الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 4 يناير 2025

الطعن 1836 لسنة 27 ق جلسة 5 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 58 ص 329

جلسة 5 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج - المستشارين.

-----------------

(58)

الطعن رقم 1836 لسنة 27 القضائية

عاملون بالقطاع العام - انتهاء الخدمة - الاستقالة الحكمية.
المادة 100 من قانون نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 - المشرع حدد على سبيل الحصر الحالات التي تأخذ حكم الاستقالة الضمنية فافترض أنه بتوافر إحدى هذه الحالات الثلاث أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته استعاضة بذلك عن الاستقالة الصريحة - الأثر المترتب على ذلك: لا يجوز للشركة أن تبتدع أحوالاً أخرى وتوردها بلائحتها الداخلية وتفترض بتوافرها أن العامل مقدماً استقالته - إذا تضمنت اللائحة التنفيذية للشركة حكماً مؤداه أنه إذا رفض العامل بدون مبرر أداء العمل الموكول إليه فإنه يعتبر مستقيلاً وصدر قرار إنهاء خدمته استناداً إلى هذا الحكم فإنه يعتبر قرار باطلاً لمخالفته للقانون - أساس ذلك: حكم اللائحة الداخلية قد أضاف حالة رابعة للاستقالة الضمنية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 10 من يونيه سنة 1981 أودع الأستاذ مكرم حبيب المحامي نائباً عن الأستاذ نعيم حلمي المحامي الوكيل عن السيد....... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1836 لسنة 27 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 20 من إبريل سنة 1981 في الدعوى رقم 166 لسنة 22 القضائية المرفوعة من الطاعن ضد رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات - البيبسي كولا - بصفته والذي قضى برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعن وباختصاصها وبرفض الدفع بعدم قبوله شكلاً وبقبوله وبرفضه موضوعاً.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون عليه مع التصدي لموضوع الدعوى وإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تؤدي للطاعن مبلغ ثلاثة آلاف جنيه مع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وتقدير التعويض المناسب.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالدائرة الثالثة بهذه المحكمة جلسة 6/ 6/ 1984 فقررت إحالته لنظره أمام المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الثالثة - لنظره بجلسة 2/ 10/ 1984 والتي أحالته لنظره أمام هذه الدائرة بجلسة 17/ 11/ 1984 وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق أنه بتاريخ 25 من يونيه سنة 1979 أقام الطاعن الدعوى رقم 852 لسنة 1979 أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد السيد رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات (البيبسي كولا) بصفته طالباً الحكم بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يدفع له مبلغاً قدره ثلاثة آلاف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته من جراء القرار الصادر باعتباره مستقيلاً من الخدمة اعتباراً من 6 من يونيه سنة 1979.
وشرح الطاعن دعواه مبيناً أنه التحق بخدمة الشركة في أول يونيه سنة 1950 ثم تدرج بوظائفها إلى أن شغل وظيفة رئيس أقسام شئون العاملين بمصنع اللبان بالدرجة الثامنة، وفي 8 من مايو سنة 1979 نقل للعمل بوظيفة رئيس أقسام التعبئة بنفس درجته ومرتبه بمصنع مصطفى كامل وذلك بمقتضى القرار رقم 59 لسنة 1979 فقام بتنفيذه وتسلم العمل المنقول إليه على الرغم من أن هذا القرار قد صدر جافياً لمقتضيات العمل ومشوباً بالتعسف لصدوره دون عرض على لجنة شئون العاملين فتظلم من هذا القرار إلا أن الشركة لم تستجب لتظلمه.
واستطرد الطاعن قائلاً أن الشركة تمادت في تعسفها ذلك أنه عرض له عذر قهري اقتضى تغيبه عن العمل فأرسل برقية طالباً إجازة سنوية غير أن الشركة اعتبرته متغيباً بدون إذن بالرغم من أن رصيد إجازاته يبلغ 57 يوماً، وقررت مجازاته بخصم ربع يوم من أجره وبتاريخ 6 من يونيه سنة 1979 تقدم بطلب للحصول على إجازة لمدة ثلاثين يوماً من رصيد أجازته فتأشر عليه من رئيس مجلس الإدارة بالموافقة بعد انتهاء الإدارة القانونية من التحقيقات التي تقوم بها معه، وفي نفس هذا التاريخ أخطره مدير المصانع بنتيجة التحقيق الإداري رقم 6 لسنة 1979 الذي أجري في شأن ما نسب إليه من امتناعه عن العمل وتنفيذاً لقرار رئيس مجلس الإدارة رقم 71 لسنة 1979 فقد تقرر اعتباره مستقيلاً من العمل اعتباراً من نهاية عمل يوم 6 من يونيه سنة 1979.
وانتهى الطاعن في عريضة دعواه سالفة الذكر إلى أن القرار المشار إليه يعد باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته لحكم الفقرة الرابعة من المادة 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 والتي ناطت بمجلس إدارة الشركة الاختصاص في توقيع هذا الجزاء بالنسبة لشاغلي الدرجة الثانية فما فوق ومن ثم طلب الحكم بطلباته سالفة الذكر خاصة أنه سيبلغ سن الإحالة إلى المعاش في 10 من ديسمبر سنة 1980.
وبجلسة 25 من مارس سنة 1980 حكمت محكمة الإسكندرية الابتدائية بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى المحكمة التأديبية بمجلس الدولة بالإسكندرية وقيدت الدعوى بسجل تلك المحكمة برقم 166 لسنة 22 القضائية.
وعين لنظر الدعوى أمام المحكمة التأديبية الإسكندرية جلسة 26 من أكتوبر سنة 1980 وبهذه الجلسة حدد الطاعن طلباته في الطعن بأنها الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها بدفع مبلغ ثلاثة آلاف جنيه كتعويض عن الأضرار التي لحقته بسبب إنهاء خدمته اعتباراً من 6 من يونيه سنة 1979.
وقد دفعت الشركة المطعون ضدها الدعوى فطلبت الحكم بعدم اختصاص المحكمة التأديبية ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن المحكمة التأديبية لا تختص بالفصل في طلبات التعويض عن القرارات التأديبية التي توقع على العاملين بالقطاع العام واحتياطياً بعدم قبول الطعن شكلاً لأن الطاعن أقام طعنه بطلب التعويض قبل أن يتظلم من القرار رقم 71 لسنة 1979 باعتباره مستقيلاً من الخدمة أمام المحكمة التأديبية المختصة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطاره به وفقاً للمادة 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام استناداً إلى القول بأن هذا القرار هو الذي بني عليه طلب التعويض في هذا الطعن ومن باب الاحتياط الكلي طلبت الشركة رفض الطعن.
وبجلسة 25 من إبريل سنة 1981 حكمت المحكمة برفض الدفع بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الطعن وباختصاصها وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً وبقبول وبرفضها موضوعاً.
واستندت المحكمة في قضائها إلى أنه بالنسبة للدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الطعن فإن هذا الدفع مردود عليه بأنه طبقاً للمادة 110 من قانون المرافعات تلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها والفصل فيها حتى ولو كانت غير مختصة ولائياً بنظرها.
وبالنسبة للدفع بعدم قبول الطعن شكلاً لعدم التظلم من القرار الصادر بنقل المدعي خلال المواعيد القانونية فإن هذا مردود عليه بأن طلب التعويض عن القرارات المرتبطة والمترتبة على الجزاءات التأديبية لا يسري في شأنها شروط الطعن بالإلغاء.
وبالنسبة لموضوع الدعوى فقد أسست المحكمة حكمها على أن القرار الصادر من رئيس مجلس إدارة الشركة رقم 71 لسنة 1979 باعتبار الطاعن مستقيلاً قد صدر مستنداً في ذلك إلى أنه رفض استلام عهدة المخازن عقب نقله بالقرار رقم 59 لسنة 1971 وهذا الرفض يعتبر امتناعاً عن العمل ومن ثم يكون مقدماً استقالته طبقاً للمادتين 80، 84 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام.
ولقد ذهبت المحكمة إلى أن الطاعن كان قد تقدم بطلب للشركة بتاريخ 6 من يونيه سنة 1979 للحصول على إجازة لمدة ثلاثين يوماً وأشر رئيس مجلس الإدارة على هذا الطلب "موافق بعد انتهاء الإدارة القانونية من التحقيقات التي تقوم بها معه" ولما كانت الإجراءات سالفة الذكر هي في حقيقة الأمر تطبيق لأحكام المواد 80، 81، 82 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه ومن ثم يعتبر القرار رقم 71 لسنة 1971 في التكييف القانوني الصحيح قراراً تأديبياً بتوقيع جزاء الفصل من الخدمة على العامل المذكور، ولما كان هذا القرار قد صدر من رئيس مجلس الإدارة في حين أن القانون رقم 48 لسنة 1978 قد خص المحكمة التأديبية وحدها في المادة (84) منه بتوقيع عقوبة الفصل ومن ثم يكون رئيس مجلس إدارة الشركة بإصداره قرار إنهاء خدمة العامل المذكور قد اغتصب سلطة المحكمة التأديبية مما يترتب عليه انعدام القرار، ولما كان عيب عدم الاختصاص لا يصلح حتماً وبالضرورة أساساً للتعويض عن القرار المشوب به ومن ثم فإن عيب عدم الاختصاص الذي شاب قرار رئيس مجلس الإدارة لا يعد عيباً مؤثراً في موضوع ذلك القرار إذ أنه قد صدر سليماً في مضمونه محمولاً على أسبابه المبررة له ومن ثم يتعين الحكم برفض طلبات العامل المذكور.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون ذلك أن القرار الصادر من رئيس مجلس الإدارة بإنهاء خدمة الطاعن قد صدر مخالفاً للقانون مفوتاً عليه كافة الضمانات الوجوبية التي كفلها المشرع للعامل مفصحاً عن تعسف الإدارة قبله مما يوجب الحكم بالتعويض الذي يراعى في تقديره مدة خدمته وحسن سيرته ومركزه الأدبي والاجتماعي وحرمانه من مورد رزقه.
ومن حيث إن المادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالقطاع العام تنص على أنه "يعتبر العامل مقدما استقالته في الحالات الآتية:
1 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوماً متتالية ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوماً التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول فإذا لم يقدم العامل أسباباً تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2 - إذا انقطع عن عمله بغير إذن تقبله جهة الإدارة أكثر من ثلاثين يوماً غير متصلة في السنة وتعتبر خدمته منتهية في هذه الحالة من اليوم التالي لاكتمال هذه المدة.
وفي الحالتين الواردتين في البندين (1)، (2) يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة سبعة أيام في الحالة الأولى وخمسة عشر يوماً في الحالة الثانية.
3 - إذا التحق بخدمة أية جهة أجنبية بغير ترخيص من حكومة جمهورية مصر العربية وفي هذه الحالة تعتبر خدمة العامل منتهية من تاريخ التحاقه بالجهة الأجنبية.
ولا يجوز اعتبار العامل مستقيلاً في الحالات الثلاث المتقدمة إذا كانت قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالي للانقطاع عن العمل أو لالتحاقه بالخدمة في جهة أجنبية.
ومن حيث إنه يبين من استقراء نصوص القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه أنه بعد أن عدد حالات انتهاء الخدمة إجمالاً في المادة 96 منه، أفرد لكل حالة حكماً خاصاً، وبالنسبة للاستقالة نظمها في حكمين، الحكم الأول فصله في المادة 99 منه وهو حكم الاستقالة الصريحة ثم نظم حكم الاستقالة الضمنية في المادة (100) السالف الإشارة إليها فعدد على سبيل الحصر الحالات التي تأخذ حكم الاستقالة إذ افترض المشرع أنه بتوافر إحدى هذه الحالات الثلاث أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته استعاضة بذلك عن الاستقالة الصريحة ولم يكن هناك مفر من تقرير هذا الحكم إذ أن دوام نشاط منشآت القطاع العام وانتظامها أمر تجب له الرعاية وهذا يقتضي أن يكون من حق الإدارة إنهاء خدمة العامل إذا بدرت منه بوادر تدل على عزوفه عن العمل والحالات التي افترض المشرع أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته وهي كما سلف القول - حالات محددة على سبيل الحصر ومن ثم لا يجوز لإدارة هذه المنشآت أن تضيف إلى هذه الحالات حالات أخرى تفترض بتوافرها أن العامل يعتبر مقدماً استقالته فإن فعلت كان قرارها مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أنه بتاريخ 20 من مايو سنة 1979 قدم مدير مصنع مصطفى كامل التابع للشركة المطعون ضدها مذكرة إلى مدير المصانع أبدى فيها أنه صدر القرار رقم 59 لسنة 1978 بنقل السيد....... إلى وظيفة رئيس أقسام التعبئة بالمصنع اعتباراً من 12 مايو سنة 1979 إلا أن المذكور قد تغيب عن العمل لعدة أيام وعند حضوره رفض استلام العهدة الخاصة بمخازن التعبئة طبقاً لما هو متبع وطلب في مذكرته اتخاذ الإجراءات اللازمة.
وقد باشرت الإدارة القانونية بالشركة التحقيق وانتهت في مذكرتها - بدون تاريخ - إلى الآتي:
أولاً: قيد الواقعة مخالفة إدارية بالمواد 78 (1، 8)، 80، 84، 85 من القانون رقم 48 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين بالقطاع العام ضد الطاعن لأنه في خلال المدة من 12 مايو سنة 1979 وحتى تاريخه بمصنع الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات بمصطفى كامل بالإسكندرية خرج على مقتضى واجب تأدية عمله بدقة وأمانة وواجب تنفيذ الأوامر الصادرة إليه بشأن العمل طبقاً للنظم المعمول بها بأن امتنع دون مبرر مشروع عن أداء ما أسند إليه من عمل يدخل في اختصاصات وظيفته الأصلية ورفض تنفيذ القرار الصادر بنقله بصورة إيجابية واستلام عهدة مخازن التعبئة بصفته الوظيفة الجديدة مما أدى إلى عرقلة العمل والإخلال بحسن سيره.
ثانياً: اعتبار العامل المذكور مستقيلاً من تاريخ اعتماد هذا القرار.
وقد تأشر على هذه المذكرة بتاريخ 6 من يونيه سنة 1979 بالموافقة.
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن الإدارة القانونية قد قيدت الواقعة التي نسبها مدير مصنع مصطفى كامل إلى الطاعن طبقاً لمواد قانون العاملين بالقطاع العام والتي عددت واجبات الوظيفة وخولت السلطات التأديبية توقيع إحدى العقوبات المنصوص عليها بالقانون ولم تكيف الواقعة على أنها انقطاع عن العمل بدون إذن يستوجب تطبيق المادة رقم 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 يؤكد ذلك أن الواقعة محل التحقيق هي بحسب ما تضمنته المذكرة المقدمة من مدير مصنع مصطفى كامل أن العامل المذكور رفض استلام العهدة الخاصة بمخازن التعبئة من يوم 12 من مايو سنة 1979 حتى تاريخ تقديم المذكرة في 20 من مايو سنة 1979 وهي دون مدة الانقطاع التي يعتبر معها العامل مقدماً استقالته فضلاً عما هو ثابت أن العامل المذكور قد حصل على إجازة يوم 12 من مايو سنة 1979 وانقطع عن عمله أيام 14، 15، 16، 17 من مايو سنة 1979 وتم مجازاته عن هذا الغياب بخصم ربع يوم من مرتبه ومن ثم فحقيقة المخالفة المنسوبة إليه أنه رفض استلام العهدة الخاصة بمخازن التعبئة وهذه الواقعة لا تعتبر قرينة ضمنية على الاستقالة طبقاً للمادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه فالانقطاع عن العمل بدون إذن المعول عليه لترتيب أحكام الاستقالة هو عدم تواجد العامل في مقر عمله خلال الساعات المحددة لذلك وهو أمر يختلف عن تواجد العامل في مقر عمله وعدم قيامه به على الوجه الأكمل أو الخروج على مقتضيات عمله، فالأول يفترض معه أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته ومن ثم يقتصر دور الجهة الإدارية على تسجيل واقعة الانقطاع وإنهاء خدمة العامل إن شاءت وبعد اتخاذ الإجراءات المنصوص عليها وأما الأمر الثاني فهو مخالفة تأديبية تتيح للإدارة سلطة تقديرية في توقيع عقوبة من العقوبات التي عينها القانون دون إلزام عليها بتوقيع عقوبة معينة.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أن المخالفة المنسوبة إلى العامل المذكور لا تعتبر انقطاعاً عن العمل في حكم المادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 كذلك فلا حجة لما تذهب إليه الشركة المطعون ضدها من أن هذه المخالفة تؤدي إلى اعتبار العامل المذكور مستقيلاً طبقاً لنص المادة 46 من اللائحة الداخلية للشركة والتي تقضي بأن رفض العامل بدون مبرر أداء العمل الموكول إليه وبشرط ألا يختلف اختلافاً جوهرياً عن عمله يستوجب إثبات هذا الامتناع بمحضر واعتبار العامل مستقيلاً - لا حجة في ذلك لأن المادة 109 من القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه تقضي أنه على مجالس إدارة الشركات الداخلة في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون أن تصدر اللوائح والقرارات المنفذة له ولما كان من المسلم به أنه لا يجوز تضمين اللوائح التنفيذية أحكاماً تخالف أحكام القانون الصادرة تنفيذاً له ومن ثم فإذا كان القانون رقم 48 لسنة 1978 المشار إليه قد حدد حالات ثلاثة يفترض بتحقق إحداها أن نية العامل قد اتجهت إلى تقديم استقالته وأن هذه الحالات قد وردت في القانون على سبيل الحصر ومن ثم فإنه لا يجوز للائحة الداخلية للشركة أن تبتدع أحوالاً أخرى بتحققها يفترض أن العامل قدم استقالته ومن ثم إذا ما قضت اللائحة التنفيذية للشركة المطعون ضدها في المادة 46 منها أن رفض العامل بدون مبرر أداء العمل الموكول له يعتبر مستقيلاً فإن مؤدى ذلك أنها أضافت حالة رابعة للاستقالة الضمنية لم ينص عليها القانون رقم 48 لسنة 1978 في المادة 100 منه ومن ثم يكون القرار الصادر من الشركة المطعون ضدها استناداً لنص المادة 46 من اللائحة المشار إليها قد صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه لما تقدم وكانت المخالفة المنسوبة إلى الطاعن لا تعتبر انقطاعاً عن العمل بدون إذن في مفهوم المادة 100 من القانون رقم 48 لسنة 1978 كما لا تؤدي إلى اعتباره مستقيلاً طبقاً لما تقضي به اللائحة الداخلية للشركة ومن ثم يكون القرار الصادر من الشركة المطعون ضدها رقم 71 لسنة 1979 باعتباره مستقيلاً قد صدر مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن أساس مسئولية الشركة المطعون ضدها عن القرارات الصادرة منها هو تحقق خطأ من جانبها بأن يكون القرار الذي أصدرته مخالفاً للقانون وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر من جرائه وتقوم علاقة السببية بين الخطأ وذلك الضرر.
ومن حيث إن خطأ الشركة المطعون ضدها ثابت قبلها على ما سلف إيضاحه بإصدار القرار رقم 71 لسنة 1979 باعتبار الطاعن مستقيلاً اعتباراً من 6 يونيه سنة 1979 وقد لحق بالطاعن أضرار مادية تتمثل في حرمانه من راتبه المدة من تاريخ نفاذ هذا القرار حتى تاريخ بلوغه السن القانونية لانتهاء خدمته في 10 من ديسمبر سنة 1980 فضلاً عن الأضرار الأدبية التي تلحق بكل من تنهى خدمته بالمخالفة لأحكام القانون.
ومن حيث إنه ولئن كان ما تقدم إلا أنه وقد تبين من الأوراق أن الطاعن قد ساهم بخطئه وهو الامتناع عن تسلم العهدة في دفع جهة الإدارة إلى إنهاء خدمته دون اتباع الإجراءات القانونية ومن ثم فإن الأضرار التي لحقته كانت وليدة خطأ مشترك منهما معاً ومن ثم يتعين أخذ ذلك في الاعتبار عند تقدير التعويض الذي يستحق للطاعن والذي تقدره المحكمة بمبلغ ألف جنيه.
لما كان ما تقدم وكان القرار الصادر من الشركة المطعون ضدها رقم 71 لسنة 1979 باعتبار الطاعن مستقيلاً قد صدر مخالفاً للقانون وقد سبب هذا القرار ضرراً بالطاعن ساهم بفعله في تحققه ومن ثم يستوجب الأمر تعويض الطاعن عن هذا الضرر وبمراعاة خطئه بمبلغ ألف جنيه وحيث قضى الحكم المطعون فيه بغير ما تقدم يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ويقتضى الأمر إلغاءه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات (البيبسي كولا) بصفته بأن يؤدي إلى الطاعن مبلغ ألف جنيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق