سحبه إلا أنها لم ترتب الآثار الناتجة عن ذلك وهو الأمر الذي يخالف القانون.
ومن حيث إن الطعن ينحصر فقط على ما قضى به الحكم المطعون فيه من إلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه البند الثالث منه من استرداد الفروق المالية المترتبة على منح العلاوة التشجيعية للمدعي بواقع أربعة جنيهات شهرياً من 1/ 5/ 1985.
ومن حيث إن المقرر أنه بالنسبة لمدى جواز قيام الإدارة بتحصيل الفروق المالية الناتجة عن القرارات الإدارية الملغاة - وجوب التفرقة بين ما إذا كانت تلك القرارات قد قامت بناء على غش وقع من الموظف أو نتيجة سعي غير مشروع من جانبه أم أنها صدرت نتيجة خطأ مادي أو صدرت استناداً إلى محض خطأ في التقدير من جانب الجهة الإدارية، فإن كانت الأولى فلا جدال في وجوب مطالبة الموظف بالفروق المالية التي حصل عليها بغير حق منذ صدور القرار وحتى إلغائه دفعاً لغشه وسوء قصده وتفويتاً لباطل مسعاه أو تصويباً لواقع الخطأ المادي، وإن كانت الثانية فإن مقتضيات العدالة الإدارية ترتب للموظف الحق فيما حصل عليه من فروق مالية نتيجة القرار الملغي إذ لا شأن له فيما صاحب إصدار هذا القرار من خطأ في الفهم أو اختلاف في التقدير، أسوة بحائز الشيء حسن النية الذي يستجمع قانوناً الحق في جني ثمراته ولو ظهر فيما بعد أن الشيء يستحق لسواه، فضلاً عن أن مثل هذا الموظف يكون في الغالب قد رتب حياته واستقام معاشه وأسرته على هذا الأساس، ومن غير المستساغ إلزامه برد ما صرفه بحسن نية.
ومن حيث إن الثابت أن منح المطعون ضده العلاوة التشجيعية بموجب القرار رقم 779 لسنة 85 مرجعة إلى خطأ وقعت فيه جهة الإدارة وسوء تقدير منها ينأى عن الخطأ المادي، وكذلك خطأ من جانب المطعون ضده يتمثل في اعتقاده بحقه في الحصول على علاوة الماجستير مرة أخرى، ومن ثم لا يتأتى استرداد الفروق المالية المترتبة على منح تلك العلاوة بعد أن تقرر سحبها ومن ثم يكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه في البند ثالثاً من استرداد الفروق المالية التي صرفت للمطعون ضده بمقدار علاوة بفئة أربعة جنيهات اعتباراً من 1/ 5/ 1985 قد وقع مخالفاً للقانون الأمر الذي يتعين معه القضاء بإلغائه.
وإذ قضى الحكم المطعون فيه بذلك فإنه يكون قد صدر سليماً متفقاً مع صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه في غير محله جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً وألزمت جهة الإدارة المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق