جلسة 18/1/2023
برئاسة السيد المستشار/ علال عبد السلام لعبودي ـ رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ السيد صالح، حسن بو مزوغ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعن رقم 995 لسنة 2022 أحوال شخصية)
حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". ضرر. طلاق. محكمة الموضوع "سلطتها".
- الضرر الموجب للتطليق. ماهيته. المادة 117 من قانون الأحوال الشخصية.
- تقدير الضرر الموجب للتطليق. موضوعي. مادام سائغاً.
- القضاء بإدانة الطاعن بجريمة التعدي على خصوصية زوجته بالاطلاع على محتويات هاتفها الشخصي دون رضاها. لا يعد ضرراً يتعذر معه دوام العشرة بينهما يوجب التطليق. مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر. يعيبه. وجوب نقضه.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الضرر الموجب للتطليق وفقاً لنص المادة 117 من قانون الأحوال الشخصية هو إيذاء الزوج لزوجته بالقول أو الفعل إيذاء لا ترى المرأة الصبر عليه ويتعذر معه دوام العشرة بينهما بالمعروف، وأن تقدير توافر هذا الضرر مما تستقل به محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض شريطة أن تقيم قضاءها في هذا الشأن على أسباب سائغة مستمدة مما له اصل ثابت بأوراق الدعوى وتكفي لحمل قضاء الحكم ، كما أن الفقه المالكي المحال عليه لتكملة وتفسير نصوص قانون الأحوال الشخصية يسير على نفس المنوال قال الإمام مالك رحمه الله "ليس عندنا في قلة الضرر وكثرته شيء معروف" فلا حد عند فقهاء هذا المذهب للضرر بل يخضع لتقدير القاضي بعد مراعاة أحوال وظروف الزوجين (شرح التحفة للتسولي والتاودي). لما كان ذلك وكان الحكم الجزائي الصادر في الدعوى رقم 324/2022 والقاضي بإدانة الطاعن بالتعدي على خصوصية زوجته المطعون ضدها المتمثل في اطلاعه على محتويات هاتفها الشخصي دون رضاها والحال أن العلاقة الزوجية مازالت قائمة بين الطرفين ويفضي بعضهما إلى بعض، والخلافات الزوجية لا يخلو منها عادة أي بيت ، فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه استناداً إلى الحكم الجزائي أعلاه لا يعد من قبيل الضرر الذي يتعذر معه دوام العشرة بين الزوجين وينهدم بها الميثاق الغليظ الجامع بينهما ويسوغ بموجبه التطليق في مفهوم المادة 117 السالفة في حين أنه يمكن مع ذلك استمرار الحياة الزوجية بين الطرفين والحفاظ على آصرة الزوجية بينهما صوناً للأسرة ، لذا فإن الحكم المطعون فيه لما اعتبر ما قضى به الحكم الجزائي المشار إليه من قبيل الضرر المبرر للتطليق ، يكون قد جانب الصواب بمخالفته المقتضيات الشرعية والقانونية المنوه عنها مما يستوجب نقضه وفقاً لما سيرد بالمنطوق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
وحيث تبين من الأوراق أن المطعون ضدها أقامت لدى محكمة أبو ظبي للأسرة والدعاوى المدنية والإدارية الدعوى رقم 152/2022 بتاريخ 22/7/2022 ضد الطاعن تطلب فيها الحكم بتطليقها للضرر وتسليمها الأوراق الثبوتية: شهادة ميلاد الابن وصور من جوازات السفر وأصل بطاقة الهوية والبطاقة الصحية وشهادة التطعيم وشهادة الميلاد وخلاصة القيد وإلزام الطاعن بالرسوم والمصاريف، على سند من القول إنها زوجة للطاعن ولها منه الابن (.... من مواليد 8/9/2018) وهو بيدها وقد أساء الزوج إليها بما لا يستطاع معه دوام العشرة بينهما بأن قام بضربها والاستيلاء على الهاتف الخاص بها دون رضاها ولقد أثبت ذلك الحكم بالرقم 324/2022 جنحة نيابة الأسرة أبو ظبي وقضي فيه بإدانته بانتهاك الخصوصية والحبس ستة أشهر مع وقف التنفيذ، كما أنه مقصر في الإنفاق عليها وعلى ابنها المذكور مما حدا بها لإقامه الدعوى بطلباتها أعلاه، وأرفقتها بمستندات أخصها صور من الهوية ومن عقد الزواج ومن الحكم الجزائي رقم 324/2022 نيابة الأسرة.
وأجاب الطاعن منكراً الدعوي جملة وتفصيلا ًوأن ما أوردته المطعون ضدها فاقد للدليل وأنها خرجت من منزل الزوجية ورفضت الرجوع إليه مما حدا به لرفع دعوي طاعة بالرقم 83/2022 محكمة بني ياس والتي صدر الحكم فيها بدخولها في طاعته وطلب رفض الدعوي. وبجلسة 23/9/2022 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بتسليم المطعون ضدها شهادة ميلاد الابن (....) وهويته وصورة طبق الأصل مصدقة من جواز سفره وشهادة التطعيم وخلاصة القيد وبرفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام المدعى عليه بالرسوم والمصروفات.
فاستأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 2145/2022 وبتاريخ 24/11/2022 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب التطليق للضرر والقضاء مجدداً بتطليق المستأنفة من المستأنف عليه طلقة بائنة للضرر وألزمته بالرسوم والمصاريف القضائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بتاريخ 22/12/2022 بطعنه الماثل وقدمت محامية المطعون ضدها مذكرة جوابية طلبت فيها رفض الطعن كما قدمت النيابة العامة مذكرة فوضت فيها الرأي للمحكمة التي رأت في غرفة المشورة أن الطعن جدير بالنظر فحددت لنظره جلسة.
وحيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ومخالفة ما هو ثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ويقول في بيان ذلك إن الحكم أخطأ في تطبيق القانون إذ قضى بتطليق المطعون ضدها للضرر رغم عدم ثبوته وخلافاً لمقتضيات المواد من 117 إلى 122 من قانون الأحوال الشخصية ،وأن مجرد إدانته بتهمة التعدي على خصوصية الهاتف المحمول للمطعون ضدها لا تعد مبرراً يبيح تطليقها منه للضرر لكون ضرره أخف من ضرر التطليق وأثاره السلبية على الأسرة، وأن الحكم لم يقم ببعث حكمين للإصلاح، وأنه استصدر حكماً ضد المطعون ضدها يلزمها بالدخول في طاعته ولم تنفذه مما تعد معه ناشزاً وتختلق الذرائع للتطليق، وإّذ لم يلتزم الحكم المستأنف هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه.
وحيث إن النعي سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الضرر الموجب للتطليق وفقاً لنص المادة 117 من قانون الأحوال الشخصية هو إيذاء الزوج لزوجته بالقول أو الفعل إيذاء لا ترى المرأة الصبر عليه ويتعذر معه دوام العشرة بينهما بالمعروف، وأن تقدير توافر هذا الضرر مما تستقل به محكمة الموضوع ولا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض شريطة أن تقيم قضاءها في هذا الشأن على أسباب سائغة مستمدة مما له اصل ثابت بأوراق الدعوى وتكفي لحمل قضاء الحكم ، كما أن الفقه المالكي المحال عليه لتكملة وتفسير نصوص قانون الأحوال الشخصية يسير على نفس المنوال قال الإمام مالك رحمه الله "ليس عندنا في قلة الضرر وكثرته شيء معروف" فلا حد عند فقهاء هذا المذهب للضرر بل يخضع لتقدير القاضي بعد مراعاة أحوال وظروف الزوجين (شرح التحفة للتسولي والتاودي). لما كان ذلك وكان الحكم الجزائي الصادر في الدعوى رقم 324/2022 والقاضي بإدانة الطاعن بالتعدي على خصوصية زوجته المطعون ضدها المتمثل في اطلاعه على محتويات هاتفها الشخصي دون رضاها والحال أن العلاقة الزوجية مازالت قائمة بين الطرفين ويفضي بعضهما إلى بعض، والخلافات الزوجية لا يخلو منها عادة أي بيت ، فإن ما قضى به الحكم المطعون فيه استناداً إلى الحكم الجزائي أعلاه لا يعد من قبيل الضرر الذي يتعذر معه دوام العشرة بين الزوجين وينهدم بها الميثاق الغليظ الجامع بينهما ويسوغ بموجبه التطليق في مفهوم المادة 117 السالفة في حين أنه يمكن مع ذلك استمرار الحياة الزوجية بين الطرفين والحفاظ على آصرة الزوجية بينهما صوناً للأسرة ، لذا فإن الحكم المطعون فيه لما اعتبر ما قضى به الحكم الجزائي المشار إليه من قبيل الضرر المبرر للتطليق ، يكون قد جانب الصواب بمخالفته المقتضيات الشرعية والقانونية المنوه عنها مما يستوجب نقضه وفقاً لما سيرد بالمنطوق.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق