جلسة أول يناير سنة 1959
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: محمد متولي عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد زعفراني سالم، والحسيني العوضي المستشارين.
---------------
(1)
الطعن رقم 217 سنة 24 ق
(أ) حكم "تسبيب كاف".
إقامة الحكم على أسباب سليمة كافية لحمله. تزيده في الأسباب بعد ذلك مما كان محلاً للنعي عليه. لا يعيبه مهما كان في هذا التزيد من خطأ.
(ب) تأمين. حلول. حوالة.
حق شركة التأمين في الرجوع على الغير الذي تسبب بفعله في وقوع الخطر المؤمن منه. لا مجال لتأسيسه على دعوى الحلول. إقامته على أساس من الحوالة. شرطها في القانون المدني القديم رضاء المدين بذلك كتابة. المادة 349 مدني قديم.
(ج) حوالة.
مراد الشارع بالفقرة الأخيرة من المادة 436 من القانون المدني المختلط معدلة بدكريتو 26/ 3/ 1900.
(د) حوالة. قانون.
القانون الذي يحكم الحق موضوع الحوالة. هو القانون الساري وقت نشوئه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليها أقامت على الطاعن بصفته الشخصية وبصفته الشريك المسؤول لشركة داود علي عابد وشركاه الدعوى رقم 1732 لسنة 1950 كلي القاهرة وطلبت فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع لها مبلغ 695 جنيهاً والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة - وذكرت بياناً لدعواها إن الدكتور فؤاد حداد أودع بتاريخ 19 نوفمبر سنة 1948 سيارته رقم 19451 ملاكي القاهرة بجراج الشركة المدعى عليها لحفظها ليلاً حتى يتسلمها في اليوم التالي ثم تقدم لاستلامها في صبيحة اليوم التالي فلم يجدها وقام بتبليغ البوليس فحرر بالواقعة محضراً بتاريخ 20/ 11/ 1948 قيد برقم 5542 سنة 1948 جنح عابدين وقيد الحادث ضد مجهول - وثبت من التحقيقات في تلك الجنحة تقصير المدعى عليه (الطاعن) وموظفيه وإهمالهم في حراسة السيارة حتى ترتب على ذلك سرقتها ولما كانت هذه السيارة مؤمناً عليها بمعرفة الدكتور حداد لدى شركة التأمين (المطعون عليها) فقد دفعت للمؤمن له (الدكتور حداد) مبلغ 695 جنيهاً وهو قيمة السيارة المسروقة (بعد خصم مبلغ 5 جنيهات تحملها المؤمن له) - لذلك رفعت الشركة المؤمنة دعواها بالطلبات السابق بيانها - ومن بين ما استندت إليه في دعواها إقرار مؤرخ 13/ 12/ 1948 صادر من المؤمن له - يقرر فيه باستلام مبلغ 695 جنيهاً من شركة التأمين - وبالتنازل منه لها عن جميع حقوقه على تلك السيارة - وبحلول شركة بيجال اند جنرال في جميع حقوقه ودعاواه قبل شركة داود عابد وشركاه وبأن شركة التأمين تستطيع أن تستعمل حقوقه ودعاواه سواء باسمه أو باسمها - وبتاريخ 14 فبراير سنة 1952 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها مبلغ 650 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة الرسمية، فاستأنف الطاعن هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 358 لسنة 69 ق طالباً إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة وفي الموضوع برفض دعوى المطعون عليها - وبتاريخ 14 مارس سنة 1954 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام (الطاعن) بصفتيه بأن يدفع للمطعون عليها مبلغ 650 جنيه - ومصروفاته وبإلغائه بالنسبة للفوائد وإلزام المستأنف (الطاعن) المصروفات الاستئنافية وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 20 يونيه سنة 1954 قرر الطاعن الطعن بالنقض في هذا الحكم - وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة أيدت فيها رأيها برفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 20 من مايو سنة 1958 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة لجلسة 9 من أكتوبر سنة 1958 وبها صممت النيابة العامة على رأيها السالف ذكره.
ومن حيث إن المطعون عليها دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً تأسيساً على أن الطاعن لم يطعن في الحكم إلا بصفته الشخصية لا بصفته الشريك المسؤول لشركة داود عابد وشركاه وأنه إذا فرض وكان الطعن منه بصفتيه هاتين فإنه لم يعلن طعنه إلى شركة التأمين المطعون عليها إلا باسمه شخصياً.
وحيث إن الدفع مردود بأنه يبين من الاطلاع على تقرير الطعن أن الطعن بالنقض وارد على الحكم المطعون فيه فيما قضى به على الطاعن شخصياً وبصفته الشريك المسؤول لشركة داود على عابد وشركاه والبيانات الواردة بالتقرير تفيد أن الطعن قد رفع من الطاعن بصفتيه اللتين كانا متصفاً بهما أمام محكمة الموضوع وعلى ذلك فإن إغفال النص في صدر التقرير أو في صيغة الإعلان على الصفتين معاً ليس من شأنه اعتبار أن الطعن مرفوع من الطاعن بإحدى صفتيه دون الأخرى ويتعين لذلك رفض الدفع.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي بيان ذلك ذكر أن الدعوى رفعت على الطاعن من المستر ماركوس هيلي بصفته مديراً لشركة بيجال اند جنرال وواقع الأمر أنه قد انتحل لنفسه صفة مدير الشركة في حين أنه لم يكن سوى وكيل لفرع هذه الشركة بالقاهرة وليس له حق تمثيلها في التقاضي وهذا الحق مقصور على مدير الشركة بالمركز الرئيسي بلندن. وتأسيساً على ذلك دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ولكن محكمة الاستئناف (بحكمها المطعون فيه) قضت برفض هذا الدفع قولاً منها بأن المستر ماركوس هيلي هو مدير للشركة أيضاً بمنطقة الشرق الأدنى وأن فرع هذه الشركة له كيان قانوني مستقل وشخصية معنوية وأن وثيقة التأمين التي رفعت الدعوى على أساسها صادرة من فرع الشركة بالقاهرة وأن المادة 53/ د من القانون المدني الجديد نصت على أن الشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج ولها نشاط في مصر يعتبر مركز إدارتها بالنسبة إلى القانون الداخلي المكان الذي توجد به الإدارة المحلية - وأنه فضلاً عن ذلك فإن ثمت توكيلاً صادراً من مدير الشركة بلندن إلى المطعون عليه يبيح له حق التقاضي عنها وهو تأسيس خاطئ قانوناً ذلك أن الطاعن لم يكن طرفاً في وثيقة التأمين فلا يؤخذ بما حوته وأن المادة 53/ د إنما تشير إلى الاختصاص المكاني بالنسبة للشركات التي يكون مركزها الرئيسي في الخارج وتباشر نشاطاً في القطر المصري ولا شأن للمادة المذكورة بالصفة في تمثيل الشركة - كذلك لا وجه للاستناد في ثبوت صفة المستر ماركوس هيل في التقاضي إلى التوكيل المقدم منه في الدعوى إذ هو لا يثبت له هذه الصفة.
وحيث إن النعي بهذا السبب مردود بما جاء بالحكم المطعون فيه من أنه "وإن كان مدير الشركة بلندن هو المستر برنارد لويس باريختون فإن المستر ماركوس هيل المستأنف عليه هو أيضاً مديرها بمنطقة الشرق الأدنى وله الحق في تمثيل الشركة أمام المحاكم في كافة المعاملات التي تمت في هذا الفرع وكذلك في رفع الدعاوى نيابة عنها ما دامت متعلقة بالمعاملات التي باشر في دائرة الفرع الموكول إليه إدارته" ولما كان يبين من هذا الذي أورده الحكم المطعون فيه أنه قد حصل من واقع المستندات التي تقدم بها المستر ماركوس هيل لإثبات صفته أنه مدير لشركة بيجال اند جنرال بمنطقة الشرق الأدنى وأنه لذلك يكون له الحق في تمثيل الشركة أمام القضاء في المعاملات المتعلقة بهذه المنطقة ولم ينع الطاعن على هذا التحصيل بمخالفته للثابت في الأوراق - لما كان ذلك فإن قضاء الحكم المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى يكون سليماً ولا يعيبه ما يكون قد شابه من خطأ فيما استطرد إليه بعد ذلك تزيداً.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي بيان ذلك ذكر الطاعن أنه أنكر على الشركة المطعون عليها الحق في إقامة الدعوى عليه ومطالبته - بالمبلغ الذي طلبت الحكم به - إذ هو لا يلتزم تجاهها بأي التزام أياً كان مصدره - وليس لشركة التأمين بوصفها مؤمنة حق شخصي تجاهه يخول لها مقاضاته بالتعويض بوصف أنه مسؤول قبلها عن حادث سرقة السيارة المملوكة للمؤمن له (وهو الدكتور فؤاد حداد) وإذا فرض وكان ثمت ضرر لحق بصاحب السيارة من جراء هذا الحادث فإن هذا الضرر بالنسبة للشركة لا يعتبر ضرراً مباشراً يخولها حق المطالبة بالتعويض عنه كما أن رجوعها على الطاعن لا يمكن أن يكون مبناه الحلول القانوني لأن أحوال هذا الحلول وردت في القانون على سبيل الحصر - كذلك لا يتأتى أن يكون مبنى المطالبة هو قيام شركة التأمين بدفع قيمة المبلغ المؤمن به للمؤمن له وحوالة المؤمن له حقه في التعويض تجاه الطاعن إلى الشركة المؤمنة مقابل قبضه لهذا المبلغ كما ذهب إلى ذلك الحكم الابتدائي ذلك أن قيامها بالدفع إنما كان وفاء منها بالتزامها الناشئ عن وثيقة التأمين فضلاً عن أنه لم يرتض هذه الحوالة ولم يقبلها - كذلك لا تمكن مسايرة الحكم المطعون فيه في إقراره شركة التأمين على مطالبة الطاعن تأسيساً على أن ثمت حلولاً اتفاقياً بين المؤمن له والشركة المؤمنة مستنداً فيه إلى وثيقة التأمين والإقرار المحرر في 13 ديسمبر سنة 1948 لعدم توفر الشرائط القانونية لهذا الحلول.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما ورد فيه من "أنه يبين من الاطلاع على وثيقة التأمين الخاصة بالدكتور فؤاد حداد والمحررة بينه وبين المستأنف عليه (الشركة المطعون عليها) في 24 مايو سنة 1945 أن الدكتور حداد تنازل لشركة التأمين مقدماً عن حقه في التعويض إذ ورد في الشرط الثالث من الشروط المدونة بظهر الوثيقة ما يأتي - حسب ترجمة المستأنف عليه التي لم يعترض عليها المستأنف (الطاعن) - لا يجوز للمستأمن بنفسه أو بواسطة غيره أن يوافق أو يعرض أو يعد بدفع تعويض بدون موافقة كتابية من الشركة ويحق للشركة إذا أرادت ذلك أن تتسلم وتباشر باسم المستأمن الدفاع أو تسوية أية مطالبة أو أن ترفع الدعوى باسم المستأمن ولمصلحتها الخاصة للمطالبة بأي تعويض أو خلافه ويكون لها سلطة مطلقة في مباشرة أية إجراءات أو في تسوية أية مطالبة وعلى المستأمن أن يعطيها جميع المعلومات والمعاونة التي تطلبها منه الشركة. وحيث إنه يخلص مما تقدم أن المستأنف عليها تستند في دعواها إلى الشرط الوارد بوثيقة التأمين الذي احتفظت فيه لنفسها بالمطالبة لمصلحتها الخاصة بالتعويضات وغيرها وبرفع مثل هذه الدعاوى باسم المستأمن إذا أرادت وطبقاً لتقديرها المطلق وبعبارة أخرى احتفظت المستأنف عليها لنفسها في وثيقة التأمين بالحلول محل المستأمن في حقوقه قبل الغير المسؤول عما يقع من حوادث وتنفيذاً لهذا الشرط وقع المؤمن له عند قبضه لقيمة التعويض الإقرار المحرر في 13 من ديسمبر سنة 1948 بإحلال شركة التأمين في حقوقه ضد شركة عابد والتنازل لها عن هذه الحقوق - وحيث إنه من المقرر قانوناً أنه إذا وقع الحادث المؤمن منه بخطأ شخصي من الأغيار - يصبح هذا الغير مسؤولاً عن تعويض الضرر المترتب على وقوع الحادث مع العلم بأن مسئولية الغير على هذا النحو لا تؤثر مطلقاً في استحقاق عوض التأمين فمما لا شك فيه أن هذه المسئولية لا تعفي المؤمن من الوفاء بمبلغ التأمين الذي تعهد به بمقتضى العقد فإذا وفى المؤمن بهذا المبلغ وأراد الرجوع على الغير المسئول عن وقوع الحادث يجب التفريق بين ما إذا كانت وثيقة التأمين خالية من كل شرط يقرر حق المؤمن في الرجوع على هذا الغير وبين ما إذا كان المؤمن قد احتفظ لنفسه بهذا الحق ففي الحالة الأولى استقر الرأي في الفقه والقضاء على حرمان المؤمن من الرجوع على الغير المسئول بدعوى مباشرة لانعدام الأساس الذي يمكن أن تقوم عليه هذه الدعوى أما في حالة ما إذا تضمنت وثيقة التأمين شرطاً صريحاً يقضي بتنازل المؤمن له للمؤمن عن جميع حقوقه ودعاويه قبل من تسبب بفعله في الضرر الذي نجمت عنه مسؤولية المؤمن فإن هذا الشرط لا غبار على مشروعيته ويرى الأستاذ محمد علي عرفة تكييف هذا الشرط بأنه تنازل من جانب المؤمن له لصالح المؤمن عن كافة حقوقه ودعاويه قبل الغير المسئول في حدود ما يتحمل به الأخير من تعويض بسبب وقوع الحادث. وحيث إن القضاء في مصر قد استقر على أنه ليس لشركة التأمين دعوى مباشرة تقاضى بها الغير الذي تسبب في الحادث على أساس أنها هي التي قد لحقها ضرر بفعله لأن سبب التزامها بدفع مبلغ التأمين هو في الحقيقة قبضها لأقساطه لا وقوع الحادث موضوع التأمين إذ أن وقوع الحادث ليس إلا شرطاً يتحقق بتحققه التزام الشركة بدفع التعويض الذي هو مقابل ما سبق أن أخذ منه من الأقساط وعلى أن المؤمن له الذي أصابه الضرر من الحادث يبقى حقه في التعويض كاملاً قبل من تسبب فيه فيجوز له أن يجمع بين هذا التعويض ومبلغ التأمين كما يجوز له أن يتنازل ولو مقدماً عن حقه في هذا التعويض لشركة التأمين سواء أكان هذا التنازل في وثيقة التأمين نفسها أم في عقد لاحق لإبرام عقد التأمين حتى إذا كان هذا التنازل بلا مقابل - وعلى ذلك إذا أراد المؤمن استعمال الحقوق والدعاوى التي للمؤمن له الذي دفع إليه التعويض فليس له أن يتمسك بالحلول القانوني الذي بينت أحواله بطريق الحصر في المادتين 224، 225 مدني مختلط وإنما يكون للمؤمن الحق في مقاضاة فاعل الضرر إذا وجد في وثيقة التأمين نص بمقتضاه يتنازل له المؤمن له عن دعواه. فرجوع المؤمن في هذه الحالة يستند إلى التنازل الحاصل من المؤمن له للمؤمن وأنه إذا قام المؤمن بتسوية حساب التأمين بناء على طلب المؤمن له يعتبر هذا مانعاً له من الحلول محل المؤمن ضد الفاعل الأصلي في المطالبة بالتعويض وحيث إنه على ضوء المبدأ المتقدم يحق للشركة المستأنف عليها - استعمال الحقوق والدعاوى التي للدكتور فؤاد حداد (المؤمن له) ومقاضاة المستأنف بصفته (الطاعن) استناداً إلى التنازل والحلول الصادر لها من المؤمن له المذكور - ولا محل لتطبيق قواعد الحوالة في هذه الحالة لأن الإقرار الصادر في 13 ديسمبر سنة 1948 من الدكتور حداد وقت قبضه مبلغ التأمين نص فيه على أنه. "يصرح بحلول شركة بيجال جنرال للتأمين في جميع حقوقه ودعاواه قبل شركة داود عابد وجميع المسئولين الآخرين عن اختفاء سيارة وأن الشركة المذكورة تستطيع أن تستعمل حقوقه ودعاواه سواء باسمه أو باسمها" مما هو صريح في أن الطرفين قصدا الحلول الاتفاقي الذي لا يشترط له شكل خاص في القانون الأهلي لأنه عقد رضائي يتفق فيه الدائن مع الغير الذي وفى له حقه أن يحل الغير محل الدائن في الحق الذي وفاه وفضلاً عن ذلك فإن الحلول المتفق عليه في وثيقة التأمين وفي الإقرار المؤرخ في 13 ديسمبر سنة 1948 يتضمن التوكيل من المؤمن له (الدكتور حداد) للمستأنف عليها بمقاضاة المستأنف عن التعويض والتصريح لها بأن تستعمل حقوقه ودعاويه سواء باسمه أو باسمها وبذلك فلا يحق للمستأنف الاعتراض على رجوع شركة التأمين عليه بمقولة إن التنازل الصادر للمستأنف عليها يعتبر حوالة ويشترط لصحتها رضاء المدين كتابة بها طبقاً لنص المادة 349 من القانون المدني الملغي - لمخالفة هذا التفسير لصراحة نص الشرط الثالث من وثيقة التأمين والإقرار المؤرخ 13 ديسمبر سنة 1948 الآنف الإشارة إليهما" ويبين من هذا ورد بالحكم المطعون فيه أنه قد أسس قضاءه في خصوص حق الشركة المطعون عليها في مطالبة الطاعن بالمبلغ الذي دفعه للمؤمن له - على أساس تكييف الشرط الوارد بوثيقة التأمين - (وهو البند الثالث منها) والإقرار المحرر في 13 ديسمبر سنة 1948 - بأنه حلول اتفاقي تم بين الدائن (وهو الدكتور فؤاد حداد) وشركة التأمين - وعلى مقتضى هذا التكييف - يكون لشركة التأمين - الرجوع على الطاعن بما وفته عنه - وهذا الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه مخالف للقانون - ذلك أن الرجوع الموفى على المدين بدعوى الحلول يقتضي أن يكون الموفي قد وفى للدائن بالدين المترتب في ذمة المدين - لا بدين مترتب في ذمته هو والشركة المؤمنة - إذ دفعت للمؤمن له مبلغ الـ 695 جنيهاً فإنها إنما وفت بالدين المترتب في ذمتها للمؤمن له - والذي استحق عليها الوفاء به بوقوع الخطر المؤمن منه وهو حادث سرقة السيارة - وهذا الوفاء من جانبها ليس إلا تنفيذاً لالتزامها تجاه المؤمن له - فلا مجال مع هذا لتأسيس حق شركة التأمين في الرجوع على الطاعن على دعوى الحلول - ولا مجال كذلك لإقامة هذا الحق على أساس من الحوالة كما ذهبت إلى ذلك المطعون عليها وسايرها فيه الحكم الابتدائي إذ يحول دون هذا التأسيس أن واقعة الدعوى يحكمها في شأن الحوالة نصوص القانون المدني القديم الذي حررت في ظله وثيقة التأمين وإقرار 13 ديسمبر سنة 1948 - والذي بمقتضاه أحل الدكتور فؤاد حداد شركة التأمين (المطعون عليها) في حقوقه وتنازل لها عن التعويض المستحق له قبل الطاعن - ولا عبرة في هذا الخصوص بالإقرار المؤرخ 24 أكتوبر سنة 1953 الذي يردد نفس العبارات والمعاني الواردة في إقرار 13/ 12/ 1948 والذي تقدمت به المطعون عليها إلى محكمة الاستئناف هادفة بتقديمه إلى أعمال أحكام التقنين المدني الجديد في شأن الحوالة - ذلك أن الحق موضوع الحوالة يحكمه القانون الساري وقت نشوئه - وإذا كان هذا الحق قد نشأ بين مصريين هما الطاعن والدكتور فؤاد حداد فإن القانون الواجب تطبيقه هو القانون المدني الأهلي الذي تنص المادة 349 منه على أنه لا تنتقل ملكية الديون والحقوق المبيعة ولا يعتبر بيعها صحيحاً إلا إذا رضى المدين بذلك بموجب كتابة وإذ لا يتوفر في واقعة هذه الدعوى وجود كتابة من المدين تتضمن رضاءه بالحوالة فإن الحكم المطعون فيه لا تمكن إقامته على أساس من الحوالة - أما ما تتمسك به المطعون عليها بدفاعها في هذا الطعن من أن الحق الذي حصلت حوالته من الدكتور فؤاد حداد لشركة التأمين ناشئ عن نشاط الطاعن في مباشرة عمله التجاري وأنه لهذا يكون ديناً تجارياً تجوز حوالته دون حاجة لرضاء المدين والاستناد في هذا الخصوص إلى أن الشارع إذ نص في الفقرة الأخيرة من المادة 436 من القانون المدني المختلط على أن التعهدات المدنية المحضة بين الأهالي لا يجوز تحويلها إلا برضاء المدين كتابة - فقد أراد أن يخرج من قيد الرضاء بالحوالة كتابة كافة الديون التجارية سواء أكانت ثابتة في ورقة تجارية أم لا - ما تتمسك به المطعون عليها - في هذا الخصوص - في دفاعها في الطعن تصويباً لما انتهى إليه قضاء الحكم المطعون فيه - غير صحيح قانوناً - ذلك أن الشارع إذ أصدر دكريتو 26 مارس سنة 1900 معدلاً به نص المادة 436 من القانون المدني المختلط - بإضافة فقرة أخيرة إليها (وهي الفقرة المشار إليها فيما تقدم) إنما أراد أن يخرج التعهدات التي تأخذ شكلاً تجارياً يجعلها قابلة للتحويل كالكمبيالات والسندات تحت الإذن - فإذا لم يكن الدين متخذاً هذا الشكل فإنه يعتبر في حكم هذه الفقرة تعهداً مدنياً محضاً تستلزم حوالته رضاء المدين بها كتابة وإذ كان الدين المحول من الدكتور فؤاد حداد لشركة التأمين ليس ثابتاً في كمبيالة أو في سند تحت الإذن فإن حوالته لا تتم إلا برضاء المدين كتابة وهو ما لم يتوافر في واقعة الدعوى.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه متعيناً نقضه لمخالفته القانون.
ولما كان الموضوع صالحاً للفصل فيه - فلما تقدم من أسباب يتعين إلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق