الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 5 أكتوبر 2017

الطعن 4167 لسنة 68 ق جلسة 22 / 11 / 2010 مكتب فني 61 ق 155 ص 922

برئاسة السـيد القاضى / على محمد علـى نائـب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضــاة / نعيــم عبد الغفـار ، ضيــاء أبو الحسـن ، محمد محمد المرسى وحسـام هشام صـادق نواب رئيس المحكمة.
-----------
(1) أمر أداء " شروط إصداره " .
استصدار أمر الأداء . شرطه . م 201 مرافعات.
(2 - 4) بنوك " عمليات البنوك : خطاب الضمان".
(2) خطاب الضمان . ماهيته .
(3) خطاب الضمان النهائى . من صور قابلية خطاب الضمان للتعيين .
(4) خطاب الضمان النهائى . غرضه . ضمان حسن تنفيذ أعمال المقاولة . صلاحيته . استمرارها لحين انتهاء التنفيذ فى فترة تسمح بالتأكد من سلامته . المطالبة بقيمة الخطاب . توقفها على قيمة ما تخلف عن التنفيذ من أعمال مقاولة تبين عدم سلامتها . مؤداه . قابلية هذا الخطاب للمنازعة فى تقدير قيمته . أثره . سلوك الطريق العادى لرفع الدعوى دون أمر الأداء .
(5 ، 6) تقادم " تقادم الدعاوى وسقوط الأحكام الناشئة عن التزامات التجار قبل بعضهم البعض " .
(5) الدعاوى الناشئة عن التزامات التجار قبل بعضهم البعض والمتعلقة بمعاملاتهم التجارية . تقادمها بمضى سبع سنوات من تاريخ حلول الوفاء بالالتزام . الأحكام النهائية فى تلك الدعاوى . سقوطها بمضى عشر سنوات . إعمال هذا التقادم . استثناء من الأصل العام لا يجوز التوسع فيه . شرطه . أن يكون طرفى المعاملة من التجار وأن يرتبط بالالتزامات التجارية فيها . م 68 ق 17 لسنة 1999 .
(6) عدم استهداف الهيئة المطعون ضدها – هيئة السكك الحديدية – للربح . مؤداه . اعتبار المعاملة موضوع النزاع غير تجارية بالنسبة لها . أثره . انتفاء شروط إعمال التقادم المنصوص عليه فى م 68 ق 17 لسنة 1999 . استبعاد الحكم المطعون فيه تطبيق المادة سالفة البيان وإخضاع الحق الثابت بخطاب الضمان للتقادم العادى . صحيح .
(7) حكم " ما لا يعيب تسبيب الحكم : التقريرات القانونية الخاطئة " .
انتهاء الحكم الى النتيجة الصحيحة . انطواء الأسباب على تقريرات قانونية خاطئة . لا أثر له . لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ دون أن تنقضه .
(8 - 11) بنوك " عمليات البنوك : خطاب الضمان " .
(8) خطاب الضمان . ماهيته . التزام البنك نهائياً به بمجرد إصداره ووصوله لعلم المستفيد . تنفيذه لخطاب الضمان لا يعد تنفيذاً للعقد المبرم بين العميل الآمر والمستفيد . علة ذلك . البنك ليس نائباً أو وكيلاً عن العميل الآمر أو كفيلاً له فى تنفيذه .
(9) استقلال التزام كل من العميل الآمر والبنك قبل المستفيد خضوع كل منهما للعلاقة التى نشأ عنها دينه ولأحكامها . لازمه أمران . أولهما : أن يكون مد أجل خطاب الضمان مرهوناً بإرادة المستفيد والبنك فقط . علة ذلك . م 359 ق التجارة رقم 17 لسنة 1999 . ثانيهما : عدم قبول الدعاوى التى تحول دون الوفاء للمستفيد بمبلغ الضمان أو وقف صرفه . م 358 ق التجارة .
(10) التضرر من حصول المستفيد دون حق على مبلغ الضمان . سبيله . دعوى الاسترداد . استقلالها عن علاقة البنك بالمستفيد .
(11) قضاء الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائى بإلزام البنك بأن يؤدى للمطعون ضدها قيمة خطاب الضمان على سند من أنها أخطرته بمصادرة الخطاب قبل انتهاء أجله وأمتنع البنك عن سداد قيمته . صحيح .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - فى قضاء محكمة النقض – أن مفاد نص المادة 201 من قانون المرافعات أنه يشترط لسلوك طريق استصدار أمر الأداء أن يكون الدين المطالب به مبلغاً من النقود وثابتاً بالكتابة ومعين المقدار وحال الأداء والمقصود بكونه معين المقدار ألا يكون الحق الظاهر من عبارات الورقة قابلاً للمنازعة فيه فى ميعاد استحقاقه أو فى مقداره بأن يكون قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة رحبة فى التقدير .
2- خطاب الضمان تعهد نهائى يصدر من البنك بناء على طلب عميله ( الآمر ) بدفع مبلغ نقدى معين أو قابل للتعيين بمجرد طلب المستفيد له خلال مدة محددة .
3- من صور قابلية قيمة خطاب الضمان للتعيين خطاب الضمان النهائى أو ما جرى عليه العمل على تسميته (خطاب ضمان حسن التنفيذ) .
4- خطاب الضمان حسن التنفيذ هو الذى يقدمه المقاول عادة إلى رب العمل عند التوقيع على العقد بغرض ضمان حسن تنفيذ أعمال المقاولة ومطابقتها لشروط العقد فتستمر صلاحية هذا الخطاب إلى حين الانتهاء من التنفيذ فى فترة تسمح بالتأكد من سلامة التنفيذ ومن ثم فإن المطالبة بقيمة ما ورد بهذا الخطاب إنما يتوقف بالضرورة على قيمة ما تخلف عن تنفيذه من أعمال المقاولة إذا ما اتضح عدم سلامتها وهو ما يستتبع بحسب ظاهر عبارات هذا النوع من خطابات الضمان قابلية القيمة الواردة بها للمنازعة فى تقديرها بما يوجب على المستفيد منها سلوك الطريق العادى لرفع الدعوى دون أمر الأداء . لما كان ذلك ، وكان خطاب الضمان محل المنازعة قد صدر من الطاعن لصالح المطعون ضدها باعتباره وفق الغرض منه خطاب ضمان نهائى بمقدار 10 % من قيمة التعاقد بالكامل . بما لازمه وجوب أن تلجأ فى طلب صرف قيمته إلى طريق رفع الدعوى دون أمر الأداء .
5- النص فى المادة 68 من القانون رقم 17 لسنة 1999 تنص على أن " تتقادم الدعاوى الناشئة عن التزامات التجار قبل بعضهم البعض والمتعلقة بمعاملاتهم التجارية بمضى سبع سنوات من تاريخ حلول ميعاد الوفاء بالالتزام إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك ، وكذلك تسقط بمضى عشر سنوات الأحكام النهائية الصادرة فى تلك الدعاوى ، ومفاد هذا النص أن المشرع استحدث حكماً يتعلق بتقادم الدعاوى الناشئة عن التزامات التجار قبل بعضهم البعض والمتعلقة بمعاملاتهم التجارية وحدد هذه المدة بسبع سنوات بحيث يبدأ سريانها من تاريخ حلول ميعاد الوفاء بالالتزام ، إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك كذلك تسقط بمضى عشر سنوات الأحكام النهائية الصادرة فى تلك الدعاوى ، مفاده أنه لا يجوز إعمال هذا التقادم إذا تخلف أحد شروطه وهى أن يكون طرفى المعاملة من التجار ، وأن يرتبط بالالتزامات التجارية فيها ، ولما كان هذا التقادم استثناء من الأصل العام فإنه لا يجوز التوسع فى تفسيره .
6- إذ كان الثابت بالأوراق أن الهيئة المطعون ضدها " الهيئة القومية لسكك حديد مصر" لا تعدو أن تكون منوطاً بها إدارة مرفق السكك الحديدية دون أن يكون هدفها الربح ولم تكن المعاملة موضوع النزاع معاملة تجارية بالنسبة لها ، ومن ثم تنتفى شروط إعمال التقادم سالف الذكر " التقادم المنصوص عليه فى م 68 ق 17 لسنة 1999 " ، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى استبعاد تطبيق المادة 68 سالفة البيان مقرراً أن الحق الثابت بخطاب الضمان يخضع للتقادم العادى فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة .
7- انتهاء الحكم إلى نتيجة صحيحة لا يعيبه اشتمال أسبابه على تقريرات قانونية خاطئة إذ لمحكمة النقض أن تصححها دون أن تنقضه .
8- إذ كان خطاب الضمان – مشروطاً أو غير مشروط – هو تعهد نهائى يصدر من البنك بناء على طلب عميله ( الآمر ) بدفع مبلغ نقدى معين أو قابل للتعيين للمستفيد بمجرد طلبه خلال مدة محددة ، دون أن يتعلق ذلك بإرادة العميل الآمر ، وذلك لاستقلال العلاقة بيـن البنك والمستــفيد مـن جهـة وبين العميل ( الآمر ) والبنك من جهة أخرى ، كما لا يعد تنفيذاً لعقد بين العميل ( الآمر ) والمستفيد وإنما يلتزم البنك بهذا الضمان التزاماً نهائياً بمجرد إصداره ووصوله إلى علم المستفيد منه وبذلك فإن البنك فى تنفيذه له لا يعد نائباً أو وكيلاً عن العميل ( الآمر ) أو كفيلاً له وإنما هو أصيل فى الالتزام به .
9- كل من العميل ( الآمر ) والبنك يكونا ملتزمين قبل المستفيد كل بدين مستقل ومنفصل عن دين الأخر بحيث يخضع كل منهما للعلاقة التى نشأ عنها دينه ولأحكام هذه العلاقة ويستتبع بالضرورة أولاً : أن يكون مد أجل خطاب الضمان مرهوناً بإرادة طرفيه – المستفيد والبنك وليس بإرادة العميل ( الآمر ) الذى يتعين فى علاقته بالبنك أن يحصل الأخير منه على موافقته على مد الأجل قبل إخطار المستفيد به – وهو ما قننته الفقرة الأولى من المادة 359 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 . ثانياً : وأن لا تقبل الدعاوى التى يقصد بها الحيلولة دون الوفاء للمستفيد بمبلغ الضمان أو وقف صرفه لأسباب ترجع إلى علاقة البنك بعميله ( الآمر ) أو إلى علاقة الأخير بالمستفيد وهو ما أكدته الفقرة الأولى من المادة 358 من قانون التجارة سالف الذكر بما قررته من وجوب وفاء البنك بمبلغ الضمان دون اعتداد بأية معارضه ، إذ القول بغير ذلك من شأنه أن يقوض نظام خطابات الضمان من أساسها ويضعف الثقة بها ويقضى على الفائدة المرجوة فيها والتى تضطلع بها فى كثير من المعاملات التجارية وهى فى جملتها أمور أولى بالرعاية من حماية المتضرر من حصول المستفيد دون وجه حق على مبلغ الضمان .
10- حماية المتضرر من تحصل المستفيد دون وجه حق على مبلغ الضمان والذى يكون مجال استرداده دعوى مستقلة لاحقة لا شأن لها بعلاقة البنك بالمستفيد .
11- إذ كان الثابت أن المطعون ضدها أخطرت البنك الطاعن بإشارات مؤرخة 18/9/1993 ، 27/10/1993 بمصادرة خطاب الضمان موضوع الدعوى قبـل انتهاء أجله وامتنع البنك عن سداد قيمته ، فإن الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائى ، إذ قضى بإلزام البنك بأن يؤدى للمطعون ضدها قيمة خطاب الضمان سالف البيان ، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – فى أن الهيئة المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم .... لسنة 2005 تجارى كلى جنوب القاهرة على البنك الطاعن بطلب إلزامه بتسييل خطاب الضمان رقم .... لسنة 1986 بمبلغ 1,125,000 جنيه والفوائد من تاريخ الاستحقاق حتى السداد ، وقالت بياناً لذلك إنه بتاريخ 27/11/1986 أصدر إليها البنك الطاعن خطاب الضمان سالف الذكر قيمة تأمين نهائى بواقع 10 % من قيمة العقد المبرم بينها وبين مؤسسة .... للمقاولات حتى تاريخ 26/11/1987 والذى امتد حتى 26/11/1993 ، وبتاريخ 18/9/1993 رفض البنك طلبها تسييل هذا الخطاب برغم إنذاره ، لذا أقامت دعواها . حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدى للمطعون ضدها مبلغ 1,125,000 جنيه والفوائد بواقع 5 % سنوياً من تاريخ 18/9/1993 وحتى السداد . استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 124 ق القاهرة التى قضت بتاريخ 27 من يناير سنة 2008 بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض ، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه ، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أُقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب ، إذ قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لعدم إقامتها بطريق أمر الأداء رغم توفر شروطه مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ، ذلك بأن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة – أن مفاد نص المادة 201 من قانون المرافعات أنه يشترط لسلوك طريق استصدار أمر الأداء أن يكون الدين المطالب به مبلغاً من النقود وثابتاً بالكتابة ومعين المقدار وحال الأداء والمقصود بكونه معين المقدار ألا يكون الحق الظاهر من عبارات الورقة قابلاً للمنازعة فيه فى ميعاد استحقاقه أو فى مقداره بأن يكون قائماً على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة رحبة فى التقدير ، وأنه وإن كان خطاب الضمان تعهد نهائى يصدر من البنك بناء على طلب عميله ( الآمر ) بدفع مبلغ نقدى معين أو قابل للتعيين بمجرد طلب المستفيد له خلال مدة محددة ، ومن صور قابلية قيمة خطاب الضمان للتعيين خطاب الضمان النهائى أو ما جرى عليه العمل على تسميته ( خطاب ضمان حسن التنفيذ ) الذى يقدمه المقاول عادة إلى رب العمل عند التوقيع على العقد بغرض ضمان حسن تنفيذ أعمال المقاولة ومطابقتها لشروط العقد فتستمر صلاحية هذا الخطاب إلى حين الانتهاء من التنفيذ فى فترة تسمح بالتأكد من سلامة التنفيذ ، ومن ثم فإن المطالبة بقيمة ما ورد بهذا الخطاب إنما يتوقف بالضرورة على قيمة ما تخلف عن تنفيذه من أعمال المقاولة إذا ما اتضح عدم سلامتها وهو ما يستتبع بحسب ظاهر عبارات هذا النوع من خطابات الضمان قابلية القيمة الواردة بها للمنازعة فى تقديرها بما يوجب على المستفيد منها سلوك الطريق العادى لرفع الدعوى دون أمر الأداء . لما كان ذلك ، وكان خطاب الضمان محل المنازعة قد صدر من الطاعن لصالح المطعون ضدها باعتباره وفق الغرض منه خطاب ضمان نهائى بمقدار 10 % من قيمة التعاقد بالكامل ، بما لازمه وجوب أن تلجأ فى طلب صرف قيمته إلى طريق رفع الدعوى دون أمر الأداء ، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويضحى النعى بهذا السبب على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، إذ قضى برفض الدفع بسقوط حق المطعون ضده فى المطالبة بقيمة خطاب الضمان بالتقادم إعمالاً لأحكام المادة 68 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 لمرور أكثر من اثنى عشر عاماً دون المطالبة به نافياً عن ذلك الخطاب صفته كورقة تجارية مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أن المادة 68 من القانون رقم 17 لسنة 1999 تنص على أن " تتقادم الدعاوى الناشئة عن التزامات التجار قبل بعضهم البعض والمتعلقة بمعاملاتهم التجارية بمضى سبع سنوات من تاريخ حلول ميعاد الوفاء بالالتزام إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك ، وكذلك تسقط بمضى عشر سنوات الأحكام النهائية الصادرة فى تلك الدعاوى ، ومفاد هذا النص أن المشرع استحدث حكماً يتعلق بتقادم الدعاوى الناشئة عن التزامات التجار قبل بعضهم البعض والمتعلقة بمعاملاتهم التجارية وحدد هذه المدة بسبع سنوات بحيث يبدأ سريانها من تاريخ حلول ميعاد الوفاء بالالتزام ، إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك كذلك تسقط بمضى عشر سنوات الأحكام النهائية الصادرة فى تلك الدعاوى ، مفاده أنه لا يجوز إعمال هذا التقادم إذا تخلف أحد شروطه وهى أن يكون طرفى المعاملة من التجار ، وأن يرتبط بالالتزامات التجارية فيها ، ولما كان هذا التقادم استثناء من الأصل العام فإنه لا يجوز التوسع فى تفسيره . لما كان ذلك ، وإذ كان الثابت بالأوراق أن الهيئة المطعون ضدها لا تعدو أن تكون منوطاً بها إدارة مرفق السكك الحديدية دون أن يكون هدفها الربح ولم تكن المعاملة موضوع النزاع معاملة تجارية بالنسبة لها ، ومن ثم تنتفى شروط إعمال التقادم سالف الذكر ، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى استبعاد تطبيق المادة 68 سالفة البيان مقرراً أن الحق الثابت بخطاب الضمان يخضع للتقادم العادى فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة ولا يعيبه اشتمال أسبابه على تقريرات قانونية خاطئة ، إذ لمحكمة النقض أن تصححها دون أن تنقضه ، ويضحى النعى عليه بهذا السبب على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، إذ قضى بإلزامه بقيمة خطاب الضمان رغم سقوطه لعدم المطالبة بتسييله خلال مدة سريانه مما دفعه إلى رد الغطاء النقدى للعميل مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أنه لما كان خطاب الضمان – مشروطاً أو غير مشروط – هو تعهد نهائى يصدر من البنك بناء على طلب عميله ( الآمر ) بدفع مبلغ نقدى معين أو قابل للتعيين للمستفيد بمجرد طلبه خلال مدة محددة ، دون أن يتعلق ذلك بإرادة العميل الآمر ، وذلك لاستقـــلال العلاقة ببين البنــــــك والمستــفيد من جهـــــة وبين العميل ( الآمر ) والبنك من جهة أخرى ، كما لا يعد تنفيذاً لعقد بين العميل ( الآمر ) والمستفيد وإنما يلتزم البنك بهذا الضمان التزاماً نهائياً بمجرد إصداره ووصوله إلى علم المستفيد منه وبذلك فإن البنك فى تنفيذه له لا يعد نائباً أو وكيلاً عن العميل ( الآمر ) أو كفيلاً له وإنما هو أصيل فى الالتزام به ، ومن ثم فإن كل من العميل ( الآمر ) والبنك يكونا ملتزمين قبل المستفيد كل بدين مستقل ومنفصل عن دين الآخر بحيث يخضع كل منهما للعلاقة التى نشأ عنها دينه ولأحكام هذه العلاقة ويستتبع بالضرورة أولاً : أن يكون مد أجل خطاب الضمان مرهوناً بإرادة طرفيه – المستفيد والبنك وليس بإرادة العميل ( الآمر ) الذى يتعين فى علاقته بالبنك أن يحصل الأخير منه على موافقته على مد الأجل قبل إخطار المستفيد به – وهو ما قننته الفقرة الأولى من المادة 359 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 ، ثانياً : وأن لا تقبل الدعاوى التى يقصد بها الحيلولة دون الوفاء للمستفيد بمبلغ الضمان أو وقف صرفه لأسباب ترجع إلى علاقة البنك بعميله ( الآمر ) أو إلى علاقة الأخير بالمستفيد وهو ما أكدته الفقرة الأولى من المادة 358 من قانون التجارة سالف الذكر بما قررته من وجوب وفاء البنك بمبلغ الضمان دون اعتداد بأية معارضه ، إذ القول بغير ذلك من شأنه أن يقوض نظام خطابات الضمان من أساسها ويضعف الثقة بها ويقضى على الفائدة المرجوة فيها والتى تضطلع بها فى كثير من المعاملات التجارية وهى فى جملتها أمور أولى بالرعاية من حماية المتضرر من حصول المستفيد دون وجه حق على مبلغ الضمان والذى يكون مجال استرداده دعوى مستقلة لاحقة لا شأن لها بعلاقة البنـك بالمستـــفيد . لما كان ذلك ، وكان البين من خطاب الضمان رقم ... لسنة 1986 والمؤرخ 27 من نوفمبر سنة 1986 والصادر من الطاعن لصالح المطعون ضدها أن أجله ينتهى فى 26 نوفمبر سنة 1987 إلا أن الطاعن قام بمد أجله حتى 26 نوفمبر سنة 1993 بناء على طلب المستفيد وكان الثابت أن المطعون ضدها أخطرت البنك الطاعن بإشارات مؤرخة 18/9/1993 ، 27/10/1993 بمصادرة خطاب الضمان موضوع الدعوى قبـل انتهاء أجله وامتنع البنك عن سداد قيمته ، فإن الحكم المطعون فيه المؤيد للحكم الابتدائى ، إذ قضى بإلزام البنك بأن يؤدى للمطعون ضدها قيمة خطاب الضمان سالف البيان ، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ، ويكون النعى عليه فى هذا الخصوص على غير أساس .
ولما تقدم ، يتعين رفض الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 8321 لسنة 65 ق جلسة 11 / 11 / 2010 مكتب فني 61 ق 154 ص 918

برئاسة السـيد القاضى / محمد محمد طيطة نائب رئيـــس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عبد الجواد موسى ، عمران محمود عبد المجيد ،  عامر عبد الرحيم نواب رئيس المحكمة وخالـد سليمان .
-----------
(1) محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع بالنسبة للمنازعات الناشئة عن العقود : سلطتها فى تفسير العقود والاتفاقيات " .
محكمة الموضوع . سلطتها فى تفسير العقود والاتفاقيات واستخلاص ما يمكن استخلاصـــــه منها . شرطه .
(2) تأمين " دعوى التأمين " . حكم " عيوب التدليل : مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه " .
قضاء الحكم المطعون فيه برفض دعوى التعويض الناشئة عن عقد التأمين استناداً لتفسيره عبارة انقلاب السيارة بأنه الانقلاب الكلى . مخالفة للقانون وخطأ . علة ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر – فى قضاء محكمة النقض – أنه وإن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تفسير العقود والاتفاقات واستخلاص ما يمكن استخلاصه منها دون رقابة عليها فى ذلك من محكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بأن يكون تفسيرها لها سائغاً أوفى بمقصود العاقدين وظروف التعاقد مؤدياً إلى النتيجة التى انتهت إليها بما يكفى لحمل قضائه .
2- إذ كان الثابت من أوراق الدعوى أن التأمين – وفقاً لشروط التعاقد – يغطى حالة تلف البضاعة نتيجة انقلاب السيارة الناقلة ، وكان المدلول اللغوى لكلمة انقلاب هو تحول الشئ عن وجهه بما يعنى انحراف الشئ عن مجراه الطبيعى ، وهو ما يتفق مع مقصود العاقدين من ضمان قيمــة البضاعة المؤمن عليها فى حالة تعرضها لأخطاء   القيادة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وجرى فى قضائه على تفسير شرط انقلاب السيارة على حالة الانقلاب الكلى ورتب على ذلك رفض الدعوى ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يوجب نقضه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم .... لسنة 1990 تجارى الجيزة ضد المطعون ضده بصفته بطلب الحكم بأن يؤدى له مبلغ 105,000 جنيه على سند من أنه قام بالتأمين لدى الشركة التى يمثلها المطعون ضده بموجب وثيقة نقل داخلى – برى – على المواد الغذائية المجففة التى تشحن على سيارات نقل مؤجرة خلال المدة من 1/9/1988 حتى 31/8/1989 ، وأنه بتاريخ 29/8/1989 أثناء نقل حمولة من السبانخ المجففة انفجر الإطار الأمامى الأيمن للسيارة التى كانت تحملها مما أدى إلى انحرافها وانقلابها وسقوط حمولتها على جانب الطريق والترعة المتاخمة له مما ترتب عليه تلف ما قيمته 365000 جنيه وقد تحرر عن الحادث المحضر رقم .... لسنة 1989 إدارى أبو حمص إلا أن الشركة المطعون ضدها رفضت دفع قيمة التعويض بدعوى أن الحادث غير مغطى تأمينياً لكون السيارة لم تنقلب إنما انحرفت عن الطريق مما أدى إلى سقوط حمولتها ، وأنـه قد نال الشركة الطاعنة خسارة تمثلت فى قيمة البضاعة التالفة والفاقدة فضلاً عما لحقها من أضرار من جراء إلغاء عملية تصدير الكميات المتعاقد عليها لعدم توفر السيولة المالية لتراخى الشركة المؤمنة فى صرف التعويض ، فقد أقامت الدعوى . ندبت المحكمة خبيراً ، وبعد أن أودع تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 22/3/1994 بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدى للطاعن مبلغ 35806 جنيه . استأنف المطعون ضده بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم .... لسنة 111 ق القاهرة ، وبتاريخ 24/5/1995 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى . طعن الطاعن بصفته فى هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأى برفضه ، وإذ عُرِض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة العامة رأيها .
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بصفته على الحكم المطعون فيه الفساد فى الاستدلال والخطأ فى تطبيق القانون ، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى على أن التلف الذى لحق بالبضاعة المؤمن عليها نتج من قبل سيارة النقل للبضاعة ، وأن وثيقة التأمين قد حصرت تغطية تأمين تلف الشحنة على حالة انقلاب السيارة ، وهو ما يخالف شروط وثيقة التأمين ونية العاقدين من إبرامها مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى سديد ، ذلك أن المقرر – فى قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان لمحكمة الموضوع السلطة التامة فى تفسير العقود والاتفاقات واستخلاص ما يمكن استخلاصه منها دون رقابة عليها فى ذلك من محكمة النقض إلا أن ذلك مشروط بأن يكون تفسيرها لها سائغاً أوفى بمقصود العاقدين وظروف التعاقد مؤدياً إلى النتيجة التى انتهت إليها بما يكفى لحمل قضائه . لما كان ذلك ، وكان الثابت من أوراق الدعوى أن التأمين – وفقاً لشروط التعاقد – يغطى حالة تلف البضاعة نتيجة انقلاب السيارة الناقلة ، وكان المدلول اللغوى لكلمة انقلاب هو تحول الشئ عن وجهه بما يعنى انحراف الشئ عن مجراه الطبيعى ، وهو ما يتفق مع مقصود العاقدين من ضمان قيمة البضاعة المؤمن عليها فى حالة تعرضها لأخطاء القيادة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وجرى فى قضائه على تفسير شرط انقلاب السيارة على حالة الانقلاب الكلى ورتب على ذلك رفض الدعوى ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه ، بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقى أوجه الطعن .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ، ولما تقدم ، فإنه يتعين تأييد الحكم المستأنف .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عدم خضوع اللوائح الخاصة للرقابة القضائية للمحكمة الدستورية العليا

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 3 مايو سنة 1997 الموافق 26 ذو الحجة سنة 1417هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور عوض محمد عوض المر                رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد ولى الدين جلال ونهاد عبد الحميد خلاف وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض.
وحضور السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى                    رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / حمدى أنور صابر                                            أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 30 لسنة 18 قضائية "دستورية "
المقامة من
السيدة / وزيرة التأمينات الاجتماعية بصفتها
رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى
ضد
1 - السيد / رئيس الجمهورية
2 - السيد / رئيس مجلس الوزراء
3 - السيد / سعيد نجاتى على على
4 - السيد / رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعى بالشرقية
5 - السيد / رئيس مجلس إدارة البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى
" الإجراءات "
فى الحادى عشر من إبريل سنة 1996 أودعت المدعية قلم كتاب المحكمة صحيفة هذه الدعوى طالبة الحكم بعدم دستورية ما نص عليه البند (8) من المادة (143) من نظام العاملين بالبنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى وبنوك التنمية والائتمان الزراعى بالمحافظات من أن إلغاء الوظيفة يعتبر منهياً للخدمة .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة فوضت فيها الرأى للمحكمة ، كما طلب البنك المدعى عليه الأخير فى مذكرته الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المدعى عليه الثالث كان قد أقام الدعوى رقم 11 لسنة 1994 عمال كلى منيا القمح مختصماً فيها رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعى بالشرقية ووزيرة التأمينات الاجتماعية بصفتها طالباً الحكم بتسوية معاشه طبقاً لمرتبه الأساسى مضافاً إليه كافة الامتيازات التى تعهد البنك بها، على أن يكون المعاش كاملاً دون تخفيض مع ما يترتب على ذلك من آثار، قولاً منه بأنه كان يعمل ببنك التنمية الزراعى بالشرقية وتقدم بطلب تسوية معاشه على أساس أن وظيفته من الوظائف الملغاة . وقد قضى بأحقيته فى صرف معاشه وكافة مستحقاته التأمينية اعتباراً من تاريخ انتهاء خدمته بالبنك المدعى عليه فى 15/6/1993 وحتى تاريخ صدور الحكم.
بيد أن المحكوم ضدهما استأنفا هذا الحكم بالاستئنافين رقمى 1798، 1909 لسنة 38 قضائية . وأثناء نظرهما دفع الحاضر عن وزيرة التأمينات الاجتماعية - وبصفتها رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى - بعدم دستورية نص البند (8) من المادة (143) من لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسى للتنمية وفروعه التى تقضى بانتهاء خدمة العامل عند إلغاء الوظيفة ، وذلك على سند من مخالفته لنص المادة (14) من الدستور. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وأذنت للمدعية برفع دعواها الدستورية ، فقد أقامتها.
وحيث إن البت فى اختصاص المحكمة الدستورية العليا ولائياً بنظر دعوى بذاتها سابق بالضرورة على الخوض فى شرائط قبولها أو الفصل فى موضوعها، وتواجهه المحكمة من تلقاء نفسها، إذ لا يتصور أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى توافر شروط اتصال الخصومة القضائية بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها، قبل أن تتحقق من أن النزاع موضوعها يدخل ابتداء فى ولايتها.كذلك فإن قضاءها باختصاصها بنظر خصومة بذاتها، لا يحول بينها والفصل فى الشرائط التى يتطلبها المشرع لقبولها، والتى يعد توافرها مدخلاً للفصل فى موضوعها.
وحيث إن مجلس إدارة البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى - وإعمالاً لنص المادة (11) من القانون رقم 117 لسنة 1976 الصادر فى شأن تنظيم الأوضاع التى يمارس فيها نشاطه - كان قد أصدر بتاريخ 23/3/1985 لائحة تتضمن -بين ما تشتمل عليه - تنظيماً لشئون العاملين فى البنوك التابعة يتناول تحديد مرتباتهم ومكافآتهم ومزاياهم وبدلاتهم وبدل السفر المستحق لهم عن المهام التى يعهد إليهم بها داخل مصر أو خارجها، على ألا يتقيد هذا التنظيم بالقواعد المعمول بها فى شأن العاملين المدنيين بالحكومة أو بالقطاع العام، ومع مراعاة الإطار المحدد للوائح البنوك التجارية .
وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1976 فى شأن البنك الرئيسى للتنمية و الائتمان الزراعى ، تنص فى فقرتها الأولى على أن تحول المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعى والتعاونى إلى هيئة عامة قابضة يكون لها شخصية اعتبارية مستقلة تسمى "البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى ". وفى فقرتها الثانية على أن تتبع بنوك التسليف الزراعى والتعاونى الحالية بالمحافظات، والمنشأة طبقاً لأحكام القانون رقم 105 لسنة 1964، البنك الرئيسى وتسمى بنوك التنمية الزراعية ، وتتولى تحقيق أغراض البنك الرئيسى فى النطاق الذى يحدده لها.
وحيث إن العلاقة بين البنك الرئيسى والبنوك التابعة ، قد حددتها كذلك المادة (25) من القانون رقم 117 لسنة 1976 المشار إليه، بنصها على أن يعمل - وفيما لا يتعارض مع أحكامه- بالأحكام المنصوص عليها بالقانون رقم 105 لسنة 1964 بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعى والتعاونى والبنوك التابعة لها بالمحافظات؛ وكانت المادة (5) من القانون رقم 105 لسنة 1964المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1965 تقضى بأن تحول فروع بنك التسليف الزراعى والتعاونى فى المحافظات إلى بنوك للائتمان الزراعى والتعاونى تتخذ كلا منها شكل شركة المساهمة ؛ وكان القانون رقم 117 لسنة 1976 المشار إليه قد نص كذلك فى المادتين (16، 17) على أن تباشر مجالس إدارة هذه الفروع - باعتبارها بنوكاً تابعة - اختصاصاتها على الوجه المبين بالقانون رقم 105 لسنة 1964 وعلى ضوء أنظمتها الأساسية ، وأن يكون للبنك الرئيسى ولكل من البنوك التابعة ، موازنة خاصة يتم إعدادها وفقاً للقواعد الخاصة بموازنة الجهاز المصرفى ؛ وكان مفاد ماتقدم أن البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى ، وإن كان من أشخاص القانون العام باعتباره هيئة عامة قابضة ، إلا أن البنوك التابعة تعمل جميعها بوصفها شركات مساهمة يتعلق نشاطها بتطبيق قواعد القانون الخاص وبالوسائل التى ينتهجها هذا القانون، فلا تنصهر البنوك التابعة فى الشخصية المعنوية للبنك الرئيسى ، بل يكون لها استقلالها وذاتيتها من الناحيتين المالية والإدارية فى الحدود التى يبينها القانون.
وحيث إن ماتقدم مؤداه: أن الفواصل القانونية لا تنماع بين البنك الرئيس للتنمية والائتمان الزراعى وبين البنوك التابعة التى لا يعتبر العاملون فيها موظفين عامين يديرون مرفقاً عاماً، بل يباشر هؤلاء العاملون مهامهم فى بنوك تجارية بمعنى الكلمة تزاول نشاطها فى الحدود المنصوص عليها بالقانون رقم 120 لسنة 1975 فى شأن البنك المركزى والجهاز المصرفى ، ويرتبط عما لها بها بوصفها أرباباً للعمل ووفق الشروط التى يرتضونها.
وحيث إن اللائحة المطعون عليها، وإن كانت قد صدرت عن مجلس إدارة البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى ، متوخياً بها تقرير القواعد القانونية التى تنظم أوضاع العاملين بالبنوك التابعة ، إلا أن تعلق هذه اللائحة بعمال هذه البنوك الذين يخضعون أصلاً لقواعد القانون الخاص، وبمجال نشاطها فى دائرة هذا القانون، لا يجعلها تنظيماً إدارياً عاماً، وإنما الشأن فيها شأن كل لائحة يتحدد تكييفها بمجال سريانها. فكل ما كان هذا المجال متصلاً مباشرة بمنطقة القانون الخاص، انحسرت الصفة الإدارية عنها، ولو كانت الجهة التى أصدرتها تعتبر من أشخاص القانون العام. كذلك فإن سريان هذه اللائحة على كل من العاملين فى البنك الرئيسى والبنوك التابعة ، لا يزيل الحدود التى تفصل هذه البنوك عن بعضها البعض، فلا زال لكل منها شخصيته القانونية المستقلة ، ودائرة نشاط لها نظامها القانونى الخاص بها. وفى إطار هذه الدائرة وحدها، تتحدد حقيقة الرابطة القانونية بينها وبين عمالها.
وحيث إن الدستور قد عهد -بنص المادة (175)- إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين فى القانون؛ وكان المشرع - وبناء على هذا التفويض - قد أصدر قانون المحكمة الدستورية العليا، مبيناً اختصاصاتها، محدداً ما يدخل فى ولايتها حصراً، مستبعداً من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصاً منفرداً بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، مانعاً أى جهة أخرى من مزاحمتها فى ذلك، مفصلاً طرائق هذه الرقابة ، وكيفيتها، ومؤكداً أن اختصاص المحكمة الدستورية العليا - فى مجال مباشرتها الرقابة القضائية على الدستورية - من حصر فى النصوص التشريعية أياً كان موضعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التى أقرتها أو أصدرتها؛ متى كان ذلك، فإن محل الرقابة القضائية على الدستورية ، إنما يتمثل فى القانون بمعناه الموضوعى الأعم، محدداً على ضوء النصوص التشريعية التى تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة ، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التى تقرها السلطة التشريعية ، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التى تصدرها السلطة التنفيذية فى حدود صلاحياتها التى ناطها الدستور بها.
وحيث إن النزاع الراهن يتعلق بأحد البنوك التابعة للبنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى ؛ وكان البند رقم (8) من المادة (143) المطعون عليه، وارداً بلائحة أصدرها مجلس إدارة هذا البنك منظما بها - بين ما تشمل عليه - شئون العاملين بالبنوك التابعة - لا ليخرجها من دائرة القانون الخاص ويردها إلى منطقة القانون العام، وإنما ليحدد لعلاقتهم بجهات عملهم إطارا لا ينافى طبيعتها، تقديراً بأن أوضاع العاملين فى جهة ما، إنما يتحدد تكييفها القانونى على ضوء الدائرة التى تنتظمها أصلاً. فإذا كان القانون الخاص يهيمن عليها - ولونظمتها قواعد آمرة فى بعض جوانبها - كان هذا القانون مِحْوَرها وقاعدة بنيانها، بما مؤداه: أن كل تنظيم للعلائق القانونية فى دائرة بذاتها، لا يجوز أن يكون مجافياً لحقيقتها، بل يتعين دوما الرجوع إلى الأصل فيها، وأن ينظر إليها بافتراض اتساقها مع هذا الأصل.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن اللائحة التى اندرج تحتها البند رقم (8) المطعون عليه - وفى مجال سريان أحكامها في شأن البنوك التابعة للبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعى - لا تعتبر تشريعاً بالمعنى الموضوعي ، ولا تمتد إليها بالتالي الرقابة القضائية التى تباشرها هذه المحكمة فى شأن الشرعية الدستورية .
فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

الطعون 4457 ، 4463 ، 4853 لسنة 77 ق جلسة 9 / 11 / 2010 مكتب فني 61 ق 153 ص 902

برئاسة السـيد القاضى / عبد المنعــم دسوقـى نائـب رئيس المحكمة وعضوية السـادة القضاة / أحمـد الحسينـى يوسف , محمود عبد الحميد طنطاوى ، ناصر السعيد مشالى ومحمد السيد النعناعى نواب رئيس المحكمة .
-----------
 (1 ، 2) حكم " بيانات الحكم : أسماء القضاة الذين أصدروا الحكم " .
(1) بطلان الحكم لعدم بيان أسماء القضاة الذين أصدروه . م 178 مرافعات . المقصود به القضاة الذين سمعوا المرافعة واشتركوا فى المداولة وفصلوا فى الدعوى دون من حضروا تلاوة الحكم . المداولة بين القضاة الذين أصدروا الحكم . مناطها . توقيعهم على مسودته . وجوب إيداع مسودة الحكم عند النطق به . م 175 مرافعات . علة ذلك .
(2) اشتمال مسودة الحكم المطعون فيه على أسماء القضاة اللذين سمعوا المرافعة وفصلوا فى الدعويين بعد المداولة . وقوع خطأ مادى فى لقب أحدهم ووضع اسمه أمام كلمة وكيل النيابة . لا يعيب الحكم . علة ذلك . أثره . خلو الحكم من البطلان .
(3) نقض " أسباب الطعن بالنقض : السبب المفتقر للدليل " .
نعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه بتذييل محاضر الجلسات بتوقيع قاض لم يكن ضمن هيئة المحكمة التى سمعت المرافعة الختامية وحجزت الدعويين للحكم . عدم تقديم الدليل على ذلك . نعى عار من دليله .
(4) إثبات " عبء الإثبات " .
الأصل فى الإجراءات أنها روعيت . مؤداه . عبء إثبات من يدعى خلاف ذلك . وقوعه على عاتق مدعيه .
(5 - 14) تحكـيم " هيئة التحكيم " " إجراءات التحكيم " " حكم التحكيم : حجية حكم التحكــيم " " بطلان حكم التحكيم : دعوى بطلان حكم التحكيم : نطاق دعوى البطلان " أسباب بطلان حكم التحكيم : ما لا يعد من أسباب البطلان : تقدير هيئة التحكيم للأدلة ، تضمين حكم التحكيم ى البيانات التى نص عليها القانون " " دفوع البطلان التى لا يجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض " . 
(5) البيانات الثابتة بالحكم أو بمسودته . عدم جواز جحدها إلا بطريق الطعن عليها بالتزوير . تذييل حكم التحكيم موضوع التداعى بعبارة رفض أحد المحكمين التوقيع عليه بعد المداولة دون ذكر أسباب عدم التوقيع بالمخالفة لما أوجبه قانون التحكيم المصرى فى حين اشتملت وقائع الحكم على صدوره بالأغلبية البسيطة . عدم الطعن على العبارة محل النعى بالتزوير . مؤداه . لا سبيل إلى المجادلة فى تاريخ البيان . التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر . صحيح .
(6) صحة حكم التحكيم متى وقعه أغلبية المحكمين . عدم ذكر أسباب الامتناع عن التوقيع . لا يبطله . شرطه . إلا يثبت المتمسك به عدم حـدوث مداولة قبل إصدار الحكم . م 43/1 ق 27 لسنة 1994 .
(7) تمسك أحد الخصوم بورود بيان فى الحكم مخالف للحقيقة . اطراح هذا البيان . شرطه . عدم اتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير . خلو الأوراق من ولوج هذا الإجراء . أثره . انتفاء مسوغ القضاء ببطلانه .
(8) اتفاق طرفى التحكيم على تطبيق قواعد اليونسترال . مفاده . اختصاص هيئة التحكيم بالفصل فى الدفوع الخاصة بعدم اختصاصها . ماهية هذه الدفوع . م 21/1 من القواعد آنفة البيان .
(9) مخالفة إجراءات التحكيم لشرط اتفاق التحكيم أو لأحكام ق 27 لسنة 1994 مما يجوز الاتفاق على مخالفته . عدم الاعتراض عليها ممن علم بها فى الميعاد المتفق عليـه أو فى وقت معقول . أثره . النزول الضمنى على الحق فى الاعتراض .
(10) الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع . تفصل فيها هيئة التحكيم . قضاؤها بالرفض . مقتضاه . عدم جواز التمسك بها إلا بطريق دعوى بطلان حكم التحكيم .
(11) قضاء الحكم المطعون فيه برفض دفوع الطاعنة المتعلقة بسقوط التحكيم لعدم التمسك بها أمام هيئة التحكيم . صحيح . أثره . سقوط حقها فى التمسك بتلك الدفوع أمام محكمة دعوى البطلان.
(12) الطعن ببطلان حكم التحكيم . قصره على الحالات المبينة بالمادة 53 ق 27 لسنة 1994 . إقامة الطعن على غير هذه الأسباب . لازمه . عدم قبول الطعن .
(13) نعى الطاعنة على سلطة هيئة التحكيم فى تقدير الأدلة . ليس من حالات بطلان حكم التحكيم . انتهاء الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة . صحيح .
(14) تسبيب حكم التحكيم . عدم تعلقه بالنظام العام . جواز الاتفاق على إعفاء هيئة التحكيم من تسبيبه . م 43 ق 27 لسنة 1994 . مؤداه . التمسك ببطلان حكم التحكيم لخلوه من الأسباب . عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
(15) نقد " نقد أجنبى : القضاء بالإلزام بعملة أجنبية " .
إلزام الحكم المطعون فيه الطاعن بالمبلغ المطالب به بالعملة الأجنبية تعويضاً للمطعون ضدها عن إخلاله بالالتزام التعاقدى . لا مخالفة فيه للنظام العام . علة ذلك .
(16 ، 17) نقض " إجراءات الطعن : إيداع الكفالة " " أسباب الطعن : السبب الجديد " .
(16) ما لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع . عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
(17) تعدد الكفالة التى تصحب التقرير بالطعن بالنقض . مناطها . تعدد الطعون لا الطاعنين . أثر ذلك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المادة 178 من قانون المرافعات إذ أوجبت إشتمال الحكم على أسماء القضاة الذين أصدروه ورتبت البطلان جزاء على عدم بيان أسمائهم , فإن المقصود بالقضاة فى هذه المادة هؤلاء الذين سمعوا المرافعة واشتركوا فى المداولة وفصلوا فى الدعوى , لا أولئك الذين حضروا تلاوة الحكم , ولما كان مناط المداولة بين القضاة الذين أصدروا الحكم هو توقيعهم على مسودته التى أوجب المشرع إيداعها عند النطق بالحكم على النحو المبين بالمادة 175 من قانون المرافعات , وهو إيجاب قصد به ضمان أن يكون الحكم قد صدر بعد مداولة شملت أسبابه ومنطوقه واستقرت عقيدة المحكمة بشأنه على أساس ما ورد بالمسودة التى وقعـت وأودعت وقت النطق به .
2- إذ كان البين من نسخة الحكم المطعـون فيه الأصلية أنه أورد بمدوناته بياناً بأسماء القضاة الذين سمعوا المرافعة وفصلوا فى الدعويين بعد المداولة التى دلت عليها مسودته المودعة والمشتملة على أسبابه ومنطوقه موقعاً عليها من هؤلاء القضاة , ومن ثم فلا يعيب الحكم وقوع خطأ مادى فى لقب القاضى ..... الذى سمع المرافعة واشترك فى المداولة ووقع على مسودته , كما لا يعيبه وضع اسم الأخير أمام كلمة " وكيل النيابة " بمحضرى جلستى .... و.... إذ الثابت مـن محضرى الجلستين 4 , 8 من نوفمبر 2006 أن الهيئة مشكلة من ثلاثة قضاة من بينهم القاضى " .... " فضلاً عن أن جميع جلسات المرافعة وجلسة النطق بالحكم قد خلت من تمثيل النيابة بها , ويكون الحكم المطعون فيه مبرءاً من قالة البطلان .
3- النعى بأن محاضر الجلسات مذيلة بتوقيع قاضى لم يكن ضمن تشكيل الهيئة التى سمعت المرافعة الختامية وحجزت الدعويين للحكم غير مقبول ، ذلك أن الطاعنة لم تقدم ما يدل على أن التوقيع المزيل به محضر جلسة .... ليس للقاضى .... الذى انعقدت هذه الجلسة برئاسته , فإن نعيها بهذا الشق يكون عار من دليله .
4- الأصل فى الإجراءات أن تكون قد روعيت , وعلى من يدعى أنها خولفت أقامة الدليل على ذلك.
5- لا يجوز للخصم أن يجحد ما أثبت بالحكم أو بمسودته من بيانات إلا بطريق الطعن عليها بالتزوير وفقاً للإجراءات التى أوجبها القانون . لما كان ذلك ، وكان البين من الترجمة الرسمية لحكم التحكيم الصادر فى 27 من فبراير 2006 - موضـوع التداعى - أنه قد ذيل بعبارة " رفض الأستاذ / .... فى البداية التوقيع بعد اكتمال مداولاتنا حيث إنه لم يتفق مع الأغلبية " , موقعة من رئيس هيئة التحكيم فى ذات التاريخ , وإذ ورد بالبند رقم 28/6 من الوقائع من الترجمة الرسمية لهذا الحكم أنه " يصدر حكم التحكيم بالأغلبية البسيطة " , وكانت الطاعنة لم تطعن على العبارة محل النعى بالتزوير ، فإنه لا سبيل إلى المجادلة فى مدى صحة التاريخ الذى أعطى لهذا البيان ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعى عليه بما ورد بهذه الأسباب يكون على غير أساس.
6- النص فى المادة 43/1 من قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 على أنه " يصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعه المحكمون , وفى حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يكتفى بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن يثبت فى الحكم أسباب عدم توقيع الأقلية " . يدل على أن حكم التحكيم يصح متى وقعته أغلبية المحكمين , ولا يترتب على عدم ذكر أسباب الامتناع عن التوقيع بطلان الحكم ما لم يثبت المتمسك بالبطلان عدم تحقق الغاية من إثبات سبب الامتناع وهى التحقق من حدوث مداولة قبل إصدار الحكم .
7- متى ورد فى الحكم بيان تمسك أحد الخصوم فيه أنه صدر مخالفاً للحقيقـة , فإنـه لا سبيل إلى إطراحه إلا إذا اتخذت بشأنه إجراءات الطعن بالتزوير , وإذ خلت الأوراق من ولوج هذا الإجراء فإن النعى به لا يصلح سبباً يسوغ القضاء ببطلان ذلك الحكم .
8- المقرر عملاً بالمادة 21/1 من قواعد اليونسترال - المتفق على تطبيقها بين الطرفين - أن هيئـة التحكيـم هـى صاحبـة الاختصاص فى الفصل فى الدفوع الخاصة بعدم اختصاصها ، وتدخل فى ذلك الدفوع المتعلقة بوجود شرط التحكيم أو الاتفاق المنفصل عن التحكيم أو بصحة هذا الشرط أو هذا الاتفاق .
9- إذا استمر أحد طرفى النزاع فى إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط فى اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام القانون رقم 27 لسنة 1994 مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضاً على هذه المخالفة فى الميعاد المتفق عليه أو فى وقت معقول عنـد عدم الاتفاق ، اعتبر ذلك نزولاً ضمنياً منه عن حقه فى الاعتراض .
10- هيئة التحكيم تفصل فى الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع , فإذا قضت برفض الدفع فلا يجوز التمسك به إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهى للخصومة كلها .
11- إذ أقام الحكم المطعون قضاءه برفض السبب الأول من أسباب البطلان بالدعوى رقم .... لسنة 123 ق القاهرة ، المبنى على قالة سقوط إجراءات التحكيم بانتهاء مدته وانتهاء ولاية هيئة التحكيم ، على سند من عدم تمسك الطاعنة بذلك الطلب أمام هيئة التحكيم المختصة بالفصل فى الدفوع المتعلقة بسقوط التحكيم ومن ثم يسقط حقها فى التمسك به أمام محكمة دعوى البطلان , وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه يتفق وصحيح القانون ، فإن النعى عليه فى هذا الخصوص يكون على غير أساس .
12- مؤدى تحديد حالات البطلان فى المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية ، أنه لا يجوز الطعن بالبطلان لسبب آخر خلاف ما أورده نص هذه المادة فلا يجوز الطعن عليه للخطأ فى فهم الواقع أو القانون أو مخالفته .
13- إذا كـان دفـاع الطاعنة الوارد بوجه النعى ينصب على سلطة هيئة التحكيم فى تقدير الأدلة ولا يندرج ضمن حالات البطلان المنصوص عليها فى المادة 53 سالفة الذكر وهو ما لا يتسع له نطاق دعوى البطلان , فإن التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر ويكون صحيح .
14- إذ كان البين من الأوراق أن الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بما تثيره فى سبب النعى , كما لم تتضمن المذكرات المقدمة منها أمام تلك المحكمة إشارة إلى هذا الدفاع , وكان خلو حكم التحكيم من الأسباب لا يُعد متصلاً بالنظام العام إذ أجازت المادة 43/2 من القانون رقم 27 لسنة 1994 فى شأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية الاتفاق على إعفـاء هيئـة التحكيم من تسبيب الحكم الصادر منها , ومن ثم فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
15- النص فى الفقرة الرابعة من المادة 111 من القانون رقم 88 لسنة 2003 فى شأن البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد على أن " ويكون التعامل داخل جمهورية مصر العربية شراءً وبيعاً فى مجال السلع والخدمات بالجنيه المصرى وفقاً للقواعد التى تحددها اللائحة التنفيذية ما لم ينص على خلاف ذلك فى اتفاقية دولية أو فى قانون آخر . " يدل على أن المشرع لم يحظر التعامل داخل البلاد بغير الجنيه المصرى إلا شراءً وبيعاً فى مجال السلع والخدمات ما لم يُنص على خلاف ذلك فى قانون آخر . لما كان ذلك , وكان المبلغ المقضى به للمطعون ضدها بالعملة الأجنبية يمثل تعويضاً عن إخلال بالتزام عقدى ومن ثم يكون جائزاً ولا يتعارض مع أحكام القانون سالف الذكر ولا يعد مخالفاً للنظام العام .
16- إذ لم يسبق للطاعنة التمسك بهذا السبب أمام محكمة الموضوع فلا يجوز لها إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
17- تعدد الكفالة التى تصحب التقرير بالطعن بالنقض إنما تكون بتعدد الطعون وليس بتعدد الطاعنين فى الحكم الواحد فتقضى المحكمة بمصادرة الكفالة فى كل طعن من هذه الطعون .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعون الثلاثة استوفت أوضاعها الشكلية .
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعـون فيه وسائـر الأوراق - تتحصل فى أن الشركة الطاعنة فى الطعون الثلاثة أقامت لدى محكمة استئناف القاهرة الدعويين رقمى .... , .... لسنة 123 ق على الشركة المطعون ضدها فيهم بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم رقم ... لسنة 2003 الصادر من مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى الدولى والذى قضى بإلزامهـا بـأن تؤدى للأخيـرة مبلـغ مقداره 1275100 دولار أمريكى وفائدة 5 % سنوياً من تاريخ الحكم حتى السداد وبرفض طلبات الطاعنة ، وقالت بياناً لذلك إن المطعون ضدها لجأت إلى التحكيم بناءً على اتفاق التحكيم المنصوص عليه فى البند 28/1 من العقد المبرم بينهما والمؤرخ 26 من مايو 2001 والذى بموجبه أسندت الطاعنة إلى المطعون ضدها عملية إدارة " فندق .... " بمحافظة البحر الأحمر , وادعت الأخيرة أنها بعد أن بدأت فى تنفيذ العقد أخطرتها الطاعنة بإنهائه فى 14 يناير 2003 مما اعتبرته خرقاً لشروط التعاقد أصابها بأضرار حدت بها إلى اللجوء إلى التحكيم , فأصدرت هيئة التحكيم حكمها سالف البيان بتاريخ 27 من فبراير 2006 , وإذ شاب هذا الحكم البطلان لصدوره بغير مداولة ولعدم إيراده أسباب امتناع أحد المحكمين عن التوقيع عليه ولبطلانه جزئياً لما قضى به من مقدار التعويض والفوائد دون استكمال المداولة , ولسقوط ولاية التحكيم بانتهاء مدته ولاستبعاد القانون المصرى والأخذ بمستندات مخالفة لقانون الإثبات , ومن ثم فقد أقامت الدعويين . ضمت المحكمة الدعوى الأخيرة للأولى ، وبتاريخ 9 من يناير 2007 قضت برفضهما . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعون أرقام 4457 , 4463 , 4853 لسنة 77 ق ، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى فى كل برفض الطعن , وإذ عُرِضت الطعون الثلاثة على هذه المحكمة فى غرفة المشورة حددت جلسة لنظرها ، وفيها ضمت الأخيرين إلى الأول ، والتزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن رقم 4853 لسنة 77 ق أُقيم على أربعة أسباب , تنعى الطاعنة بالأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان , وفى بيانه تقول إن الهيئة التى نطقت بالحكم مشكلة برئاسة القاضى " .... " وعضوية القاضيين " .... ، .... " وهى مغايرة للهيئة التى سمعت المرافعة وتداولت فى الحكم وأصدرته والمشكلة برئاسة القاضى " .... " وعضوية القاضيين " .... ، .... " فى حيـن أن الثابـت بمحضـر جلسـة 6 من ديسمبر 2006 أن الهيئة التى سمعت المرافعة وحجزت الدعويين للحكم مشكلة من القاضيين " .... ، .... " وحضور " الأستاذ / .... " وكيل النيابة , بما يدل على أن القاضى " .... " لم يكن ضمن تشكيل الهيئة التى سمعت المرافعة , كما أن محضر جلسة النطق بالحكم المؤرخ 9 من يناير 2007 تضمن أن الهيئة التى نطقت به مشكلة برئاسة القاضى " .... " وعضوية قاض واحد هو " .... " , هذا إلى أن جميع محاضر الجلسات مزيلة بتوقيع رئيس الدائرة القاضى " .... " رغم أنه لم يكن ضمن تشكيل الهيئة التى سمعت المرافعة الختامية وحجزت الدعويين للحكم فى 6 من ديسمبر 2006 والتى انعقدت برئاسة القاضى " .... " , وفى ذلك كله ما يشوب الحكم المطعـــون فيه بالبطلان .
وحيث إن هذا النعى فى شقه الأول فى غير محله , ذلك أن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن المادة 178 من قانون المرافعات إذ أوجبت إشتمال الحكم على أسماء القضاة الذين أصدروه ورتبت البطلان جزاء على عدم بيان أسمائهم , فإن المقصود بالقضاة فى هذه المادة هؤلاء الذين سمعوا المرافعة واشتركوا فى المداولة وفصلوا فى الدعوى , لا أولئك الذين حضروا تلاوة الحكم , ولما كان مناط المداولة بين القضاة الذين أصدروا الحكم هو توقيعهم على مسودته التى أوجب المشرع إيداعها عند النطق بالحكم على النحو المبين بالمادة 175 من قانون المرافعات , وهو إيجاب قصد به ضمان أن يكون الحكم قد صدر بعد مداولة شملت أسبابه ومنطوقه واستقرت عقيدة المحكمة بشأنه على أساس ما ورد بالمسودة التى وقعـت وأودعت وقت النطق به . لما كان ذلك , وكان البين من نسخة الحكم المطعون فيه الأصلية أنه أورد بمدوناته بياناً بأسماء القضاة " .... ، .... ، .... " الذين سمعوا المرافعة وفصلوا فى الدعويين بعد المداولة التى دلت عليها مسودته المودعة والمشتملة على أسبابه ومنطوقه موقعاً عليها من هؤلاء القضاة , ومن ثم فلا يعيب الحكم وقوع خطأ مادى فى لقب القاضى " .... " الذى سمع المرافعة واشترك فى المداولة ووقع على مسودته , كما لا يعيبه وضع اسم الأخير أمام كلمة " وكيل النيابة " بمحضرى جلستى 6 من ديسمبر 2006 و9 من يناير 2007 ، إذ الثابت مـن محضرى الجلستين 4 , 8 من نوفمبر 2006 أن الهيئة مشكلة من ثلاثة قضاة من بينهم القاضى " .... " فضلاً عن أن جميع جلسات المرافعة وجلسة النطق بالحكم قد خلت من تمثيل النيابة بها , ويكون الحكم المطعون فيه مبرءاً من قالة البطلان ، والنعى فى شقه الثانى غير مقبول , ذلك أن الطاعنة إذ لم تقدم ما يدل على أن التوقيع المزيل به محضر جلسة 6 من ديسمبر 2006 ليس للقاضى " .... " الذى انعقدت هذه الجلسة برئاسته , فإن نعيها بهذا الشق يكون عارٍ عن دليله ، ويضحى النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب بشقيه على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجهين الأول من السبب الأول والثالث من السبب الثالث من الطعن رقم 4457 لسنة 77 ق وبالأسباب الأول والثالث والرابع من الطعن رقم 4463 لسنة 77 ق وبالسبب الثالث من الطعن رقم 4853 لسنة 77 ق على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت فى الأوراق , وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت ببطلان حكم التحكيم لعدم اكتمال المداولة بشأنه بين جميع أعضاء هيئة التحكيم , إذ ذيل المحكم عنها - أى الشركة الطاعنة - صفحات ذلك الحكم الصادر بتاريخ 27 من فبراير 2006 بعبارة " أرفض التوقيع فالمداولة لم تستكمل بشكل تام " وتلى ذلك بتقديم مذكرة إعتراض إلى مركز القاهرة الأقليمى للتحكيم التجارى ضمنها عدم إتمام المداولة , غير أن رئيس هيئة التحكيم أضاف فى نهاية الحكم عبارة أعطى لها ذات تاريخ إصدار الحكم تفيد " رفض محكم الطاعنة التوقيع على الحكم بعد اكتمال المداولة " , رغم أن تلك العبارة أضيفت فى تاريخ لاحق لصدور الحكم وفقاً للشهادة الصادرة عن مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم التجارى , كما قدمت دليلاً على ذلك شهادة موثقة بالشهر العقارى صادرة عن " المحكم .... " , إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا السبب من أسباب البطلان بقالة أن الحكم حجة بما ورد فيه على الكافة ومنهم الطاعنة طالما أنها لم تطعن عليه بالتزوير , فى حين أن للمحكمة أن تقضى من تلقـاء نفسها برد وبطلان أى محرر إذا ظهر بجلاء من حالته أو من ظروف الدعوى أنه مزور , كما أورد الحكم أن المحكمة كونت عقيدتها فى هذه المسألة من الأوراق الرسمية لحكم التحكيم ودون أن يفصح عن ماهية تلك الأوراق الرسمية التى استند إليها , الأمر الذى يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود , ذلك أن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الأصل فى الإجراءات أن تكون قد روعيت , وعلى من يدعى أنها خولفت أقامة الدليل على ذلك , ومن المقرر كذلك أنه لا يجوز للخصم أن يجحد ما أثبت بالحكم أو بمسودته من بيانات إلا بطريق الطعن عليها بالتزوير وفقاً للإجراءات التى أوجبها القانــون . لما كان ذلك ، وكان البين من الترجمة الرسمية لحكم التحكيم الصادر فى 27 من فبراير 2006 - موضوع التداعى - أنه قد ذيل بعبارة " رفض الأستاذ / .... فى البداية التوقيع بعد اكتمال مداولاتنا حيث إنه لم يتفق مع الأغلبية " , موقعه من رئيس   هيئة التحكيم فى ذات التاريخ , وإذ ورد بالبند رقم 28/6 من الوقائع من الترجمة الرسمية لهذا الحكم أنه " يصدر حكم التحكيم بالأغلبية البسيطة " , وكانت الطاعنة لم تطعن على العبارة محل النعى بالتزوير فإنه لا سبيل إلى المجادلة فى مدى صحة التاريخ الذى أعطى لهذا البيان , وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعى عليه بما ورد بهذه الأسباب يكون على غير أساس .  
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الأول من السبب الثانى من الطعن رقم 4457 لسنة 77 ق وبالسببين الثانى والخامس من الطعن رقم 4463 لسنة 77 ق على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب , وفى بيان ذلك تقول إن المحكم عنها امتنع عن التوقيع على حكم التحكيم وقد أوجب قانون التحكيم المصرى أن يتضمن الحكم بياناً بالأسباب التى دعت أحد المحكمين إلى رفض التوقيع عليه , إلا أن حكم التحكيم - موضوع دعوى البطلان - صدر دون أن يفصح عن ذلك , وأنها أى الطاعنة قد تمسكت ببطلانه لهذا السبب , إلا أن الحكم المطعون فيه اطرح هذا الدفاع بمقولة أن المحكم عنها أثبت بنفسه فى حكم التحكيم أنه لم يوقـع عليـه لعدم استكمال المداولة وهو ما تكتمل به الشروط الشكلية لصدور حكم التحكيم , فى حين أن هذا البيان الجوهرى يجب أن تثبته هيئة التحكيم بكامل أعضائها وتحت رقابتها ولا يغنى عنه قيام الأقلية نفسها بذكره , كما أن ما أثبته المحكم عنها فى هذا الشأن كان لاحقاً لصدور حكم التحكيم وبعد اكتمال مقوماته , فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لما أثبته رئيس هيئة التحكيم على الحكم ذاته من أن " سبب عدم توقيع محكم الطاعنة على حكم التحكيم هو عدم اتفاقه مع الأغلبية " , ودون أن يعمل على إزالة هذا التناقض الأمر الذى يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك بأن النص فى المادة 43/1 من قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 على أنه " يصدر حكم التحكيم كتابة ويوقعه المحكمون , وفى حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يكتفى بتوقيعات أغلبية المحكمين بشرط أن يثبت فى الحكم أسباب عدم توقيع الأقلية . " يدل على أن حكم التحكيم يصح متى وقعته أغلبية المحكمين , ولا يترتب على عدم ذكر أسباب الامتناع عن التوقيع بطلان الحكم ما لم يثبت المتمسك بالبطلان عدم تحقق الغاية من إثبات سبب الامتناع وهى التحقق من حدوث مداولة قبل إصدار الحكم , وكان الثابت فى الترجمة الرسمية لحكم التحكيم محل دعوى البطلان الصادر فيها الحكم المطعون فيه , أن البند رقم 1/39 من الوقائع قد نص على أن : " قامت هيئة التحكيم بإجراء المداولات بشأن حكم التحكيم بمركز القاهرة الاقليمى فى 21 فبراير 2006 " , وفى البند 28/6 منه على أنه : " يصدر حكم التحكيم بالأغلبية البسيطة " , كما نصت فى البند الثالث من الحكم والمعنون ( أسباب الحكم التى توصلت إليها هيئة التحكيم ) على أنه : " بعد نظر الدفوع والمستندات والمذكرات والمرافعات الشفهية والطلبات والطلبات المقابلة المقدمة من الطرفين , وبعد المداولة الصحيحة بين أعضاء هيئة التحكيم طبقاً للقانون , .... " ، وكان من المقرر أنه متى ورد فى الحكم بيان تمسك أحد الخصوم فيه أنه صدر مخالفاً للحقيقـة , فإنـه لا سبيل إلى إطراحه إلا إذا اتخذت بشأنه إجراءات الطعن بالتزوير , وإذ خلت الأوراق من ولوج هذا الإجراء فإن النعى به لا يصلح سبباً يسوغ القضاء ببطلان ذلك الحكم , وإذ انتهى الحكم المطعون فيه فى قضائه إلى هذه النتيجة التى تتفق وصحيح القانون ، فإن النعى عليه يضحى على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثانى من كل من السببين الأول والثالث من الطعن رقم 4457 لسنة 77 ق وبالسبب الثانى من الطعن رقم 4853 لسنة 77 ق على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع , وفى بيانها ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع ببطلان حكم التحكيم لصدوره من هيئة زالت عنها ولاية الفصل فى النزاع ذلك أن الطرفين اتفقا على إنهاء التحكيم خلال مدة أقصاها 31 من أكتوبر 2005 إلا أن حكم التحكيم أورد أن ممثلى الطرفين قررا بجلسة 27 من نوفمبر 2005 مد مهلة التحكيم حتى نهايـة فبراير 2006 , وإذ كان تاريخ مد مدة التحكيم قد صدر لاحقاً لتاريخ انتهائه ولم يصدر مكتوباً من المحتكم الأصيل أو وكيله الخاص فإن ولاية هيئة التحكيم فى الفصل فى النزاع تكون قد زالت , إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا السبب من أسباب البطلان بقالة أن اتفاق التحكيم تضمن نص يخول هيئة التحكيم سلطة المد ، وأن الطاعنة المحتكم ضدها حضرت بالجلسات التالية للتاريخ المحدد لإصدار الحكم المنهى للخصومة ولم تطلب اعتبار إجراءات التحكيم منتهية , الأمر الذى يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد , ذلك أن المقرر عملاً بالمادة 21/1 من قواعد اليونسترال - المتفق على تطبيقها بين الطرفين - أن هيئـة التحكيـم هـى صاحبـة الاختصاص فى الفصل فى الدفوع الخاصة بعدم اختصاصها ، وتدخل فى ذلك الدفوع المتعلقة بوجود شرط التحكيم أو الاتفاق المنفصل عن التحكيم أو بصحة هذا الشرط أو هذا الاتفاق ، ومن المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه إذا استمر أحد طرفى النزاع فى إجراءات التحكيم مع علمه بوقوع مخالفة لشرط فى اتفاق التحكيم أو لحكم من أحكام القانون رقم 27 لسنة 1994 مما يجوز الاتفاق على مخالفته ولم يقدم اعتراضاً على هذه المخالفة فى الميعاد المتفق عليه أو فى وقت معقول عنـد عدم الاتفاق ، اعتبر ذلك نزولاً ضمنياً منه عن حقه فى الاعتراض ، وأن هيئة التحكيم تفصل فى الدفوع المبنية عن عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع ، فإذا قضت برفض الدفع فلا يجوز التمسك به إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهى للخصومـة كلها . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض السبب الأول من أسباب البطلان بالدعوى رقم .... لسنـة 123 ق القاهرة - المبنى على قالة سقوط إجراءات التحكيم بانتهاء مدته وانتهاء ولاية هيئة التحكيم - على سند من عدم تمسك الطاعنة بذلك الطلب أمام هيئة التحكيم المختصة بالفصل فى الدفوع المتعلقة بسقوط التحكيم ، ومن ثم يسقط حقها فى التمسك به أمام محكمة دعوى البطلان , وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه يتفق وصحيح القانون فإن النعى عليه فى هذا الخصوص يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجهين الثالث من السبب الأول والأول من السبب الثالث من الطعن رقم 4457 لسنة 77 ق على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون , وفى بيان ذلك تقول إنها تمسكت ببطلان حكم التحكيم لاستبعاده تطبيق قواعد قانون الإثبات المصرى الذى اتفق الطرفان على تطبيقه , إذ اعتد حكم التحكيم بصور ضوئية لمستندات جحدتها فزالت حجيتها فى الإثبات , إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا السبب من أسباب البطلان بمقولة خروجه عن نطاق دعوى البطلان مقراً بذلك ما انتهى إليه حكم التحكيم من استبعاد القانون الواجب التطبيق على النزاع , الأمر الذى يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير سديد ، ذلك أن من المقرر - فى قضاء هـذه المحكمة - أن مؤدى تحديد حالات البطلان فى المادة 53 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية ، أنه لا يجوز الطعن بالبطلان لسبب آخر خلاف ما أورده نص هذه المادة فلا يجوز الطعن عليه للخطأ فى فهم الواقع أو القانـون أو مخالفته . لمـا كـان ذلـك ، وكـان دفـاع الطاعنة الوارد بوجه النعى ينصب على سلطة هيئة التحكيم فى تقدير الأدلة ولا يندرج ضمن حالات البطلان المنصوص عليها فى المادة 53 سالفة الذكر وهو ما لا يتسع له نطاق دعوى البطلان , وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعى عليه بهذين الوجهين يكون على غير أساس .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثانى من السبب الثانى من الطعن رقم 4457 لسنة 77 ق على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون , وفى بيانه تقول إن قانون التحكيم المصرى أوجب تسبيب حكم التحكيم إلا إذا اتفق طرفاه على عدم تسبيبه أو كان القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم لا يشترط التسبيب , وإذ كان الطرفان لم يتفقا على عدم تسبيب حكم التحكيم وكان القانون المصرى الواجب التطبيق يشترط تسبيبه , فإن خلوه من أسباب أسس تقدير التعويض المقضى به للمطعون ضدها يصمه بالبطلان , إلا أن الحكم المطعون فيه لم يفطن لهذا العيب ويقضى به من تلقاء ذاته رغم تعلقه بالنظام العام , الأمر الذى يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير مقبول , ذلك أن البين من الأوراق أن الطاعنة لم تتمسك أمام محكمة الموضوع بما تثيره فى سبب النعى , كما لم تتضمن المذكرات المقدمة منها أمام تلك المحكمة إشارة إلى هذا الدفاع , وكان خلو حكم التحكيم من الأسباب لا يُعد متصلاً بالنظام العام إذ أجازت المادة 43/2 من القانون رقم 27 لسنة 1994 فى شأن التحكيم فى المواد المدنية والتجارية الاتفاق على إعفـاء هيئـة التحكيم من تسبيب الحكم الصادر منها , ومن ثم فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض , ويضحى النعى على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه غير مقبول .
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع من الطعن رقم 4853 لسنة 77 ق على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون , وفى بيانه تقول إن حكم التحكيم ألزمها بأن تؤدى مبلغ التعويض المقضى به للمطعون ضدها بالدولار الأمريكى , فى حين أنه يمتنع قانوناً الوفاء فى مصر بغير العملة المصرية وهو أمر يتعلق بالنظام العام ويرتب بطلان ذلك الحكم , إلا أن الحكم المطعون فيه لم يقضِ ومن تلقاء ذاته ببطلان حكم التحكيم لهذا السبب , الأمر الذى يعيبه بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى غير مقبول , ذلك أن النص فى الفقرة الرابعة من المادة 111 من القانون رقم 88 لسنة 2003 فى شأن البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد على أن " ويكون التعامل داخل جمهورية مصر العربية شراءً وبيعاً فى مجال السلع والخدمات بالجنيه المصرى وفقاً للقواعد التى تحددها اللائحة التنفيذية ما لم ينص على خلاف ذلك فى اتفاقية دولية أو فى قانون آخر . " يدل على أن المشرع لم يحظر التعامل داخل البلاد بغير الجنيه المصرى إلا شراءً وبيعاً فى مجال السلع والخدمات ما لم يُنص على خلاف ذلك فى قانون آخر . لما كان ذلك , وكان المبلغ المقضى به للمطعون ضدها بالعملة الأجنبية يمثل تعويضاً عن إخلال بالتزام عقدى ومن ثم يكون جائزاً ولا يتعارض مع أحكام القانون سالف الذكر ولا يعد مخالفاً للنظام العام , وإذ لم يسبق للطاعنة التمسك بهذا السبب أمام محكمة الموضوع فلا يجوز لها إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض , ويضحى النعى على الحكم المطعون فيه بهذا السبب غير مقبول .
ولما تقدم ، يتعين رفض الطعون الثلاثة .
وحيث إن من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن تعدد الكفالة التى تصحب التقرير بالطعن بالنقض إنما تكون بتعدد الطعون وليس بتعدد الطاعنين فى الحكم الواحد ، فتقضى المحكمة بمصادرة الكفالة فى كل طعن من الطعون الثلاثة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ