جلسة 11 من يناير سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.
-----------------
(7)
الطعن رقم 182 لسنة 33 القضائية
دفع ما لا يجب "رده". موظفون. "مرتبات وأجور". تعويض. "تقدير التعويض".
التجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور بغير حق وفقاً للقانون رقم 55 لسنة 1962 مقصور على المرتبات والأجور. عدم سريان هذا الحكم على التعويض المحكوم به عن الإحالة إلى المعاش قبل سن الخامسة والستين. تقدير التعويض على أساس ما كان سيتقاضاه الموظف من مرتب لا يغير من طبيعته كتعويض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين بصفتيهما أقاما على المطعون ضده الدعوى رقم 246 سنة 1959 مدني كلي بنها طالبين الحكم بإلزامه بأن يدفع لهما مبلغ 1442 ج والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى تاريخ السداد وقالا شرحاً للدعوى إن المطعون ضده كان قد أقام عليهما الدعوى رقم 850 سنة 1952 مدني كلي القاهرة طالباً فيها الحكم عليهما بصفتيهما بأن يدفعا له مبلغ 1455 ج و328 م قولاً منه إنه إذ كان يشغل وظيفة سكرتير مجلس بلدي المنزلة وكان من المستخدمين الخارجين عن هيئة العمال فقد كان يحق له البقاء في الخدمة حتى يبلغ الخامسة والستين من عمره غير أن الطاعنين أحالاه إلى التقاعد حين بلغ واحداً وستين عاماً في آخر سبتمبر سنة 1950 وبذلك حرماه من البقاء في وظيفته مدة أربع سنوات فأقام عليهما تلك الدعوى طالباً فيها الحكم عليهما بالمبلغ المذكور وهو ما ضاع عليه من مرتب السنوات الأربعة مضافاً إليه مبلغ 21 ج و328 م مرتب المدة من 9 إلى 30 سبتمبر سنة 1950 وبتاريخ 21 مايو سنة 1953 - قضت له محكمة القاهرة الابتدائية بطلباته. فلما استأنف الطاعنان ذلك الحكم بالاستئناف رقم 669 سنة 70 ق أيدته محكمة الاستئناف. فطعنا بطريق النقض في الحكم الاستئنافي وقيد طعنهما برقم 107 سنة 24 ق وقضت محكمة النقض بجلسة أول مايو سنة 1958 بنقض الحكم المطعون فيه وفي موضوع الاستئناف رقم 669 سنة 70 ق بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين بأن يدفعا إلى المطعون ضده مبلغ 21 ج و328 م. وأقامت قضاءها على أن إحالته إلى المعاش عند بلوغه سن الستين صحيحة. واستطرد الطاعنان في شرح دعواهما قائلين إنه لما كان المطعون ضده قد قبض المبلغ المحكوم به في الدعوى رقم 850 سنة 1952 مدني القاهرة قبل أن ينقض الحكم الصادر فيها وكان لا حق له بمقتضى حكم محكمة النقض السالف الذكر إلا في مبلغ 21 ج و328 م فإنه يكون قد حصل على مبلغ 1442 ج دون وجه حق ويتعين عليه رده، وإذ كانا قد طالباه به فلم يرده فقد اضطرا لإقامة الدعوى بطلباتهما سالفة الذكر وبصحيفة معلنة في 4 نوفمبر سنة 1961 قبل الطاعنان أن يخصم من ذلك المبلغ 20 ج و276 م قيمة الضرائب التي كانت قد خصمت من المطعون ضده وقت صرف المبلغ له، وبتاريخ 23 مايو سنة 1962 قضت محكمة بنها الابتدائية برفض الدعوى واستندت في ذلك إلى أحكام القانون رقم 55 لسنة 1962 في شأن التجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافهما برقم 1417 سنة 79 ق. وبتاريخ 21 فبراير سنة 1963 قضت تلك المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أمام هذه الدائرة صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد ينعى فيه الطاعنان على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله، وفي بيان ذلك يقولان إن القانون رقم 55 لسنة 1962 في شأن التجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور قضى في مادته الأولى بالتجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور بناء على قرارات بالترقية أو تسويات صادرة من جهات الإدارة تنفيذاً لحكم أو فتوى صادرة من القسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة والإدارات العامة بديوان الموظفين وذلك إذا ألغيت أو سحبت تلك القرارات وبذلك فقد اشترط للتجاوز عن الاسترداد ثلاثة شروط هي أن يكون الموظف أو العامل وقت التسوية والتجاوز لا يزال في خدمة الدولة، وأن يصدر قرار بالترقية أو بالتسوية من جهة الإدارة تنفيذاً لحكم أو فتوى من الجهات التي حددها القانون ويحصل الموظف أو العامل نتيجة لذلك على بعض المبالغ وأن تلغى أو تسحب تلك القرارات أو التسويات، ولما كانت هذه الشروط غير متوافرة في حق المطعون ضده لأنه لم يكن موظفاً وقت صرفه للمبلغ المطالب باسترداده وإنما كان محالاً إلى المعاش مما لا يتصور معه أن يكون ما قد حصل عليه مرتباً، ولأنه لم يصدر له قرار بالترقية أو التسوية تنفيذاً لحكم أو فتوى في الفترة التي حددها القانون في مادته الثالثة والتي تبدأ من أول يوليه سنة 1952 وتنتهي في 5 فبراير سنة 1962 فقد كان محالاً إلى المعاش قبل بدء تلك الفترة، وكان لا يقدح في ذلك أن يكون قد صدر له أثناء هذه الفترة حكم من محكمة الاستئناف يقضي له بالمبلغ المطالب برده لأن هذا المبلغ قد قضى له به على أساس أنه تعويض عن قرار خاطئ هو إحالة المطعون ضده إلى المعاش قبل سن الخامسة والستين. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض الدعوى على أساس أن القانون رقم 55 لسنة 1962 لم يفرق بين الموظفين العاملين وبين الموظفين المحالين إلى المعاش وأن المبلغ المطالب باسترداده هو في حقيقته مرتب فإن ذلك الحكم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن القانون رقم 55 لسنة 1962 في شأن التجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور إذ نص في المادة الأولى منه على أنه "يتجاوز عن استرداد ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور بناء على قرارات بالترقية أو تسويات صادرة من جهات الإدارة تنفيذاً لحكم أو فتوى صادرة من القسم الاستشاري للفتوى والتشريع بمجلس الدولة والإدارات العامة بديوان الموظفين وذلك إذا ألغيت أو سحبت تلك القرارات أو التسويات" فقد أفصح بذلك عن أن التجاوز عن الاسترداد مقصور على ما صرف إلى الموظفين والعمال من مرتبات وأجور. وإذ كان الثابت من تقريرات الحكم المطعون فيه أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 850 سنة 1952 كلي القاهرة قد قضى للمطعون ضده بالمبلغ المطالب برده على أساس أنه تعويض له بسبب إحالته إلى المعاش قبل سن الخامسة والستين فإن هذا المبلغ المحكوم به لا يعتبر مرتباً أو أجراً وبالتالي لا يخضع للتجاوز عن الاسترداد المنصوص عليه في القانون رقم 55 لسنة 1962. وكون هذا التعويض قد قدر بما كان سيتقاضاه المطعون ضده من المرتب لو أنه استمر في الخدمة إلى سن الخامسة والستين فإن ذلك لا يغير من طبيعته كتعويض ولا يجعله مرتباً لأن تقدير التعويض يكون قد بني في هذه الحالة على أساس ما فات المطعون ضده من الكسب وفقاً للقاعدة العامة الواردة في المادة 221 من القانون المدني في شأن تقدير التعويض الجابر للضرر والتي تقضي بأن يشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فاعتبر المبلغ المطالب برده مرتباً لا تعويضاً وأخضعه للتجاوز عن الاسترداد الذي نص عليه القانون رقم 55 لسنة 1962 وقضى تبعاً لذلك برفض الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.
وحيث إنه للأسباب المتقدمة يتعين إلغاء الحكم المستأنف وإلزام المطعون ضده بأن يدفع للطاعنين بصفتيهما مبلغاً قدره 1421 ج 724 م وهو يمثل صافي المبلغ الذي قبضه المطعون ضده من الطاعنين وحق عليه رده طبقاً للمادة 181 من القانون المدني على أساس أنه لم يكن مستحقاً له مع الفوائد القانونية لهذا المبلغ من تاريخ المطالبة القضائية به حتى السداد وفق ما طلب الطاعنان وبالتطبيق للمادة 226 من القانون المدني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق