جلسة 16 من يونيه سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / حمد عبد اللطيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / خالد مقلد، محمد قنديل ومصطفى الدخميسي نواب رئيس المحكمة ومحمد غنيم .
------------------
(47)
الطعن رقم 9190 لسنة 87 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة أورد مؤداها في بيان واف . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) استدلالات . تفتيش " إذن التفتيش . إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش . موضوعي .
اقتناع المحكمة بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش . كفايتها للرد على الدفع ببطلانه . علة ذلك ؟
(3) دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش " .
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش . موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة لوقوعهما بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة السائغة التي أوردتها رداً عليه .
(4) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ محكمة الموضوع بأقوال الشاهد . مفاده ؟
تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم . لا يعيب الحكم . حد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(5) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم تقيد القاضي الجنائي بنصاب معين في الشهادة . له تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق.
سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء القوة المصاحبة له . لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل . مؤدى ذلك : صحة تعويل الحكم على شهادته وحده . النعي عليه في هذا الشأن . جدل موضوعي في تقدير الدليل .
(6) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بتلفيق الاتهام . موضوعي . لا يستوجب رداً صريحاً . استفادته من القضاء بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(7) تقرير التلخيص . محكمة الجنايات " الإجراءات أمامها " .
عدم التزام محكمة الجنايات بوضع تقرير تلخيص . اقتصار ذلك على الدوائر الاستئنافية . أساس ذلك ؟
(8) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الارتباط " . عقوبة " تطبيقها " . استعمال القوة والعنف مع موظف عام . مواد مخدرة . سلاح . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
تقدير قيام الارتباط بين الجرائم . موضوعي . مخالفة الحكم ما أورده بوقائعه من وجوب قيامه بين الجرائم وتوقيعه عقوبة مستقلة عن كل منها . خطأ قانوني في تكييفه يوجب النقض لمصلحة المتهم ولو لم يرد ذلك في أسباب الطعن . أساس ذلك ؟
اقتراف الطاعن لجريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين قائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات باستخدام سلاح أبيض للحيلولة دون ضبطه بجريمة إحراز المخدر . مفاده : تحقق وحدة الغرض بين الجرائم المسندة له بما يوجب تصحيح الحكم بالاكتفاء بالعقوبة المقضي بها لأشدها للجريمة الأولى وإلغاء ما عداها .
(9) عقوبة " تطبيقها " . استعمال القوة والعنف مع موظف عام . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
معاقبة الطاعن عن جريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين قائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات بعد إعمال المادة 17 عقوبات بالحبس مع الشغل لمدة سنة وإغفال القضاء بالغرامة . خطأ في تطبيق القانون . لا تملك محكمة النقض تصحيحه .
أساس وعلة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ورد بتقرير المعمل الكيماوي ، وأورد مؤداها في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بالقصور الذي رمى به الحكم يكون في غير محله .
2- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها ، فإن ما يثيره الطاعن بأسباب طعنه في هذا الوجه يكون لا محل له .
3- من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يُعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلــة السائغة التي أوردتها . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعن - في هذا الصدد - واطرحته برد كاف وسائغ ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما وأن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم - بفرض حصوله - لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى ضبطه في مكان وزمان يغايران ما قرره شهود الإثبات ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
5- من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق ، كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، فإن تعويل الحكم على شهادة الضباط وحدهم ليس فيه ما يخالف القانون ، وينحل ما يثيره الطاعن في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
6- من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
7- من المقرر أن الشارع لم يوجب على محكمة الجنايات وضع تقرير تلخيص ، ذلك أنه أوجب في المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية على الدوائر التي تنظر الاستئناف وضع تقرير تلخيص ، فقد قصر هذا الإجراء على الدوائر الاستئنافية فحسب فلا ينسحب حكم هذا النص على محكمة الجنايات ، يدل على ذلك أن المادة 381/1 من القانون المشار إليه التي نظم فيها الشارع الإجراءات التي تتبع أمام محكمة الجنايات قد أحالت في شأنها للإجراءات التي تتبع في الجنح والمخالفات ، وقد خلت هذه الأحكام من إيجاب وضع مثل هذا التقرير ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
8 - من المقرر أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه تستوجب قيام الارتباط بين هذه الجرائم وإعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات ، فإن ذلك يكون من الأخطاء القانونية في تكييف الارتباط والتي تقتضي تدخل محكمة النقض لتطبيق القانون على وجهه الصحيح عملاً بالحق المخول لها بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد في مدوناته أن الطاعن اقترف جريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين قائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات بأن أشهر في وجههم سلاحاً أبيض ـــــ مطواة ـــــ بقصد إرهابهم والحيلولة دون ضبطه ، فإن مفاد ذلك أن الجرائم التي دين الطاعن بها تجمعها وحدة الغرض على نحو يقتضي إعمال حكم المادة 32/2 من قانون العقوبات والاكتفاء بالعقوبة المقررة لأشدها وهى العقوبة التي قضى بها الحكم المطعون فيه عن جريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين قائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات ، مما يؤذن لهذه المحكمة بأن تنقض الحكم لمصلحة المتهم نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبتي السجن المشدد والغرامة فقط عن جريمة إحراز المخدر موضوع التهمة الأولى وتصحيحه بإلغائها .
9- لما كانت العقوبة المقررة لجريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين قائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات وفقاً للفقرة الثانية من المادة 40 من قانون المخدرات هي السجن المؤبد وغرامة عشرين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه ، وكانت المحكمة قد قضت على الطاعن ـــــ بعد تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات ـــــ بالحبس لمدة سنة واحدة مع الشغل ـــــ وإن سقط لفظ الحبس سهواً من منطوق الحكم ـــــ فإنها تكون قد نزلت عن الحد الأدنى للعقوبة المقيدة للحرية وأغفلت القضاء بالغرامة مما يعيب حكمها بالخطأ في تطبيق القانون مما كان يؤذن بتصحيحه ، إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المحكوم عليه وحده فلا تملك محكمة النقض تصحيح هذا الخطأ حتى لا يضار الطاعن بطعنه إعمالاً لحكم المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً - الحشيش - في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
2- قاوم بالقوة القائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات وهم كلاً من الملازم أول/ .... ، الملازم أول/ .... ـــــ معاوني مباحث مركز شرطة .... والقوة المرافقة لهما وكان ذلك بسبب وأثناء تأديتهم لوظيفتهم بأن أشهر في وجههم سلاحاً أبيض محاولاً إحداث إصابتهم ليتمكن من الهرب على النحو المبين بالتحقيقات .
3- أحرز سلاحاً أبيض - مطواة - بدون ضرورة مهنية أو حرفية تقتضي ذلك على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 ، 2، 38/ 1 ، 40 /2 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 56 من القسم الثاني من الجدول رقم (1) الملحق به ، والمواد 1/1 ، 25مكرراً/1 ، 30/1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والبند (5) من الجدول رقم (1) الملحق به والمعدل ، مع إعمال المادتين رقمي 17 ، 32 من قانون العقوبات ، بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه عما أسند إليه في التهمتين الأولى والثالثة وبمصادرة المخدر والسلاح الأبيض المضبوطين وبمعاقبته لمدة سنة واحدة مع الشغل عما أسند إليه في التهمة الثانية ، باعتبار أن إحرازه للمخدر مجرد من القصود المسماة في القانون .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم مقاومة موظفين عموميين قائمين على تنفيذ قانون المخدرات وإحراز جوهر الحشيش المخدر بغير قصد من القصود المسماة وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه خلا من بيان واقعة الدعوى بياناً يحقق أركان الجرائم التي دانه بها ومضمون الأدلة التي عول عليها في إدانته ، واطرح بما لا يسوغ دفوعه ببطلان الإذن بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، وبطلان القبض والتفتيش لحصولها قبل الإذن بهما ، وعدم معقولية تصوير الواقعة كما رواها شهود الإثبات التي جاءت أقوالهم متناقضة في شأن مكان وزمان الضبط ، وعدم تواجد شاهد الإثبات الثالث على مسرح الأحداث ، فضلاً عن انفرادهم بالشهادة وحجب باقي أفراد القوة عنها ، وكذا دفاعه بتلفيق الاتهام ، فضلاً عن خلو الدعوى من تقرير التلخيص ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما ورد بتقرير المعمل الكيماوي ، وأورد مؤداها في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعی الطاعن بالقصور الذي رمى به الحكم يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ، ومتى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها ، فإن ما يثــــيره الطاعن بأسباب طعـــنه في هذا الوجه يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يُعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبـــط والتفتــيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها . لما كان ذلك ، وكانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعن - في هذا الصدد - واطرحته برد كاف وسائغ ، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، كما وأن تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم ـــــ بفرض حصوله ـــــ لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى ضبطه في مكان وزمان يغايران ما قرره شهود الإثبات ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح من الأوراق ، كما أن سكوت الضابط عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، فإن تعويل الحكم على شهادة الضباط وحدهم ليس فيه ما يخالف القانون ، وينحل ما يثيره الطاعن في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل من المحكمة رداً صريحاً ما دام الرد مستــفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها الحكم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الشارع لم يوجب على محكمة الجنايات وضع تقرير تلخيص ، ذلك أنه أوجب في المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية على الدوائر التي تنظر الاستئناف وضع تقرير تلخيص ، فقد قصر هذا الإجراء على الدوائر الاستئنافية فحسب فلا ينسحب حكم هذا النص على محكمة الجنايات ، يدل على ذلك أن المادة 381/1 من القانون المشار إليه التي نظم فيها الشارع الإجراءات التي تتبع أمام محكمة الجنايات قد أحالت في شأنها للإجراءات التي تتبع في الجنح والمخالفات ، وقد خلت هذه الأحكام من إيجاب وضع مثل هذا التقرير ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه وإن كان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع ، إلا أنه متى كانت وقائع الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه تستوجب قيام الارتباط بين هذه الجرائم وإعمال حكم المادة 32 من قانون العقوبات ، فإن ذلك يكون من الأخطاء القانونية في تكييف الارتباط والتي تقتضي تدخل محكمة النقض لتطبيق القانون على وجهه الصحيح عملاً بالحق المخول لها بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد في مدوناته أن الطاعن اقترف جريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين قائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات بأن أشهر في وجههم سلاحاً أبيض - مطواة - بقصد إرهابهم والحيلولة دون ضبطه ، فإن مفاد ذلك أن الجرائم التي دين الطاعن بها تجمعها وحدة الغرض على نحو يقتضي إعمال حكم المادة 32/2 من قانون العقوبات والاكتفاء بالعقوبة المقررة لأشدها وهى العقوبة التي قضى بها الحكم المطعون فيه عن جريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين قائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات ، مما يؤذن لهذه المحكمة بأن تنقض الحكم لمصلحة المتهم نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبتي السجن المشدد والغرامة فقط عن جريمة إحراز المخدر موضوع التهمة الأولى وتصحيحه بإلغائها . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة استعمال القوة والعنف مع موظفين عموميين قائمين على تنفيذ قانون مكافحة المخدرات وفقاً للفقرة الثانية من المادة 40 من قانون المخدرات هي السجن المؤبد وغرامة عشرين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه وكانت المحكمة قد قضت على الطاعن - بعد تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات - بالحبس لمدة سنة واحدة مع الشغل - وإن سقط لفــظ الحبس سهواً من منطوق الحكم - فإنها تكون قد نزلت عن الحد الأدنى للعقوبة المقيدة للحرية وأغفلت القضاء بالغرامة مما يعيب حكمها بالخطأ في تطبيق القانون مما كان يؤذن بتصحيحه ، إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المحكوم عليه وحده فلا تملك محكمة النقض تصحيح هذا الخطأ حتى لا يضار الطاعن بطعنه إعمالاً لحكم المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق