بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 01-09-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 472 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ا. ا. ل. ش.
مطعون ضده:
ل. ل. ا.
ش. ج. ا. آ. إ. س.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/141 استئناف تجاري بتاريخ 19-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع علي الأوراق و سماع تقرير التلخيص الذي اعده القاضي المقرر / محمد المرسى و بعد المداوله
وحيث ان الطعن استوفي أوضاعه الشكلية
وحيث ان الوقائع علي ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في ان الشركة الطاعنة أقامت على الشركتين المطعون ضدهما الدعوى رقم 617 لسنة 2024 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن والتكافل بأن تؤديا إليها مبلغ 77/3,800,138 درهماً والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد . وقالت بياناً لذلك إنه بتاريخ 4-7-2013 أرست الشركة المطعون ضدها الأولى -شركة أجنبية ليس لها ترخيص في الدولة- عليها أعمال مقاولة بناء عدد 35 فيلا في المشروع العقاري المسمى "سيينا فيوز" بقيمة إجمالية قدرها 75,000,000 درهم، وأنها قبل مباشرتها تنفيذ تلك الأعمال سلمت الشركة المطعون ضدها الأولى شيكين مسحوبين على بنك "برودا"، الأول ضماناً لقيمة الدفعة الأولى، والثاني ضماناً لحسن الأداء، وأنه حال تنفيذها للأعمال المسندة إليها التزمت الشركة المطعون ضدها الثانية بسداد جميع الدفعات المستحقة لها بموجب المستخلصات الصادرة عن استشاري المشروع، وقد أنجزت الأعمال وسلمت المشروع بتاريخ 19-12-2016، وتبقى لها نسبة 10% من قيمة التعاقد عبارة عن 5% مقابل محتجزات الضمان من مبلغ الدفعة المقدمة، و5% مقابل ضمان الصيانة، فاتفق الطرفان بتاريخ 8-11-2017 على خصم مبلغ 2,500,000 درهم من مستحقاتها مقابل غرامات تأخير الإنجاز، وبانتهاء فترة الضمان ترصد في ذمة الشركتين المطعون ضدهما لصالحها مبلغ المطالبة، إلا إنهما امتنعتا عن سداده على الرغمِ من إنذارهما قانوناً، فكانت الدعوى . نَدبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره النهائي، حكمت بتاريخ 23-ديسمبر 2024 بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة بالنسبة للشركة المطعون ضدها الثانية، وبعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم . استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 141 لسنة 2025 تجاري، وبتاريخ 19 مارس 2025، قضت المحكمة -بغرفة المشورة- بتأييد الحكم المستأنف . طعنت المدعية في هذا الحكم بالتمييز بصحيفة اودعت الكترونياً بتاريخ 15/4/2025 بطلب نقضة وقدم المطعون ضدهما مذكرة شارحة بالرد التمسا في ختامها الحكم برفض الطعن الذي عرض علي هذه المحكمة في غرفة مشوره فحددت جلسة لنظره.
وحيث ان حاصل ما تنعي به الطاعنة علي الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والاخلال بحق الدفاع ذلك إنها تمسكت بدفاع مؤداه أن الثابت من الأوراق أن الشركة المطعون ضدها الأولى هي شركة أجنبية لم يثبت تسجيل فرع لها بالدولة، أو أنها أُدرِجَت في السجل التجاري لدى دائرة التنمية الاقتصادية بإمارة دبي، أو لدى وزارة الاقتصاد وفق صريح نص المواد من 313 حتى 316، 336 من قانون الشركات، ومن ثم لا يجوز لها ممارسة أي نشاط تجاري لها في الدولة، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري وجاءت أسبابه بِما لا يصلح رداً عليه كما إنها تمسكت بدفاع قانوني رداً على دفاع المطعون ضدهما بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، حاصله أنها أقامت دعواها استناداً إلى اتفاقية التسوية والتصفية النهائية لحقوقها المؤرخة 4-7-2017 والمُبرَّمة بينها وبين الشركة المطعون ضدها الثانية بصفتها الممثل القانوني للشركة المطعون ضدها الأولى -ذات الصفة التي وقعت بها الأخيرة على خطاب الترسية المؤرخ 4-7-2013، وعقد المقاولة المؤرخ 15-11-2013- وأنها استمدت حقها في المطالبة من واقع الاتفاقية سالفة البيان بعد الانتهاء من إنجاز الأعمال المسندة إليها كافةً وتسليمها المشروع وانقضاء فترة الضمان، ومن ثم تكون مطالبتها بمعزل عما سبق تلك الاتفاقية من عقود، لا سيما أن الشركة المطعون ضدها الثانية بصفتها أقرت فيها بأحقيتها في مبلغ المطالبة إقراراً غير معلق على شرط -لم تمار فيه الشركة المطعون ضدها الأولى- فتكون تلك الاتفاقية ناسخة لكل ما قبلها من عقود واتفاقيات سابقة وجاءت خالية من أي شروط أو التزامات متعلقة باللجوء إلى التحكيم، ودَلَّلت على ذلك بأن شرط التحكيم الوارد بالبند 67 الجزء الثاني من عقد المقاولة الرئيسي المؤرخ 15-11-2013، جاء صريحاً دون لبس أو غموض وبما ينتفي معه الافتراض أو الاستخلاص من وجوب تسوية أي نزاع يتعلق بذلك بموجب قواعد التحكيم الخاصة بمركز دبي الدولي للتحكيم، مِمَّا مُفاده قصر اللجوء لطريق التحكيم على المنازعات المتعلقة بهذا العقد -عقد المقاولة- فقط دون غيره من عقود واتفاقيات لاحقة، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، فإنه يكون قد خالف القانون، مِمَّا يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود ذلك بأنه من المقرَّر في قضاء محكمة التمييز أن التحكيم هو نظام قضائي اتفاقي بعيداً عن قضاء الدولة، يختار فيه الأطراف المُحكمين ويعهدون إليهم بمقتضى اتفاق التحكيم -شرطاً كان أم مشارطة- بمهمة تسوية المنازعات التي نشأت أو قد تنشأ بينهم بخصوص علاقاتهم التعاقدية أو غير التعاقدية والتي يجوز تسويتها بطريق التحكيم وفقاً لأحكام القانون أو مبادئ العدالة، ومن ثم فإن الاتفاق على التحكيم لا يُفترض وإنما يَلزم أن يُعبر بوضوح عن انصراف إرادة الخصوم إلى سلوك هذا الطريق . وأن استخلاص ثبوت أو نفي انصراف الإرادة المشتركة للمتعاقدين إلى التحكيم، وكذا تفسير شرط التحكيم وتحديد مداه، هو من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع طالما أقامت قضاءها في ذلك على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في أوراق الدعوى وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها . وأن القوة المُلزمة لاتفاق التحكيم، باعتباره عقداً، لا تختلف عن القوة المُلزمة للعقود عموماً، والأثر الجوهري لهذا الاتفاق هو التزام طرفيه بطرح النزاع على قضاء التحكيم والمساهمة في اتخاذ إجراءات التحكيم والامتناع عن اللجوء إلى قضاء الدولة وعرض النزاع عليه تحت أي ذريعة، ومخالفة ذلك بمحاولة أحد طرفي الاتفاق التَملُص منه بإرادته المنفردة، تعد إخلالاً بمبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات التعاقدية . وأن العقد اللاحق ينسخ العقد السابق له إذا أعاد تنظيم كافة الشروط التي نظمها العقد السابق، أما إذا سكت عن شرط أو شروط موجودة في العقد السابق بأن لم ينص عليها، فإن العقد السابق يبقى سارياً فيما يتعلق بذلك الشرط أو تلك الشروط التي لم يشملها العقد اللاحق . وأن تقدير ما إذا كان العقد اللاحق يسرى عليه شرط التحكيم الوارد بالعقود السابقة هو من مسائل الواقع التي تستقل بتقديرها محكمة الموضوع طالما أنها أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق أن عقد المقاولة المؤرخ 15-11-2013 المُبرَّم بين طرفي التداعي نُص فيه بالبند 67 الجزء الثاني على حذف البنود الفرعية 67(3) واستبدالها بما يلي: " 35 فيلا أرضي + 1 في سيينا فيوز، عقارات جميرا جولف، دبي. أي نزاع يتعلق بـ ...، يتعين تسويته نهائياً بموجب قواعد التحكيم في مركز دبي للتحكيم الدولي"، وقد دفعت الشركة المطعون ضدها الأولى بشرط التحكيم قبل إبداء أي دفع أو دفاع في الموضوع، ومن ثم يكون الأثر الجوهري لهذا الاتفاق هو التزام الطرفين بطرح النزاع على قضاء التحكيم والمساهمة في إجراءاته والامتناع عن اللجوء إلى قضاء الدولة وعرض النزاع عليه تحت أي ذريعة، ولا ينال من ذلك ما تمسكت به الشركة الطاعنة من استنادها في مطالبتها إلى الاتفاقية المؤرخة 4-7-2017 بشأن تسوية وتصفية الحسابات عن الأعمال المنجزة منها المسندة إليها بموجب عقد المقاولة، إذ إن هذه الاتفاقية اللاحقة على عقد المقاولة الأصلي لم تنسخ العقد السابق بإعادة تنظيم الشروط التي نظمها، إنما هي استمراراً لسريانه وصولاً لتسوية العلاقة بين طرفيه بالشروط التي يشملها كافةً، ومنها شرط التحكيم المُلزم لطرفيه، فيكون تَملُص الشركة الطاعنة منه بإرادتها المنفردة إخلالاً منها بمبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات التعاقدية، وإذ أعمل الحكم المطعون فيه ذلك الشرط وقضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، فإنه يكون قد التزم بأحكام القانون وطبقه تطبيقاً صحيحاً وقام على أسباب سائغة وكافية لحمله قضائه. ولا على الحكم إن هو لم يتعرض لما أثارته الشركة الطاعنة بشأن عدم ثبوت إدراج الشركة المطعون ضدها الأولى في السجل التجاري لدى دائرة التنمية الاقتصادية بإمارة دبي، أو لدى وزارة الاقتصاد، طالما قد وقف بقضائه عند حد عدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم، ومن ثم يضحى النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه بما يضحي معه النعي برمته علي غير أساس.
وحيث انه ولما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن والزام الطاعنة المصروفات ومبلغ الفي درهم مقابل اتعاب المحاماة مع مصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق