جلسة 6/2/2023
برئاسة السيد المستشار/ حسن مبارك ـ رئيس الدائرة وعضوية السادة المستشارين/ د. رضا بن علي، صلاح الدين أحمد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(الطعنين رقمي 54، 73 لسنة 2023 جزائي)
إبعاد. إثبات "بوجه عام". ارتباط. خطأ. دية. رابطة السببية. ضرر. عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة" "عقوبة الجريمة الأشد". غلق. قتل خطأ. محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى". مواد مخدرة.
- مثال لحكم صادر بالإدانة من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جرائم تعاطي مواد مخدرة وتسهيل تعاطيها للغير والتسبب خطأ في وفاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــــة
حيث أن النيابة العامة أسندت للطاعنين .... و.... والمدعوة .... أنهم بتاريخ 2/5/2022 بدائرة مدينة العين المتهم الأول: .... 1- سهل للمجني عليه المتوفى / ....، تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، على النحو المبين بالتحقيقات. 2- تعاطى مادة مخدرة (مورفين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، على النحو المبين بالتحقيقات. 3- تعاطى مؤثرين عقليين مادتي (أمفيتامين – ميثامفيتامين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الثاني: .... تعاطى مؤثرات عقلية مواد (تتراهيدروكنابينول) الناتجة عن تعاطي القنب الهندي - أمفيتامين – ميثامفيتامين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، على النحو المبين بالتحقيقات. المتهمة الثالثة: .... تعاطت مؤثرين عقليين مادتي (أمفيتامين – ميثامفيتامين) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، على النحو المبين بالتحقيقات. المتهمون جميعاً: تسببوا بخطئهم في موت المجني عليه / ....، حال كونهم تحت تأثير المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، وامتنعوا عن طلب المساعدة له حال استطاعتهم ذلك، بأن لم يقوموا بطلب الإسعاف له الأمر الذي تسبب في وفاته، على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت عقابهم طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمواد 126/2 ،393/1، 2 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بإصدار قانون الجرائم والعقوبات والمواد 1/1،2 ،12/1، 41 فقرة 1 بند أ، 48/1، 67 ،74 ،75 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 30 لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، والبند 86 من الجدول رقم 1، والبنود 1، 9، 34 من الجدول رقم 5، من الجداول الملحقة بالقانون سالف الذكر. وبجلسة 7/9/2022 قضت محكمة جنايات العين حضورياً 1 - بمعاقبة .... بالسجن خمس سنوات وبالغرامة خمسين ألف درهم عن جريمة تسهيل التعاطي للمجني عليه بعد تعديل الوصف وبغلق المنزل ....، وبإبعاده من الدولة. 2 – بمعاقبة كل من ....، و....، و.... بالحبس لمدة ثلاثة أشهر وبالغرامة مبلغ عشرين ألف درهم لكل واحد منهم عن جريمة تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية للارتباط، وبمنعهم من تحويل أو إيداع أية أموال للغير بذاته أو بواسطة الغير، وبإبعادهم من الدولة. 3 - بمعاقبة كلا من .... / و..../ و.... بالحبس لمدة سنة وبالغرامة مبلغ خمسة آلاف درهم لكل واحد منهم عن جريمة تسببهم بخطئهم في موت المجني عليه وإلزامهم بالتضامن فيما بينهم بأن يودوا مبلغ مائتي ألف درهم دية شرعية لورثة المجني عليه توزع بينهم على حسب الأنصبة الشرعية وأداء كفارة القتل الخطأ، وبإبعادهم من الدولة وإلزامهم جميعاَ برسم الدعوى الجزائية.
فاستأنف المحكوم عليهم الحكم المذكور وبجلسة 13/12/2022 قضت محكمة استئناف العين حضورياً بأرقام 1831، 1839 ،1841 لسنة 2022 بتاريخ 13/12/2022 بقبول الاستئنافات شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المستأنف وإلزام المستأنفين بأداء الرسم المستحق.
وحيث إن هذا القضاء لم يلق قبولاً من المحكوم عليهما .... و.... فطعنا عليه بالنقض وقضت محكمة النقض بنقض الحكم المطعون وتحديد جلسة لنظر الموضوع على سند مما شاب الحكم المطعون فيه من خطأ في تطبيق القانون ومد أثر الطعن للمحكوم عليها ....
وبالجلسة المحددة لنظر الدعوى تم إحضار المستأنف .... من محبسه عبر الاتصال المرئي وبسؤاله عن الاتهام المسند إليه أنكر التسبب في الوفاة واعترف بما زاد على ذلك ورافع عنه محاميه المنتدب بما رآه مفيداً متمسكاً بالمذكرة التي قدمها كما تم إحضار المستأنف .... وبسؤاله أنكر تهمتي التسهيل للمجني عليه المتوفى / ....، تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، في غير الأحوال المصرح بها قانوناً والتسبب في الوفاة واعترف بما زاد على ذلك ورافعت عنه محاميته بالانتداب / .... وتمسكت بما جاء في مذكرتها فحجزت المحكمة الدعوى للحكم.
من حيث الشكل: حيث سبق قبول الاستئنافين شكلاً.
من حيث الموضوع: حيث يجدر التنويه بداية إلى أن الحكم الابتدائي قد صدر باطلاً بطلاناً يتعلق بالنظام العام وبذلك فإن المحكمة تنشأ لنفسها أسباباً جديدة.
حيث أن الواقعة حسبما استقر في وجدان المحكمة من الاطلاع على الأوراق ومما دار في الجلسة من تحقيقات تتحصل في أنه بتاريخ سابق على 2/5/2022 وفي مدينة العين تعاطى المتهم الأول .... المادة المخدرة (المورفين) والمؤثرين العقليين (امفيتامين، ميثامفيتامين) في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وتعاطت المتهمة الثالثة .... المؤثرين العقليين (امفيتامين، ميثامفيتامين) في غير الأحوال المرخص بها قانوناً، وخلال تواجدهما بالمنزل رقم .... الشارع .... بمنطقة .... مع المجني عليه / .... شقيق المتهم الأول الذي سهل له تعاطي المواد المخدرة بأن أمده بإبرة تستخدم لتعاطي المواد المخدرة فقام المجني عليه باستخدامها في تعاطي المواد المخدرة مما أدى إلى فقدانه الوعي بجرعة زائدة من المواد المخدرة، فأنتاب المتهمان الأول والثالثة الفزع والخوف وحاولا مساعدته دون إسعافه للمستشفى لكيلا يكتشف أمرهما، وعند عجزهما عن مساعدته قام المتهم الأول بالاتصال بالمتهم الثاني .... لمساعدته فحضر لمكان الواقعة وحاول مساعدة المجني عليه دون طلب الإسعاف لإنقاذه ولكن دون جدوى ، فتركوه طريح الفراش وهو مازال على قيد الحياة وقاموا بتنظيف المكان من المواد المخدرة ثم قاموا بترك المكان لمدة 10 ساعات تقريباً، فتسبب خطأهم ذلك في موت المجني عليه لعدم إسعافه، وعند رجوعهم تبين أن المجني عليه توفى فتم الاتصال بالشرطة بعد فوات الأوان ، وباكتشاف الواقعة تم ضبط المتهمين ، وبفحص المتهم الثالث بمختبر الطب الجنائي تبين تعاطيه للمادة المخدرة (القنب الهندي) والمؤثرين العقليين (امفيتامين، ميثامفيتامين) في غير الأحوال المرخص بها قانوناً وبفحص المتهمين الأول والثالثة بمختبر الطب الجنائي تبين تعاطيهم المواد المخدرة والمؤثرات العقلية سالفة البيان كما ثبت بالتقرير التفصيلي احتواء عينة بول المجني عليه على مواد (مواد مخدرة ومؤثرات عقلية)، المؤثمة جميعها بالمرسوم بقانون الاتحادي رقم 30 لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية.
اعترف المتهم الأول .... بجلسة المحاكمة وبتحقيقات النيابة العامة وأقر بمحضر جمع الاستدلالات أنه تعاطى المادة المخدرة والمؤثرين العقليين، وأنه يتعاطى مخدر الحشيش منذ سنة تقريباً ومادة الكريستال منذ حوالي ستة أشهر، وأنه تعاطى مادة الكريستال منذ ما يقارب 15 يوم قبل الواقعة وإنه بتاريخ الواقعة كان متواجداً مع شقيقه بمكان سكن شقيقة والمتهمة الثالثة بمنطقة .... وطلب منه شقيقه المجني عليه أن يقوم بحقنه بإبرة تحتوي على مواد مخدرة فرفض وقام شقيقه بحقن نفسه فسقط مغشى عليه وحاول مع المتهمة الثالثة مساعدته ولكن دون جدوى فقام بالاتصال بالمتهم الثاني لمساعدته وعند حضوره حاول معهما مساعدة المجني عليه ولكن دون جدوى كذلك، فتركوه وهو ما زال على قيد الحياة، وقام بالذهاب مع المتهم الثاني لمسكنه وقام بتغيير ملابسه، وقامت المتهمة الثانية كذلك بترك مكان الواقعة بسبب خوفها، وعند رجوعه تبين له أن شقيقه قد توفى.
اعترف المتهم الثاني .... بجلسة المحاكمة بتعاطيه المادة المخدرة والمؤثرين العقليين واعترف بتحقيقات النيابة العامة أنه بتاريخ الواقعة طلب منه المتهم الأول الحضور لمنزل المجني عليه وعند حضوره وجد المتهمة الثالثة ووجد المجني عليه نائماً فسأله عنه فأبلغه أنه أخذ جرعة زائدة ، وأضاف بمحضر جمع الاستدلالات إنه عند وصوله وجد المجني عليه مستلقياً على الأرض وكان على ظهره ، وبعدها قام بالذهاب لإرجاع المركبة لمكتب الإيجار وقام بتوصيل المتهم الأول إلى منزله بمنطقة .... ، ثم تواصل معه المتهم الأول وطلب منه إيصاله إلى مكان الواقعة ، وعند وصولهم أبلغه المتهم الأول أن المجني عليه متوفي.
اعترفت المتهمة الثالثة .... بجلسة المحاكمة بتعاطيها المؤثرين العقلين واعترفت بتحقيقات النيابة العامة أن المجني عليه يقيم معها بمنزلها منذ شهر 4/2022 وبيوم الواقعة حضر المجني عليه وشقيقه المتهم الأول وقام المجني عليه بإخراج كيس من جيبه به مواد مخدرة وقام المتهم الأول بإخراج إبرة صغيرة من جيبه وسمعت المجني عليه يطلب من المتهم الأول أن يقوم بحقنه بالإبرة إلا أن المتهم الأول رفض وبعدها دخلت للحمام وسمعت صوت قوي وعندما خرجت شاهدت المجني عليه وجهه ازرق ويحاول المتهم الأول مساعدته وطلب منها مساعدته وقام بالاتصال بالمتهم الثاني لمساعدته ، وعندها طلبت شركة نقل أثاث وقامت بنقل أغراضها من الشقة وانتقلت لمنزل صديقتها وفي المساء اتصلت على المتهم الأول فأبلغها أن شقيقه توفى، وأضافت بمحضر جمع الاستدلالات أنها سمعت المتهم الأول يطلب من المجني عليه أنه يقوم بتجهيز الإبرة له بالمخدر إلا أن المجني عليه رفض، وأنها وعند خروجها من الحمام شاهدت المتهم الأول يضغط على صدر المجني عليه لمساعدته للنهوض من الغيبوبة، وعند حضور المتهم الثاني بناء على اتصال المتهم الأول طلب منها أن تحضر محلول الخل من البقالة فتواصلت مع البقالة وأحضرت محلول الخل وقامت بإعطائه للمتهم الثاني ، فخرجت لخارج المنزل ثم خرج المتهمان الأول والثاني وذهبت معهم للصيدلية واحضروا دواء للمجني عليه ، وعندها حضر صاحب شحن الأثاث والذي اتصلت به سابقاً وعندها قامت مع المتهم الأول بسحب المجني عليه من الطريق وتغطيته بداخل المنزل ليتمكن صاحب الشحن من نقل أثاثها، وعندها خرج المتهمان الأول والثاني من المنزل وقامت هي بنقل أثاثها والخروج كذلك.
شهد رجل التحريات / .... بجلسة المحاكمة إنه ورد إليهم بلاغ حالة وفاة وتم الانتقال إلى المكان فتبين وفاة المجني عليه .... وباستكمال التحريات تبين أن سبب وفاة المجني عليه هو تعاطي جرعة زائدة من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية أدت إلى وفاته، وأن المتهم الأول هو شقيق المجني عليه وهو من أحضر له الإبرة وهو الذي سهل له ذلك، والمجني عليه معتاد على التعاطي وأن الجرعة الزائدة كانت بناء على طلب المجني عليه، وأن المتهم الثاني .... لم يكن متواجداً بمسرح الجريمة وقت تعاطي المتهم الأول وتسهيله تعاطي المادة المخدرة للمجني عليه والمتهمة الثالثة كانت موجودة بمسرح الجريمة وليس لهما أي دور في إحداث الوفاة، وشهد بتحقيقات النيابة العامة أن المتهمة الثالثة كانت متواجدة بمكان الواقعة وأن المتهم الأول اتصل بالمتهم الثاني لمساعدته، وقام المتهمان بمحاولة انعاش المجني عليه ولكن بدون جدوى، وإنه لم يقم أي من المتهمين الثلاثة بالإبلاغ عن الواقعة وإسعاف المجني عليه للمستشفى حتى فارق الحياة، وإنه بفحص المتهمين بمختبر الأدلة الجنائية تبين تعاطيهم للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية، وإنه بتفتيش المكان تبين أنه نظيف وقد تم التخلص من المضبوطات جميعها، وأن تحرياتهم أثبتت أن المتهم الأول هو من أحضر الإبرة التي استخدمها المجني عليه، وأن الفترة ما بين تعاطي المجني عليه الجرعة الزائدة والبلاغ تقريباً 10 ساعات وقد ثبت للمحكمة من تقرير الطب الجنائي بدائرة القضاء أن المجني عليه قد توفى بسبب الموت المفاجئ الناتج عن تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، كما ثبت بالتقرير التفصيلي احتواء عينة البول على مواد (مواد مخدرة ومؤثرات عقلية).
ثبت للمحكمة من تقرير البحث والتحري عن الواقعة ما يفيد بأن المجني عليه قد فارق الحياة بعد أخذ جرعة زائدة بمساعدة شقيقه وبوجود المتهمة حيث أنهم كانوا متواجدين بنفس مقر السكن وقام المجني عليه بأخذ جرعة عن طريق الوريد من المواد المخدرة وقام شقيقه بإحضار الإبرة التي استخدمها المجني عليه، كما قام المتهم الأول شقيق المتوفى بالاتصال بالمتهم الثاني وطلب منه الحضور إلى مقر سكنهم محل الواقعة وحضر الأخير وقام المتهمين بمحاولة انعاش المجني عليه دون جدوى وبعد وقوع المجني عليه بثلاث ساعات فارق الحياة ، كما تبين بأن المجني عليه قام بأخذ جرعة زائدة من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية مما تسببت في وفاته وبعد فحص جميع المتهمين عن طريق قسم المختبر الجنائي وردت النتيجة من أنهم جميعهم متعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية.
ثبت للمحكمة من تقرير الطبيب الجنائي بدائرة القضاء أن المجني عليه قد توفى بسبب الموت المفاجئ الناتج عن تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، كما ثبت بالتقرير التفصيلي احتواء عينة البول على مواد (مواد مخدرة ومؤثرات عقلية).
ثبت للمحكمة من تقرير إدارة الأدلة الجنائية احتواء عينة بول المتهم الأول على مواد (مورفين، وأمفيتامين، وميثامفيتامين)، واحتواء عينة بول المتهم /الثاني على مواد (تتراهيدروكنابينول الناتجة عن تعاطي القنب الهندي، وأمفيتامين، وميثامفيتامين)، واحتواء عينة بول المتهمة الثالثة على مادتين (أمفيتامين، وميثامفيتامين).
وحيث أن هذه المحكمة لما تنظر في الموضوع تكون غير مقيدة بالوصف الذي ترفع به الدعوى ومن حقها رد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني الصحيح دون لفت نظر الدفاع مادامت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة هي ذاتها التي اتخذت أساساً للوصف الجديد.
ولما كان نص المادة (214/1-3) من قانون الإجراءات الجزائية المتعلق بتكييف وصف الاتهام يخول للمحكمة إسباغ الوصف القانوني الصحيح على الأفعال المرتكبة فإن الأفعال المسندة للمتهم الثاني تستدعي التكييف القانوني الصحيح وتسبغ الوصف القانوني الصحيح عليها دون التقيد بما انتهت إليه النيابة العامة في وصفها لها، إذ أن النيابة العامة قد أسندت الاتهام الأول إلى المتهم بأنه تعاطى المؤثر العقلي (تتراهيدروكنابينول الناتجة عن تعاطي القنب الهندي) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، والمحكمة لا تساير سلطة الاتهام النيابة العامة في إسباغ ذلك الوصف على هذه التهمة وآية ذلك أنه قد ثبت جلياً من تقرير نتيجة فحص العينة المأخوذة من المتهم في إدارة الأدلة الجنائية أن عينة بوله احتوت على المؤثر العقلي (تتراهيدروكنابينول) وتم بيان أن هذا المؤثر العقلي ناتج عن تعاطي مخدر (القنب الهندي)، ومن ثم فإن ما تعاطاه المتهم هو المادة المخدرة (القنب الهندي) وليس أحد مكوناته، ومن ثم فإن هذه المحكمة تتصدى لهذا الاتهام وتعدل وصفه بمقتضى الحق المخول لها في هذا الشأن وفق ما سبق بيانه، وكما تجدر الإشارة إلى أن هذا التعديل في الوصف سيجر بالنتيجة على وصف الاتهام المسند للمتهم وذلك بتغيير عبارة (المؤثرات العقلية) إلى (المادة المخدرة القنب الهندي) ، وكذلك فإنه من الثابت من أوراق الدعوى أن تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية التي تعاطاها المتهمان كانت قبل تاريخ وفاة المجني عليه، وعليه فالمحكمة تصحح الخطأ المادي بإضافة تاريخ الواقعة وتاريخ سابق عليه وذلك كله دون حاجة للفت انتباه المتهمين طالما أن المحكمة لم تغير من الأفعال المادية المنسوبة لهم، ومن ثم تقضي في الدعوى على هذا الأساس.
ولما كان من المقرر بنص المادة 48/1 من المرسوم بقانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية رقم 30 لسنة 2021 أنه: "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف درهم كل من دعا أو حرض شخصاً على ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها بالمواد 41، 42، 43، 44، أو سهل له ارتكابها بأي وجه.
ولما كان من المقرر أن جريمة تسهيل تعاطي الغير للمواد المخدرة تتوافر بقيام الجاني بفعل أو أفعال يهدف من ورائها أن ييسر لشخص يقصد تعاطي المخدرات تحقيق هذا القصد، أو قيام الجاني بالتدابير اللازمة لتسهيل تعاطي الغير للمخدرات وتهيئة الفرصة له، أو تقديم المساعدة المادية او المعنوية إلى شخص لتمكينه من تعاطي المخدرات أياً كانت طريقه أو مقدار هذه المساعدة.
ولما كان الثابت من الأوراق في خصوص تهمة تسهيل المتهم الأول تعاطى المجني عليه أن المتهمة الثالثة ورجل التحريات قد أكدا أن المتهم الأول قام بتوفير الإبرة التي استخدمها المجني عليه في التعاطي وقام المجني عليه باستخدامها بأن حقن نفسه بجرعة زائدة من المخدر وأدت إلى وفاته كما هو ثابت من تقرير الطب الجنائي الثابت أعلاه، فإن المحكمة تطمئن على وجه القطع إلى أن المتهم الأول زود وأمد المجني عليه بالإبرة المستخدمة بتعاطي المجني عليه الجرعة الزائدة، وبذلك تعتبر أركان هذه الجريمة مكتملة بحق المتهم الأول، ومن ثم فإن ما يثيره دفاع المتهم .... بشأن انتفاء الركن المادي لجريمة التسهيل للمجني عليه المتوفى / ....، تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، في غير الأحوال المصرح بها قانوناً غير سديد كما أن طلبه باستعمال الرأفة في خصوص هذه التهمة مردود بالمادة 48/1 من المرسوم بقانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية رقم 30 لسنة 2021 التي تنص على أنه: "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات والغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف درهم كل من دعا أو حرض شخصاً على ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها بالمواد 41 ، 42 ، 43 ، 44 ، أو سهل له ارتكابها بأي وجه. ولما كان من المستقر عليه قانوناً أن التعاطي يعني تناول المواد المخدرة أو المؤثرات العقلية بإدخالها إلى جسم الإنسان بأي وسيلة سواء أكان ذلك عن طريق الشم أو الحقن أو الاستنشاق أو البلع أو التدخين أو الاستحلاب أو غيرها، وذلك ولو لمرة واحدة فقط وبأي كمية من هذه المواد، وهذا يعني قيام المتهمين باستعمال المواد المخدرة، والمؤثرات العقلية الثابتة بأمر الإحالة استعمالاً شخصياً، وأنه لا عبرة بكيفية التعاطي لوقوع تينك الجريمتين. ولما كان من المقرر قانوناً أن أركان جريمة التعاطي للمواد المخدرة أو المؤثرات العقلية تحقق من توافر ثلاثة أركان: الأول هو: الركن المادي بعنصريه (المخدر أو المؤثر العقلي والسلوك الإجرامي) أما عن المخدرات أو المؤثرات العقلية فهي كل مادة أو نبات ضار بالعقل بحيث تذهب بالعقل وتعدمه أو على الأقل تؤثر فيه تأثير مباشراً بحيث يؤدي ذلك إلى تعطيل نعمة العقل ومن أمثلته المادة المخدرة (المورفين، القنب الهندي) والمؤثرات العقلية (امفيتامين، وميثامفيتامين)، أما عن السلوك الإجرامي فهو الفعل المتصل بتلك المواد المخدرة والمؤثرات العقلية سواء كان التعاطي تم بطريق الشم أو البلع أو الحقن أو التدخين أو الاستحلاب. والثاني هو: ركن عدم المشروعية وهي النصوص العقابية طبقا للمواد 1/ 1 و2، 12/1، 41 فقرة 1 بند أ، 39، 40/1، 67، 74، 75 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 30 لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، والبندين 29، 86 من الجدول الأول المدرج بالمرسوم بقانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، والبندين 1، 9 من الجدول الخامس المدرج بذات المرسوم بقانون السالف بيانه. والثالث هو: ركن القصد الجنائي وهو انصراف إرادة المتهمين إلى الاتصال بالمواد المخدرة والمؤثرات العقلية السالفة البيان، وتعاطوها بالطريق الخاص الذي ساروا إليه وهم على علم تام بأن ما يقومون به يشكل جريمة معاقبـاً عليهـا بالقانون. ولما كانت المادة رقم 74 من ذات المرسوم بقانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية قد نصت على أنه كل من أدين بأي من الجرائم المعاقب عليها وفق أحكام هذا المرسوم بقانون يمنع من تحويل أو إيداع أية أموال للغير بذاته أو بواسطة الغير، إلا بناءً على إذن يصدر من مصرف الإمارات المركزي بالتنسيق مع وزارة الداخلية ويستمر هذا المنع لمدة سنتين بعد انتهاء تنفيذ العقوبة. ولما كانت المادة 393/1-2 من المرسوم بقانون الجرائم والعقوبات رقم 31 لسنة 2021 قد نصت على أنه: "يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين من تسبب بخطئه في موت شخص، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة والغرامة إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني .... أو كان تحت تأثير سكر أو تخدير عند وقوع الحادث أو امتنع حينئذ عن مساعدة المجني عليه أو عن طلب المساعدة له مع استطاعته ذلك"، فإنه تبين من أوراق الملف أنه في خصوص تهمة: "تسبب المتهمين بخطئهم في موت المجني عليه وذلك بامتناعهم عن طلب المساعدة للمجني عليه حال استطاعتهم ذلك بأن لم يقوموا بطلب الإسعاف له الأمر الذي تسبب في وفاته" ، إنه من الثابت من أدلة الإثبات أعلاه أنه وعند سقوط المجني عليه مغشياً عليه بسبب تعاطيه الجرعة الزائدة من المواد المخدرة كان متواجداً بذات المكان المتهمان الأول والثالثة، ولتعاطيهم المواد المخدرة والمؤثرات العقلية دب الخوف والفزع بهما ولم يقوما بإيصاله للمستشفى أو طلب الإسعاف لإنقاذه، ثم قام المتهم الأول بالاتصال بالمتهم الثاني وطلب منه الحضور لمساعدته ، وعند وصوله كذلك لم يقم بطلب الإسعاف لمساعدة المجني عليه رغم استطاعته ذلك، وإنما قاما بالذهاب للصيدلية لإحضار دواء لإنعاشه دون الاتصال للإسعاف لإنقاذه، وزيادة على ذلك ولخوفهم بسبب تعاطيهم ثلاثتهم المواد المخدرة والمؤثرات العقلية تركا المجني عليه طريح الفراش حيث قام المتهمان الأول والثاني بمغادرة المكان وقامت المتهمة الثالثة بالاتصال بشركة شحن وأخذت أغراضها وتوجهت لصديقتها والمجني عليه يصارع الموت بالرغم أن المجني عليه ما زال على قيد الحياة، وتم اكتشاف الواقعة بعد ما يقارب 10 ساعات من سقوط المجني عليه مغشياً وهو متوفى، وبذلك تكتمل أركان هذه الجريمة في حق المتهمين ثلاثتهم ويكون ما تمسك به دفاع المتهمين مردود. ولما كان من المقرر أن تقدير الخطأ المستوجب لمسؤولية مرتكبه جنائيًا في جريمة القتل الخطأ وكذا تقدير توافر رابطة السببية بين الخطأ والضرر أو عدم توافرهما من المسائل الموضوعية التي تفصل فيها محكمة الموضوع بغير معقب مادام تقديرها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة ولها أصلها في الأوراق وأنه يكفي لتوافر رابطة السببية بين خطأ المتهم والضرر الواقع أن تستخلص المحكمة من وقائع الدعوى أنه لولا الخطأ المرتكب لما وقع الضرر. ولما كان من المقرر بموجب المادة 39/3 من المرسوم بقانون الجرائم والعقوبات "أن الخطأ يتوفر إذا وقعت النتيجة الإجرامية بسبب خطأ الفاعل سواء أكان هذا الخطأ إهمالا أم عدم انتباه أم عدم احتياط أو طيشاً أو رعونة أم عدم مراعاة القوانين أو اللوائح أو الأنظمة أو الأوامر"، وعلى هدى من ذلك فالثابت من اعتراف المتهمين بتحقيقات النيابة العامة وإقرارهم بمحاضر جمع الاستدلال وشهادة الشاهد أعلاه وتقرير التحريات ومما ثبت من تقرير الطب الجنائي من وفاة المجني عليه أن المتهمين تركوا المجني عليه مغشياً عليه دون مساعدته بعد أخذه الجرعة الزائدة بالرغم من استطاعتهم مساعدته والاتصال بالشرطة أو الإسعاف لإنقاذه وإنما تركوه مغشياً عليه لمدة 10 ساعات حيث أنه وعند مغادرتهم كان المجني عليه ما زال حياً وكان ذلك بعد عدة ساعات من سقوطه مغشياً عليه كما هو ثابت من أقوال المتهمين أعلاه ، مما تسبب خطأهم بعدم إسعافه في موته، وبالتالي فإن المتهمين قد تدخلوا تدخلاً إيجابياً في إحداث النتيجة وهي موت المجني عليه لتركهم له دون إسعافه رغم استطاعتهم ذلك، وأما فيما يتعلق بالعقوبة فإن عقوبة القتل الخطأ طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية هي الدية والكفارة وحيث أن لم يثبت التنازل عن الدية وحيث أن دية المتوفي تعادل مائتي ألف درهم ومن ثم فإن المحكمة تقرر إلزام المتهمين بأداء دية المجني عليه. ولما كان ذلك فإنه ترتيباً على ما تقدم وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أدلة الثبوت السالف بيانها فإنها تلتفت عن إنكار المتهمين التهم المسندة إليهم، اذ لا يعدو أن يكون سوى درباً من دروب دفاعهم عن نفسهم رغبة منهم في التخلص من الاتهام الموجه إليهم، لما كان ذلك وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما أسلفته من أدلة قبل المتهمين فإنه يكون قد وقر في يقينها أن الطاعنين .... و.... ومن امتد إليها أثر الطعن .... قد ارتكبوا الجرائم المسندة إليهم وفق ما أشير إليه أعلاه الأمر الذي يتعين معه إدانتهم عملاً بنص المادة 212 من قانون الإجراءات الجزائية ومعاقبتهم طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمواد 126/ 2 ،393 / 1- 2 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 31 لسنة 2021 بإصدار قانون الجرائم والعقوبات والمواد 1/1 ،2 ،12/1 ،41 فقرة 1 بند أ، 48/1، 67 ،74 ،75 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 30 لسنة 2021 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، والبندين 29 ، 86 من الجدول رقم 1، والبندين 1، 9 من الجدول رقم 5، من الجدول الملحقة بالقانون سالف الذكر. وبغلق المنزل رقم .... الشارع ..... بمنطقة .... عملاً بالمادة 70 من ذات القانون وتقضي المحكمة بإبعاد المتهمين من الدولة كونهم أجانب طبقاً لنص المادة 126 /1-2 من المرسوم بقانون الجرائم والعقوبات، وطبقاً لنص المادة 75 من المرسوم بقانون بشأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية. وحيث إنه ولما كان من المقرر أن جرائم القانون رقم 30 لسنة 2021 هي جرائم عمدية وأن جريمة تعاطي المواد المخدرة والمؤثرات العقلية المسندة للمتهمين الأول والثاني هي جرائم مرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة، وارتكبها المتهمان لغرض إجرامي واحد ومن ثم يتعين وتطبيقاً لأحكام المادة 89 من المرسوم بقانون الجرائم والعقوبات اعتبارها كلها جريمة واحدة والحكم بالعقوبة المقررة لأشدهم.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق