الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 4 يوليو 2020

دستورية تخويل الجمعية العامة لشركة المساهمة الاختصاص المطلق باتخاذ قرار توزيع نسبة من الأرباح السنوية

الدعوى رقم 8 لسنة 38 ق "دستورية" جلسة 9 / 5 / 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من مايو سنة 2020، الموافق السادس عشر من رمضان سنة 1441 هـ. 
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبدالجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتى 
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 8 لسنة 38 قضائية "دستورية" 

المقامة من 
حازم محمد عصام عبد الحافظ 
ضــد 
1 – رئيس الجمهوريـة 
2 – رئيس مجلس النـــواب 
3 - رئيس مجلس الـــوزراء 
4 - وزيــــر الماليــة 
5- رئيس مجلس إدارة شركة أسمنت أسيوط "سيمكس" 

الإجـراءات 
بتاريخ السادس من فبراير سنة 2016، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نصوص المواد (41، 44، 63 / هـ) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد، الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981. 

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها. 

وقدمت الشركة المدعى عليها الخامسة مذكرتين، طلبت فيهما الحكم برفض الدعوى. 

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 7/3/2020، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة 4/4/2020، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم. 

المحكمة 
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. 
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 451 لسنة 2013 عمال كلى، أمام محكمة أسيوط الابتدائية، طالبًا الحكم بإلزام الشركة المدعى عليها الخامسة بصرف نصيبه في الأرباح السنوية التى حققتها الشركة خلال أعوام 2006، 2007، 2008، وذلك على سند من أنه كان من العاملين بتلك الشركة، وانتهت خدمته بالإحالة للمعاش المبكر، وأثناء خدمته قررت الشـركة عـدم صرف أرباح للعاملين في السنوات المشار إليها. وبجلسة 26/11/2014، قضت المحكمة برفض الدعوى، على سند من أن أحكام المادتين (41، 44) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 لا تنشئ حقًا للعاملين في الأرباح السنوية التي تحققها الشركة إلا من تاريخ صدور قرار الجمعية العامة بتوزيعها، بناء على اقتراح مجلس الإدارة، وأن الجمعية العامة للشركة المدعى عليها لم تقرر توزيع أرباح في تلك السنوات، واتخذت قرارًا بترحيلهــــا للعام التالي للاستفادة بها في مشروعات أخرى. وإذ لم يرتض المدعى ذلك الحكم، طعـــــن عليه بالاستئناف رقم 1 لسنة 90 قضائية "عمال مستأنف"، أمام محكمة استئناف أسيوط، طالبًا الحكم بإلغائه، والقضاء له مجددًا بطلباته. وأثناء نظر الاستئناف دفع بعدم دستورية نصوص المواد (41، 44، 63/ هــ) من القانون المشار إليه، وإذ قدرت تلك المحكمة جدية الدفع، وصرحت له باتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة. 
وحيث إن المادة (41) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981 تنص على أنه "يكون للعاملين بالشركة نصيب في الأرباح التى يتقرر توزيعها تحدده الجمعية العامة بناءً على اقتراح مجلس الإدارة بما لا يقل عن (10%) من هذه الأرباح ولا يزيد على مجموع الأجور السنوية للعاملين بالشركة. وتبين اللائحة التنفيذية كيفية توزيع ما يزيد على نسبة الــ (10%) المشار إليها من الأرباح على العاملين والخدمات التى تعود عليهم بالنفع. 

ولا تخل أحكام الفقرة السابقة بنظام توزيع الأرباح المطبق على الشركات القائمة وقت نفاد هذا القانون إذا كان أفضل من الأحكام المشار إليها". 
وتنص المادة (44) من القانون ذاته على أنه "يستحق كل من المساهم والعامل حصته في الأرباح بمجرد صدور قرار الجمعية العامة بتوزيعها. 
وعلى مجلس الإدارة أن يقوم بتنفيذ قرار الجمعية العامة بتوزيع الأرباح على المساهمين والعاملين خلال شهر على الأكثر من تاريخ صدور القرار. 

ولا يلزم المساهم أو العامل برد الأرباح التى قبضها - على وجه يتفق مع أحكام هذا القانون - ولو منيت الشركة بخسائر في السنوات التالية". 

وتنص المادة (63) من القانون ذاته على أنه " مع مراعاة أحكام هذا القانون ونظام الشركة تختص الجمعية العامة العادية بما يأتي (أ) ...... (ب) ..... (ج) .... (د) ...... (هـــ) الموافقة على توزيع الأرباح". 

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهى شرط لقبولها، مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان من بين طلبات المدعى الحكم بعدم دستورية المادتين (41، 44) من القانون المشار إليه، فيما تضمنتاه من وجوب موافقة الجمعية العامة لشركة المساهمة على تقرير ما يتم توزيعه من الأرباح على العاملين فيها، وهو الشرط الذى حال بينه والحصول على حصته في الأرباح عن أعوام 2006، 2007، 2008، التى يدور حولها النزاع في الدعوى الموضوعية، لامتناع الشركة المدعى عليها الخامسة عن صرف الأرباح في كل من تلك السنوات، ومن ثمّ فإن مصلحته الشخصية المباشرة تكون مرتبطة بالطعن على ما تضمنه نص الفقرة الأولى من المادة (41)، والفقرتين الأولى والثانية من المادة (44) من القانون المشار إليه، من تخويل الجمعية العامة للشركة سلطة إصدار قرار بتوزيع نسبة من الأرباح السنوية التي تحققها على العاملين بها عند توافر شروط استحقاقها، دون سائر الأحكام الأخرى التي اشتملت عليها المادتان (41، 44) من ذلك القانون. 

وحيث إن هذه المحكمة سبق أن حسمت المسألة الدستورية المتعلقة بنص المادتين (41، 44) من القانون المشار إليه في النطاق السالف البيان، وذلك بحكمها الصادر بجلسة 6/7/2019، في الدعوى رقم 134 لسنة 37 قضائية "دستورية"، الذى قضت فيه برفض الدعوى، وقد نشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 27 مكرر (ط) بتاريخ 10/7/2019. وكان مقتضى نص المادة (195) من الدستور، ونصى المادتين (48، 49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة، باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيبًا من أى جهة كانت، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته. متى كان ذلك، وإذ سبق أن قضت المحكمة الدستورية العليا في الدعوى المشار إليها، برفض الدعوى المقامة طعنًا على دستورية النصين التشريعيين ذاتهما المطعون عليهما في الدعوى المعروضة، فإن الخصومة الدستورية بالنسبة لهذين النصين – وهى عينية بطبيعتها – تكون قد انحسمت، ومن ثم يتعين عدم قبول الدعوى في هذا الشق منها. 

وإذ قضى البند (هـ) من المادة (63) من قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد الصادر بالقانون رقم 159 لسنة 1981، باختصاص الجمعية العامة العادية للشركة بالموافقة على توزيع الأرباح، فإن مصلحة المدعى الشخصية المباشرة تكون متحققة في الطعن على هذا النص فيما يتعلق بتوزيع نسبة من الأرباح على العاملين بالشركة، وفقًا لنصى المادتين (41، 44) من القانون ذاته. 

وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه - في النطاق السالف التحديد – أنه خوّل الجمعية العامة لشركة المساهمة الاختصاص المطلق باتخاذ قرار توزيع نسبة من الأرباح السنوية التي تحققها الشركة على العاملين فيها، أو عدم اتخاذه، مما يؤدى إلى حرمان العاملين من الحصول على نصيبهم في هذه الأرباح، وتمييز المساهمين عنهم في هذا الشأن، الأمر الذى يخل بالحماية المقررة لحق العاملين في هذه الأرباح، بالمخالفة لنصى المادتين (13، 42) من الدستور، اللتين قررتا حق العاملين في نصيب من الأرباح، فضلاً عن إخلاله بمبدأ المساواة لما انطوى عليه من تفرقة بين الأرباح الناتجة عن العمل وتلك الناتجة عن رأس المال. وكذلك فقد أحل النص المطعون فيه الجمعية العامة للشركة محل رئيس مجلس الوزراء، الذى يختص بإصدار اللوائح التنفيذية وفقًا للمادة (170) من الدستور. 

وحيث إن الأصل في سلطة المشـرع في مجـال تنظيم الحقـوق - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أنها سلطة تقديرية، ما لم يقيد الدستور ممارستها بضوابط تحـد من إطلاقها، وتكون تخـومًا لها لا يجـوز اقتحامها أو تخطيها. وكان الدستور إذ يعهد بتنظيم موضوع معين إلى السلطة التشريعية، فإن ما تقره من القواعد القانونية بصدده، لا يجوز أن ينال من الحق محل الحمايـــة الدستورية، سواء بالنقض أو الانتقاص، ذلك أن إهدار الحقوق التي كفلها الدستور أو تهميشها، يُعد عدوانًا على مجالاتها الحيوية التي لا تتنفس إلا من خلالها، بما مؤداه أن تباشر السلطة التشريعية اختصاصاتها التقديرية - وفيما خلا القيود التي يفرضها الدستور عليها - بعيـدًا عـــن الرقابـــة القضائية التي تمارسها المحكمة الدستورية العليا، فلا يجوز لها أن تزن بمعاييرها الذاتية السياسة التي انتهجها المشرع في موضوع معين، ولا أن تناقشها، أو تخوض في ملاءمة تطبيقها عملاً، ولا أن تنتحل للنص المطعون فيه أهدافًا غير التي رمى المشرع إلى بلوغها، ولا أن تقيم خياراتها محل عمل السلطة التشريعية، بل يكفيها أن تمارس السلطة التشريعية اختصاصاتها تلك، مستلهمة في ذلك أغراضًا يقتضيها الصالح العام في شأن الموضوع محل التنظيم التشريعي، وأن تكون وسائلها إلى تحقيق الأغراض التي حددتها، مرتبطة عقلاً بها. 

وحيث إن من المقرر - أيضًا - في قضاء هذه المحكمة، أن الأصل في النصوص التشريعية هو ارتباطها عقلاً بأهدافها، باعتبار أن أي تنظيم تشريعي ليس مقصودًا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف. ومن ثم، يتعين دومًا استظهار ما إذا كان النص التشريعي المطعون فيه يلتـزم إطارًا منطقيًّا للدائـرة التي يعمـل فيهـا، كافلاً من خلالها تناغم الأغراض التي يستهدفها، أو متهادمًا مع مقاصده، أو مجاوزًا لها، ومناهضًا بالتالي لمبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه في المادة (94) من الدستور. 

وحيث إن الحقوق التى ضَمِنَها الدستور أو القانون للعمال، لا يجوز فصلها عن مسئولية اقتضائها، ولا مقابلتها بغير واجباتها، ومدخلها بالضرورة أن تكون المزايا التى ربطها الدستور بالعمل، محددًا نطاقًا على ضوء قيمته، فلا تتساقط على من يطلبونهــــا بغير جهـد منهم يقارنها ويعادلها، ولا يكون الطريق إليها إلا العمل وحده، الذى أعلى الدستور في المادتين (12، 13) من قيمته، واعتبر كفالته التزامًا دستوريًّا على عاتق الدولة، باعتباره حقًا وواجبًا وشرفًا، وقرنه بالمقابل العادل كأحد عناصره والمتمم له، ومن أجل ذلك حدد الدستور بنص المادة (27) منه الأغراض التي يتوخاها النظام الاقتصادي، ومن بينها زيادة فرص العمل، وتقرير حدين للأجور لا تقل فيه عن أدناهما ولا تربو على أعلاهما، ضمانًا للتوزيع العادل لعوائد التنمية، وتحقيقًا للتوازن بين الدخول والتقريب فيما بينهــــا، إلا أن ذلك لا يتأتى كفالته إلا بإقامة رباط بين الأجر والإنتاج، فلا يكون الأجر وما يتصل به من المزايا، إلا من ناتج العمل وبقدره. 

وحيث إن الاستثمار بمختلف صوره - العام منها والخاص - ليس إلا أموالاً تنفق، وسواء عبأتها الدولة أو كونها القطاع الخاص، فإنها تتكامل فيما بينها، ويعتبر تجميعها لازمًا لضمان قاعدة إنتاجية أعرض وأعمق، لا يكون التفريط فيها إلا نكولاً عن قيم يدعو إليها التطور ويتطلبها. وما تنص عليه المادة (33) من الدستور القائم من تعداد لأشكال الملكية، تتقدمها الملكية العامة، وتقوم إلى جانبها كل من الملكية التعاونية والملكية الخاصة، ليس إلا توزيعًا للأدوار فيما بينها، لا يحول دون تساندها، والتزام الدولة بحمايتها جميعًا. ذلك أن تواصل التنمية المستدامة، وإثراء نواتجها - على ما تنص عليه المادة (27) من الدستور، يمثل أصلاً يبلوره الاستثمار العام والخاص، فلكل منهما دوره في التنمية، فهما شريكان متكاملان، فلا يتزاحمان أو يتعارضان أو يتفرقان، بل يتولى كل منهما مهامًا يكون مؤهلاً لها وأقدر عليها. ومن بين المعايير التى يلتزم بها النظام الاقتصادي دعم محاور التنافسية، وتشجيع الاستثمار، وكفالة الأنواع المختلفة للملكية، والتوازن بين مصالح الأطراف المختلفة، بما يحفظ حقوق العاملين ويحمى المستهلك. وهو ما أكدت عليه المادة (28) من الدستور، بالنص على التزام الدولة بحماية الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية والمعلوماتية، وزيادة تنافسيتها، وتوفير المناخ الجاذب للاستثمار، والعمل على زيادة الإنتاج، وتشجيع التصدير، وتنظيم الاستيراد، باعتبار أن تلك الأنشطة مقومات أساسية للاقتصاد القومي. 

وحيث إن شركات المساهمة - وفقًا لأحكام قانون شركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة وشركات الشخص الواحد الصادر بالقانـــــون رقم 159 لسنة 1981 - من الشركات الخاصة، التي يتكون رأسمالها من جملة الأسهم التي يمتلكها المؤسسون والمساهمون فيها، وهى الأجدر على جذب المدخرات لإنشاء الكيانات الاقتصادية الكبرى، وتُعد عاملاً فاعلاً في تنمية الاقتصاد القومي. ويهدف المساهمون من خلال استثمار أموالهم فيها إلى تحقيق الأرباح، ويجتمعون دوريًّا كل سنة في شكل جمعية عامة لمناقشة أحوال الشركة، واتخاذ القرارات التي تكفل حسن إدارتها، وتذليل ما يعترض عملها من عوائق، تحول دون تحقيق الشركة لأرباح صافية، بما يعود عليهم بالنفع. وبمقتضى نصوص المواد (41، 63، 71/2) من القانون المشار إليه، فإن الجمعية العامة للشركة تُعد هى السلطة العليا فيها، ومن أجل ذلك منحها المشرع وحدها سلطة اعتماد ميزانية الشركة وقوائمها المالية التي يعدها مجلس الإدارة، وحساب الأرباح والخسائر، وتعيين الأرباح الصافية القابلة للتوزيع، إلا أن قرارها في شأن توزيع الأرباح السنوية التي تحققها الشركة من عدمه، ينصرف حكمه إلى كل من العاملين والمساهمين فيها، وليس لفريق منهم دون الآخر. وحرصًا من المشرع على كفالة هذا الحق، ضَمَّن النص المطعون فيه اختصاص الجمعية العامـة للشركة – بحسبانها تمثل مالكي الشركة وهى السلطة العليا بها – تقرير توزيع نسبة من أرباحها السنوية الصافية القابلة للتوزيع على العاملين بها، في ضوء الضوابط والقواعد الحاكمة لسلطة الجمعية العامة للشركة، في هذا الشأن. إذ أكد المشرع في المادة (44) من القانون المشار إليه على حق العاملين والمساهمين في الحصول على نصيب من هذه الأرباح، وحدد توقيت صرفها بمجرد صدور قرار الجمعية العامة للشركة بالتوزيع، الذى تتحدد مشروعيته من الوجهة الدستورية والقانونية، بألا يمس أصل هذا الحق الذى تقرر للعاملين، وهو القيد العام المقرر بمقتضى نص المادة (92) من الدستور، الذى لا يحول دون سلطة المشرع في مجال تنظيم هذا الحق، وتحديد اختصاصات الجمعية العامة للشركة في هذا الشأن، وهو الأمر الذى يخضع لرقابة القاضي الطبيعي، الذى كفلت المادة (97) من الدستور للكافة حق اللجوء إليه، ويُعد بمقتضى نص المادة (94) من الدستور أحد الضمانات الأساسية لحماية الحقوق والحريات، سواء تلك التي قررها القانون أو الدستور. ومن ثم، يكون التنظيم الذى قرره المشرع على هذا النحو قد التزم إطارًا منطقيًّا لما هدف إليه، كافلاً من خلاله تناسب الوسيلة التي فرضها مع الغرض الذى استهدفه وسعى إلى تحقيقه، بما لا مخالفة فيه لأحكام المادتين (13، 42) من الدستور. 

وحيث إن الدستور قد كفل بالمادتين (33، 35) حماية الملكية الخاصة لكل فرد - وطنيًّا كان أو أجنبيًّا - ولم يُجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء وفى الحدود التى يقتضيها تنظيمها، إلا أن هذه الحماية لا تُظِل بآثارها إلا من اكتسبها بطريق مشروع، وكان بيده سند صحيح ناقل لها على الوجه المقرر قانونًا، ليغدو حقيقًا بأن يعتصم بها من دون الآخرين، وليلتمس وسائل حمايتهـا التي تعينها على أداء دورها، ويقيها تعرض الأغيار لها، سواء بنقضها أو بانتقاصها من أطرافهـا، أما إذا كان سنده في اكتسـاب الملكية غير صحيـح، أو كان مبنيًّا على ادعاء مرسل لا يسانده واقع أو لم تثبت صحته، فإن طلبه الحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة يكون فاقدًا لسنده. متى كان ذلك، وكان استحقاق العاملين - والمساهمين أيضًا - لنصيب في الأرباح السنوية التي تحققها الشركة، لا ينشأ إلا من تاريخ اعتماد الجمعية العامة للشركة لهذه الأرباح والمصادقة على الميزانية، والقوائم المالية، وهو الاختصاص المنوط بالجمعية العامة طبقًا لنص البند (هـ) من المادة (63) من القانون المشار إليه، فلا يكون لذوى الحقوق قبل ذلك التاريخ سوى مجرد حق احتمالي لا يبلغ مرتبة الحق الكامل، ولا تنتقل به ملكية هذه الأرباح من ذمة الشركة إلى ذمة العاملين أو المساهمين فيها، ليغدو القول بإخلال النص المطعون فيه بالحماية المقررة لحق الملكية، فاقدًا لسنده. 

وحيث إنه عن النعى بإخلال النص المطعون فيه بمبدأ المساواة، بالمخالفة للمادتين (4، 53) من الدستور القائم - بتخويل الجمعية العامة للشركة المساهمة سلطة مطلقة في شأن منح العاملين بالشركة نصيب من صافى الأرباح السنوية التى تحققها، دون أن تكون لها تلك السلطة في خصوص المساهمين بها، فمردود أولاً: بأن الأصل في النصوص القانونية التي ينتظمها وحدة الموضوع، هو امتناع فصلها عن بعضها، باعتبار أنها تُكوّن فيما بينها وحدة عضوية تتكامل أجزاؤها، وتتضافر معانيها، وتتحد توجهاتها لتكوّن نسيجًا متآلفًا. متى كان ذلك، وكان نص البند (هـ) من المادة (63) من القانون المشار إليه إذ ناط بالجمعية العامة لشركة المساهمة – وهى السلطة العليا في الشركة – الاختصاص بتقرير توزيع نسبة من صافى الأرباح السنوية التى تحققها الشركة على العاملين بها، فإن هذا النص يكوّن مع ما تضمنته المادتان (41، 44) من القانون ذاته من أحكام تتعلق بهذا الشأن وحدة عضوية تتكامل فيما بينها، لتنتظم موضوع نصيب العمال في الأرباح السنوية الصافية للشركة، وتقرير توزيعه أو إرجاء ذلك وفقًا لأسباب موضوعية تتوافق مع أحكام القانون، وتخضع لرقابة القضاء، على نحو ما سلف بيانه. 

ومردود ثانيًّا: بأن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون الذى رددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها، وأساسًا للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، وقيدًا على السلطة التقديرية التى يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، والتى لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التى تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون من خلالها أمام القانون، فإن خرج المشرع على ذلك سقط في حمأة المخالفة الدستورية، ذلك أن المراكز القانونية التى يتعلق بها مبدأ المساواة أمام القانون، هي التي تتحد في العناصر التى تُكون كلاً منها بوصفها عناصر اعتد بها المشرع، مرتبًا عليها أثرًا قانونيًّا محددًا، فلا يقوم هذا المركز إلا بتضاممها، بعد أن غدا وجوده مرتبطًا بها، فلا تنشأ أصلاً إلا بثبوتها. متى كان ذلك، وكان النص المطعون فيه قد ناط بالجمعية العامة الاختصاص بتقرير حق العاملين بشركة المساهمة في الحصول على نصيب من صافى الأرباح السنوية التي يتقرر توزيعها، تقديرًا منه بأن هذه الأرباح ما كانت تتحقق بوجود رأس المال الذى قدمه المساهمون فيها فقط، وإنما يرجع أيضًا إلى ما قدمه العاملون بهذه الشركات من عمل وما بذلوه من جهد، فخصهم بنسبة منها، وقـد كفــــل المشرع بذلك حق كل من العاملين والمساهمين في الأرباح السنوية التي يتقرر توزيعها، فلا يجوز توزيع تلك الأرباح على فريق منهم دون الآخر. بما لازمه قيام التنظيم الذى ضمنه المشرع النص المطعون فيه على أساس موضوعي يبرره، ولا يتضمن في مجال تطبيقه تمييزًا من أى نوع بين المخاطبين بأحكامه المتكافئة مراكزهم القانونية بالنسبة إليه، ومن ثم يكون الادعاء بإخلال النص المطعون فيه بمبدأ المساواة المقرر بالمادتين (4، 53) من الدستور في غير محله حقيقًا بالرفض. 

وحيث إن ما ينعاه المدعى على النص المطعون فيه إحلاله الجمعية العامة العادية للشركة محل رئيس مجلس الوزراء، الذى يختص بإصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين وفقَا لنص المادة (170) من الدستور، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يجوز للسلطة التشريعية، في ممارستها لاختصاصاتها في مجال إقرار القوانين، أن تتخلى بنفسها عنها، إهمالاً من جانبها لنص المادة (101) من الدستور، التي تعهد إليها أصلا بالمهام التشريعية، ولا تخول السلطة التنفيذية مباشرتها إلا استثناء، وفى الحدود الضيقة التي بينتها نصوص الدستور حصرًا، ويندرج تحتها إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، التي لا يدخل في مفهومها توليها ابتداء تنظيم مسائل خلا القانون من بيان الإطار العام الذى يحكمها، فلا تفصل اللائحة عندئذ أحكامًا أوردها المشرع إجمالاً، ولكنها تشرع ابتداء من خلال نصوص جديدة لا يمكن إسنادها إلى القانون، وبها تخرج اللائحة عن الحدود التي ضبطتها المادة (170) من الدستور. متى كان ذلك، وكان تحديد الجهة المختصة بتوزيع الأرباح السنوية الصافية للشركات المساهمة، هو من صميم العمل التشريعي الذى يجب أن تتولاه السلطة التشريعية عند تنظيمها الأحكام المتعلقة بتلك الشركات، وبما يتفق مع طبيعتها، وكونها من الشركات الخاصة، التي يتكون رأسمالها من جملة الأسهم التي يملكها المؤسسون والمساهمون فيها، الذين سعوا لاستثمار أموالهم فيها بهدف تحقيق الأرباح، الأمر الذى يتعين معه أن يعهد إليهم بما يكفل تحقيق هذا الغرض، وذلك من خلال اجتماعهم دوريًّا كل سنة في شكل جمعية عامة لمناقشة أحوال الشركة، واتخاذ القرارات التي تكفل حسن إدارتها، وتذليل ما يعترض عملها من عوائق تحول دون تحقيق الشركة لأرباح صافية، بما يعود عليهم بالنفع، ولذا عهد النص المطعون فيه للجمعية العامة العادية للشركة الموافقة على توزيع الأرباح، وهو اختصاص أصيل للمشرع، تولاه على نحو يكفل تحقيق الأغراض التي سعى لتحقيقها بموجب أحكام القانون رقم 159 لسنة 1981 المشار إليه، ولا مخالفة فيه لأحكام المادة (170) من الدستور. 

وحيث إن النص المطعون فيه لا يخالف أي نص آخر من نصوص الدستور، فمن ثم يتعين القضاء برفض الدعوى. 


فلهــذه الأسبــاب 
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

عدم دستورية قرار محافظ الجيزة 6299 لسنة 1999 بحظر تحويل الوحدات السكنية لغرض آخر لعدم نشره

الدعوى رقم 158 لسنة 34 ق "دستورية" جلسة 9/ 5/ 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من مايو سنة 2020، الموافق السادس عشر من رمضان سنة 1441 هـ. 
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبدالجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر 

أصدرت الحكم الآتى 
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 158 لسنة 34 قضائية "دستورية" 

المقامة من 
أحمد محمد عثمان حســـن 

ضــد 
1 – رئيس الجمهوريـــــة 
2 - رئيس مجلس الـــوزراء 
3 – محافظ الجيــــــزة 
4 – رئيس حي العجـــوزة 
5 – مدير إدارة التنظيم بحى العجوزة 
6 – روكسان محمد حســن 
الإجـراءات 
بتاريخ السابع من أكتوبر سنة 2012، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية قرار محافظ الجيزة اللائحى رقم 6299 لسنة 1999، مع ما يترتب على ذلك من آثار. 
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى. 
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 7/3/2020، وفيها قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم، أصليًّا : بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى، واحتياطيًّا : بعدم قبول الدعوى، ومن باب الاحتياط الكلى : برفضها. وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة 4/4/2020، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم. 


المحكمة 
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة. 
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 9802 لسنة 61 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، ضد المدعى عليهم من الثالث حتى الخامس، طلبًا للحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار السلبى بالامتناع عن قبول والسير في إجراءات الترخيص الخاص بتحويل الوحدة السكنية إلى محل تجارى، وفى الموضوع: بإلغاء القرار رقم 6299 لسنة 1999 الصادر من محافظة الجيزة لمخالفته القانون مع ما يترتب على ذلك من آثار. وذكر المدعى – شرحًا لدعواه – أنه يمتلك الدور الأرضى بالعقار رقم (8) تقسيم الجمعية التعاونية لبناء المساكن بمنطقة نادى الزمالك بمحافظة الجيزة، ويحمل رقم (56) تنظيم شارع أحمد عرابى، ورقم (1) شارع محمود عزمى، وقد تقدم بطلب لحى العجوزة لاستخراج ترخيص بتعديل استخدام العين من سكنى إلى تجارى، غير أن إدارة التنظيم بالحى رفضت ذلك؛ استنادًا لصدور قرار محافظ الجيزة رقم 6299 لسنة 1999، الذى يحظر تحويل الوحدات السكنية للاستخدام التجارى، الأمر الذى حدا به إلى إقامة دعواه الموضوعية. وبجلسة 25/11/2008، قضت المحكمة بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك بعد أن كيفت طلبات المدعى فيها بحسبانها وقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن السير في إجراءات الترخيص الخاص بتحويل الدور الأرضى من سكنى إلى تجارى مع ما يترتب على ذلك من آثار. وإذ لم يلق هذا القضاء قبولاً من الجهة الإدارية فطعنت عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، بالطعن رقم 6075 لسنة 55 قضائية عليا، وأثناء نظر الدعوى بجلسة 26/1/2011، دفع الحاضر عن المدعى بعدم دستورية اللائحة الصادرة بقرار محافظ الجيزة رقم 6299 لسنة 1999 بشأن حظر تحويل الوحدات السكنية إلى تجارية، وإذ قدرت المحكمة الإدارية العليا جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة. 

وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى؛ تأسيسًا على أن القرار المطعون فيه ليس تشريعًا بالمعنى الموضوعى، بحسبانه لا يُعد قانونًا أو لائحة ، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن البت في اختصاصها ولائيًّا بنظر دعوى بذاتها، سابق بالضرورة على الخوض في شرائط قبولها أو الفصل في موضوعها، وكان الدستور قد عهد بنص المادة (192) منه إلى المحكمة الدستورية العليا، دون غيرها، بتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وهو ما فصله قانون هذه المحكمة، فخولها اختصاصًا منفردًا بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح؛ مانعًا أى جهة أخرى من مزاحمتها فيه، مفصلاً طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، وذلك ضمانًا لمركزية الرقابة على الشرعية الدستورية، وتأمينًا لاتساق ضوابطها وتناغم معاييرها، وصولاً من بعد لبناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور، بما يكفل تكاملها وتجانسها، مؤكدًا أن اختصاص هذه المحكمة، في مجال مباشرتها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، ينحصر في النصوص التشريعية أيًّا كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التى أقرتها أو أصدرتها؛ بما مؤداه ألا تنبسط ولايتها في شأن الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفًا إلى النصوص القانونية التى تتولد عنها مراكز عامـــة مجـــردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعــات الأصلية التى أقرتهـــا السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التى تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التى ناطها الدستور بها. متى كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه، قد صدر من محافظ الجيزة بتاريخ 30/12/1999، مشيرًا في ديباجته للقانون رقم 43 لسنة 1979 بشأن نظام الإدارة المحلية ولائحته التنفيذية وتعديلاتهما، والقانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وتعديلاته ولائحته التنفيذية، والقانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر والقوانين المعدلة له ولائحته التنفيذية، متضمنًا مادتين، نصت أولاهما على أنه "يوقف تنفيذ قرار المحافظة رقم 1530 لسنة 1999 والخاص بجواز تحويل الوحدات السكنية إلى أنشطة تجارية أو إدارية". ونصت ثانيتهما على أنه "يعمل بهذا القرار اعتبارًا من تاريخ صدوره، وعلى الجهات المختصة تنفيذه كل فيما يخصه ويلغى كل ما يخالف هذا القرار من أحكام". منظمًا – بقواعد عامة مجردة، لا تقصد أشخاصًا بذواتهم ولا عقارات بعينها، ولا تستنفد أغراضها بتطبيقها على المخاطبين بأحكامها – حظر تحويل الوحدات السكنية إلى غرض آخر في نطاق مدينة الجيزة والأحياء التابعة لها، وبوقف تنفيذ قرار المحافظة السابق الذى كان يجيز ذلك التحويل؛ ومن ثم فإن القرار المطعون فيه، يُعد – بهذه المثابة – قرارًا لائحيًّا، تنبسط عليه ولاية المحكمة الدستورية العليا، ومن ثم يكون الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة على غير سند، قمينًا بالرفض. 

وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى من وجهين؛ أولهما: لعدم تقدير جدية الدفع من قبل محكمة أول درجة ( محكمة القضاء الإدارى )، بالمخالفة للمادتين (29، 30) من قانون المحكمة الدستورية العليا. وثانيهما : لعدم توافر المصلحة في الدعوى، لصدور القانون رقم 119 لسنة 2008 بشأن البناء، الذى حظر في المادة (66) منه تغيير استخدام المبنى أو أى وحدة من وحداته دون الحصول على ترخيص بذلك، ومن ثم فإن الضرر الذى يطالب المدعى بدفعه مبعثه تلك المادة وليس قرار محافظ الجيزة المطعون فيه ؛ فإن هذا الدفع مردود في وجهه الأول: بأن المحكمة التى صرحت للمدعى بإقامة دعواه الدستورية هى المحكمة الإدارية العليا، وهى التى دفع المدعى أمامها بجلسة 26/1/2011، بعدم دستورية قرار محافظ الجيزة رقم 6299 لسنة 1999، وهى التى قدرت جدية الدفع، وبناءً عليه أقام المدعى دعواه الدستورية، ومن ثم فإنه لا صلة لمحكمة القضاء الإدارى بالدعوى الدستورية المعروضة. ومردود في وجهه الثانى : بأن المصلحة الشخصية المباشرة، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع . ولما كان قرار محافظ الجيزة المطعون فيه قد صدر استنادًا إلى نصى المادتين (11) من القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وتعديلاته، و(22) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الإسكان والمرافق رقم 268 لسنة 1996، اللتين حظرتا إدخال أى تعديل أو تغيير جوهرى في الرسومات المعتمدة يغير من أوجه الاستعمال، إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم. وإذ صدر القانون رقم 119 لسنة 2008 بشأن البناء، متضمنًا النص في المادة (66) منه على بطلان كل تصرف يكون محله تغيير استخدام المبانى أو أى من وحداتها لغير الغرض المرخص به، قبل الحصـــول على الموافقـــة اللازمة من الجهة المختصة، فإنه لا يكون قد أتى بجديد يخالف ما تضمنه القانون رقم 106 لسنة 1976 السابق عليه، ويظل قرار محافظ الجيزة المطعون فيه قائمًا، ويبقى امتناع جهة الإدارة عن السير في إجراءات الترخيص المطلوب إصداره، مرده ذلك القرار، ومن ثم فإن الفصل في دستوريته سيكون له انعكاسٌ وأثرٌ مباشرٌ على الدعوى الموضوعية، وتتوافر للمدعى المصلحة في الطعن عليه. الأمر الذى يكون معه الدفع المبدى بعدم القبول – في وجهيه - على غير سند، متعين الرفض. 

وحيث إن المدعى ينعى على القرار المطعون فيه مخالفته نص المادة (188) من دستور سنة 1971، على سند من أن هذا القرار لم ينشر بالجريدة الرسمية . 

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحقق من استيفاء النصوص التشريعية لأوضاعها الشكلية، يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية، كما أن الأوضاع الشكلية، سواء في ذلك تلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو شروط نفاذها، إنما تتحدد في ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها ، ومن ثم فإن نصوص دستور سنة 1971، الذى صدر القرار المطعون فيه في ظل العمل بأحكامه، تكون هي الواجبة التطبيق في هذا الشأن . 
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جـرى على أن الدولـة القانونية، على ما تنص عليه المادة (65) من دستور سنة 1971، هي التي تتقيد في ممارستها لسلطاتها، أيًّا كانت وظائفها أو غاياتها، بقواعد قانونية تعلو عليها، وتردها على أعقابها إن هى جاوزتها، فلا تتحلل منها، ذلك أن سلطاتها هذه، وأيًّا كان القائمون عليها، لا تعتبر امتيازًا شخصيًّا لمن يتولونها، ولا هى من صنعهم، بل أسستها إرادة الجماهير في تجمعاتها على امتداد الوطن، وضبطتها بقواعد آمرة لا يجوز النزول عنها، ومن ثم تكون هذه القواعد قيدًا على كل أعمالها وتصرفاتها، فلا تأتيها إلا في الحدود التي رسمها الدستور، وبما يرعى مصالح مجتمعها . 
وحيث إن مضمون القاعدة القانونية التي تعتبر إطارًا للدولة القانونية تسمو عليها وتقيدها، إنما يتحدد، من منظور المفاهيم الديمقراطية التي يقوم نظام الحكم عليها على ما تقضى به المواد (1، 3، 4) من دستور سنة 1971، على ضوء المعايير التي التزمتها الدول الديمقراطية في ممارستها لسلطاتها، واستقر العمل فيما بينها على انتهاجها باطراد في مجتمعاتها، فلا يكون الخضوع لها إلا ضمانًا لحقوق مواطنيها وحرياتهم، بما يكفل تمتعهم بها أو مباشرتهم لها دون قيود جائرة تنال من محتواها أو تعطل جوهرها . 
وحيث إن إخطار المخاطبين بالقاعدة القانونية، بمضمونها، يعتبر شرطًا لإنبائهم بمحتواها، وكان نفاذها، تبعًا لذلك، يفترض إعلانها من خلال نشرها، وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانها . وكان ذلك مؤداه أن دخول هذه القاعدة مرحلة التنفيذ مرتبط بواقعتين تجريان معًا وتتكاملان، وإن كان تحقق ثانيتهما معلقًا على وقوع أولاهما، هما نشرها وانقضاء المدة التى حددها المشرع لبدء العمل بها. وكان من المقرر أن كل قاعدة قانونية، سواء تضمنها قانون أو لائحة، لا يجوز اعتبارها كذلك، إلا إذا قارنتها صفتها الإلزامية التى تمايز بينها وبين القاعدة الخلقية، فإن خاصيتها هذه تعتبر جزءًا منها، فلا تستكمل مقوماتها بفواتها . 
وحيث إن ما تقدم مؤداه أن نشر القاعدة القانونية ضمان لعلانيتها، وذيوع أحكامها، واتصالها بمن يعنيهم أمرها، وامتناع القول بالجهل بها. وكان هذا النشر يعتبر كافلاً وقوفهم على ماهيتها ومحتواهـا ونطاقها، حائلاً دون تنصلهم منها، ولو لم يكن علمهم بها قد صار يقينيًّا، أو كان إدراكهم لمضمونها واهيًا . وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها، وهم من الأغيار في مجال تطبيقها، متضمنًا إخلالاً بحرياتهم أو بالحقوق التى كفلها الدستور، دون التقيد بالوسائل القانونية التي حدد تخومها وفصَّل أوضاعها، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التي لا تنشر، لا تتضمن إخطارًا كافيًا بمضمونها ولا بشروط تطبيقها، فلا تتكامل مقوماتها التي اعتبر الدستور تحققها شرطًا لجواز التدخل بها لتنظيم الحقوق والحريات على اختلافها . 
وحيث إنه متى كان ذلك ، وكان الثابت بالأوراق أن القـــرار المطعون فيه لم ينشر في الجريدة الرسمية " الوقائع المصرية"، وذلك بالمخالفة للنصوص المتقدمة ونص المادة (188) من دستور سنة 1971 ، ومن ثم فإن تطبيقه على المدعى قبل نشره، يزيل عن القواعد التى تضمنها صفتها الإلزامية، فـــلا يكون لها – قانونًا - من وجود .

وحيث إن مؤدى ما تقدم، مخالفة أحكام القرار المطعون فيه ، جميعها، لنصوص المواد (1، 3، 4، 64، 65، 188) من دستور سنة 1971، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم دستوريته برمته 
فلهـذه الأسبـاب 
حكمت المحكمة بعدم دستورية قرار محافظ الجيزة رقم 6299 لسنة 1999 بشأن حظر تحويل الوحدات السكنية إلى غرض آخر في نطاق مدينة الجيزة والأحياء التابعة لها، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

جريمة الإصابة الخطأ لشخص واحد غير معاقب عليها بالحبس الوجوبي

الدعوى رقم 191 لسنة 31 ق "دستورية" جلسة 9 / 5 / 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من مايو سنة 2020، الموافق السادس عشر من رمضان سنة 1441 هـ. 
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر 

أصدرت الحكم الآتى 
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 191 لسنة 31 قضائية "دستورية". 

المقامة من 
........ 
ضــــد 
1- رئيس الجمهوريــــــــة 
2- رئيس مجلس الــوزراء 
3- رئيس مجلس الشعـب (النـواب حـاليًّا) 
4- وزيـر العــــــدل 
5- النائـــب العــام 
6- رئيس محكمة الجنح المستأنفة بفاقوس 

الإجـراءات 
بتاريخ السادس من سبتمبر سنة 2009، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية المادة (244) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 المعدلة بالقانون رقم 29 لسنة 1982. 
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى. 
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 7/3/2020، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة 4/4/2020، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم. 
المحكمــــة 
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. 
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة كانت قد اتهمت المدعd وآخر، بأنهما تسببا خطأ في قتل خمسة أشخاص، وإصابة شخص واحد، بسبب إهمالهما، وعدم احترازهما، وعدم مراعاتهما للقوانين واللوائح، بأن قاد كل منهما سيارة بحالة ينجم عنها الخطر، فأحدثا وفاة وإصابة المجنى عليهم المذكورين عددًا، وقدمتهما للمحاكمة الجنائية، أمام محكمة جنح مركز فاقوس الجزئية، في الدعوى رقم 8651 لسنة 2006 جنح، وطلبت معاقبتهما بالمادتين (238/1، 244/1) من قانون العقوبات، والمواد (1، 2، 63/1، 75/7، 77) من قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973، المعدل بالقانون رقم 195 لسنة 1999 ولائحته التنفيذية. وبجلسة 16/7/2006، حكمت تلك المحكمة غيابيًّا بحبس المدعى ستة أشهر مع الشغل، عارض المدعى في الحكم المشار إليه، وبجلسة 16/7/2007، قُضى برفض المعارضة وتأييد الحكم المعارض فيه. طعن المدعى على ذلك الحكم بالاستئناف المقيد برقم 4378 لسنة 2008 جنح مستأنف فاقوس. وبجلسة 15/5/2008، قضت المحكمة الاستئنافية بعدم قبول الاستئناف شكلاً؛ للتقرير به بعد الميعاد. عارض المدعى في ذلك الحكم، وحال نظر المعارضة الاستئنافية بجلسة 16/7/2009، دفع بعدم دستورية نص المادة (244) من قانون العقوبات، لمخالفتها نص المادة الثانية من الدستور، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة. 

وحيث إن شرط المصلحة الشخصية المباشرة – وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - يتغيا أن تفصل المحكمة في الخصومة الدستورية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، أو تصوراتها المجردة، وهو كذلك يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية ويحدد نطاقها، فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيه، ومؤدى ذلك ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين ينالهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم، ويتعين دومًا أن يكون هذا الضرر منفصلاً عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلاً بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنًا تحديده ومواجهته بالترضية القضائية لتسويته، عائدًا في مصدره إلى هذا النص، فإذا لم يكن ذلك النص قد طُبق أصلاً على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه، دلَّ ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه عند رفعها. 

وحيث إن المادة (244) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، بعد استبدالها بالقانون رقم 120 لسنة 1962، وتعديلها بالقانون رقم 29 لسنة 1982، تنص على أن " من تسبب خطأ في جرح شخص أو إيذائه بأن كان ذلك ناشئًا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو ...... يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تجاوز مائتي جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. 

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين وغرامة لا تجاوز ثلاثمائة جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين إذا نشأ عن الإصابة عاهة مستديمة أو ...... 
وتكون العقوبة الحبس إذا نشأ عن الجريمة إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص، ....... ". 

وحيث إن المدعى ينعـى على النـص المطعون فيه، ما تضمنه من وجوب توقيع عقوبة الحبس عن ارتكاب جريمة الإصابة الخطأ، وكان نص الفقرة الأخيرة من تلك المادة، أورد عقوبة الحبس وحدها، لتوقع وجوبًا على من يثبت ارتكابه إحدى الجرائم الواردة فيه، ومن ثم فإن نطاق الدعوى المعروضة يتحدد في الشطر الأول من الفقرة الأخيرة من المادة (244) من قانون العقوبات، دون غيرها من أحكام تلك المادة. 

وحيث إنه لما كان ذلك، وكانت الواقعة المنسوب إلى المدعي ارتكابها، في نطاق جريمة الإصابة الخطأ، هي تسببه في إصابة شخص واحد، نتيجة قيادته سيارة بحالة ينجم عنها الخطر، وكانت النيابة العامة قد قدمت المدعى للمحاكمة الجنائية عن الواقعة المشار إليها بمقتضى نص الفقرة الأولى من المادة (244) من قانون العقوبات، ولم تطلب عقابه عن تلك الواقعة، بموجب نص فقرتها الأخيرة، كما لم تدنه محكمة الجنح الجزئية استنادًا إلى النص المطعون عليه – محددًا نطاقًا على نحو ما سلف - ومن ثم فإن المدعي لا يكون مخاطبًا بهذا النص، ولا يكون قد طُبق في شأنه، مما تنتفى معه صلة ذلك النص بالاتهام المنسوب إليه في الدعوى الموضوعية، وبالتالي فإن الفصل في دستوريته لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية، يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني في الدعوى الموضوعية، لتغدو مصلحته في الطعن عليه منتفية، الأمر الذى يتعين معه الحكم بعدم قبول هذه الدعوى. 

فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

سلطة المحكمة الدستورية العليا في إسقاط النصوص ( لجان فض المنازعات 7 / 2000)

الدعوى رقم 4 لسنة 29 ق "دستورية" جلسة 9 / 5 / 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من مايو سنة 2020، الموافق السادس عشر من رمضان سنة 1441 هـ. 
برئاسة السيد المستشار الدكتور / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتى 

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 29 قضائية "دستورية". 

المقامة من 
محمد عطية إبراهيم الزفتاوى 
ضــــد 
1- رئيس مجلس الشعـب (مجلس النـــواب حــــاليًّا) 
2- وزيـر العـــــدل 
3- رئيس مجلس الـوزراء 
4- وزيــــر الماليــــــة 
5- وزير الأوقــــــــــاف 

الإجـراءات 
بتاريخ الحادي عشر من يناير سنة 2007، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بشأن لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية طرفًا فيها، وسقوط أحكام المادة الثانية منه. 
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى. 
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 7/3/2020، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة 4/4/2020، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم. 

المحكمــــة 
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. 
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 1696 لسنة 2005 مدنى كلى، أمام محكمة كفر الشيخ الابتدائية، ضد المدعى عليهما الرابع والخامس، طلبًا للحكم بأن يؤديا له متضامنين مبلغًا مقداره 2632 دولارًا أمريكيًّا، قيمة ما سدده من ضريبة على العاملين بالخارج، على سند من القول بأنه من العاملين بوزارة الأوقاف، وبُعث إلى الخارج خلال الفترة من سنة 1984 حتى سنة 1989، وقام بسداد الضريبة المفروضة على عمله بالخارج، وإذ زال النص القانوني المقرر لهذه الضريبة بموجب حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في الدعوى رقم 43 لسنة 13 قضائية "دستورية"، فقد أقام دعواه لاسترداد هذا المبلغ. وبجلسة 28/2/2006، حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون. استأنف المدعى هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا – مأمورية استئناف كفر الشيخ، بالاستئناف رقم 583 لسنة 39 قضائية، وأثناء نظره بجلسة 12/11/2006، دفع بعدم دستورية المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000، بإنشاء لجان فض المنازعات، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة. 

وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التى تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية طرفًا فيها تنص على أن " ينشأ في كل وزارة أو محافظة أو هيئة عامة وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة لجنة أو أكثر، للتوفيق في المنازعات المدنية والتجارية والإدارية التي تنشأ بين هذه الجهات وبين العاملين بها، أو بينها وبين الأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة ". 
وحيث إن المدعى ينعى على حكم المادة الأولى المشار إليها مخالفتها لأحكام الشريعة الإسلامية، باشتراطها اللجوء إلى تلك اللجان ابتداء قبل طرح النزاع على جهات القضاء المختصة، مما يؤخر الفصل في النزاع، ويحول دون حصول صاحب الحق على الترضية القضائية في أجل مناسب، وهو ما ينطوي أيضًا على إخلال بحق التقاضي. وإهدار لمبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين؛ لقصره عضوية تلك اللجان على رجال القضاء المحالين إلى التقاعد، دون الكفاءات الشابة. فضلاً عن أن ما يصرف من مكافآت مالية لأعضاء تلك اللجان، يمثل عبئًا على الخزانة العامة، وينال بالتالي من الحماية المقررة للملكية العامة. 

وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبـول الدعوى الدستورية، مناطها - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة- قيام رابطة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية في الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، وترتبط المصلحة الشخصية المباشرة بالخصم الذى أثار المسألة الدستورية وليس بهذه المسألة في ذاتها منظورًا إليها بصفة مجردة، ومن ثم فلا تقوم هذه المصلحة إلا بتوافر شرطين يحددان بتكاملهما معًا مفهوم المصلحة الشخصية المباشـرة كشرط لقبول الدعوى الدستورية، أولهما: أن يقيم المدعى الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، ويتعين أن يكون هذا الضرر مباشرًا ومستقلاًّ بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً، وثانيهما: أن يكون مرد هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون فيه، بما مؤداه قيام علاقة سببية بينهما، تحتم أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى ذلك النص، لكون شرط المصلحة الشخصية هو الذى يحدد فكرة الخصومة الدستورية، ويبلور نطاق المسألة الدستورية التي تدعى هذه المحكمة للفصل فيها، ويؤكد ضرورة أن تكـون المنفعة التى يقرهــا القانون هي محصلتها النهائية. ومن المقرر أيضًا في قضاء هذه المحكمة أن شرط المصلحة منفصل دومًا عن توافق النص التشريعي المطعون فيه مع أحكام الدستور أو مخالفته لها، اعتبارًا بأن هذا التوافق أو الاختلاف هو موضــــوع الدعوى الدستورية، فلا تخوض فيه المحكمة إلا بعد قبولها. متى كان ذلك، وكان نص المادة الأولى من القانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه لا يحمل حكمًا موضوعيًّا يمكن أن توجه إليه المناعي التي آثارها المدعى، إذ اقتصر ذلك النص على إنشاء اللجان المشار إليها فيه، للتوفيق في نوعيات معينة من المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفًا فيها، ولم يتضمن اشتراط اللجوء إلى تلك اللجان قبل طرح النزاع على جهات القضاء المختصة، أو جزاء مخالفة ذلك، كما لم يرد به طريقة تشكيل تلك اللجان، وأعضائها، وما يتقاضونه من مكافآت مالية نظير عملهم فيها، أو الأجل الذى تصدر فيه تلك اللجان توصياتها. ومن ثم فإن الإخلال بالحقوق التي يدعيها المدعى لا يعود إلى هذا النص، وإنما إلى نصوص أخرى لم يطعن المدعى عليها، الأمر الذى تنتفى معه مصلحته الشخصية المباشرة في الطعن على هذا النص، وتكون الدعوى – تبعًا لذلك – غير مقبولة. 
وحيث إنه عن طلب الحكم بسقوط نص المادة الثانية من القانون رقم 7 لسنة 2000 المشار إليه، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب السقوط لا يعتبر طلبًا جديدًا منبت الصلة بما دُفع به أمام محكمة الموضوع، وإنما هو من قبيل التقديرات القانونية التى تملكها المحكمة الدستورية العليا فيما لو قضت بعدم دستورية نص معين، ورتبت السقوط للمواد الأخرى المرتبطة به ارتباطًا لا يقبل التجزئة، وهو أمر تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها حتى ولو لم يطلبه الخصوم. متى كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت فيما تقدم إلى عدم قبول الدعوى، فإن طلب السقوط يكون قد ورد على غير محل. 

فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

شروط انطباق المادة 116 مكررًا ج / 3 من قانون العقوبات

الدعوى رقم 166 لسنة 27 ق "دستورية" جلسة 9/ 5/ 2020 
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من مايو سنة 2020، الموافق السادس عشر من رمضان سنة 1441 هـ. 

برئاسة السيد المستشار الدكتور / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمى والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبدالجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر 

أصدرت الحكم الآتى 
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 166 لسنة 27 قضائية "دستورية". 

المقامة من 
محمد عبدالنبى محمود أبو سلامون 

ضــد 
1- رئيس مجلس الوزراء 
2- رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب 
3- النائــــب العــام 
الإجراءات 
بتاريخ الثاني من أغسطس سنة 2005، أودع المدعى صحيفة هـذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة رقم (116 مكررًا ج) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937. 
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى. 
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها. 
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 7/3/2020، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة 4/4/2020، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم. 

المحكمــة 
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. 
حيث إن الوقائع تتحصـل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن النيابة العامة قدمت المدعى إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة جنح قسم دمنهور في الدعوى رقم 11033 لسنة 2004، لأنه في يوم 16/11/2003، بدائرة قسم دمنهور، بوصفه مندوب التوريد بشركة متولى وأحمد عبدالجواد (المتعاقدة على توريد أغذية لإدارة قوات أمن البحيرة) قام بتوريد دجاج فاسد للجهة المذكورة، ولم يثبت علمه بفسادها، وطلبت عقابه بالمادتين (116 مكررًا ج/3، 4 و119) من قانون العقوبات. وبجلسة 9/1/2005، قضت محكمة الجنح غيابيًّا بحبس المتهم سنة مع الشغل وتغريمه عشرة آلاف جنيه والمصادرة، ونُشر الحكم في جريدتين رسميتين على نفقة المتهم، فعارض المدعى في ذلك الحكم، وأثناء نظر المعارضة دفع بعدم دستورية نص الفقرة الثالثة من المادة (116 مكررًا ج) من قانون العقوبـات، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة. 
وحيث إن المادة (116 مكررًا ج) من قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، المضافة بالقانون رقم 63 لسنة 1975 تنص على أن " كل من أخل عمدًا بتنفيذ كل أو بعض الالتزامات التى يفرضها عليه عقد مقاولة أو نقل أو توريد أو التزام أو أشغال عامة ارتبط به مع إحدى الجهات المبينة في المادة (119) أو مع إحدى شركات المساهمة وترتب على ذلك ضرر جسيم، أو إذا ارتكب أى غش في تنفيذ هذا العقد يعاقب بالسجن. 

وتكون العقوبة السجن المؤبد أو المشدد إذا ارتكبت الجريمة في زمن حرب وترتب عليها إضرار بمركز البلاد الاقتصادي أو بمصلحة قومية لها. 

وكل من استعمل أو ورد بضاعة أو مواد مغشوشة أو فاسدة تنفيذًا لأى من العقود سالفة الذكر، ولم يثبت غشه لها أو علمه بغشها أو فسادها يعاقب بالحبس والغرامة التى لا تجاوز ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين وذلك ما لم يثبت أنه لم يكن في مقدوره العلم بالغش أو الفساد. 

ويحكم على الجاني بغرامة تساوى قيمة الضرر المترتب على الجريمة. 

ويعاقب بالعقوبات سالفة الذكر على حسب الأحوال، المتعاقدون من الباطن والوكلاء والوسطاء إذا كان الإخلال بتنفيذ الالتزام أو الغش راجعًا إلى فعلهم ". 

وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أنه لا يجوز قبول الدعوى الدستورية إلا بتوافر الشروط اللازمة لاتصالها بها وفقًا للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، ويندرج تحتها شرط المصلحة التى حددتها المحكمة الدستورية العليا، بأنها المصلحة الشخصية المباشرة، التي لا يكفى لتحققها أن يكون النص التشريعى المطعون فيه مخالفًا للدستور، بل يجب أن يكون هذا النص - بتطبيقه على المدعى - قد ألحق به ضررًا مباشرًا، وأن مفهوم تلك المصلحة يتحدد على ضوء عنصرين أولين يحددان معًا مضمونها ولا يتداخل أحدهما مع الآخر أو يندمج فيه، وإن كان استقلالهما عن بعضهما البعض لا ينفى تكاملهما، وبدونهما مجتمعين لا يجوز لهذه المحكمة أن تباشر رقابتها على دستورية القوانين واللوائح، أولهما: أن يقيم المدعى - في حدود الصفة التى اختصم بها النص التشريعي المطعون فيه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا- اقتصاديًّا أو غيره - قد لحق به، ويجب أن يكون هذا الضرر مباشرًا، مستقلاًّ بعناصره، ممكنًا إدراكه ومواجهته بالترضية القضائية، وليس ضررًا متوهمًا أو نظريًّا أو مجهلاً، بما مؤداه أن الرقابة على الدستورية، يجب أن تكون موطئًا لمواجهة أضرار واقعية بغية ردها وتصفية آثارها القانونية. ثانيهما: أن يكون مرد الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون فيه، فإذا لم يكن هذا النص قد طبق على المدعى أصلاً، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعـود إليه، فإن المصلحة الشخصية المباشرة تكون منتفية، ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعها لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية، عما كان عليه عند رفعها. 



وحيث إنه من المقرر فقهًا وقضاءً أنه يتعين لانطباق نص الفقرة الثالثة من المادة (116 مكررًا ج) من قانون العقوبات توافر شرطين، أولهما: أن يكون المتهم مرتبطًا بعقد من العقود المبينة آنفًا مع إحدى الجهات المبينة بالمادة (119) من قانون العقوبـات أو إحدى الشركات المساهمة. ثانيهما: ألا يكون المتهم هو القائم بالغش أو عالمًا بغش البضاعة أو فسادها، أو كان في مقدوره العلم بالغش أو الفساد. 



وحيث إن الثابت بالأوراق أن النيابة العامة قدمت المدعى للمحاكمة الجنائية أمام محكمة الجنح بوصفه "مندوب التوريد" بشركة متولى وأحمد عبدالجواد، قام بتوريد دجاج فاسد لإدارة قوات أمن البحيرة المتعاقدة مع الشركة، وإذ أجدبت الأوراق من دليل على أن المدعى هو المتعاقد مع تلك الجهة، وما يستتبعه ذلك من مساءلته جنائيًّا عن الجريمة التى انتظمتها الفقرة الثالثة من المادة (116 مكررًا ج) من قانون العقوبات في حال الإخلال بحكمها، ومن ثم يكون المدعى من غير المخاطبين بذلك النص، وهو ما تنتفى معه المصلحة الشخصية المباشرة في الطعن عليه، ومن ثم يتعين القضاء بعدم قبول الدعوى. 



فلهذه الأسباب 

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

دستورية فرض ضريبة المبيعات على قيام المكلف باستعمال السلعة في أغراض خاصة


الدعوى رقم 53 لسنة 19 ق "دستورية" جلسة 9 / 5 /2020
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت التاسع من مايو سنة 2020، الموافق السادس عشر من رمضان سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو                   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبد الجواد شبل وطارق عبدالعليم أبو العطا                         نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى    رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع            أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
      في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 53 لسنة 19 قضائية "دستورية".
المقامة من
شركة النصر لصناعة المواسير الصلب ولوازمها
ضــــد
1 - رئيس مجلس الـــوزراء
2 - وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب على المبيعات
3 – رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات
الإجـراءات
بتاريخ السابع عشر من مارس سنة 1997، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة السادسة من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليًّا: بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وقدمت الشركة المدعية مذكرة، صممت فيها على الطلبات الواردة بصحيفة دعواها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 7/3/2020، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة 4/4/2020، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم.

المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن الشركة المدعية كانت قد أقامت الدعوى رقم 9368 لسنة 1996 مدنى كلى، أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية، ضد المدعى عليهما الثاني والثالث، بطلب الحكم بإلزامهما برد ما دفعته بغير حق لمصلحة الضرائب على المبيعات، وبراءة ذمتها من أية مبالغ بشأن فرض ضريبة مبيعات على نشاط الشركة عن المشغولات المحلية الخاصة بها، وذلك على سند من أن مصلحة الضرائب على المبيعات حصًّلت من الشركة، بغير حق، خلال الفترة من 1/12/1994 حتى 27/6/1996، مبالغ جملتها (1433095,30) جنيهًا، لحساب ضريبة المبيعات عن مشغولات داخلية، عبارة عن قطع غيار تنتجها الورش الخاصة بها لاستخدامها في صيانة الماكينات والآلات، وصهر وتنقية مخلفات الزنك من الشوائب، وإعادة استخدامه في جلفنة المواسير، واستخدام كميات من المواسير المنتجة في أعمال الصيانة، داخل منشآت الشركة ومصانعها، وبأقسام غلايات المياه والخزانات، واستخدام بعضها سياجًا ومظلات في مواقع العمل والإنتاج المكشوفة، وجميع تلك المشغولات ليست سلعًا مما يتم إنتاجه وطرحه للبيع، وتخرج عن المقصود بالاستخدام الخاص الوارد بالفقرة الثانية من المادة (6) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991. وأثناء نظر الدعوى بجلسة 15/2/1997، قدَّمت الشركة مذكرة، ضمنتها دفعًا بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت لها بإقامة الدعوى الدستورية، فأقامت الشركة الدعوى المعروضة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى، من وجهين، أولهما : أن الحاضر عن الشركة المدعية طلب من محكمة الموضوع، بجلسة 15/2/1997، أجلاً لإقامة الدعوى الدستورية، دون إبداء دفع أو تحديد للنص المطعون فيه، ومن ثم يكون تصريح المحكمة بإقامة الدعوى الدستورية قد ورد على غير محل. وثانيهما : أن النزاع المطروح في الدعوى المعروضة يدور حول تفسير نص الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه، وكيفية تطبيقه، وهو ما لا شأن له ببحث دستوريته، فذلك كله مردود، بأن الثابت بالأوراق أن الشركة المدعية قدَّمت بجلسة 15/2/1997، مذكرة ضمنتها دفعًا بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون 11 لسنة 1991 المشار إليه، وبذلك يكون تصريح المحكمة لها بإقامة الدعوى الدستورية – بعد تقديرها لجدية الدفع – قد ورد على محل، ومتفقًا وصحيح القانون. فضلاً عن أن طلب الشركة الوارد بصحيفة الدعوى الدستورية قاطع وصريح في القضاء بعدم دستورية النص المطعون فيه، لمخالفته للمواد (38، 61، 119) من دستور سنة 1971، ولم يتطرق هذا الطلب بأي حال إلى تفسير ذلك النص. ومن ثم، يكون الدفع المبدى، بوجهيه، غير سديد، جديرًا بالالتفات عنه.

وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها، لا يحول دون الطعن عليها من قِبَل من طُبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه، تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة، ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية هو سريانها على الوقائع التي تتم خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى إلغائها، فإذا استُعيض عنها بقاعدة قانونية جديدة، سرت القاعدة الجديدة من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ من المراكز القانونية في ظل القاعدة القديمة، وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل محكومًا بها وحدها. متى كان ذلك، وكانت رحى النزاع الموضوعي بين الشركة المدعية ومصلحة الضرائب على المبيعات، تدور حول مدى أحقية المصلحة في اقتضاء ضريبة مبيعات عن نشاط الشركة خلال الفترة من 1/12/1994 حتى 27/6/1996، ومن ثم تظل الشركة مخاطبة ضريبيًّا خلال المدة المشار إليها بموجب أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 وتعديلاته، ولا يغير من ذلك إلغاء هذا القانون بموجب المادة الثانية من مواد إصدار القانون رقم 67 لسنة 2016 بإصدار قانون الضريبة على القيمة المضافة.

وحيث إن المادة السادسة من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 تنص على أن "تستحق الضريبة بتحقق واقعة بيع السلعة أو أداء الخدمة بمعرفة المكلفين وفقًا لأحكام هذا القانون.
ويعتبر في حكم البيع قيام المكلف باستعمال السلعة أو الاستفادة من الخدمة في أغراض خاصة أو شخصية، أو التصرف فيها بأي من التصرفات القانونية.
..............".

وحيث إن مناط المصلحة الشخصية المباشرة - وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية، – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. ويتغيا هذا الشرط أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة الدستورية من جوانبهـا العملية، وليس من معطياتها النظرية، أو تصوراتها المجردة، وهو كذلك يقيد تدخلهـا في تلك الخصومة، ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيه. متى كان ذلك، وكان النزاع المثار في الدعوى الموضوعية، الذى أقيمت الدعوى الدستورية بمناسبته، يدور حول مدى خضوع المشغولات التي تنتجها الشركة، وتقوم باستعمالها في أغراض خاصة بها، للضريبة العامة على المبيعات، وكانت الفقرة الثانية من المادة السادسة من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه تنص على أن " ويعتبر في حكم البيع قيام المكلف باستعمال السلعة أو الاستفادة من الخدمة في أغراض خاصة أو شخصية، أو التصرف فيها بأي من التصرفات القانونية ". وكان من المقرر أنه متى كان النص القانوني واضحًا، جلى المعنى، قاطعًا في الدلالة على المراد منه، فلا محل للخروج عليه أو تأويله بدعوى تفسيره، أو تخصيص عمومه، أو تقييد مطلقه بدعوى الاستهداء بالحكمة التي أملته، لأن محل ذلك كله يكون عند غموض النص أو وجود لبس فيه، مما يكون معه القاضي مضطرًا في سبيل التعرف على مراد المشرع إلى تقصى الغرض الذى رمى إليه، والقصد الذى أملاه، ذلك أن الأحكام القانونية تدور مع علتها لا مع حكمتها، ومن ثم فلا يجوز إهدار العلة والأخذ بالحكمة عند وضوح النص.

وحيث إن النص المطعون فيه قد دل بصريح لفظه دون لبس أو غموض على أن الضريبة تستحق بتحقق واقعة بيع السلعة، كما تتحقق باستعمالها من المكلف في أغراضه الخاصة، وكان الفصل في دستورية الشطر الثانى من ذلك النص يرتب انعكاسًا أكيدًا ومباشرًا على طلبات الشركة المدعية في الدعوى الموضوعية، ومدى أحقيتها في عدم خضوع السلع التى تنتجها، وتستعملها في أغراضها الخاصة للضريبة العامة على المبيعات، فمن ثم تتوفر لها مصلحة شخصية ومباشــرة في الطعن على ذلك النص. ويتحدد نطاق الدعوى المعروضة بما ورد بتلك الفقرة من أنه " ويعتبر في حكم البيع قيام المكلف باستعمال السلعة في أغراض خاصة "، دون ما ورد بها من أحكام أخرى.

وحيث إن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون فيه مخالفته لأحكام المواد (38، 61، 119) من دستور سنة 1971، المقابلة لحكم المادة (38) من الدستور الحالي، قولاً منها إن ذلك النص أخضع للضريبة عمل الإنسان لنفسه ولخدمته الذاتية، في حين أن السلعة بمفهومها الاقتصادي هي ما ينتج بقصد التداول، ولا يدخل في مفهومها ما ينتجه الشخص لنفسه واستعماله الخاص، فضلاً عن أن النص على أن " يعتبر في حكم البيع قيام المكلف باستعمال السلعة في أغراض خاصة " قد انطوى على تفرقة بين المكلف وغيره ممن لم يبلغ حد التسجيل، الأمر الذى يخل بالعدالة الاجتماعية التي يقوم عليها النظام الضريبي.

وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الرقابة على دستورية القوانين واللوائح في خصوص مدى مطابقتها للقواعد الموضوعية التي تضمنها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، ذلك أن هذه الرقابة تستهدف أصلاً صون الدستور المعمول به وحمايته من الخروج على أحكامه، باعتبار أن نصوص هذا الدستور تمثل دائمًا القواعد والأصول التى يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التى يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات؛ لكونها أسمى القواعد الآمرة. متى كان ذلك، وكانت المناعي التي وجهتها الشركة المدعية إلى النص التشريعي المطعون فيه تندرج تحت المطاعن الموضوعية التي تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعي لقاعدة في الدستور من حيث محتواها الموضوعي، وكان ذلك النص قد ظل ساريًا ومعمولاً بأحكامه حتى تاريخ العمل بالدستور القائم، ومن ثم فإن المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون فيه من خلال أحكام الدستور الحالي الصادر عام 2014.

وحيث إن الأصل في الضريبة العامة – على ما جرى عليه قضاء هـذه المحكمة – أنها فريضة مالية تقتضيها الدولة جبرًا - بما لها من ولاية على إقليمها - من المكلفين بها وفق القواعد التي يقررها المشرع في شأنها، دون أن يكون لهؤلاء خيار في الوفاء بها أو النكول عنها، وإنما يؤدونها إليها جبرًا ويسهمون بها – حملاً – في نصيبهم من الأعباء العامة، ولو لم يكن ثمة مقابل يعود عليهم مباشرة من جراء فرضها. ويبين قانون هذه الضريبة حدود العلاقة بين الملتزم بالضريبة من ناحية، وبين الدولة التي تفرضها من ناحية أخرى، سواء في مجال تحديد الأشخاص الخاضعين لها، والأموال التي تسرى عليها، وشروط سريانها، وسعر الضريبة، وكيفية تحديد وعائها، وقواعد تحصيلها، والجزاء على مخالفة أحكامها. وكان قانون الضريبة إذ يصدر على هذا النحو، فإنه ينظم رابطتها تنظيمًا شاملاً يدخل في مجال القانون العام، متوخيًّا تقديرًا موضوعيًّا ومتوازنًا لمتطلبات وأسس فرضها، وبمراعاة أن حق الدولة في إنشائها لتنمية مواردها ينبغي أن يقابل بحق الملتزمين أصلاً بها، والمسئولين عنها، في تحصيلها منهم وفق أسس موضوعية، يكون إنصافها نافيًا لتحيفها، وحيدتها ضمانًا لاحتوائها. بما مؤداه: أن قانون الضريبة العامة، وإن توخى حماية المصلحة الضريبية للدولة، باعتبار أن الحصول على إيرادهــــــا هدف مقصود منه ابتداء، فإن مصلحتها هذه ينبغي موازنتها بالعدالة الاجتماعية بوصفها مفهومًا وإطارًا مقيدًا لنصوص هذا القانون.

وحيث إن العدالة الاجتماعية تتوخى بمضمونها التعبير عن القيم والمصالح الاجتماعية السائدة في مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة، ومن ثم تتباين معانيها ومراميها تبعًا لتغير الظروف والأوضاع، فلا يكون مفهوم العدل حقيقة مطلقة لا تبديل فيها، ولا ثابتًا باطراد؛ بل مرنًا، ومتغيرًا وفق معايير الضمير الاجتماعي، ويتعين من ثمّ أن تتوازن علائق الأفراد ومصالحهم، بمصالح المجتمع في مجموعه، توصلاً إلى عدالة حقيقية تتفاعل مع الواقع، وتتجلى قوة دافعة لتقدمه. وإذا كان العدل مهيمنًا على الضريبة التي توافرت لها قوالبها الشكلية وأسسها الموضوعية، فإن ذلك يشكل ضمانة توفر الحماية القانونية التي كفلها الدستور للمواطنين جميعًا، وذلك بما تضمنته المادة (27) منه، التي أوجبت أن يقوم النظام الاقتصادي على نظام ضريبي عادل، وكذلك ما تضمنته المادة (38) منه، التي حددت أهداف النظام الضريبي، وجعلت على رأسها تحقيق العدالة الاجتماعية. ويفترض تحديد دين الضريبة التوصل إلى تحديد حقيقي للمال الخاضع لها، باعتبار أن ذلك يُعد شرطًا لازمًا لعدالة الضريبة وسلامة بنيانها، ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة، ومن ثمّ يتعين أن يكون وعاء الضريبة، ممثلاً في المال المحمل بعبئها، محققًا ومحددًا على أسس واقعية واضحة لا تثير لبسًا أو غموضًا، بما يمكن معه الوقوف على حقيقته على أكمل وجه، ولا يكون الوعاء محققًا إلا إذا كان ثابتًا بعيدًا عن شبهة الاحتمال، ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها، إنما يتحدد مرتبطًا بوعائها، وباعتباره منسوبًا إليه ومحمولاً عليه. واختيار المشرع لوعاء الضريبة – وهو المال المحمل بعبئها – يدخل في نطاق سلطته التقديرية، ولـــو كان فرضهـا غير مقبـول بوجه عام. ولا ترتبط دستوريتها بتوافر بدائل تحل محلها، وتكفل تحقيق حصيلتها. بيد أن هذا الاختيار وإن كان يدخل في نطاق السلطة التقديرية التي يباشرها المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، فإن هذه السلطة تقيدها الضوابط التي فرضها الدستور عليها لتحد من إطلاقها ولترسم تخومها التي لا يجوز أن يتعداها المشرع، سواء بإغراق هذه الحقوق من خلال تنظيمها، أو عن طريق تقييدها بما يرهقها، ويحد من اكتمال مجالاتها الحيوية التي تمثل لبها ونواتها.

وحيث كان ما تقدم، وكان النص المطعون فيه – في حدود النطاق المحدد سلفًا – في شأن الخضوع للضريبة، قد ألحق واقعة قيام المكلف باستعمال السلعة في أغراض خاصة، بواقعة بيع السلعة، فمن ثم تتحقق الواقعة المنشئة للضريبة بهذا الاستعمال، ويتحدد وعاء الضريبة في ثمن تلك السلعة حال بيعها. متى كان ذلك، وكانت الواقعة المنشئة للضريبة – حكمًا – واقعة منضبطة، يمكن الوقوف على حقيقتها، وتم تحديد الوعاء الخاضع للضريبة بموجبها على نحو محقق، ومحدد على أسس واقعية واضحة، لا تثير لبسًا أو غموضًا، يمكن الوقوف على حقيقته على أكمل وجه، ويكفل تحصيل الضريبة وفق أسس موضوعية، منصفة، تتوافر فيها شروط عدالة الضريبة، الأمر الذى يتفق معه حكم النص المطعون فيه ومبدأ العدالة الاجتماعية. ولا ينال من ذلك قالة إن فرض ضريبة مبيعات على السلع التى يستعملها المكلف في أغراض خاصة، دون طرحها للبيع، يخل بالعدالة الاجتماعية، لكون السلعة بمفهومها الاقتصادي، هي ما ينتج بقصد البيع، دون ما يستعمل منها في أغراض خاصة، فذلك مردود، أولاً : بأن واقعة استعمال المكلف للسلعة في أغراض خاصة، يتساوى مع واقعة بيعه للسلعة، ففي الحالتين يحصل المكلف على المنفعة التي يبتغيها، إما بطريق مباشر من خلال بيع السلعة والحصول على ثمنها، أو بطريق غير مباشر، بتوفير ثمن شرائها – محملاً بالضريبة – من آخرين، فكما أن ثمن السلعة في الحالة الأولى يعتبر وعاءً خاضعًا للضريبة، فإن العائد النفعي في الحالة الثانية يخضع للضريبة. ومردود ثانيًا : بأنه إذا كان الأصل في ضريبة المبيعات أنها تفرض على واقعة بيع السلعة، فإن حجب المكلف جزءًا من السلع لاستعمالها في أغراض خاصة، يمثل اقتطاعًا لجزء من الضريبة الواجب الوفاء بها، وقد عالج المشرع هذا الأمر، بموجب أحكام النص المطعون فيه، انصياعًا للوجوب الدستوري الواقع على كاهل الدولة بموجب نص الفقرة الرابعة من المادة (38) من الدستور، الذي يلزمها بتبنى النظم الحديثة التي تحقق الكفاءة واليسر والإحكام في تحصيل الضرائب. ومردود ثالثًا : بأن ما ورد بالنص المطعون فيه، يكفل مواجهة صور التحايل للتهرب من أداء الضريبة. ومردود رابعًا : بأن أحكام هذا النص تحقق المساواة بين المكلفين، كل بحسب مقدرته المالية فيما يحتجزه من سلع لاستعمالها في أغراض خاصة، دون طرحها للتداول والبيع.
ولا يقدح فيما تقدم قالة إن النص المطعون فيه يوجد تمييزًا غير مبرر بين المكلف، وغيره ممـن لم يبلغ حد التسجيل، بأن أخضع السلع التي يستعملها المكلف في أغراض خاصة للضريبة، دون الفريق الآخر، مما يخل بمبدأ العدالة الاجتماعية للضريبة، فذلك مردود بأن التمييز المدعى به لم يرد صراحة بالنص المطعون فيه، فضلاً عن أن من لم يبلغ حد التسجيل، تعجز إمكانياته عن الوفاء بالالتزامات التي يفرضها قانون الضريبة العامة على المبيعات، لصغر حجم نشاطه التجاري، وقدر ما يغله من أرباح، وذلك مراعاة من المشرع للبعد الاجتماعي للضريبة، وعدم فرضها على من لا يستطيع تحمل أعبائها.
وحيث إن النص المطعون فيه لا يقيم في مجال تطبيقه تمييزًا بين المكلفين المخاطبين بأحكامه ممن بلغوا حد التسجيل المقرر قانونًا، وذلك بفرض الضريبة سواء عن بيع السلعة حقيقة، أو حكمًا باستعمالها في أغراض خاصة. فضلاً عن أن الأهداف التي توخاها المشرع من تقرير هذا النص تتصل اتصالاً منطقيًّا ووثيقًا بما نصت عليه المادة الثانية من القانون رقم 11 لسنة 1991 المشار إليه من أن " تفرض الضريبة العامة على المبيعـات على السلع المصنعة المحلية والمستوردة إلا ما استثنى بنص خاص"، ذلك أن الأصل، هو خضوع جميع السلع المصنعة محليًّا للضريبة، سواء تم بيعها أو استعمالها في أغراض خاصة.
وحيث كان ما تقدم، فإن النص المطعون فيه، لا يخالف مبدأ العدالة الاجتماعية المنصوص عليه في المادة (38) من الدستور، أو أي حكم آخر فيه، مما يتعين معه القضاء برفض الدعوى.

فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى، وبمصادرة الكفالة، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الجمعة، 3 يوليو 2020

الطعن 2032 لسنة 52 ق جلسة 26 / 12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 251 ص 1216

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو، محمد حسن العفيفي، ممدوح السعيد ولطفي عبد العزيز.
------------------
(251)
الطعن رقم 2032 لسنة 52 القضائية
(1) عقد إيجار. أموال "الأموال العامة". قانون "القانون العام".
تصرف السلطة الإدارية في المال العام لانتفاع الأفراد به. سبيله. الترخيص المؤقت مقابل رسم لا أجرة. منح الترخيص ورفضه والرجوع فيه. من الأعمال الإدارية. خضوعه لأحكام القانون العام.
(2) اختصاص "الاختصاص الولائي" نقض.
نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. مؤداه. اقتصار مهمة محكمة النقض على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعيين المحكمة المختصة الواجب التداعي إليها. م 269/ 1 مرافعات. (مثال).
---------------
1 - هذه المحكمة أن تصرف السلطة الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص، وهذا يعتبر بذاته وبطبيعته مؤقتاً وغير ملزم للسلطة العامة التي لها دائماً لداعي المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله ثم هو - عدا ذلك - خاضع لحكم الشروط والقيود الواردة فيه، وإعطاء الترخيص ورفضه والرجوع فيه كل ذلك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا تخضع للقانون الخاص، وكون الترخيص يصرف مقابل رسم يدفع لا يخرجه من طبيعته تلك ولا يجعله عقد إيجار.
2 - متى كان الثابت أن قطعة الأرض محل النزاع التي كان ينتفع بها المطعون ضده على سبيل الترخيص هي مال عام فإن هذا الانتفاع يعتبر من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام وتخرج من ولاية المحاكم العادية لتدخل في اختصاص جهة القضاء الإداري طبقاً لقانون مجلس الدولة، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، ويتعين إعمالاً لحكم المادة 10269 من قانون المرافعات - إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 1246 لسنة 1981 مدني قنا الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعنين بأن يدفعا له مبلغ 3818 جنيهاً تأسيساً على أن الإدارة العامة لري قنا رخصت له بتاريخ 9/ 1/ 1979 باستغلال قطعة أرض مساحتها 30 متراً على ترعة الكلابية وأبو الجود ليقيم عليها ورشة لحام وذلك في المدة من تاريخ الترخيص حتى 18/ 1/ 1982 إلا أنه فوجئ بمصلحة الطرق قد أصدرت قرار بإزالة المنشآت التي أقامها بحجة أن الأرض مملوكة لها وأنه أقام دعوى مستعجلة بإثبات الحالة قدر فيها الخبير قيمة التعويض المستحقة له بالمبلغ المطالب به دفع الطاعنان بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وبتاريخ 29/ 12/ 1981 حكمت المحكمة للمطعون ضده بالمبلغ المطالب به، استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف قنا قيد برقم 48 لسنة 1 ق وبتاريخ 12/ 5/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه. وإذ عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولان إن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى تأسيساً على أن العقد محل الدعوى ليس من العقود الإدارية في حين أنه كذلك وإذ أن انتفاع الأفراد بالأموال العامة لا يكون إلا بمقتضى ترخيص، والترخيص عمل إداري لا يمنح المرخص له حقاً من الحقوق التي ينظمها القانون المدني وإنما تخضع حقوقه فيه لأحكام القانون العام ويكون المنازعة في شأنه من اختصاص القضاء الإداري وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
حيث إن هذا النعي سديد ذلك أن للدولة على الأموال العامة حق استعمالها أو استثمارها ويجري ذلك وفقاً لأوضاع وإجراءات القانون العام، وإذ كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تصرف السلطة الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص، وهذا يعتبر بذاته وبطبيعته مؤقتاً وغير ملزم للسلطة العامة التي لها دائما لداعي المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله ثم هو - عدا ذلك - خاضع لحكم الشروط والقيود الواردة فيه أو إعطاء الترخيص ورفضه والرجوع فيه كل ذلك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا تخضع للقانون الخاص، وكون الترخيص يصرف مقابل رسم يدفع لا يخرجه من طبيعته تلك ولا يجعله عقد إيجار. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن قطعة الأرض محل النزاع والتي كان ينتفع بها المطعون ضده على سبيل الترخيص هي مال عام فإن هذا الانتفاع يعتبر من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام وتخرج من ولاية المحاكم العادية لتدخل في اختصاص جهة القضاء الإداري طبقاً لقانون مجلس الدولة فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن. لما كان ذلك وكانت المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذ كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص فتقصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاختصاص تبين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة" فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى وباختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظرها.

الطعن 1139 لسنة 52 ق جلسة 26 / 12 / 1985 مكتب فني 36 ج 2 ق 252 ص 1220

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو، محمد حسن العفيفي، ممدوح السعيد ولطفي عبد العزيز.
--------------------
(252)
الطعن رقم 1139 لسنة 52 القضائية
شفعة. تسجيل. ملكية.
ملكية المشتري لما يجعله شفيعاً يفضل غيره من الشفعاء الذين هم من طبقته أو من طبقة أدنى. م 937/ 3 مدني. شرطه. أن تكون مسجلة وقت البيع المشفوع فيه.
------------------
يفترض نص الفقرة الثالثة من المادة 936 من القانون المدني أن المشتري نفسه قد توافرت فيه وقت الشراء شروط الأخذ بالشفعة في العقار الذي اشتراه بأن يكون مالكاً بالفعل في هذا الوقت لما يجعله شفيعاً ثم يتقدم لأخذ العقار منه بالشفعة شفيع من نفس طبقته أو من طبقة أدنى فإن المشتري يفضل في هذه الحالة ولا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول والثاني أقاما الدعوى رقم 2946 سنة 1975 مدني طنطا الابتدائية بطلب الحكم بأحقيتهما في أخذ العقار المبين في الأوراق بالشفعة والتسليم وقالا شرحاً لها أن المطعون ضده الثالث باع إلى الطاعن هذا العقار، ولما كانا جارين له وتحق لهما بهذه المثابة أخذه بالشفعة فقد اتخذا إجراءاتهما وأقاما الدعوى بطلباتهما سالفة البيان. وبتاريخ 31/ 3/ 1976 حكمت المحكمة بندب خبير وبعد أن قدم تقريره عادت وحكمت بتاريخ 25/ 2/ 1981 برفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهما الأولان هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 313 س 31 ق مدني وبتاريخ 8/ 3/ 1982 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبطلبات المطعون ضدهما الأول والثاني. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول إن الحكم المذكور قد أخطأ حين نفى عنها ملكيتها للعقار المجاور للعقار الذي اشترته والمشفوع فيه من المطعون ضدهما الأولين، والذي يجعلها في نفس طبقة الشفيعين وبالتالي تفضلهما طبقاً للمادة 937 من القانون المدني وذلك بدعوى أن عقد شراء مورثها له والحاصل في 20/ 9/ 1962 غير مسجل كما لم تمضي بينه وبين البيع المشفوع فيه الحاصل في 13/ 5/ 1975 المدة اللازمة لاكتساب الملكية عن طريق الحيازة المكسبة لها في حين أنه لم ينازعها أحد من المطعون ضدهم في هذه الملكية كما أن اقتران البيع الصادر لمورثها بوضع يده يؤكد بالضرورة أن البائع له - وقد مكنه من حيازة العقار - كان بدوره حائزاً له فبضم مدد حيازة هذا البائع وحيازة مورثها المشتري ثم حيازتها من بعدهما تكمل لها المدة المكسبة للملك ويجعلها في نفس مرتبة الشفيعين المطعون ضدهما الأولين وبالتالي تفضلهما، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان النص في الفقرة الثالثة من المادة 937 من القانون المدني قد جرى على أنه "فإذا كان المشتري قد توافرت فيه الشروط التي تجعله شفيعاً بمقتضى نص المادة السابقة فإنه يفضل على الشفعاء الذين هم من طبقته أو من طبقة أدنى..." فإنه بذلك يفترض أن المشتري نفسه قد توافرت فيه وقت الشراء شروط الأخذ بالشفعة في العقار الذي اشتراه بأن يكون مالكاً بالفعل في هذا الوقت لما يجعله شفيعاً ثم يتقدم لأخذ العقار منه بالشفعة شفيع من نفس طبقته أو من طبقة أدنى فإن المشتري يفضل في هذه الحالة ولا يجوز للشفيع أن يأخذ بالشفعة. وإذ كانت الملكية في العقار لا تنتقل إلى المشتري إلا بتسجيل سنده ومن وقت حصول هذا التسجيل وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ومن أوراق الطعن أن العقد المؤرخ 20/ 9/ 1962 المتضمن شراء مورث الطاعنة للعقار المجاور للعقار مشتراها والمشفوع فيه من المطعون ضدهما الأوليين غير مسجل فإنه بذلك لم تنتقل به الملكية إليه ثم إليها من بعده ومن ثم لا يسوغ لها بالتالي الاعتصام به لإسباغ شروط الأخذ بالشفعة عليها حتى تفضل الشفيعين المطعون ضدهما الأولين ولا يغير من ذلك حد أن من المطعون ضدهم لم ينازعها أمر هذه الملكية، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى هذا النظر، وكان ما تثيره الطاعنة بشأن توافر شروط الحيازة المكسبة للملكية لا يجعلها شفيعة وإن تعلق بسبب قانوني يستند إلى المادتين 955، 968 من القانون المدني إلا أن تحقيقه يقوم على اعتبارات يختلط فيها الواقع بالقانون إذ يستلزم تحقيق شروط هذه الحيازة وهو ما لم يسبق للطاعنة التحدي به أمام محكمة الموضوع مما لا يجوز إبداؤه لأول مرة أمام محكمة النقض فإن النعي برمته يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.