جلسة 21/11/2024
برئاسة السيد المستشار/ مبارك العوض ـ رئيس الدائرة وعضوية السادة المستشارين/ طارق بهنساوي، صلاح الدين أحمد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(شكاوى المحامين رقم 6 لسنة 2024)
(1) إثبات "بوجه عام" "قرائن". شكاوى المحامين. محاماة. قرار تأديبي "بياناته". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
- بيان القرار المستأنف واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للمخالفة التأديبية التي دان المستأنف بها وإيراده على ثبوتها في حقه أدلة سائغة. كاف.
- تحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان المسؤولية التأديبية. غير لازم. مادام ما أورده من وقائع كاف للتدليل عليها.
- لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت المخالفة التأديبية من أي دليل تطمئن إليه. مادام له مأخذه الصحيح من الأوراق.
- استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. مادام سائغاً.
- عدم التزام لجنة تأديب المحامين بالأخذ بالأدلة المباشرة. لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية.
- العبرة في المحاكمات الجزائية. باقتناع القاضي. مطالبته بالأخذ بدليل معين. غير جائز. متى لم يقيده الشرع أو القانون بذلك. له الأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه.
- تساند الأدلة في المواد الجزائية. مؤداه؟
- الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام محكمة النقض.
(2) شكاوى المحامين. محاماة. دعوى تأديبية. عقوبة "تقديرها".
- تقدير الجزاء في الحدود المقررة قانوناً. من سلطة لجنة التأديب.
- نعي الطاعن على القرار المستأنف عدم مراعاة ظروفه في توقيع الجزاء. غير مقبول. مادام الجزاء الموقع عليه مناسباً للمخالفة التأديبية التي اقترفها.
(3) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بنفي التهمة" "الدفع بانتفاء أركان الجريمة".
- الدفع بنفي التهمة وانتفاء أركان المخالفة وعدم وجود دليل يقيني. موضوعي. لا يستوجب رداً. اكتفاءً بأدلة الثبوت التي أوردها القرار.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان القرار المستأنف قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للمخالفة التأديبية التي دان المستأنف بها بقوله "حيث أن موضوع الشكوى المعروضة ينصب مباشرة في إسناد مخالفات في حق المحامي المشكو في حقه تتمثل أبرزها في استيلائه على أموال موكلته الشاكية "المطعون ضدها" بمبلغ وقدره 61.539 درهم .... ومن ثم فإن نطاق بحث المجلس للشكوى سيكون من هذا المنطلق وما قد يشكله من مخالفة جسيمة في حق المهنة والمنتسبين لها حال ثبوت هذه المخالفة قبل المحامي المشكو في حقه وكذا ما ارتبط واقترن بها من مخالفات أخرى على النحو المبين أدناه وإذ نظر مجلس التأديب الشكوى بجلسة يوم الخميس الموافق 26/9/2024 الساعة 12:30 ظهراً وبتلك الجلسة لم يحضر المحامي المشكو في حقه "الطاعن" عبر تقنية الاتصال عن بعد وأرسل رسالة عبر البريد الإلكتروني للمجلس بتاريخ انعقاد الجلسة يلتمس فيها العذر على عدم حضور جلسة اليوم لتواجده في الخدمة الوطنية (الخدمة البديلة) وقدم شهادة صادرة من هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية تفيد التحاق المحامي المشكو في حقه "الطاعن" بدورة الخدمة البديلة كما تضمنت رسالة البريد الإلكتروني الرد على الشكوى وجاء مضمون الرد كما هو أت وبعبارته : نؤكد على أنه تم التواصل مع الشاكية وعقد أكثر من اجتماع معها بخصوص هذا الشأن وطلبنا منها الانتظار بمجرد إزالة الحظر على الحساب والشاكية وافقت على الانتظار حتى يتم إلغاء الحظر الواقع على الحساب البنكي الخاص ...." وساق على صحة ثبوتها وإسنادها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من مفردات الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من تقرير الشكوى وصورة الحساب البنكي للحوالة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة و استقلالاً عن كل ركن من أركان المسؤولية التأديبية مادام أن ما أورده من وقائع كاف للتدليل عليه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت المخالفة التأديبية من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من مفردات الدعوى، وكان من حق لجنة تأديب المحامين أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، وكانت العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي يقيده الشرع أو القانون فيها بذلك، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينه أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ أن الأدلة في المواد الجزائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع لجنة التأديب واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن حول تصور لجنة التأديب للواقعة أو في تصديقها لأدلة الثبوت أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها واستخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها وهو ما لا يجوز الخوض فيه.
2- المقرر أن تقدير الجزاء في الحدود المقررة قانوناً هو من سلطة لجنة التأديب وكان الجزاء الموقع على المستأنف مناسباً لما اقترفه من مخالفة تأديبية ومن ثم فإن ما ينعاه على القرار في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
3- المقرر أن الدفاع بنفي التهمة وانتفاء أركانها وعدم وجود دليل يقيني على ارتكابه لها هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم - بحسب الأصل - رداً خاصاً اكتفاءً بأدلة الثبوت السائغة التي أوردها القرار.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــــــــة
حيث تخلص واقعات الشكوى في أن الشاكية تقدمت إلى لجنة شؤون المحامين بدائرة القضاء- أبوظبي بشكوى ضد المحامي/....، وطلبت في ختامها اتخاذ الإجراءات القانونية قبله، بإحالته للمحاكمة لإلزامه بأن يؤدي للشاكية مبلغ مقداره 61,539 درهم (واحد وستون ألفا وخمسمائة وتسعة وثلاثون درهماً) وإلزامه بتعويضها عن الأضرار التي أصابتها جراء اتخاذ الإجراءات التنفيذية قبلها بسبب استيلائه على أموالها دون وجه حق، وعدم إيداع المبالغ المسلمة له في ملف التنفيذ، وتطلب إحالته إلى مجلس التأديب وتطبيق أقصى عقوبة عليه وبإحالته للنيابة العامة لاتخاذ اللازم ضده لارتكابه جريمة خيانة الأمانة والاستيلاء على أموالها، وقالت شارحةً لشكواها أنها أسندت للمشكو في حقه العمل في الدعوى رقم 451/2023 أحوال شخصية العين، والتي صدر الحكم فيها بتاريخ 1/5/2023 ضد الشاكية بإلزامها بسداد مبلغ 100,000 درهم، وبموجب ذلك الحكم قيد ضدها ملف التنفيذ رقم 569/2023 تنفيذ أحوال شخصية العين، لإلزامها بسداد مبلغ وقدره (100,725) درهماً، فسلمت الشاكية كامل المبلغ المنفذ به عليها على دفعات للمحامي المشكو في حقه لإيداعه في ملف التنفيذ المشار إليه، وبيان تلك المبالغ المسلمة للمحامي المشكو في حقه وفق الكتاب الصادر عنه كالآتي :- 1- بتاريخ 26/10/2023 استلم المشكو في حقه مبلغاً مقداره 30,500 درهم . 2- بتاريخ 1/12/2023 استلم مبلغاً مقداره 5,893 درهم. 3-بتاريخ 2/1/2024 استلم مبلغاً مقداره 6093 درهم. 4- بتاريخ 28/1/2024 استلم المشكو في حقه آخر الدفعات مبلغاً مقداره (60,839). ليكون إجمالي المبلغ المسلم للمشكو في حقه لإيداعه بملف التنفيذ رقم 569/2023 تنفيذ أحوال شخصية العين ، مبلغاً مقداره (103,325) درهم (مائة وثلاثة آلاف درهم وثلاثمائة وخمسة وعشرون درهماً) إلا أنه تبين لها وفق الثابت بالتقرير الحسابي الصادر عن إدارة التنفيذ والثابت به أن المبلغ المتبقي من كامل المبلغ المنفذ به هو (58,939) درهم ، وحيث سلمت الشاكية كامل المبلغ المنفذ به للمحامي المشكو في حقه بموجب الكتاب الصادر عنه والثابت به استلامه للمبلغ المنفذ به وزيادة، وعلى الرغم من الاتصالات به ومراجعة المكتب مراراً وتكراراً ولكن دون فائدة ، فلم يسدد المبلغ المنفذ به والمسلم له على سبيل الأمانة، مما أدى إلى اتخاذ الإجراءات التنفيذية ضدها جراء استيلاء المحامي على المبالغ المسلمة له لإيداعها في ملف التنفيذ، ما يشكل مخالفة جسمية لقانون تنظيم أعمال المهنة وجريمة مؤثمة وفق قانون الجرائم والعقوبات، فكانت الشكوى لاتخاذ الإجراءات القانونية قبله. وأرفقت الشاكية سنداً لشكواها صورة عن استمارة الرسوم للعميل صادرة عن مكتب المشكو في حقه، مبين فيها سداد الدفعات والمبالغ منها للمكتب، صورة عن الحكم الصادر ضدها في دعوى الأحوال الشخصية رقم 451/2023 المشار إليها، صورة عن تقرير حسابي صادر من ملف التنفيذ المشار إليه، ثابت فيه أن المبلغ المتبقي على الشاكية (58,939) درهم، صورة عن سند قبض صادر عن المحامي المشكو في حقه بقبض مبلغ 60,839 درهماً بتاريخ 28/1/2024 وهو المبلغ الذي استولى عليه ولم يقم بإيداعه بملف التنفيذ، وصور عن رسائل واتس آب مرسلة من الشاكية لم يرد عليها، وصورة تفيد صدور قرار بالحجز على حسابات الشاكية بسبب استيلاء المشكو في حقه على أموال الشاكية. وبنظر الشكوى لدى لجنة شؤون المحامين أُخطر المحامي المشكو في حقه بصورة عن الشكوى للرد عليها، فأودع مذكرة أنكر فيها الوقائع التي ألقتها الشاكية مقرراً بأن قرار الحجز على حسابات الشاكية كان قبل قيامها بالبدء في السداد بثلاثة شهور، كما أن الشاكية على علم بما طرأ على الحساب العائد له نظراً لقيام البنك بحظر حسابه وإيقاف عمليات السحب منه مما أدى وبتعبيره "إلى عدم قدرتي على استرداد المبلغ المودع أو تحويله إلى التنفيذ المشار إليه" وأضاف بأن المبلغ المقدر قيمته 60,839 تم سداده من الشاكية له، نظير رسوم محكمة ورسوم أتعاب للمحكمة وذلك عن قيامه باتخاذ إجراءات قانونية جديدة لصالحها (إقامة دعوى قضائية وما يسدد من رسوم للسير فيها) وليس لسداده في التنفيذ المشار إليه وهو ثابت بسند القبض، وهو ما ينفي وقوع أي خطأ أو إخلال من قبله تجاه الشاكية وبعدم إخلاله بالمسؤولية العقدية بينه وبين الشاكية بموجب عقد الأتعاب المبرم بينه وبينها والوكالة القانونية الممنوحة له، وأكد على أنه تم التواصل مع الشاكية وطلب منها الانتظار حتى يتم إزالة الحظر عن الحساب البنكي ليقوم بإيداع المبلغ أو عليها سداد المبلغ من جانبها، وسيقوم برد المبلغ المودع لها بالحساب المحظور فور إزالة الحظر، والشاكية وافقت، ثم قامت الشاكية بسداد مبلغ60,839 درهم في الحساب الخاص بالمكتب لغرض سداد رسوم المحكمة بالإضافة إلى رسوم أتعاب وليس لسداد مبلغ التنفيذ، ثم عادت وأخبرته أنها تريد سداد مبلغ التنفيذ المقيد ضدها من المبلغ المودع، وقد حاول - حسب قوله - ذلك لكن تفاجأ بحظر الحساب فطلب منها الانتظار، ووافقت في بداية الأمر، ويؤكد المحامي في ختام مذكرته بأن الشاكية على يقين بأنه لم يرفض إرجاع المبلغ لها أو سداده بملف التنفيذ، ولكن طبقاً لما تم الاتفاق عليه وبمجرد إزالة الحظر على الحساب، الأمر الذي يقطع بكيدية الشكوى وما حوته من مزاعم ويطلب حفظها لعدم الصحة والثبوت. وأرفق صور مستندات هي ذات المستندات المرفقة بصحيفة الشكوى مضافاً إليها صورة عن طلب الحجز على حسابات الشاكية مقدم من طالب التنفيذ مؤرخ في 20/7/2023 في التنفيذ 569/2023 أحوال شخصية العين. وبتاريخ 10/9/2024 ورد كتاب مدير إدارة شؤون المحاماة والخبراء ومفاده بأن لجنة شؤون المحامين قررت بتاريخ 5/9/2024 إحالة الشكوى إلى مجلس تأديب المحامين. وإذ نظر مجلس تأديب المحامين الشكوى بجلسة يوم الخميس الموافق 26/9/2024 الساعة 12:30 ظهراً، وبتلك الجلسة السرية لم يحضر المحامي المشكو في حقه عبر تقنية الاتصال عن بعد، ولم يحضر محام للدفاع عنه، وأرسل رسالة عبر البريد الإلكتروني للمجلس بتاريخ انعقاد الجلسة يلتمس فيها العذر على عدم حضور جلسة اليوم، لتواجده في الخدمة الوطنية (الخدمة البديلة)، وقدم شهادة صادرة من هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية تفيد التحاق المحامي المشكو في حقه بدورة الخدمة الوطنية (الخدمة البديلة) في تاريخ 24/6/2024، كما تضمنت رسالة البريد الإلكتروني الرد على الشكوى وجاء مضمون الرد كما هو آت وبعباراته "نؤكد على أنه تم التواصل مع الشاكية وعقد أكثر من اجتماع معها بخصوص هذا الشأن وطلبنا منها الانتظار بمجرد إزالة الحظر، والشاكية وافقت على الانتظار حتى يتم إلغاء الحظر الواقع على الحساب البنكي الخاص بي وليس حساب المكتب حيث أنه تم التحويل مبلغ 58,933 درهم على مصرف .... و في ذات الوقت تم تحويل من عميل خارج الدولة و تم إغلاق الحساب بسبب تحويلة مشبوهة وتم التواصل مع البنك فترة من الزمان حتى تم فك الحظر، وليس هنالك أي مانع من رد المبلغ إليها اليوم قبل الغد وتم التواصل معها لاستلام المبلغ ولم تجاوب علينا ولا ترد على اتصالاتنا، سنقوم بإيداع المبلغ وعليها سداد المبلغ من جانبها بالتنفيذ المشار إليه، وسنقوم برد المبلغ المودع لها في أي وقت تطلبه ولذلك التمس من سيادتكم حفظ الشكوى لعدم وجود أي قصد من جانبنا بعدم رد الرسوم إليها، ولماذا تم الرد فقط على الشكوى رقم 11 عن طريق البريد دون إرسال جواب رسمي لأنها الشكوى الوحيدة التي نلتمس لها العذر بحقوقها في رد المبالغ لديها، ولكن دون ذنب منا بذلك أو سوء قصد بل كانت ظروف قاهرة ولكن أحمل السيدة / .... أيضاً الخطأ لأنها أرسلت المبلغ على الحساب الشخصي للمحامي وليس حساب المكتب الرسمي ولكن في الأول والأخير هذا حقها وواجب رده متى ما تواصلت معنا كما ذكر الله تعالى في كتابه الكريم (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) والتمس من سيادتكم قبول الردود على الشكاوي المرسلة إلينا من جانبكم والتمس العذر بعدم الحضور لجلسة اليوم بسبب وجودي في الخدمة الوطنية ومرفق شهادة تفيد ذلك" والنيابة العامة فوضت الرأي للمجلس طالبة إعمال أحكام القانون، وطلب إحالة الأوراق للنيابة العامة في حال ثبوت استيلاء المحامي على أموال موكلته وعدم ردها إليها وعدم تنازل الشاكية عن شكواها. فقرر المجلس حجز الشكوى لإصدار قرار نهائي فيها لتاريخ 7/10/2024م، مع تقديم المحامي المشكو في حقه ما يفيد سداد المبالغ التي تطالب بها الشاكية خلال أربعة (4) أيام عمل. وحيث إنه وخلال الأجل المضروب أرسل المحامي المشكو في حقه رسالة عبر البريد الإلكتروني بتاريخ 30/9/2024 مفادها "أنه يبلغ المجلس بأنه تم التنازل والصلح مع الشاكية وتم تحويل المبلغ محل الشكوى لحسابها البنكي وتم التنازل من قبلها والتوقيع على إقرار التنازل عن الشكوى وأرفق اتفاق الصلح والتنازل مؤرخ في 27/9/2024 متضمناً الإشارة إلى قيامه بالتعهد بتحويل مبلغ 60 ألف درهم إلى الحساب البنكي لشقيقة الشاكية وبعد تحويل المبلغ تصبح ذمته بريئة من أي مطالبة كما يتعهد الطرف الثاني "الشاكية" بالتنازل عن الشكوى المقدمة لدى لجنة شؤون المحامين بدائرة القضاء رقم 11 لسنة 2024 " والتمس من المجلس حفظ الشكوى وإلغاء كافه الإجراءات بخصوص الشكوى. ووردت رسالة من الشاكية بتاريخ 1/10/2024 عبر البريد الإلكتروني مفادها أنه " بالإشارة إلى الإيميل المرسل من سعادتكم بشأن التعقيب المقدم من المحامي فيما يخص الشكوى رقم 11 لسنة 2024 مجلس تأديب المحامين يرجى العلم بأنني استلمت من المحامي المشكو في حقه مبلغ وقدره ستين ألف درهم -60,000- وذلك عن طريق تحويل بنكي على حساب أختي .... بتاريخ 27/9/2024 ومع العلم أنه المتبقي من المبلغ المحول على حساب المحامي سابقاً والمحول بتاريخ 29/6/2024 مبلغ وقدره 839 درهم، ولا مانع لدي من التنازل عن الشكوى رقم 11 لسنة 2024 بعد تحويل المبلغ المتبقي وقدره 839 درهم". بتاريخ 22/10/2024 قرر مجلس التأديب القرار المستأنف المنوه عنه سلفاً.
لم يرتض المحكوم عليه هذا القرار وأقام عليه الاستئناف المطروح بصحيفة أودعها قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 22/10/2024م ينعى المستأنف على القرار المطعون فيه أنه إذ قضى عليه بالجزاء بوقفه عن العمل لمدة ثلاثة أشهر شابه القصور في التسبيب وعدم مراعاته للوقائع الثابتة في مفردات الدعوى ووجوده في الخدمة الوطنية وأنه سدد المبلغ للشاكية وتنازلها عن شكواها، ولم يراع ظروفه في توقيع الجزاء على فرض ثبوت الواقعة قبله والتي تستحق التنبيه. وحيث نودي على الأطراف فلم يحضر المستأنف رغم إعلانه قانوناً.
حيث إن القرار المستأنف قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للمخالفة التأديبية التي دان المستأنف بها بقوله "حيث أن موضوع الشكوى المعروضة ينصب مباشرة في إسناد مخالفات في حق المحامي المشكو في حقه تتمثل أبرزها في استيلائه على أموال موكلته الشاكية "المطعون ضدها" بمبلغ وقدره 61.539 درهم .... ومن ثم فإن نطاق بحث المجلس للشكوى سيكون من هذا المنطلق وما قد يشكله من مخالفة جسيمة في حق المهنة والمنتسبين لها حال ثبوت هذه المخالفة قبل المحامي المشكو في حقه وكذا ما ارتبط واقترن بها من مخالفات أخرى على النحو المبين أدناه وإذ نظر مجلس التأديب الشكوى بجلسة يوم الخميس الموافق 26/9/2024 الساعة 12:30 ظهراً وبتلك الجلسة لم يحضر المحامي المشكو في حقه "الطاعن" عبر تقنية الاتصال عن بعد وأرسل رسالة عبر البريد الإلكتروني للمجلس بتاريخ انعقاد الجلسة يلتمس فيها العذر على عدم حضور جلسة اليوم لتواجده في الخدمة الوطنية (الخدمة البديلة) وقدم شهادة صادرة من هيئة الخدمة الوطنية والاحتياطية تفيد التحاق المحامي المشكو في حقه "الطاعن" بدورة الخدمة البديلة كما تضمنت رسالة البريد الإلكتروني الرد على الشكوى وجاء مضمون الرد كما هو أت وبعبارته : نؤكد على أنه تم التواصل مع الشاكية وعقد أكثر من اجتماع معها بخصوص هذا الشأن وطلبنا منها الانتظار بمجرد إزالة الحظر على الحساب والشاكية وافقت على الانتظار حتى يتم إلغاء الحظر الواقع على الحساب البنكي الخاص ...." وساق على صحة ثبوتها وإسنادها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من مفردات الدعوى ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من تقرير الشكوى وصورة الحساب البنكي للحوالة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة و استقلالاً عن كل ركن من أركان المسؤولية التأديبية مادام أن ما أورده من وقائع كاف للتدليل عليه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت المخالفة التأديبية من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من مفردات الدعوى، وكان من حق لجنة تأديب المحامين أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، وكانت العبرة في المحاكمات الجزائية هي باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه ولا يصح مطالبته بالأخذ بدليل بعينه فيما عدا الأحوال التي يقيده الشرع أو القانون فيها بذلك، فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينه أو قرينة يرتاح إليها دليلاً لحكمه، ولا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ أن الأدلة في المواد الجزائية متساندة يكمل بعضها بعضًا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع لجنة التأديب واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن حول تصور لجنة التأديب للواقعة أو في تصديقها لأدلة الثبوت أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها واستخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها وهو ما لا يجوز الخوض فيه. لما كان ذلك، وكان تقدير الجزاء في الحدود المقررة قانوناً هو من سلطة لجنة التأديب وكان الجزاء الموقع على المستأنف مناسباً لما اقترفه من مخالفة تأديبية ومن ثم فإن ما ينعاه على القرار في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الدفاع بنفي التهمة وانتفاء أركانها وعدم وجود دليل يقيني على ارتكابه لها هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستلزم - بحسب الأصل - رداً خاصاً اكتفاءً بأدلة الثبوت السائغة التي أوردها القرار. لما كان ما تقدم، فإن الاستئناف برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق