برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن, وبحضور السادة المستشارين:
مختار مصطفى رضوان, ومحمد صبري, ومحمد محمد محفوظ, ومحمد عبد المنعم حمزاوي.
--------------
- 1 تبديد . جريمة
" أركانها ". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب المعيب". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره".
مجرد الإخلال بما فرضه حكم الحراسة على المتهم - من إيداع الثمن خزانة
المحكمة لا يفيد بذاته ارتكاب جريمة التبديد لابد أن يثبت أن مخالفته لهذا الأمر
قد أملاها عليه سوء القصد ونجم عنها ضرر بالمجنى عليه مثال .
مجرد الإخلال بما فرضه حكم الحراسة على الطاعن - من إيداع الثمن خزانة
المحكمة - لا يفيد بذاته ارتكاب جريمة التبديد, بل لابد أن يثبت أن مخالفته لهذا
الأمر قد أملاه عليه سوء القصد ونجم عنه ضرر بالمجني عليه. فإذا كان الطاعن قد
تمسك بأنه صرف جزءاً من ثمن القصب المحجوز عليه في وجوه لا مفر منها وسدد لشريكي
المجني عليه نصيبهما وفقاً لحكم الأحقية وأودع الباقي من الثمن لخزانة المحكمة على
ذمة المجني عليه بعد عرضه عليه عرضاً قانونياً, وهو دفاع جوهري قد يترتب عليه - لو
صح - تغيير وجه الرأي في الدعوى, مما كان يقتضي من المحكمة أن تحققه لتقف على مبلغ
صحته أو أن ترد عليه بما يبرر رفضه أما وهي لم تفعل وقصرت ردها على القول بأن
المستندات المقدمة ليست لها طابع الجدية واصطنعت لخدمة الدعوى في حين أن تقدير مدى
جدية هذه المستندات إنما يكون بعد تحقيق مضمونها, فإن حكمها يكون معيباً بالإخلال
بحق الدفاع والقصور.
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 1/4/1959 بنجع حمادي: بدد
الزراعة المبينة الوصف والقيمة بالمحضر والمحجوز عليها قضائياً لمصلحة .........
والمسلمة إليه على سبيل الوديعة لحراستها وتسليمها يوم البيع فأختلسها إضراراً
بمالكها. وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات. وقد أدعى ...............
بحق مدني قدره 51ج على سبيل التعويض المؤقت قبل المتهم. ومحكمة نجع حمادي الجزئية
قضت حضورياً بتاريخ 21/10/1961 عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل
وكفالة 5ج لوقف التنفيذ وبإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ عشرة جنيهات
والمصروفات بلا مصاريف جنائية. أستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة قنا الابتدائية -
بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 21/11/1961 بقبول الاستئناف شكلاً وفي
الموضوع برفضه وبتأييد الحكم المستأنف وأمرت بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث
سنوات تبدأ من اليوم بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض...
إلخ.
---------------
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة
التبديد قد شابه قصور في التسبيب, ذلك أن الطاعن عين حارساً قضائياً على زراعة قصب
لبيعها وإيداع صافي ريعها خزانة المحكمة حتى يفصل في النزاع حول الملكية فقام بكسر
القصب وبيعه لشركة السكر ولما حكم في دعوى الملكية لصالح المجني عليه وشريكه قام
بتسليم الشريكين نصيبهما كاملاً أما نصيب المجني عليه فقد وقع عليه حجز تنفيذي وما
تبقى منه عرضه عليه عرضاً قانونياً فرفض استلامه فأودعه خزانة المحكمة وأنه تقدم بالمستندات
الدالة على صحة دفاعه إلا أن الحكم أطرح دفاعه بمجرد القول بأن المستندات لا تحمل
طابع الجدية وأنها اصطنعت لخدمة الدعوى مع إنها أوراق رسمية وبينها حكم قضائي
مشمول بالصيغة التنفيذية ومحضر حجز رسمي ما للمدين لدى الغير ومحضر عرض رسمي مما
يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه بين واقعة
الدعوى بما محصله أن الطاعن عين حارساً قضائياً على زراعة قصب بموجب حكم قضائي حدد
مهمته ببيع محصول القصب وإيداع صافي الثمن خزانة المحكمة على ذمة النزاع القائم
حول ملكية الزراعة واستلم الطاعن الزراعة وباع محصولها إلا أنه لم يودع الثمن
خزانة المحكمة وامتنع عن تسليمه للمطعون ضده الذي صدر الحكم لصالحه نهائياً وتصرف
فيه بأن سلمه لآخرين إضراراً به. لما كان ذلك, وكان الثابت من الاطلاع على جلسات
المحاكمة بدرجتيها أن الطاعن دفع الدعوى بأنه سدد ثمن بيع القصب كاملاً لمستحقيه
وأن الخلاف بينه وبين المجني عليه لا يعدو النزاع حول تصفية الحساب. وكان يبين من
الاطلاع على المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن الطاعن تقدم
بمذكرة لمحكمة أول درجة ضمنها بياناً عن حساب الحراسة وذكر أن القصب بيع بمبلغ
102ج مصاريف كسره وضمه ونقله وشحنه تكلفت 19ج والباقي قدره 83ج يخص المدعي بالحق
المدني النصف وفقاً لحكم الأحقية والنصف الباقي لشريكيه وأنه سلم الشريكين نصيبهما
وقدره41ج و500م بمقتضى إيصالين أما نصيب المجني عليه فقد أوقع عليه دائنان حجزاً
تنفيذياً تحت يده وفاء لمبلغ 32ج و840م واستلم الحاجزان دينهما بعد أن أقر الطاعن
بما في ذمته بقلم كتاب المحكمة وما تبقى من نصيبه وقدره 8ج و660م عرض عليه ودياً
ثم رسمياً فرفض استلامه فأودعه على ذمته خزانة المحكمة وتقدم بالصورة التنفيذية
للحكم رقم 1201 سنة 1954بإلزام المجني عليه بمبلغ 30ج ومحضر حجز ما للمدين لدى
الغير الموقع تحت يد الطاعن ومخالصة من الحاجزين باستلام الدين ومصاريفه وقدره 32ج
و840م ومخالصتين من شريكي المجني عليه في الزراعة باستلام ما خص كل منهما من ثمن
القصب ومحضر عرض رسمي بمبلغ 8ج و660م وقسيمة توريد هذا المبلغ بعد خصم رسم
الإيداع. لما كان ذلك, وكان الحكم قد أطرح هذا الدفاع بقوله "حيث إنه يبين من
مطالعة أوراق الدعوى ومستنداتها أن المتهم - الطاعن - لم يقدم كشفاً بحساب ثمن
الزراعة ومصروفاتها ولم يقم فور البيع بإيداع الصافي خزانة المحكمة علماً بأن تسليمه
تم في 18/4/1956 ولم يثبت أنه قد ورد تلك الوديعة لأصحابها أو نفذ قرار المحكمة
الأمر الذي يبين منه أنه اختلسها لنفسه إضراراً بمالكها ويحق عليه العقاب طبقاً
لمادة الاتهام ولا يقدح في ذلك ما قدمه من مستندات للتدليل على صرفه لجزء من الثمن
بعد ذلك لأن تقدير ثمن القصب حسبما ورد في محضر التسليم هو 126ج و660م في حين أن
المتهم قدره في أقواله في الشكوى بمبلغ 101ج وفي محضر العرض بمبلغ 102ج وعلى فرض
صحة تقدير المتهم لثمن القصب فليس له أن يتصرف فيه للغير لأمر أو لآخر دون إذن من
المحكمة هذا علاوة على أن تلك المستندات التي قدمها ليس لها طابع الجدية إذ الظاهر
أنها اصطنعت لخدمة الدعوى. لما كان ذلك, وكان مجرد الإخلال بما فرضه حكم الحراسة
على الطاعن من إيداع الثمن خزانة المحكمة لا يفيد بذاته ارتكاب جريمة التبديد بل
لابد أن يثبت أن مخالفته لهذا الأمر قد أملاه عليه سوء القصد ونجم عنه ضرر بالمجني
عليه, ولما كان الطاعن قد تمسك بأنه صرف جزءاً من ثمن القصب في وجوه لا مفر منها
وسدد لشريكي المجني عليه نصيبهما وفقاً لحكم الأحقية وأودع الباقي من الثمن خزانة
المحكمة على ذمة المجني عليه بعد أن عرضه عليه عرضاً قانونياً, وهو دفاع جوهري قد
يترتب عليه - لو صح - تغيير وجه الرأي في الدعوى مما كان يقتضي من المحكمة أن
تحققه لتقف على مبلغ صحته أو أن ترد عليه بما يبرر رفضه, وأما وهي لم تفعل وقصرت
ردها على القول بأن المستندات المقدمة ليست لها طابع الجدية - واصطنعت لخدمة
الدعوى في حين أن تقدير مدى جدية هذه المستندات إنما يكون بعد تحقيق مضمونها, فإن
حكمها يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع والقصور. لما كان ما تقدم, فإنه يتعين نقض
الحكم والإحالة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن وإلزام المطعون ضده المصروفات
المدنية.