جلسة 12 من يناير سنة 1985
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح محمد إبراهيم صقر وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله ومحمود مجدي أبو النعاس وفاروق عبد الرحيم غنيم - المستشارين.
----------------
(65)
الطعنان رقما 862/ 872 لسنة 29 القضائية
منشآت فندقية وسياحية - الترخيص بها - شروطه - شرط عدم الحكم على طالب الترخيص بجريمة مخلة بالأمانة والشرف.
القانون رقم 1 لسنة 1973 بشأن المنشآت الفندقية والسياحية - قرار وزير السياحة رقم 181 لسنة 1973 بشأن شروط وإجراءات الترخيص بالمنشآت الفندقية والسياحية تحظر المادة 37 منه منح الترخيص إلى الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة جنائية أو في جريمة مخلة بالأمانة أو بالشرف ولم يرد إليهم اعتبارهم - الجرائم المخلة بالأمانة أو الشرف هي تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق وانحراف في الطبع مع الأخذ في الاعتبار نوع الجريمة والظروف التي ارتكبت فيها والأفعال المكونة لها ومدى كشفها عن التأثر بالشهوات والنزوات وسوء السيرة - مثال لما لا يعتبر من الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الخمس 17 من فبراير سنة 1983 أودعت إدارة قضايا الحكومة نيابة عن وزير السياحة قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 862 لسنة 29 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 13 من ديسمبر سنة 1982 في الدعوى رقم 5072 لسنة 36 قضائية المقامة من منير رءوف حنا وجلاديس وديع داغر ضد وزير السياحة والقاضي:
أولاً: بقبول تدخل محمد رفعت أمين سليمان وعزيزة عمر حسن خلوصي خصمين منضمين للمدعى عليه.
ثانياً: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم ورفض طلب وقف تنفيذ القرار وإلزام المطعون ضدهما المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وفي يوم الأحد 20 من فبراير سنة 1983 أودع الأستاذ غبريال إبراهيم غبريال المحامي والوكيل عن محمد رفعت سليمان وعزيزة عمر حسن خلوصي قلم كتاب المحكمة تقرير طعن في ذات الحكم قيد تحت رقم 872 لسنة 29 قضائية وطلب للأسباب الواردة في التقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه (أولاً) بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضدهما الثاني والثالثة – رءوف منير حنا، وجلاديس وديع داغر - مصروفات هذا الطلب (ثانياً) إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب المدعيين وقف تنفيذ القرار مع إلزامهما بالمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعنين ارتأت فيه الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبقبول الطعنين شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه في شقه الخاص بطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والقضاء برفض هذا الطلب مع إلزام المدعيين بالمصروفات.
وقد تحدد لنظر الطعنين أمام دائرة فحص الطعون جلسة 5/ 3/ 1984 وفيها قررت ضم الطعن رقم 872 لسنة 29 قضائية إلى الطعن رقم 862 لسنة 29 قضائية تم قررت بجلسة 16/ 4/ 1984 إحالة الطعنين إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظرهما بجلسة 5/ 5/ 1984 وبعد أن تدوول نظر الطعنين بجلسات المحكمة على النحو الثابت بالمحاضر قررت بجلسة 8/ 12/ 1984 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن منير رءوف حنا، وجلاديس وديع داغر أقاما الدعوى رقم 5075 لسنة 36 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) ضد وزير الزراعة طالبين الحكم:
أولاً: وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وكيل أول وزارة السياحة لشئون الرقابة السياحية رقم 77 لسنة 1982 بإلغاء التراخيص الممنوحة لفندق كايرو أن.
ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب عليه من آثار مع إلزام المطعون ضده في جميع الأحوال المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال المدعيان، شرحاً لدعواهما، أنه بتاريخ 6/ 7/ 1982 نشر بالوقائع المصرية قرار وكيل أول وزارة السياحة لشئون الرقابة السياحية رقم 77 لسنة 1982 متضمناً إلغاء التراخيص الممنوحة لفندق كايرو أن الكائن 26 شارع سوريا بالمهندسين - محافظة الجيزة ومنحه مهلة قدرها عشرون يوماً لإنهاء كافة الالتزامات الخاصة به. وقد جاء هذا القرار باطلاً من عدة وجوه حيث صدر ممن لا يملك إصداره ودون أسباب تبرره ودون أن يسبقه إجراء تحقيق أو مواجهة معهما باعتبارهما صاحبي الفندق. بالإضافة إلى أن استغلالهما للفندق خلا من أية شائبة تسوغ إصدار القرار أو تدخل ضمن الأسباب التي تخول ذلك والواردة على سبيل الحصر في القانون رقم 1 لسنة 1973 بشأن المنشآت الفندقية والسياحية ولائحته التنفيذية. وأضاف المدعيان أن البادي أن القرار صدر مشوباً بإساءة استعمال السلطة ولأغراض بعيدة عن الصالح العام وبإيعاز من أصحاب العقار الذين يسلكون كل السبل للتخلص منهما.
وأثناء نظر طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه أمام محكمة القضاء الإداري طلب محمد رفعت أمين سليمان وعزيزة عمر حسن خلوصي مؤجراً مبنى الفندق قبول تدخلهما خصمين منضمين إلى المدعى عليه في طلب الحكم برفض الدعوى بشقيها. كما قدم كل من المدعيين وطالبي التدخل مستنداته ومذكرات بدفاعه. وقدمت إدارة قضايا الحكومة ملف تراخيص الفندق ورد الجهة الإدارية على الدعوى. ويجمل ما جاء في هذا الرد والأوراق المرفقة له في أن السيدة عزيزة عمر خلوصي والسيد محمد رفعت أمين مالكي مبنى فندق كايرو أن تقدما بعدة شكاوى إلى وزارة السياحة ضد كل من السيدة....... والسيد...... مستغلي الفندق يطالبان فيها بإلغاء الترخيص الصادر لهما عن الفندق وذلك تأسيساً على ما شاب صدوره من تزوير في واقعة وجهة ميلاد السيد...... حيث قرر أنه لبناني الجنسية ومن مواليد لبنان في حين أنه مصري الجنسية ومولود بالإسكندرية، وكذا صدور حكم نهائي ضده في جريمة إصدار شيك بدون رصيد، وهي جريمة مخلة بالشرف، كما أنه ارتكب جريمة سرقة تيار كهربائي وأجرى تعديلات في الفندق على خلاف الرسومات المعتمدة وبنى أسقفاً وحوائط دون ترخيص وباع بعض الأجهزة المعفاة من الجمارك والواردة باسم الفندق. وأنه ببحث الموضوع بمعرفة الإدارة العامة للشئون القانونية بالوزارة اتضح أنه بتاريخ 2/ 8/ 1978 وافقت لجنة التراخيص على منح السيدة........ - مصرية الجنسية - ترخيص منشأة فندقية، وصدر هذا الترخيص برقم 609 في 17/ 11/ 1979 باسم السيدة المذكورة ثم أضيفت إلى خانة المرخص إليه اسم السيد......... ودون في خانة الجنسية أن السيدة...... مصرية وأن السيد....... لبناني. وكان من بين المستندات التي تقدم بها المذكور للحصول على الترخيص صورة جواز سفره اللبناني رقم 175296 المتضمن أنه من مواليد بيروت سنة 1947. وخطاب من القنصلية اللبنانية بالقاهرة مؤرخ 13/ 11/ 1979 يفيد أن جواز سفره صادر من بيروت وأنه حسن السير والسلوك ومقيد في سجلات البعثة تحت رقم 19284. وأضاف الرد أنه بفحص ملف الترخيص وجدت به صحيفة الحالة الجنائية الخاصة بالسيد...... والمؤرخة 21/ 10/ 1981 مثبت بها أنه من مواليد الإسكندرية في 1/ 12/ 1947 ويحمل بطاقة عائلية رقم 13357 العجوزة، وصورة ضوئية من شهادة ميلاده مثبت بها أنه من مواليد 1/ 9/ 1947 قسم كرموز ثان بالإسكندرية، وصورة بطاقة عائلية رقم 13357 العجوزة باسم المذكور، وصورة من الترخيص رقم 767 المؤرخ 29/ 12/ 1981 بمنشأة سياحية دون عليها عبارة "حصل على موافقة لجنة التراخيص جلسة 2/ 8/ 1978 وبدل الترخيص رقم 609 الصادر من وزارة السياحة بتاريخ 17/ 11/ 1979 حيث قدم تحقيق الشخصية رقم 13357 الصادر من مكتب سجل مدني العجوزة بتاريخ 4/ 10/ 1981 وقدم صحيفة الحالة الجنائية رقم 7269 الصادر في 21/ 10/ 1981" وهذه البيانات كما جاء بالرد - لم يرد فيها ذكر لجنسية المستغل أو محل ميلاده قرين الخانة المخصصة لذلك، وهي تغاير ما دون في الترخيص الأول (رقم 609) الذي تم التأشير عليه بما يفيد استخراج الترخيص رقم 767 "لتغير الجنسية الخاصة بالسيد...... وانتهت نتيجة الفحص - حسبما ورد بمذكرة الإدارة العامة للشئون القانونية المؤرخة 23/ 5/ 1982 إلى ثبوت ارتكاب السيد....... المخالفات الآتية:
( أ ) جريمة إعطاء شيك بدون رصيد، وهي مخلة بالشرف والأمانة.
(ب) مخالفة شروط الترخيص بتغيير الرسومات الهندسية التي صدر ترخيص الفندق بناء عليها وإدانته في هذه الجريمة بالحكم الصادر من محكمة جنح العجوزة في القضية رقم 5575 لسنة 1980 بتاريخ 29/ 3/ 1982 بتغريمه ألف جنيه وإزالة هذه المنشآت المخالفة.
(جـ) ارتكاب الغش والتدليس حيث قدم مستندات تفيد أنه لبناني الجنسية وتبين فيما بعد وعقب تقديم الشكاوى ضده أنه مصري الجنسية ومولود بمصر. وما كان يجوز تصوير هذا التزوير على أنه تغيير في الجنسية كما ذهبت الإدارة العامة للتراخيص.
وارتأت المذكرة في ضوء ذلك إلغاء التراخيص الممنوحة للفندق إعمالاً لأحكام المواد 1، 23، 37، 45 من قرار وزير السياحة رقم 181 لسنة 1973 بشروط وإجراءات الترخيص بالمنشآت الفندقية والسياحية والتي تقضي بعدم جواز منح الترخيص للمحكوم عليهم في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، وبإلغاء الرخصة في حالة إجراء أي تعديل في المنشأة المرخص بها دون الحصول على موافقة إدارة التراخيص، وبوجوب تقديم صورة من البطاقة العائلية وصحيفة الحالة الجنائية وشهادة من إدارة التجنيد بكيفية معاملة طالب الترخيص من ناحية الخدمة العسكرية إذا كان يتراوح سنه بين 21، 35 سنة واستناداً إلى ما تضمنته هذه المذكرة صدر قرار وكيل أول وزارة السياحة لشئون الرقابة السياحية رقم 77 لسنة 1982 المطعون فيه بإلغاء التراخيص الممنوحة للفندق آنف الذكر.
وبجلسة 23/ 12/ 1982 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها فيه في الشق المستعجل من الدعوى والذي قضى:
أولاً: بقبول تدخل محمد رفعت أمين سليمان وعزيزة عمر حسن خلوصي خصمين منضمين للمدعى عليه.
ثانياً: بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب وأقامت المحكمة قضاءها في خصوصية الحكم بوقف التنفيذ على أساس توافر ركني الاستعجال والجدية ذلك أنه بالنسبة إلى الركن الأول فإن ثمة أضراراً يتعذر تداركها تترتب على تنفيذ القرار وتتمثل في وقف نشاط الفندق أثناء الموسم السياحي وتعطيل العاملين به والإخلال بالعقود والالتزامات التي أبرمها الفندق كمنشأة سياحية - أما بالنسبة إلى ركن الجدية – ومناطه أن يكون طلب وقف التنفيذ قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية - فإن الثابت من الأوراق أن القرار صدر لمخالفة السيد...... لأحكام المادتين 37، 45 من القرار الوزاري رقم 181 لسنة 1973 التي تنص أولاهما على عدم جواز إعطاء تراخيص المنشآت الفندقية والسياحية للأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة جناية أو جريمة مخلة بالأمانة والشرف ما لم يرد إليهم اعتبارهم وبإلغاء التراخيص الممنوحة وفقاً لأحكام القرار إذا حكم على المرخص له بإحدى العقوبات أو الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة. وتقضي الثانية بإلغاء التراخيص في حالة إجراء أي تعديل في المنشأة المرخص بها دون الحصول على موافقة الإدارة العامة للرخص. واستطرد الحكم أن البادي من ظاهر الأوراق أن القرار المطعون فيه قام على أساس ارتكاب المدعي لواقعتين محددتين تمثلان المخالفة لأحكام المادتين المذكورتين وهما ارتكاب جريمة إعطاء شيك بدون رصيد وإجراء تعديل في الفندق دون الحصول على الموافقة اللازمة. وبخصوص الواقعة الأولى فقد حكم على المذكور من محكمة جنح العجوزة في القضية رقم 4062 لسنة 1980 بالحبس شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً وإلزامه بدفع مبلغ 51 جنيهاً للمدعي بالحق المدني لإصداره شيكاً بدون رصيد، وإذ استأنف المدعي هذا الحكم بالقضية الاستئنافية رقم 1632 لسنة 1981 حكم حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت المحكمة بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات "لقيام المحكوم ضده بالسداد" وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة، وأضاف الحكم أن الثابت من الأوراق أن هذا الشيك كان صادراً لأصحاب العقار (طالبي التدخل) وبينهما وبين المدعي خلافات ومنازعات وصلت إلى ساحة القضاء، وأن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد لا تعتبر في جميع الأحوال مخلة بالشرف، والثابت أن هذا الشيك صدر بناء على معاملات تجارية مما يخفف من وقع الجريمة، وفضلاً عن أن الحكمة أمرت بوقف تنفيذ العقوبة، وهذا الوقف وإن كان لا يؤثر في ثبوت الجريمة إلا أن المحكمة راعت ظروف المدعي وقيامه بالسداد ومن ثم أمرت بوقف تنفيذه وبالتالي فإن الجريمة في ضوء تلك الظروف لا تعتبر في حد ذاتها مخلة بالشرف أو الأمانة مما يستدعي إلغاء الترخيص خاصة وأنه - أي الترخيص - صادر للمذكور وزوجته معاً وليس له بمفرده. وفيما يتعلق بالواقعة الثانية أورد الحكم أنه صدر حكم من محكمة جنح العجوزة في الجنحة رقم 5575 لسنة 1980 بتاريخ 29/ 3/ 1982 ضد المدعي...... قضى حضورياً بتغريمه مبلغ ألف جنيه وتصحيح الأعمال المخالفة وضعف رسم الترخيص وذلك لأنه أقام مبان دون ترخيص بالمخالفة للرسم الهندسي المرفق بعقد الإيجار وذلك لثبوت التهم في حقه من واقع محضر الضبط في 11/ 11/ 1980، كما أنه ثبت صدور قرار من حي شمال الجيزة برقم 38 لسنة 81 بإزالة جميع الأعمال المستجدة بالعقار 26 شارع سوريا، واستطرد الحكم أن الثابت من الأوراق أن هذه الأعمال المخالفة لرسم الترخيص تتعلق ببعض المنشآت بمداخل الفندق وليس في الفندق ذاته، وأنه نظراً لظروف السياحة والعمل على تشجيعها كان يمكن التحقق من إزالة هذه المخالفات أو الأمر بإزالتها دون الوصول إلى حد إلغاء التراخيص بعد أن تكبد الفندق آلاف الجنيهات من تجهيز ودعاية وإجراءات ترخيص ورسوم زيادة من السياح ومن ثم فإن إلغاء الترخيص في ظل هذه الظروف جميعها يسبغ القرار المطعون فيه بعدم المشروعية إذ كان يكفي في هذا الشأن أن تقوم الجهة الإدارية بإلزام المدعي بتنفيذ الحكم الجنائي فيما قضى به من تصحيح الأعمال المخالفة أو تنفيذ القرار الإداري الصادر بالإزالة.
ومن حيث إن الطعنين في الحكم المشار إليه يقومان على أنه قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله حيث خرج على المبادئ الأساسية التي تحكم التراخيص بصفة عامة وتراخيص المنشآت الفندقية والسياحية بصفة خاصة إذ من المبادئ المسلمة أن الترخيص الصادر من جهة الإدارة إنما هو تصرف إداري يتم بالقرار الصادر بمنحه، وهو تصرف مؤقت بطبيعته قابل للسحب أو التعديل في أي وقت متى اقتضت المصلحة العامة ذلك. فالترخيص في قضاء المحكمة الإدارية العليا لا يكسب صاحبه أي حق يمتنع معه على الإدارة سحبه أو إلغاؤه أو تنظيمه أو الحد منه تطبيقاً لسلطتها التقديرية وفقاً لموجبات المصلحة العامة. وإذا كان الأمر على هذا النحو بالنسبة للتراخيص عموماً فإن الجهة الإدارية المختصة لا بد وأن تتمتع بسلطات تقديرية أوسع وأرحب بالنسبة لتراخيص المنشآت الفندقية والسياحية ليتسنى لها اتخاذ كل ما يلزم للحفاظ على أرواح وأموال رواد ونزلاء تلك الفنادق والمنشآت من المصريين والأجانب وتوقي ما قد يشوب سمعة مصر في الخارج إذا ما وقع السائحون فريسة لاستغلال أصحاب ومديري المنشآت والفنادق المذكورة. وإذا كان قانون المنشآت الفندقية والسياحية رقم 1 لسنة 1973 والقرار الوزاري المنفذ له قد أشار إلى حالات إلغاء تراخيص تلك المنشآت فإن ذلك لا ينال من سلطة الجهة الإدارية التقديرية المقررة لها في سحب التراخيص وإلغائها كلما تطلب ذلك دواعي المصلحة العامة. وفي ضوء ذلك كله صدر القرار المطعون فيه بإلغاء تراخيص الفندق موضوع النزاع بعد أن ثبت إدانة المطعون ضده الأول في جريمة إصدار شيك بدون رصيد وفي جريمة سرقة تيار كهربائي، وهو ما يوجب إلغاء الترخيص بالتطبيق لنص الفقرة الأولى من المادة 37 من القرار الوزاري رقم 181 لسنة 1973 وكذا ثبوت قيام المطعون ضدهما بإجراء تعديلات في مباني الفندق بالمخالفة للرسومات المعتمدة في هذا الشأن بل وعلى نحو يهدد مباني الفندق وأرواح وأموال نزلائه وباقي مستأجري وحدات العقار الكائن به، وهو ما يكفي بدوره سبباً لإلغاء الترخيص وفقاً لأحكام المادة 45 من القرار الوزاري المشار إليه. يضاف إلى ما تقدم أنه ثبت من الأوراق أن المطعون ضدهما تلاعبا في البيانات المتعلقة بجنسيتهما ومكان ميلادهما كما دخلا في منازعات مستمرة ودائمة مع ملاك العقار وصل أمرها إلى القضاء مما يفقدهما حسن السمعة وطيب الخصال وهي من الصفات الحميدة المطلوبة في كل من يقوم باستغلال فندق سياحي وإدارته.
ومن حيث إن من المسلم أن الفصل في طلب وقف تنفيذ القرار الإداري إنما يتم بحسب ظاهر الأوراق ودون التغلغل في الموضوع، وأنه يجب للقضاء به، فضلاً عن الاستعجال، توافر ركن الجدية بأن يكون الطلب قائماً بحسب الظاهر على أسباب جدية يرجح معها الحكم بإلغاء القرار.
ومن حيث إن البادي من استقراء القرار المطعون فيه والصادر بإلغاء التراخيص الممنوحة لفندق كايرو أن أنه صدر استناداً إلى الأسباب المنوه عنها بمذكرة الإدارة العامة للشئون القانونية بوزارة السياحة المؤرخة 23/ 5/ 1982 التي أشار إليها القرار في ديباجته. ويبين من الاطلاع على تلك المذكرة أن تلك الأسباب تجمل في واقعتين محددتين انتهت إلى ثبوتها في حق المدعي الأول...... وهما ارتكاب جريمة إعطاء شيك بدون رصيد، وإجراء تعديل في المنشأة المرخص بها دون الحصول على موافقة إدارة التراخيص أما واقعة سرقة التيار الكهربائي فلم تكن محل اعتبار في إصدار القرار حيث لم تشر المذكرة إلى ثبوتها في حق المدعي المذكور وإنما ورد ذكرها في معرض بيان ما جاء بالشكاوى المقدمة من المتدخلين دون أن تتطرق المذكرة إليها بالبحث، بل إن واقع الحال أن تلك الجريمة لم يفصل القضاء فيها إلا بالحكم الصادر من محكمة جنح العجوزة في 9/ 11/ 1982، أي في تاريخ لاحق على إعداد المذكرة وصدور القرار المطعون فيه، ومن هنا كان من الطبيعي ألا تتطرق إليها المذكرة طالما أن الأمر في شأنها لم يكن قد تعدى دائرة الاتهام ولم يصدر فيه حكم قضائي بعد. وكذلك الحال بالنسبة إلى ما أثير بخصوص جنسية المدعي المذكور فلم تكن هذه الواقعة بدورها محل اعتبار في إصدار القرار، بل إن مذكرة الإدارة العامة للشئون القانونية، التي بني عليها القرار، أوردت صراحة أن القرار الوزاري رقم 181 لسنة 1973 بشروط وإجراءات الترخيص بالمنشآت الفندقية والسياحية لم يرتب جزاء على مثل تلك الواقعة.
ومن حيث إن المادة 2 من القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية تنص على أنه لا يجوز إنشاء أو إقامة المنشأة الفندقية والسياحية أو استغلالها أو إدارتها إلا بترخيص من وزارة السياحة طبقاً للشروط والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير السياحة. وتؤول إلى وزارة السياحة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 371 لسنة 1956 في شأن المحال العامة والقانون رقم 372 لسنة 1956في شأن الملاهي بالنسبة إلى تلك المنشآت.... وقد أصدر وزير السياحة تنفيذاً لذلك القرار رقم 181 لسنة 1973 بشأن شروط وإجراءات الترخيص بالمنشآت الفندقية والسياحية. وقضت المادة الأولى من هذا القرار بأن يقدم طلب الترخيص لإنشاء أو إقامة المنشآت الفندقية والسياحية إلي إدارة تراخيص هذه المنشآت على النموذج المعد لذلك.. ونصت المادة 21 على أنه لا يجوز إجراء أي تعديل في المنشأة المرخص بها إلا بعد موافقة إدارة التراخيص. وقضت المادة 37 بأنه لا يجوز إعطاء التراخيص المشار إليها في هذا القرار إلى الأشخاص الآتي بيانهم:
1 - المحكوم عليهم بعقوبة جنائية أو في جريمة مخلة بالأمانة أو الشرف ولم يرد إليهم اعتبارهم.... وتلغى التراخيص الممنوحة وفقاً لأحكام هذا القرار إذ حكم على المرخص له بإحدى العقوبات في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة. وقضت المادة 45 بأن تلغى رخصة المنشأة الفندقية أو السياحية في الأحوال الآتية..
2 - في حالة مخالفة أحكام المادة 21 من هذا القرار.
ومن حيث إن مفاد ذلك إلغاء ترخيص المنشأة الفندقية أو السياحة في حالة صدور حكم على المرخص له بعقوبة جناية أو في جريمة مخلة بالأمانة أو الشرف.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى جريمة إعطاء شيك بدون رصيد التي أدين فيها المدعي الأول فإن الثابت من الأوراق أن محكمة العجوزة أصدرت حكمها في القضية رقم 1462 لسنة 1980 بجلسة 25/ 11/ 1980 والتي ادعت فيها السيدة...... مالكة العقار - بالحق المدني بحبس المتهم - المدعي الأول....... شهراً مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً وإلزامه بدفع 51 جنيهاً للمدعية بالحق المدني على سبيل التعويض. وأشار الحكم إلى أن المتهم حرر شيكاً ثم أصدر أمره إلى البنك المسحوب عليه بعدم صرف قيمته. ولما استأنف المحكوم ضده هذا الحكم أصدرت محكمة الجيزة الابتدائية (الجنح المستأنفة) حكمها بجلسة 2/ 12/ 1981 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات وأشارت إلى قيام المستأنف بسداد قيمة الشيك.
ومن حيث إن البادي من ذلك أن المدعي الأول لم يحكم عليه بعقوبة جناية ومن ثم فإنه يتعين أن تكون الجريمة التي أدين فيها من قبيل الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة حتى يترتب عليها إلغاء ترخيص الفندق عملاً بحكم المادة 37 من القرار الوزاري آنف الذكر.
ومن حيث إن الجرائم المخلة بالشرف أو الأمانة لم تحدد في قانون العقوبات أو أي قانون سواه تحديداً جامعاً مانعاً، كما أنه من المتعذر وضع معيار مانع في هذا الشأن. على أنه يمكن تعريف هذه الجرائم - حسبما استقر عليه قضاء هذه المحكمة - بأنها هي تلك التي ترجع إلى ضعف في الخلق - وانحراف في الطبع مع الأخذ في الاعتبار نوع الجريمة والظروف التي ارتكبت فيها والأفعال المكونة لها ومدى كشفها عن التأثر بالشهوات والنزوات وسوء السيرة.
ومن حيث إن أعمال هذا التعريف على واقعات الجريمة التي أدين فيها المدعي الأول يخلص إلى عدم اعتبارهم مخلة بالشرف أو الأمانة في ضوء الظروف والملابسات التي أحاطت بها... ذلك أن البادي من الأوراق أن المدعي الأول حرر لصالح السيدة..... مالكة مبنى الفندق - أحد عشر شيكاً كلاً منها بمبلغ 500 جنيه كمقدم إيجار للفندق. غير أن البنك العقاري المصري أوقع حجز ما للمدين لدى الغير تحت يده على ما يكون مستحقاً لمالكة العقار لديه وطلب البنك من المدعي الأول المحجوز لديه - موافاته بقيمة الشيك رقم 34074 تنفيذاً للحجز مشيراً في طلبه إلى نص المادة 46 من قانون الحجز الإداري التي تقضي بأن "لا يعتد بالمبالغ المؤداة للمالك أو الحائز فيما زاد في الأراضي الزراعية على إيجار سنة وفي العقارات على ثلاثة أشهر...". وبناء على ذلك قام المدعي الأول بسداد قيمة الشيك - 500 جنيه - إلى البنك الحاجز (العقاري المصري) وأخطر البنك المسحوب عليه الشيك بالامتناع عن صرف قيمته إلى المحرر لصالحها. وعندما أبلغت المذكورة النيابة العامة ضده وقدم إلى المحاكمة الجنائية بتهمة إصدار شيك بدون رصيد (إخطار البنك بعدم صرف القيمة) وصدر الحكم ضده بالحبس شهراً قام بسداد قيمته ومن ثم أمرت المحكمة الاستئنافية بوقف تنفيذ العقوبة وواضح من ذلك أن المدعي الأول لم يصدر أمره إلى البنك المسحوب عليه بعدم صرف قيمة الشيك إلا تحت مظنة أن الحجز الموقع تحت يده من البنك العقاري المصري يستوجب منه سداد تلك القيمة إلى هذا البنك مما يعتبر في ذات الوقت وفاء منه بقيمة الشيك إلى المحرر لصالحها. وفي ظل هذه الظروف والملابسات لا وجه لاعتبار الجريمة التي أدين فيها مخلة بالشرف أو الأمانة.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى الواقعة الثانية التي بني عليها القرار المطعون فيه والتي تتمثل في قيام المدعي الأول بإجراء تعديلات في الفندق دون الحصول على موافقة إدارة التراخيص فإن البادي من ظاهرة الأوراق أن ما نسب إلى المدعي الأول في هذا الصدد لا يتعلق بإجراء تعديلات في الفندق بالمخالفة للرسومات التي صدر الترخيص على أساسها وإنما نسب إله بعد عدة شكاوى قدمها ملاك المبنى أنه قام بإنشاء غرفة بالحديقة الغربية للعمارة التي يشغل الفندق جزءاً منها كما أنشأ غرفة وبعض منشآت بممرات العمارة وضع فيها بعض الأجهزة. وقد أبدى المدعي الأول في التحقيقات أنه استأجر الفندق من مالكي العقار وبه تلك المنشآت، وأياً كان وجه الحق في هذا القول فإن ظاهر الأوراق يستفاد منه أن إقامة هذا المنشآت وإن كانت مخالفة لقانون توجيه وتنظيم أعمال البناء رقم 106 لسنة 1976 الذي يستوجب الحصول على ترخيص من الجهة الإدارة المختصة بشئون التنظيم قبل إنشاء أية مبان - إلا أنها لا تنطوي على مخالفة لرسومات الفندق ذاته تبرر إلغاء الترخيص وفقاً للمادة 45 من القرار الوزاري رقم 118 لسنة 1973 وآية ذلك أن مالك العقار السيد/........ قدم إلى المحاكمة الجنائية وصدر الحكم ضده بجلسة 22/ 6/ 1981 من محكمة جنح العجوزة بتغريمه عشرين جنيهاً والإزالة لقيامه بالمنشآت المشار إليها دون الحصول على ترخيص من الجهة المختصة بالمخالفة للقانون رقم 106 لسنة 1976 وقد خلت أوراق الدعوى من دليل يؤكد خطورة تلك المنشآت والأجهزة. ذلك أنه ولئن كانت إدارة الدفاع المدني والحريق بمدرية أمن الجيزة قد ارتأت خطورة في وجود اسطوانات للغاز وغلاية أسفل مسقط النور فإن مكتب الأمن الصناعي لم ير في ذلك أية خطورة وأوضح أن ما اعتبر غلاية لا يعدو أن يكون سخاناً كهربائياً (مرفق 102 من ملف الترخيص) كما ارتأت ذلك أيضاً مصلحة الرقابة الصناعية (مرفق 103 من الملف) وقد عادت إدارة الدفاع المدني والحريق فأوضحت بمذكرتها المؤرخة 21/ 1/ 1981 (مرفق 106 من الملف) أن الجهاز عبارة عن سخان وليس غلاية وأن اعتراضها ينصب على موقعه فحسب، ومن ثم انتهى الأمر بنقله إلى مكان آخر.
ومن حيث إنه يخلص من جماع ما تقدم أن القرار المطعون فيه غير قائم بحسب الظاهر على سبب صحيح وبالتالي يتوافر ركن الجدية في طلب وقف تنفيذه دون أن يحاج في هذا الصدد بأن الترخيص بطبيعته تصرف مؤقت يقبل الإلغاء في أي وقت، ذلك أن إلغاء الترخيص، شأن أي قرار إداري آخر - يجب أن يكون قائماً على سبب يبرره. وترتيباً على ذلك يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بوقف تنفيذ القرار، وقد أصاب وجه الحق والقانون مما يتعين معه الحكم برفض الطعنين وإلزام كل من الطاعنين بمصروفات طعنه عملاً بأحكام المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً ورفضهما موضوعاً وألزمت كل طاعن مصروفات طعنه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق