بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 03-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 466 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ز. ش.
ك. ا. ش.
مطعون ضده:
ب. أ. ا. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/73 استئناف تجاري بتاريخ 12-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني للطع ن وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر - مجدى إبراهيم عبد الصمد - والمداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائـع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده أقام على الطاعنيّن الدعوى رقم 128 لسنة 2024 تجارى مصارف أمام محكمة دبى الابتدائية بطلب الحكم - بحسب طلباته الختامية - بإلزامهما بأن يؤديا إليه مبلغ 558019.06 درهماً وفائدة قانونية بواقع %9 من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد ؛ تأسيساً على أنه منح الطاعنة الأولى قرضاً بمبلغ مليون درهم بكفالة شخصية من الطاعن الثانى وإذ ترصد فى ذمتيهما المبلغ المطالب به وامتنعا عن سداده فقد أقام الدعوى . ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع تقريره حكمت بتاريخ 17/12/2024 بإلزام الطاعنيّن بأن يؤديا إلى المطعون ضده المبلغ المطالب به وفائدة قانونية بواقع %5 من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد . استأنف المطعون ضدهما الحكم برقم 73 لسنة 2025 تجارى ، وبتاريخ 12/3/2025 قضت المحكمة ـــ فى غرفة مشورة ـــ بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعنان فى هذا الحكم بالتمييز برقم 466 لسنة 2025 تجارى بصحيفة قُيدت إلكترونياً بتاريخ 11/4/2025 طلبا فى ختامها نقض الحكم المطعون فيه والإحالة ، وقدم المطعون ضده مذكرة طلب فى ختامها رفض الطعن . وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسةً لنظره .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه ؛ وفى بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا بانتهاء كفالة الطاعن الثانى لإقامة البنك المطعون ضده دعواه بعد مضى أكثر من ستة أشهر من تاريخ استحقاق الدين ، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ؛ ذلك أنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الكفالة ــــ وعلى ما تفيده المادة 1056 من قانون المعاملات المدنية ــــ هي ضم ذمة شخص هو الكفيل إلى ذمة المدين في تنفيذ التزاماته ، واستخلاص الكفالة وتحديد نطاقها والدين الذي تكلفه وتفسيرها هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقبٍ ما دام قد أقام قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق ولم يخرج في تفسيره للكفالة عن المعنى الذي تحتمله عباراتها . وأن القاعدة التي تقضى بها المادة 1092 من ذات القانون بخروج الكفيل من الكفالة إذا لم يطالب الدائن المدين بالدين المكفول خلال ستة أشهر من تاريخ استحقاقه ليست متعلقةً بالنظام العام ؛ إذ هي تتعلق بمصلحة الكفيل الخاصة ولذلك يجوز الاتفاق على مخالفتها بموافقة الكفيل على التنازل عنها بقبوله أن تكون كفالته مستمرة لمدة أطول من ستة أشهر ، ولقاضي الموضوع استخلاص موافقة الكفيل على أن تكون كفالته مستمرة طالما كان استخلاصه سائغاً مما له أصله الثابت بالأوراق . كا أنه من المقرر - أيضًا - أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة قيها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه، وتفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها، ولا تكون ملزمة ـــ من بعد ـــ بالتحدث عن كل قرينةٍ غير قانونية يدلي بها الخصوم ولا بتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسبابٍ سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خلص من سائر أوراق الدعوى ومستنداتها إلى ثبوت كفالة الطاعن الثانى للدين بموجب عقد كفالة شخصية مؤرخة 27/7/2015 لمدةٍ تزيد على ستة أشهر وحتى وفاء الطاعنة الأولى " المدين الأصلى " لجميع التزاماتها ، وإذ كان هذا الذي خلص اليه الحكم سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضائه ويتضمن الرد المسقط لدفاع الطاعنين ـــ فى هذا الخصوص ـــ فإن النعي عليه لا يعدو وأن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بسلطة تحصيله وتقديره من أدلة الدعوى وما طُرح فيها من المستندات بغيه الوصول إلى نتيجة مغايرة وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز ، ومن ثم يضحى النعى على غير أساس .
وحيث إن الطاعنيّن ينعيان بال سبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ؛ وفى بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن المطعون ضده استند فى دعواه إلى أن الطاعنة الأولى حصلت منه على قرض بمبلغ مليون درهم بكفالة الطاعن الثانى وأن الفائدة الاتفاقية على القرض بواقع 12 % ، وأن ما ورد بتقرير الخبرة بشأن ترصد مبلغ 558019.06 درهماً فى ذمتيهما يخالف ما ورد بكشف الحساب والمستندات المقدمة من البنك المطعون ضده فى خصوص مقدار الدين المستحق للمطعون ضده والفائدة الاتفاقية المحتسبة عليه ، كما تمسكا بأنهما سددا مبلغ 1,949004.66 درهماً بما يزيد على قيمة المستحق للمطعون ضده ، إلا أن الحكم التفت عن دفاعهما مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى أساسه سديد ؛ ذلك أن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن تفسير العقود والمحررات وسائر الاتفاقات مسألة قانونية الفصل فيها من اختصاص محكمة الموضوع ويجب أن تتصدى لها من تلقاء نفسها ولا يجوز الأخذ برأي الخبير فيها وأن مخالفة ذلك مخالفة للقانون ، ومن المقرر - أيضًا - أن كل طلب او دفع أو وجه دفاع يدلى به الخصم لدى محكمة الموضوع ويطلب منها بطريق الجزم أن تفصل فيه ويكون الفصل فيه مما يجوز أن يترتب عليه تغيير وجه الرأي في الدعوى فانه يجب على تلك المحكمة أن تبحثه وترد عليه في أسباب حكمها وإلا كان الحكم مشوبًا بالقصور في التسبيب ، وأنه يجب علي محكمة الموضوع أن يشتمل حكمها على ما يطمئن المطلع عليه إلى أنها قد محصت الأدلة والمستندات المطروحة عليها وصولًا إلى ما ترى أنه الواقع الثابت في الدعوى بحيث يكون الحكم مؤديًا إلى النتيجة التي بنى قضاءه عليها ، أما إذا قصّرت في التحدث في حكمها عن المستندات المؤثرة وأوجه الطعن عليها في الدعوى مع تمسك الخصم بدلالتها أو لم ترد على أوجه الدفاع الجوهري والدفوع التي طرحها عليها بما يفيد أنها أحاطت بحقيقة الواقع في الدعوى وأوردت تسبيبًا لقضائها عبارات عامة مقتضبة لا تكشف عن أنها محصت تلك المستندات وذلك الدفاع فإن حكمها يكون قاصر البيان ، و مناط اعتماد المحكمة في قضائها على تقرير الخبير المعين في الدعوى والأخذ به محمولًا على أسبابه أن يكون الخبير قد أدلى بقوله في نقاط الخلاف بين الطرفين ورد عليها بأسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة الملف الإلكترونى للطعن أن اتفاقية القرض موضوع الدعوى خلت من الاتفاق على تحديد فائدة عند التوقف عن السداد ، وكان تقرير الخبير المنتدب فى الدعوى قد أضاف إلى قيمة المبلغ المترصد فى ذمة الطاعنيّن فائدة مقدارها % 19 من تاريخ التوقف عن السداد حتى تاريخ رفع الدعوى ، وكان الثابت بالأوراق أن الطاعنيّن قد تمسكا أمام محكمة الموضوع بدرجتيها باحتساب الخبرة لمبالغ تزيد عما هو متفق عليه بعقد القرض ويخالف كشف الحساب المقدم من المطعون ضده فى خصوص مقدار الدين والفائدة الاتفاقية وأنهما سددا مبالغ تزيد على قيمة المديونية المستحقة للمطعون ضده ، إلا أن الحكم المطعون فيه تخلى عن سلطته في تفسير شروط اتفاقية القرض محل النزاع ، والتفت عن دفاع الطاعنيّن ولم يقل كلمته فيه رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به ـــ إن صح ـــ وجه الرأي في الدعوى ، مكتفيًا بإيراد عبارة مجملة أنه " بأخذ المحكمة بتقرير الخبير فإنها ترد ما ورد فيه من اعتراضات " ، حال أن تقرير الخبير الذى عوّل عليه الحكم بعد أن أورد فى تقريره دفاع الطاعنيّن الوارد بوجه النعى لم يعن ببحثه وتمحيصه ، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه ، على أن يكون مع النقض الإحالة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً وألزمت المطعون ضده المصروفات ومبلغ ألفى درهم مقابل أتعاب المحاماة مع رد مبلغ التأمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق