جلسة 5 من يناير سنة 1985
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج وعادل محمود فرغلي - المستشارين.
-----------------
(56)
الطعن رقم 1172 لسنة 25 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - انتهاء الخدمة - الاستقالة الحكمية.
المادة 98 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 - انتهاء الخدمة للانقطاع لا يقع بقوة القانون بل يحكمه المبدأ الذي نصت عليه المادة 97 من ذات القانون والتي تقضي بأن خدمة العامل لا تنتهي إلا بالقرار الصادر بقبول الاستقالة - القرينة القانونية على الاستقالة الضمنية المستفادة من انقطاع العامل دون تقديمه عذراً مقبولاً تعتبر مقررة لصالح الجهة الإدارية التي يتبعها العامل فإن شاءت أعملتها في حقه واعتبرته مستقيلاً وإن شاءت تغاضت عنها رغم توافر شروطها وتمضي في مساءلته تأديبياً للانقطاع بدون إذن - لا تثريب على الجهة الإدارية إذا لم تتخذ الإجراءات التأديبية ضد العامل المنقطع خلال الشهر التالي للانقطاع - أساس ذلك: ميعاد الشهر هو ميعاد تنظيمي - تطبيق (1).
إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 29 من يوليه سنة 1979 أودع الأستاذ المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1172 لسنة 25 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بأسيوط بجلسة 5 من يونيه سنة 1979 في الدعوى رقم 229 لسنة 5 القضائية المرفوعة من النيابة الإدارية ضد..... الذي قضى بعدم قبول الدعوى التأديبية بالنسبة للمخالفة الإدارية الخاصة بالانقطاع عن العمل ومجازاة العامل المذكور بغرامة قدرها سبعة جنيهات عن المخالفة المالية الخاصة، باستيلائه على مرتبة عن مدة الانقطاع.
وقد طلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه شقه الأول من عدم قبول الدعوى التأديبية بالنسبة للمخالفة الخاصة بالانقطاع عن العمل، مع إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط للفصل فيما نسب إلى المتهم مجدداً من هيئة أخرى.
وبعد أن أعلن تقرير الطعن على الوجه المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً وفي موضوعه إلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط للفصل في المخالفة الخاصة بالانقطاع عن العمل وتوقيع عقوبة من العقوبات المنصوص عليها في القانون لمن هم في الخدمة عن المخالفة الثانية مجدداً من هيئة أخرى.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9 من مايو سنة 1984 فقررت إحالته لنظره أمام المحكمة الإدارية العليا بجلسة 9 من يونيه سنة 1984 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
من حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1978 أقامت النيابة الإدارية الدعوى رقم 229 لسنة 5 القضائية ضد....... المدرس بدار المعلمين بأسوان ذلك أنه بتاريخ 24 من سبتمبر سنة 1977 وحتى 18 من فبراير سنة 1978 خالف الأحكام المقررة للإجازات وانقطع عن عمله بغير إذن وفي غير الأحوال المرخص له بها، كما خالف الأحكام المالية وقام بصرف راتبه عن المدة من 24 من سبتمبر سنة 1977، 30 من سبتمبر سنة 1977 بغير حق، وطلبت مجازاته تأديبياً بالمادتين 42، 52 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والمادتين 80 و82 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 5 من يونيه سنة 1979 حكمت المحكمة أولاً: - بعدم قبول الدعوى التأديبية بالنسبة للمخالفة الإدارية للانقطاع عن العمل. ثانياً: - بمجازاة المتهم بغرامة مقدارها سبعة جنيهات عن المخالفة المالية الخاصة باستيلائه على مرتبه عن مدة الانقطاع، وقد استندت المحكمة في قضائها إلى أن المشرع أجاز للعامل أن يقدم استقالته صراحة أو ضمناً، ومن ثم فإن الانقطاع عن العمل المدة التي حددها المشرع يحمل معنى تقديم الاستقالة من العامل وعلى الجهة الإدارية أن تحدد موقفها من هذه الاستقالة إما بالقبول واعتبار خدمة العامل منتهية، وإما برفضها وذلك بإنذار العامل بضرورة العودة فوراً إلى العمل، فإذا لم يمتثل أو لم يقدم عذراً مقبولاً إحالته إلى التحقيق خلال الشهر التالي للانقطاع وذلك لمجازاته عن واقعة الانقطاع وللإعلان من جانبها عن تمسكها باستمرار الرابطة الوظيفية وأن قرينة الاستقالة المقررة لصالحه مرفوضة من جانبها. ولما كانت جهة الإدارة لم تحل العامل المذكور إلى التحقيق إلا بعد مرور شهر من تاريخ انقطاعه عن العمل ومن ثم تكون خدمته قد انتهت قانوناً في تاريخ سابق على محاكمته مما يتعين معه عدم قبول الدعوى بالنسبة للمخالفة الإدارية وبالنسبة للمخالفة الثانية وهي صرفه لمرتبه عن شهر سبتمبر بالكامل رغم انقطاعه من 24 من سبتمبر سنة 1977، فإن المخالفة ثابتة في حقه، ومن ثم يعاقب بإحدى العقوبات المنصوص عليها في المادة 88 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه بما يناسب المخالفة.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأوليه ذلك أن المستقر عليه أن قرينة الاستقالة الضمنية مقررة لصالح الإدارة فلها أن تعملها وتعتبر العامل المنقطع مستقيلاً من تاريخ انقطاعه عن العمل، ولها أن تتمسك بالرابطة الوظيفية وتتخذ الإجراءات التأديبية ضده، ومن ثم فلا تعتبر خدمة العامل منتهية بالاستقالة إلا بقرار صريح من جهة الإدارة.
ومن حيث إن المادة 98 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة تنص على أنه "يعتبر العامل مقدماً استقالته في الحالات الآتية: -
1 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول وفي هذه الحالة يجوز للسلطة المختصة أن تقرر عدم حرمانه من أجره عن فترة الانقطاع إذا كان له رصيد من الإجازات يسمح بذلك وإلا وجب حرمانه من أجره عن هذه المدة فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة تعتبر خدمته في هذه الحالة منتهية من اليوم التالي لاكتمال هذه المدة.
وفي الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام في الحالة الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية.
ومن حيث إن مفاد هذا النص أن خدمة العامل تنتهي بما يعتبر استقالة ضمنية إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية أو ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة إلا أن انتهاء الخدمة في هذه الحالة على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة لا يقع بقوة القانون بل يحكمه المبدأ الذي نصت عليه المادة (97) من القانون سالف الذكر التي تنص علي أن خدمة العامل لا تنتهي إلا بالقرار الصادر بقبول الاستقالة، ومن ثم فإنه حرصاً على المصلحة العامة وحتى لا يتعطل سير العمل في المرافق العامة فإن القرينة القانونية على الاستقالة الضمنية المستفادة من انقطاع العامل المدد سالفة البيان دون تقديمه عذراً مقبولاً تعتبر مقررة لصالح الجهة الإدارية التي يتبعها العامل فإن شاءت أعملت هذه القرينة في حقه واعتبرته مستقيلاً وإن شاءت تغاضت عنها رغم توافر شروطها، ولها ألا تعمل أثرها وبالتالي لا تعتبر العامل مستقيلاً ومن ثم لا تعتبر خدمته منتهية وفي هذه الحالة تمضي في مساءلته تأديبياً لانقطاعه بدون إذن خمسة عشر يوماً متتالية أو ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة، ولا تثريب على الجهة الإدارية إذا لم تتخذ الإجراءات التأديبية ضد العامل المنقطع خلال المدة التي حددتها المادة (98) المشار إليها وهي الشهر التالي لانقطاعه عن العمل لأن هذا الميعاد إن هو إلا ميعاد تنظيمي على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة. ومؤدى ما تقدم أنه لإعمال هذا الأثر، ينبغي أن يصدر قرار إداري من الجهة الإدارية المختصة، بما لها من سلطة تقديرية.
ومن حيث إنه تطبيقاً لما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية لم تصدر قبل اتخاذ الإجراءات التأديبية نحو العامل المحال للمحاكمة التأديبية قراراً إدارياً بإنهاء خدمته إعمالاً لقرينة الاستقالة الضمنية والمستفادة من انقطاعه عن العمل فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه، وقد قضى بعدم جواز إقامة الدعوى التأديبية على العامل المذكور تأسيساً على أن خدمته انتهت بقوة القانون، كذلك فإن الحكم عليه بعقوبة من العقوبات التي توقع على من انتهت خدمته لتقاضيه أجراً عن مدة انقطع فيها عن العمل بدون إذن يكون هذا الحكم بشقيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويتعين والحالة هذه القضاء بإلغائه.
ومن حيث إن المحكمة التأديبية لم تسمع أقوال العامل المذكور أو تحقق دفاعه فإن الدعوى بذلك تكون غير مهيأة للفصل في موضوعها ومن ثم يتعين إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للفصل في موضوعه
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بمدينة المنصورة للفصل فيها.
(1) يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا الدائرة المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 بجلسة 15 من ديسمبر سنة 1985 في الطعن رقم 395 لسنة 27 القضائية حيث قضت باعتبار العامل المنقطع عن عمله المدد المنصوص عليها في المادة 98 من القانون رقم 47 لسنة 1978 مقدماً استقالته إذا لم تكن الإجراءات التأديبية قد اتخذت ضده خلال الشهر التالي لانقطاعه عن العمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق