جلسة 29 من ديسمبر سنة 1984
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمود عبد العزيز الشربيني - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة عادل عبد العزيز بسيوني وعبد العزيز أحمد سيد حمادة وثروت عبد الله أحمد عبد الله وجمال السيد دحروج - المستشارين.
----------------
(48)
الطعن رقم 1124 لسنة 25 القضائية
عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - التحقيق
- تاريخ إحالة العامل للمحاكمة التأديبية المادة 72 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971 - إذا أحيل العامل إلى المحاكمة التأديبية فلا تقبل استقالته إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة الفصل أو الإحالة إلى المعاش - يعتبر العامل محالاً إلى المحاكمة التأديبية من تاريخ إحالته إلى التحقيق في وقائع الاتهام المنسوبة إليه طالما أن هذا التحقيق قد انتهى بإحالة العامل فعلاً إلى المحاكمة التأديبية - تقديم العامل استقالته - إحالته للتحقيق قبل مضي شهر من تقديم الاستقالة وقبل قبولها - الأثر المترتب على ذلك: لا يكون للاستقالة أثر في إنهاء خدمة العامل - تطبيق.
إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 18 من يوليو سنة 1979 أودع السيد المستشار رئيس هيئة مفوضي الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1124 لسنة 25 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم بجلسة 28 من مايو سنة 1979 في الدعوى رقم 526 لسنة 20 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد السيد....... والذي قضى بمجازاة السيد المذكور بغرامة قدرها عشرة جنيهات. وطلب الطاعن، للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من توقيع عقوبة بعد ترك الخدمة على المذكور والحكم عليه بإحدى العقوبات المقررة للموجودين في الخدمة.
وبعد أن تم إعلان تقرير الطعن إلى ذوي الشأن على النحو المبين في الأوراق قدم السيد/ مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن انتهى فيه إلى طلب الحكم بذات الطلبات التي تضمنها التقرير به.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 9 من مايو سنة 1984 وبجلسة 14 من نوفمبر سنة 1984 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة)، وحددت لنظره أمامها جلسة 17 من نوفمبر سنة 1984، وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوي الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يخلص من الأوراق في أنه بتاريخ 31 من مايو سنة 1978 أودعت النيابة الإدارية قلم كتاب المحكمة التأديبية للعاملين بوزارة التربية والتعليم تقرير اتهام ضد السيد....... المدرس بمدرسة إمبابة الثانوية الصناعية نسبت فيه إليه أنه منذ 4 من أكتوبر سنة 1977 بإدارة شمال الجيزة التعليمية خالف القانون بأن انقطع عن عمله في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً، وأنه بذلك يكون قد ارتكب المخالفات الإدارية المنصوص عليها في المادة 42 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1971، وطلبت النيابة الإدارية محاكمة السيد المذكور بالمادة المذكورة وبالمادتين 57، 58 من القانون رقم 58 لسنة 1971 سالف الذكر، والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية، والمادتين 15، 19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة. وبجلسة 28 من مايو سنة 1979 قضت المحكمة التأديبية بمجازاة المدرس المذكور بغرامة قدرها عشرة جنيهات وبنت قضاءها على أن المذكور قدم استقالته من الخدمة دون أن تكون معلقة على شرط أو مقترنة بقيد وذلك بتاريخ 17 من أكتوبر سنة 1977، وقد انقضت مدة تزيد على ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمها دون أن تبت فيها جهة الإدارة، ومن ثم تكون استقالته مقبولة بحكم القانون وتعتبر خدمته منتهية، وأضافت المحكمة أنه لا وجه للقول بأن قبول الاستقالة بمضي ثلاثين يوماً على تقديمها دون البت فيها منوط بأن يستمر العامل في عمله إلى أن يبلغ إليه قرار قبول الاستقالة أو إلى أن ينقضي الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 72 من القانون رقم 58 لسنة 1971 سالف الإشارة إليه، لا وجه لذلك إذ لم يعلق المشرع اعتبار الاستقالة مقبولة بحكم القانون على وجوب استمرار العامل في عمله، غاية الأمر أن عدم استمرار العامل في عمله يعتبر مخالفة قائمة بذاتها تجوز مجازاته عنها وفقاً للقانون مع اعتباره تاركاً للخدمة، وأردفت المحكمة قائلة وإذ كان الثابت أن المتهم انقطع عن عمله بدون إذن أو مسوغ مشروع في المدة من 4 من أكتوبر سنة 1977 إلى 16 من نوفمبر سنة 1977 فمن ثم يكون قد خرج على مقتضى واجبه الوظيفي الأمر الذي يستوجب مساءلته تأديبياً ومجازاته بأحد الجزاءات التي يجوز توقيعها على تارك الخدمة.
ومن حيث إن المادة 72 من القانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة. والذي قدم المتهم استقالته في ظل العمل بأحكامه - تنص على أنه "للعامل أن يقدم استقالته من وظيفته وتكون الاستقالة مكتوبة".
ولا تنتهي خدمة العامل إلا بالقرار الصادر بقبول الاستقالة، ويجب البت في الطلب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديمه وإلا اعتبرت الاستقالة مقبولة بحكم القانون ما لم يكن طلب الاستقالة معلقاً على شرط أو مقترناً بقيد وفي هذه الحالة لا تنتهي خدمة العامل إلا إذا تضمن قرار قبول الاستقالة إجابته إلى طلبه.
ويجوز خلال هذه المدة إرجاء قبول الاستقالة لأسباب تتعلق بمصلحة العمل مع إخطار العامل بذلك.
فإذا أحيل العامل إلى المحاكمة التأديبية فلا تقبل استقالته إلا بعد الحكم في الدعوى بغير عقوبة الفصل أو الإحالة إلى المعاش.
ويجب على العامل أن يستمر في عمله إلى أن يبلغ إليه قرار قبول الاستقالة أي إلى أن ينقضي الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثانية.
ومن حيث إن العامل يعتبر محالاً إلى المحاكمة التأديبية في حكم هذا النص، على ما جرى به قضاء هذه المحكمة، من تاريخ الإحالة إلى التحقيق في وقائع الاتهام المنسوبة إليه، طالما أن هذا التحقيق قد انتهى بإحالة العامل فعلاً إلى المحاكمة التأديبية أخذاً في الحسبان أن مرحلة التحقيق تعتبر تمهيداً لازماً لهذه المحاكمة وأن القرار الذي يصدر بإحالة العامل إلى المحاكمة التأديبية إنما يستمد سبب إصداره من أوراق هذا التحقيق التي تعتبر سند الاتهام في الدعوى التأديبية الأمر الذي يتحقق معه ارتباط كل من المرحلتين بالأخرى ارتباطاً جوهرياً على نحو يقتضي التعويل على تاريخ إحالة الأمر للتحقيق مع العامل في مجال تحديد التاريخ الذي يعتبر فيه العامل محالاً إلى المحاكمة التأديبية في مفهوم نص المادة 72 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم 58 لسنة 1971 سالف الإشارة إليها.
ومن حيث إنه لما كان الثابت في الأوراق أن المدرس المذكور انقطع عن عمله بمدرسة إمبابة الثانوية دون إذن من 4 من أكتوبر سنة 1977 فأرسلت له المدرسة إنذاراً على محل إقامته في 11 من أكتوبر سنة 1977، وبتاريخ 17 من أكتوبر سنة 1977 ورد للمدرسة طلب استقالة من المذكور ضمنه رغبته في الاستقالة من الخدمة اعتباراً من 3 من سبتمبر سنة 1977، فأحيل هذا الطلب إلى إدارة شمال الجيزة التعليمية بعد أن تأشر عليه من مدير المدرسة بما يفيد أن المذكور كان منتظماً بالعمل بالمدرسة حتى 4 من أكتوبر سنة 1977، وقد قرر السيد/ مدير عام الإدارة في 2 من نوفمبر سنة 1977 إحالة المدرس المذكور إلى إدارة الشئون القانونية للتحقيق معه في واقعة انقطاعه عن العمل اعتباراً من 4 من أكتوبر سنة 1977 مع وقف صرف راتبه، ثم أحيل الموضوع إلى النيابة الإدارية حيث انتهى إلى إحالة المذكور إلى المحاكمة التأديبية، لما كان ذلك وكان السيد/ مدير إدارة شمال الجيزة التعليمية قد قرر في 2 من نوفمبر سنة 1977 على ما سلف بيانه - إحالة المتهم إلى التحقيق في واقعة انقطاعه عن العمل وذلك قبل انقضاء مدة الثلاثين يوماً المنصوص عليها في المادة 72 سالفة الذكر من تاريخ تقديم المتهم لاستقالته في 17 من أكتوبر سنة 1977 فمن ثم لا يكون لهذه الاستقالة أثر في إنهاء خدمة المتهم، بل تظل علاقته الوظيفية قائمة، وبهذه المثابة يتعين مساءلته تأديبياً عن واقعة انقطاعه عن العمل باعتباره موجوداً بالخدمة وليس تاركاً لها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المتهم قد انقطع عن عمله اعتباراً من 4 أكتوبر سنة 1977 واستمر انقطاعه حتى تاريخ صدور الحكم المطعون فيه دون إذن بذلك من السلطة المختصة وبهذه المثابة يكون قد خالف واجبات وظيفته وما تفرضه عليه من التزامات، ويتعين من ثم توقيع الجزاء الذي يتناسب مع ما ثبت في حقه من انقطاع عن العمل بدون إذن والذي تقدره المحكمة بخصم شهر من أجره.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى توقيع غرامة مالية على المتهم قدرها عشرة جنيهات تأسيساً على أنه قد أصبح تاركاً للخدمة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه لما كان الأمر كما تقدم، فقد تعين القضاء بقبول الطعن شكلاً، وبمجازاة المتهم بخصم شهر من أجره.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبمجازاة المتهم بخصم شهر من أجره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق