جلسة 27/12/2023
برئاسة السيد المستشار/ عبد العزيز يعكوبي - رئيس الدائرة وعضوية المستشارين: طارق فتحي، صبحي القدومي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعن رقم 69 لسنة 2023 إيجارات)
(1) اختصاص "الاختصاص النوعي". إيجار. دفوع "الدفع بعدم الاختصاص". عقد "عقد الإيجار". لجنة فض المنازعات الإيجارية.
- المواد 24، 29/1/أ- 2 من القانون رقم 42 لسنة 2022. مفادها.
- المادة 24 من القانون رقم 20 لسنة 2006 بشأن إيجار الأماكن. مفادها.
- تعلق النزاع بعلاقة إيجارية. أثره: انعقاد الاختصاص بنظره للجنة فض المنازعات الإيجارية. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح. أساس ذلك. مثال.
(2) إجراءات "إجراءات التقاضي". إيجار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دعوى "الطلبات في الدعوى". دفوع "الدفوع الجديدة". محكمة الاستئناف "نظرها الدعوى والحكم فيها".
- المادتين 76 /1، 170 من قانون الإجراءات المدنية. مفادهما.
- نعي الطاعنة على الحكم المطعون فيه قبوله دفوع ومستندات جديدة من المطعون ضده. غير مقبول. مادامت قد قدمت أمام مكتب تحضير الاستئناف وبالجلسة ومكنتها المحكمة من التعقيب عليها. مثال.
(3) استئناف "نطاق الاستئناف". إيجار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الاستئناف "نظرها الدعوى والحكم فيها". عقد "عقد الإيجار".
- وظيفة محكمة الاستئناف في نظر الحكم المستأنف. نطاقها. المادة 176 من قانون الإجراءات المدنية.
- قضاء الحكم المطعون فيه برفض طلب الطاعنة إخلاء العين المؤجرة باعتبار أن عقد الإيجار قد تجدد لمدة أخرى بذات الشروط والقيمة الإيجارية لعدولها عن رغبتها في عدم التجديد ودون وجود إخلال من المطعون ضده بما يسوغه. صحيح. مثال.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر بنص المادة 24 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 42 لسنة 2022 الجديد على أنه "تختص المحاكم الابتدائية بنظر جميع الطلبات والمنازعات والدعاوى الابتدائية فيما عدا ما استثني بنص خاص" والنص في المادة 29/1/أ من نفس القانون على أنه "تنظر الدوائر الابتدائية المشكلة من قاض فرد فيما يأتي : أ- الدعاوى الابتدائية مهما كانت قيمتها" مفاده ، أنه من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون فإن كافة الدعاوى الابتدائية بصرف النظر عن نوعها ومهما بلغت قيمتها تختص بنظرها والفصل فيها إحدى الدوائر الابتدائية المشكلة من قاض فرد. وجاء النص في الفقرة الثانية من هذه المادة على أنه "باستثناء الدعاوى الإدارية والدعاوى المستعجلة وأوامر الأداء، يجوز بقرار من رئيس مجلس القضاء الاتحادي أو رئيس الجهة القضائية المحلية - بحسب الأحوال - تخصيص دائرة أو أكثر للفصل في الدعاوى المعروضة خلال جلسة واحدة يصدر فيها القرار أو يحدد له جلسة لإصداره وذلك في أي من الدعاوى الآتية:- أ-الدعاوى التي لا تجاوز قيمتها "1,000,000 " مليون درهم"، كما أن المقرر وفقاً لنص المادة 24 من القانون رقم 20 لسنة 2006 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة الإيجارية بين المؤجرين والمستأجرين في إمارة أبو ظبي على أنه تنشأ لجنة محلية أو أكثر تسمى "لجنة فض المنازعات الإيجارية" تتبع دائرة القضاء في إمارة أبو ظبي .... وقد نصت المادة 2/1 من قرار رئيس دائرة القضاء رقم 25 لسنة 2018 بشأن لجان فض المنازعات الإيجارية والإجراءات المتبعة أمامها "1- تشكل كل لجنة من لجان فض المنازعات الإيجارية الابتدائية من قاض فرد، يصدر بتحديده قرار من المجلس" وأن النص في المادة 25 من نفس القانون تنص على أنه "تختص لجنة فض المنازعات الإيجارية بالفصل على وجه الاستعجال في المنازعات الناشئة عن العلاقات الإيجارية بين المؤجر والمستأجر طبقاً لأحكام هذا القانون ...." لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن حقيقة العلاقة بين طرفي التداعي علاقة إيجارية تمليك المؤجر للمستأجر منفعة مقصودة من المحل المؤجر لمدة معينة لقاء أجر معلوم، وتكون المنازعة ناشئة عن هذه العلاقة الإيجارية يسري عليها القانون رقم 20 لسنة 2006 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين في إمارة أبو ظبي، ومن ثم تختص بنظرها لجنة فض المنازعات الإيجارية، وإذ ألتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويغدو النعي عليه بما سلف على غير أساس حرياً بالرفض.
2- المقرر بنص المادة 170 من قانون الإجراءات المدنية على أنه "تسري على الاستئناف القواعد والإجراءات التي تسري على الدعوى أمام المحكمة الابتدائية ما لم ينص القانون على غير ذلك". وتنص المادة 76/1 من نفس القانون على أنه "للمحكمة أن تسمح للخصوم أثناء سير الدعوى بتقديم مستندات أو دفوع أو وسائل إثبات جديدة أو تعديل طلباتهم أو تقديم طلبات عارضة تعذر عليهم تقديمها إلى مكتب إدارة الدعوى، ولها أن تحكم بعدم قبول تقديمها إذا تحقق لها أنه كان بالإمكان تقديمها إلى مكتب إدارة الدعوى ..." مفاده أن الأصل أن يقدم الخصوم في الدعوى كافة طلباتهم والمستندات المؤيدة لها والطلبات العارضة فيها إلى مكتب إدارة الدعوى المناط به تحضير الدعوى وذلك لتهيئة الدعوى للفصل فيها بغرض تسريع حسم النزاع المعروض، واستثناء فقد أجازت المادة آنفة البيان للمحكمة أن تسمح للخصوم أثناء سير الدعوى أمامها - بعد أن تجاوزت الدعوى مرحلة التحضير أمام إدارة الدعوى - بتقديم مستندات أو دفوع أو وسائل إثبات جديدة أو تعديل طلباتهم أو تقديم طلبات عارضة سواء من المدعي أو المدعى عليه كما أجاز لها أن تحكم بعدم قبول تقديمها إذا تحقق لها أنه كان بإمكان الخصوم تقديمها أمام مكتب إدارة الدعوى، وإذ كان ذلك وكان البين من الأوراق ومن جلسة تحضير الاستئناف بتاريخ 6/9/2023 حضرت وكيلة المستأنفة - الطاعنة - وقررت أنها قدمت مذكرة شارحة كما مثل وكيل المستأنف ضده - المطعون ضده - وقدم مذكرة جوابية وحافظة مستندات، وتقرر التأجيل لجلسة 12/9/2023 للتعقيب من الحاضر عن المستأنفة، وفي الجلسة المذكورة قدم وكيل المستأنفة مذكرة تعقيبية، وبعد عرض الاستئناف على المحكمة في غرفة مشورة قررت إدراجه في جلسة موضوع علنية بتاريخ 20/9/2023 وتم إرسال رابط الحضور للطرفين إلى أن صدر الحكم المطعون فيه .وهو ما يُستخلص منه أن كافة ما قدمه - المستأنف ضده - المطعون ضده من مستندات وجواب كان أمام مكتب تحضير الاستئناف وفي الجلسة المنعقدة بتاريخ 6/9/2023 وقد مُكنت "المستأنفة" الطاعنة من التعقيب حيث تقرر التأجيل لذلك، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لم يخالف القانون بشيء وأن النعي عليه بما سلف على غير أساس من الواقع أو القانون حرياً بالرفض.
3- المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وفقاً لمقتضى نص المادة 176 من قانون الإجراءات المدنية فإن محكمة الاستئناف لا تقتصر وظيفتها على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانوني فحسب وإنما يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع الاستئناف إلى محكمة الدرجة الثانية لتفصل فيه من جديد، دون حاجة لإعادة القضية إلى محكمة أول درجة التي استنفذت ولايتها بالحكم في الموضوع وذلك في حدود طلبات المستأنف وإعادة طرحه عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على حد سواء، ولمحكمة الاستئناف ما لمحكمة الدرجة الأولى من سلطة في هذا الصدد فهي تبحث النزاع وتقوم باتخاذ ما تراه مناسباً من إجراءات الإثبات وتعيد تقدير الوقائع من واقع ما يقدم لها من مستندات ومن واقع دفاع الخصوم، ثم هي أخيراً تطبق القاعدة القانونية التي تراها صحيحة على وقائع الدعوى، وتتدارك ما يرد في الحكم المستأنف من أخطاء في حدود ما رفع عنه الاستئناف، وتنظر في الاستئناف -عملاً بالمادة 176 سالفة الذكر- على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك لمحكمة الدرجة الأولى. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه - المُؤيد للحكم المستأنف - وفي إطار سلطته في فهم الواقع وتقدير الأدلة المقدمة في الدعوى أقام قضاءه برفض طلب الطاعنة فسخ عقد الإيجار وإخلاء المحل موضوع الدعوى على ما أورده في مدوناته "وكان البين من الأوراق إن المستأنفة "المدعية" تحاج بأنها قد أرسلت بتاريخ 19/4/2022 أي قبل نهاية عقد الإيجار بأكثر من ثلاثة أشهر - عن طريق وكيلها القائم بإدارة خدمات التأجير لعقاراتها .... بريداً إلكترونياً إلى متعددين ومنهم "...." الموقع نيابة عن المستأنف ضدها .... وإنه قد ثبت من تقرير الخبرة أن ممثلة المستأنف ضدها قد أجابت لدى سؤالها من الخبير عما إذا كانت المستأنف ضدها قد استلمت إخطار إنهاء العقد والرغبة في عدم التجديد والإخلاء .... بأنها قد تسلمت الإخطار من شركة .... أي أنها أقرت باستلامها الإخطار ...."، وأضاف في أسبابه " إلا أنه ولما كان الثابت من الأوراق دون جحد من المستأنفة، أن الأخيرة قد أرسلت للمستأنف ضدها بتاريخ 12/6/2023 رسالة إلكترونية تطالبها بالقيمة الإيجارية للعين حتى تاريخ 31/9/2023 وأرسلت لها 3 فواتير دفع بالفترة المطلوبة "الفاتورة الأولى رقم .... عن الفترة من 1/1/2023 حتى 31/3/2023 والثانية برقم .... عن الفترة من 1/4/2023 حتى 30/6/2023 والثالثة برقم .... عن الفترة من 1/7/2023 حتى تاريخ 31/9/2023 بواقع 162,030.75درهماً لكل فاتورة وقد تضمنت الرسالة الآتي "يرجى إعداد لتسوية المبلغ في أقرب وقت ممكن وفقاً للشروط المنصوص عليها في عقد الإيجار الخاص بك ..." وكان المستأنف ضدها قد سددت مجموع مقابل الفواتير المطلوبة التي تغطي فترة لاحقة لتاريخ انتهاء مدة عقد الإيجار الأصلية وهي الفترة من 1/1/2023 إلى 31/9/2023 والتي لم تحن بعد حتى تاريخ صدور هذا الحكم "وانتهى الحكم المطعون فيه إلى القول "وهو ما تستخلص منه اللجنة وتستدل على ثبوت عدول المستأنفة عن رغبتها في عدم التجديد ..." ولما كان هذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاؤه سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ورتب على ذلك بأن عقد الإيجار قد تجدد لمدة أخرى بنفس شروطه بما فيها بدل القيمة الإيجارية، وقد خلت أوراق الدعوى ومستنداتها من أي دليل يُثبت الإخلال من جانب المطعون ضده ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف على غير أساس حرياً بالرفض.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة "المدعية" أقامت الدعوى رقم 165 لسنة 2023 لدى لجنة الإيجارات أبو ظبي بطلب إلزام المطعون ضده "المدعى عليه" بإخلاء العين المؤجرة وتسليمها لها خالية من الشواغل لعدم الرغبة في تجديد عقد الإيجار المنتهي في 31/12/2022، وإلزامه ببدل الأجرة من تاريخ 1/1/2023 حتى تاريخ الإخلاء التام بواقع 529,620 درهماً سنوياً والفائدة بواقع 9% سنوياً، وإلزامه بتعويض عن الضرر المادي مائة ألف درهم لاستمراره بشغل العين بعد انتهاء عقد الإيجار دون حق، على سند بأن المطعون ضده وبموجب عقد إيجار موثق برقم "...." مؤرخ في 14/10/2020 استأجر من الطاعنة المحل رقم .... لمدة ثلاث سنوات للفترة من 1/1/2020 حتى 31/12/2022 لقاء بدل 1,588,860 درهماً تسدد على 12 دفعة وقيمة التامين 145,950 درهماً، والطاعنة تطلب إخلاء المحل لعدم الرغبة في التجديد وقد قامت بإخطار المطعون ضده بعدم الرغبة بالتجديد في 19/4/2022 بوكيلها القانوني كما هو مبين أمام الخبرة في الاستئناف رقم 87/2023، فكانت الدعوى. تداول نظر الدعوى، حضرت وكيلة الطاعنة وقدمت مذكرة تمسكت بما قدمته، ومثل وكيل المطعون ضده وقدم مذكرة طلب رفض الدعوى وأنكر علم المطعون ضده بالإخطار بعدم الرغبة في تجديد العقد، وبتاريخ 11/8/2023 حكمت لجنة أول درجة برفض الدعوى. استأنفت الطاعنة "المدعية" هذا الحكم بالاستئناف رقم 210/2023 إيجاري أبو ظبي، قضت لجنة الاستئناف بتاريخ 27/9/2023 بقبول الاستئناف شكلاً وبرفضه موضوعاً. طعنت الطاعنة "المدعية" في هذا القضاء بطريق النقض بالطعن الماثل ورأت المحكمة في غرفة مشورة أن الطعن جدير بالنظر فحددت له جلسة.
حيث أقيم الطعن على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول - في وجهه الأول - على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه لم يراع قواعد الاختصاص القيمي المتعلق بالنظام العام وفقاً لقانون الإجراءات المدنية الذي يجيز تخصيص دائرة أو أكثر للفصل في الدعاوى المعروضة عليها خلال جلسة واحدة يصدر فيها القرار أو يحدد له جلسة لإصداره وذلك في أي من الدعاوى التي لا تجاوز قيمتها 1,000,000 درهم، وكانت قيمة عقد الإيجار 1,588,860 درهماً تزيد عن قيمة مليون درهم ومن ثم يخرج الاختصاص بنظر الدعوى عن الدائرة الجزئية وينعقد الاختصاص للدوائر الكلية المشكلة من ثلاثة قضاة، وإذ تم نظر الدعوى ابتدائياً بواسطة قاضي فرد، وكان الحكم المطعون فيه لم يفطن لذلك فإنه يكون قد خالف القانون بما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله إذ المقرر بنص المادة 24 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 42 لسنة 2022 الجديد على أنه "تختص المحاكم الابتدائية بنظر جميع الطلبات والمنازعات والدعاوى الابتدائية فيما عدا ما استثني بنص خاص" والنص في المادة 29/1/أ من نفس القانون على أنه "تنظر الدوائر الابتدائية المشكلة من قاض فرد فيما يأتي : أ- الدعاوى الابتدائية مهما كانت قيمتها" مفاده ، أنه من تاريخ العمل بأحكام هذا القانون فإن كافة الدعاوى الابتدائية بصرف النظر عن نوعها ومهما بلغت قيمتها تختص بنظرها والفصل فيها إحدى الدوائر الابتدائية المشكلة من قاض فرد. وجاء النص في الفقرة الثانية من هذه المادة على أنه "باستثناء الدعاوى الإدارية والدعاوى المستعجلة وأوامر الأداء، يجوز بقرار من رئيس مجلس القضاء الاتحادي أو رئيس الجهة القضائية المحلية - بحسب الأحوال - تخصيص دائرة أو أكثر للفصل في الدعاوى المعروضة خلال جلسة واحدة يصدر فيها القرار أو يحدد له جلسة لإصداره وذلك في أي من الدعاوى الآتية:- أ-الدعاوى التي لا تجاوز قيمتها "1,000,000 " مليون درهم"، كما أن المقرر وفقاً لنص المادة 24 من القانون رقم 20 لسنة 2006 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة الإيجارية بين المؤجرين والمستأجرين في إمارة أبو ظبي على أنه تنشأ لجنة محلية أو أكثر تسمى "لجنة فض المنازعات الإيجارية" تتبع دائرة القضاء في إمارة أبو ظبي .... وقد نصت المادة 2/1 من قرار رئيس دائرة القضاء رقم 25 لسنة 2018 بشأن لجان فض المنازعات الإيجارية والإجراءات المتبعة أمامها "1- تشكل كل لجنة من لجان فض المنازعات الإيجارية الابتدائية من قاض فرد، يصدر بتحديده قرار من المجلس" وأن النص في المادة 25 من نفس القانون تنص على أنه "تختص لجنة فض المنازعات الإيجارية بالفصل على وجه الاستعجال في المنازعات الناشئة عن العلاقات الإيجارية بين المؤجر والمستأجر طبقاً لأحكام هذا القانون ...." لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن حقيقة العلاقة بين طرفي التداعي علاقة إيجارية تمليك المؤجر للمستأجر منفعة مقصودة من المحل المؤجر لمدة معينة لقاء أجر معلوم، وتكون المنازعة ناشئة عن هذه العلاقة الإيجارية يسري عليها القانون رقم 20 لسنة 2006 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين في إمارة أبو ظبي، ومن ثم تختص بنظرها لجنة فض المنازعات الإيجارية، وإذ ألتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون على وجهه الصحيح ويغدو النعي عليه بما سلف على غير أساس حرياً بالرفض.
وحيث تنعى الطاعنة في الوجه الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون حينما فصل في الدعوى وتبنى دفوعاً ومستندات جديدة تم تقديمها من المطعون ضده لأول مرة أمام محكمة الموضوع دون تقديمها أمام التحضير وكان ذلك بجلسة 20/9/2023، وقدم المطعون ضده مذكرة جوابية ختامية مرفق بها حافظة مستندات تضمنت دفعاً جديداً لم يسبق مناقشته والرد عليه من طرف الطاعنة أمام التحضير، وأمام محكمة أول درجة وقد قبلت محكمة الاستئناف الدفع الجديد وتبنت الدفع والمستندات الجديدة المقدمة لأول مرة أمامها والتي لم يسبق تقديمها أمام مكتب تحضير الدعوى، وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، إذ المقرر بنص المادة 170 من قانون الإجراءات المدنية على أنه "تسري على الاستئناف القواعد والإجراءات التي تسري على الدعوى أمام المحكمة الابتدائية ما لم ينص القانون على غير ذلك". وتنص المادة 76/1 من نفس القانون على أنه "للمحكمة أن تسمح للخصوم أثناء سير الدعوى بتقديم مستندات أو دفوع أو وسائل إثبات جديدة أو تعديل طلباتهم أو تقديم طلبات عارضة تعذر عليهم تقديمها إلى مكتب إدارة الدعوى، ولها أن تحكم بعدم قبول تقديمها إذا تحقق لها أنه كان بالإمكان تقديمها إلى مكتب إدارة الدعوى ..." مفاده أن الأصل أن يقدم الخصوم في الدعوى كافة طلباتهم والمستندات المؤيدة لها والطلبات العارضة فيها إلى مكتب إدارة الدعوى المناط به تحضير الدعوى وذلك لتهيئة الدعوى للفصل فيها بغرض تسريع حسم النزاع المعروض، واستثناء فقد أجازت المادة آنفة البيان للمحكمة أن تسمح للخصوم أثناء سير الدعوى أمامها - بعد أن تجاوزت الدعوى مرحلة التحضير أمام إدارة الدعوى - بتقديم مستندات أو دفوع أو وسائل إثبات جديدة أو تعديل طلباتهم أو تقديم طلبات عارضة سواء من المدعي أو المدعى عليه كما أجاز لها أن تحكم بعدم قبول تقديمها إذا تحقق لها أنه كان بإمكان الخصوم تقديمها أمام مكتب إدارة الدعوى، وإذ كان ذلك وكان البين من الأوراق ومن جلسة تحضير الاستئناف بتاريخ 6/9/2023 حضرت وكيلة المستأنفة - الطاعنة - وقررت أنها قدمت مذكرة شارحة كما مثل وكيل المستأنف ضده - المطعون ضده - وقدم مذكرة جوابية وحافظة مستندات، وتقرر التأجيل لجلسة 12/9/2023 للتعقيب من الحاضر عن المستأنفة، وفي الجلسة المذكورة قدم وكيل المستأنفة مذكرة تعقيبية، وبعد عرض الاستئناف على المحكمة في غرفة مشورة قررت إدراجه في جلسة موضوع علنية بتاريخ 20/9/2023 وتم إرسال رابط الحضور للطرفين إلى أن صدر الحكم المطعون فيه .وهو ما يُستخلص منه أن كافة ما قدمه - المستأنف ضده - المطعون ضده من مستندات وجواب كان أمام مكتب تحضير الاستئناف وفي الجلسة المنعقدة بتاريخ 6/9/2023 وقد مُكنت "المستأنفة" الطاعنة من التعقيب حيث تقرر التأجيل لذلك، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه لم يخالف القانون بشيء وأن النعي عليه بما سلف على غير أساس من الواقع أو القانون حرياً بالرفض.
وحيث تنعى الطاعنة في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أن محكمة الاستئناف إنما تنظر الدعوى تبعاً للأثر الناقل للاستئناف في حدود الطلبات والدفوع والمستندات التي اختتمت بها المرافعة في أول درجة وهي تنتقل بها الدعوى إلى ثاني درجة، وكانت الطاعنة قد حددت طلباتها بصحيفة الدعوى وحتى الفصل فيها من أول درجة إلزام المطعون ضده بإخلاء العين المؤجرة لعدم الرغبة في تجديد عقد الإيجار المنتهي في 31/12/2022 ، ومحكمة أول درجة قضت برفض الدعوى استناداً إلى علة واعتقاد غير صحيح عدم استلام المطعون ضده الإخطار بعدم الرغبة بالتجديد، إلا أن محكمة الاستئناف بقضائها بتأييد الحكم الابتدائي بالاستناد إلى علل وحيثيات ومستندات جديدة مخالفاً بذلك العلل المثارة بالحكم المستأنف وتبنت أسباباً جديدة وعللاً أخرى لم يسبق مناقشتها بالحكم الابتدائي، وقد تجاوزت نطاق الخصومة واعتقدت خطأ أن بقاء المطعون ضده في العين المؤجرة وانتفاعها بالمحل حتى تاريخ قيامها بتحويل المبالغ الإيجارية إلى حساب الطاعنة وإيداعها بأمانة المحكمة هو دليل على عدول الطاعنة عن رغبتها بعدم تجديد عقد الإيجار، مما يكون معه الحكم المطعون فيه قد شابه الفساد في الاستدلال مما يستوجب إلغاؤه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، إذ المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه وفقاً لمقتضى نص المادة 176 من قانون الإجراءات المدنية فإن محكمة الاستئناف لا تقتصر وظيفتها على مراقبة الحكم المستأنف من حيث سلامة التطبيق القانوني فحسب وإنما يترتب على رفع الاستئناف نقل موضوع الاستئناف إلى محكمة الدرجة الثانية لتفصل فيه من جديد، دون حاجة لإعادة القضية إلى محكمة أول درجة التي استنفذت ولايتها بالحكم في الموضوع وذلك في حدود طلبات المستأنف وإعادة طرحه عليها بكل ما اشتمل عليه من أدلة ودفوع وأوجه دفاع لتقول كلمتها فيه بقضاء مسبب يواجه عناصر النزاع الواقعية والقانونية على حد سواء، ولمحكمة الاستئناف ما لمحكمة الدرجة الأولى من سلطة في هذا الصدد فهي تبحث النزاع وتقوم باتخاذ ما تراه مناسباً من إجراءات الإثبات وتعيد تقدير الوقائع من واقع ما يقدم لها من مستندات ومن واقع دفاع الخصوم، ثم هي أخيراً تطبق القاعدة القانونية التي تراها صحيحة على وقائع الدعوى، وتتدارك ما يرد في الحكم المستأنف من أخطاء في حدود ما رفع عنه الاستئناف، وتنظر في الاستئناف -عملاً بالمادة 176 سالفة الذكر- على أساس ما يقدم لها من أدلة ودفوع وأوجه دفاع جديدة وما كان قد قدم من ذلك لمحكمة الدرجة الأولى. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه - المُؤيد للحكم المستأنف - وفي إطار سلطته في فهم الواقع وتقدير الأدلة المقدمة في الدعوى أقام قضاءه برفض طلب الطاعنة فسخ عقد الإيجار وإخلاء المحل موضوع الدعوى على ما أورده في مدوناته "وكان البين من الأوراق إن المستأنفة "المدعية" تحاج بأنها قد أرسلت بتاريخ 19/4/2022 أي قبل نهاية عقد الإيجار بأكثر من ثلاثة أشهر - عن طريق وكيلها القائم بإدارة خدمات التأجير لعقاراتها .... بريداً إلكترونياً إلى متعددين ومنهم "...." الموقع نيابة عن المستأنف ضدها .... وإنه قد ثبت من تقرير الخبرة أن ممثلة المستأنف ضدها قد أجابت لدى سؤالها من الخبير عما إذا كانت المستأنف ضدها قد استلمت إخطار إنهاء العقد والرغبة في عدم التجديد والإخلاء .... بأنها قد تسلمت الإخطار من شركة .... أي أنها أقرت باستلامها الإخطار ...."، وأضاف في أسبابه " إلا أنه ولما كان الثابت من الأوراق دون جحد من المستأنفة، أن الأخيرة قد أرسلت للمستأنف ضدها بتاريخ 12/6/2023 رسالة إلكترونية تطالبها بالقيمة الإيجارية للعين حتى تاريخ 31/9/2023 وأرسلت لها 3 فواتير دفع بالفترة المطلوبة "الفاتورة الأولى رقم .... عن الفترة من 1/1/2023 حتى 31/3/2023 والثانية برقم .... عن الفترة من 1/4/2023 حتى 30/6/2023 والثالثة برقم .... عن الفترة من 1/7/2023 حتى تاريخ 31/9/2023 بواقع 162,030.75درهماً لكل فاتورة وقد تضمنت الرسالة الآتي "يرجى إعداد لتسوية المبلغ في أقرب وقت ممكن وفقاً للشروط المنصوص عليها في عقد الإيجار الخاص بك ..." وكان المستأنف ضدها قد سددت مجموع مقابل الفواتير المطلوبة التي تغطي فترة لاحقة لتاريخ انتهاء مدة عقد الإيجار الأصلية وهي الفترة من 1/1/2023 إلى 31/9/2023 والتي لم تحن بعد حتى تاريخ صدور هذا الحكم "وانتهى الحكم المطعون فيه إلى القول "وهو ما تستخلص منه اللجنة وتستدل على ثبوت عدول المستأنفة عن رغبتها في عدم التجديد ..." ولما كان هذا الذي أقام عليه الحكم المطعون فيه قضاؤه سائغاً وله أصله الثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ورتب على ذلك بأن عقد الإيجار قد تجدد لمدة أخرى بنفس شروطه بما فيها بدل القيمة الإيجارية، وقد خلت أوراق الدعوى ومستنداتها من أي دليل يُثبت الإخلال من جانب المطعون ضده ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بما سلف على غير أساس حرياً بالرفض. وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق