الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 5 يناير 2025

الطعن 176 لسنة 27 ق جلسة 19 / 1 / 1985 إدارية عليا مكتب فني 30 ج 1 ق 72 ص 428

جلسة 19 من يناير سنة 1985

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني وعبد المنعم عبد الغفار فتح الله وحسن حسنين علي ومحمود مجدي أبو النعاس - المستشارين.

-----------------

(72)

الطعن رقم 176 لسنة 27 القضائية

( أ ) حكم محلي - المجالس الشعبية المحلية - اختصاصاتها.
القانونان رقما 52 لسنة 1975 و43 لسنة 1979 - لا تختص المجالس الشعبية المحلية بإصدار قرارات إدارية في المسائل التنفيذية وإنما ينحصر اختصاصها بصفة عامة في الرقابة والإشراف - تطبيق.
(ب) تراخيص - ترخيص مباني - سلطة الإدارة في منحه.
اختصاص الجهة المختصة بشئون التنظيم في منح تراخيص إنشاء المباني أو إقامة الأعمال المنصوص عليها في القانون رقم 106 لسنة 1976 أو تعديلها هو اختصاص مقيد ومخصص الأهداف – الهدف الذي تغياه المشرع من اشتراط الحصول على ترخيص هو التحقق من مطابقة هذه المباني والأعمال للأصول الفنية والهندسية والمواصفات العامة في المجالات المعمارية والإنشائية وذلك في ضوء المستندات والرسومات - إذا ما ثبت لجهة الإدارة مطابقة ذلك لأحكام القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له وجب عليها إصدار الترخيص المطلوب بعد مراجعته واعتماد أصول الرسومات وصورها وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم طلب الترخيص - الأثر المترتب على ذلك: لا يجوز لجهة الإدارة رفض منح الترخيص لأسباب أخرى لا يدخل تقديرها في مجال اختصاصها - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 11 من يناير سنة 1981 أودع الأستاذ محمد عصفور المحامي - بصفته وكيلاً عن الطاعن - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 176 لسنة 27 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 11 من يونيه سنة 1980 في الدعوى رقم 665 لسنة 32 ق والقاضي بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وبرفض طلب التعويض المؤقت وإلزام المدعي المصروفات.
وطلب الطاعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار الصادر من المجلس المحلي لمحافظة الإسكندرية في 31/ 5/ 1978 بتأييد قرار رئيس حي شرق الإسكندرية برفض الترخيص للطاعن بإنشاء فندق سياحي في عقاره الكائن بطريق جمال عبد الناصر برشدي رقم 412 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضدهم عدا الثالث متضامنين بأن يؤدوا للطاعن مبلغ ألف جنيه مصري على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن بالمصروفات.
وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 6/ 12/ 1982 وتدوول بجلساتها على الوجه الثابت بالمحاضر، وبجلسة 7/ 3/ 1983 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لنظره بجلسة 23/ 4/ 1983، ونظرت المحكمة الطعن على الوجه المدون بمحاضر الجلسات، وحجز للحكم بجلسة 11/ 6/ 1983، ثم أعيد الطعن للمرافعة لجلسة 8/ 10/ 1983 لمناقشة الطرفين في بعض نقاط الطعن، وتدوول الطعن بالجلسات كما هو مبين بالمحاضر، وحجز للحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم التالي، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إنه عن شكل الطعن، فلما كان الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 11/ 6/ 1980، فتقدم الطاعن بتاريخ 3/ 8/ 1980 بطلب لمعافاته من رسوم الطعن قيد برقم 191 لسنة 26 معافاة عليا، وإذ تقرر رفض الطلب بتاريخ 13/ 11/ 1980 أقام الطعن الماثل بتاريخ 11/ 1/ 1981 أي في الميعاد المقرر قانوناً، مستوفياً سائر أوضاعه الشكلية فهو لذلك مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعن كان قد أقام دعواه رقم 665 لسنة 32 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 27/ 7/ 1978، طالباً في ختامها الحكم بإلغاء القرار الصادر من المجلس المحلي لمحافظة الإسكندرية في 31/ 5/ 1978 بتأييد قرار رئيس حي شرق الإسكندرية برفض الترخيص للمدعي في إنشاء فندق سياحي في عقاره الكائن بطريق جمال عبد الناصر رقم 412 بحي رشدي، وإلزام المدعى عليهم عدا الثالث متضامنين بأن يؤدوا للمدعي مبلغ (ألف جنيه) على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات.
وقال بياناً لدعواه أنه كان قد حصل على الترخيص رقم 1566 لسنة 1961 لإقامة عقار في الموقع الكائن برقم 412 بطريق جمال عبد الناصر بحي رشدي، وعاقته ظروف شخصية عن إتمام التشطيب، ولما كان موقع العقار فريداً وكان تشطيبه في الحدود التي توقف عندها فاخراً، فقد انهالت عليه العروض المغرية إلا أنه أعرض عنها إلى أن لاحت له فرصة استكمال المبنى وتخصيصه لمشروع يتلاءم مع ما تستهدفه الدولة من تشجيع السياحة وذلك في مستهل عام 1977، ومن ثم تقدم في 2/ 5/ 1977 إلى وزارة السياحة التي أصدرت موافقتها على المشروع، واشترطت تطابق المواصفات الهندسية والإنشائية مع قرارات وزارة الإسكان وعلى ذلك تقدم في 17/ 5/ 1977 بالرسومات الهندسية المتضمنة التعديلات الإنشائية اللازمة لطبيعة الاستغلال الفندقي السياحي، وقد وافق مراقب عام حي شرق على التعديلات بعد أن تبين مطابقتها للمواصفات. إلا أن رئيس الحي اعترض على المشروع لأسباب لا تمت إلى المصلحة العامة، فتظلم المدعي إلى المجلس المحلي بصفته الجهة الرقابية التي ناط بها قانون الحكم المحلي الإشراف على الأجهزة التنفيذية، الذي قرر تشكيل لجنة لبحثه، ووضعت اللجنة تقريراً انتهت فيه إلى أن طلب تخصيص العقار الذي لم يتم تشطيبه إلى فندق سياحي قد تكامل بصدور موافقات السياحة والتنظيم وأن قرار رئيس الحي برفض الموافقة على المشروع لا سند له من القانون كما أن المشروع يحقق منافع جمة وأساسية لمحافظة الإسكندرية التي تفتقر إلى مثله. إلا أن المجلس المحلي وعلى الرغم من ذلك اقترع إلى جانب رئيس الحي.
وأضاف المدعي قائلاً أن قرار رئيس الحي معدوم ومشوب بعيب اغتصاب السلطة، وعلى ذلك يكون قرار المجلس المحلي المطعون فيه قد أيد قراراً معدوماً. ومرجع الانعدام أن المشرع بالنسبة للمحال العامة المراد تخصيصها لإحدى المنشآت السياحية ميز بين مبدأ جعل مكان ما محلاً عاماً مستخدماً لغرض سياحي وبين موافقة هذا المكان للاشتراطات التنظيمية الهندسية التي تتطلبها جهة الإسكان فجعل المشرع اعتبار المحل منشأة سياحية من اختصاص وزارة السياحة وحدها، ولم يجعل ذلك للأحياء أو مجالس المدن، ولم يسند إلى الأحياء ومجالس المدن سوى الاشتراطات والمواصفات الهندسية المحضة.
ومن ثم فإن السماح بالمنشأة السياحية لم يعد من اختصاص رئيس الحي طبقاً لنص المادة الثانية من القانون رقم 1 لسنة 1973، وبالتالي يكون قرار رئيس الحي برفض الموافقة على المشروع قد صدر معدوماً. هذا فضلاً عن صدوره مخالفاً للقانون رقم 106 لسنة 1976 إذ أن هذا القانون أجاز تغيير الغرض الذي من أجله أنشئ المبنى وفق ما توضح في ترخيص إنشائه.
يستوي في ذلك أن يكون التعديل قبل بدء الإنشاء أو بعده. والمدعي لم يطلب أكثر من تغيير الغرض، وتقدم بالرسوم والتعديلات المطلوبة مدعمة بموافقة السياحة يضاف إلى ما تقدم أن قرار رئيس الحي ليس له سبب صحيح بل إنه مشوب بعيب الانحراف في استعمال السلطة ذلك أنه استهدف إلحاق العنت والعسف بالمدعي لأن جهة السياحة، وافقت على المشروع بعد دراسته واستيفاء جميع الشروط الفنية المطلوبة في التعديلات، وبهذه المثابة يكون القرار المطعون فيه بتأييد قرار رئيس الحي قد صدر بدوره مخالفاً للقانون الأمر الذي يحق معه للمدعي طلب إلغائه مع تعويضه عما أصابه من ضرر مادي وأدبي عن رفض منحه ترخيص إنشاء الفندق، وهو تعويض يقدره المدعي مؤقتاً بمبلغ (ألف جنيه) مع حفظ حقه في التعويض الكامل.
وعقبت جهة الإدارة على الدعوى بمذكرة جاء بها أن المدعي حصل على الترخيص رقم 1566 لسنة 1961 لإنشاء وتشييد عمارة سكنية بناء على رسومات هندسية وإنشائية تقدم بها مع طلب الترخيص، وفور حصوله على الترخيص وصرف حصة مواد البناء المقررة بدأ في أعمال البناء وأنهى نحو 90% من تشطيب العمارة منذ أكثر من أربع سنوات ثم عمد بعد ذلك إلى وقف العمل وعدم إنهاء الوحدات السكينة، وتقدم بعض المواطنين إلى محافظة الإسكندرية إلى رئيس حي شرق بشكاوى مفادها أنهم تقدموا إلى المدعي طالبين استئجار وحدات سكنية فيه إلا أنهم لم يحظوا حتى بمجرد مقابلته وطلبوا من المحافظ إعمالاً للسلطة المخولة له في القانون رقم 49 لسنة 1977 تأجير وحدات المبنى واقتضاء الأجرة.
وأضافت جهة الإدارة أنه يبين مع واقع التحقيقات التي أجرتها نيابة الأموال العامة في الجناية رقم 23 لسنة 1976 أمن دولة عليا أن المدعي قد حصل على مواد بناء بمناسبة بناء العقار تزيد عن القدر المقرر قانوناً ومن ثم أحيل مع آخرين إلى محكمة أمن الدولة العليا لمحاكمتهم ولا زالت الدعوى منظورة. واستطردت جهة الإدارة أنه في 17/ 5/ 1977 تقدم المدعي بطلب تحويل العقار إلى فندق سياحي فاخر وأرفق بطلبه الرسومات الهندسية للمشروع، ونظراً لتعارض هذا الطلب مع نص المادتين 4، 11 من القانون رقم 106 لسنة 1976 اللتين لا تجيزان إقامة بناء أو تعديله إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة في شئون التنظيم فضلاً في وجوب إتمام التنفيذ طبقاً للرسومات والبيانات التي منح على أساسها الترخيص وعدم جواز إدخال أي تعديل إلا بناء على ترخيص من هذه الجهة، وإعمالاً للسلطات المخولة للحي بمقتضى هاتين المادتين، فقد تقرر رفض طلب المدعي استناداً إلى أنه حصل على مواد البناء اللازمة للتشييد والتشطيب مدعمة بقصد إقامة عمارة سكنية بناء على رسومات محددة، وقام بأعمال البناء والتشطيب وفقاً لها حتى شارف على الانتهاء منها ثم تعمد التوقف عن إنهائها. ولما شعر بقرب صدور القانون رقم 49 لسنة 1977 الذي عالج حالات التلاعب وتعمد عدم إنهاء إعداد المباني للسكن تقدم بطلبه لتحويل المبنى إلى فندق، الأمر الذي يتعارض معه الغرض الذي تقرر من أجله صرف مواد البناء المدعمة، ولما عرض قرار رئيس الحي بعدم الموافقة على طلب المدعي على وكيل وزارة الإسكان بالمحافظة أيد ذلك القرار. وقد تظلم المدعي من قرار رئيس الحي إلى المحافظ الذي أحال التظلم إلى المستشار القانوني للمحافظة فانتهى إلى عدم أحقيته في طلبه. وأفاد السكرتير العام المساعد للمحافظة في 20/ 8/ 1977 أن المحافظ وافق على ما انتهى إليه كل من رئيس الحي ووكيل وزارة الإسكان وبعد ذلك تقدم المدعي بشكوى إلى المجلس المحلي للمحافظة بشأن القرار الصادر من رئيس الحي برفض طلبه، فقرر المجلس في 28/ 6/ 1978 تأييد قرار رئيس الحي والتوصية بحصر المباني التي تقاعس ملاكها عن تشطيبها واتخاذ ما يلزم من إجراءات لإعدادها للسكن، وحظر إصدار تراخيص بتحويل أي مبنى أنشئ للأغراض السكنية إلى أي عرض آخر أياً كانت الظروف والمبررات.
واستطردت جهة الإدارة قائلة أنه كان يتعين على المدعي اختصام قرار رئيس الحي خلال المدة القانونية إلا أن الثابت أنه تقدم بتظلم إلى المحافظ في 16/ 6/ 1977 من قرار رئيس الحي برفض طلبه، ولم يقم دعواه إلا بتاريخ 27/ 7/ 1978، ومن ثم تكون الدعوى قد رفعت بعد الميعاد، ولا يغير من ذلك تقدمه بشكوى تالية إلى المجلس المحلي للمحافظة.
كذلك فقد دافعت جهة الإدارة عن قرارها - في مذكرة أخرى - فقالت أن حي شرق الإسكندرية عندما قدم له طلب تعديل الترخيص - وازن بين أي الاستغلالين للعقار أجدى في تحقيق الصالح العام، وأعمل سلطته التقديرية المنوطة به قانوناً ورجح استغلال المبنى كعمارة سكنية بدلاً من الفندق السياحي، وهو ترجيح له وجاهته لما يشعر به الجميع من أزمة الإسكان الخانقة ولا يعترض على هذه السلطة التقديرية المخولة لحي شرق الإسكندرية بأن المادة الثانية من القانون رقم 1 لسنة 1973 قد قصرت الاختصاص بالموافقة على إنشاء أو إقامة المنشآت السياحية أو إدارتها على وزارة السياحة دون غيرها، وأن ما أبقته تلك المادة من اختصاصات لجهات الإدارة الأخرى إنما يقف عند تحديد الشروط والمواصفات الهندسية والإنشائية للمبنى، بما يجعل تدخل حي شرق فيما يجاوز هذه الشروط والمواصفات الهندسية والإنشائية بمثابة غصب للسلطة يهبط به إلى درجة الانعدام - ولا وجه للتحدي بذلك لأن المطروح في النزاع ليس إنشاء أو إقامة أو إدارة أو حتى الترخيص بإدارة فندق أو ملهى وإنما الأمر يتعلق بتعديل عقار من عمارة سكنية إلى فندق سياحي.
وخلصت المحكمة إلى أن القرار المطعون فيه صدر من جهة الإدارة في نطاق سلطتها التقديرية الكاملة التي كفلها المشرع لها في قوانين الإدارة المحلية المتعاقبة، وقد باشرتها بهدف تحقيق المصلحة العامة في نطاق محاولة السيطرة على أزمة الإسكان وقد صار هذا القرار بمثابة قاعدة عامة بتوجيه من المجلس المحلي حيث يمتنع حالياً تحويل أي عمارة سكنية إلى فندق سياحي بما يجعل ركن السبب قائماً في القرار المطعون فيه.
وبجلسة 11 من يونيه سنة 1980 حكمت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وبرفض طلب التعويض المؤقت، وألزمت المدعي بالمصروفات.
وأقامت قضاءها على أساس أن المدعي قد تظلم من قرار رئيس حي شرق الإسكندرية برفض الموافقة على تعديل الترخيص رقم 1566 لسنة 1961 إلى محافظة الإسكندرية بتاريخ 16/ 1/ 1977، وهو التظلم الأول الذي يعتد به في مقام سريان مواعيد رفع دعوى الإلغاء، ولم يتلق رداً على تظلمه خلال الستين يوماً التالية حتى 15/ 8/ 1977 – الأمر الذي يعتبر بمثابة قرار حكمي برفض تظلمه ومن ثم كان يتعين عليه أن يرفع دعواه خلال الستين يوماً التالية في ميعاد غايته 14/ 10/ 1977 بيد أنه لم يرفع هذه الدعوى إلا في 27/ 7/ 1978 ومن ثم تكون مرفوعة بعد الميعاد.
أما بالنسبة إلى طلب التعويض المؤقت فإنه لما كان الثابت من مطالعة أوراق الدعوى أن مبنى عدم إجابة المدعي إلى طلبه بشأن تعديل الترخيص هو أن هذا الترخيص منح له لإقامة عمارة سكنية وأنه حصل على مواد البناء المدعمة لتشييد البناء للسكن، ومن ثم فإنه إعمالاً لنص المادتين 1، 4 من القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء اللتين لا تجيزان إقامة بناء أو تعديله إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهة المختصة بشئون التنظيم فضلاً عن وجوب إتمام التنفيذ طبقاً للرسومات والبيانات التي منح على أساسها الترخيص، فإن القرار الصادر برفض طلب تعديل الترخيص بعد أن تم تشييد البناء وفقاً لأسس ورسومات روعيت عند إصدار الترخيص رقم 1566 لسنة 1961 يكون موافقاً للقانون، مما لا وجه معه للمطالبة بالتعويض عنه.
ومن حيث إن الطعن في الحكم المشار إليه يقوم على الأسباب التالية:
1 - أن الطاعن أقام دعواه طعناً على قرار المجلس المحلي لمحافظة الإسكندرية في خلال المواعيد القانونية وهو قرار إداري نهائي بمعنى النهائية التي يقصدها قانون مجلس الدولة. ذلك أن المجلس المحلي لمحافظة الإسكندرية يعتبر حسب نصوص المواد الأولى والثانية والثالثة من قانون نظام الحكم المحلي رقم 52 لسنة 1975 وحدة مستقلة من وحدات الحكم المحلي أي من وحدات السلطة التنفيذية. والمادة 132/ 1 من القانون المذكور تنص على أن "تصدر قرارات المجالس المحلية نافذة في حدود الاختصاصات المقررة لها في هذا القانون ولائحته التنفيذية". ومن ثم فإن ما يصدر عن المجلس المحلي هو قرار إداري بمعنى الكلمة.
2 - استقرت أحكام محكمة القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا على أن قرينة الرفض الضمني للتظلم المستفادة من فوات ميعاد الستين يوماً على تقديمه دون أن ترد الإدارة عليه، تمتنع إذا ما كانت الإدارة لم تهمل التظلم وإنما اتخذت مسلكاً إيجابياً ينبئ عن أنها كانت في سبيل استجابته وأن فوات الستين يوماً يرجع إلى بطء الإجراءات. وفي هذه الحالة يحسب الميعاد من التاريخ الذي تكشف فيه الإدارة عن عدم الاستجابة للتظلم. ولما كان الواضح من المستندات وإقرار جهة الإدارة أنها أجرت بحث التظلم بحثاً جدياً ثم عرض الموضوع برمته على مجلس محلي محافظة الإسكندرية الذي شكل لجنة مشتركة لبحث الموضوع انتهت إلى عدم صواب تصرف جهة الإدارة ولكن المجلس انتهى إلى الموافقة على تصرف جهة الإدارة. فبادر الطاعن فور صدور قرار المجلس المحلي للمحافظة برفض التظلم بإقامة الدعوى أمام المحكمة، فمن ثم تكون الدعوى مقامة في الميعاد.
3 - إن قرار رئيس حي شرق الإسكندرية قرار معدوم لأنه لا يملك قانوناً إصداره، إذ ينطوي على غصب لاختصاص وزارة السياحة التي أناط إليها القانون رقم 1 لسنة 1973 اختصاص الترخيص بإنشاء أو إقامة المنشآت الفندقية والسياحية أو استغلالها أو إدارتها. ولم يفت المشرع في هذا القانون أن المنشأة السياحية تشترك مع غيرها من المنشآت في خصوص المواصفات المعمارية أو الهندسية أو الصحية أو التنظيمية، لذا فقد استبقى للإدارة المحلية أمر المواصفات الهندسية والإنشائية.. والثابت من الأوراق والذي لا خلاف عليه أن وزارة السياحة قد وافقت ابتداء وفي جميع المراحل على مشروع الطاعن بإقامة فندق سياحي في العقار محل النزاع. كذلك فإن المشروع مستوف لمقوماته المتعلقة بالمواصفات الهندسية والإنشائية.
4 - بين من استقراء نصوص القانون رقم 106 لسنة 1976 بشأن توجيه وتنظيم أعمال البناء أن السلطة المعطاة للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم في إصدار تراخيص البناء أو تعديل هذه التراخيص هي لمراقبة أن تتم هذه المباني في حدود الاستثمارات المخصصة للبناء في القطاع الخاص، والتحقق من مطابقة هذه المباني لأحكام هذا القانون وأنها متفقة مع الأصول الفنية والمواصفات القياسية في شأن أسس تصميم وتنفيذ الأعمال الإنشائية وأعمال البناء، فإذا ما ثبت لجهة الإدارة المختصة بشئون التنظيم أن الأعمال المطلوب الترخيص بها مطابقة لأحكام القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له قامت بإصدار الترخيص بعد مراجعته واعتماد أصول الرسومات وصورها. وسلطة جهة الإدارة في هذا الصدد سلطة مقيدة باعتبارات فنية معينة أوردتها نصوص القانون ولائحته التنفيذية، فإذا ما ثبت لها مطابقة الأعمال المطلوب الترخيص بها لهذه الاعتبارات الفنية تعين عليها إصدار الترخيص المطلوب، وليس لها في هذا الصدد أن ترفض الترخيص بمقولة أنها ترى عدم تحويل البناء إلى فندق للمساهمة في حل أزمة الإسكان خاصة وأن من خطة الدولة أيضاً التوسع في الفنادق السياحية لحل أزمة الفنادق. وقد سبق أن وافقت وزارة السياحة على تحويل المبنى إلى فندق سياحي، كما وافق مراقب عام حي شرق على التعديلات بعد ثبوت مطابقتها للمواصفات والشروط الهندسية. هذا ولا يوجد في القانون ما يمنع المالك من تحويل عقاره من منزل سكني إلى فندق إذا ما اتبع الإجراءات والمواصفات اللازمة وليس للإدارة أن ترفض الترخيص له بذلك ما دام العقار خالياً لم تتعلق به حقوق لآخرين.
5 - قام رئيس حي شرق بالموافقة على عدة حالات بتغيير الترخيص بمباني سكنية إلى منشآت فندقية في تواريخ سابقة ولاحقة على تاريخ رفض طلب الطاعن، الأمر الذي يدلل على إساءة استعمال السلطة وأن رفض تعديل الترخيص كان بقصد التشفي والانتقام من الطاعن.
ومن حيث إنه يبين من استقراء أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء وكذا قانون نظام الحكم المحلي الصادر بالقانون رقم 52 لسنة 1975 ولائحته التنفيذية أن رئيس الحي هو الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم وإصدار تراخيص البناء والهدم وسائر الأعمال المنصوص عليها في القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه وذلك في نطاق دائرة الحي. وقرار رئيس الحي في هذا الشأن هو قرار إداري نهائي ونافذ غير خاضع لتصديق سلطة إدارية أعلى.
ومن ثم فإن قرار رئيس حي شرق الإسكندرية الصادر في 31/ 5/ 1977 برفض طلب الطاعن تعديل الترخيص الصادر له سنة 1961 بإنشاء مبنى لعمارة سكنية إلى مبنى لاستغلاله كفندق - هو القرار الإداري الذي يتعين مخاصمته بدعوى الإلغاء تطبيقاً لحكم البند خامساً من المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن القرار المشار إليه ولئن كان لا يندرج ضمن القرارات الإدارية الواجب التظلم منها قبل رفع دعوى إلغائها وفقاً لحكم المادة 12 من قانون مجلس الدولة السالف الذكر، إلا أنه إذا ما قدم تظلم من هذا القرار فإنه - طبقاً للقواعد العامة - يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء.
ومن حيث إن القانون رقم 106 لسنة 1976 قد رسم طريقاً خاصاً للتظلم من القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم وفقاً لأحكامه إذ نصت المادة 15 من القانون على أنه "لذوي الشأن التظلم من القرارات التي تصدرها الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم وفقاً لأحكام هذا القانون، وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إخطارهم بهذه القرارات.
وتختص بنظر هذه التظلمات لجنة تسمى لجنة التظلمات تشكل بمقر المجلس المحلي للمدينة أو الحي أو القرية من:
قاضي يندبه رئيس المحكمة الابتدائية بدائرة المحافظة - (رئيساً).
اثنين من أعضاء المجلس المحلي يختارهما المجلس لمدة سنتين قابلة للتجديد مدة أخرى مماثلة.
اثنين من المهندسين..........
ويصدر بتشكيل اللجنة قرار من المحافظ المختص........
وعلى اللجنة أن تبت في التظلمات المقدمة إليها خلال ستين يوماً من تاريخ تقديمها.
وتبين اللائحة التنفيذية القواعد والإجراءات التي تسير عليها اللجنة......".
وتنص المادة 19 على أنه لذوي الشأن وللجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم حق الاعتراض على القرارات التي تصدرها لجان التظلمات المنصوص عليها في المادة (15) وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانها بها أو من تاريخ انقضاء الميعاد المقرر للبت في التظلم بحسب الأحوال، وإلا أصبحت نهائية..... الخ.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يطرق هذا السبيل الخاص للتظلم من قرار رئيس حي شرق الإسكندرية المطعون فيه.
وأياً ما كان الرأي بشأن مدى أثر هذا التظلم الخاص للتظلم من القرارات الإدارية الصادرة طبقاً للقانون رقم 106 لسنة 1976، على التظلم العام المقرر في شأن التظلمات - عامة - من القرارات الإدارية والذي نصت عليه المادتان 12، 24 من قانون مجلس الدولة، وصدر ببيان إجراءاته وطريقة الفصل فيه، قرار رئيس مجلس الدولة رقم 72 لسنة 1973 ومع التسليم جدلاً بأن التظلم الذي قدمه الطاعن إلى محافظ الإسكندرية بتاريخ 16/ 6/ 1977 متظلماً من القرار المطعون فيه، يعتد به في مجال قطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء - بغض النظر عن أن المشرع قد سن طريقاً خاصاً للتظلم من القرارات الإدارية الصادرة طبقاً لأحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 - فإن القدر المتيقن في الدعوى الماثلة أن الطاعن تظلم لمحافظ الإسكندرية بتاريخ 16/ 6/ 1977 وأنه بتاريخ 18/ 8/ 1977 قرر المحافظ رفض التظلم ومع ذلك لم يبادر المدعي بإقامة دعواه خلال ستين يوماً من تاريخ رفض التظلم وإنما تراخى في ذلك حتى 27/ 7/ 1978 حيث أقام دعواه.
ومن حيث إنه غير صحيح ما ذهب إليه الطاعن من أن تظلمه إلى المجلس المحلي لمحافظة الإسكندرية بتاريخ 25/ 1/ 1978، وبحث المجلس للتظلم واستمرار البحث حتى 31/ 5/ 1978 (تاريخ تأييد المجلس لقرار رئيس الحي) يعتبر من قبيل البحث الجدي والمسلك الإيجابي في بحث التظلم الذي يترتب عليه مد ميعاد رفع الدعوى - ذلك أنه فضلاً عن أن التظلم المقدم إلى رئيس المجلس المحلي هو تظلم مقدم إلى جهة غير مختصة بالتظلم الإداري من قرار رئيس حي شرق الإسكندرية - في تطبيق أحكام قانون مجلس الدولة – كما وأنه يعتبر تظلماً ثانياً لا يعتد به في قطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء - فضلاً عن ذلك فإن هذا التظلم قد قدم بعد فوات ميعاد تقديم التظلمات بل وبعد فوات ميعاد رفع الدعوى، ومن ثم يتعين الالتفات عن هذا التظلم في صدد بحث شكل الدعوى.
ومن حيث إنه لا وجه أيضاً لما ذهب إليه الطاعن من أنه أقام دعواه طعناً على قرار المجلس المحلي لمحافظة الإسكندرية الصادر بجلسة 31/ 5/ 1978 بتأييد قرار رئيس حي شرق الإسكندرية المشار إليه، وأن قرار المجلس في هذا الصدد يعتبر قراراً إدارياً نهائياً في مفهوم أحكام قانون مجلس الدولة - لا وجه لذلك لأن المجالس المحلية - عامة - طبقاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 (شأن المجالس الشعبية المحلية طبقاً للقانون رقم 43 لسنة 1979) لا تختص بإصدار قرارات إدارية في المسائل التنفيذية، وإنما ينحصر اختصاصها بصفة عامة - حسبما أوضحته المادة 8 من القانون رقم 52 لسنة 1975 في الرقابة والإشراف على مختلف المرافق والأعمال ذات الطابع المحلي في نطاق المحافظة وكذا الإشراف على تنفيذ الخطط الخاصة بالتنمية المحلية ومتابعتها. ولا محاجة بنص المادة 132/ 1 التي تنص على أن قرارات المجالس المحلية نافذة في حدود الاختصاصات المقررة لها في هذا القانون ولائحته التنفيذية - ذلك أن المقصود بهذا النص هو أن قرارات المجالس المحلية في حدود اختصاصها العام - وهو الإشراف والرقابة - تصدر نافذة أي بغير حاجة إلى تصديق أو اعتماد سلطة أخرى. دون أن يعني ذلك أن لهذه المجالس إصدار قرارات إدارية في المسائل التنفيذية المنوطة بالسلطات التنفيذية للحكم المحلي.
ومن حيث إنه لا صحة أيضاً لما ذهب إليه الطاعن من أن قرار رئيس حي شرق برفض تعديل الترخيص الممنوح له، يعتبر من قبيل القرارات السلبية بالامتناع والتي يجوز الطعن فيها بالإلغاء دون تقيد بميعاد الستين يوماً المقررة لرفع الدعوى - لا صحة لهذا الزعم بحسبان أن الثابت من الأوراق أن رئيس حي شرق الإسكندرية لم يمتنع عن إصدار قرار في شأن طلب الطاعن تعديل الترخيص، وإنما أصدر قراراً صريحاً برفض التعديل وذلك بتاريخ 31/ 5/ 1977 وبعد حوالي أربعة عشر يوماً من تاريخ الطلب.
ومن حيث إنه لا صحة أيضاً لما يؤسس عليه الطاعن طعنه من انعدام قرار رئيس حي شرق الإسكندرية توصلاً للقول بجواز الطعن عليه في أي وقت، ذلك أنه ولئن كانت الأسباب التي بنى عليها رئيس الحي قراره برفض تعديل الترخيص على ما سيأتي تفصيله في معرض بحث طلب التعويض - بعضها غير صحيح، والبعض الأخير لا يدخل تقديرها في اختصاصه الذي حدده القانون رقم 106 لسنة 1976 في التثبت من مطابقة الأعمال المطلوب الترخيص فيها لأحكام هذا القانون وللأصول الفنية والهندسية والمواصفات العامة في المجالات المعمارية الإنشائية ومراعاة خطوط التنظيم المعتمدة أو الجاري تخطيطها فضلاً عن مقتضيات الأمن والقواعد الصحية (المواد من 4 - 13 من القانون رقم 106 لسنة 1976). بحيث لا يجوز له أن يتعداها إلى تقدير مدى احتياج الحي لإنشاء فندق أو غير ذلك من اعتبارات، أسندها القانون رقم 1 لسنة 1973 إلى وزارة السياحة، إذ نصت المادة الثانية من هذا القانون على أنه لا يجوز إنشاء أو إقامة المنشآت الفندقية والسياحية أو استغلالها أو إداراتها إلا بترخيص من وزارة السياحة وتؤول إلى وزارة السياحة الاختصاصات المنصوص عليها في قانون المحال العامة وقانون الملاهي بالنسبة لتلك المنشآت.
واستبقت هذه المادة لوزير الإسكان والتشييد الاختصاص في تحديد الشروط والمواصفات الهندسية والإنشائية التي يجب توافرها في المنشآت الفندقية بعد موافقة وزير السياحة - ولئن كان ذلك كله إلا أن تجاوز رئيس حي شرق الإسكندرية بقراره المطعون فيه حدود اختصاصه المحدد له بالقانون رقم 106 لسنة 1976 وتعديه على اختصاص وزارة السياحة لا يعدو أن يكون من قبيل تجاوز الاختصاص الذي يترتب عليه عدم مشروعية القرار لا انعدامه وذلك بحسبان أن القرار رغم عيوبه - لا يزال قائماً في مجال اختصاص الوظيفة الإدارية، سيما وأن المشرع قد خول في اللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلي (رقم 52/ 1975) للوحدات المحلية اختصاصات عديدة في شئون السياحة أشارت إليها المادة (20) من هذه اللائحة ومن بينها إبداء الرأي فيما يتعلق بمنح التراخيص الخاصة بإنشاء وإقامة المنشآت الفندقية والسياحية واستغلالها وإدارتها وتحديد المناطق السياحية.
ومفاد ذلك أن القرار المطعون فيه وإن شابه عيب مجاوزة الاختصاص - مما يبطله - إلا أنه لا يرقى إلى انعدام الاختصاص الذي يردى بالقرار إلى هاوية الانعدام.
ومن حيث إنه متى استبان كان ما تقدم، يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق والقانون فيما قضى به من عدم قبول طلب الإلغاء شكلاً لرفعه بعد الميعاد، ويغدو الطعن عليه في هذا الشق من قضائه حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إنه عن طلب التعويض المؤقت، فإنه لما كانت القاعدة العامة أن التعويض عن القرارات الإدارية غير المشروعة يتطلب توافر أركان ثلاثة هي الخطأ والضرر وقيام رابطة السببية بينهما.
ومن حيث إنه عن ركن الخطأ فإن البادي من مطالعة الأوراق أن قرار رئيس حي شرق برفض طلب الطاعن تعديل الترخيص الممنوح له عام 1961 بإنشاء عمارة سكنية إلى إنشاء فندق، قد استند إلى السببين التالين: -
1 - أن الطاعن قد تحصل على مواد البناء اللازمة للتشييد والتشطيب مدعمة بقصد إقامة عمارة سكنية بناء على رسومات محددة تقدم بها مرفقة بأوراق الترخيص، وقام بأعمال المباني والتشطيب حتى شارف على الانتهاء منها، ولكنه عندما شعر بقرب صدور قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر رقم 49 لسنة 1977 تعمد التوقف عن إنهاء البناء وتقدم بطلب تحويل المبنى إلى فندق سياحي مما سيتعارض مع الغرض الذي تقرر من أجله صرف مواد البناء المدعمة. وقد أجرى تحقيق مع الطاعن وآخرين بمعرفة نيابة الأموال العامة في الجناية رقم 23 لسنة 1976 أمن دولة عليا واتهم فيها الطاعن بأنه حصل على مواد بناء بمناسبة العقار تزيد عن المقرر قانوناً وأحيل مع آخرين لمحكمة أمن الدولة العليا لمحاكمتهم.
2 - أن الموافقة على طلب التعديل يستدعي إجراء تعديلات في المبنى وفي التشطيب، مما يستلزم صرف مواد بناء جديدة، ويعتبر ذلك إسرافاً وإهداراً للمال العام واستعمالاً له في غير موضعه.
ثم أضافت جهة الإدارة في معرض دفاعها في الدعوى مبررات أخرى لقرارها المطعون فيه، تخلص في أن حي شرق عندما قدم له طلب تعديل الترخيص، وازن بين أي من الاستغلالين للعقار أجدى في تحقيق الصالح العام، وأعمل سلطته التقديرية المنوطة به قانوناً ورجح استغلال المبنى كعمارة سكنية بدلاً من فندق سياحي، وهو ترجيح له وجاهته لما يشعر به الجميع من أزمة إسكان خانقة.
ومن حيث إن المادة الثانية من القانون رقم 1 لسنة 1973 في شأن المنشآت الفندقية والسياحية تنص على أنه "لا يجوز إنشاء أو إقامة المنشآت الفندقية والسياحية واستغلالها أو إدارتها إلا بترخيص من وزارة السياحة طبقاً للشروط والإجراءات التي يصدر بها قرار من وزير السياحة.
وتؤول إلى وزارة السياحة الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 317 لسنة 1956 في شأن المحال العامة والقانون رقم 372 لسنة 1956 في شأن الملاهي بالنسبة إلى تلك المنشآت. ومع ذلك تحديد الشروط والمواصفات الهندسية والإنشائية التي يجب توافرها في المنشآت المذكورة بقرار من وزير الإسكان والتشييد بعد موافقة وزير السياحة".
ومن حيث إنه باستقراء نصوص القانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، يبين أن المادة 4 من القانون تنص على أن "لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيهما أو هدمها أو تغطية واجهات المباني القائمة بالبياض أو خلافه، إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم بالمجلس المحلي أو إخطارها بذلك وفقاً لما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون.....
ولا يجوز الترخيص بالمباني أو الأعمال المشار إليها بالفقرة الأولى إلا إذا كانت مطابقة لأحكام هذا القانون ومتفقة مع الأصول الفنية والمواصفات العامة ومقتضيات الأمن والقواعد الصحية التي تحددها اللائحة التنفيذية.... الخ".
وتنص المادة (5) على أن "يقدم طلب الحصول على الترخيص إلى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم مرفقاً به البيانات والمستندات والموافقات والرسومات المعمارية والإنشائية والتنفيذية التي تحددها اللائحة التنفيذية.....الخ".
وتنص المادة (6) من القانون على أن "تتولى الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم فحص طلب الترخيص ومرفقاته والبت فيه خلال مدة لا تزيد على ستين يوماً من تاريخ تقديمه...
وإذا ثبت للجهة المذكورة أن الأعمال المطلوب الترخيص فيها مطابقة لأحكام هذا القانون ولائحته والقرارات المنفذة له، قامت بإصدار الترخيص بعد مراجعة واعتماد أصول الرسومات وصورها.
أما إذا رأت تلك الجهة وجوب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو الموافقات أو إدخال تعديلات أو تصحيحات في الرسومات، أعلنت الطالب بذلك بكتاب موصى عليه خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الطلب. ويتم البت في هذه الحالة في طلب الترخيص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استيفاء البيانات أو المستندات أو الموافقات المطلوبة أو تقديم الرسومات المعدلة.
وتنص المادة 7 من القانون على أن "يعتبر بمثابة موافقة على طلب الترخيص انقضاء المدة المحددة للبت فيه، دون صدور قرار مسبب من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم برفضه أو طلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو الموافقات اللازمة أو إدخال تعديلات أو تصحيحات على الرسومات....".
ولا يجوز الموافقة صراحة أو ضمناً على طلبات الترخيص في التعلية إلا إذا كان الهيكل الإنشائي للمبنى وأساساته تسمح باحتمال الأعمال المطلوب الترخيص فيها، ويجب الالتزام في هذا الشأن بالرسومات الإنشائية السابق تقديمها مع الترخيص الأول ولو كانت قواعد الارتفاع تسمح بالتعلية المطلوبة.
كما يجوز للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم عدم الموافقة على طلبات الترخيص إذا كانت الأعمال المطلوب الترخيص فيها تقع في المناطق أو الشوارع التي يصدر قرار من المجلس المحلي المختص بإعادة تخططيها، وذلك حتى يتم التخطيط في موعد لا يتجاوز سنة من تاريخ نشر قرار إعادة التخطيط في الوقائع المصرية....".
وتنص المادة 11 من القانون على أنه "يجب أن يتم تنفيذ البناء أو الأعمال وفقاً للأصول الفنية وطبقاً للرسومات والبيانات والمستندات التي منح الترخيص على أساسها، وأن تكون مواد البناء المستخدمة مطابقة للمواصفات المصرية المقررة.
ولا يجوز إدخال أي تعديل أو تغيير جوهري في الرسومات المعتمدة، إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم.
أما التعديلات البسيطة التي تقتضيها ظروف التنفيذ فيكتفي في شأنها بإثبات الجهة المذكورة لها على أصول الرسومات المعتمدة وصورها، وذلك كله وفقاً للأحكام والإجراءات التي تبينها اللائحة التنفيذية.
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن اختصاص الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم (وهي حي شرق الإسكندرية في النزاع المعروض) في منح تراخيص إنشاء المباني أو إقامة الأعمال المنصوص عليها في القانون رقم 106 لسنة 1976 أو تعديلها هو اختصاص مقيد ومخصص الأهداف. ذلك أن المشرع قد أبان بوضوح أن الهدف الذي تغياه من اشتراط الحصول على ترخيص من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم قبل القيام بإنشاء المباني أو الأعمال المشار إليها، هو التحقق من مطابقة هذه المباني والأعمال للأصول الفنية والهندسية والمواصفات العامة في المجالات المعمارية والإنشائية ومراعاة خطوط التنظيم المعتمدة أو الجاري تخطيطها فضلاً عن مقتضيات الأمن والقواعد الصحية وذلك في ضوء المستندات والرسومات والبيانات التي يقدمها ذوو الشأن.
فإذا ما ثبت للجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أن الأعمال المطلوب الترخيص بها مطابقة لأحكام القانون ولائحته التنفيذية والقرارات المنفذة له، وجب عليها إصدار الترخيص المطلوب بعد مراجعة واعتماد أصول الرسومات وصورها وذلك خلال ستين يوماً من تاريخ تقديم طلب الترخيص أما إذا رأت تلك الجهة لزوم استيفاء بعض البيانات أو الرسومات أو الموافقات أو إدخال تعديلات أو تصحيحات في الرسومات، فقد أوجب عليها المشرع إعلان الطالب بذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم طلب الترخيص، كما أوجب عليها إتمام البت في هذه الحالة في طلب الترخيص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استيفاء البيانات أو المستندات أو الرسومات المعدلة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد من تقييد سلطة جهة الإدارة في منح التراخيص بالأهداف والضوابط والمدد المنوه عنها، إنما جاوز المشرع ذلك إلى اعتبار أنه بمجرد انقضاء المدد المحددة للبت في طلب الترخيص دون صدور قرار مسبب من الجهة الإدارية برفضه أو طلب استيفاء بعض البيانات أو المستندات أو إدخال تعديلات على الرسومات، يعتبر ذلك بمثابة موافقة على طلب الترخيص وكل ذلك يقطع بأن سلطة جهة الإدارة المختصة بشئون التنظيم في إصدار التراخيص المشار إليها هي سلطة مقيدة ومخصصة الأهداف، فلا يجوز لها متى كانت الأعمال المطلوب الترخيص فيها مطابقة للأصول الفنية والهندسية والمواصفات العامة في المجالات المعمارية والإنشائية ولأحكام القانون ولائحته، أن ترفض منح الترخيص لأسباب أخرى لا يدخل تقديرها في مجال اختصاصها.
ومن حيث إن ما يحكم طلب الترخيص المبتدأ من القواعد والأصول السابقة، يسري أيضاً على طلب تعديل الترخيص لاتحاد العلة في الحالتين.
وإذا كانت الفقرة الأولى من المادة 11 من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليها قد أوجبت إتمام تنفيذ البناء أو الأعمال وفقاً للأصول الفنية وطبقاً للرسومات والبيانات والمستندات التي منح الترخيص على أساسها - إلا أن الفقرة الثانية من هذه المادة أردفت ذلك بحكم مفاده جواز إدخال أي تعديلات أو تغييرات في الرسومات المعتمدة بشرط الحصول على ترخيص في ذلك من ذات الجهة المختصة بمنح الترخيص.
ومن حيث إنه متى استبان ما تقدم فإن رئيس حي شرق الإسكندرية يتحدد اختصاصه في شأن الطلب المقدم من الطاعن بتعديل الترخيص الممنوح له عام 1961 بإنشاء عمارة سكنية إلى إنشاء فندق، في بحث الرسومات والمواصفات المعدلة التي قدمها الطاعن مرفقة بطلبه، للتحقق من مطابقتها للأصول الفنية والهندسة والمواصفات العامة المطلوبة للتعديلات المراد إدخالها على المبنى ورسوماته لاستغلاله كفندق، بحيث لا يكون له رفض تعديل الترخيص إلا إذا ثبت له عدم مطابقة هذه الرسومات والمستندات للأصول والمواصفات المطلوبة.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن رئيس حي شرق لم يدع شيئاً من ذلك ولم يسند قراره إلى أي من الاعتبارات المشار إليها. بل إن الثابت أن المهندس مراقب عام الحي قد أشر - بعد معاينة مهندس الحي - أنه لا يمانع هندسياً أو فنياً على التعديل.
كذلك فإن وزارة السياحة (مديرية السياحة بالإسكندرية) أبدت موافقتها من حيث المبدأ على تحويل المبنى إلى فندق سياحي لموقعه الممتاز واحتياج المنطقة إلى فنادق، وأرسلت بموافقتها كتابها رقم 1857 بتاريخ 7/ 5/ 1977 إلى الحي.
ومفاد ذلك أن رئيس حي شرق الإسكندرية في قراره برفض تعديل الترخيص للطاعن للأسباب التي ساقها كمبررات للرفض، قد جاوز اختصاصه المحدد له في القانون رقم 106 لسنة 1976.
يضاف إلى ذلك أنه قد ثبت عدم صحة تلك الأسباب، ذلك أنه بتاريخ 23 من يناير سنة 1983 حكمت محكمة جنايات الإسكندرية وأمن الدولة العليا في القضية رقم 1174 لسنة 1977 سيدي جابر التي اتهم فيها الطاعن وآخرون - بحصوله دون وجه حق على حصص من مواد البناء ومستلزماته بتقديم بيانات غير صحيحة، بالبراءة استناداً إلى ما جاء بتقرير لجنة الخبراء التي ندبتها المحكمة بجلسة 19/ 5/ 1979 من أساتذة كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية - لفحص تراخيص البناء لتحديد مواد البناء من أسمنت وحديد وأخشاب التي تم صرفها لكل ترخيص وبيان الكميات التي صرفت زيادة عن المعدلات المقررة بمنشورات وزارة الإسكان - من أن الطاعن لم يصرف له على الإطلاق حديد تسليح أو أسمنت، بينما صرفت له كمية من الأخشاب قدرها 67.24 م3 في حين أن الحصة المستحقة له من الخشب قدرها 182.85 م3 أي أنه صرف حصة تقل على المستحق له بمقدار 115.61 م3.
هذا وقد أصبح حكم البراءة نهائياً وباتاً حسبما يبين من الشهادة الصادرة من رئيس القلم الجنائي بنيابة الإسكندرية المؤرخة 9/ 1/ 1984 المرفقة بأوراق الطعن.
كذلك فلا مقنع فيما ذكره رئيس حي شرق الإسكندرية في معرض تبريره لقراره المطعون فيه من أن التعديلات في المبنى لتحويله إلى فندق يتطلب هدماً لحوائط وتشطيبات ويحتاج ذلك إلى صرف مواد بناء مما يعتبر إسرافاً وتبديداً للمال العام - لا مقنع في ذلك لأن الطاعن وشأنه في توفير ما تتطلبه التعديلات من مواد بناء على نفقته الخاصة، وهو الغارم في ذلك ولا علاقة لهذا الأمر بالمال العام.
ومن حيث إنه فضلاً عما تقدم، فقد كشفت الأوراق أن رئيس حي شرق الإسكندرية وافق بموجب كتابه المؤرخ 26/ 8/ 1978 على إقامة فندق بالعقار الكائن بشارع ملك حفني بالمندرة رغم أن العقار أقيم كعمارة سكنية...
وكذلك العقار الكائن بشارع فاطمة اليوسف رقم 21 سبورتنج قسم سيدي جابر حيث وافق رئيس الحي بكتابه رقم 2330 المؤرخ 5/ 12/ 1978 على الترخيص له باستغلاله كفندق رغم أنه أقيم أيضاً كعمارة سكنية. وكل ذلك إنما يلقي ظلالاً كثيفة على القرار المطعون فيه توحي بأنه فضلاً عما اعتوره من عيبي تجاوز الاختصاص وعدم صحة الأسباب التي قام عليها، فإنه معيب أيضاً بعيب إساءة استعمال السلطة لعدم معاملة الطاعن على قدم المساواة مع حالات مماثلة وافق فيها رئيس الحي على تحويل عمارات سكنية إلى فنادق.
ومن حيث إنه عن ركن الضرر الذي ترتب على القرار المطعون فيه فإن يتمثل في فوات الفرصة على الطاعن في استغلال ملكه استغلالاً تجارياً كفندق سياحي وما قد يدره هذا الاستغلال عليه من أرباح تفوق - في الغالب - ما قد يحصله من إيجارات باستغلال المبنى كعمارة سكنية ومن المقرر قانوناً أن التعويض عن تفويت الفرصة هو تعويض عن ضرر محقق الوقوع.
ومن حيث إن رابطة السببية قائمة - ولا شك - بين خطأ جهة الإدارة في قرارها المشار إليه، والضرر الذي أصاب الطاعن، ومن ثم تتحقق مسئولية جهة الإدارة عن تعويض الطاعن عن الضرر الذي يصيبه نتيجة قرارها غير المشروع.
ومن حيث إنه متى كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض طلب التعويض المؤقت استناداً إلى ما ذهب إليه من مشروعية القرار المشار إليه فمن ثم يتعين إلغاء الحكم فيما قضى به في هذا الطلب وبأحقية الطاعن في تعويض مؤقت مقداره (ألف جنيه) مع تأييد الحكم فيما قضى به من عدم قبول طلب الإلغاء شكلاً لرفعه بعد الميعاد.
ومن حيث إنه متى كان الطاعن قد خسر شقاً من دعواه، فمن ثم يتعين إلزام طرفي الدعوى بالمصاريف مناصفة بينهما عملاً بحكم المادتين 184، 186 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب التعويض المؤقت، وبأحقية الطاعن في تعويض مؤقت مقداره (ألف جنيه) وبرفض الطعن فيما عدا ذلك. وألزمت كلاً من طرفي الدعوى بالمصروفات مناصفة بينهما.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق