جلسة 4 من يناير سنة 1994
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ فاروق علي عبد القادر، وعبد السميع عبد الحميد بريك، والصغير محمد محمود بدران، ومحمد إبراهيم قشطة - نواب رئيس مجلس الدولة.
----------------
(54)
الطعن رقم 1668 لسنة 33 القضائية
لائحة المناقصات والمزايدات - طبيعة القرارات الصادرة من لجان البت - (القبول في العقود الإدارية)
القاعدة المنصوص عليها في القانون المدني بأن التعاقد في المزايدات يتم برسو المزاد وضعت لتعالج حالة خاصة من حالات القبول في مجالات القانون الخاص - يختلف الأمر في نطاق المزايدات الحكومية - هناك إجراءات تتولاها ثلاث جهات هي لجنة فتح المظاريف ولجنة البت وجهة التعاقد - قرار لجنة البت بتحديد من يجب التعاقد معه باعتباره صاحب أعلى عطاء في المزايدة ليس هو الخطوة الأخيرة في التعاقد ولا يعدو أن يكون إجراءً تمهيدياً ضمن العملية المركبة للعقد الإداري - يأتي بعد ذلك دور الجهة الإدارية المختصة بإبرام العقد - قرار لجنة البت ليس هو القبول الذي يتم به العقد - تصديق الجهة الإدارية وإخطارها المتزايد هو القبول وهو وحده الذي تترتب عليه الآثار القانونية ويتم به التعاقد - قرار لجنة البت هو قرار إداري نهائي تنطبق عليه جميع الأحكام الخاصة بالقرارات الإدارية النهائية ومن بينها وجوب الطعن عليه خلال الميعاد المقرر قانوناً وهو ستون يوماً من تاريخ النشر أو الإعلان - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الاثنين الموافق 6/ 4/ 1987 أودع الأستاذ/ .........
المحامي بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1668 لسنة 33 ق. عليا - في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - (دائرة العقود والتعويضات) بجلسة 8/ 2/ 1987 في الدعوى رقم 1045 لسنة 39 ق - والقاضي بعدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بصحة التعاقد القائم بين الطاعن والهيئة العامة للإصلاح الزراعي فيما تضمنه من رسو مزاد قطع الأرض الثلاث المبينة حدودها ومعالمها تفصيلاً بصحيفة الدعوى مع بطلان الإجراءات التي اتخذتها الهيئة بإعادة طرح هذه القطع الثلاث موضوع الدعوى للمزايدة مرة أخرى وتسليم الأرض للطاعن، مع إلزام المطعون ضدهما المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن الطعن للمطعون ضدهما في 9/ 4/ 1987.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع إلزام الطاعن المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت بجلسة 21/ 4/ 1993 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره جلسة 11/ 5/ 1993 - وبجلسة 2/ 11/ 1993 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم حيث صدر الحكم أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من سائر الأوراق - في أن الطاعن قد أقام الدعوى رقم 1045 لسنة 39 ق ضد المطعون ضدهما بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 28/ 11/ 1984 طالباً الحكم بصحة التعاقد بينه وبين الهيئة العامة للإصلاح الزراعي فيما تضمنه من رسو مزاد قطع الأرض الثلاث المبينة حدودها ومعالمها تفصيلاً بصدر صحيفة الدعوى مع بطلان الإجراءات التي اتخذتها الهيئة بإعادة طرح هذه القطع الثلاث مرة أخرى وتسليم الأرض له مع إلزام المدعى عليهما المصاريف والأتعاب على سند من القول بأن الهيئة المدعى عليها أعلنت عن بيع بعض قطع من الأراضي البور داخل كردون مدينة الإسكندرية بطريق المزاد العلني، وتقدم الطاعن لهذا المزاد فرست عليه بجلستي 13، 20/ 11/ 1974 ثلاث قطع من الأرض المبين معالمها بالعريضة وسدد 20% من قيمة ثمنها وانتظر أن تقوم الهيئة بتسليمه تلك القطع ورغم المطالبات العديدة. فلم تفعل، وفوجئ بعد مضي عامين من رسو المزاد بقيام الهيئة بإعادة طرح هذه القطع الثلاث مع غيرها للبيع متعللة برغبتها في الحصول على ثمن أعلى رغم أنه لم يقم بالمزاد إحدى الحالات التي تبرر إلغائه وفقاً لأحكام القانون رقم 236 لسنة 1954 بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات - وقيامه بالوفاء بالتزاماته كاملة وذلك بسداد قيمة التأمين المطلوب بما يوازي 20% من القيمة التي رسا بها المزاد ولم تنسب له الهيئة المطعون ضدها أي إخلال بالتزاماته وأثناء نظر الدعوى قدمت الهيئة المطعون ضدها مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد فوات المواعيد لأن المدعي (الطاعن) علم بقرار الهيئة بعدم اعتماد المزاد وإعادة قيمته بالنسبة لجميع الأطيان بموجب كتاب الهيئة رقم 234 في 11/ 7/ 1976 وقدمت الهيئة صورة من هذا الكتاب، وفي مذكرة قدمها المدعي (الطاعن) أنكر علمه بهذا القرار.
وبجلسة 8/ 2/ 1987 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها سالف البيان وأقامت قضاءها تأسيساً على أن التكييف الصحيح لطلبات المدعي هو طلب الحكم بإلغاء قرار الهيئة المدعى عليها رقم 14 بتاريخ 17/ 5/ 1976 بعدم اعتماد إجراءات المزايدة التي رسا فيها المزاد بالنسبة للثلاث قطع المبينة بعريضة الدعوى باعتباره قراراً إدارياً منفصلاً عن العقد يجوز الطعن فيه استقلالاً وكانت الهيئة المدعى عليها قد أبلغت المدعي بكتابها المسجل رقم 234 المؤرخ 11/ 7/ 1976 بعدم اعتماد البيع، وقدمت صورة خطية طبق الأصل من هذا الكتاب وصورة ضوئية من استمارة رقم 6 مراسلات للإرساليات المسجلة وورد تحت رقم 234 اسم المدعي كمرسل إليه، فضلاً عن أن المدعي قد اعترف بصحيفة دعواه بعلمه بهذا القرار بعد سنتين من رسو المزاد وظل ساكناً إلى أن أقام دعواه في 28/ 11/ 1984 فإنه يكون بذلك قد أقام دعوى الإلغاء بعد مضي ميعاد الستين يوماً المقرر لقبولها.
ولم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الطاعن فأقام الطعن الماثل ناعياً على الحكم المطعون فيه الخطأ في تحصيل الوقائع إذ لم تطلع المحكمة على قرار الهيئة رقم 14 الصادر في 17/ 5/ 1976 ولم تتأكد من صدور قرار في الفترة من 20/ 11/ 1974 حتى 17/ 5/ 1976 باعتماد قرار لجنة البت في المزايدة، كما أخطأ في تطبيق القانون حين اعتبر أن طلبات المدعي تنصرف إلى طلب إلغاء قرار الهيئة رقم 14 المشار إليه في حين أن هذا القرار قد صدر من الهيئة في تاريخ لاحق لتاريخ التعاقد الذي تم رسو المزاد في 13، 20/ 11/ 1974 عملاً بحكم المادة (99) من القانون المدني وبذلك يكون القرار منبت الصلة عن هذا العقد وتكون طلباته منصرفة إلى تنفيذ هذا العقد، كما أن الحكم الطعين اتسم بقصور الأسباب حين افترض علم الطاعن بقرار الهيئة رقم 14 الصادر بتاريخ 17/ 5/ 1976 وهذا مخالف للحقيقة لأن الخطاب المسجل لم يصله، كما أن ما ورد بعريضة الدعوى من أنه علم بعد عامين بقيام الهيئة بإعادة طرح الأراضي في مزاد جديد لا يفيد علمه وإنما كانت هذه العبارات مجرد إسناد مسلك معين إلى الهيئة المطعون ضدها أقصى ما يمكن وصفه بأنه قرار سلبي بامتناع الهيئة عن تسليمه القطع الثلاث الراسي مزادها عليه.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول للطعن والذي ينعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تكييف طلباته وإن حقيقة هذه الطلبات انصرفت إلى تنفيذ العقد بعد أن تم إرساء المزاد عليه عملاً بحكم المادة 99 من القانون المدني التي تقضي بأن التعاقد في المزايدات يتم برسو المزاد، فإن الحكم الذي تضمنته هذه المادة قد وضع ليعالج حالة خاصة من حالات القبول في مجالات القانون الخاص، أما في مجال المزايدات الحكومية فإن مقتضى التنظيم الإداري للمناقصات والمزايدات أن الإجراءات التي تنتهي بالتعاقد تتولاها ثلاث جهات الأولى لجنة فتح المظاريف والثانية لجنة البت في العطاءات وقد تكون المزايدة بدون مظاريف وهنا تكون لجنة واحدة للبت في المزايدة العلنية والثالثة جهة التعاقد، وقرار لجنة البت بتحديد من يجب التعاقد معه باعتباره صاحب أعلى عطاء ليس الخطوة الأخيرة في التعاقد ولا يعدو أن يكون إجراءً تمهيدياً ضمن عملية العقد الإداري المركبة وباقي بعده دور الجهة الإدارية المختصة بإبرام العقد الإداري المركبة، وخلاصة القول أنه لا يمكن اعتبار قرار لجنة البت هو القبول الذي يتم به العقد ولكن تصديق الجهة الإدارية المختصة وإخطارها المتزايد بهذا القبول هو وحده الذي تترتب عليه الآثار القانونية ويصبح التعاقد تاماً. وبهذه المثابة فإن قرار لجنة البت يعتبر في حقيقته قراراً إدارياً نهائياً شأنه شأن أي قرار إداري نهائي وتنطبق عليه جميع الأحكام الخاصة بالقرارات الإدارية النهائية. ومن بينها وجوب الطعن عليه خلال الميعاد المقرر قانوناً وهو ستون يوماً من تاريخ النشر أو الإعلان.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الهيئة المطعون ضدها قد أخطرت الطاعن بعدم اعتماد الجهة المختصة بالتعاقد (مجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي)، لقرار لجنة البت في المزايدة المنوه عنها وذلك بموجب كتاب الهيئة المسجل رقم 234 - المؤرخ في 11/ 7/ 1976 وقدمت صورة طبق الأصل من هذا الكتاب وصورة ضوئية من استمارة رقم 6 مراسلات "بريد" للإرساليات البريدية المسجلة وقد ورد تحت رقم 234 اسم الطاعن كمرسل إليه، وهذه الاستمارة موقعة من موظف البريد المختص ومبصومة بختم مكتب البريد، مما يقطع بإعلان الطاعن بالقرار المطعون فيه، وإذا كان الثابت أن الطاعن قد أقام دعواه طعناً على القرار المذكور بتاريخ 28/ 11/ 1984 أي بعد حوالي ثمان سنوات على تحقق إعلانه بالقرار المطعون فيه، ومن ثم فإن دعواه تكون قد أقيمت بعد انقضاء الميعاد المقرر قانوناً للطعن بالإلغاء وهو ما يجعلها غير مقبولة شكلاً، ولا ينال من ذلك ما ساقه الطاعن من أن مجرد إرسال كتاب الهيئة المشار إليه ليس دليلاً قاطعاً على تحقق علمه بالقرار المطعون فيه، ومرد ذلك أن تقديم الجهة الإدارية لما يفيد إخطار الطاعن بكتاب موصى عليه وتسليمه لمكتب البريد لتوصيله للطاعن يفيد تحقق إعلان الطاعن بالقرار بحسبان أن الطاعن لم يقدم دليلاً عكس ذلك وأن إنكاره وصول هذا الإخطار إليه ورد قولاً مرسلاً.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم وإذ قضى الحكم المطعون فيه بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد فإنه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون، ويكون الطعن عليه غير قائم على أساس من الواقع أو القانون، الأمر الذي يتعين معه القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام رافعه بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وإلزام الطاعن المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق