جلسة 2 من مارس سنة 2022
برئاسة السيد القاضي / عاصم الغايش نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد هلالي ، بهاء محمد إبراهيم وجمال حسن جودة نواب رئيس المحكمة ومحمد مطر.
------------------
(21)
الطعن رقم 1320 لسنة ٩١ القضائية
(١) دعوى جنائية " قيود تحريكها " . نيابة عامة . سوق رأس المال . إجراءات " إجراءات التحقيق " .
الإجراء المنصوص عليـه فـي المـادة 16 من القانون 10 لسنة ٢٠٠٩ . طلب مما يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره سواء من جهة مباشرة التحقيق أو من جهة رفع الدعوى .
اختصاص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون . مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناءً من نص الشارع .
أحوال الطلب . وجوب الأخذ في تفسيرها بالتضييق . للنيابة اتخاذ الإجراءات في شأن جرائم سوق رأس المال التي صدر فيها الطلب ممن يملكه قانوناً . انبساطه على ما يرتبط بها إجرائياً من وقائع لم تكن معلومة وقت صدوره . متى تكشفت عرضاً أثناء التحقيق . نعي الطاعن أن الطلب لم يتضمن اتهامات محددة . غير مقبول . علة ذلك ؟
مثال .
(٢) سوق رأس المال . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعي الطاعن على الحكم تعويله على مذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية وحدها . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض . حد ذلك ؟
(٣) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قضاء المحكمة بناءً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين لا على الفرض . النعي في ذلك الشأن . جدل موضوعي . غير جائز أمام محكمة النقض .
(٤) قانون " سريانه " . محكمة دستورية .
الأصل في القوانين أنها قائمة ما لم تُلغ أو تعدل أو يقض بعدم دستوريتها . العوار الذي يشوب النصوص الملغاة قاصر عليها دون امتداده لنصوص أخرى . نعي الطاعن بمخالفة الحكم لقضاء المحكمة الدستورية بعدم دستورية النصوص العقابية التي دين بها . غير مقبول . حد ذلك ؟
(٥) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " . إثبات " أوراق رسمية " .
الدفع بانتفاء أركان الجريمة وعدم ثبوتها . نفي للتهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة على صحة وقوع الجريمة المسندة للمتهم . تعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . التفاته عنها . مفاده : اطراحها .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
(٦) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
عدم التزام المحكمة بندب خبير . متى رأت كفاية الأدلة المقدمة في الدعوى .
(٧) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
مطالبة محكمة النقض بإعادة وزن أدلة الدعوى . غير جائزة . علة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن الإجراء المنصوص عليـه فـي المـادة 16 من القانون رقم 10 لسنة ٢٠٠٩ بشأن تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية هو في حقيقته طلب مما يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره سواء من جهة مباشرة التحقيق أو من جهة رفع الدعوى ، وأن الأصل أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء من نص الشارع ، وأن أحوال الطلب هي من تلك القيود التي ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر ، مما يتعين الأخذ في تفسيره بالتضييق وإن أثر الطلب متى صدر رفع القيد عن النيابة العامة رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق ، ومن المقرر أن الطلب في هذا المقام يتعلق بالجريمة ولا تعلق له بأشخاص مرتكبيها وذلك بقوة أثره العيني . لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن ببطلان إحالته للمحاكمة الجنائية واتصال المحكمة بالدعوى ورد عليه بقوله : ( أن البين من مطالعة الخطاب أنه نقل لإرادة الهيئة بالموافقة على اتخاذ إجراءات التحقيق ورفع الدعوى الجنائية ومتفقاً مع ما قرره القانون في هذا الشـأن لاسيما أنـه لـم يشترط ألفاظـاً معينـة طالما أن العبارات واضحة المضمون ) ، وهو رد سائغ وكاف لاطراح ذلك الدفع ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الثابت من اطلاع هذه المحكمة - محكمة النقض - على المفردات المضمومة أن طلب اتخاذ إجراءات التحقيق ورفع الدعوى الجنائية الصادر من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة الماليـة قـد ورد بشـأن المخالفات الواردة بدراسة الهيئة التعاملات التي تمت على الورقة المالية .... للاستثمار السياحي - موضوع الطعن - وكان من المقرر أنه متى صدر الطلب ممن يملكه قانونا في جريمة من جرائم قانون سوق رأس المال ، حق النيابة العامة اتخاذ الإجراءات في شأن الواقعة أو الوقائع التي صدر عنها وصحة الإجراءات بالنسبة إلى كافة ما قد تتصف به من أوصاف وكيوفها القانونية الممكنة مما يتوقف رفع الدعوى الجنائية على طلب بشأنه ، كما ينبسط على ما يرتبط بها إجرائياً من وقائع لم تكن معلومة وقت صدوره متى تكشفت عرضا أثناء التحقيق ، وذلك بقوة الأثر العيني للطلب وقوة الأثر القانوني للارتباط ما دام ما جرى تحقيقه من الوقائع داخلاً في مضمون ذلك الطلب الذي يملك صاحبه قصره أو تقييده ، ومن ثم فإن نعي الطاعن أن الطلب لم يتضمن اتهامات محددة يكون غير مقبول .
2- لما كان الحكم قد عول في إدانة الطاعن على أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وما أسفر عنه فحص التعاملات بشأن الورقة المالية .... للاستثمار السياحي ومذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية ، فإن ما يثار من منازعة بشأن تعويل الحكم على الدليل المستمد من المذكرة الأخيرة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
3- لما كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعن وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض حسبما يذهب إليه الطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
4- من المقرر أن القوانين تظل قائمة على أصلها من الصحة وتبقى نافذة ما لم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستورياً أو يقضى بعدم دستورية نصوصها التشريعية بحكم مـن المحكمة الدستورية العليا ، كما أن أي عوار يكون قـد شاب النصوص الملغاة تلك ، يظل مقصوراً عليها ولا يمتد بالتالي إلى النصوص التشريعية الأخرى ، وإذ كان الطاعن لا يماري بـأن النصوص العقابية التي أخذته بها المحكمة لـم يقـض بعـدم دستوريتها ، فإن النعي بمخالفة الحكم لقضاء المحكمة الدستورية يضحى تأويلاً غير صحيح في القانون .
5- لما كان نعي الطاعن بانتفاء أركان الجريمة وعدم ثبوت التهمة مردوداً عليه بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبـه فـي كـل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفـاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا تقبل معاودة التصدي لـه أمـام محكمة النقض ، كما أنه وإذ كان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم ، فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله .
6- من المقرر أن المحكمة غير مُلزَمة بندب خبير إذا هي رأت من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها دون حاجة إلى ندبه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة – فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له .
7- من المقرر أنه ليس للطاعن أن يطالب محكمة النقض بإعادة وزن الدعوى من جديد ، إذ إنها محكمة قانون وليس محكمـة موضـوع لأن الأصل أن الطعـن بـالنقض لا يعتبر امتداداً للخصومة بـل هـو خصومة خاصة مهمة المحكمة فيها مقصورة على القضاء في صحة الأحكام من قبل أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من طلبات وأوجـه دفاع ولا تنظر محكمة النقض القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- وهو من المطلعين بحكم مناصبهم - عضو مجلس إدارة شركة .... - على معلومات داخلية بشأن زيادة أرباح نتائج أعمال تلك الشركة المصدرة للورقة المالية ( .... ) استغل تلك المعلومة لحسابه الشخصي بشراء كميات من تلك الورقة على النحو المبين بتقرير الهيئة العامة للرقابة المالية المرفق بالتحقيقات .
2- بصفته السابقة تعامل على الورقة المالية محل الاتهام السابق حال كونه مطلعاً بطريقة مباشرة على المعلومة الداخلية محل الاتهام السابق مع عمله بكون تلك المعلومة لا زالت قائمة وغير معلنة لكافة المتعاملين .
3- بصفته السابقة وهو من المطلعين بحكم عمله على أسرار الشركة محل عمله – بشأن زيادة أرباح نتائج أعمال تلك الشركة المصدرة للورقة المالية ( .... ) - حقق نفعاً جراء هذا الاطلاع .
وأحالته إلى محكمة جنح .... الاقتصادية ، وطلبت عقابه بالمواد 20 مكرراً/1 ، 3 ، 64 ، 67 ، 69 ، 69 مكرراً من القانون رقم 95 لسنة ١٩٩٢ المعدل والمواد 316 ، ۳۱۸ ، ۳۱۹/ ج ، د ، ه ، ۳۲۲ ، 323 /2،1 من اللائحة التنفيذية للقانون .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بتوكيل بتغريم المتهم / .... غرامة مالية قدرها مائتي ألف جنيه والحرمان من مزاولة المهنة لمدة سنة وألزمته المصروفات الجنائية .
فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم وقيد استئنافه برقم .... جنح مستأنف .... الاقتصادية .
وقضت المحكمة .... الاقتصادية - بهيئة استئنافية - حضورياً بتوكيل ، أولاً : بقبول الاستئناف شكلًا . ثانياً : وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المستأنف مبلغ خمسين ألف جنيه وألزمته المصاريف الجنائية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
وإذ قضت محكمة استئناف القاهرة - دائرة طعون نقض الجنح المنعقدة في غرفة المشورة - بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الطعن .
وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل والمعدل بالحكم المطعون فيـه قـد بـيّن واقعة الدعوى بما تتوافر بها الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها مـن الأوراق . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الإجراء المنصوص عليه فـي المـادة 16 من القانون رقم 10 لسنة ٢٠٠٩ بشأن تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية هو في حقيقته طلب مما يتوقف قبول الدعوى الجنائية على صدوره سواء من جهة مباشرة التحقيق أو من جهة رفع الدعوى ، وأن الأصل أن النيابة العامة تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا استثناء من نص الشارع ، وأن أحوال الطلب هي من تلك القيود التي ترد على حقها استثناء من الأصل المقرر ، مما يتعين الأخذ في تفسيره بالتضييق وإن أثر الطلب متى صدر رفع القيد عن النيابة العامة رجوعاً إلى حكم الأصل في الإطلاق ، ومن المقرر أن الطلب في هذا المقام يتعلق بالجريمة ولا تعلق له بأشخاص مرتكبيها وذلك بقوة أثره العيني . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن ببطلان إحالته للمحاكمة الجنائية واتصال المحكمة بالدعوى ورد عليه بقوله : (أن البين من مطالعة الخطاب أنه نقل لإرادة الهيئة بالموافقة على اتخاذ إجراءات التحقيق ورفع الدعوى الجنائية ومتفقا مع ما قرره القانون في هذا الشـأن لاسيما أنـه لـم يشترط ألفاظـا معينـة طالما أن العبارات واضحة المضمون) ، وهو رد سائغ وكاف لاطراح ذلك الدفع ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الثابت من اطلاع هذه المحكمة - محكمة النقض - على المفردات المضمومة أن طلب اتخاذ إجراءات التحقيق ورفع الدعوى الجنائية الصادر من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة الماليـة قـد ورد بشـأن المخالفات الواردة بدراسة الهيئة التعاملات التي تمت على الورقة المالية .... للاستثمار السياحي - موضوع الطعن - وكان من المقرر أنه متى صدر الطلب ممن يملكه قانوناً في جريمة من جرائم قانون سوق رأس المال ، حق النيابة العامة اتخاذ الإجراءات في شأن الواقعة أو الوقائع التي صدر عنها وصحة الإجراءات بالنسبة إلى كافة ما قد تتصف به من أوصاف وكيوفها القانونية الممكنة مما يتوقف رفع الدعوى الجنائية على طلب بشأنه ، كما ينبسط على ما يرتبط بها إجرائياً من وقائع لم تكن معلومة وقت صدوره متى تكشفت عرضاً أثناء التحقيق ، وذلك بقوة الأثر العيني للطلب وقوة الأثر القانوني للارتباط ما دام ما جرى تحقيقه من الوقائع داخلاً في مضمون ذلك الطلب الذي يملك صاحبه قصره أو تقييده ، ومن ثم فإن نعي الطاعن أن الطلب لم يتضمن اتهامات محددة يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد عول في إدانة الطاعن على أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وما أسفر عنه فحص التعاملات بشأن الورقة المالية .... للاستثمار السياحي ومذكرة الهيئة العامة للرقابة المالية ، فإن ما يثار من منازعة بشأن تعويل الحكم على الدليل المستمد من المذكرة الأخيرة لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعن وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض حسبما يذهب إليه الطاعن فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القوانين تظل قائمة على أصلها من الصحة وتبقى نافذة ما لم يتقرر إلغاؤها أو تعديلها من الجهة المختصة دستورياً أو يُقضى بعدم دستورية نصوصها التشريعية بحكـم مـن المحكمة الدستورية العليا ، كما أن أي عوار يكـون قـد شـاب النصوص الملغاة تلك، يظل مقصوراً عليها ولا يمتد بالتالي إلى النصوص التشريعية الأخرى ، وإذ كـان الطـاعن لا يمـاري بـأن النصوص العقابيـة التـي أخذتـه بـهـا المحكمـة لـم يقـض بعـدم دستوريتها ، فإن النعي بمخالفة الحكم لقضاء المحكمة الدستورية يضحى تأويلاً غير صحيح في القانون . لما كان ذلك ، وكان نعي الطاعن بانتفاء أركان الجريمة وعدم ثبوت التهمة مردوداً عليه بأن بنفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبـه فـي كـل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفـاد التفاته عنها أنه اطرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في العناصر التي استنبطت منها محكمة الموضوع معتقدها مما لا تقبل معاودة التصدي لـه أمـام محكمة النقض ، كما أنه وإذ كان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا المقام يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بندب خبير ، إذا هي رأت من الأدلة المقدمة في الدعوى ما يكفي للفصل فيها دون حاجة إلى ندبه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون لا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة عملاً بالمادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حـالات وإجراءات الطعـن أمـام محكمة النقض ، ومن ثم يضحى طلب الطاعن القضاء بالبراءة قائماً على غير ذي موضوع ، لأنه ليس للطاعن أن يطالب محكمة النقض بإعادة وزن الدعوى من جديد ، إذ إنها محكمة قانون وليس محكمـة موضـوع لأن الأصل أن الطعـن بـالنقض لا يعتبر امتداداً للخصومة بـل هـو خصومة خاصة مهمة المحكمة فيها مقصورة على القضاء في صحة الأحكام من قبل أخذها أو عدم أخذها بحكم القانون فيما يكون قد عرض عليها من طلبات وأوجـه دفاع ولا تنظر محكمة النقض القضية إلا بالحالة التي كانت عليها أمام محكمة الموضوع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق