بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 21-07-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 502 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
م. ا. و. م. ي. و.
مطعون ضده:
ا. ك. ل. ذ. م. م.
م. س. م. م. ي.
ب. م. ي. ل.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2025/252 استئناف تجاري بتاريخ 27-03-2025
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه القاضي المقرر / عبدالسلام المزاحي، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع ? على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ? تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن والشركة المطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 1380 لسنة ???4 تجاري أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامهما بالتضامن بأن يؤديا إليه مبلغ (387,000) دولار أمريكي بما يعادل (1,424,160) درهمًا، والفائدة القانونية بواقع ?? من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، وقال بيانًا لذلك، إن المطعون ضدها الثانية شركة ذات مسؤولية محدودة نشاطها تجاره السجائر الإلكترونية ولوازمها طبقا للرخصة الصادرة لها من دائرة الاقتصاد والسياحة، يعمل الطاعن مديراً لها، وإنه بتاريخ 21-2-2023 أبّرَم مع الشركة المطعون ضدها الثانية والطاعن اتفاقية استثمار أموال بموجبِها يستثمر مبلغ (1,000,000) دولار لديهما لمدة 12 شهر، على أن يُسَدِد مبلغ الاستثمار بواقع 5 دفعات وفقاً لبنود الاتفاقية، وفي مقابل حصوله على عائد شهري قدره 6% من إجمالي المبلغ المُستَثمر كل شهر، يُسَدَّد 3% منه على الحساب البنكي له، ونسبة 3% المتبقية تودع بمحفظة مالية محددة بالاتفاقية بعملةِ الدولار الرقمية (USDT) ، وقد بلغ إجمالي العملات الرقمية المُحوَّلة إليه 225,000 دولار، إلا أنهما أخلا بالتزاماتهما، فكانت الدعوى، أدخل المطعون ضده الأول المطعون ضده الثالث في الدعوى بطلب الحكم -وفق الطلبات الختامية- بفسخِ الاتفاقية سند التداعي، وإلزام الطاعن والمطعون ضدهما الثانية والثالث بالتضامن فيما بينهم برد أصل مبلغ الاتفاقية (387,000) دولار أمريكي بما يعادل (1,424,160) درهمًا، والفائدة القانونية بواقع ?? من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، وبإلزامهم بأن يؤدوا إليه مبلغ 665,640 دولاراً بِما يعادل مبلغ 2,444,696 درهماً على سبيل التعويض عن الأضرار التي أصابته، نَدبت المحكمة خبيراً، وبعد أن أودع تقريره، حكمت بتاريخ 26 ديسمبر 2024 بإلزام الطاعن والمطعون ضدهما الثانية والثالث بالتضامن بأن يؤدوا إلى المطعون ضده الأول مبلغ (360,000) دولار أو ما يعادله بالدرهم الإماراتي، والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً على المبلغ المقضي به من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، استأنف المحكوم عليهم (الطاعن والمطعون ضدهما الثانية والثالث) هذا الحكم بالاستئناف رقم 252 لسنة 2025 تجاري دبي، وبتاريخ 27 مارس 2025 قضت المحكمة بتأييد الحكم المسأنف، طعن الطاعن (المدعى عليه الثاني) في هذا الحكم بطريق التمييز بالطعن الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى الكترونياً بتاريخ 25 إبريل 2025 بطلب نقضه، وقدم محامي المطعون ضده الأول مذكرة جوابية بدفاعه في الميعاد طلب فيها رفض الطعن، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول: إن المطعون ضده الأول تعمَّد إقامة الدعوى باختصامِه بشخصِه دون صفته مديراً للشركة المطعون ضدها الثانية، على الرغمِ أن الثابت بالأوراقِ وفقاً لتقرير الخبير المُنتدب في الدعوى أنه -أي الطاعن- لم يَثبُت توقيعه على الاتفاقية محل التداعي بصفتِه الشخصية، وإنما وقَّع عليها بصفتِه مديراً للشركة -التي لها شخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة-، كما لم يَثبُت تسلمه أي مبالغ من المطعون ضده الأول، بل إن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الثالث هو من تلقى أموال المطعون ضده الأول بصفتِه المسؤول عن دخولها المحفظة الإلكترونية بغرض استثمارها وفقاً لبنود الاتفاقية، لا سيما أن الأخير قام بتعريف نفسه للمطعون ضده الأول عبر رسائل تطبيق "الواتس آب" على أنه ممثلاً للشركة المطعون ضدها الثانية، فضلاً عن عدم ثبوت تحويل تلك الأموال من المحفظةِ الإلكترونية إلى ذمتِه الشخصية، أو إلى حساب الشركة، ومن ثم تنتفي مسؤوليته الشخصية عن رد تلك الأموال، ويكون المطعون ضدهما الثانية والثالث هما من توافرت مسؤوليتهما بشأن رد الأموال المقضي بها، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد الحكم الابتدائي بإلزامِه بشخصِه بالتضامن معهما باعتبارِه مديراً للشركة المطعون ضدها الثانية، بزعمِ توافر المسؤولية قِبله لقيامه بأعمال الغش والاحتيال بتلقيه أموالاً من المطعون ضده الأول بالمخالفِة للقانون على الرغمِ من إقرار الأخير بصحيفة دعواه استناده في طلبِه بفسخِ اتفاقية التداعي إلى إخلال المطعون ضدهما الثانية والثالث بالتزاماتهما التعاقدية دون مسؤولية منه -أي الطاعن-، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي غير سديد ، ذلك بأنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أخل المدير في الشركة ذلت المسؤولية المحدودة بواجب من واجبات الإدارة أو خالف القانون أو نصوص عقد الشركة ونظامها الأساسي فإنه يكون مسؤولاً عن أخطائه الشخصية أو أية أعمال تنطوي على الغش والتدليس أوالخطأ الجسيم، وتكون الشركة في هذه الحالة مسؤولة بدورها عن أفعال وتصرفات مديرها طبقاً لقواعد المسؤولية عن الفعل الضار، ويستفاد من ذلك أن المدير في الشركة ذات المسؤولية المحدودة يعتبر مسؤولاً عما يقع من غشٍ أو احتيالٍ أو عمل مجرم في تعامله مع دائني الشركة، ومن المقرر وفقاً لنص المادة (11/3) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (32) لسنة 2021 بشأن الشركات التجارية أنه لا يجوز لغير شركات المساهمة العامة مزاولة أعمال المصارف وأعمال التأمين، كما أنه من المقرر وفقاً لنص المادة (64) من المَرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2018 في شأنِ المَصرِف المركزي وتنظيم المنشآت والأنشطة المالية أنه "1- لا يتم ممارسة أي نشاط من الأنشطة المالية المرخصة في أو من داخل الدولة إلا من وفقاً لأحكام هذا المرسوم بقانون والأنظمة والقرارات الصادرة تنفيذاً له"، وأنه وفقاً لنص المادة (65) من ذات القانون "1- تُعَد الأنشطة التالية أنشطة مالية خاضعة لترخيص ورقابة المَصرِف المركزي وفقاً لأحكام هذا المَرسوم بقانون: أ- تلقي الودائع بكافة أنواعها...، ب- تقديم التسهيلات الائتمانية بكافةِ أنواعها" كما أنه من المقرر -أيضاً- أنه إذا كان محل الالتزام مخالفا للنظام العام والآداب كان العقد باطلا بطلانا مطلقاً لا تلحقه الإجازة، ومؤدى البطلان هو إعدام العقد إعداماً يستند إلى وقت إبرامه فلا يصلح سندا للمطالبة بالحقوق والوفاء بالالتزامات الثابتة به طالما أن القانون لا يجيز التعامل في المال محل التصرف الباطل، ويترتب على بطلان العقد إهدار كل أثر له، لأنه ليس له وجود قانوني من بادئ الأمر، فيتعين إعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد، فإذا كان العقد قد نفذ كله أو في جزء منه يتعين رد ما سبق تنفيذه وأساس الالتزام برد ما سبق تنفيذه من العقد الباطل هو دفع غير المستحق لأن ما أداه أي من العاقدين للآخر بموجب العقد الباطل هو أداء بما لا يجب فإذا استحال ذلك نتيجة لطبيعة الأداء ذاته يستبدل بالرد العيني تعويض مالي يعادله، ومن المقرر كذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة والقرائن والمستندات المقدمة فيها تقديماً صحيحاً واستخلاص الواقع منها، وفي تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة في الدعوى سواء كانت مقدمة من الخبراءِ المنتدبين من المحكمة، أو من أحد الخصوم، ولها أن تأخذ بما ترتاح إليه منها واطراح ما عداه، متى أقامت قضاءها على أسبابٍ سائغةٍ لها أصلها الثابت في الأوراق وتؤدى الى النتيجة التي انتهى إليها؛ لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به بإلزام الطاعن بالتضامن مع الشركة المطعون ضدها الثانية والمطعون ضده الثالث بأن يؤديا للمطعون ضده الأول المبلغ المحكوم به، تأسيساً على ما ثبت من الأوراق وتقرير الخبير المقدم في الدعوى أن الطاعن أبرم عقد الاستثمار موضوع الدعوى بصفته مديراً للشركة المطعون ضدها الثانية مع المطعون ضده الأول بالمخالفة لأحكام المادة (64) من المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 2018 في شأن المصرف المركزي وتنظيم المنشآت والأنشطة المالية، رغم أن الثابت من الرخصة التجارية للشركة المطعون ضدها الثانية أنها شركة ذات مسؤولية محدودة ونشاطها التجاري "تجارة السجائر الإلكترونية ولوازمها" طبقاً للرخصة الصادرة لها من دائرة الاقتصاد والسياحة ، وأن الاستثمار ليس من ضمن نشاطاتها التجارية المرخص بها، ورتب الحكم على ذلك بطلان عقد الاستثمار، وثبوت مسؤولية الطاعن في أمواله الخاصة عن الوفاء بالدين المستحق للمطعون ضده الأول مع المطعون ضدهما الثانية والثالث، باعتبار أن توقيعه عن الشركة المطعون ضدها الثانية بصفته مديراً لها على العقد موضوع التداعي ينطوي على إرتكاب مخالفة للقانون وغش، وإذ كان ما خلص إليه الحكم سائغاً ويصادف صحيح الواقع والقانون، ومن ثم فإن النعي عليه بما سلف يكون على غير أساس.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وألزمت الطاعن المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة، وأمرت بمصادرة التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق