الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 8 أغسطس 2025

الطعن 8132 لسنة 88 ق جلسة 28 / 4 / 2019 مكتب فني 70 ق 38 ص 353

جلسة 28 من أبريل سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / صلاح محمد أحمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / توفيق سليم، شعبان محمود ومحمد فتحي نواب رئيس المحكمة وأسامة عبد الرحمن أبو سليمة .
-----------------
(38)
الطعن رقم 8132 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها والإشارة إلى مواد القانون التي حكم بموجبها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
صيغة الاتهام المبينة بالحكم . جزء منه . كفاية الإحالة إليها في بيان الواقعة . النعي بالقصور في هذا الشأن . غير مقبول .
(2) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
خطأ الحكم في صفة الطاعن . مادي لا يؤثر في سلامته . السهو الواضح لا يغير الحقائق المعلومة لخصوم الدعوى . النعي على الحكم بالبطلان غير مقبول .
إلمام المحكمة بوقائع الدعوى . النعي عليها تضاربها في بيان صفة الطاعن وما إذا كان من أرباب الوظائف العمومية أم لا واختلال صورة الواقعة لديها . جدل موضوعي .
(3) اشتراك . تزوير " أوراق رسمية " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
الاشتراك في جرائم التزوير . تمامه دون مظاهر خارجية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه . شرط ذلك ؟
مثال .
(4) تزوير " أوراق رسمية " . موظفون عموميون . جريمة " أركانها " . قانون " تفسيره " . بلاغ كاذب . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
رسمية الأوراق . مناطها : أن يكون محررها موظفاً عمومياً مكلفاً بتحريرها بمقتضى وظيفته . أساس ذلك ؟
المحرر الرسمي في جريمة التزوير . تمتعه بالصفة الرسمية في جميع بياناته سواء التي أثبتها الموظف بنفسه أو تلقاها من ذوي الشأن من بيانات وتقريرات في شأن التصرف القانوني الذي تشهد به الورقة . علة ذلك ؟
تغيير الحقيقة بجعل واقعة مزورة في صورة أخرى صحيحة مع العلم بتزويرها . يتحقق به إحدى صور التزوير المؤثمة بالمادة 213 عقوبات . إدلاء الطاعن ببيانات أمام الموظفين المختصين على خلاف الحقيقة بمحضري الشرطة والجلسة . تتوافر به أركان جريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي . لا يغير من ذلك انطباق وصف جريمة البلاغ الكاذب على الفعل الذي اقترفه الطاعن . علة ذلك ؟
النعي بأن الواقعة من قبيل الإقرارات الفردية لا تقوم بها جريمة التزوير أو أنها جنحة بلاغ كاذب . منازعة في صورة الواقعة التي استخلصتها المحكمة . غير جائزة أمام محكمة النقض .
(5) إعلان . أمر الإحالة . دفوع " الدفع ببطلان الإجراءات " .
عدم إعلان أمر الإحالة . لا يرتب بطلانه . علة ذلك ؟
حضور المتهم الجلسة وتمسكه ببطلان إجراءات التكليف بالحضور . غير جائز . له طلب تصحيحه واستيفاء النقص فيه ومنحه ميعاداً لتحضير دفاعه .
(6) دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر بألا وجه فيها " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
اطراح المحكمة الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة صدور أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى . صحيح . ما دام دفاع الطاعن قرر بأنه لا توجد قضايا متداولة تتعلق بذات الموضوع قضي فيها نهائياً .
(7) تزوير " أوراق عرفية " . مسئولية جنائية . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
وقوع التزوير بيد شخص آخر . لا ينفي مسئولية الطاعن . حد ذلك ؟
لا تناقض بين خلو التقرير الفني من تحرير الإيصال بخط يد الطاعن وإدانته بالاشتراك في تزويره مع آخر مجهول . علة ذلك ؟
(8) تزوير " أوراق رسمية " . عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . نقض " المصلحة في الطعن " .
لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمتي التزوير في الأوراق العرفية والبلاغ الكاذب . ما دام دانه بجريمة التزوير في محرر رسمي بوصفها الأشد .
(9) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
عدم إفصاح مأمور الضبط القضائي عن مصدر تحرياته ووسيلته في التحري . لا عيب .
النعي بتناقض التحريات مع غيرها في قضايا أخرى لأول مرة أمام محكمة النقض ودون بيان وجه هذا التناقض . غير مقبول .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(10) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إقامة الحكم قضاءه على أقوال الشهود ومما ثبت من تقرير أبحاث التزييف والتزوير وكتاب نقابة المحامين . مفاده : أنه لم يبنه على رأي لسواه .
(11) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(12) تزوير " أوراق رسمية " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
التفات الحكم عن تحقيق دفاع الطاعن بانتفاء مصلحته في الاشتراك في التزوير . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(13) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها .
(14) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع بالإيقاف " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ولم تـر حاجة لإجرائه . غير مقبول .
نص المادة 222 إجراءات جنائية التي توجب وقف الدعوى الجنائية متى كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى أخرى . لا تقيد حق المحكمة في تقدير جدية الدفع بالإيقاف .
(15) قوة الأمر المقضي . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
قوة الشيء المقضي به . شرطه : اتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين . التفات الحكم عن دفاع الطاعن ظاهر البطلان بحجية الأمر المقضي به . لا يعيبه .
مثال .
(16) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
إقامة المحكمة قضاءها على أدلة لها أصل صحيح في الأوراق وعقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين . النعي على الحكم في هذا الصدد . غير مقبول .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(17) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . تزوير " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
إغفال المحكمة الاطلاع على الورقة المزورة . يعيب الإجراءات . فضها حرز المستندات المزورة واطلاع الخصوم عليه . النعي عليها بخلاف ذلك . غير مقبول . علة ذلك ؟
(18) عقوبة " عقوبة الجريمة الأشد " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إغفال الحكم تعيين الجريمة الأشد . لا يقدح في سلامته . حد ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وكتاب نقابة المحامين من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . وأشار إلى مواد القانون التي حكم بموجبها ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً أو نمطاً معيناً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع مـا أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، وإذا كانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزء منه فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة - بفرض حصوله - يكون ولا محل له .
2- لما كان خطأ الحكم في صفة الطاعن لا يعدو أن يكون خطأ مادياً غير مؤثر في منطق الحكم أو النتيجة التي انتهى إليها فلا يؤثر في سلامة الحكم ، فضلاً عن أن السهو الواضح لا يغير من الحقائق المعلومة لخصوم الدعوى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى البطلان يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهى على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى تضاربها في بيان صفة الطاعن وما إذا كان من أرباب الوظائف العمومية أم ليس من أربابها وباختلال صورة الواقعة لديها ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
3- لما كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، فإنه يكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه في سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها قد أورد منها ما يكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعن مع فاعل أصلى موظف عام حسن النية وآخر مجهول في ارتكاب جرائم التزوير المسندة إليه فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بما ساقه من أدلة الثبوت السائغة أن الطاعن اشترك مع آخر مجهول في تزوير محرر عرفي هو إيصال الأمانة سند الدعوى والذي أثبت به على غير الحقيقة أن .... تسلم من .... مبلغ ستة وثمانين ألف جنيه على سبيل الأمانة وذيل ذلك الإيصال بتوقيع عزاه زوراً إلى المستلم ثم استغل وجود وكالة قانونية صادرة لصالحه من .... وتقدم دون طلب منه بشكاية قيدت جنحة برقم .... وقام بمعرفة موظفين عموميين حسنى النية - أمين شرطة نقطة .... وأمين سر جلسة .... بتحرير محضر تلك الجنحة وإثبات حضوره بالجلسة المحددة لنظرها . لما كان ذلك ، وكان مناط رسمية الورقة هو أن يكون محررها موظفاً عمومياً مكلفاً بتحريرها بمقتضى وظيفته وقد قنن المشرع هذه القاعدة القانونية في المادة العاشرة من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 فعرف الورقة الرسمية بأنها هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفى حدود سلطته واختصاصه ، ومفاد ذلك أن المحرر الرسمي بالنسبة لجريمة التزوير يعتبر رسمياً في جميع أجزائه وتكتسب بياناته جميعها الصفة الرسمية سواء ما أثبتها الموظف في المحرر ونسبها إلى نفسه باعتبارها أنها حصلت منه أو وقعت بين يديه أو ما تلقاه الموظف من ذوي الشأن من بيانات وتقريرات في شأن التصرف القانوني الذي تشهد به الورقة ، ذلك بأن صفة المحرر تختلف عن حجيته في الإثبات ، وكان تغيير الحقيقة بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع العلم بتزويرها هي إحدى صور التزوير المؤثمة بمقتضى المادة 213 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإن ما أثُبت بمحضري الشرطة والجلسة من بيانات أدلى بها الطاعن على خلاف الحقيقة أمام الموظفين المختصين بتحريرهما - أمين الشرطة وأمين الجلسة - تتوافر به أركان جريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي كما هي معرفة في القانون ، وكان الحكم المطعون فيه في سياق تدليله على ثبوت الجرائم التي دان الطاعن بها قد التزم هذه القواعد واطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن ، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى ، ولا يغير من ذلك أن يكون ما ارتكبه الطاعن ينطوي على وصف قانوني لجريمة أخرى كالبلاغ الكاذب ؛ إذ ذلك لا يعدو أن يكون تعدداً معنوياً لأوصاف قانونية لفعل إجرامي واحد لأنه في الحالة التي يكون للفعل عدة أوصاف يجب اعتبار الجريمة التي يتمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التي تتمخض عنها الأوصاف الأخف ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بأن الواقعة لا تعدو أن تكون من قبيل الإقرارات الفردية التي لا تقوم بها جريمة التزوير في أوراق رسمية أو أنها مجرد جنحة بلاغ كاذب لا يعدو أن يكون منازعة في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليماً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ولا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض .
5- لما كان عدم إعلان أمر الإحالة لا ينبني عليه بطلان ، وأن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور ليست من النظام العام فإذا حضر المتهم الجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا البطلان ، وإنما له أن يطلب تصحيح التكليف واستيفاء أي نقص فيه وإعطاءه ميعاداً ليحضر دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم ذلك حال محاكمة الطاعن ورد على دفعه في هذا الشأن بما يسوغ ، فإن ما ينعاه يكون ولا محل له .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لصدور أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ورد عليه بما يسوغ ويكفي ويتفق وصحيح القانون سيما وأن الدفاع الحاضر عن الطاعن قرر بمحضر جلسة .... - أمام محكمة النقض - بأنه لا توجد قضايا متداولة أو قضايا أخرى تتعلق بذات الموضوع قضى فيها نهائياً ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
7- لما كان الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من توافر جريمة الاشتراك مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر عرفي هو إيصال الأمانة المنسوب صدوره للمجني عليه / .... وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة واستخلص على نحو سائغ اشتراك الطاعن في هذه الجريمة استناداً إلى ما أورده من أدلة ومنها تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والذي اطمئن إلى ما ورد به من أن المجني عليه لم يحرر الإيصال صلباً وتوقيعاً ، وكان وقوع التزوير بيد شخص آخر لا يؤثر في مسئولية الطاعن فلا يجديه نفيه تزويره بنفسه ، وكان لا يوجد تناقض بين هذا الذي استخلصه الحكم وبين ما جاء في تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والذي يبين منه أنه وإن خلا من أن تحرير الإيصال والتوقيع عليه محرر بخط يد الطاعن إلَّا أنه أثبت أنه مزور على ذويه ، ودلل الحكم على علم الطاعن بتزويره ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
8- لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهى جريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي وأوقعت عليه المحكمة عقوبتها عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمتي التزوير في محرر عرفي والبلاغ الكاذب .
9- لما كان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ما دامت قد عرضت على بساط البحث ، ولا يعيب تلك التحريات ألَّا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يثر شيئاً مما أورده بوجه الطعن من تناقض تحريات الشرطة مع تحريات في قضايا أخرى ، ومن ثم لا يسوغ أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض بالإضافة إلى أنه لم يبين وجه هذا التناقض ، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير سديد .
10- من المقرر أن للقاضي أن يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته بغير تأثير خارجي أياً كان مصدره ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وكتاب نقابة المحامين ، ومن ثم فإنه لم يبن حكمه على رأى لسواه ، ويضحى ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
11- لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجنى عليه واقتنعت بها كدليل من ضمن الأدلة الأخرى التي عولت عليها في إدانة الطاعن ، فإن ما يثيره الطاعن تعييباً لأقواله والقول بعدم صدق أقواله وصحة أحد الإيصالات المقدمة في قضية أخرى والتصالح بشِأنه وانتفاء صلته بالواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه وأن الإيصال سند الدعوى سُلِم إليه من آخرين إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
12- لما كان دفاع الطاعن من عدم وجود مصلحة له في الاشتراك في التزوير إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة وهو ليس من أركانها أو عناصرها ، فإنه لا ينال من سلامة الحكم عدم تحقيق المحكمة له وما أوردته في شأنه هو مما يسوغ به الرد عليه .
13- لما كان للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله .
14- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة وقف الدعوى تعليقياً لحين الفصل في الطعن بالنقض رقم .... فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له ، هذا فضلاً عن أنه لما كانت المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت وقف الدعوى الجنائية إذا كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى إلَّا أنها لم تقيد حق المحكمة في تقدير جدية الدفع بالإيقاف وما إذا كان يستوجب وقف الدعوى أو أنه دفع لا يؤيده الظاهر قصد به عرقلة السير في الدعوى وتعويق الفصل فيها .
15- من المقرر أن قوة الشيء المقضي به مشروطة باتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين ، وكانت دعوى الاشتراك في تزوير محرر عرفي واستعماله والبلاغ الكاذب - موضوع الجنحة رقم .... واستئنافها والمطعون على الحكم الصادر فيها بالنقض برقم .... حسبما يسلم الطاعن بأسباب طعنه - تختلف موضوعاً وسبباً عن دعوى الاشتراك في تزوير محررين رسميين موضوع التهمتين الأولى والثانية بالدعوى محل الطعن الراهن والذي أوقع الحكم على الطاعن عقوبتها باعتبارها الجريمة الأشد ، فإنه يمتنع عليه التمسك بحجية الأمر المقضي به ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عن هذا الدفاع إيراداً ورداً عليه وعلى ما أثاره الطاعن كذلك بشأن بطلان تحقيقات النيابة العامة لمساسها بحجية الأحكام النهائية الصادرة في الجنحة آنفة الذكر - بفرض إثارته في مذكرات دفاعه - لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان .
16- لما كانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعن ، وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض . ويكون منعاه في هذا الخصوص غير سديد .
17- من المقرر أن إغفال المحكمة الاطلاع على الورقة محل جريمة التزوير عند نظر الدعوى يعيب إجراءات المحاكمة ؛ لأن اطلاع المحكمة بنفسها على الورقة المزورة إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى على اعتبار أن تلك الورقة هي الدليل الذي يحمل شواهد التزوير ، ومن ثم يجب عرضها على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم ليبدي كل منهم رأيه فيها ويطمئن إلى أن الورقة موضوع الدعوى هي التي دارت مرافعته عليها ، إلَّا أنه لما كان البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أنه أُثبت بها أن المحكمة فضت الحرز الذي يحوى المستندات المزورة واطلعت والخصوم عليه وقد ترافع بعد ذلك الحاضرون مع الطاعن ، وكان لم يفت المحكمة في هذه الدعوى - على نحو ما سلف - القيام بهذا الإجراء ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
18- لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن الجرائم التي قارفها الطاعن والمستوجبة لعقابه قد ارتكبت لغرض واحد وأعمل في حقه حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات فقضى عليه بعقوبة واحدة هي المقررة لأشد تلك الجرائم ، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ، ولا ينال من سلامته إغفاله تعيين الجريمة الأشد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعا .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك مع آخر مجهول بطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو أمين الشرطة .... بلوكامين بنقطة شرطة .... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي " محضر الشرطة رقم .... " حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعل وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة بأن أثبت به أنه حضر بالتوكيل رقم " .... " بناءً على طلب موكله / .... بصفته مجني عليه وأثبت في القضية آنفة البيان قيام .... برد المبلغ النقدي المملوك لموكله وقدره ستة وثمانون ألف جنيه والمسلم إليه على سبيل الأمانة لتوصيله إلى .... فأختلسه لنفسه إضراراً بمالكه .
2- وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك بطريق المساعدة مع موظف عام حسن النية هو أمين سر جلسة جنح مركز .... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو محضر جلسة الجنحة موضوع التهمة الأولى وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمه بتزويرها حال تحريرها من المختص بوظيفته بأن مثل أمام الموظف حسن النية وأثبت بمحضر الجلسة أنه حضر وكيلاً عن .... وأن الأخير قام بتوكيله قانوناً للحضور عنه بتلك الجلسة فوقعت الجريمة بناء على تلك المساعدة .
3- اشترك بطريقي الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر عرفي هو إيصال أمانة سند القضية رقم .... وذلك بجعل وقائع مزورة في صورة وقائع صحيحة وذلك بأن دون المجهول صلبه بخط يده وأثبت على خلاف الحقيقة استلام المجني عليه .... مبلغ ستة وثمانون ألف جنيه من موكله .... لتوصيله لـ .... فأخذها لنفسه مبدداً إياها إضراراً بموكله .
4- استعمل المحرر المزور سالف الوصف والبيان فيما زور من أجله مع علمه بتزويره بأن قدمه للموظف المختص " أمين سر محكمة مركز .... للاحتجاج بما ورد به على النحو المبين بالتحقيقات .
5- أبلغ كذباً ضد المدعو .... مع سوء القصد عن الواقعة المحرر عنها القضية رقم .... بأمور لو صحت لأوجبت عقابه قانوناً مع علمه بكذب بلاغه على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى وكيل المجني عليهما مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة ألف وواحد جنيه تعويضاً مدنياً مؤقتاً .
والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً ، 41 ، 42 ، 211 ، 212 ، 213 ، 214 ، 215 ، 303 ، 305 من قانون العقوبات ، والمادتين 62 ، 98 من قانون المحاماة رقم 17 لسنة 1983 ، مع إعمال نص المادة 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما نسب إليه ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة ، ثانياً : بإلزامه بأن يؤدي للمدعيين بالحقوق المدنية مبلغ عشرة آلاف وواحد جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت .
فطعـن المحكوم عليه في هذا الحكم بطـريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
ومن حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محررين رسميين ومحرر عرفي واستعماله مع العلم بتزويره والإخبار بأمر كاذب مع سوء القصد قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون وران عليه البطلان ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى بما يتحقق به أركان الجرائم التي دانه بها ومؤدى الأدلة التي عول عليها في الإدانة ومواد القانون التي حكم بموجبها مكتفياً في بيانها على ما ورد عنها بوصف الاتهام ، وأورد في مدوناته أن الطاعن من أرباب الوظائف العمومية ثم عاد وأورد أنه ليس من أربابها وهو ما ينبئ عن اضطراب صورة الواقعة لديه ، ولم يستظهر الدليل على اشتراكه في جرائم التزوير ولم يبين عناصر ذلك الاشتراك ، واطرح بما لا يسوغ دفعه بانتفاء أركان جريمة التزوير في محررات رسمية لانتفاء صفة الورقة الرسمية عن المحررات المدعى تزويرها لكون ما ورد بها يأخذ حكم الإقرارات الفردية التي لا تقوم به جريمة التزوير ، وأن الواقعة بفرض صحتها لا تعدو أن تكون مجرد جنحة بلاغ كاذب ، وكذا دفعه ببطلان أمر الإحالة واتصال المحكمة بالدعوى لعدم إعلانه ، كما اطرح برد قاصر دفعه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة صدور أمر بأن لأوجه لإقامة الدعوى الجنائية في الجنحة رقم .... ، وتساند على تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير رغم ما أثبته من أنه لم يحرر الإيصال المزور وهو ما ينبئ عن انتفاء جريمة تزويره واستعماله وبالتبعية انتفاء جريمة البلاغ الكاذب ، وعول على تحريات الشرطة مع عدم جديتها لعدم بيان مصدرها وتناقضها مع تحريات في قضايا أخرى وهو ما يفصح عن أنه قد بنى عقيدته على رأى لسواه ، كما عول على أقوال المجني عليه مع عدم صحتها لثبوت صحة أحد الإيصالات المسلمة له في قضية أخرى تم التصالح بشأنها في تاريخ لاحق على الإبلاغ في الدعوى الراهنة ملتفتاً عن دفاعه بانتفاء صلته بالواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه وبأن الإيصال سند الدعوى سُلِم إليه من آخرين وانتفاء مصلحته في التزوير والمؤيد بالمستندات الرسمية المقدمة منه ، وأعرض عن طلب وقف الدعوى تعليقياً لحين الفصل في الطعن بالنقض رقم .... طعناً على الحكم في الجنحة رقم .... واستئنافها رقم .... وعن دفعه ببطلان تحقيقات النيابة العامة والدليل المستمد منها لمساسها بحجية الحكم النهائي الصادر في تلك الجنحة ، ودانه على الرغم من خلو الأوراق من دليل يقيني قبله ، وفات المحكمة الاطلاع على الأوراق المزورة وبيان محتواها وعرضها عليه وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأشد دون أن يفصح عن هذه الجريمة أو يشير إلى نصها ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وكتاب نقابة المحامين من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها . وأشار إلى مواد القانون التي حكم بموجبها ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً أو نمطاً معيناً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع مـا أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، وإذا كانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزء منه فيكفي في بيان الواقعة الإحالة عليها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور لاكتفائه بترديد صيغة الاتهام بياناً للواقعة - بفرض حصوله - يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان خطأ الحكم في صفة الطاعن لا يعدو أن يكون خطأ مادياً غير مؤثر في منطق الحكم أو النتيجة التي انتهى إليها فلا يؤثر في سلامة الحكم ، فضلاً عن أن السهو الواضح لا يغير من الحقائق المعلومة لخصوم الدعوى ، ومن ثم فإن النعي على الحكم بدعوى البطلان يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذت بها وهى على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك بدعوى تضاربها في بيان صفة الطاعن وما إذا كان من أرباب الوظائف العمومية أم ليس من أربابها وباختلال صورة الواقعة لديها ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالباً دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه ، فإنه يكفي أن تكون المحكمة اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم ، وكان الحكم المطعون فيه في سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها قد أورد منها ما يكشف عن اعتقاد المحكمة باشتراك الطاعن مع فاعل أصلى موظف عام حسن النية وآخر مجهول في ارتكاب جرائم التزوير المسندة إليه فإن هذا حسبه ليستقيم قضاؤه ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بما ساقه من أدلة الثبوت السائغة أن الطاعن اشترك مع آخر مجهول في تزوير محرر عرفي هو إيصال الأمانة سند الدعوى والذي أثبت به على غير الحقيقة أن .... تسلم من .... مبلغ ستة وثمانين ألف جنيه على سبيل الأمانة وذيل ذلك الإيصال بتوقيع عزاه زوراً إلى المستلم ثم استغل وجود وكالة قانونية صادرة لصالحه من .... وتقدم دون طلب منه بشكاية قيدت جنحة برقم .... وقام بمعرفة موظفين عموميين - حسنى النية - أمين شرطة نقطة .... وأمين سر جلسة .... بتحرير محضر تلك الجنحة وإثبات حضوره بالجلسة المحددة لنظرها . لما كان ذلك ، وكان مناط رسمية الورقة هو أن يكون محررها موظفاً عمومياً مكلفاً بتحريرها بمقتضى وظيفته وقد قنن المشرع هذه القاعدة القانونية في المادة العاشرة من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 فعرف الورقة الرسمية بأنها هي التي يثبت فيها موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة ما تم على يديه أو ما تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقاً للأوضاع القانونية وفى حدود سلطته واختصاصه ، ومفاد ذلك أن المحرر الرسمي بالنسبة لجريمة التزوير يعتبر رسمياً في جميع أجزائه وتكتسب بياناته جميعها الصفة الرسمية سواء ما أثبتها الموظف في المحرر ونسبها إلى نفسه باعتبارها أنها حصلت منه أو وقعت بين يديه أو ما تلقاه الموظف من ذوي الشأن من بيانات وتقريرات في شأن التصرف القانوني الذي تشهد به الورقة ، ذلك بأن صفة المحرر تختلف عن حجيته في الإثبات ، وكان تغيير الحقيقة بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع العلم بتزويرها هي إحدى صور التزوير المؤثمة بمقتضى المادة 213 من قانون العقوبات ، ومن ثم فإن ما أثُبت بمحضري الشرطة والجلسة من بيانات أدلى بها الطاعن على خلاف الحقيقة أمام الموظفين المختصين بتحريرهما - أمين الشرطة وأمين الجلسة - تتوافر به أركان جريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي كما هي معرفة في القانون ، وكان الحكم المطعون فيه في سياق تدليله على ثبوت الجرائم التي دان الطاعن بها قد التزم هذه القواعد واطرح دفاع الطاعن في هذا الشأن ، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً على واقعة الدعوى ، ولا يغير من ذلك أن يكون ما ارتكبه الطاعن ينطوي على وصف قانوني لجريمة أخرى كالبلاغ الكاذب ؛ إذ ذلك لا يعدو أن يكون تعدداً معنوياً لأوصاف قانونية لفعل إجرامي واحد لأنه في الحالة التي يكون للفعل عدة أوصاف يجب اعتبار الجريمة التي يتمخض عنها الوصف أو التكييف القانوني الأشد للفعل والحكم بعقوبتها وحدها دون غيرها من الجرائم التي تتمخض عنها الأوصاف الأخف ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بأن الواقعة لا تعدو أن تكون من قبيل الإقرارات الفردية التي لا تقوم بها جريمة التزوير في أوراق رسمية أو أنها مجرد جنحة بلاغ كاذب لا يعدو أن يكون منازعة في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ما دام قضاؤها في ذلك سليماً - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ولا يجوز مجادلتها في ذلك أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان عدم إعلان أمر الإحالة لا ينبني عليه بطلان ، وأن أوجه البطلان المتعلقة بإجراءات التكليف بالحضور ليست من النظام العام فإذا حضر المتهم الجلسة بنفسه أو بوكيل عنه فليس له أن يتمسك بهذا البطلان ، وإنما له أن يطلب تصحيح التكليف واستيفاء أي نقص فيه واعطاءه ميعاداً ليحضر دفاعه قبل البدء في سماع الدعوى ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم ذلك حال محاكمة الطاعن ورد على دفعه في هذا الشأن بما يسوغ ، فإن ما ينعاه يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها لصدور أمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ورد عليه بما يسوغ ويكفي ويتفق وصحيح القانون سيما وأن الدفاع الحاضر عن الطاعن قرر بمحضر جلسة .... - أمام محكمة النقض - بأنه لا توجد قضايا متداولة أو قضايا أخرى تتعلق بذات الموضوع قضى فيها نهائياً ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه فيما انتهى إليه من توافر جريمة الاشتراك مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محرر عرفي هو إيصال الأمانة المنسوب صدوره للمجني عليه / .... وذلك بجعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة واستخلص على نحو سائغ اشتراك الطاعن في هذه الجريمة استناداً إلى ما أورده من أدلة ومنها تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والذي اطمئن إلى ما ورد به من أن المجني عليه لم يحرر الإيصال صلباً وتوقيعاً ، وكان وقوع التزوير بيد شخص آخر لا يؤثر في مسئولية الطاعن فلا يجديه نفيه تزويره بنفسه ، وكان لا يوجد تناقض بين هذا الذي استخلصه الحكم وبين ما جاء في تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير والذى يبين منه أنه وإن خلا من أن تحرير الإيصال والتوقيع عليه محرر بخط يد الطاعن إلَّا أنه أثبت أنه مزور على ذويه ، ودلل الحكم على علم الطاعن بتزويره ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة المقررة لأشدها وهى جريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي وأوقعت عليه المحكمة عقوبتها عملاً بنص المادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد ، فإنه لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمتي التزوير في محرر عرفي والبلاغ الكاذب . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة ما دامت قد عرضت على بساط البحث ، ولا يعيب تلك التحريات ألَّا يفصح مأمور الضبط القضائي عن مصدرها أو عن وسيلته في التحري ، وإذ كانت الأدلة والاعتبارات والقرائن التي أوردها الحكم من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها من ثبوت مقارفة الطاعن للجرائم التي دين بها ، فإن ما يثيره في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يثر شيئاً مما أورده بوجه الطعن من تناقض تحريات الشرطة مع تحريات في قضايا أخرى ، ومن ثم لا يسوغ أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض بالإضافة إلى أنه لم يبين وجه هذا التناقض ، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للقاضي أن يحكم في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه بكامل حريته بغير تأثير خارجي أياً كان مصدره ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استخلصه من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير وكتاب نقابة المحامين ، ومن ثم فإنه لم يبن حكمه على رأى لسواه ، ويضحى ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تُنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه واقتنعت بها كدليل من ضمن الأدلة الأخرى التي عولت عليها في إدانة الطاعن ، فإن ما يثيره الطاعن تعييباً لأقواله والقول بعدم صدق أقواله وصحة أحد الإيصالات المقدمة في قضية أخرى والتصالح بشِأنه وانتفاء صلته بالواقعة وكيدية الاتهام وتلفيقه وأن الإيصال سند الدعوى سُلِم إليه من آخرين إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان دفاع الطاعن من عدم وجود مصلحة له في الاشتراك في التزوير إنما يتصل بالباعث على ارتكاب الجريمة وهو ليس من أركانها أو عناصرها ، فإنه لا ينال من سلامة الحكم عدم تحقيق المحكمة له وما أوردته في شأنه هو مما يسوغ به الرد عليه . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها ، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن في غير محله . لما كان ذلك ، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة وقف الدعوى تعليقياً لحين الفصل في الطعن بالنقض رقم .... فلا يصح له من بعد النعي على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون لا محل له ، هذا فضلاً عن أنه لما كانت المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت وقف الدعوى الجنائية إذا كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى إلَّا أنها لم تقيد حق المحكمة في تقدير جدية الدفع بالإيقاف وما إذا كان يستوجب وقف الدعوى أو أنه دفع لا يؤيده الظاهر قصد به عرقلة السير في الدعوى وتعويق الفصل فيها ، وفوق ذلك من المقرر أن قوة الشيء المقضي به مشروطة باتحاد الخصوم والموضوع والسبب في الدعويين ، وكانت دعوى الاشتراك في تزوير محرر عرفي واستعماله والبلاغ الكاذب - موضوع الجنحة رقم .... واستئنافها والمطعون على الحكم الصادر فيها بالنقض برقم .... حسبما يسلم الطاعن بأسباب طعنه - تختلف موضوعاً وسبباً عن دعوى الاشتراك في تزوير محررين رسميين موضوع التهمتين الأولى والثانية بالدعوى محل الطعن الراهن والذى أوقع الحكم على الطاعن عقوبتها باعتبارها الجريمة الأشد ، فإنه يمتنع عليه التمسك بحجية الأمر المقضي به ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عن هذا الدفاع إيراداً ورداً عليه وعلى ما أثاره الطاعن كذلك بشأن بطلان تحقيقات النيابة العامة لمساسها بحجية الأحكام النهائية الصادرة في الجنحة آنفة الذكر - بفرض إثارته في مذكرات دفاعه - لأنه دفاع قانوني ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكان محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعن وكان قضاؤها في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب إليه الطاعن ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، ويكون منعاه في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، ولئن كان من المقرر أن إغفال المحكمة الاطلاع على الورقة محل جريمة التزوير عند نظر الدعوى يعيب إجراءات المحاكمة ؛ لأن اطلاع المحكمة بنفسها على الورقة المزورة إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى على اعتبار أن تلك الورقة هي الدليل الذي يحمل شواهد التزوير ، ومن ثم يجب عرضها على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور الخصوم ليبدي كل منهم رأيه فيها ويطمئن إلى أن الورقة موضوع الدعوى هي التي دارت مرافعته عليها ، إلَّا أنه لما كان البيّن من محاضر جلسات المحاكمة أنه أُثبت بها أن المحكمة فضت الحرز الذي يحوي المستندات المزورة واطلعت والخصوم عليه وقد ترافع بعد ذلك الحاضرون مع الطاعن ، وكان لم يفت المحكمة في هذه الدعوى - على نحو ما سلف - القيام بهذا الإجراء ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن الجرائم التي قارفها الطاعن والمستوجبة لعقابه قد ارتكبت لغرض واحد وأعمل في حقه حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات فقضى عليه بعقوبة واحدة هي المقررة لأشد تلك الجرائم ، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ، ولا ينال من سلامته إغفاله تعيين الجريمة الأشد. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق