جلسة 7/2/2023
برئاسة السيد المستشار/ عبد الله علي عبد الله – رئيس الدائرة وعضوية المستشارين: محمد حسن، إدريس بن شقرون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعنين رقمي 8 ،10 لسنة 2023 تجاري)
(1) أشخاص اعتبارية. التزام. تضامن وتضامم. شركات "الشركة ذات المسؤولية المحدودة". مسؤولية.
- للشركة ذات المسؤولية المحدودة شخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة عن ذمة الشركاء بمجرد تكوينها.
- مسؤولية الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة. نطاقها؟
- المادتين 71، 84 /1 من القانون رقم 2 لسنة 2015 في شأن الشركات التجارية. مفادهما؟
- مثال لانتفاء المسؤولية التضامنية لمدير الشركة في أداء المديونية.
(2) تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". شركات "الشركة ذات المسؤولية المحدودة". ضرر. محكمة الموضوع "سلطتها". مسؤولية. نقض "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها".
- لمحكمة الموضوع تقدير التعويض. متى لم يلزمها القانون باتباع معايير محددة. مادام تقديرها سائغاً. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. مثال.
- الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(3) إثبات "بوجه عام" "الخبرة". تضامن وتضامم. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". خبرة. دين. شيك. كفالة. محكمة الموضوع "سلطتها". مسؤولية. وكالة.
- المادة 607 من قانون المعاملات التجارية. مفادها؟
- الشيك أداة وفاء. قيامه مقام النقود في التعامل. انطوائه بذاته على سببه للوفاء بدين مستحق للمستفيد. متى لم يثبت الساحب خلاف تلك القرينة.
- تصرفات النائب الاتفاقي أو القانوني التي تتم في حدود نيابته وما ينشأ عنها من حقوق والتزامات. تضاف إلى الأصيل وينصرف أثرها إليه.
- المادة 599 من قانون المعاملات التجارية. مفادها؟
- اكتساب الكفالة الصفة التجارية. متى انصبت على دين تجاري يطالها التضامن في أداء الدين المكفول.
- لمحكمة الموضوع فهم وتحصيل الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات والتعويل على تقرير الخبير. أخذها به. مفاده: اطراحها المطاعن الموجهة إليه. عدم التزامها الرد على دفاع غير مؤثر في الدعوى. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. مثال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة تكون لها بمجرد تكوينها الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة عن ذمم الشركاء فيها، وأن الشريك في الشركة المحدودة المسؤولية-لا يسأل في الأصل- عن التزامات الشركة إلا في حدود حصته في رأس مالها، وأنه بمجرد تأسيس الشركة وقيدها وتوثيقها وقيام الشركاء بإيداع حصصهم في رأس مالها بحسابها تنحصر المسؤولية عن التزاماتها في أموالها فقط دون أموال الشركاء الخاصة إلا استثناء وفي الحالات التي نص عليها القانون، ومن المقرر مفاد نص المادة 71 من القانون رقم 2/2015 في شان الشركات التجارية (الواجبة التطبيق) أن مسؤولية الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة مقصورة على مقدار الحصة التي قدمها في رأسمال الشركة وهي الضمان الوحيد للدائنين عن الذمة المالية لكل من الشركاء، ومن ثم لا يجوز مساءلتهم بعد ذلك ويمتنع على دائني الشركة أن يوجهوا إليه أية مطالبة، ومن المقرر قانونا وفقا لنص المادة 84/1 من ذات القانون انه 1- يسأل كل مدير في الشركة ذات المسؤولية المحدودة تجاه الشركة والشركاء والغير عن أية أعمال غش يقوم بها كما يلتزم بتعويض الشركة عن أية خسائر أو مصاريف تكبدها بسبب يرجع إلى سوء استخدام الصلاحية أو مخالفة أحكام أي قانون نافذ أو عقد تأسيس الشركة أو عقد تعيينه أو خطأ جسيم من جانب المدير ويبطل أي نص في عقد التأسيس أو في عقد تعيين المدير يتعارض مع أحكام هذا البند. ولما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الثالث كان مديرا للشركتين المطعون ضدهما الأولى والثانية، وأن المطعون ضدها الرابعة هي التي تدير الشركة المطعون ضدها الثانية وهي أيضا التي وقعت على الشيكات التي أصدرتها للطاعنة باعتبارها المديرة التنفيذية في ذلك الوقت، ولم تقدم الطاعنة ما يفيد أن الأضرار التي لحقت بها كانت بسبب يرجع إلى سوء استخدام الصلاحيات الممنوحة للمطعون ضده الثالث أو مخالفة أحكام أي قانون نافذ أو عقد تأسيس الشركة أو عقد تعيينه أو خطأ جسيم من جانبه، ولا ينال من ذلك ما ورد بالخطاب المؤرخ 20/9/2021 فبمطالعته تبين للمحكمة له أنه صادر من المطعون ضده الثالث بصفته مديرا للمطعون ضدها الثانية وليس بصفته الشخصية وكفيل لهذه المديونية الصادر بشأنها الشيكات، وعليه فان المطعون ضده الثالث لا يكون مسؤول مسؤولية تضامنية في أداء هذه المديونية، الأمر الذي يكون ما جاء بالنعي قائما على غير أساس سليم.
2- المقرر- في قضاء هذه المحكمة - إذا لم يلزم القانون باتباع معايير محددة في تقدير التعويض فإن سلطة تقدير التعويض تستقل به محكمة الموضوع دون رقابة عليها في هذا الخصوص متى كان تقديرها مستندا إلى عناصر ثابتة ومبنيا على أسباب سائغة بينت فيها وجه أحقية طالب التعويض فيما قضي به له. ولما كان ذلك، وكان الثابت من طلبات الطاعنة أنها طلبت إلزام المطعون ضدهم بالتضامن بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية وما فاتها من كسب وما لحقها من خسارة بمبلغ 300,000 درهم، وكانت محكمة الموضوع قد قضت لها بتعويض قدره 100,000 درهم عن الأضرار المادية التي لحقت بها، فإن المحكمة تكون قد قضت لها بقيمة الأضرار التي طلبتها ومن ضمنها ما فاتها من كسب وما لحقها من خسارة، وان هذا التقدير من سلطتها التقديرية في تقدير التعويض، ومن ثم يكون ما جاء بالنعي مجرد جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ويضحى النعي برمته قائما على غير أساس. مما يتعين القضاء برفض الطعن.
3- المقرر قانوناً وفقاً لنص المادة 607 من قانون المعاملات التجارية أنه لا يتجدد الدين بقبول الدائن تسلم شيك استيفاء لدينه بل يبقى الدين الأصلي قائما بكل ما له من ضمانات إلى أن توفي قيمة الشيك، لما كان المقرر أن الشيك باعتباره أداة وفاء يقوم مقام النقود في التعامل وينطوي بذاته على سببه وهو الوفاء بدين مستحق للمستفيد ما لم يثبت الساحب خلاف هذه القرينة. ومن المقرر انه وإن كان الأصل أن كافة تصرفات النائب الاتفاقي أو القانوني التي تتم في حدود نيابته وما ينشأ عنها من حقوق والتزامات تضاف إلى الأصيل ـــــ الموكل ـــــ وينصرف أثرها إليه، إلا أنه استثناء من هذا الأصل وحماية للمتعامل بالشيكات وعدم الإخلال بالثقة فيها فقد نص المشرع في المادة 599 من قانون المعاملات التجارية على انه ( 1- لا يجوز إصدار شيك ما لم يكن للساحب لدى المسحوب عليه وقت إصدار الشيك نقود يستطيع التصرف فيها بموجب شيك طبقاً لاتفاق صريح أو ضمني 2- وعلى من سحب الشيك أو أمر غيره بسحبه لحسابه أداء مقابل وفائه، ومع ذلك يكون الساحب لحساب غيره مسؤولاً شخصياً قبل المظهرين والحامل دون غيرهم عن إيجاد مقابل الوفاء 3- وعلى الساحب دون غيره أن يثبت عند الإنكار أن من سحب عليه الشيك كان لديه مقابل الوفاء وقت إصداره، فإذا لم يثبت ذلك كان ضامناً وفاء الشيك ولو عمل الاحتجاج بعدم الوفاء بعد المواعيد المقررة قانوناً) مما مفاده- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنه متى كان من أصدر الشيك ووقع عليه هو الوكيل عن الأصيل صاحب الحساب المسحوب منه الشيك فإن هذا الوكيل يكون مسؤولاً شخصياً في ماله الخاص قبل المظهرين وحامل الشيك عن أداء مقابل الوفاء إليهم بالإضافة إلى مسؤولية الأصيل عن أداء هذا المقابل ولا يعفي الوكيل عن هذه المسؤولية إلا إذا أثبت أن الموكل الذي سحب عليه الشيك كان لديه مقابل الوفاء وقت إصداره، فإذا أخفق في إثبات وجود هذا المقابل في ذلك الوقت فإنه يكون ضامناً وفاء قيمة ذلك الشيك إلى المظهرين والحامل، ومن المقرر أن اكتساب الكفالة الصفة التجارية متى انصبت على دين تجاري يطالها التضامن في أداء الدين المكفول، كما انه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم وتحصيل الواقع في الدعوى وتدقيق وتمحيص وتفسير الأدلة والمستندات وتقدير أثرها في الإثبات وأن تقرير الخبير لا يعدو أن يكون عنصرا من عناصر الإثبات الواقعة في الدعوى التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع فإذا أخذت به محمولاً على أسبابه فان ذلك يفيد أنها لم تجد في المطاعن الموجهة إليه ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه، ولا عليها إن هي أغفلت الرد على دفاع غير مؤثر في الدعوى ولا يستند إلى أساس صحيح. ولما كان ذلك وكان الثابت من مطالعة تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أنه انتهى إلى أن المطعون ضدها قد قامت بتنفيذ وتسليم كافة المشاريع المتفق عليها بدون إخلال وأن الطاعنة الأولى قد أخلت بالتزاماتها ولم تدفع ما تبقى عليها من مستحقات بالرغم من إقرارها بتلك المستحقات وتكليفها للطاعنة الثانية بإصدار شيكات آجله بسداد ما عليها من مستحقات للمطعون ضدها، وقامت الطاعنة الثانية بإصدار الشيكات والطاعنة الرابعة بالتوقيع عليها وعند تقديمها للبنك في مواعيد استحقاقها ارتدت لعدم كفاية الرصيد، وترصد في ذمة الطاعنة الأولى لصالح المطعون ضدها مبلغ 6,878,520.71 درهم، ومن دلالة ما تقدم على هذا النحو تكون الطاعنة الأولى هي التي تعاقدت من المطعون ضدها على توريد الرخام والمدين الأصلي بالدين محل المطالبة، ولأخلالها بالتزاماتها بعدم دفع مستحقات المطعون ضدها التي قامت بتنفيذ وتسليم كافة المشاريع المتفق عليها، وبناء على تكليف من الطاعنة الأولى قامت الطاعنة الثانية بإصدار عدد23 شيك بقيمة مبلغ 5,708,881.62 درهم ضمانا لسداد المديونية الملقاة على عاتق الطاعنة الأولى، ولا يعد ذلك تسوية ولا يتجدد الدين بقبول المطعون ضدها استلام الشيكات بل يبقي الدين الأصلي قائما حتى يتم استيفاء قيمة الشيكات التي لم تصرف قيمتها لعدم كفاية الرصيد، وان المطعون ضدها الرابعة هي من وقعت الشيكات ضمانا لقيمة توريد الرخام محل المطالبة وهو دين تجاري تتضامن فيه مسؤولية كل واحد من الطاعنتين الثانية والرابعة مع الطاعنة الأولى في سداده، ومن ثم تستخلص هذه المحكمة الطاعنة الأولى هي الملزمة بأداء كامل المديونية بكفالة وتضامن الطاعنتين الثانية والرابعة كما هو المستفاد من الخطاب المؤرخ 20/9/2020 والصادر عن الطاعنة الأولى والذي كلفت فيه الطاعنة الثانية بإصدار الشيكات لسداد المديونية، أما بخصوص ما ورد بالنعي بشأن التعويض فإن المحكمة سبق وان تناولته بالرد على السبب الثاني من أسباب الطعن رقم 8/2023 تجاري السالف بيانه، ومن ثم يضحى ما جاء بالنعي قائما على غير أساس سليم. مما يتعين القضاء برفض الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــــــة
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة في الطعن الأول أقامت ضد المطعون ضدهم في ذات الطعن الدعوى رقم 333/2020 تجاري جزئي أبو ظبي، بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن والتضامم بأن يؤدوا لها مبلغ 6,878,520.71 درهم والفائدة القانونية بواقع 12% من تاريخ رفع الدعوى وحتى السداد التام، وإلزامهم بالتضامن والتضامم بتعويض بمبلغ 300,000 درهم عن الأضرار المادية والأدبية وما فاتها من كسب وما لحق بها من خسارة، وإلزامهم بالتضامن والتضامم بمصاريف الترجمة مبلغ 15,000 درهم، ومصاريف تقرير الخبرة الاستشاري بواقع 15,000 درهم، وبصحة وثبوت الحجز التحفظي على المطعون ضدهما الأولى والثانية بموجب الأمر على عريضة رقم 3080/2021 امر أداء تجاري أبوظبي، على سند من القول انه بموجب تعاملات تجارية بين طرفي الدعوى قامت بتنفيذ كافة التزاماتها وفق عقد التوريد المبرم بينها وبين المطعون ضدها الأولى والتي أخلت بالتزاماتها العقدية وامتنعت عن سداد المطالبة وحررت المطعون ضدها الثانية الشيكات سند الدعوى لصالحها مقابل مديونية المطعون ضدها الأولى، وارتدت الشيكات لعدم كفاية الرصيد، وجهت المطعون ضدها الثانية (شركة .................) ادعاءً متقابلاً ضد الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها بإعادة الشيكات الوارد ذكرها في الصحيفة وما يترتب على ذلك من آثار اخصها وقف صرف الشيكات واعتبارها كأن لم تكن، ندبت المحكمة خبيرا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره، قضت محكمة أول درجة أولاً :- في الدعوى الأصلية :- بالزام المطعون ضدهم الأولى والثانية والرابعة بالتضامن فيما بينهم بان يؤدوا للطاعنة مبلغ 6,878,520.71 درهم والفائدة القانونية عن المبلغ المقضي به بواقع 5% سنوياً من تاريخ إقامة الدعوى وحتى السداد التام بما لا يجاوزه، ومصاريف الترجمة مبلغ 15,000 درهم ومصاريف تقرير الخبرة الاستشاري بواقع 15,000 درهم، وعدم قبول الدعوى في مواجهة المطعون ضده الثالث، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات، ثانيا:- في الدعوى المتقابلة برفضها، استأنفت الطاعنة في الطعن الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 1819/2022 استئناف تجاري أبوظبي، كما استأنفه المطعون ضدهم الأولى والثانية والرابعة بالاستئناف رقم 1842/2022 استئناف تجاري أبو ظبي، وبتاريخ 30/11/2022 حكمت المحكمة أولا:- في الاستئناف الأصلي بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به من رفض طلب التعويض والقضاء مجددا بالزام المطعون ضدهما الأولى والثانية بان يؤديا للطاعنة مبلغ 100,000 درهم كتعويض عن الأضرار التي لحقت بها، ثانيا :- في الاستئناف المتقابل بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى المتقابلة والقضاء مجددا بالزام الطاعنة في الطعن الأول بإعادة الشيكات موضوع الدعوى المتقابلة للمطعون ضدها الثانية أو اعتبارها لاغية، وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، طعنت الطاعنة الأولى في هذا الحكم بالنقض رقم 8/2023 تجاري، كما طعن الطاعنون في الطعن الثاني في هذا الحكم بالنقض رقم 10/2023 تجاري، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة-في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظرهما، وقررت ضم اللاحق للسابق ليصدر فيهما حكم واحد.
أولاً: - الطعن رقم 8/2023 تجاري: -
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول ان المطعون ضده الثالث الشريك والمدير التنفيذي والمستفيد الحقيقي في الشركتين المطعون ضدهما الأولى والثانية وفقا لإقراره، وهو الموقع على كافة العقود المبرمة بين الطاعنة والمطعون ضدها الأولى، ووقع على كتاب الإقرار بالدين المؤرخ 20/9/2021 والذي أقر فيه بالدين وكفل بموجبه سداد هذا المبلغ بصفته المدير التنفيذي للمطعون ضدهما الأولى والثانية، إلا انه بعد توقيع العقود بدأ بسوء نية في استغلال مبدأ استقلالية ذمة الشركاء عن الشركة وسيلة لأفعال وتصرفات مخالفة أضرت بها ضراراً بالغاً، كما أن المحكمة التفتت عما جاء بتقرير الخبرة، فان الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر وقضي بعدم قبول الدعوى في مواجهته يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر- في قضاء هذه المحكمة - أن الشركة ذات المسؤولية المحدودة تكون لها بمجرد تكوينها الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة عن ذمم الشركاء فيها، وأن الشريك في الشركة المحدودة المسؤولية - لا يسأل في الأصل - عن التزامات الشركة إلا في حدود حصته في رأس مالها، وأنه بمجرد تأسيس الشركة وقيدها وتوثيقها وقيام الشركاء بإيداع حصصهم في رأس مالها بحسابها تنحصر المسؤولية عن التزاماتها في أموالها فقط دون أموال الشركاء الخاصة إلا استثناء وفي الحالات التي نص عليها القانون، ومن المقرر مفاد نص المادة 71 من القانون رقم 2/2015 في شان الشركات التجارية (الواجبة التطبيق) أن مسؤولية الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة مقصورة على مقدار الحصة التي قدمها في رأسمال الشركة وهي الضمان الوحيد للدائنين عن الذمة المالية لكل من الشركاء، ومن ثم لا يجوز مساءلتهم بعد ذلك ويمتنع على دائني الشركة أن يوجهوا إليه أية مطالبة، ومن المقرر قانونا وفقا لنص المادة 84/1 من ذات القانون انه 1- يسأل كل مدير في الشركة ذات المسؤولية المحدودة تجاه الشركة والشركاء والغير عن أية أعمال غش يقوم بها كما يلتزم بتعويض الشركة عن أية خسائر أو مصاريف تكبدها بسبب يرجع إلى سوء استخدام الصلاحية أو مخالفة أحكام أي قانون نافذ أو عقد تأسيس الشركة أو عقد تعيينه أو خطأ جسيم من جانب المدير ويبطل أي نص في عقد التأسيس أو في عقد تعيين المدير يتعارض مع أحكام هذا البند. ولما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن المطعون ضده الثالث كان مديرا للشركتين المطعون ضدهما الأولى والثانية، وأن المطعون ضدها الرابعة هي التي تدير الشركة المطعون ضدها الثانية وهي أيضا التي وقعت على الشيكات التي أصدرتها للطاعنة باعتبارها المديرة التنفيذية في ذلك الوقت، ولم تقدم الطاعنة ما يفيد أن الأضرار التي لحقت بها كانت بسبب يرجع إلى سوء استخدام الصلاحيات الممنوحة للمطعون ضده الثالث أو مخالفة أحكام أي قانون نافذ أو عقد تأسيس الشركة أو عقد تعيينه أو خطأ جسيم من جانبه، ولا ينال من ذلك ما ورد بالخطاب المؤرخ 20/9/2021 فبمطالعته تبين للمحكمة له أنه صادر من المطعون ضده الثالث بصفته مديرا للمطعون ضدها الثانية وليس بصفته الشخصية وكفيل لهذه المديونية الصادر بشأنها الشيكات، وعليه فان المطعون ضده الثالث لا يكون مسؤول مسؤولية تضامنية في أداء هذه المديونية، الأمر الذي يكون ما جاء بالنعي قائما على غير أساس سليم.
وحيث أن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقول أنه قضي بإلزام المطعون ضدها الأولى والثانية بأن يؤدوا لها التعويض عن الأضرار التي لحقت بها، إلا أنه التفت عن التعويض عن عنصرين هما الكسب الفائت والخسارة التي لحقت بها، فهي شركة متخصصة في توريد وتركيب الرخام وتقوم باستيراده من الخارج مقابل عقود والتزامات، إلا أن المطعون ضدهم اخلوا بالتزاماتهم وامتنعوا عن سداد مستحقاتها دون مبرر او سبب قانوني مما ترتب عليه توقف الشركة الرئيسية الموردة عن إرسال أي رخام جديد ومطالباتها بالسداد لأي طلبية مقدما دون الاستفادة من الدفع الآجل، واهتزت سمعتها لدى موردي الرخام مما يمثل خسارة محققة، ومن ناحيه أخرى ارتفاع الأسعار والأزمة الاقتصادية الراهنة وانها شركة تهدف للربح، مما ترتب عليه فوات كسب كبير محقق، الأمر الذي يكون معه تقدير التعويض بمبلغ 100 ألف درهم هو تقدير غير مناسب لجبر الأضرار التي لحقت بها، فان الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك إنه من المقرر-في قضاء هذه المحكمة- إذا لم يلزم القانون باتباع معايير محددة في تقدير التعويض فإن سلطة تقدير التعويض تستقل به محكمة الموضوع دون رقابة عليها في هذا الخصوص متى كان تقديرها مستنداً إلى عناصر ثابتة ومبنيا على أسباب سائغة بينت فيها وجه أحقية طالب التعويض فيما قضي به له. ولما كان ذلك، وكان الثابت من طلبات الطاعنة أنها طلبت إلزام المطعون ضدهم بالتضامن بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية وما فاتها من كسب وما لحقها من خسارة بمبلغ 300,000 درهم، وكانت محكمة الموضوع قد قضت لها بتعويض قدره 100,000 درهم عن الأضرار المادية التي لحقت بها، فإن المحكمة تكون قد قضت لها بقيمة الأضرار التي طلبتها ومن ضمنها ما فاتها من كسب وما لحقها من خسارة، وان هذا التقدير من سلطتها التقديرية في تقدير التعويض، ومن ثم يكون ما جاء بالنعي مجرد جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام هذه المحكمة، ويضحى النعي برمته قائما على غير أساس. مما يتعين القضاء برفض الطعن.
ثانياً: - الطعن رقم 10/2023 تجاري: -
وحيث أن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنون بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولون أنه لم يفصل في التكييف القانوني لطبيعة العلاقة بين الطاعنة الأولى والثانية من ناحية تكليفها بدفع مبلغ المديونية المتفق عليه بقيمة 6,878,520.71درهم في حين أن الأولى هي المتعاقدة مع المطعون ضدها، وأن الثانية قامت بتحرير عدد23شيك بقيمة 5,708,881.62 درهم وقبلت المطعون ضدها هذه الشيكات بتلك القيمة أي أصبحت بمثابة تسوية للدين وافقتها عليها بموجب الخطاب المؤرخ 20/9/2020 بما يعني حوالة الدين إليها، إلا أن المحكمة انتهت إلى الإلزام بكامل مبلغ المديونية وفق الكشوف المحاسبية الصادرة عن المطعون ضدها، وأن ارتداد الشيكات لعدم وجود رصيد لا يعني انتهاء تلك التسوية، وأن الالتزام التضامني يستلزم وحدة مصدر المديونية مع أن هناك اختلاف بين مصدر التزام كل طاعن، فالطاعنة الأولى مصدر التزامها هو العقد ومصدر التزام الطاعنة الثانية والرابعة هو إصدار الشيكات، كما أن بارتداد الشيكات للطاعنة الثانية يسقط التضامن بالنسبة لها، إلا أن محكمة الموضوع أبقت على التضامن بين الطاعنين، كما انه قضي بالتعويض دون يبين عناصره ودون أن تثبت المطعون ضدها الضرر ومقداره، فان الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه من المقرر قانوناً وفقاً لنص المادة 607 من قانون المعاملات التجارية أنه لا يتجدد الدين بقبول الدائن تسلم شيك استيفاء لدينه بل يبقى الدين الأصلي قائما بكل ما له من ضمانات إلى أن توفي قيمة الشيك، لما كان المقرر أن الشيك باعتباره أداة وفاء يقوم مقام النقود في التعامل وينطوي بذاته على سببه وهو الوفاء بدين مستحق للمستفيد ما لم يثبت الساحب خلاف هذه القرينة. ومن المقرر انه وإن كان الأصل أن كافة تصرفات النائب الاتفاقي أو القانوني التي تتم في حدود نيابته وما ينشأ عنها من حقوق والتزامات تضاف إلى الأصيل ـــــ الموكل ـــــ وينصرف أثرها إليه، إلا أنه استثناء من هذا الأصل وحماية للمتعامل بالشيكات وعدم الإخلال بالثقة فيها فقد نص المشرع في المادة 599 من قانون المعاملات التجارية على انه ( 1- لا يجوز إصدار شيك ما لم يكن للساحب لدى المسحوب عليه وقت إصدار الشيك نقود يستطيع التصرف فيها بموجب شيك طبقاً لاتفاق صريح أو ضمني 2- وعلى من سحب الشيك أو أمر غيره بسحبه لحسابه أداء مقابل وفائه، ومع ذلك يكون الساحب لحساب غيره مسؤولاً شخصياً قبل المظهرين والحامل دون غيرهم عن إيجاد مقابل الوفاء 3- وعلى الساحب دون غيره أن يثبت عند الإنكار أن من سحب عليه الشيك كان لديه مقابل الوفاء وقت إصداره، فإذا لم يثبت ذلك كان ضامناً وفاء الشيك ولو عمل الاحتجاج بعدم الوفاء بعد المواعيد المقررة قانوناً) مما مفاده- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة- أنه متى كان من أصدر الشيك ووقع عليه هو الوكيل عن الأصيل صاحب الحساب المسحوب منه الشيك فإن هذا الوكيل يكون مسؤولاً شخصياً في ماله الخاص قبل المظهرين وحامل الشيك عن أداء مقابل الوفاء إليهم بالإضافة إلى مسؤولية الأصيل عن أداء هذا المقابل ولا يعفي الوكيل عن هذه المسؤولية إلا إذا أثبت أن الموكل الذي سحب عليه الشيك كان لديه مقابل الوفاء وقت إصداره، فإذا أخفق في إثبات وجود هذا المقابل في ذلك الوقت فإنه يكون ضامناً وفاء قيمة ذلك الشيك إلى المظهرين والحامل، ومن المقرر أن اكتساب الكفالة الصفة التجارية متى انصبت على دين تجاري يطالها التضامن في أداء الدين المكفول، كما انه من المقرر -في قضاء هذه المحكمة - أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم وتحصيل الواقع في الدعوى وتدقيق وتمحيص وتفسير الأدلة والمستندات وتقدير أثرها في الإثبات وان تقرير الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعة في الدعوى التي تخضع لتقدير محكمة الموضوع فإذا أخذت به محمولاً على أسبابه فان ذلك يفيد أنها لم تجد في المطاعن الموجهة إليه ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنه، ولا عليها إن هي أغفلت الرد على دفاع غير مؤثر في الدعوى ولا يستند إلى أساس صحيح. ولما كان ذلك وكان الثابت من مطالعة تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أنه انتهى إلى أن المطعون ضدها قد قامت بتنفيذ وتسليم كافة المشاريع المتفق عليها بدون إخلال وأن الطاعنة الأولى قد أخلت بالتزاماتها ولم تدفع ما تبقى عليها من مستحقات بالرغم من إقرارها بتلك المستحقات وتكليفها للطاعنة الثانية بإصدار شيكات آجله بسداد ما عليها من مستحقات للمطعون ضدها، وقامت الطاعنة الثانية بإصدار الشيكات والطاعنة الرابعة بالتوقيع عليها وعند تقديمها للبنك في مواعيد استحقاقها ارتدت لعدم كفاية الرصيد، وترصد في ذمة الطاعنة الأولى لصالح المطعون ضدها مبلغ 6,878,520.71 درهم، ومن دلالة ما تقدم على هذا النحو تكون الطاعنة الأولى هي التي تعاقدت من المطعون ضدها على توريد الرخام والمدين الأصلي بالدين محل المطالبة، ولأخلالها بالتزاماتها بعدم دفع مستحقات المطعون ضدها التي قامت بتنفيذ وتسليم كافة المشاريع المتفق عليها، وبناء على تكليف من الطاعنة الأولى قامت الطاعنة الثانية بإصدار عدد23 شيك بقيمة مبلغ 5,708,881.62 درهم ضمانا لسداد المديونية الملقاة على عاتق الطاعنة الأولى، ولا يعد ذلك تسوية ولا يتجدد الدين بقبول المطعون ضدها استلام الشيكات بل يبقي الدين الأصلي قائماً حتى يتم استيفاء قيمة الشيكات التي لم تصرف قيمتها لعدم كفاية الرصيد، وان المطعون ضدها الرابعة هي من وقعت الشيكات ضماناً لقيمة توريد الرخام محل المطالبة وهو دين تجاري تتضامن فيه مسؤولية كل واحد من الطاعنتين الثانية والرابعة مع الطاعنة الأولى في سداده، ومن ثم تستخلص هذه المحكمة الطاعنة الأولى هي الملزمة بأداء كامل المديونية بكفالة وتضامن الطاعنتين الثانية والرابعة كما هو المستفاد من الخطاب المؤرخ 20/9/2020 والصادر عن الطاعنة الأولى والذي كلفت فيه الطاعنة الثانية بإصدار الشيكات لسداد المديونية، أما بخصوص ما ورد بالنعي بشأن التعويض فإن المحكمة سبق وأن تناولته بالرد على السبب الثاني من أسباب الطعن رقم 8/2023 تجاري السالف بيانه، ومن ثم يضحى ما جاء بالنعي قائماً على غير أساس سليم. مما يتعين القضاء برفض الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق