جلسة 28 من يناير سنة 2023
برئاسة السيد القاضي/ عبد الفتاح أحمد أبو زيد "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضـاة/ أشرف الكشكي، أسامة البحيري، محمد عبد الواحد "نواب رئيس المحكمة" وأحمد فرغلي زناتي.
----------------
(17)
الطعن رقم 5272 لسنة 83 القضائية
(1- 4) دعوى "شروط قبول الدعوى: الصفة: الصفة الإجرائية: تمثيل الدولة في التقاضي". نظام عام "المسائل المتعلقة بالطعن في الأحكام: الطعن بالنقض". نقـض "شروط قبول الطعن: الصفة في الطعن بالنقض" "الخصوم في الطعن بالنقض: من له حق الطعن". نيابة "النيابة القانونية".
(1) الصفة في الطعن بالنقض. تعلقها بالنظام العام. أثره. تصدي المحكمة لها من تلقاء نفسها.
(2) تمثيل الدولة في التقاضي. نوع من النيابة القانونية عنها. تعيين مداها وحدودها مصدره القانون. الوزير. الممثل للدولة في الشئون المتعلقة بوزارته. علة ذلك. الاستثناء. إسناد القانون صفة النيابة فيما يتعلق بشئون هيئة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير.
(٣) المحافظة. اعتبارها الجهة الإدارية المختصة بتسيير وإدارة المحاجر والملاحات التي تقع في دائرة اختصاصها تحت الإشراف الفني للهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية. م 1 ق 198 لسنة 2014 بشأن الثروة المعدنية والمستبدلة بق 145 لسنة 2019.
(٤) المحافـظ في دائرة اختصاصه. الرئيس لجميع الأجهزة والمرافق. تمثيله للمحافظة أمام القضاء وفي مواجهة الغير. المواد 4، 26، 27 من ق 43 لسنة 1979 المعدل بق 50 لسنة 1981، 145 لسنة 1988. الطعن بالنقض المقام من الطاعن الثاني بصفته مدير عام مديرية الإسكان والمرافق. غير مقبول. علة ذلك.
(5- 7) بطلان "بطلان التصرفات". نظام عام "المسائل المتعلقة بالنظام العام: المسائل الموضوعية الآمرة".
(5) تشغيل واستغلال الملاحات. نظمه المشرع على نحو محدد. مؤداه. عدم جواز الخروج عليه. لازمه. وجــوب الحصول على ترخيص خاص من وزارة الصناعة لتشغيل أي مكان لصنع الملح محليًا. حظر استخراج الملح أو الاشتراك في عملية إنتاجه بكافة الوسائل دون الحصول على ذلك الترخيص. مخالفة ذلك. أثره. جزاء جنائي يوقع على المخالف. مفاده. اعتبار القواعد المنظمة لتلك المسألة من النظام العام. مقتضاه. امتناع الأفراد عن مناهضتها باتفاقات فيما بينهم. المواد 3، 6، 9 من قرار رئيس الجمهورية بق 356 لسنة 1956 في شأن تنظيم استغلال الملاحات وتحصيل رسم إنتاج على الأملاح التبخرية، م 1 من المرسوم بق 328 لسنة 1952 بشأن العقوبات التي توقع على المخالفات الخاصة بالإنتاج، م 2 ق 151 لسنة 1956 بشأن فرض رسم إنتاج على الأملاح التبخرية وتنظيم استغلالها.
(6) محل الالتزام. وجوب أن يكون مشروعًا لا يتعارض مع نص ناهٍ. علة ذلك. مُخالفة هذا التعارض للنظام العام. أثره. م 135 مدني.
(7) ثبوت اتفاق مورث المطعون ضدهم بالبند الخامس الصادر له ترخيص باستغلال ملاحة التداعي مع مورث المطعون ضدهم بالبند السادس على قيام الأخير بأعمال الحفر وكافة الأعمال اللازمة لإنتاج الملح مقابل نصف الإنتاج وتنازل الأخير عن ذلك للمطعون ضدهما الأول والثاني. مفاده. تناول العقد التصرف في حق استغلال الملاحة. أثره. بطلانه بطلانًا مطلقًا وعدم ترتيبه أي أثر فيما بين طرفيه أو للغير. علة ذلك. مخالفة الحكم المطعون فيه ذلك النظر وقضاؤه بصحة ونفاذ عقد الاتفاق على الاشتراك في استغلال أرض التداعي والتنازل عنه دون موافقة الوزير المختص استنادًا لنفاذه بين أطرافه دون الغيـر. خطأ ومخالفة للقانون.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أن الصفة في الطعن من النظام العام تتصدى لها المحكمة من تلقاء نفسها.
2- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية عنها المرد في تعيين مداها وبيان حدودها يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون، والأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها وله وحده مراقبة العاملين لديه والإشراف على أعمالهم ومحاسبتهم على الخروج عليها إلا إذا أسند القانون صفة النيابة القانونية فيما يتعلق بشئون هيئة معينة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير الذي تتبعه فيكون لمن أسندت إليه هذه الصفة حينئذ هذه النيابة بالمدى والحدود التي رسمها القانون.
٣- إن مؤدى النص في المادة الأولى من القانون رقم 198 لسنة 2014 بشأن الثروة المعدنية والمستبدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2019 أن الجهة الإدارية المختصة بتسيير وإدارة المحاجر والملاحات تحت الإشراف الفني للهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية هي المحافظة بالنسبة للمحاجر والملاحات التي تقع في دائرة اختصاصها.
٤- المقرر– في قضاء محكمة النقض – أن مفاد نصوص المواد 4، 26، 27 من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانونين رقمي 50 لسنة 1981، 145 لسنة 1988 - أن المحافظ في دائرة اختصاصه هو الرئيس لجميع الأجهزة والمرافق وأنه هو الذي يمثل المحافظة أمام القضاء وفي مواجهة الغير، ومن ثم يضحى الطعن بالنسبة للطاعن الثاني بصفته مدير عام مديرية الإسكان والمرافق بدمياط بصفته غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة.
5- إن النص في المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 356 لسنة 1956 في شأن تنظيم استغلال الملاحات وتحصيل رسم إنتاج على الأملاح التبخرية على أنه " .... لا يجوز تشغيل أي مكان لصنع الملح محليًا إلا بعد الحصول على ترخيص خاص من وزارة الصناعة وفقًا للشروط والأوضاع التي يقررها وزير الصناعة بالاتفاق مع وزير المالية والاقتصاد .... "، وفي المادة السادسة منه على أن " يُحظر على أي شخص أن يشترك في عملية إنتاج الملح محليًا خفية مع علمه بذلك سواء كان ذلك بتأجير مكان مباشرًة أو من الباطن أو بتقديم نقود أو أجهزة أو أجزاء منها أو بأية وسيلة أخرى."، وفي المادة التاسعة منه على أنه " علاوة على العقوبات المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 والقانون رقم 151 لسنة 1956 المشار إليهما يحكم بالإغلاق ومصادرة ما يُضبط من المنتجات والآلات والأجهزة ووسائل النقل وفي جميع الأحوال يُحكم بأداء الرسم الذي يكون مستحقًا حتى ولو لم تضبط المنتجات."، والنص في المادة الأولى المرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 في شأن العقوبات التي توقع على المخالفات الخاصة بالإنتاج على أن " كل مخالفة للقوانين أو للمراسيم الخاصة بالإنتاج أو اللوائح الصادرة بتنفيذها يُعاقب عليها بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع الجزاءات الأخرى المنصوص عليها فيها."، والنص في المادة الثانية من القانون رقم 151 لسنة 1956 بفرض رسم إنتاج على الأملاح التبخرية وتنظيم استغلالها على أن " يكون الترخيص باستغلال الأملاح التبخرية وتقدير القيمة الإيجارية السنوية بقرار يصدر من وزير التجارة والصناعة .... ويعاقب بعقوبة السرقة أو الشروع فيها كل من استخرج أو شرع في استخراج الأملاح التبخرية بدون ترخيص، كما يحكم بمصادرة الأدوات وآلات التشغيل." - يدل على أن المشرع قصد تشغيل واستغلال الملاحات على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه التزامًا بمقتضيات الصالح العام فأوجب الحصول على ترخيص خاص من وزارة الصناعة لتشغيل أي مكان لصنع الملح محليًا، وحظر على أي شخص استخراج الملح أو الاشتراك في عملية إنتاجه بكافة الوسائل دون الحصول على ترخيص بذلك، ورتب على مخالفة ذلك جزاءً جنائيًا بموجب المواد آنفة البيان، ومن ثم فإن القواعد التي نظم بها المشرع هذه المسألة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام قصد بها تحقيق مصلحة عامة اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصالح الأفراد مما يوجب عليهم جميعًا مراعاتها وعدم مناهضتها باتفاقات فيما بينهم حتى لو حققت هذه الاتفاقات لهم مصالح فردية والتي لا تعلو على المصالح العامة.
6- المقرر- في قضاء محكمة النقض – أنه إذ كانت المادة 135 من القانون المدني تنص على أنه " إذا كان محل الالتزام مخالفًا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلاً." فإن محل الالتزام يجب أن يكون مشروعًا لا يتعارض مع نص ناهٍ، لأن مثل هذا التعارض يندرج تحت مخالفة النظام العام.
7- إذ كان الثابت في الأوراق - وحصله الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه – أن مورث المطعون ضدهم بالبند الخامس – الصادر له ترخيص باستغلال ملاحة التداعي - قد اتفق مع مورث المطعون ضدهم بالبند السادس على قيام الأخير بأعمال الحفر وكافة الأعمال اللازمة لإنتاج الملح مقابل حصوله على نصف الإنتاج، ثم تنازل الأخير عن ذلك لصالح المطعون ضدهما الأول والثاني، فإن العقد يكون قد تناول التصرف في حق استغلال الملاحات، ومن ثم فإنه يكون باطلًا بطلانًا مطلقًا لتعارض محل الالتزام فيه مع نصوص قانونية آمرة متعلقة بالنظام العام، وبالتالي فإنه لا ينتج أثرًا لا فيما بين طرفيه ولا بالنسبة للغير، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من صحة ونفاذ عقد الاتفاق على الاشتراك في استغلال أرض التداعي والتنازل عنه دون موافقة الوزير المختص على سند من نفاذه بين أطرافه دون الغير؛ فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المــقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثاني أقاما على الطاعنين بصفتيهما وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم .... لسنة 2010 مدني أمام محكمة دمياط الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد الشركة المؤرخ 20/12/1985 والتنازل المسطر خلفه، وقالا بيانًا لذلك: إن مورث المطعون ضدهم بالبند الخامس صدر له ترخيص باستخراج واستغلال الملح الخام الصناعي من ملاحة تبخرية، وبموجب هذا العقد اتفق الأخير مع مورث المطعون ضدهم بالبند السادس على إنشاء شركة لاستغلال تلك الملاحة بغرض استخراج الملح وبيعه على أن توزع الأرباح مناصفة بينهما، وإذ تنازل مورث المطعون ضدهم بالبند السادس عن حصته في الشركة للمطعون ضدهما الأول والثاني فكانت الدعوى. وجه المطعون ضدهما الثالث والرابع طلبًا عارضًا بطلب الحكم بطرد المطعون ضدهما الأول والثاني من الملاحات موضوع التداعي. حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بالطلبات وفي الطلب العارض برفضه. استأنف الطاعنان بصفتيهما هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 44 ق المنصورة "مأمورية دمياط"، كما استأنفه المطعون ضدهما الثالث والرابع لدى المحكمة ذاتها بالاستئناف رقم .... لسنة 44 ق. ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط، وقضت بتاريخ 29/1/2013 بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنان بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه من المقرر– في قضاء هذه المحكمة – أن الصفة في الطعن من النظام العام تتصدى لها المحكمة من تلقاء نفسها، وكان تمثيل الدولة في التقاضي هو نوع من النيابة القانونية عنها المرد في تعيين مداها وبيان حدودها يكون بالرجوع إلى مصدرها وهو القانون، والأصل أن الوزير هو الذي يمثل الدولة في الشئون المتعلقة بوزارته وذلك بالتطبيق للأصول العامة باعتباره المتولي الإشراف على شئون وزارته والمسئول عنها وله وحده مراقبة العاملين لديه والإشراف على أعمالهم ومحاسبتهم على الخروج عليها إلا إذا أسند القانون صفة النيابة القانونية فيما يتعلق بشئون هيئة معينة أو وحدة إدارية معينة إلى غير الوزير الذي تتبعه فيكون لمن أسندت إليه هذه الصفة حينئذ هذه النيابة بالمدى والحدود التي رسمها القانون، وكان مؤدى النص في المادة الأولى من القانون رقم 198 لسنة 2014 بشأن الثروة المعدنية والمستبدلة بالقانون رقم 145 لسنة 2019 أن الجهة الإدارية المختصة بتسيير وإدارة المحاجر والملاحات تحت الإشراف الفني للهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية هي المحافظة بالنسبة للمحاجر والملاحات التي تقع في دائرة اختصاصها، وأن مفاد نصوص المواد 4، 26، 27 من قانون نظام الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 المعدل بالقانونين رقمي 50 لسنة 1981، 145 لسنة 1988 أن المحافظ في دائرة اختصاصه هو الرئيس لجميع الأجهزة والمرافق وأنه هو الذي يمثل المحافظة أمام القضاء وفي مواجهة الغير، ومن ثم يضحى الطعن بالنسبة للطاعن الثاني بصفته غير مقبول لرفعه من غير ذي صفة.
وحيث إن الطعن - فيما عدا ما تقدم - استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما ينعى به الطاعن الأول بصفته على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول: إن الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائي قد أقام قضاءه بصحة ونفاذ عقد شركة الملاحات المؤرخ 20/12/1985 والتنازل الملحق به على سند من توافر أركانهما وشروطهما من رضاء المتعاقدين الغير مشوب بعيب من عيوب الإرادة ومحل محدد تحديدًا نافيًا للجهالة وجائز التعامل فيه وبالتالي يتولد عنهما التزام قبل أطرافه هو التزام بعمل يمكن تنفيذه عينًا وتسمح طبيعته بأن يقوم حكم القاضي فيه مقام التنفيذ العيني وذلك بالمخالفة لأحكام القانون رقم 151 لسنة 1956 - في شأن تنظيم استغلال الأملاح التبخرية - المتعلقة بالنظام العام والتي تحظر التنازل أو المشاركة في الترخيص باستغلال الملاحات، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد؛ ذلك أن النص – المنطبق على واقعة التداعي - في المادة الثالثة من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 356 لسنة 1956 في شأن تنظيم استغلال الملاحات وتحصيل رسم إنتاج على الأملاح التبخرية على أنه " .... لا يجوز تشغيل أي مكان لصنع الملح محليًا إلا بعد الحصول على ترخيص خاص من وزارة الصناعة وفقًا للشروط والأوضاع التي يقررها وزير الصناعة بالاتفاق مع وزير المالية والاقتصاد .... "، وفي المادة السادسة منه على أن " يُحظر على أي شخص أن يشترك في عملية إنتاج الملح محليًا خفية مع علمه بذلك سواء كان ذلك بتأجير مكان مباشرةً أو من الباطن أو بتقديم نقود أو أجهزة أو أجزاء منها أو بأية وسيلة أخرى."، وفي المادة التاسعة منه على أنه " علاوة على العقوبات المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 والقانون رقم 151 لسنة 1956 المشار إليهما يحكم بالإغلاق ومصادرة ما يضبط من المنتجات والآلات والأجهزة ووسائل النقل وفي جميع الأحوال يحكم بأداء الرسم الذي يكون مستحقًا حتى ولو لم تضبط المنتجات."، والنص في المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 328 لسنة 1952 في شأن العقوبات التي توقع على المخالفات الخاصة بالإنتاج على أن " كل مخالفة للقوانين أو للمراسيم الخاصة بالإنتاج أو اللوائح الصادرة بتنفيذها يُعاقب عليها بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع الجزاءات الأخرى المنصوص عليها فيها."، والنص في المادة الثانية من القانون رقم 151 لسنة 1956 بفرض رسم إنتاج على الأملاح التبخرية وتنظيم استغلالها على أن " يكون الترخيص باستغلال الأملاح التبخرية وتقدير القيمة الإيجارية السنوية بقرار يصدر من وزير التجارة والصناعة .... ويعاقب بعقوبة السرقة أو الشروع فيها كل من استخرج أو شرع في استخراج الأملاح التبخرية بدون ترخيص، كما يُحكم بمصادرة الأدوات وآلات التشغيل." - يدل على أن المشرع قصد تشغيل واستغلال الملاحات على نحو محدد لا يجوز الخروج عليه التزامًا بمقتضيات الصالح العام فأوجب الحصول على ترخيص خاص من وزارة الصناعة لتشغيل أي مكان لصنع الملح محليًا، وحظر على أي شخص استخراج الملح أو الاشتراك في عملية إنتاجه بكافة الوسائل دون الحصول على ترخيص بذلك، ورتب على مخالفة ذلك جزاءً جنائيًا بموجب المواد آنفة البيان، ومن ثم فإن القواعد التي نظم بها المشرع هذه المسألة تعتبر من القواعد الآمرة المتعلقة بالنظام العام قصد بها تحقيق مصلحة عامة اقتصادية تتعلق بنظام المجتمع الأعلى وتعلو على مصالح الأفراد مما يوجب عليهم جميعًا مراعاتها وعدم مناهضتها باتفاقات فيما بينهم حتى لو حققت هذه الاتفاقات لهم مصالح فردية والتي لا تعلو على المصالح العامة. وإذ كانت المادة 135 من القانون المدني تنص على أنه " إذا كان محل الالتزام مخالفًا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلًا." فإن محل الالتزام يجب أن يكون مشروعًا لا يتعارض مع نص ناهٍ، لأن مثل هذا التعارض يندرج تحت مخالفة النظام العام؛ لما كان ذلك، وكان الثابت في الأوراق - وحصله الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه – أن مورث المطعون ضدهم بالبند الخامس – الصادر له ترخيص باستغلال ملاحة التداعي - قد اتفق مع مورث المطعون ضدهم بالبند السادس على قيام الأخير بأعمال الحفر وكافة الأعمال اللازمة لإنتاج الملح مقابل حصوله على نصف الإنتاج، ثم تنازل الأخير عن ذلك لصالح المطعون ضدهما الأول والثاني، فإن العقد يكون قد تناول التصرف في حق استغلال الملاحة، ومن ثم فإنه يكون باطلًا بطلانًا مطلقًا لتعارض محل الالتزام فيه مع نصوص قانونية آمرة متعلقة بالنظام العام، وبالتالي فإنه لا ينتج أثرًا لا فيما بين طرفيه ولا بالنسبة للغير، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من صحة ونفاذ عقد الاتفاق على الاشتراك في استغلال أرض التداعي والتنازل عنه دون موافقة الوزير المختص على سند من نفاذه بين أطرافه دون الغير، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه مما يوجب نقضه لهذا السبب.
وحيث إن الموضوع – ولما تقدم – صالح للفصل فيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق